فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان؛
ما هو تعريف الإيمان عند أهل السنة؟ وما هي نوا قضه؟
* * * الإيمان عند أهل السنة ونواقضه
لفضيلة الشيخ
سليمان بن ناصر العلوان
الجواب:
الذي دل عليه الكتاب والسنة أن الإيمان قول وعمل قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح يزيد وينقص وهذا الذي اتفق عليه الصحابة والتابعون وأهل السنة.
والمقصود من قول القلب؛ هو اعتقاده، وعمل القلب؛ هو نيته وإخلاصه.
وقد حكى الإمام الشافعي إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن أدركهم أن الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة عن الآخر.
وقال البغوي رحمه الله: (اتفقت الصحابة والتابعون فمن بعدهم من علماء السنة على أن الأعمال من الإيمان، وقالوا: إن الإيمان قول وعمل وعقيدة يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية على ما نطق به القرآن في الزيادة وجاء في الحديث بالنقصان في وصف النساء).
وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن تارك جنس العمل مطلقاً كافر.
والمراد بجنس العمل؛ أعمال الجوارح، فلا يجزئ التصديق بالقلب والنطق باللسان حتى يكون عمل الجوارح.
وقال الآجري رحمه الله في كتابه "الشريعة": (اعلموا أنه لا تجزئ المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقاً ولا يجزئ معرفة بالقلب ونطق باللسان حتى يكون عمل بالجوارح فإذا كملت فيه هذه الخصال الثلاث كان مؤمناً دل على ذلك القرآن والسنة وقول علماء المسلمين).
وقال رحمه الله: (فالأعمال بالجوارح تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان فمن لم يصدق الإيمان بعمله بجوارحه مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وأشباه لهذه ورضي من نفسه بالمعرفة والقول لم يكن مؤمناً ولم تنفعه المعرفة والقول وكان تركه للعمل تكذيباً لإيمانه وكان العمل بما ذكرناه تصديقاً منه لإيمانه).
وقد حكى إسحاق بن راهويه إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة.
قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، وقال صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) [رواه مسلم من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ومن طريق ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير عن جابر].
وقال سفيان بن عينية: (المرجئة سموا ترك الفرائض ذنباً بمنزلة ركوب المحارم، وليسا سواء لأن ركوب المحارم متعمداً من غير استحلال معصية، وترك الفرائض من غير جهل ولا عذر هو كفر، وبيان ذلك في أمر آدم و إبليس وعلماء اليهود الذين أقروا ببعث النبي صلى الله عليه وسلم بلسانهم ولم يعملوا بشرائعه).
وقال إسحاق: (غلت المرجئة حتى صار من قولهم إن قوماً يقولون؛ من ترك الصلوات المكتوبات وصوم رمضان والزكاة والحج وعامة الفرائض من غير جحود لها لا نكفره، يرجى أمره إلى الله بعد إذ هو مقر، فهؤلاء الذين لا شك فيهم أنهم مرجئة).
وذكر الخلال في "السنة" عن الإمام الحميدي عبد الله بن الزبير أنه قال: (أخبرت أن قوماً يقولون؛ "إن من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئاً حتى يموت أو يصلي مسند ظهره مستدبر القبلة حتى يموت فهو مؤمن مالم يكن جاحداً إذا علم أن تركه ذلك في إيمانه إذا كان يقر بالفروض واستقبال القبلة"، فقلت؛ هذا الكفر بالله الصراح وخلاف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفعل المسلمين، قال الله عز وجل: {حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}).
قال حنبل: قال أبو عبد الله أحمد أو سمعته يقول: (من قال؛ هذا فقد كفر بالله ورد على الله أمره وعلى الرسول ما جاء به).
وهذا قول كل أهل السنة والجماعة، فهم متفقون على ما جاء في الكتاب والسنة أن تارك أعمال الجوارح مطلقاً كافر بالله خارج عن الإسلام.
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في آخر رسالته "كشف الشبهات": (ولا خلاف أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب واللسان والعمل، فإن اختل شيء من هذا لم يكن الرجل مسلماً).
وخالف في ذلك غلاة الجهمية والمرجئة، فزعموا أنه لا يكفر تارك جنس العمل مطلقاً، وقد تقدم بيان فساده ومخالفته للكتاب والسنة والإجماع.
وزعموا أن من قال أو فعل ما هو كفر صريح لا يكفر حتى يجحد أو يستحل، و هذا باطل ليس عليه أثارة من علم.
فمناط الكفر هو مجرد القول الذي تكلموا به، وقال تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ}، وقد دل الكتاب والسنة على فساد هذا القول، فقال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكمَ}.
وقد أجمع أهل العلم؛ على أن سب الرسول صلى الله عليه وسلم كفر دون اشتراط البغض أو الاستحلال.
وأجمع العلماء أن السجود للأصنام أو الطواف على القبور؛ كفر دون ربط ذلك بالاستحلال.
وأجمع العلماء؛ على أن تعمد إلقاء المصحف بالقاذورات كفر دون اشتراط الاستحلال.
وهذا كله ينقض أصول الجهمية والمرجئة ويبطل قولهم في مسألة الإيمان.
وقد جاء في سؤال الأخ؛ طلب بيان نواقض أصل الإيمان:
وهي كثيرة وقد تقدمت الإشارة إلى شيء منها:
- كترك جنس العمل مطلقاً.
- وترك الصلاة بالكلية.
- والطواف على القبور والسجود للأصنام.
- وإلقاء المصحف في القاذورات.
- ودعاء غير الله.
- والتقرب بالذبح لغير الله.
- والنذر للأولياء.
- وسب الله أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم.
- والاستهزاء بالدين.
- وتبديل شرع الله ووضع القوانين الوضعية وإقامتها مقام حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، فمناط الكفر في هذه الآية هو ترك حكم الله والإعراض عنه، وسبب نزول الآية يقضي بكفر من ترك حكم الله واعتاض عنه بغيره من أحكام البشر.
والكفر إذا عرف باللام فيراد به الكفر الأكبر.
وما روي عن ابن عباس؛ من كونه "كفراً دون كفر"، فلا يثبت عنه وقد بينت نكارته في غير موضع، وأبنت أن المحفوظ عنه إطلاق الكفر على من حكم بغير ما أنزل الله.
وقد سئل ابن مسعود عن الرشوة؟ فقال: (من السحت)، فقيل له: أفي الحكم؟ قال: (ذاك الكفر)، ثم تلا هذه الآية {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، وهذا أثر صحيح رواه ابن جرير في تفسيره ورواه أبو يعلى في مسنده و البيهقي ووكيع في أخبار القضاة.
فمن حكم بهذه القوانين الوضعية والتشريعات الجاهلية أو قننها أو شارك في تشريعها أو فرضها على العباد وألزم بالتحاكم إليها وأعرض عن شرع الله والتحاكم إليه أو استخف بمن ينادي بتحكيم الكتاب والسنة؛ فإنه كافر بالله العظيم، وأي كفر أكبر من الإعراض عن شرع الله والصد عنه ومحاكمة من دعا إليه ولمزه بالرجعية والتخلف عن الحضارة والمناداة عليه بالجهل وسوء الفهم.
ومن عظيم نفاق هؤلاء المشرّعين أنهم إذا دعوا إلى حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم أعرضوا عن ذلك وصدّوا واستكبروا استكباراً، وقد صرح أحدهم؛ "بأن حكم الله غير مناسب لمثل عصرنا، فنحن في عصر التطور والحضارة ومجاراة الدول الأوربية، بينما تحكيمُ الشريعة يعود بنا إلى الوراء والتخلف"، وهذا لسان حال الجميع من محكمي القوانين وإن لم يتكلم به أكثرهم، والأفعال شاهدة على القلوب والأقوال.
ولا أدل من ذلك محاربتهم للناصحين وإقصاؤهم شرع رب العالمين، وإعطاؤهم المخلوق حق التشريع بحيث تعرض الأحكام الشرعية القطعية على البرلمان فما أجازه فهو نظام الدولة وما حضره فهو ممنوع. وهذا الصنيع إعتداء كبير على التشريع الإلهي وتطاول على الأحكام القطعية، ولا ريب أن هذا منازعة لله في حكمه وحكمته وإلاهيته.
وتقييد الكفر بالجحود أو الاستحلال؛ لا أصل له، فإن الجحود أو الاستحلال كفر ولو لم يكن معه تحكيم القوانين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المجلد الثالث من الفتاوى: (متى حلل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه أو بدّل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء).
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "البداية والنهاية" في ترجمة جنكيز خان: (من ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه؟ من فعل هذا كفر بإجماع المسلمين).
قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً}.
فإن قيل؛ إن الحاكم بغير ما انزل الله لا يفضل القانون على حكم الله بل يعتقد أنه باطل.
فيقال:
هذا ليس بشيء ولا يغير من الحكم شيئاً، فان عابد الوثن مشرك ومرتد عن الدين وإن زعم أنه يعتقد أن الشرك باطل ولكنه يفعله من أجل مصالح دنيوية، قال تعالى: {وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً}.
والاعتذار عن هؤلاء المشرعين المعرضين عن الدين بأنهم يشهدون أن "لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، يقال عنه:
- بأنّ المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار يشهدون الشهادتين ويصلون ويصومون ويحجون وليس هذا بنافع لهم.
- والذين يطوفون حول القبور ولها يصلون وينذرون ويذبحون يشهدون "أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، وقد قال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}.
- والذين قالوا؛ "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء" - يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم و أصحابه ونزل القرآن ببيان كفرهم - كانوا يتكلمون بالشهادتين ويصلون ويصومون ويجاهدون.
- والرافضة الإثنا عشرية الذين يسبون الصحابة ويزعمون ردة أبي بكر وعمر وعثمان ويقذفون عائشة بالإفك يتكلمون بالشهادتين.
- والسحرة والكهان والمنجمون يلفظون بالشهادتين.
- وبنو عبيد القداح كانوا يتكلمون بالشهادتين ويصلون ويبنون المساجد، وقد أجمعت الأمة على كفرهم وردتهم عن الإسلام.
وهذا أمر يعرفه صغار طلبة العلم ناهيك عن كبارهم، وقد صنف أهل العلم كتباً كثيرة في الردة و نوا قض الإسلام، يمكن مراجعتها في مضانها.
وأهل العلم والسنة يفرقون بين ذنب ينافي أصل الإيمان وبين ذنب ينافي كماله الواجب، فلا يكفرون بكل ذنب. وقد أجمعوا على أنه لا يكفر صاحب الكبيرة ما لم يستحلها، فلا يكفر المسلم بفعل الزنا وشرب الخمر وأكل الربا لأنه هذه المحرمات لا تنافي أصل الإيمان.
والحديث عن هذه المسألة يطول ذكره، وقد تحدثت عن هذه القضية في غير موضع وبينت كفر تارك أعمال الجوارح مطلقاً وردة المبدّلين لشرع الله المعرضين عمّا جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
بيد أني أقول؛ إن الحديث عن هذه المسألة وغيرها من النواقض هو حديث عن النوع دون العين، بمعنى أن من قال أو فعل ما هو كفر صريح؛ كفر، وهذا ليس بلازم منه تكفير المعين، لأنه لا يحكم على العين بالكفر حتى تقام عليه الحجة وتنتفي عنه الشبهة لاحتمال أن يكون جاهلاً جهلاً معتبراً أو متأولاً تأويلاً سائغاً أو مكرهاً، وحين تقوم عليه الحجة وتنتفي عنه موانع التكفير يصبح حينئذ مرتداً عن الدين، ويجب على ولىّ أمر المسلمين تطبيق حكم الله فيه.
ويمتنع على آحاد الناس إقامة الحدود والأحكام دون السلطان، فان هذا يسبب فوضى في المجتمع ولا يحقق المصلحة المطلوبة.
وللحديث بقية لعلي أتحدث عنه في جلسة أخرى.
وأشير إلى أسباب الضلال في هذا الباب ومواطن الزلل في كلام كثير من المعاصرين:
فقد زلّ في هذه المسألة الكبيرة طائفتان:
1) الخوارج: حيث أخرجوا عصاه الموحدين من الإسلام وجعلوا ذنباً ما ليس بذنب ورتبوا على ذلك أحكام الكفر ولم يراعوا في ذلك الأحكام الشرعية ولا المطلق من المقيد ولا موانع التكفير.
2) وقابلهم في هذا الضلال أهل الإرجاء: حيث زعموا أنه لا يكفر أحد بذنب مهما كان ذنبه حتى يستحل أو يجحد.
وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على فساد هذين المذهبين وعلى ضلال تلك الطائفتين.
وأختم بمسألة مهمة؛ وأنبه على أنه ليس كل من شابه المرجئة بقول أصبح مرجئاً ولا كل من دان بقول من أراء الخوارج صار خارجياً، فلا يحكم على الرجل بالإرجاء المطلق ولا أنه من الخوارج حتى تكون أصوله هي أصول المرجئة أو أصول الخوارج.
وقد يقال عن الرجل؛ "فيه شيء من الإرجاء في هذه المسألة، وذاك فيه شيء من مذاهب الخوارج".
وحذار حذار من الظلم والبغي حين الحديث عن الآخرين من العلماء والدعاة والمصلحين وغيرهم، فالعدل في القول والفعل من صفات المؤمنين وهو مما يحبه الله ويأمر به، قال تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا}، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان}.
وقد اتفق الخلق كلهم مؤمنهم وكافرهم إنسهم وجنهم على حب العدل، واتفق الناس كلهم على بغض الظلم وذمه وبغض أهله وذمهم، ومهما كانت منزلة عدوك من الانحراف والضلال فهذا لا يسّوغ لك ظلمه وبهته. فكن من خير الناس للناس ولا تتحدث عن الآخرين إلا بعلم وعدل، واجعل قصدك نصرة الحق والنصيحة للآخرين.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) [متفق عليه من حديث أبي هريرة].
ما هو تعريف الإيمان عند أهل السنة؟ وما هي نوا قضه؟
* * * الإيمان عند أهل السنة ونواقضه
لفضيلة الشيخ
سليمان بن ناصر العلوان
الجواب:
الذي دل عليه الكتاب والسنة أن الإيمان قول وعمل قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح يزيد وينقص وهذا الذي اتفق عليه الصحابة والتابعون وأهل السنة.
والمقصود من قول القلب؛ هو اعتقاده، وعمل القلب؛ هو نيته وإخلاصه.
وقد حكى الإمام الشافعي إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن أدركهم أن الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة عن الآخر.
وقال البغوي رحمه الله: (اتفقت الصحابة والتابعون فمن بعدهم من علماء السنة على أن الأعمال من الإيمان، وقالوا: إن الإيمان قول وعمل وعقيدة يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية على ما نطق به القرآن في الزيادة وجاء في الحديث بالنقصان في وصف النساء).
وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن تارك جنس العمل مطلقاً كافر.
والمراد بجنس العمل؛ أعمال الجوارح، فلا يجزئ التصديق بالقلب والنطق باللسان حتى يكون عمل الجوارح.
وقال الآجري رحمه الله في كتابه "الشريعة": (اعلموا أنه لا تجزئ المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقاً ولا يجزئ معرفة بالقلب ونطق باللسان حتى يكون عمل بالجوارح فإذا كملت فيه هذه الخصال الثلاث كان مؤمناً دل على ذلك القرآن والسنة وقول علماء المسلمين).
وقال رحمه الله: (فالأعمال بالجوارح تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان فمن لم يصدق الإيمان بعمله بجوارحه مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وأشباه لهذه ورضي من نفسه بالمعرفة والقول لم يكن مؤمناً ولم تنفعه المعرفة والقول وكان تركه للعمل تكذيباً لإيمانه وكان العمل بما ذكرناه تصديقاً منه لإيمانه).
وقد حكى إسحاق بن راهويه إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة.
قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، وقال صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) [رواه مسلم من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ومن طريق ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير عن جابر].
وقال سفيان بن عينية: (المرجئة سموا ترك الفرائض ذنباً بمنزلة ركوب المحارم، وليسا سواء لأن ركوب المحارم متعمداً من غير استحلال معصية، وترك الفرائض من غير جهل ولا عذر هو كفر، وبيان ذلك في أمر آدم و إبليس وعلماء اليهود الذين أقروا ببعث النبي صلى الله عليه وسلم بلسانهم ولم يعملوا بشرائعه).
وقال إسحاق: (غلت المرجئة حتى صار من قولهم إن قوماً يقولون؛ من ترك الصلوات المكتوبات وصوم رمضان والزكاة والحج وعامة الفرائض من غير جحود لها لا نكفره، يرجى أمره إلى الله بعد إذ هو مقر، فهؤلاء الذين لا شك فيهم أنهم مرجئة).
وذكر الخلال في "السنة" عن الإمام الحميدي عبد الله بن الزبير أنه قال: (أخبرت أن قوماً يقولون؛ "إن من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئاً حتى يموت أو يصلي مسند ظهره مستدبر القبلة حتى يموت فهو مؤمن مالم يكن جاحداً إذا علم أن تركه ذلك في إيمانه إذا كان يقر بالفروض واستقبال القبلة"، فقلت؛ هذا الكفر بالله الصراح وخلاف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفعل المسلمين، قال الله عز وجل: {حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}).
قال حنبل: قال أبو عبد الله أحمد أو سمعته يقول: (من قال؛ هذا فقد كفر بالله ورد على الله أمره وعلى الرسول ما جاء به).
وهذا قول كل أهل السنة والجماعة، فهم متفقون على ما جاء في الكتاب والسنة أن تارك أعمال الجوارح مطلقاً كافر بالله خارج عن الإسلام.
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في آخر رسالته "كشف الشبهات": (ولا خلاف أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب واللسان والعمل، فإن اختل شيء من هذا لم يكن الرجل مسلماً).
وخالف في ذلك غلاة الجهمية والمرجئة، فزعموا أنه لا يكفر تارك جنس العمل مطلقاً، وقد تقدم بيان فساده ومخالفته للكتاب والسنة والإجماع.
وزعموا أن من قال أو فعل ما هو كفر صريح لا يكفر حتى يجحد أو يستحل، و هذا باطل ليس عليه أثارة من علم.
فمناط الكفر هو مجرد القول الذي تكلموا به، وقال تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ}، وقد دل الكتاب والسنة على فساد هذا القول، فقال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكمَ}.
وقد أجمع أهل العلم؛ على أن سب الرسول صلى الله عليه وسلم كفر دون اشتراط البغض أو الاستحلال.
وأجمع العلماء أن السجود للأصنام أو الطواف على القبور؛ كفر دون ربط ذلك بالاستحلال.
وأجمع العلماء؛ على أن تعمد إلقاء المصحف بالقاذورات كفر دون اشتراط الاستحلال.
وهذا كله ينقض أصول الجهمية والمرجئة ويبطل قولهم في مسألة الإيمان.
وقد جاء في سؤال الأخ؛ طلب بيان نواقض أصل الإيمان:
وهي كثيرة وقد تقدمت الإشارة إلى شيء منها:
- كترك جنس العمل مطلقاً.
- وترك الصلاة بالكلية.
- والطواف على القبور والسجود للأصنام.
- وإلقاء المصحف في القاذورات.
- ودعاء غير الله.
- والتقرب بالذبح لغير الله.
- والنذر للأولياء.
- وسب الله أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم.
- والاستهزاء بالدين.
- وتبديل شرع الله ووضع القوانين الوضعية وإقامتها مقام حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، فمناط الكفر في هذه الآية هو ترك حكم الله والإعراض عنه، وسبب نزول الآية يقضي بكفر من ترك حكم الله واعتاض عنه بغيره من أحكام البشر.
والكفر إذا عرف باللام فيراد به الكفر الأكبر.
وما روي عن ابن عباس؛ من كونه "كفراً دون كفر"، فلا يثبت عنه وقد بينت نكارته في غير موضع، وأبنت أن المحفوظ عنه إطلاق الكفر على من حكم بغير ما أنزل الله.
وقد سئل ابن مسعود عن الرشوة؟ فقال: (من السحت)، فقيل له: أفي الحكم؟ قال: (ذاك الكفر)، ثم تلا هذه الآية {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، وهذا أثر صحيح رواه ابن جرير في تفسيره ورواه أبو يعلى في مسنده و البيهقي ووكيع في أخبار القضاة.
فمن حكم بهذه القوانين الوضعية والتشريعات الجاهلية أو قننها أو شارك في تشريعها أو فرضها على العباد وألزم بالتحاكم إليها وأعرض عن شرع الله والتحاكم إليه أو استخف بمن ينادي بتحكيم الكتاب والسنة؛ فإنه كافر بالله العظيم، وأي كفر أكبر من الإعراض عن شرع الله والصد عنه ومحاكمة من دعا إليه ولمزه بالرجعية والتخلف عن الحضارة والمناداة عليه بالجهل وسوء الفهم.
ومن عظيم نفاق هؤلاء المشرّعين أنهم إذا دعوا إلى حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم أعرضوا عن ذلك وصدّوا واستكبروا استكباراً، وقد صرح أحدهم؛ "بأن حكم الله غير مناسب لمثل عصرنا، فنحن في عصر التطور والحضارة ومجاراة الدول الأوربية، بينما تحكيمُ الشريعة يعود بنا إلى الوراء والتخلف"، وهذا لسان حال الجميع من محكمي القوانين وإن لم يتكلم به أكثرهم، والأفعال شاهدة على القلوب والأقوال.
ولا أدل من ذلك محاربتهم للناصحين وإقصاؤهم شرع رب العالمين، وإعطاؤهم المخلوق حق التشريع بحيث تعرض الأحكام الشرعية القطعية على البرلمان فما أجازه فهو نظام الدولة وما حضره فهو ممنوع. وهذا الصنيع إعتداء كبير على التشريع الإلهي وتطاول على الأحكام القطعية، ولا ريب أن هذا منازعة لله في حكمه وحكمته وإلاهيته.
وتقييد الكفر بالجحود أو الاستحلال؛ لا أصل له، فإن الجحود أو الاستحلال كفر ولو لم يكن معه تحكيم القوانين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المجلد الثالث من الفتاوى: (متى حلل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه أو بدّل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء).
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "البداية والنهاية" في ترجمة جنكيز خان: (من ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه؟ من فعل هذا كفر بإجماع المسلمين).
قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً}.
فإن قيل؛ إن الحاكم بغير ما انزل الله لا يفضل القانون على حكم الله بل يعتقد أنه باطل.
فيقال:
هذا ليس بشيء ولا يغير من الحكم شيئاً، فان عابد الوثن مشرك ومرتد عن الدين وإن زعم أنه يعتقد أن الشرك باطل ولكنه يفعله من أجل مصالح دنيوية، قال تعالى: {وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً}.
والاعتذار عن هؤلاء المشرعين المعرضين عن الدين بأنهم يشهدون أن "لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، يقال عنه:
- بأنّ المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار يشهدون الشهادتين ويصلون ويصومون ويحجون وليس هذا بنافع لهم.
- والذين يطوفون حول القبور ولها يصلون وينذرون ويذبحون يشهدون "أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، وقد قال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}.
- والذين قالوا؛ "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء" - يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم و أصحابه ونزل القرآن ببيان كفرهم - كانوا يتكلمون بالشهادتين ويصلون ويصومون ويجاهدون.
- والرافضة الإثنا عشرية الذين يسبون الصحابة ويزعمون ردة أبي بكر وعمر وعثمان ويقذفون عائشة بالإفك يتكلمون بالشهادتين.
- والسحرة والكهان والمنجمون يلفظون بالشهادتين.
- وبنو عبيد القداح كانوا يتكلمون بالشهادتين ويصلون ويبنون المساجد، وقد أجمعت الأمة على كفرهم وردتهم عن الإسلام.
وهذا أمر يعرفه صغار طلبة العلم ناهيك عن كبارهم، وقد صنف أهل العلم كتباً كثيرة في الردة و نوا قض الإسلام، يمكن مراجعتها في مضانها.
وأهل العلم والسنة يفرقون بين ذنب ينافي أصل الإيمان وبين ذنب ينافي كماله الواجب، فلا يكفرون بكل ذنب. وقد أجمعوا على أنه لا يكفر صاحب الكبيرة ما لم يستحلها، فلا يكفر المسلم بفعل الزنا وشرب الخمر وأكل الربا لأنه هذه المحرمات لا تنافي أصل الإيمان.
والحديث عن هذه المسألة يطول ذكره، وقد تحدثت عن هذه القضية في غير موضع وبينت كفر تارك أعمال الجوارح مطلقاً وردة المبدّلين لشرع الله المعرضين عمّا جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
بيد أني أقول؛ إن الحديث عن هذه المسألة وغيرها من النواقض هو حديث عن النوع دون العين، بمعنى أن من قال أو فعل ما هو كفر صريح؛ كفر، وهذا ليس بلازم منه تكفير المعين، لأنه لا يحكم على العين بالكفر حتى تقام عليه الحجة وتنتفي عنه الشبهة لاحتمال أن يكون جاهلاً جهلاً معتبراً أو متأولاً تأويلاً سائغاً أو مكرهاً، وحين تقوم عليه الحجة وتنتفي عنه موانع التكفير يصبح حينئذ مرتداً عن الدين، ويجب على ولىّ أمر المسلمين تطبيق حكم الله فيه.
ويمتنع على آحاد الناس إقامة الحدود والأحكام دون السلطان، فان هذا يسبب فوضى في المجتمع ولا يحقق المصلحة المطلوبة.
وللحديث بقية لعلي أتحدث عنه في جلسة أخرى.
وأشير إلى أسباب الضلال في هذا الباب ومواطن الزلل في كلام كثير من المعاصرين:
فقد زلّ في هذه المسألة الكبيرة طائفتان:
1) الخوارج: حيث أخرجوا عصاه الموحدين من الإسلام وجعلوا ذنباً ما ليس بذنب ورتبوا على ذلك أحكام الكفر ولم يراعوا في ذلك الأحكام الشرعية ولا المطلق من المقيد ولا موانع التكفير.
2) وقابلهم في هذا الضلال أهل الإرجاء: حيث زعموا أنه لا يكفر أحد بذنب مهما كان ذنبه حتى يستحل أو يجحد.
وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على فساد هذين المذهبين وعلى ضلال تلك الطائفتين.
وأختم بمسألة مهمة؛ وأنبه على أنه ليس كل من شابه المرجئة بقول أصبح مرجئاً ولا كل من دان بقول من أراء الخوارج صار خارجياً، فلا يحكم على الرجل بالإرجاء المطلق ولا أنه من الخوارج حتى تكون أصوله هي أصول المرجئة أو أصول الخوارج.
وقد يقال عن الرجل؛ "فيه شيء من الإرجاء في هذه المسألة، وذاك فيه شيء من مذاهب الخوارج".
وحذار حذار من الظلم والبغي حين الحديث عن الآخرين من العلماء والدعاة والمصلحين وغيرهم، فالعدل في القول والفعل من صفات المؤمنين وهو مما يحبه الله ويأمر به، قال تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا}، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان}.
وقد اتفق الخلق كلهم مؤمنهم وكافرهم إنسهم وجنهم على حب العدل، واتفق الناس كلهم على بغض الظلم وذمه وبغض أهله وذمهم، ومهما كانت منزلة عدوك من الانحراف والضلال فهذا لا يسّوغ لك ظلمه وبهته. فكن من خير الناس للناس ولا تتحدث عن الآخرين إلا بعلم وعدل، واجعل قصدك نصرة الحق والنصيحة للآخرين.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) [متفق عليه من حديث أبي هريرة].
تعليق