إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

البطـل سليمان الحلبـي قاهر الفرنسييـن في مصـر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • البطـل سليمان الحلبـي قاهر الفرنسييـن في مصـر

    بسم الله الرحمـن الرحيـم


    سليمان الحلبي:
    البطل سليمان بن أمين ونّس الشهير بالحلبي قاتل الطاغية كليبر.

    كليبر الضابط الفرنسي الذي كان برفقة نابليون حين احتلّ مصر عام 1799م، ولما غادر نابليون مصر عيّنه حاكمًا عليها، فأرهق أهلها عسفًا وجورًا، وفعل الفرنسيون الأفاعيل بالمصريين فكانوا كما قال الجبرتي في "تاريخه":
    "فينزلون على البلاد والقرى ويطلبون المال والكلف الشاقة بالعسف والجور ويؤجلونهم بالساعات؛ فإن مضت ولم يوفوهم المطلوب حلّ بهم ما حلّ من الحرق والنهب والسلب والسبي، وخصوصًا إذا فرّ مشايخ البلدة من خوفهم وعدم قدرتهم، وإلا قبضوا عليهم وضربوهم بالمقارع والكسارات على مفاصلهم ورُكبهم، وسحبوهم معهم في الحبال، وأذاقوهم أنواع النكال".
    حتى قال:
    "ثم دخلوا إلى الجامع الأزهر وهم راكبون الخيول، وبينهم المشاة كالوعول وتفرّقوا بحصنه ومقصورته، وربطوا خيولهم بقبلته، وعاثوا بالأروقة والحارات، ونهبوا ما وجدوا من المتاع، والأواني والقِصاع والودائع والمخبآت بالدواليب والخزانات، ودشتوا –أي بعثروا- الكتب والمصاحف، وعلى الأرض طرحوها، وبأرجلهم ونعالهم داسوها، وتغوّطوا وبالوا وتمخطوا وشربوا الشراب وكسروا أوانيه، وألقوها بصحنخ ونواحيه وكل من صادفوه عرّوه ومن ثيابه أخرجوه".
    ولم يغمض لسليمان الحلبي جفن وهو الذي تلقى علومه بالأزهر، فكيف يعبث الفرنسيون فيه فسادًا ؟! ويدوسون المصاحف بنعالهم ويعرُّون الشيوخ من ثيابهم ؟!
    وصدق من قال:
    إِذا أَلَمَّتْ بوادي النيل نازلةٌ ** باتت لها راسياتٌ الشام تضطرِبُ
    وصدق من هو أصدق منه صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: "المؤمن للمؤمن كالبنيان ، يشد بعضه بعضًا" وفي حديث: "كمثل الجسد ، إذا اشتكى عضوا ، تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى"
    وصمم الحلبي على ردِّ الإساءة بإساءة لكليبر وقومه، فسافر من حلب إلى القاهرة فدخلها في مساء اليوم الرابع عشر من مايو سنة 1800، وولى وجهه ناحية منزل أستاذه "مصطفى أفندي" فقضى ليلته عنده، ثم فارقه إلى الأزهر للإقامة في رواق الشام، وهناك قضى ثلاثين يومًا منزويًا لا يخرج منه إلا للبحث والتقصي ومعاينة الطرق التي يسلكها لقضاء مأربه وتنفيذ خطته.
    وفي مساء 13 من يونيه أسرّ سليمان لأربعة من زملائه في العِلم بما انتواه –وهم محمد الغزي، وأحمد والي، وعبدالله الغزي، وعبدالقادر الغزي- ، فحاولوا تخويفه ولكن سليمان كان من هؤلاء الذين لا يخافون ولا ينكصون؛ فإذا هو يغادر جمعهم، ويعبر النيل على هيئة سائل ويتجه إلى الروضة حيث كان كليبر يستعرض "كتيبة الأروام" التي انخرطت في سلك الجيش الفرنسي بقيادة "نيقولا بابا زوغلو"، فسأل بطلنا سليمان النوتية عن تحركات كليبر، فعلِم منهم أنه يقضي بعض الوقت في مساء كل يوم بحديقة القيادة ترويحًا عن نفسه، فعزم سليمان على الدخول إلى الحديقة والتربص به، ولما أراد أن يدخل الحديقة اكتشف الحراس أمره فادّعى لهم أنه يريد تقديم عريضة إلى الجنرال، فأخذوه إلى بيروس سكرتير كليبر فرفض أن يقدمه إليه.
    وبات تلك الليلة في المسجد، وفي الصباح اتّجه إلى الأزبكية، وتتبع خطوات غريمه، وسار خلفه إلى الروضة، ثم عاد وراءه واتجه إلى الحديقة، واندس بين الخدم، ورآه الضابط ديفوج –ياور كليبر- فاعتقد أنه من العمال الذين يقومون بأعمال الترميم في مبنى القيادة، فلم يَرْتب في أمره، ولما رآه يتعقَّب كليبر وهو داخل منزل الجنرال داماس، شكّ في أمره، وأمر الخدم بطرده، ولكن سليمان استطاع أن يغافل الحرس ويدخل الحديقة.
    وهناك انزوى الأسد خلف الساقية منتظرًا لفريسته، وقُبيل العصر دخل كليبر الحديقة بصحبة المهندس بروتان، وفي أثناء عبور كليبر ممر الحديقة من تحت تكعيبة العنب فوجئ بالفتى الحلبي يخرج من مكمنه، ويتقدم إليه كمن يريد أن يستجديه، وما كان يلتفت إليه حتى رفع سليمان خنجره وهوى به على صدره، ثم تبع سليمان طعنته بثلاث أخريات أسلم بعدها كليبر الروح، واتجه سليمان إلى بروتان، الذي حاول القبض عليه، فأصابه بست طعنات كانت أخف وطأة من طعنات كليبر، فرقد بجواره يئن من الجِراح.


    محاكمة سليمان الحلبي:
    وعُثِر على سليمان بعد مضي ساعة وراء جدار مهدوم بالحديقة، وحاول أن يتخلّص من مطارديه، ولكنه لم يفلح، وقادوه إلى حيث ضباط القيادة يحرقون الأرم غيظًّا، فمثل أمامهم، وسأله الجنرال مينو وواجه بالجنرال بروتان فتعرّف عليه، وشهد الشهود من رجال البحر بأن سليمان كان يتتبع خطوات كليبر في الروضة ويسأل عنه، وفي صباح 15 من يونيه مثل سليمان أمام محكمة عسكرية مؤلفة من تسعة أعضاء برئاسة الجنرال رينيه، وبعد استجواب عنيف، وتعذيب قاسٍ على يد "برتلمي الرومي" أحد أذناب الفرنسيين، اعترف سليمان.
    أورد الجبرتي في "تاريخه" نقلاً عن ملفات المحكمة الفرنسية من أقوال الشيخ محمد الغزي: "سُئل هل سليمان أخبره على ضميره في قتل ساري عسكر؟
    فجاوب: إن سليمان كان قد قال له: إنه قد حضر من غزة لأجل أن يغازي في سبيل الله لقتل الفرنساوية...
    ".
    ولم يتأنب ضمير الحلبي ولم يندم على ما فعل، بل مدح نفسه وافتخر بفعله، ولم يخف في الله لومة لائم، ولم ترجفه ممارسات التعذيب في حقه، ولم تصدّه عن الفخر بما جنته يداه عقوبة الإعدام الشنيعة المقررة عليه، فها هو المقرر "سارلتون" الذي أشرف على تعذيب الحلبي يقول عنه: "وهو بالذات مقرٌ بذنبه بلسانه، ومسمّي شركاه، وهو مادحٌ نفسه للقتل الكريه صنيع يديه، وهو مستريح بجواباته، وينظر محاضر سياسات عذابه بعين رفيعة..."
    وهكذا تكون نفس المؤمن، محتقرٌ لعدوه الكافر، مفتخرٌ بفعله الطاهر، يأنف الصَغار والإذلال في دينه، فكيف إذا كان المؤمن عربيّ النسب، شاميّ المنبت ؟! فإنه سيكون في أعلى مستويات الأنفة والعزّة.

    إعدام سليمان الحلبي:
    وتقرر الحُكم على سليمان، وكان حكمًا شنيعًا حاول الفرنسيون أن يُخرجوا غيظهم من هذا البطل المغوار عبر التفنن بقتله وتشويه جسمه بعد مماته، فحُكِم على سليمان بحرق يده اليمني المباركة التي طعنت كليبر وأرسلته بالبريد العاجل إلى نارٍ تلظى، وحُكِم عليه أيضًا بإعدامه على الخازوق، وترك جثته تأكلها الطير، كما حُكِم على من أسرَّ إليهم بنيّته بقطع الرقاب وإحراق جثثهم، ولا حاجة للاستغراب! فهذا هو وجه المحتل الكافر البغيض.

    وعقب أن أنتهى الفرنسيون من تشييع جنازة كليبر في يوم 17 يونية، قادوا المحكوم عليهم إلى "تل العقارب" بحي السيدة زينب، وهناك نُفِّذ الحكم في سليمان وإخوانه، وصعدت أرواحهم إلى بارئها، وكان لهم ما يتمنون من قتل عدو الله كليبر ونيل الشهادة بإذنه تعالى.

    ومما يجدر ذكره أن دائرة المعارف الماسونية أبدت أسفها العميق لمقتل كليبر الذي أنشأ الماسونية في مصر، ورأس أول محفل فيها دعاه محقل "إزيس" لكن سليمان الحلبي لم يمهله لأن يُكمل مخططه الماسوني، فأرسله هو ورسالته الماسونية إلى الجحيم.
    وكان عمر سليمان حين قتله الفرنسيون أربع وعشرين عامًا.
    ولم ينتهي الأمر عند قتله وصلبه وقطع رأسه، بل وصل ذلك إلى هيكله العظمي من جسم سليمان الذي احتفظ به الفرنسيون، فوضعوه في متحف حديقة الحيوانات والنباتات في باريس، كما حفظوا جمجمته في غرفة التشريح بمدرسة الطب بباريس، ومازال الخنجر الذي طُعِن به كليبر محفوظًا في مدينة كاركاسون بفرنسا.
    فرحِم الله هذا البطل المقدام، الذي ما سكت وهو يرى إخوانهم في الدين والعروبة يعانون من الكافر الدخيل، الذي سبى نسائهم وهتك أعراضهم وقتل منهم من قتل، وأهانهم واستباح أراضيهم، فانطلق من وراء الحدود يخطط ويدبر ليقتلع رأس الأفعى وينتقم لإخوانه المصريين، ووفقه الله لذلك، فكان خير أخٍ لخير إخوان.
    ـــــــــــ

    من كتاب "الشهيد محمد كريم" للأستاذ عبدالعزيز حافظ دنيا، و كتاب "زهر البساتين" للشيخ سيد عفاني.


  • #2
    رد : البطـل سليمان الحلبـي قاهر الفرنسييـن في مصـر

    رحة الله عليك أيها البطل

    تعليق


    • #3
      رد : البطـل سليمان الحلبـي قاهر الفرنسييـن في مصـر

      جزاك الله خيراً ... كنا نسمع عنه سمع ... أستغرب أن يكون في ذلك الوقت أناس تقاتل بنية تستحضرها وفي سبيل الله !!!!
      و كتاب "زهر البساتين" للشيخ سيد عفاني.
      هو الشيخ عفاني أين أراضيه ... لانسمع له حساً .. نفسي أعرف موقفه من ثورة مصر !!
      التعديل الأخير تم بواسطة ابنة السنة; 30/04/2012, 10:22 AM.

      تعليق

      جاري التحميل ..
      X