تمهيد:
إذا كان هناك رأي سائد بأن الأخذ بالتراث لا ينتج عنه إلا التقليد والعجز عن التجديد, فإن البعض الآخر يرى أن سبب التقليد ليس حكرا على السلفيين بل أنه أشنع لدى الحداثيين؛ لأنه إذا كان أولئك يقلدون المتقدمين وتراث قومهم, فأن هؤلاء يقلدون المتأخرين وتراث غيرهم؛ رغم اعتقادهم بأن الحداثة والتقليد ضدان لا يجتمعان.
والحداثة العربية تقوم على تصور زمنيا يؤول إلى مجرد نقل الحداثة في صورتها الشائعة في الغرب, وهذا على أساس أن التقدم العربي يقتضي اللحاق بالركب الغربي, وعلية يرى بعض الفلاسفة والمفكرين العرب نذكر منهم هنا المفكر المغربي "طه عبد الرحمن" الذي يرى أن شرط التحرر من هذه الحداثة المقلدة, وتحقيق الحداثة المبدعة هو الخروج من ضيق حداثة الزمن إلى سعة حداثة القيم؛ أي الخروج من واقع الحداثة في تطبيقاتها الغربية إلى روح الحداثة في قيمها الاجتماعية, وهذا ما عبر عنه قوله: «واقع الحداثة اليوم عبارة عن نقل للحداثة الموجودة في واقع الحداثة الغربية, وهذا النقل ليس فيه ابتكار ولا جمال, ونكون مبدعين للحداثة بواسطة التفريق بين واقع الأشياء وروحها».
الشيء الذي جعل معظم المفكرين والباحثين يرونه مطلبا لا يتحقق خارج دائرة التصوف الذي تتجلى فيه مجموعة من المبادئ الإنسانية أو القيم الروحية, والتي يمكن أن يتشارك فيها الجميع- وعليه المقصود بالحديث هنا ليس فقط الجزائر أو المغرب بل كل دول المغرب العربي والعالم عموما والجزائر على وجه الخصوص من خلال كل الطرق الصوفية التي لا تمت للآخر البعيد عن كل ما هو روحي-؛ والتي يعاد من خلالها تشكل هوية الإنسان في بعدها الغائي والحياتي, في عصر سادت فيه عناوين ومفردات وتصورات مثل: (حرب القيم, صدام القيم, نمذجة القيم, شيوع العدمية, فقدان المعنى, احتضار الأخلاق, أو تهاوي معاني الاهتداء...), مما جعل هوية الإنسان مهددة في مستواها البيولوجي ومستواها الثقافي, إذ تم تشكيل الإنسان من خلال نظام الحضارة المعاصرة, وتفصيله وفق مقاساتها وفلسفتها والتي من أهم خصائصها؛ إسقاط البعد الغائي في الكون والحياة إلى درجة إن بعض المفكرين يسمونه "عصر هزيمة الإنسان" أو "عصر موته".
وفي مقدمة هذا البحث سنحاول الإجابة على جملة من التساؤلات:
- ما معنى مصطلح "التصوف", ومصطلح "الحداثة", وأين تكمن تحولاتهما عبر التاريخ؟
- من هم أهم الشخصيات المؤسسة لهما, وفيما تتمثل خصائصهما المعرفية والفكرية؟
- أين تتجلى مكامن الحداثة في الفكر العربي الإسلامي المعاصر؟
- فيما تتمثل نقاط العلاقة الجدلية بين التصوف والحداثة؟
- ماهي أهم الانتقادات والحلول التي يمكن الوقوف عليها من خلال دراسة مرحلتي الحداثة وما بعد الحداثة, وعلاقتهما بالفكر العربي الإسلامي؟
إذا كان هناك رأي سائد بأن الأخذ بالتراث لا ينتج عنه إلا التقليد والعجز عن التجديد, فإن البعض الآخر يرى أن سبب التقليد ليس حكرا على السلفيين بل أنه أشنع لدى الحداثيين؛ لأنه إذا كان أولئك يقلدون المتقدمين وتراث قومهم, فأن هؤلاء يقلدون المتأخرين وتراث غيرهم؛ رغم اعتقادهم بأن الحداثة والتقليد ضدان لا يجتمعان.
والحداثة العربية تقوم على تصور زمنيا يؤول إلى مجرد نقل الحداثة في صورتها الشائعة في الغرب, وهذا على أساس أن التقدم العربي يقتضي اللحاق بالركب الغربي, وعلية يرى بعض الفلاسفة والمفكرين العرب نذكر منهم هنا المفكر المغربي "طه عبد الرحمن" الذي يرى أن شرط التحرر من هذه الحداثة المقلدة, وتحقيق الحداثة المبدعة هو الخروج من ضيق حداثة الزمن إلى سعة حداثة القيم؛ أي الخروج من واقع الحداثة في تطبيقاتها الغربية إلى روح الحداثة في قيمها الاجتماعية, وهذا ما عبر عنه قوله: «واقع الحداثة اليوم عبارة عن نقل للحداثة الموجودة في واقع الحداثة الغربية, وهذا النقل ليس فيه ابتكار ولا جمال, ونكون مبدعين للحداثة بواسطة التفريق بين واقع الأشياء وروحها».
الشيء الذي جعل معظم المفكرين والباحثين يرونه مطلبا لا يتحقق خارج دائرة التصوف الذي تتجلى فيه مجموعة من المبادئ الإنسانية أو القيم الروحية, والتي يمكن أن يتشارك فيها الجميع- وعليه المقصود بالحديث هنا ليس فقط الجزائر أو المغرب بل كل دول المغرب العربي والعالم عموما والجزائر على وجه الخصوص من خلال كل الطرق الصوفية التي لا تمت للآخر البعيد عن كل ما هو روحي-؛ والتي يعاد من خلالها تشكل هوية الإنسان في بعدها الغائي والحياتي, في عصر سادت فيه عناوين ومفردات وتصورات مثل: (حرب القيم, صدام القيم, نمذجة القيم, شيوع العدمية, فقدان المعنى, احتضار الأخلاق, أو تهاوي معاني الاهتداء...), مما جعل هوية الإنسان مهددة في مستواها البيولوجي ومستواها الثقافي, إذ تم تشكيل الإنسان من خلال نظام الحضارة المعاصرة, وتفصيله وفق مقاساتها وفلسفتها والتي من أهم خصائصها؛ إسقاط البعد الغائي في الكون والحياة إلى درجة إن بعض المفكرين يسمونه "عصر هزيمة الإنسان" أو "عصر موته".
وفي مقدمة هذا البحث سنحاول الإجابة على جملة من التساؤلات:
- ما معنى مصطلح "التصوف", ومصطلح "الحداثة", وأين تكمن تحولاتهما عبر التاريخ؟
- من هم أهم الشخصيات المؤسسة لهما, وفيما تتمثل خصائصهما المعرفية والفكرية؟
- أين تتجلى مكامن الحداثة في الفكر العربي الإسلامي المعاصر؟
- فيما تتمثل نقاط العلاقة الجدلية بين التصوف والحداثة؟
- ماهي أهم الانتقادات والحلول التي يمكن الوقوف عليها من خلال دراسة مرحلتي الحداثة وما بعد الحداثة, وعلاقتهما بالفكر العربي الإسلامي؟
تعليق