إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللذة حسب الهمة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللذة حسب الهمة



    اللذة حسب الهمة

    لذة كل أحد على حسب قدره وهمته وشرف نفسه، فأشرف الناس نفسا وأعلاهم همة وأرفعهم قدرا من لذته في معرفة الله ومحبته والشوق إلى لقائه والتودد إليه بما يحبه ويرضاه فلذته في إقباله عليه وعكوف همته عليه ودون ذلك مراتب لا يحصيها إلا الله ، حتى تنتهي إلى من لذته في أخس الأشياء من القاذورات والفواحش في كل شيء من الكلام والفعال والأشغال ‏.‏ فلو عرض عليه ما يلتذ به الأول لم تسمح نفسه بقبوله ولا التفتت إليه وربما تألمت من ذلك، كما أن الأول إذا عرض عليه ما يلتذ به هذا لم تسمح نفسه به ولم تلتفت إليه ونفرت نفسه منه‏.‏

    وأكمل الناس لذة من جمع له بين لذة القلب والروح ولذة البدن، فهو يتناول لذاته المباحة على وجه لا ينقص حظه من الدار الآخرة ولا يقطع عليه لذة المعرفة والأنس بربه فهذا ممن قال تعالى فيه‏:‏ ‏ «‏قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة‏» ‏ سورة الأعراف ‏:‏ الآية رقم ‏:‏‏‏22‏‏ ، وأنجسهم حظا من اللذة من تناولها على وجه يحول بينه وبين لذات الآخرة فيكون ممن يقال لهم يوم استيفاء اللذات ‏:‏ ‏ «‏أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها‏» ‏ الأحقاف ‏:‏ الآية رقم ‏:‏‏‏20‏‏ ، فهؤلاء تمتعوا بالطيبات وأولئك تمتعوا بالطيبات ‏.‏ وافترقوا في وجه التمتع ، فأولئك تمتعوا بها على الوجه الذي آذن لهم فيه فجمع لهم بين لذة الدنيا والآخرة وهؤلاء تمتعوا بها على الوجه الذي دعاهم إليه الهوى والشهوة وسواء أذن لهم فيه أم لا ، فانقطعت عنهم لذة الدنيا و فاتتهم لذة الآخرة فلا لذة الدنيا دامت لهم ولا لذة الآخرة حصلت لهم، فمن أحب اللذة ودوامها والعيش الطيب فليجعل لذة الدنيا موصلا له إلى لذة الآخرة بأن يستعين بها على فراغ قلبه لله إرادته وعبادته‏‏ ، فيتناولها بحكم الاستعانة والقوة على طلبه لا بحكم مجرد الشهوة والهوى ، وإن كان ممن زويت عنه لذات الدنيا وطيباتها فليجعل ما نقص منها زيادة في لذة الآخرة ، و يجم نفسه ‏‏ ههنا بالترك ليستوفيها كاملة هناك ، فطيبات الدنيا ولذاتها نعم العون لمن صح طلبه لله والدار الآخرة وكانت همته لما هناك ، و بئس القاطع لمن كانت هي مقصوده وهمته، وحولها يدندن، وفواتها في الدنيا نعم العون لطالب الله والدار الآخرة ، و بئس القاطع النازع من الله والدار الآخرة ‏.‏ فمن أخذ منافع الدنيا على وجه لا ينقص حظه من الآخرة ظفر بهما جميعا وإلا خسرهما جميعا‏.‏







    الفوائد_الإمام شمس الدين أبي عبد الله بن قيم الجوزية


    .
    .
    .
    التعديل الأخير تم بواسطة الأيـهــم; 26/12/2011, 09:56 AM.
جاري التحميل ..
X