إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أخي الحبيب تذكر ... أين زادك للرحيل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أخي الحبيب تذكر ... أين زادك للرحيل

    بسم الله الرحمن الرحيم

    أخي الحبيب تذكر ... أين زادك للرحيل

    الحمد لله رب العالمين ، الحمد لله الذي ذلل بالموت رقاب الجبابرة وأنهى بالموت آمال القياصرة فنقلهم به من سعة القصور إلى ضيق القبور ومن نور المهود إلى ظلمة اللحود والصلاة والسلام على صاحب الجبين الأزهروالوجه الأنور سيدنا محمد وصحابته والتابعين خير قوم ومعشر اما بعد ..
    إن ما أحوجنا الآن في هذا الوقت إلى وقفة متأملة ألا وهي حقيقة الموت .. تلك الحقيقة التي يرحل بها الإنسان من دار إلى دار ومن طريق ٍ إلى آخر ومن مكان إلى مكان أيها الأخ الحبيب
    تلك الحقيقة التي حيرت العقول بشدتها وأضاقت الصدور بما يُسمع عنها وحطمت أماني الخلود في هذه الدنيا بما فيها .. , وأجبرت الناس على أن يعلموا أنهم في دار هذه الدنيا كمحطة مرور إلى دار الخلود ..
    فهنا فريقين أيها الأخوة الكرام .. فريق فهم الدين فهماً صحيحا فآمن بالله عزوجل حق إيمان وعبده حق عبادة وعلم أنه في هذه الدنيا إنما هي ابتلاء من الله عزوجل وإليه راجع، فأعد الزاد ليوم الحساب .
    وفريق فهم الدين ولكن ضحك عليه الشيطان ومال لنفسه ولهواه وأضل الطريق وأصبحت معيشته معيشة ضنكا وضيق في النفس وضيق في الصدر ولم يعد لذلك اليوم الذي تقشعر منه الصدور الأبصار ..
    إذن أخي الحبيب .. فيا ترى من أي الفريقين نحن ؟؟؟
    فيجب يا كرام أن نعلم حق العلم أننا في هذا الدنيا عابرين سبيل ... قال صلى الله عليه وسلم .. " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل " .. واسمع ماذا وجه النبي صلى الله عليه وسلم من وصية إلى ابن عمر رضي الله عنهما " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك ..
    أخي الحبيب .. فأنت سواءٌ اعددنا نفسنا من العابرين في هذه الحياة أو من المخلدين المقيمين فيها فإننا سنرحل ... ففي كل الحالات نحن مفارقين هذه الحياة ... قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم " إنك ميتٌ وانهم ميتون " .. هكذا الله عزوجل خلق الدنيا وهكذا أرادها " كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام .."
    الكل وإن طالت الأعمار راحل، وبريق الدنيا مهما لمع زائل، وعمودها مهما استقام مائل ..
    اسمع أخي الحبيب هذه القصيدة التي كتبها زين العابدين بن علي حفيد علي بن أبي طالب كرم الله وجهه

    ليس الغريب غريب الشام واليمن ...إن الغريب غريب اللحد والكفن
    إن الغريب له حق لغربته ...على المقيمين في الأوطان والسكن
    لا تنهرن غريبا حال غربته .... الدهر ينهره بالذل والمحن
    سفري بعيد وزادي لن يبلغني ... وقوتي ضعفت والموت يطلبني
    ولى بقايا ذنوب لست أعلمها ... الله يعلمها في السر والعلن
    ما أحلم الله عنى حيث أمهلني ....وقد تماديت في ذنبي ويسترني
    تمر ساعات أيامي بلا ندم ... ولا بكاء ولا خوف ولا حزن
    أنا الذي أغلق الأبواب مجتهدا ...على المعاصي وعين الله تنظرني
    يا زلة كتبت في غفلة ذهبت ... يا حسرة بقيت في القلب تحرقني
    دعنى أنوح على نفسي وأندبها ....وأقطع الدهر بالتذكير والحزن
    دع عنك عزلي يا من كان يعزلني ....لو كنت تعلم ما بي كنت تعذرني
    دعنى أمسح دموعا لا انقطاع لها ... فهل عسى عبرة منها تخلصني
    كأنني بين الكل والأهل منطرحا ... على الفراش وأيديهم تقلبني
    وقد تجمع حولي من ينوح ... ومن يبك على وينعاني ويندبني
    وقد أتوا بطبيب كي يعالجني ... ولم أر الطب هذا اليوم ينفعني
    واشتد نزعي وصار الموت يجذبها ... من كل عرق بلا رفق ولا هون
    واستخرج الروح منى في تغرغرها ... وصار ريقي مريرا حين غرغرني
    وغمضوني وراح الكل وانصرفوا ... بعد الإياس وجدوا في شرا الكفن
    وقام من كان حب الناس في عجل ... نحو المغسل يأتيني يغسلني
    وقال يا قوم نبغي غاسلا حذقا ... حرا أديبا لبيبا عارفا فطن
    فجاءني رجل منهم فجردني ... من الثياب وأعراني وأفردني
    وأودعوني على الألواح منطرحا ..وصار فوقى خرير الماء ينظفني
    وأسكب الماء من فوقى وغسلني ... غسلا ثلاثا ونادى القوم بالكفن
    وألبسوني ثيابا لا كمام لها ... وصار زادي حنوطي حين حنطني
    وأخرجوني من الدنيا فوا أسفاه ... على رحيل بلا زاد يبلغني
    وحملوني على الأكتاف أربعة ... من الرجال وخلفي من يشيعني
    وقدموني إلى المحراب وانصرفوا ... خلف الإمام فصلي ثم ودعني
    صلوا على صلاة لا ركوع لها ... ولا سجود لعل الله يرحمني
    وأنزلوني إلى قبري على مهل ... وقدموا واحدا منهم يلحد
    وكشف الثوب عن وجهي لينظرني ... وأسدل الدمع من عينيه أغرقني
    فقام محترما بالعزم مشتملا ... وصفف اللبن من فوقى وفارقني
    وقال هلوا عليه الترب واغتنموا ... حسن الثواب من الرحمن ذي المنن
    فى ظلمة القبر لا أم هناك ولا أب .... شفيق ولا أخ يؤنسني
    وهالني صورة في العين إذ نظرت ... من هول مطلع ما قد كان أدهشني
    من منكر ونكير ما أقول لهم ...قد هالني أمرهم جدا فأفزعني
    وأقعدوني وجدوا في سؤالهم ... مالي سواك إلهي من يخلصني
    فامنن على بعفو منك يا أملى .. فإنني موثق بالذنب مرتهن
    تقاسم الأهل مالي بعدما انصرفوا ...وصار وزري على ظهري فأثقلني
    واستبدلت زوجتي بعلا لها بدلي .. وحكمته على الأموال والسكن
    وصيرت ولدى عبدا ليخدمها .. وصار مالي لهم حلا بلا ثمن
    فلا تغرنك الدنيا وزينتها ....وانظر إلى فعلها في الأهل والوطن
    وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها ...هل راح منها بغير الحنط والكفن
    خذ القناعة من دنياك وارض بها .. لو لم يكن لك إلا راحة البدن
    يا زارع الخير تحصد بعده ثمرا ... يا زارع الشر موقوف على الوهن
    يا نفس كفى عن العصيان واكتسبي ... جنى جميلا لعل الله يرحمني
    يا نفس ويحك توبى واعملي حسنا .. عسى تجازين بعد الموت بالحسن
    ثم الصلاة على المختار سيدنا .. ما وضأ البرق في الشام وفي يمن
    والحمد لله ممسينا ومصبحنا ... بالخير والعفو والإحسان والمنن

    *دخل رجل على أبي ذر فجعل يقلب بصره في بيته، فقال: يا أبا ذر، أين متاعكم؟ قال:
    ( إن لنا بيتاً نوجه إليه صالح متاعنا ، قال: إنه لا بد لك من متاع ما دمت هاهنا، قال: إن صاحب المنزل لا يدعنا فيه...
    فتأمل أخي في هذا الفقه والرد الحكيم إذ قال أبو ذر: ( إن صاحب المنزل لا يدعنا فيه !) فالمنزل الدنيا.. وصاحبها هو الله، وقد قال الله تعالى: إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاع وَإنَّ الآخرةَ هِي دَارُ الْقَرَارِ [غافر:39]، وهل يزين عاقل محطة عبور هو يدرك أنه عن قريب سيتركها؟!
    ودخلوا على بعض الصالحين، فقلبوا بصرهم في بيته، فقالوا له: إنا نرى بيتك بيت رجل مرتحل،
    أمرتحل أنت فقال لا أطرد طرداً ..
    وقال عمر بن عبد العزيز: ( إن الدنيا ليست بدار قراركم، كتب الله عليها الفناء، وكتب على أهلها منها الظعن، فأحسنوا رحمكم الله منها الرحلة بأحسن ما بحضرتكم من النقلة، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى...
    واسمع أخي الحبيب ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الدنيا .. مالي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال في ظل شجرة ثم راح وتركها..
    إخواني الأحباب يجب علينا أن نقف وقفة صارمة مع أنفسنا يا كرام ، وقفة عند كل صغيرة وكبيرة ، وقفة نعرف فيها القليل والكثير ، وقفة نعرف بها مالنا وما علينا ... يجب أن نحساب أنفسنا في كل فعل فعلناه خالف كتب الله وسنته صلى الله عليه وسلم ، حتى نعلم أين وصلنا في هذه الدنيا وفي أي الطريق وصلنا وكم من الذنوب فعلنا وكم في حق الله قصرنا ، وفي حق الرسول وقعنا ، وكم من الناس اغتبنا ... لنعرض أعمالنا وأفعالنا وننظر ماذا قدمنا إلى الله عز وجل .. قال تعالى " بل الإنسان على نفسه بصيرة "
    يا كرام يا أحباب ينزف في هذا الباب قطرات لنقبح الدنيا ونقبح شهواتها وملهياتها وملذاتها ..
    إخواني الأحباب هي والله ساعات محدودة وآجال معلومة ... تحملنا وتسوق بنا إلى حيث مردّنا.. وكلما انقضت ساعة انقضت مرحلة من مراحل عمرنا يا أحباب ..
    نسير إلى الآجال في كل لحظة *** وأيامنا تطوى وهنّ مراحلُ
    ولم أر مثل الموت حقاً كأنه *** إذا ما تخطته الأمانيّ باطلُ
    وما أقبح التفريط في زمن الصبا *** فكيف به والشيب للرأس شاملُ
    ترحل من الدنيا بزاد من التقى *** فعمرك أيام وهنّ قلائلُ
    وكتب بعض السلف إلى أخيه " يخيل لك أنك مقيم بل أنت دائب السير ، تساق مع ذلك سوقاً حثيثا والموت موجه إليك ، والدنيا تطوى من ورائك وما مضى من عمرك ، فليس بكّار علي حتى يكرَّ عليك يوم التغابن " ..
    أخي الحبيب يا من علمت أنك إلى الله عائد ورحمة الله راجي انتبه ولا تدع الغفلة تنسيك وعن طاعة الله تعميك ، حتى تنسيك زادك وميعادك يا حبيب .. فإن أقواماًَ يا حبيب أنستهم الغفلة من إعداد زادهم للرحيل فقال الله لهم عند القدوم على الرحيل " لَقَدْ كُنتَ فيِ غَفْلَةٍ مّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَومَ حَدِيِد ..
    قال الفضيل بن عياض لرجل: ( كم أتت عليك؟ ) قال: ستون سنة، قال: ( فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ )، فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون. فقال الفضيل: ( أتعرف تفسيره !؟ تقول: أنا لله عبد وإليه راجع، فمن علم أنه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف، ومن علم أنه موقوف، فليعلم أنه مسؤول، ومن علم أنه مسؤول، فليٌعِدّ للسؤال جواباً ). فقال الرجل: فما الحيلة؟ قال: ( يسير ). قال: ما هي؟
    قال: ( تحسن فيما بقي يُغفر لك ما مضى، فإنك إن أسأت فيما بقي، أُخذت بما مضى وبما بقي) ..
    لننظر إلى رحمة الله تعالى فإن الله عز وجل يغفر الذنوب جميعا .. وأنت يا عبد الله تذكر قول الله تعالى " يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِح إلى رَبِكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ "
    أحسن فيما بقي يغفر الله لك ما مضى.. ربك حليم غفور.. تواب كريم.. يحب التائبين.. ويبدل سيئاتهم حسنات.. ويعفو عن الخطايا والزلات ..
    فلنبادر إخواننا الأحباب بتوبة صادقة ، حتى يرضى الله عنا ، فم فعلنا من معاصي ومن ذنوب وآثام ، وكم اتبعنا خطوات الشيطان واتبعنا أنفسنا وهوانا فبإذن الله إن أعددنا توبة نصوحاً إلى الله عز وجل سيغفر لنا ما مضى بإذنه تعالى ..
    أسرع يا حبيب أسرع يا غالي ... بتوبة إلى الله نندم فيها عن كل ذنب فعلناه في حق الله تعالى وفي حق الناس ...
    قال تعالى " قًل يَا عِباديَ الَّذينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا من رّحْمة الله إنَّ الله يَغْفرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأنيُُبوا إلى رَبِكُمْ وَأسْلُموا لهُ مِن قَبْلِ أن يَأتَيِكُمُ الْعَذَابُ ثُمّ لا تُنصَرُونَ (54) وَاتَّبعُوا أحْسَنَ مَا أُنزَلَ إِلَيَكُم مّن رَّبّكُم من قَبل أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأنتُمْ لا تَشْعُرُونَ (55) أن تَقُولَ نَفْس يَا حَسْرتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ في جَنبِ الله وَإن كُنتُ لَمنَ السَّاخِرِينَ (56) أو تَقُولَ لَو أَنّ الله هَدَاني لَكُنتُ َمنَ المُتَّقِينَ (56) أوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَو أَنَّ ليِ كرّة فَأكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ...
    وقال تعالى " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين " ..
    وقال صلى الله عليه وسلم " التائب من الذنب كم من لا ذنب له "

    فأبشر يا من أقبلت على الله بتوبة صادقة ناصحة .. أبشر بحب الله لك ابشر .. فهذا بشارة من الله .

    توبوا الآن الآن ، حتى تكون لنا زاداً يا كرام ... زاداً ليوم الرحيل ، الذي يتخلى فيه عنا العدو والخليل والقريب والبعيد ..
    عُد للكريم توبةً .. واركب جناح العائدين
    تلقى السعادة كلها .. فلنعم درب الصالحين
    كل ابن آدم خطاء .. وخير الخطاءين التوابون
    فصحح أخي مسارك.. وابذل جهدك لمعرفة حقيقة أعمالك.. أين تصرف نظراتك؟ وأين تخطو خطواتك؟ وبم تتكلم لفظاتك؟ وما هي آمالك وخطراتك؟
    يا غافل القلب عن ذكر المنيات *** عما قليل ستثوى بين أموات
    فاذكر محلك من قبل الحلول به *** وتب إلى الله من لهو ولذات
    إن الحمام له وقت إلى أجل *** فاذكر مصائب أيام وساعات
    لا تطمئن إلى الدنيا وزينتها *** قد حان للموت يا ذا اللب أن يأت

    فاجعل أخي التقوى زادك.. واحذر الغفلة فإنها تًنسيك حقيقة سفرك.. وتغريك بزخرف الدنيا وتمنيك بالإقامة الزائفة.... وبارك الله بكم
    وصلي الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
    وكتبه أخوكم العبد المعجِّل إلى ربه
    " فهـــــــــــــــــــد 7 "
    29/10/1432 هجري
    27/10/2011 ميلادي
    التعديل الأخير تم بواسطة فهد7; 27/10/2011, 02:07 PM.
جاري التحميل ..
X