إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الوجود الاسرائيلي في دول الجوار السوداني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الوجود الاسرائيلي في دول الجوار السوداني

    نظم مركز الراصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في سياق منتدياته الدورية حلقة نقاشية بعنوان "الوجود الاسرائيلي في دول الجوار السوداني" بغية التعرف على بداية ذلك الوجود وأشكاله وأهدافه ومآلاته النهائية سواء بالنسبة للسودان أو المنطقة بصورةٍ عامة. وقد شارك في تلك الحلقة عدد من الباحثين والمهتمين وخرجت ببعض الخلاصات التي تتمثل في:-

    1. تُولي إسرائيل أهمية لمعظم دول الجوار السوداني وتحاول تدعيم علاقاتها معها في مختلف المجالات بغية تحقيق أهداف متعددة آنية ومستقبلية. وتجد إثيوبيا أهمية خاصة في السياسة الخارجية الاسرائيلية تجاه إفريقيا، واستطاعت اسرائيل المحافظة على وجودها الدائم فى اثيوبيا بغض النظر عن طبيعة النظام الحاكم فيها ، وهو مايؤكد أن هدف الوجود فى اثيوبيا وبقية دول حوض النيل انما يحتل أهمية بالغة فى السياسة الخارجية الاسرائيلية .

    2. ويعود الاهتمام الإسرائيلي بإثيوبيا لأسباب كثيرة يمكن إجمالها في:-

    • الادّعاءات الإسرائيلية المستندة الى الأساطير بأن العلاقة مع أثيوبيا ترجع الى القرن الثالث قبل الميلاد، وهي تزعم بأن إبن النبي سليمان (منليك) من زوجته الملكة بلقيس، هو مؤسّس الحبشة التي كانت تسمّى (ماكدا)، وأن قومية (أمهرا) التي ينتمي إليها الأباطرة الأحباش وآخرهم (هيلاسيلاسي) هي من سلالة سيدنا سليمان.

    • ما تمتاز به أثيوبيا من غنى في الموارد الطبيعية حيث يجري في أراضيها العديد من الأنهار، بالاضافة الى بحيرة (تانا) العظمى التي تشكّل مخزوناً مائياً هائلاً لنهر النيل.

    • ما تمتاز به أثيوبيا من غنى في الموارد المعدنية التي تخدم الصناعات الاسرائيلية، وخصوصاً العسكرية منها، بالاضافة الى الذهب والماس والفضّة.

    • ما تمتاز به أثيوبيا من موقع استراتيجي جغرافي وديمغرافي وسياسي، فبالاضافة الى كونها بلد المقرّ للاتحاد الأفريقي، فهي ذات تأثير في الدول المجاورة خصوصاً أريتريا والصومال، وفي حال السيطرة الإسرائيلية في أثيوبيا، فإن الأمن القومي العربي معرّض لتهديد دائم، ويبلغ عدد سكان أثيوبيا حوالى ٨٢ مليون نسمة، يتوزّعون على مجموعات عرقية وإثنية عدّة، من بينها (الفلاشا مورا) التي تحسب على اليهودية، وهذا التنوّع العرقي والثقافي والديني لعب دوراً أساسياً في وسائل التغلغل الإسرائيلي في أثيوبيا، مستنداً الى إثارة النزاعات ونشر الفوضى وعدم الاستقرار، تمهيداً لفتح الطريق أمام المساعدات الإسرائيلية وتجارة السلاح والسيطرة على الثروات، يؤكّد ذلك ما صرّح به السفير الإسرائيلي في أديس أبابا آرييل كريم، إذ قال: إن إسرائيل ستسعى بقوّة للتصدّي لمحاولات السيطرة على الاقتصاد الأثيوبي، وعلى إسرائيل التي بدأت ببرنامج الأمن الغذائي في أثيوبيا، أن تواصل تأهيل الفنّيين الأثيوبيين ضمن ذلك البرنامج.

    3. اتبعت إسرائيل آليات متعددة بغية تحقيق اهدفها في إثيوبيا تمثلت في تشجيع جيل من القادة الجدد الذين ينتمون الى الاقليات فى بلدانهم ويرتبطون مع الولايات المتحدة – وبالطبع اسرائيل بعلاقات وثيقة، واقامة تحالفات مع الدول والجماعات الاثنية والدينية المعادية للعرب، وسيا سة المنح والتدريب .

    4. تُعَدّ العلاقات التجارية من أبرز المؤشرات على تنامي المصالح الإسرائيلية الاقتصادية في إثيوبيا وغيرها من الدول الإفريقية، حيث تشهد تلك العلاقات تطورات مستمرة وقفزات سريعة حيث تضاعفت الواردات الإسرائيلية من إثيوبيا وتضاعفت أيضاً الصادرات الإسرائيلية لها ثلاث مرات من 1.9 - 5.8 ملايين دولار سنويًّا، ويُعَدّ مركز التعاون الدولي في وزارة الخارجية "الماشاف" الجهاز المسئول عن تصميم وتنفيذ سياسات التعاون مع الدول دولة اثيوبيا ، وكان "الماشاف" من وسائل الاتصال الأساسية مع كبار المسئولين في الدول الإفريقية، على الرغم من قطع العلاقات الدبلوماسية في بعض الأحيان، كما حدث مع أثيوبيا، حيث كانت العلاقات الاقتصادية والفنية أكثر قوة من العلاقات السياسية. ولعل أبرز الأنشطة التي يعمل فيها "الماشاف" إقامة المزارع وتأسيس غرفة للتجارة الأفريقية الإسرائيلية، وتقديم الدعم في مجالات الزراعة والصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية، من خلال التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية والسفارات الأجنبية، وبصفة خاصة هيئة المعونة الأمريكية USAID التي نشطت على ضوء مبادرة كلينتون للشراكة مع إفريقيا .

    5. فى اطار التعاون المشترك بين البلدين، شارك ليبرمان - خلال جولته الإفريقية - فى حفل الافتتاح الرسمي لمركز "بوتاجيرا لزراعات البساتين المتميزة" بإثيوبيا، والمتخصص في تكاثر الفواكه والخضروات الاستوائية، والذي تم تأسيسه من جانب وزارة الزراعة والتنمية الريفية الإثيوبية، بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "يو إس إيد"، والوكالة الإسرائيلية لتنمية التعاون الدولى "ماشاف"، ومن الواضح أن الهدف الرئيس من جولة ليبرمان الإفريقية وفق ما أعلنته تقارير إعلامية إسرائيلية ، هو تدشين مزيد من المشروعلات الإنمائية المتعلقة بالمياه والرى واستصلاح الأراضي فى دول منابع النيل، لاسيما أثيوبيا التى تربطها بإسرائيل علاقات اقتصادية وسياسية متميزة، وهاجر منها واحدة من أكبر الجاليات اليهودية الإفريقية التى تعيش في إسرائيل حاليا ويعرف أفرادها بـ"يهود الفلاشا"، فعلى الرغم من تصريح "إيجال بالمور" المتحدث باسم ليبرمان بأن جولة الأخير تتضمن محاور سياسية واقتصادية مختلفة، تخص العلاقات الإسرائيلية بالقارة الإفريقية عامة، إلا أن الزيارة وضّحت وبشكل لا يدع مجالا للشك بأنها تهدف لتعزيز الوجود الإسرائيلي في منطقة حوض النيل. ووضّحت زيارة ليبرمان بشكل أكبر أثر بصمات الأصابع الإسرائيلية في تلك المنطقة سواء من خلال التغلغل الاقتصادي أو من خلال التعاون التجاري أو حتى من خلال توثيق العلاقات السياسية والعسكرية - الأمنية.

    6. وفقاً لتقارير فقد وصلت الزيادة في قيمة الصادرات الأثيوبية الى إسرائيل بين عامي ١٩٩٣ و١٩٩٨ الى أكثر من ٢٣٠٪، ومن تلك الصادرات القهوة والجلود والحقائب المدرسيّة والأحذية والخضار والفاكهة واللحوم، والحيوانات الحيّة، والقطن والأخشاب والذهب والكوبالت والنفط الأسود والسكر والحبوب، أما الصادرات الإسرائيلية الى أثيوبيا، فقد ازدادت خلال العام ٢٠٠٨ لتصل الى نسبة ٥٠٪، بالاضافة الى تزايد التعاون العسكري،وقد كشفت نشرة المعلومات العسكرية البريطانية أن إسرائيل تقيم علاقات استخباراتية وثيقة مع أثيوبيا، وأن جهاز الموساد الإسرائيلي يدير كادراً كبيراً لجمع المعلومات والاستخبارات في العاصمة أديس أبابا، بالاضافة الى قيامه بنشاطات في جزيرة دهلك الأريترية، أبرزها عدد من مراكز المراقبة وجمع المعلومات عن دول المنطقة، والسيطرة على البحر الأحمر عبر أثيوبيا وأريتريا، كما تستخدم إسرائيل نفوذها في أثيوبيا للضغط على السودان، وصولاً الى تقسيمه وضمان انفصال دارفور بعد النجاح في انفصال الجنوب في سياق إعادة ترتيب الخارطة الإقليمية.

    7. من المعروف أن إسرائيل تنفذ أجندتها وتحركاتها وتمارس أنشطتها في مختلف الدول من خلال واجهات متعددة إضافةً إلى شركاتها المعروفة، ومنالشركات الاسرائيلية التي تنشط فى اثيوبيا نجد شركة (الدا) التجارية التي تختص ببيع الالات الزراعية ومعدات الرى والبزور وتربية الدواجن والمبيدات ومستحضرات الطب البيطري ، وشركة (اسيا) للمواد الكيماوية والصيدلانية التي تقوم بتصنيع الادوية والمضادات الحيوية والمبيدات والموادة الزراعية وقد أسست الشركة مصنعاً للمواد الطبية فى اثيوبيا . وشركة (تاجى) التي يمتلك كبار الاحباش الذين كانت تربطهم صلات قربى مع الامبراطور هيلاسلاسى جزاء من اسهمها بينما الغالبية لراس المال لاسرائيل ، وقامت باستغلال 20 ألف هكتار من منطقة مصوع واسمرا وتقوم بمشروعات زراعية تعتمد على سحب المياه من بحيرة فكتوريا للتاثير على منابع النيل . وشركة أنكور وتمتلك 50 ألف هكتار من الاراضى الزراعية حيث اقامت فيها عدة مزارع لزراعة القطن والحبوب وتربية الماشية وهذه الاراضى فى ارتريا وترويها الشركة من نهر فارس على الحدود السودانية حيث يروى السودان أراضيه من هذا النهر وتمتلك 30ألف هكتار فى منطقة ريمنت لزراعة الخضروات والمحاصيل . إضافةً إلى شركة ميكرون التي تقوم بتطوير مصادر المياه وساهمت فى بناء خزانات بحيرة تانا .

    8. هدفت إسرائيل إلى الاستفادة من الموقع الاستراتيجى لاثيوبيا فى مجال الاستخبارات وصناعة الأسلحة والدفاع عن المصالح والمواقع الغربية، خصوصاً الأميركية، وبالتالي ضرب المصالح العربية وإضعاف نفوذ العرب في تلك القارة، ومن أهداف إسرائيل الأمنيّة ما يلي:-

    (أ‌) إيجاد قنوات التعاون وتبادل المعلومات بين الموساد وأجهزة الاستخبارات الأثيوبية ، وإقامة مراكز اتصال وجمع المعلومات تخصّ الموساد في ما يتعلّق بنشاطات قوى التحرير الأفريقية والعربية.

    (ب‌) القيام بالأعمال القذرة لمصلحة أميركا، وتقديم الدعم العسكري لعملائها من منظّمات وأنظمة حكم ديكتاتورية يصعب على الحكومة الأميركية مساعدتها بصورة مباشرة ومكشوفة.

    (ت‌) المساهمة في زيادة وتيرة عدم الاستقرار السياسي، وتشجيع الحركات الانفصالية وضرب التوجّهات الوحدوية لمنظّمة الاتحادالأفريقي.

    (ث‌) المساهمة في الجهود الرامية لإبقاء القارّة الأفريقية ضمن مناطق النفوذ الأميركية، وتأمين خضوع مواردها وثرواتها للرأسمالية العالمية.

    (ج‌) نسف أسس ومقوّمات التضامن العربي الأفريقي، وبالتالي حرمان العرب من أفريقيا كعمق استراتيجي واقتصادي وأمني لمصلحتهم.

    9. تحاول إسرائيل أن تدخل لتلعب فى قضية المياه فى الجنوب مثلما تفعل فى باقي دول حوض النيل. وقد اتضح ذلك بصورة بارزة خلال الجولة الإفريقية التي قام بها وزير الخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان فى سبتمبر 2009 والتي شملت إثيوبيا وكينيا وأنجولا ونيجيريا وأوغندا "يومي 9 و10 سبتمبر"، تلك الجولة التي تعد الأولى لوزير إسرائيلي لأوغندا، وقد رافقه مسئولون أمنيون ومخابراتيون، وكذلك 20 من رجال الأعمال وممثلي الشركات الإسرائيلية. وقد زار الوفد الأمني الإسرائيلي المرافق للوزير معسكر لتدريب كوادر عسكرية من العدل والمساواة فى الشمال الغربي على الحدود مع الكونغو الديمقراطية، وخلال الزيارة قام الجانب الإسرائيلي بطلب دعم أوغندا فى مجلس الأمن لفرض عقوبات على إيران بسبب الملف النووي الإيراني، ومحاولة تطويق دورها الإفريقي والدولي، وقد تم التوقيع خلال الزيارة على (aidmemoir) بين الجانبين فى مجال المياه.

    10. يمتد التعاون بين كمبالا وتل أبيب إلى الجانب الزراعي والمائي، حيث قام وفد من شركة المياه والري الإسرائيلية بزيارة أوغندا فى الفترة من 2 إلى 9 سبتمبر 2009، بهدف تنمية ووضع خطة لنظم الري فى أوغندا، لتقليل الاعتماد على مياه الأمطار فى تلك المناطق، وبهدف رفع الإنتاجية الزراعية وتفادي موجات الجفاف، وذلك رداً على زيارة وزيرة المياه والبيئة الأوغندية لإسرائيل فى يوليو 2009، وشملت الزيارة بعض الزيارات الميدانية لكل من إقليم كاراموجا ومنطقة راكاى فى الغرب، وسد نهر كيبالي وكذلك عدد من المزارع من ضمنها مزرعة وزارة الدفاع الأوغندية، وتقدم إسرائيل الدعم لأوغندا فى مجال الزراعة، حيث قامت بإرسال بعض المزارعين الأوغنديين المحليين إلى إسرائيل ليتبنوا أساليب زراعية تساعد على زيادة إنتاج الغذاء فى أوغندا، ولتعلم الطرق الحديثة للزراعة، وقد وعدت إسرائيل بالعمل على برنامج زراعى خاص فى منطقة الـ(karamoja)، وهى منطقة القبائل الرعوية بشمال شرق أوغندا، هذا إضافةً إلى المساهمات الاسرائيلية في مجال الطرق وغيرها من النماذج المتعلقة بالتعاون الإسرائيلي الأوغندي الذى مكّن إسرائيل من الدخول بقوة إلى الجنوب السوداني عبر خبرائها في مختلف المجالات، مع الاستفادة القصوى من الروابط القبلية والسياسية القوية بين قيادات جنوب السودان وأوغندا.

    11. بناءً على ما تقدم فإن العلاقات الإسرائيلية – الإفريقية هدفت :-

    • كسر جدار العزلة والحصار السياسى والإقتصادى الذى ضربته الدول العربية والإسلامية حول إسرائيل .

    • كسب المزيد من الأصوات فى المحافل الدولية .

    • تأمين مجال حيوى واسع للتحرك وإيجاد عمق أمني إستراتيجي.

    • تأمين أسواق قريبة ومصادر للمواد الخــام .

    • فتح الأسواق الأفريقية أمام المنتجات الإسرائيلية والاستثمارات اليهودية من ناحية، والحصول على المواد الأوّلية وعناصر الطاقة من تلك القارّة من ناحية أخرى، وبالتالي تحقيق ربط اقتصادات بعض الدول الأفريقية برباط من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي، وفي هذا المجال يمكن ملاحظة ما يلي:-

     زيادة الصادرات الإسرائيلية إلى الخارج، وبالتالي زيادة الدخل من العملات الصعبة وتقليل حجم العجز في الميزان التجاري.

     فتح الأسواق الأفريقية أمام التكنولوجيا الإسرائيلية، خصوصاً منتجات صناعات الأسلحة الإسرائيلية، مما يتيح توفير إمكانيات أفضل لاستمرار تلك الصناعات وتطويرها وخفض تكلفة إنتاجها، مع تزايد النفوذ الإسرائيلي المنوط بالاتّـجار بها.

     الحصول على ما تحتاجه الصناعة الإسرائيلية من المواد الخام من أفريقيا وخاصة اثيوبيا ، ولا سيما المعادن النفيسة والمعادن الاستراتيجية، مثل اليورانيوم وخامات الذهب والنحاس بالاضافة إلى النفط والماس.

     استغلال الفرص الاستثمارية، ولا سيما في مجال التعدين والصناعة.

     كشف مدى العجز العربي عن تقديم المعونات الفنّيّة وإمداد القارة الأفريقية بحاجاتها من البضائع الاستهلاكية المصنّعة وسواها.
جاري التحميل ..
X