قلها أعدوا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
إن من الأمر المحزن الذي فشا في أمة الإسلام وأبنائها أنه إذا أتت سيرة الجهاد في سبيل الله ترى التهاون بهذه الفريضة العظيمة وترى بعض أبناء هذه الأمة كل يبرر قعوده عن هذه الفريضة وكأنه تساهل بسنة من السنن التي لا يأثم تاركها وقد قال عليه الصلاة والسلام (من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق) رواه مسلم وفي هذا الحديث العظيم دلالة واضحة على إثم من ترك الجهاد قادرا ولم يحصر ذلك على أنه لم يجاهد بل قال ولم يحدث نفسه بغزو أي ما شغل هذا الفرض باله ولم يفكر فيه , ويقول البعض إن الأمة الآن في حالة ضعف ولا نستطيع الجهاد , فلو فرضنا أن كلامه صحيحا وقوله واقع سلمنا أن الأمة في حال ضعف ولا تستطيع إقامة هذه الفريضة وهي تريدها وتريد إقامتها فإن صدقت في ذلك فأين الإعداد له؟ وقد قال تعالى (و لو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ) فأين الإعداد يابني الإسلام وأين ما يثبت صدق عزيمتكم على الخروج للجهاد ألا وهو ( الإعداد ) وإني أخشى أن يكون قول الله تعالى فينا بتركنا الإعداد (و لو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين) فهلا أمة الإسلام أعددنا العدة ليوم عزتنا وليوم نرجع أقوياء بعد ضعفنا ً وهلا أنشئت مدارس ومراكز لإعداد أبناء الأمة ؟ أم أن المدارس والمراكز لا تنشأ إلا للمثبطين والمنهزمين لأعداء الدين ؟
ولتلعم يا أخ الإسلام أننا ما لم نبدأ بالإعداد والتجهيز لتلك المرحلة التي ننصر بإقامتها فإننا سنبقى في هواننا وذلنا وانهزامنا في ظلمات تائهون لا تنزع هذه الظلمة عنا حتى نعود لديننا , ولتعلم يا أخ الإسلام أن الإعداد للجهاد لا يكون فقط إعداداً عسكرياً أو عدة حربية بل إن الإعدداد والاستعداد يجب أن يكون شاملاً وكاملاً لكل مقومات النصر والتمكين وكل المقومات التي تبعث الهيبة في نفوس أعدائنا منا و والإعداد له أنواع عدة كل ما أخذ بها المؤمن وقوى نفسه فيها كان المسلمون فيها إلى النصر أقرب وهي على النحو التالي:
الإعداد العقائدي والديني .
الإعداد الروحي والنفسي .
الإعداد السياسي .
الإعداد البدني و العسكري .
ونأخذ كل منها على حدة فنبدأ بالحديث عن الإعداد العقائدي :
فيعلم المرء المسلم أن جهاده لأعداء الدين وقتاله للكافرين ليس من أجل وطنه وأرضه وعرضه فحسب بل يكون الهدف الأساسي من جهاده أن تكون كلمة الله هي العليا , فكم قاتلت جماعة وفرقة من أجل وطنية أو حمية وعصبية وكم أحرزت من انتصارات لكن غالباً ما تنقلب هذه الانتصارات إلى هزائم و خسارات والسبب أن رجالها لم يكن الدين دافعهم ولم يكن لأجله قتالهم فكانت دعامة نصرهم ركيكة هزيلة فسهل على العدو اختراق صفوفهم وتشتيت وحدتهم , في حين ترى ألائك الذين يقاتلون دفاعاً عن أرض الإسلام من منطلق عقدي وإن طالت بهم سوء الحال من خذلان أهلهم وتكالب أعدائهم عليهم إلا أنهم حققوا انتصارات عظيمة وفتحوا الأمصار وانتشرت دعوتهم , وقد كانت هذه حال الرسل وأتباعهم وقد قال تعالى عنهم ) حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ) فلما ضاق بهم الأمر ولجأوا لله الذي وعدهم بنصره أتهام النصر على عكس الذين يقاتلون لأجل الحمية الجاهلية والعصبية القلية فإنهم إذا توالت هزائمهم تراهم سلموا أمرهم لعدوهم وما ازدادوا إلا ذلة ومهانة .
ومن هنا يا أخ التوحيد نعلم أن الإعداد العقائدي أهم من جميع الإعداد ولذلك جعل أوله لأن المرء لن تنفعه أسلحته وجنوده دون عقيدة يحملها ويقاتل من أجلها فالله الله بالإعداد للجهاد بتعلم الدين الصحيح والعقيدة الصحيحة التي أتتنا من شرع ربنا عز وجل وهدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
ثانيا الإعداد الروحي والنفسي:
و هذا الإعداد جزء كبير منه داخل في الإعداد العقائدي ومرتبط به وفي هذا الجانب يجب أن يكون المؤمن جامعاً للخصال الحسنة والمهمة للمجاهد من عزيمة وإصرار وشهامة وشجاعة من الأمور النفسية وقبل ذلك كله أن يكون المرء يملك أن يقاوم أوامر نفسه الأمارة بالسوء فحتى يتسنى له القدرة على الجهاد لا بد من أن يحقق انتصاره على نفسه بإبعادها عن المعاصي والمحرمات وإجبارها على الطاعات وكما عليه أن يبعد نفسه عن كل الملاهي وكل وسائل الترف والراحة التي هي المثبط الأول عن الجهاد والتفكير فيه ومنها ( حب النوم والطعام وشغل النفس باللعب واللهو ووحب الدعة والراحة، والركون إلى الدنيا، وضعف الصلة بالله تعالى ) وكل ذلك يبعد نفسه عن التفكير بالجهاد وإن فكر فإن تفكيره لن يكون بجدية مع وجود هذه الأمور عنده , ولربما كان الابتعاد عن اهواء النفس في البداية صعباً لكن مع الإيمان والعزيمة تزول تلك المصاعب التي تواجهه وتتعود نفسه على مايرضي الله فيسهل عليه أن يحركها إلى الإعداد الروحي للجهاد و يبدأ الإعداد الروحي بحمل " همّ الجهاد " , حتى تكون النفس معدّة للجهاد في أي فرصة ، لكن تحمل همّ الجهاد وحده لا يكفي , ويجب أن يتحول هنا الهمّ إلى عمل ، فامتلاك روح المبادرة من الصفات المهمة الواجب وجودها عند المجاهد , وتتبعها صفة الصبر التي يجب تنميتها , لأن الجهاد يعني بذل الجهد , وبذل الجهد يحتاج إلى القدرة على التحمل والصبر ، ولذلك يقول الله عزّ وجلّ : { يا أيها النبي حرّض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين(
كما من الأمور المهمة في الإعداد الروحي للجهاد هو تدريب النفس على الشجاعة والمواجهة والصراحة كما يقويها على الحزم والثبات على الطاعات وإعداد النفس على تقوى الله وخوف عقابه قال عمر رضي الله عنه لسعد بن أبي وقاص في غزوه للفرس ("فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو وإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم؛ وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة؛ لأن عددنا ليس كعددهم، ولا عدتنا كعدتهم، فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة"•.
ثالثاً : الإعداد السياسي :
إن هذا الإعداد تكمن أهميته قبل بدا المعركة وتأتي أهميته بعد الإعداد العقائدي والنفسي فإن المرء لا يستطيع قتال أناس يجهلهم وقد قيل " إن المؤمن العارف بأهل زمانه لا تهجم عليه اللوابس " ومن هذا المنطلق يجب على المسلم أن يعد نفسه بأن يعرف عدوه معرفة تامة فيدرس تاريخهم وأرضهم ويتعلم لغتهم وقد ورد في الأثر ( من تعلم لغة قوم أمن مكرهم ) وها ليس بحديث لكنها مقولة صحيحة حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بتعلم لغة اليهود في المدينة حتى يتسنى للصحابة معرفة خدعهم والحذر من غدرهم , كما على المؤمن أن يتعرف على نقاط قوة وضعف عدوه مما يسهل عليه مجابهتهم وقتالهم كما تكمن أهمية هذا الإعداد بأن الله تعالى أمر المؤمنين بأن يأخذوا حذرهم من أعدائهم حتى يتسنى لهم صد الضربات المباغتة للعدو واستطاعة رد عدوانهم متى حاولوا ذلك وبهذا الغعداد يأمن المسلمين مكر أعدائهم كما يأمنوا من النوائب المختلفة والأغوال المفاجئة .
رابعاً الإعداد الجسدي والعسكري :
وهذا الإعداد هو الإعداد الأخير للمؤمن وبعده يتمكن المؤمن من مواجهة عدوه وقتاله في أي وقت وأي حين قال تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}. وورد في تفسير هذه الآية حديث عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: «{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي.
نعم يا أخ الإسلام إن الإعداد للجهاد لا يكتمل من غير تدريب وتجهيز وتقوية للبدن فكيف يقاتل رجل هزيل الجسد ضعيف البنية جنوداً مدججين بالسلاح وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بتقوية أجسادهم وبنيتهم فكان يقول ؛ ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير) فإعداد البدن للمؤمن أمر مهم لإرهاب أعداء الإسلام وإن قوى المؤمن بدنه وجسده تسنى له أن يعد نفسه عسكريا ويحمل السلاح في لحظة إعلان الجهاد ومن الإعداد الجسدي ما يلي :
ان يحافظ على جسده سليماً من ما قد يسبب إعاقة جهاده ومنه تجنب الأمور التي تسمن الجسد مما يؤدي لخموله وعدم تحمله المصاعب كما يدرب جسده على الأعمال الشاقة والصبر عليها مما يساعده في الجهاد على الصبر على المشاق والآلام والجروح كما عليه أن يدرب جسده بأن يبعده عن ما يوتر أعصابه وأن يبقي جسده متماسكا ثابتا في الأمور التي تبعث بالتوتر
ثم يأتي بعده الإعداد العسكري :
وهذا الإعداد مهم للقاء العدو فعلم المؤمن كيفية التعامل مع السلاح واستخدامه ويتدرب على حمله ويتجهز بكل ما يستطيعه من العدة العسكرية لمواجهة أعداء الإسلام فيتعلم كيفية تصنيع السلاح وتجهيزه مما يفيده في الأزمات حال المواجهة والإعداد العسكري مهم للمؤمنين حيث قال تعالى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الإعداد في حال ضعف المسلمين وعدم تمكنهم من الجهاد : [يجب الاستعداد للجهاد بإعداد القوة ورباط الخيل في وقت سقوطه للعجز، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب].
خاتمة أخ الإسلام اعلم أن أمور الإعداد السابقة كل منها مرتبط بالآخر فواجب علينا أن نعد أنفسنا لغقامة هذه الفريضة المتروكة حتى لا نكتب مع القاعدين بعدم جهادنا وتركنا الغعداد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى ىله وصحبه اجمعين .
أعده : أبو عبد الله اللداوي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
إن من الأمر المحزن الذي فشا في أمة الإسلام وأبنائها أنه إذا أتت سيرة الجهاد في سبيل الله ترى التهاون بهذه الفريضة العظيمة وترى بعض أبناء هذه الأمة كل يبرر قعوده عن هذه الفريضة وكأنه تساهل بسنة من السنن التي لا يأثم تاركها وقد قال عليه الصلاة والسلام (من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق) رواه مسلم وفي هذا الحديث العظيم دلالة واضحة على إثم من ترك الجهاد قادرا ولم يحصر ذلك على أنه لم يجاهد بل قال ولم يحدث نفسه بغزو أي ما شغل هذا الفرض باله ولم يفكر فيه , ويقول البعض إن الأمة الآن في حالة ضعف ولا نستطيع الجهاد , فلو فرضنا أن كلامه صحيحا وقوله واقع سلمنا أن الأمة في حال ضعف ولا تستطيع إقامة هذه الفريضة وهي تريدها وتريد إقامتها فإن صدقت في ذلك فأين الإعداد له؟ وقد قال تعالى (و لو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ) فأين الإعداد يابني الإسلام وأين ما يثبت صدق عزيمتكم على الخروج للجهاد ألا وهو ( الإعداد ) وإني أخشى أن يكون قول الله تعالى فينا بتركنا الإعداد (و لو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين) فهلا أمة الإسلام أعددنا العدة ليوم عزتنا وليوم نرجع أقوياء بعد ضعفنا ً وهلا أنشئت مدارس ومراكز لإعداد أبناء الأمة ؟ أم أن المدارس والمراكز لا تنشأ إلا للمثبطين والمنهزمين لأعداء الدين ؟
ولتلعم يا أخ الإسلام أننا ما لم نبدأ بالإعداد والتجهيز لتلك المرحلة التي ننصر بإقامتها فإننا سنبقى في هواننا وذلنا وانهزامنا في ظلمات تائهون لا تنزع هذه الظلمة عنا حتى نعود لديننا , ولتعلم يا أخ الإسلام أن الإعداد للجهاد لا يكون فقط إعداداً عسكرياً أو عدة حربية بل إن الإعدداد والاستعداد يجب أن يكون شاملاً وكاملاً لكل مقومات النصر والتمكين وكل المقومات التي تبعث الهيبة في نفوس أعدائنا منا و والإعداد له أنواع عدة كل ما أخذ بها المؤمن وقوى نفسه فيها كان المسلمون فيها إلى النصر أقرب وهي على النحو التالي:
الإعداد العقائدي والديني .
الإعداد الروحي والنفسي .
الإعداد السياسي .
الإعداد البدني و العسكري .
ونأخذ كل منها على حدة فنبدأ بالحديث عن الإعداد العقائدي :
فيعلم المرء المسلم أن جهاده لأعداء الدين وقتاله للكافرين ليس من أجل وطنه وأرضه وعرضه فحسب بل يكون الهدف الأساسي من جهاده أن تكون كلمة الله هي العليا , فكم قاتلت جماعة وفرقة من أجل وطنية أو حمية وعصبية وكم أحرزت من انتصارات لكن غالباً ما تنقلب هذه الانتصارات إلى هزائم و خسارات والسبب أن رجالها لم يكن الدين دافعهم ولم يكن لأجله قتالهم فكانت دعامة نصرهم ركيكة هزيلة فسهل على العدو اختراق صفوفهم وتشتيت وحدتهم , في حين ترى ألائك الذين يقاتلون دفاعاً عن أرض الإسلام من منطلق عقدي وإن طالت بهم سوء الحال من خذلان أهلهم وتكالب أعدائهم عليهم إلا أنهم حققوا انتصارات عظيمة وفتحوا الأمصار وانتشرت دعوتهم , وقد كانت هذه حال الرسل وأتباعهم وقد قال تعالى عنهم ) حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ) فلما ضاق بهم الأمر ولجأوا لله الذي وعدهم بنصره أتهام النصر على عكس الذين يقاتلون لأجل الحمية الجاهلية والعصبية القلية فإنهم إذا توالت هزائمهم تراهم سلموا أمرهم لعدوهم وما ازدادوا إلا ذلة ومهانة .
ومن هنا يا أخ التوحيد نعلم أن الإعداد العقائدي أهم من جميع الإعداد ولذلك جعل أوله لأن المرء لن تنفعه أسلحته وجنوده دون عقيدة يحملها ويقاتل من أجلها فالله الله بالإعداد للجهاد بتعلم الدين الصحيح والعقيدة الصحيحة التي أتتنا من شرع ربنا عز وجل وهدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
ثانيا الإعداد الروحي والنفسي:
و هذا الإعداد جزء كبير منه داخل في الإعداد العقائدي ومرتبط به وفي هذا الجانب يجب أن يكون المؤمن جامعاً للخصال الحسنة والمهمة للمجاهد من عزيمة وإصرار وشهامة وشجاعة من الأمور النفسية وقبل ذلك كله أن يكون المرء يملك أن يقاوم أوامر نفسه الأمارة بالسوء فحتى يتسنى له القدرة على الجهاد لا بد من أن يحقق انتصاره على نفسه بإبعادها عن المعاصي والمحرمات وإجبارها على الطاعات وكما عليه أن يبعد نفسه عن كل الملاهي وكل وسائل الترف والراحة التي هي المثبط الأول عن الجهاد والتفكير فيه ومنها ( حب النوم والطعام وشغل النفس باللعب واللهو ووحب الدعة والراحة، والركون إلى الدنيا، وضعف الصلة بالله تعالى ) وكل ذلك يبعد نفسه عن التفكير بالجهاد وإن فكر فإن تفكيره لن يكون بجدية مع وجود هذه الأمور عنده , ولربما كان الابتعاد عن اهواء النفس في البداية صعباً لكن مع الإيمان والعزيمة تزول تلك المصاعب التي تواجهه وتتعود نفسه على مايرضي الله فيسهل عليه أن يحركها إلى الإعداد الروحي للجهاد و يبدأ الإعداد الروحي بحمل " همّ الجهاد " , حتى تكون النفس معدّة للجهاد في أي فرصة ، لكن تحمل همّ الجهاد وحده لا يكفي , ويجب أن يتحول هنا الهمّ إلى عمل ، فامتلاك روح المبادرة من الصفات المهمة الواجب وجودها عند المجاهد , وتتبعها صفة الصبر التي يجب تنميتها , لأن الجهاد يعني بذل الجهد , وبذل الجهد يحتاج إلى القدرة على التحمل والصبر ، ولذلك يقول الله عزّ وجلّ : { يا أيها النبي حرّض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين(
كما من الأمور المهمة في الإعداد الروحي للجهاد هو تدريب النفس على الشجاعة والمواجهة والصراحة كما يقويها على الحزم والثبات على الطاعات وإعداد النفس على تقوى الله وخوف عقابه قال عمر رضي الله عنه لسعد بن أبي وقاص في غزوه للفرس ("فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو وإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم؛ وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة؛ لأن عددنا ليس كعددهم، ولا عدتنا كعدتهم، فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة"•.
ثالثاً : الإعداد السياسي :
إن هذا الإعداد تكمن أهميته قبل بدا المعركة وتأتي أهميته بعد الإعداد العقائدي والنفسي فإن المرء لا يستطيع قتال أناس يجهلهم وقد قيل " إن المؤمن العارف بأهل زمانه لا تهجم عليه اللوابس " ومن هذا المنطلق يجب على المسلم أن يعد نفسه بأن يعرف عدوه معرفة تامة فيدرس تاريخهم وأرضهم ويتعلم لغتهم وقد ورد في الأثر ( من تعلم لغة قوم أمن مكرهم ) وها ليس بحديث لكنها مقولة صحيحة حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بتعلم لغة اليهود في المدينة حتى يتسنى للصحابة معرفة خدعهم والحذر من غدرهم , كما على المؤمن أن يتعرف على نقاط قوة وضعف عدوه مما يسهل عليه مجابهتهم وقتالهم كما تكمن أهمية هذا الإعداد بأن الله تعالى أمر المؤمنين بأن يأخذوا حذرهم من أعدائهم حتى يتسنى لهم صد الضربات المباغتة للعدو واستطاعة رد عدوانهم متى حاولوا ذلك وبهذا الغعداد يأمن المسلمين مكر أعدائهم كما يأمنوا من النوائب المختلفة والأغوال المفاجئة .
رابعاً الإعداد الجسدي والعسكري :
وهذا الإعداد هو الإعداد الأخير للمؤمن وبعده يتمكن المؤمن من مواجهة عدوه وقتاله في أي وقت وأي حين قال تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}. وورد في تفسير هذه الآية حديث عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: «{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي.
نعم يا أخ الإسلام إن الإعداد للجهاد لا يكتمل من غير تدريب وتجهيز وتقوية للبدن فكيف يقاتل رجل هزيل الجسد ضعيف البنية جنوداً مدججين بالسلاح وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بتقوية أجسادهم وبنيتهم فكان يقول ؛ ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير) فإعداد البدن للمؤمن أمر مهم لإرهاب أعداء الإسلام وإن قوى المؤمن بدنه وجسده تسنى له أن يعد نفسه عسكريا ويحمل السلاح في لحظة إعلان الجهاد ومن الإعداد الجسدي ما يلي :
ان يحافظ على جسده سليماً من ما قد يسبب إعاقة جهاده ومنه تجنب الأمور التي تسمن الجسد مما يؤدي لخموله وعدم تحمله المصاعب كما يدرب جسده على الأعمال الشاقة والصبر عليها مما يساعده في الجهاد على الصبر على المشاق والآلام والجروح كما عليه أن يدرب جسده بأن يبعده عن ما يوتر أعصابه وأن يبقي جسده متماسكا ثابتا في الأمور التي تبعث بالتوتر
ثم يأتي بعده الإعداد العسكري :
وهذا الإعداد مهم للقاء العدو فعلم المؤمن كيفية التعامل مع السلاح واستخدامه ويتدرب على حمله ويتجهز بكل ما يستطيعه من العدة العسكرية لمواجهة أعداء الإسلام فيتعلم كيفية تصنيع السلاح وتجهيزه مما يفيده في الأزمات حال المواجهة والإعداد العسكري مهم للمؤمنين حيث قال تعالى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الإعداد في حال ضعف المسلمين وعدم تمكنهم من الجهاد : [يجب الاستعداد للجهاد بإعداد القوة ورباط الخيل في وقت سقوطه للعجز، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب].
خاتمة أخ الإسلام اعلم أن أمور الإعداد السابقة كل منها مرتبط بالآخر فواجب علينا أن نعد أنفسنا لغقامة هذه الفريضة المتروكة حتى لا نكتب مع القاعدين بعدم جهادنا وتركنا الغعداد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى ىله وصحبه اجمعين .
أعده : أبو عبد الله اللداوي