إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مصر إذ تدفع الثمن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مصر إذ تدفع الثمن

    مصر إذ تدفع الثمن
    بقلم: أ. يوسف حمدان

    مرحلة المخاض العسير التي تعيشها مصر هذه الساعات بكل ما فيها من ألم ودماء، هي بمثابة الثمن الذي لابد أن تدفعه من أجل ولادة حريتها وكرامتها وانعتاقها، فمصر في الوزن الإقليمي للمنطقة ثقيلة وغالية ومؤثرة جداً، يدرك الجميع ذلك، العدو والصديق، النظام الزائل عما قريب والشعب الثائر، إن الأبعاد السياسية لما سيجري في مرحلة ما بعد (مبارك) لن تنحصر في حدود مصر ولن تتجاوز أحداً في المنطقة، فأوراق اللعبة جميعها ستختلف وربما ستتطاير، ولا يستطيع أحد من موازين القوى العالمية الفاعلة أن يتخيل شكل المشهد القادم خصوصاً في علاقة الجوار بالطفل المدلل (إسرائيل).

    ولكن ورغم قلق المجتمع الدولي وخوفه على أمن واستقرار (إسرائيل)، فإنه لا يستطيع أن يتجاهل هذا الغضب الشعبي والإرادة العارمة لهذه الجموع المطالبة بالتغيير، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن استمرار الوضع على هذا الحال يفسد على المجتمع الدولي فرصة التدخل واختيار شكل مصر ما بعد مبارك، واستدراك ما يمكن استدراكه بفرض سيناريوهات وشخصيات تضمن عدم تهديد محور الاعتدال في المنطقة.

    إذاً فالمجتمع الدولي حينما يضغط على مبارك بهذه القوة وهذا الوضوح غير المسبوق، فهو يحفظ لنفسه فرصة للمشاركة في صناعة شكل النظام القادم قبل أن ينفرط العقد وتخرج الأمور عن السيطرة وتصل إلى مرحلة اللاعودة، التي يفرض معها الشعب من يختاره لحكمه ويا لهول الخطب لو كان هذا الجديد ممن يقول "لا" لأسياد العالم.

    ولكن يبدو أنه ليس سهلاً على هذا النظام البتة، أن يغادر من أول صيحة، لقد غرس هذا النظام لنفسه جذوراً عميقة في خيرات مصر وأسس لنفسه مصالح خاصة يصعب عليه تخيل إمكانية تركها وراء ظهره، إذا هو لا يتمسك بكرسيه فحسب حتى الرمق الأخير، بل هو يتشبث بسبب وجوده وترياق حياته في هذا العصر، لذلك لا عجب ما يفعله النظام من تجاهل لكل نداءات الدنيا بالرحيل من جهة، ولا مشكلة لديه في سبيل ذلك أن يستخدم أبشع أنواع البطش والقوة والتحايل والبلطجة من جهة أخرى، إذا هو يستنفذ كل ما لديه من وسائل وخطط ومأجورين حتى الرمق الأخير.

    ومما يزيد الأمر تعقيداً الذاتية و"الأنا" العالية جداً التي نلمسها في خطابات (مبارك)، والعناد الكافر الذي يمارسه، رغم تخلي جميع حلفائه عنه، فهو يدرك تماماً ما قالته له الإدارة الأمريكية الحليفة بضرورة تدويل السلطة الآن الآن وليس غداً، ولكنه مع ذلك يعاند ويراوغ ولن يتردد في المغامرة بإراقة الدماء وإزهاق الأرواح، ويكأن القدر يسحب الأحداث نحو نهاية صعبة لهذا النظام، وأن خروجاً مشرفاً آمناً لن يحظى به من تمادى في ظلمه وقهره، وسيُملَى لهؤلاء الظلمة حتى تقر أعين المظلومين برؤيتهم يُسحلون في ميدان الحرية، ولكن متى؟ وكم من الدماء ستسيل ثمناً لذلك.
جاري التحميل ..