إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يوميات امراة فوق الريح

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يوميات امراة فوق الريح

    يوميات صحفية من منازلهم(1)

    "بيتي مقر عملي".. مفهوم جديد لعمل المرأة

    126162



    أمل خيري

    قبل عدة أشهر اتصلت بي معدة برامج بالتليفزيون المصري تطلب إجراء مقابلة معي لعرضها في برنامج "طعم البيوت" بالقناة الأولى، لم أكن أعلم بوجود مثل هذا البرنامج بالتليفزيون، فأنا لا أشاهد القناة الأولى أصلا، وعندما سألتها عن سبب المقابلة ذكرت أنها تود عرض تجربتي في العمل من خلال المنزل على النساء ليستفدن منها، اعتذرت وقتها لظروف صحية في هذه الفترة، وحتى ذلك الحين لم أكن أشعر أن تجربتي تستحق أن تعرض، ولكن اتصالا آخر من صحفية تقوم بعمل تحقيقات حاولت إجراء حوار معي عن نفس التجربة شجعني على التفكير مليا في الأمر، ومحاولة دراسة التجربة التي يشاركني فيها –بالتأكيد- الكثير من النساء.



    بيتي مقر عملي

    اهتمامي بقضية عمل المرأة من المنزل بدأ منذ عدة أعوام حين كتبت عن تجربة رائدة من بنجلاديش كانت بعنوان(" بيتي مقر عملي" قصة نجاح لنساء من بنجلاديش)، ولكني لم أقم بنشر هذه الدراسة إلا قبل عامين لأفاجأ بعدها بعدد هائل من الرسائل التي تثني على هذه التجربة، وأمنيات كثيرة بتكرارها في عالمنا العربي، إلا أن هذه التجربة نفسها لم تجد صدى لدى بعض المتعلمات الحاصلات على مؤهلات عليا، باعتبار أن هذه التجربة تلائم العاملات اليدويات، خاصة أن النماذج الشبيهة لدينا في الدول العربية تكاد تقتصر على سيدات يعملن في الحياكة: الأشغال اليدوية، والتشكيلات الفنية، وحتى عندما توسعت التجارب دخل فيها سيدات يعملن بمساعدة الموظفات في تقشير الخضروات وتنظيفها وإعداد الصلصات والمربات، أو إعداد وجبات جاهزة أو نصف جاهزة أو خدمة توصيل المشتريات للمنازل أو ترويج مستحضرات التجميل بين المعارف والأصدقاء، ... إلخ.

    أي أن ما يجمع بين كل هذه الأعمال أنها تعتمد على اليدين، والمجهود البدني، وتفتقر للمجهود العقلي، ويمكن أن تمارسها المتعلمة، وكذلك التي لم تنل حظا من التعليم.

    ثقافة التهميش

    كنت في زيارة لطبيب العيون لإجراء فحوصات فسألني الطبيب إن كنت أعمل أم لا؟ فأجبته بأني أعمل من المنزل، فعقد ما بين حاجبيه، وقال تقومين بالحياكة والتطريز إذن –قالها هكذا بصيغة الجزم- فصححت له المعلومة قائلة بل صحفية وباحثة، فرفع حاجبيه دهشة وبدا كأنه غير مصدق أو مستنكر.

    هذا الموقف تكرر كثيرا ليس بالنسبة لي فقط، بل لكثير من زميلاتي، فما إن تذكر إحداهن أنها تعمل من البيت حتى يتبادر لذهن المستمع أنها تعمل في الحياكة أو التطريز، أو ربما طاهية للوجبات الجاهزة.

    وفي المقابل ما إن تحدثت مع أحد من الدول الغربية أو حتى من دول شرق آسيا، وذكرت حقيقة أني أعمل من البيت حتى يكون السؤال: مترجمة أم كاتبة؟

    ربما يعكس هذا التباين اختلافا في الثقافات والقناعات الفكرية والميراث التاريخي، كما أنه يوضح مقدار التهميش والتسطيح لدور المرأة العربية في ثقافتنا وفي مجتمعنا، فالمرأة لدينا إما أمية لا تقرأ ولا تكتب، أو تلقت قدرا من التعليم، ولكنها تقبع في بيتها بلا عمل كسولة خاملة غير منتجة، أو متعلمة عاملة تقضي في عملها ما لا يقل عن ثماني ساعات خارج البيت، ولا يوجد وسط بين الحالتين، بينما خارج الوطن العربي تنتشر نماذج كثيرة متعددة لعمل المرأة اعتاد عليها المجتمع، فهناك العمل بدوام كامل، والعمل لجزء من الوقت، والعمل بالقطعة أو بالمهمة، وكثيرا ما نرى زوجات وأمهات يعملن من خلال بيوتهن في مجال الأبحاث أو الكتابة، أو تصميم مواقع الإنترنت، أو التدريب من خلال الإنترنت بل وحتى التسويق.

    تنميط الوظيفة

    الأمر لدينا هنا لا يقتصر على هذه النظرة القاصرة لعمل المرأة، واقتران فكرة عمل المرأة بنمط غربي مستورد يتضمن خروجها من البيت والعمل في مؤسسة أو شركة أو مصنع بدوام كامل، بل يمتد لثقافة أكثر شمولا تزدري دور المرأة في بيتها، ساهم في تأصيلها الإعلام بوسائله المختلفة من إذاعة وتليفزيون وصحف، فقد روجت المسلسلات والأفلام خلال أكثر من نصف قرن لنمط المرأة العاملة المنتجة مقابل ربة البيت المستهلكة، فكانت النتيجة الحتمية أن المجتمع بات ينظر للمرأة التي تفرغت لبيتها وأولادها على أنها طاقة معطلة في المجتمع، فوقتها مهدر، ودراستها ضاعت هباء، وعقلها قد توقف عن التفكير، وهي عاطفية ترجح العاطفة على العقل، وسطحية الفكر، ويتبع ذلك أن تكون شخصية منزوية غير مواكبة للأحداث، منفصلة عن الواقع لا تدري بتغيرات المجتمع، بينما المرأة العاملة واقعية عصرية مثقفة واسعة الاطلاع تشارك في تنمية ونهضة المجتمع.

    ولكي تكتمل الصورة فلابد للمرأة أن تودع أطفالها منذ ولادتهم إحدى دور الحضانات، أو تجلب لهم خادمة، أو تتركهم في رعاية بعض الأقارب لتعود من عملها منهكة تقضي باقي يومها في إعداد الطعام وترتيب البيت، وغالبا ما تعتمد أسرتها على تناول الوجبات الجاهزة.

    الغريب في الأمر أننا استوردنا هذه الصورة النمطية لعمل المرأة من الغرب، وأغفلنا النماذج الأخرى لعمل المرأة لديهم، وهذه النماذج لا ترتبط بتواجد خارج البيت، ولا بإيداع الأطفال في الحضانات، ولا بشراء الوجبات الجاهزة، بل يكفي أن تخصص إحداهن لنفسها غرفة أو ركنا في البيت وتعد مكتبا، وجهاز كمبيوتر، وخزانات للأوراق والملفات، وكأنه مكتب عمل حقيقي، وحولها أطفالها تتابعهم وتشرف عليهم.

    فتشير تقارير مكتب الإحصاء الأمريكي إلى أنه بحلول عام 1992 بلغ عدد النساء العاملات من خلال المنزل 10 ملايين امرأة، ويشير المركز القومي لتحليل السياسات في الولايات المتحدة إلى أن حوالي 17 مليون امرأة تعمل من المنزل حتى عام 2008.

    ووفق تقرير وكالة الاحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة فإن 3,1 ملايين شخص يعملون من المنزل في عام 2005، يستخدم منهم 2,4 مليون شخص الكمبيوتر والهاتف كوسائط للعمل.

    وذكر تقرير لشبكة العمالة النسائية غير النظامية (WIEGO) أنه على الرغم من عدم وجود إحصاءات دقيقة عن عدد العاملين عن بعد فإن المؤشرات تدل على أن هناك ما يزيد عن 100 مليون شخص في العالم يعملون من منازلهم، تشكل النساء منهم حوالي 80%، وأن أكثر من نصف هذا العدد في جنوب آسيا.

    الحقيقة أن كل هذا شجعني على الشروع في الكتابة حول هذه التجربة، وهذا المفهوم الجديد لعمل المرأة ودورها في تنمية المجتمع، والتي ربما تغير من نظرة المجتمع السلبية تجاه المرأة.
    الأمر يحتاج لدراسة سلبيات وإيجابيات ووسائل وإستراتيجيات وغيرها الكثير للمساهمة في معاونة المرأة العربية الراغبة في العمل من المنزل على تلمس طريقها ووضع قدمها على بداية الطريق الصحيح.

  • #2
    رد : يوميات امراة فوق الريح



    يوميات صحفية من منازلهم (2)

    للباحثات عن عمل: كوني رئيسة نفسك



    أمل خيري
    كثيرا ما رأيت زميلات لي يتصارعن مع الحياة، الجري صباحا إلى دور الحضانة لإيداع الأطفال، فالجري لركوب المواصلات لإدراك العمل، ثم الجري من العمل للحضانة مرة أخرى قبل أن تغلق أبوابها، ثم الجري للسوق لشراء الخضروات ومستلزمات الطعام.

    ولا ينتهي الجري بالوصول إلى المنزل؛ فما زال هناك الجري في أرجاء البيت لإعداد الطعام، وغسل الصحون، ونشر الغسيل، والمذاكرة للأولاد، ثم يأتي يوم الإجازة لا للراحة بل لمزيد من الشقاء من تنظيف للمنزل وشراء للوازم البيت وكي الملابس وزيارات عائلية ومكالمات تليفونية و....


    سمة حياتهن دائما الجري واللهاث، ثم يأتي الليل لتلقي بجسدها على الفراش منهكة القوى تفكر في اليوم التالي: كيف ستواجه رئيسها في العمل؟

    هل ستنجح في تسليم مهامها في الموعد المحدد؟

    هل ستصل عملها في الوقت المطلوب أم ستتأخر عن الموعد؟

    هل سيسمح لها بإذن انصراف مبكر لتذهب بطفلها للطبيب؟

    كيف ستوفق بين متابعتها لمذاكرة الأبناء وبين أعبائها المنزلية؟

    هل سيقدم رئيسها في العمل تقريرا إيجابيا عنها؟

    هل ستحصل على ترقية؟

    متى تعلنين التوقف؟

    هناك بالطبع الكثيرات اللاتي يستطعن التوفيق بين الوظيفة والبيت بأسلوب "سددوا وقاربوا"، فهناك من تقوم بتنظيم وقتها، وتحسن الاستفادة منه، وترتب أولوياتها جيدا، وتعرف متى تقدم مصلحة بيتها وأسرتها على وظيفتها.

    لكن حديثي موجه لكثيرات أخريات لم ينجحن في هذا الأمر، فهناك من جربت الوظيفة وآمنت بمقولة "صاحب بالين كداب"؛ فاستقالت وقررت التفرغ لرعاية أسرتها؛ لأن عملها كان دوما على حساب أسرتها، وهناك من حاولت مرارا وتكرارا التوفيق بين الأمرين لكنها فشلت في ذلك، فلم تجد وظيفة مناسبة يقل دوامها عن ثماني ساعات، وليس لديها من الأقارب من تترك أطفالها في رعايتهم، ولم تجد دور حضانة تفتح أبوابها حتى موعد انتهاء دوامها، فقررت التفرغ للبيت حتى يكبر الصغار ويمكنهم الاعتماد على أنفسهم.

    لكل هؤلاء تأتي فكرة العمل من المنزل لتحل مشكلاتهم، بالطبع هو ليس حلا سحريا، بل تكتنفه العديد من السلبيات والمساوئ، ولكن مزاياه أكبر، وحتى سلبياته يمكن التغلب عليها.

    الفرصة سانحة.. لمن؟

    · الأم الحديثة التي ترغب في التفرغ لرعاية طفلها خلال عاميه الأولين؛ حيث أجمع الخبراء على أهمية هذه الفترة في حياة الأم والطفل، ودورها في تنشئة الطفل نشأة سوية، فلا يعقل أن تهدر هذه الفترة في اللهاث بين الحضانة والعمل، وتترك طفلها الجميل في رعاية خادمة أو مشرفة حضانة، بينما يمكنك الجمع بين رعاية طفلك وبين العمل من المنزل.

    · الزوجة التي يرفض زوجها عملها خارج البيت، فبدلا من أن تقيم الدنيا وتقعدها، وتظل معه في صراع دائم حول رغبتها في العمل ورفضه، يمكنها أن تجمع بين الحسنيين من خلال العمل من البيت فتحافظ على هدوء أسرتها ورغبتها في العمل.

    · الأم التي تعاني من اضطرابات صحية، ولا يمكنها لضعف بنيانها الجمع بين الوظيفة ومشقتها وبين رعاية أسرتها، فكثير من الأيام تقضيها في فراش المرض فتأخذ إجازات متعددة من العمل وفي نفس الوقت لا يتبقى لديها الجهد للقيام بأعباء أسرتها.

    · الفتاة والمرأة التي تعاني من المعاكسات والمضايقات اليومية في المواصلات وفي الطريق، وسئمت من الزحام والضوضاء وانتظار الأتوبيسات وركوب الميكروباصات والاختناق في المترو، فقررت أن تريح نفسها من كل هذه المضايقات، ولكنها في نفس الوقت لديها قدرة على العمل والإنجاز، فتصون كرامتها وتعمل من المنزل.

    · الأم التي تخشى على أبنائها في مرحلة الطفولة المتأخرة والمراهقة من تركهم لساعات طويلة بمفردهم أمام التليفزيون والفضائيات، أو أمام شاشة الكمبيوتر وفي دهاليز الإنترنت، لا تدري ماذا يفعلون ولا تأمن عليهم مما قد يشاهدونه أو يتعرضون له في غيبتها، فتقرر أن مصلحة أبنائها أهم لديها من الوظيفة، فتعمل من المنزل وتظل بجانبهم لا لمراقبتهم والتضييق عليهم، بل لحمايتهم وتوجيههم.

    · الفتاة التي نشأت في أسرة أو بيئة لا تعترف بعمل المرأة بل ربما تُحَّرمه؛ مظنة الاختلاط والاحتكاك بالرجال، وكذلك المنتقبة التي ترغب في العمل، ولكن أبواب الوظائف تغلق في وجهها بسبب نقابها، فيمكنها أن تحترم رغبة أسرتها وتحافظ على حريتها في اختيار ما ترتدي، وفي نفس الوقت لا تهدر طاقتها ومهارتها، فتعمل من المنزل دون أن تصطدم بعادات وتقاليد مجتمعها.

    · الفتاة أو المرأة ذات الاحتياجات الخاصة، ولا تستطيع الحصول على وظيفة مناسبة لها، ولكن لديها قدرات عقلية وهمة عالية، فتستثمر مواهبها ومهاراتها فتعمل من المنزل وفق ما يناسبها ويناسب صحتها واحتياجاتها.

    ابدئي الآن

    إذا كنت واحدة من هؤلاء، وقررت العمل من المنزل، فابتسمي أنت من اليوم رئيسة نفسك!:

    · لا مواعيد حضور وانصراف، لا مدير ينكد عليك، لا رئيس يتحكم فيك.

    · أنت رئيسة نفسك وصاحبة العمل ومديرة أعمالك.

    · أنت التي تقررين متى تعملين ومتى تحصلين على إجازة.

    · أنت التي تقررين متى تذهبين بطفلك للطبيب فلا حاجة لإذن انصراف بعد اليوم.

    · لا خصومات ولا جزاءات ولا لفت نظر ولا لجنة تأديب.

    · أنت سيدة الموقف تحددين متى تعملين ومتى تتوقفين.

    تسألين الآن: وماذا يمكنني أن أعمل؟

    هذا السؤال سألته لي إحدى الأمهات فسألتها بدوري: وما هو تخصصك؟

    فأجابت حاصلة على ليسانس ألسن، ولم أعمل منذ تخرجي أبدا في أي وظيفة، وليس لدي أي خبرة.

    أجبتها ولكن لديك المعرفة، وما ينقصك فقط هو الخبرة، وتستطيعين صقل مهاراتك في الترجمة مرة أخرى من خلال دورات إلكترونية، أو تحميل أسطوانات تعليم اللغات، أو من كثير من المواقع التي تجدين فيها ضالتك، ثم تبدئين بالترجمة رويدا رويدا حتى تستعيدي مهارتك وسرعتك، ثم تمرين على مكاتب الترجمة تتركين رقم تليفونك وتخبريهم باستعدادك للترجمة بالقطعة.

    شيئا فشيئا يمكنك أن توسعي من دائرة معارفك وعملائك من خلال إعلان على الإنترنت، أو في إحدى الجرائد التي تنشر الإعلانات المبوبة مجانا؛ فتتركين رقم تليفون أو بريدا إلكترونيا ليتواصل معك الراغبون في الترجمة، ومع الوقت ستعرفين كيف تسوقين لخدمتك بكل السبل.
    هذا مجرد مثال لعمل من خلال المنزل، وسأشير لنماذج أخرى في مرات قادمة بإذن الله حتى تستطيع كل فتاة أو امرأة أن تخطو أول خطوة في الاتجاه الصحيح

    تعليق


    • #3
      رد : يوميات امراة فوق الريح

      يوميات صحفية من منازلهم (3)

      موظف بالبيجامة.. ومكتب في المطبخ!



      أمل خيري

      من أطرف التعليقات التي قرأتها لرجل قرر ترك الوظيفة والعمل من المنزل قائلاً: "وداعا لرابطة العنق أهلا بالعمل بالبيجامة".
      سيدة أخرى تقول "ما أجمل أن يكون مكتبك في المطبخ أو في غرفة المعيشة!"


      صحيح من أفضل مميزات العمل من المنزل الأريحية التي تجدين نفسك فيها، لا ملابس رسمية، لا شكليات، لا مواعيد، لا مكاتب ضيقة وغير مريحة.

      أنت بحريتك الكاملة تختارين مكان عملك، ربما يروق لك أن تضعي لاب توب في المطبخ اليوم لتتابعي الطبخ أثناء العمل، أو تنقليه في الغد لغرفة الأطفال لتتابعي مذاكرتهم أو تشاركيهم لعبهم.

      الوظيفة أم!

      أنت حرة أيضا في اختيار وقت العمل، ربما تفضلين العمل في منتصف الليل إن كان لديك طفل رضيع يستيقظ طوال الليل فتعملين وأنت تحملينه أو تضعينه أمامك في سريره ليستمتع بألعابه ورؤيتك، أو تقررين العمل في فترة غياب الأطفال في المدرسة، أو تقومين بالعمل أثناء إعداد الطعام فتتناوبين على المطبخ والعمل في نفس الوقت، وربما تقومين لنشر الغسيل ثم تعودين للعمل، ثم تقومين مرة أخرى لإطعام طفلك وتعودين للعمل، وهكذا.

      لديك الحرية كذلك في ارتداء ما يروق لك من ملابس، فأنت في بيتك ومملكتك وبين أسرتك، لا تعقيد بعد اليوم، لا ملابس خانقة في الحر، ولا تحفظ أمام الغرباء، ولا تكلف أمام الزملاء، ناهيك عن توفير ثمن الملابس والحقائب والأحذية!.

      ما أجمل أن تعملي وأنت تستمعين لإذاعة القرآن الكريم بهدوء وسكينة، أو تستمعين لإنشاد هادئ بلا موسيقى صاخبة، لست في حاجة لوضع السماعات على أذنك حتى تصابي بالصمم، وليس هناك من يدعوك لخفض الصوت، بل ربما تعملين على أنغام بكاء طفلك وصراخه!.

      على من يقع اللوم؟

      إذا كنت قررت العمل من المنزل وترغبين في الاستمتاع بكل ما سبق.. فانتظري.. فالطريق ليس مفروشا بالورود، ولا ينجح الجميع في هذه التجربة، أنت تحتاجين لمؤهلات شخصية ومهارات عملية وبداية صحيحة.

      من اليوم لابد من الالتزام والعمل الجاد، ليس هناك مدير أو زملاء عمل يمكن أن يقع عليهم اللوم إذا حدث خطأ أثناء العمل، أنت وحدك الملومة إذا فشلت، فلا تعتقدين أنك بمجرد عملك من المنزل لا حاجة لك للتدريب، أو لصقل مهاراتك، أو لاكتساب خبرات جديدة، بل على العكس أنت ليس لديك الفرصة للاستفادة من خبرات الآخرين؛ لأنه لا يوجد غيرك؛ لذا تزداد حاجتك للتطوير، فحاولي أن تحافظي على إبداعك وتطوري من مهاراتك فتحصلين على تدريب مستمر سواء عبر الإنترنت أو بالتدريب المباشر.

      أنت في حاجة كذلك للقراءة والتثقيف والاطلاع على مجريات الأمور، وفي حاجة لاستكمال دراساتك العليا، أو على الأقل الالتحاق بدورات أكاديمية بين الحين والآخر لتتعرفي على الجديد من مجال عملك.

      أنت في حاجة للبحث والتنقيب عن سبل لتطوير ذاتك وصقل مواهبك، واكتساب خبرات جديدة، سواء بالمشاركة في الشبكات الاجتماعية التي تقترب من مجالك، أو المشاركة في المجموعات البريدية، أو المنتديات العلمية، أو في خدمة الRSS في المواقع والمجلات والصحف التي تناسب اهتمامك لتتعرفي على كل ما هو حديث.

      طوري مهاراتك

      ربما كان لديك في وظيفتك سكرتيرة تقوم بالأعمال الإدارية، وأخصائي دعم فني يقوم بإصلاح أعطال الكمبيوتر، وعامل نظافة يهتم بنظافة المكاتب، بينما الآن أنت تقومين بكل العمل؛ لذا فالأعباء تزيد عليك فأنت في حاجة لتنظيم مواعيدك وترتيب أوراقك وتنسيقها، وإذا تعطل الكمبيوتر فعليك أن تقومي بإصلاحه بنفسك، والأمر ليس صعبا فصديقنا العزيز جوجل يقوم عنك بالمهمة، يكفي بعدة نقرات على الكيبورد وضغطة زر واحدة أن تبحثي عن سبب العطل لتجدي مئات المواقع التي تشرح لك كيفية إصلاح الأعطال بالصور، بل ومقاطع الفيديو على اليوتيوب، فلا حجة لك إذن بعد الآن، ولن تحتاجي لعامل صيانة، وتستطيعين أن تقومي بتحميل ما تشائين من البرامج المفيدة لعملك، وتتعلمين كيفية استخدامها بكل أشكال الوسائط المتعددة.

      المهم أن تتعودي المرونة في مواجهة أي عقبات تواجهك واستمعي للنصيحة من الآخرين وتعلمي من أخطائك دوما.

      ليس معنى العمل من المنزل افتقاد المهنية والحرفية؛ فالعملاء الذين ينتظرون منك مهام، سواء في تصميم مواقع الإنترنت أو الترجمة أو الكتابة أو غيرها من المهام يرغبون دوما في التعامل مع أشخاص محترفين ومهنيين ولديهم كفاءة، فلا تسمحي لأطفالك بالرد على تليفونات العمل، وعوديهم على عدم مقاطعتك أثناء تلقي مكالمات العمل، ولا يصح أن يصرخوا ويتعاركوا أثناء ردك على المكالمات التليفونية حتى لا تعطي انطباعا سيئا عن نفسك وعملك، وحددي لهم أوقاتا لا يقاطعونك فيها إذا أردت التركيز في تنفيذ مهمة.

      لكل شيء حدود

      ستواجهك كذلك مشكلة الحدود والفواصل، ففي الوظيفة المكتبية لديك وقت محدد للعمل، وبمجرد انصرافك منه وعودتك للمنزل فوقتك أصبح لك ولأسرتك، بينما في العمل المنزلي لا حدود ولا فواصل بين العمل والحياة الخاصة والأسرية، فالعمل دائما حولك ومعك؛ لذا احرصي على وضع نظام للعمل وحددي ساعات عمل يومية أو أسبوعية أو شهرية، واجعلي وقتا للعمل وآخر للأسرة والأصدقاء وآخر لراحتك، تعلمي متى تتوقفين عن العمل ومتى تعودين.
      أما المشكلة التي تعاني منها الكثيرات اللاتي قررن العمل من المنزل فهي العزلة، تخيلي أنك لا زملاء عمل، ولا تقابلين أناسا في الطريق، ولا تتعرفين على أشخاص جدد أثناء المواصلات، ليس أمامك إلا جهاز أصم أو أوراق بكماء، فربما تنسين الكلام، وبمرور الوقت تفقدين مهاراتك الاجتماعية، وكيفية التواصل مع البشر؛ لذا لا تدعي عملك من المنزل يلهيك عن حياتك الاجتماعية ويعزلك عن الواقع، ولا يكفي أن تقيمي علاقات عبر الفضاء الشبكي وحده، ويجب أن تجددي اتصالك بأصدقائك القدامى وزملاء الدراسة، وتبادلي معهم الزيارات، واخرجن للحدائق والنوادي، واشتركي في عمل تطوعي في مدينتك، وتابعي حضور مؤتمرات أو ندوات قريبة من مجال عملك، واحرصي على اكتساب معارف جدد، واشتركي في مواقع الشبكات الاجتماعية لتتعرفي على أخبار الزملاء، شريطة أن تحددي لها وقتا حتى لا تتوهي في غياهب الإنترنت

      تعليق


      • #4
        رد : يوميات امراة فوق الريح

        يوميات صحفية من منازلهم (4)

        مـامـا مـدير عـام!



        أمل خيري

        أحد المشكلات الأساسية التي تواجهها الأم في عملها كيفية رعاية الأطفال دون إخلال بمسئوليتها تجاههم، وفي نفس الوقت دون تقصير في وظيفتها، وهي المشكلة التي جعلت الكثيرات يقررن الاستقالة من الوظيفة والاتجاه للعمل من المنزل، لكن إذا كنت اتخذت هذا القرار فلا تظني أن كل الأعمال تناسب كل الأمهات وتلائم كل الظروف.

        يجب أن تحددي أولا طبيعة العمل الذي تختارينه، وتتأكدي إن كان يلائم المرحلة العمرية التي يمر بها أبناؤك أم لا، وبالتالي من الوارد تماما أن تغيري من نوعية العمل المنزلي الذي تحترفينه في كل مرحلة من مراحل حياتك وحياة أبنائك، فالمرونة مطلوبة سواء في التفكير أو التنفيذ، وتذكري أن المرونة أحد السمات الأساسية للعمل المنزلي، فلا تضحي بها وتصري على السباحة ضد التيار، فتختاري عملا لا يناسب ظروفك، فتجدي نفسك وقد فشلت في عملك، فتحكمي على التجربة كلها بالفشل.

        من موظفة لصاحبة مشروع

        إحدى صديقاتي عانت الأمرين قبل أن تدرك هذه الحقيقة، وحين أدركتها عاشت تجربة ناجحة بحق، فبعد حصولها على بكالوريوس التجارة تزوجت وعملت محاسبة في شركة خاصة بدوام ثماني ساعات يوميا، وقبل نهاية العام كانت قد رزقت بطفلها الأول، وبعد انتهاء إجازة الوضع فكرت في العودة لوظيفتها، إلا أن زوجها رفض بشدة أن تترك طفلها في الحضانة يوميا لأكثر من عشر ساعات يوميا، خاصة أن مكان العمل بعيد عن البيت، ولا يوجد دار حضانة في الشركة التي تعمل بها.

        ظلت على علاقة سيئة بزوجها على مدى عام كامل هو يتهمها بالإهمال وتفضيل مصلحتها الشخصية على مصلحة طفلها، وهي تتهمه بتدمير مستقبلها الوظيفي، والوقوف ضد طموحاتها وأحلامها، حتى قالت لي صراحة لقد كرهت طفلي لأنه السبب في هذه المشاكل!.

        عرض عليها زوجها راتبا شهريا كي تتفرغ لرعاية طفلها فرفضت بشدة، واعتبرت ذلك إهانة، وكأنه يعتبرها جليسة أطفال مستأجرة أو خادمة، وأتتني باكية لتقول هذه هي نهاية حياتي معه، لن أعيش معه بعد اليوم، سأتركه وأعود لوظيفتي، وأترك طفلي في الحضانة، وأحقق نجاحا في عملي فلا حاجة لي بسيطرته بعد اليوم وتحكماته الفارغة.

        طلبت منها أن تقبل هذا الراتب بلا حساسية على أن تدخره كاملا، وبعد عدة شهور حين يكتمل لديها مبلغا معقولا تأتيني لنكمل نقاشنا، بالطبع قبلت الأمر على مضض، ثم عادت فأشرت عليها بعمل مشروع حضانة أطفال، لتجمع بين عملها ورعاية طفلها، ونصحتها باستئجار شقة في الدور الأرضي لتفتحها حضانة أطفال بعد أن تدرس جدوى المشروع، وبالفعل استعانت ببعض الأصدقاء لإعداد دراسة جدوى، وبدأت مشروعها بأثاث بسيط، وعدد أطفال لا يتعدى أصابع اليد الواحدة، وكانت مفاجأة لها أن زوجها لم يبد أي اعتراض على هذا المشروع، بل شجعها غاية التشجيع، وقدم لها الدعم المادي والمعنوي؛ فمن ناحية سيضمن لطفله رعاية دائمة في حضن أمه، ومن ناحية أخرى -وهي الأهم- سيودع النكد اليومي من حرمه المصون!.

        كوني مرنة

        في البداية ظنت صديقتي أن هذا المشروع سيكون أبديا، وأنها لن تفكر في غيره، لكنها بالتدريج اكتشفت أن أطفالها يكبرون فغادروا الحضانة، والتحقوا بالمدارس ومشروعها ما زال ناجحا، وتوسعت واستعانت بعدة مدرسات وتفرغت للإدارة، مما أتاح لها وقتا للدراسة عبر الإنترنت، فحصلت على عدة دورات ودبلومات في التسويق الإلكتروني، وبدأت ممارسة عملها عن بعد من داخل الحضانة، واليوم تفكر في إغلاق الحضانة والتفرغ لعملها الجديد، وأن تفتح شركة للتسويق عن بعد، وتقدم تدريبا في هذا المجال للراغبين فيه.

        ما أريد التأكيد عليه من هذه القصة أن طبيعة المراحل العمرية التي يمر بها أطفالك تلعب دورا فاعلا في اختيارك للعمل المنزلي الذي ستقررين احترافه، فما يناسبك حين يكون أطفالك في المراحل الابتدائية أو الإعدادية ربما لا يناسبك حين يكون لديك أطفال رضَّعًا حديثي الولادة.

        وقد تجدين نفسك بعد مرور السنوات قد جمعت بين وظائف مختلفة، واكتسبت خبرات عديدة لا تتوفر للموظفة خارج البيت بدوام كامل، ففي مرحلة قد تكونين مدربة، وفي أخرى مترجمة، وفي ثالثة مصممة مواقع إنترنت، وفي رابعة صاحبة مشروع صغير وهكذا.

        ما عليك سوى أن تضعي لنفسك خطة واضحة المعالم قبل أن تختاري نوعية العمل، وأن تحددي مهاراتك وخبراتك وما يمكنك أن تمارسي من أعمال، ثم تحددي طبيعة ظروف المرحلة التي يمر بها أطفالك، وما إن كانت تتناسب مع أي الوظائف التي حددت إياها.

        اختاري ما يلائمك

        ارسمي جدولا من ثلاثة أعمدة، يضم العمود الأول الوظائف التي يمكنك ممارستها عن بعد تبعا لمهاراتك وخبراتك، فعلى سبيل المثال أنت تحفظين القرآن الكريم، وتجيدين أحكام تلاوته، كما لديك مهارات في تدريس اللغة الإنجليزية، وفي نفس الوقت تترجمين جيدا إحدى اللغات الأجنبية، ولديك مهارات كمبيوتر وإنترنت كافية لكي تدربي جيرانك أو صديقاتك أو حتى الأطفال على استخدام الكمبيوتر، لكن لديك الآن طفلا في الثالثة من عمره، وآخر رضيعا؛ مما يعني أنك لن تستطيعي التحكم في أوقات نومهما، ومن ثم لا تضمنين هدوء المكان في أوقات محددة، والذي يتطلبه تحفيظ القرآن أو التدريس أو التدريب، فيكون الخيار الأفضل لك في هذه المرحلة الترجمة؛ لأنك ستختارين الوقت الذي تمارسين فيه عملك حين يهدأ الأطفال أو ينامون.

        الوظيفة
        تحفيظ القرآن للأطفال أو النساء

        متطلبات الوظيفة
        مكان هادئ في أوقات محددة

        مدى توفر المتطلبات
        غير متوفر حاليا



        الوظيفة
        دروس خصوصية

        متطلبات الوظيفة
        مكان هادئ في أوقات محددة

        مدى توفر المتطلبات
        غير متوفر حاليا




        الوظيفة

        تدريب كمبيوتر
        متطلبات الوظيفة
        مكان هادئ في أوقات محددة

        مدى توفر المتطلبات
        غير متوفر حاليا



        الوظيفة

        ترجمة
        متطلبات الوظيفة

        هدوء في أي وقت
        مدى توفر المتطلبات

        متوفر حاليا


        بالطبع هذا الجدول مجرد نموذج استرشادي، وفي كل مرحلة من مراحل أطفالك يمكنك تغيير أعمالك بما يتوافق مع ظروف كل مرحلة، فبعد دخول الأطفال المدرسة سيصبح لديك وقتا كافيا في الصباح لممارسة التدريب على مهارات الكمبيوتر أو تحفيظ القرآن الكريم، كما يمكنك أن تقومي بتدريس اللغة الإنجليزية لأطفالك وزملائهم في المدرسة في المساء، المهم أن تكوني مرنة في اختياراتك لتحققي النجاح.

        تعليق


        • #5
          رد : يوميات امراة فوق الريح

          يوميات صحفية من منازلهم (5)

          موظفات فوق العادة

          أمل خيري

          منذ بداية كتابة هذه اليوميات، توالت عليّ الكثير من الرسائل والمطالبات الملحة لحلول عملية، ونماذج واقعية لأعمال يمكن أن تمارس عن طريق المنزل، ووفق مفهوم العمل عن بعد.

          ومع تقديري لهذه الحماسة التي أظهرتها الكثيرات من الراغبات في العمل من المنزل، إلا أنني لا أدعي امتلاك الحل السحري للجميع، فما يصلح لي ربما لا يصلح لغيري، وما يمكن لغيري القيام به قد أعجز عنه، ومع ذلك هناك الكثير من المجالات المفتوحة على مصراعيها للعمل عن بعد، وما على كل راغبة في العمل سوى انتقاء ما يناسبها، ويلائم ظروفها وإمكاناتها، ويوظف مهاراتها وخبراتها.

          ولكي يكون الكلام واقعا ملموسا سأبدأ من تجربتي المتواضعة التي تعددت فيها مجالات العمل عبر سنوات حتى اخترت أحد المجالات وركزت فيه جهدي في الفترة الأخيرة.

          فبدايتي كانت أثناء دراستي الجامعية، واستمرت بعد تخرجي، من خلال العمل كصحفية تحت التمرين في عدد من الصحف والمجلات العربية والإسلامية؛ كنت أجري الحوارات والتحقيقات، وأكتب تقارير وأرسلها عبر البريد، أو أسلمها لمقر الجريدة أو أحد الوسطاء، وكنت أحاول فيها دائما اختيار مجالات الكتابة التي لا تحتاج للانتقال الفوري لموقع الحدث، أو التي تتطلب تحركات كثيرة، ومعظمها كان يتم بالتليفون، أو بالمقابلات المرتبة أو غير المرتبة.

          فأحيانا يفرض الحدث نفسه أثناء ركوب القطار، أو السير في الطريق، أو زيارة بعض الأصدقاء، أو الأقارب، أو حتى بين الجيران، لأبدأ في إجراء تحقيق أو كتابة تقرير عن ظاهرة ما أو حدث معين.

          بالتأكيد ابتعدت عن الأخبار والتغطيات السياسية، وكان توجهي نحو الأبواب الاجتماعية التي ترصد الظواهر والمشكلات بعيدة المدى، والمتغلغلة في المجتمع، وليست الأحداث الطارئة أو المفتعلة؛ مما يسر لي التطرق لموضوعات تهم الناس على المدى الطويل، ويمكن قراءتها، والاستفادة منها، ولو بعد سنوات.

          التوعية بالكتابة

          الخطوة الثانية تمثلت في كتابة المقالات في مجالات متعددة، سواء المجال الدعوي، أو الاجتماعي، أو التنموي، أو الفكري، أو الثقافي... ولا أنكر الدور الذي لعبته شبكة الإنترنت معي؛ فقد يسرت سبل التواصل مع المواقع والصحف الأكثر انتشارا للكتابة، معظمها كتابات تطوعية ولكنها من باب خدمة المجتمع بالمشاركة في التوعية والتعليم.

          وهذا فيه الرد على من يعتقد أن ممارس الصحافة والكتابة يجب أن يكون شخصا لا يهدأ ولا يسكن، يدور حول الأحداث في مواقعها، ولا يمكن العمل في هذا المجال من خلال المنزل، فالتجربة أثبتت أن العمل الصحفي له العديد من المجالات، منها: ما يتطلب الحركة الدءوب، ومنها ما لا يتطلب إلا إعمال الفكر خاصة إذا تعلق بترجمات أو عروض ومراجعات لكتب أو دراسات أو تقارير دولية...

          تجربة أخرى عاصرت الكتابة الصحفية، وهي التدريب في مجال التنمية البشرية، والذي تتعدد مجالاته حسب التخصص فيمكن أن تقدم المرأة دورات تربوية للأمهات، وقد تكون دورات دعوية للداعيات أو تثقيفية، أو دورات تخصصية...، ومن جانبي اخترت الدورات التربوية والإدارية التي قدمتها في المدارس والجمعيات بشكل تطوعي، ولكن متى أرادت المرأة أن تحترف المجال، وأن تتكسب منه سيتيسر لها ذلك، طالما توافرت لها مهارات الإلقاء، وحصلت على تدريب متخصص متوازن.

          تدريس وتحفيظ

          ذكرني مجال التدريب بمهنة أخرى كنت أمارسها أثناء دراستي بشكل متفرق، وهي التدريس للأطفال في المراحل الابتدائية، فأحيانا كانت تلجأ لي بعض الأمهات لمساعدة أطفالها على الارتقاء بمستواهم الدراسي، أو تحسين مهارات الكتابة أو القراءة لديهم، فتبعث لي بأطفالها في بيتي، بل إن إحدى السيدات الأميات كانت تأتيني لأعلمها مبادئ القراءة والكتابة، وفي الحقيقة كنت أجد متعة كبيرة في ممارسة هذه الأعمال.

          يضاف لذلك مسألة تحفيظ القرآن في البيوت، ذكرت لي إحدى صديقاتي أنها كانت تستعين بمحفظة تقوم بتحفيظها هي وثلاثة من الأبناء، وكانت تتقاضى شهريا مائة جنيه عن كل فرد من أفراد الأسرة، من جانبي لم أشأ التكسب من تعليم القرآن أو التجويد رغم إفتاء العلماء بإباحته؛ حيث كنت أعتبر أن قيامي بذلك هو دين أوفيه لأساتذتي الذين قاموا بتحفيظي بلا أجر، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، ولكنه ما زال بابا يمكن لكثير من النساء احترافه والتكسب المادي من خلاله، إضافة إلى الأجر الأخروي مع إخلاص النية لله تعالى.

          كمبيوتر وترجمة

          في بعض الفترات كنت أحتاج التفرغ التام لرعاية الأطفال، ولكني لم أشأ تضييع العمر، فانتهزت الفرصة لمواصلة دراستي، وفي الوقت نفسه تعرفت على مجال جديد وهو البرمجة، فتلقيت دورات متخصصة، وعلمت نفسي الكثير بأسلوب "self training"، مما وفر لي الفرصة لتقديم تدريب للفتيات والسيدات والأطفال أيضا من خلال البيت، أو الاتفاق مع بعض المراكز التدريبية للعمل عدد معين من الساعات أو تقديم دورات في الموعد الذي أحدده مقابل نسبة من رسوم الدورة التدريبية.

          بقيت في هذا المجال سنوات، ولكني لم أشأ الاستمرار فيه، فعدت مرة أخرى للترجمة والكتابة الصحفية وإعداد الأبحاث والدراسات؛ استجابة لنوازع التخصص التي ظلت تلح علي لسنوات، وفي نفس الوقت لم تضيع سنوات دراسة الكمبيوتر هباء؛ حيث أفادتني التقنيات الحديثة هذه المرة في عملي خير فائدة، فانطلقت في مجال الإعلام الإلكتروني الذي لاءم كثيرا رغبتي في العمل من خلال البيت، ولعب الإنترنت دوره في تيسير تواصلي مع العديد من الجهات التي استفدت منها في الحصول على تدريبات إلكترونية ومصادر تعليمية، ومكنتني من التعرف على كثير من الزميلات اللاتي يعمل بنفس الأسلوب سواء في مجال الترجمة أو الدراسات أو الكتابة الصحفية التقليدية.

          بالطبع تخلل هذه الأعمال فترات من العمل بدوام كامل، حين كانت تتهيأ الظروف لذلك، إلا أني كنت ما ألبث أن أعود مرة أخرى للعمل عن بعد، ووجدت فيه ضالتي، ووجدته الأنسب لي حتى الوقت الحالي، وإن كان هذا لا ينفي إمكانية العودة ثانية للعمل بدوام كامل في المستقبل، فالأمر يتسم لدي بالمرونة.
          هذه مجرد أمثلة لأعمال يمكن أن تتم من خلال البيت، وكما ذكرت سابقا أؤكد على أن اختيار مجال العمل يختلف من شخص لآخر، فالمفترض أن يختار الشخص ما يناسبه ويلائم طبيعة شخصيته وميوله واتجاهاته، ويوافق خبراته ومهاراته الشخصية وظروفه العائلية، وغيرها من الاعتبارات محل الاهتمام، وفي مرات قادمة بإذن الله سأذكر تجارب واقعية أخرى لشخصيات نجحن في العمل عن بعد.

          تعليق


          • #6
            رد : يوميات امراة فوق الريح

            يوميات صحفية من منازلهم (6)

            تعلمي فن هندسة الوقت في عشرين خطوة



            أمل خيري

            من أكثر الصعاب التي واجهتها، وتشاركني فيها الكثيرات من العاملات عن بعد مسألة تنظيم الوقت. ففي الوظيفة خارج المنزل هناك دائما وقت محدد للعمل يبدأ وينتهي في موعد محدد، ولدى العودة للمنزل تنقطع الصلة بالوظيفة لتبدأ مهام المنزل والأسرة.

            أما في العمل عن بعد فالأمر يختلف تماما، فلا توجد حدود فاصلة بين وقت العمل والمهام المنزلية أو الأسرية، حيث مكان العمل هو نفسه المنزل الذي لا يخلو من مهام تحتاج المتابعة والتنفيذ.

            أوقات مهدرة

            صارحتني عدة زميلات أن عملهن من خلال المنزل سبب لهن الكثير من الفوضى وعدم القدرة على تنظيم الوقت، وأنهن كن ينجزن أثناء العمل خارج المنزل بدوام كامل أضعاف ما أصبحن ينجزن الآن في العمل عن بعد.

            وأنا أتفق معهن تماما في ذلك، فكيف يمكن مقارنة قضاء ثماني ساعات يوميا في الوظيفة للعمل فقط، بقضاء يوم كامل في البيت حيث تختلط المهام وتتعدد المسئوليات. إضافة إلى أن كل من حولك يعلمون أنك موظفة فلا يتصلون بك أو يقومون بزيارتك أثناء دوام العمل، وهذا ما لا يتوفر في العمل من المنزل.

            ولكن ما أحب التأكيد عليه أنك لا يمكن أن تحصلي على كافة المزايا في نفس الوقت فلابد من وجود بعض التضحيات، وما لا يدرك كله لا يترك كله. ويمكن التغلب على بعض الصعوبات بتنظيم الوقت وتعلم كيفية تعظيم الاستفادة منه وحسن استغلاله.

            قد تجدين نفسك مكبلة بالكثير من المهام سواء تنظيف البيت أو إعداد الطعام، أو التسوق، أو توصيل الأبناء للمدارس، ومساعدتهم في المذاكرة وأداء الواجبات المدرسية، وكل هذه المهام لا يكفي الوقت لتلبيتها في الظروف العادية، فما بالك لو كنت كذلك تديرين مشروعا منزليا أو تمارسين وظيفة عن بعد، أو تشاركين في عمل تطوعي.

            في الوقت نفسه بمجرد أن تبدئين في العمل عن بعد خاصة إذا كان عبر الانترنت، فإن الوقت يفلت منك وربما تجدين أنك قضيتي عدة ساعات، فقط لتفقد البريد الالكتروني والرد على المراسلات، أو في تصفح مواقع الانترنت ومتابعة الأخبار، أو في مواقع الشبكات الاجتماعية كالفيس بوك وتويتر. وهو الأمر الذي لم يكن مسموحا لك به في الوظيفة بدوام كامل.

            لا تشعري بالذنب

            وأول حقيقتين ينبغي لك أن تؤمني بهما، أن هناك الكثيرات يقضين خارج البيت أكثر من ثمان ساعات يوميا في الوظيفة، دون شعور بالذنب أو التقصير في مسئولياتهن المنزلية والأسرية، وحين عودتهن ينجحن في القيام بهذه المسئوليات في وقت قصير، أنت نفسك ربما كنت واحدة من هؤلاء يوما ما.. فلا داعي لأن تلقي على نفسك اللوم لو انشغلت قليلا عن مهامك المنزلية لصالح وظيفتك التي تقومين بها عن بعد.

            أما الحقيقة الثانية، فتتمثل في أن الوقت المتاح لك لممارسة كافة مهامك الوظيفية والأسرية والمنزلية أكثر من الوقت المتاح للموظفات خارج المنزل، إذا استبعدنا الوقت الذي كنت ستقضينه في الاستعداد للخروج يوميا من كي للملابس وتلميع الأحذية، وتحضير حقيبة طفلك لتركه في الحضانة أو لدى أحد أقربائك، إضافة للوقت الذي تستغرقينه في المواصلات ذهابا وإيابا، كل ذلك يجعل الوقت في صالحك.

            ولكي تستفيدين من هاتين الحقيقتين، كل ما عليك تنظيم وقتك حتى لا تشعرين به يتفلت من بين أصابعك، وتصابي بشعور من عدم الانجاز والفوضى ومن ثم الإحباط. وهناك العديد من الخطوات البسيطة التي يمكن القيام بها لإدارة الوقت وحسن الاستفادة منه، وعمل توازن بين مهامك الوظيفية ومسئولياتك المنزلية والأسرية.

            هندسي وقتك في 20 خطوة

            1. قسمي وقتك المتاح بين مهامك الوظيفية والمنزلية، فاجعلي لعملك عدد معين من الساعات لا تزيدين عليها، وكذلك لمسئولياتك المنزلية عدد معين من الساعات.

            2. حددي مهامك الوظيفية بدقة واكتبيها في ورقة وضعي أمام كل مهمة الوقت التقريبي الذي تحتاجه، والأمر نفسه في مهامك المنزلية.

            3. رتبي قائمة المهام حسب الأهمية، فضعي الأعمال ذات الأولوية في الصدارة، ثم الأعمال ذات الأهمية المتوسطة، وأخيرا المهام التي تقف في آخر سلم الأولويات.

            4. أعدي جدولا بقوائم الأعمال، ويمكنك تنفيذه بواسطة برنامج الإكسل، فتجعلي ورقة عمل للمسئوليات الوظيفية، وورقة أخرى للمسئوليات المنزلية. وكل ورقة تضم المهام بعد ترتيبها، والوقت المطلوب، ثم حددي أنسب المواعيد لتنفيذ كل مهمة.

            5. يمكنك أن تستعيني بهاتفك المحمول لعمل تنبيه عندما يحين وقت انتهاء المهمة حتى لا تأخذ من وقت المهمة التالية.

            6. قومي بتجميع كل المهام التي تتطلب الخروج من المنزل في يوم واحد أو يومين بدلا من توزيعها على مدار الأسبوع، باستثناء مثلا توصيل الأولاد للمدارس.

            7. حددي قائمة مشتروات أسبوعية وأخرى شهرية بدلا من الاضطرار للقيام بالمشتريات يوميا فتهدري الكثير من الوقت.

            8. يمكنك استغلال الأوقات البينية، فأثناء قيامك بالأعمال المنزلية يمكنك سماع القرآن الكريم أو ترديد الأذكار أو تلاوة وردك القرآني، وأثناء تصفحك البريد الالكتروني يمكنك إطعام طفلك أو مشاركته اللعب.

            9. قسمي الأعمال المنزلية لمهام أسبوعية وأخرى يومية، فلا داعي للتنظيف الكامل للبيت كل يوم، يكفي يوما واحدا في الأسبوع للمهام الكبرى، وباقي المهام البسيطة وزعيها على مدار الأسبوع.

            10. قومي بتحضير أطعمة جاهزة ونصف مطهية ووضعها في الفريزر لتوفري في الوقت اليومي اللازم لإعداد الطعام، أو يمكنك شراءها بالجملة شهريا.

            11. قومي بالاستعانة بمقدمي الخدمات التي يمكن أن توفر لك الوقت، كشراء أطعمة من معارض منتجات ربات البيوت أو أمهات الأيتام المنتشرة في كثير من الأحياء، فتستفيدين وتفيدين.

            12. اختاري الأطعمة السهلة السريعة التي لا تتطلب وقتا كبيرا في إعدادها وتفنني في طرق التقديم، ودعي الوصفات الصعبة يوما واحدا في الأسبوع، ويمكنك مشاركة الأولاد في إعدادها حسب أعمارهم.

            السوبر وومان!

            13. لا تجعلي من نفسك السوبر وومان، وزعي المهام المنزلية على جميع أفراد الأسرة، فكل من الأطفال يقوم بمهام تناسب عمره، فلا ينبغي عليك الانفراد بترتيب كل الغرف وطي الملابس وكنس الأرضيات، بل كل يقوم بترتيب غرفته على قدر استطاعته، وتنظيف الأرضية وطي الملابس وكيها، وترتيب اللعب، كما يمكنهم المشاركة في المشتروات الخارجية.

            14. تابعي أولادك في المذاكرة ولا تذاكري لهم، حتى يعتادوا تحمل المسئولية. فيمكنك ممارسة مهامك الوظيفية وأنت معهم تتابعين مذاكرتهم، وتكونين حاضرة للرد على أي سؤال أو صعوبات دراسية.

            15. ابتعدي عن مضيعات الوقت كمتابعة المسلسلات والأفلام، أو الثرثرة عبر الهاتف، ومن الأفضل تحديد يوم أو وقت معين للزيارات والمكالمات التليفونية، وأوجزي فيها قدر المستطاع.

            16. حددي يوما في الأسبوع للزيارات العائلية والنزهات الأسرية، فالنواحي الاجتماعية هامة والترفيه مطلوب لتجديد نشاطك وحيويتك.

            17. حاولي - قدر المستطاع- النوم مبكرا والاستيقاظ مبكرا، فالبركة في البكور، وساعات الصباح المنعشة تبعث الحيوية في الجسم والنفس، ويتم فيها انجاز الكثير من العمل. وأقول قدر المستطاع لأنك في بعض الفترات قد يصعب عليك النوم مبكرا لوجود أطفال حديثي الولادة فلا داعي لليأس والإحباط، فعما قريب سيكبرون وتنتظم مواعيد نومهم.

            18. اجعلي لنفسك وقتا تمارسين فيه نوع من التمرينات الرياضية البسيطة أو ممارسة هواية مفيدة لتفريغ شحناتك النفسية، وتجديد طاقتك.

            19. لا تتركي الوقت يمضي على وتيرة واحدة، يمكنك تغيير مواعيد كل مهمة أسبوعيا، حتى لا تصابي بالملل.

            20. حاولي الاستفادة من كل الوسائل التي توفر لك الوقت، وابحثي عن الجديد في هذا المجال، ولا تكوني كالحطاب الذي كان يقطع الأشجار بفأسه القديمة ببطء، وعندما مر به أحد أصدقاءه سأله: لم لا تسن فأسك؟، فأجابه: "إنني مشغول للغاية؛ فعلي قطع المزيد من الأشجار وليس عندي وقت لسن الفأس!"، والمسكين لا يدري أنه بإضاعة القليل من الوقت قد يوفر المزيد منه.


            تعليق


            • #7
              رد : يوميات امراة فوق الريح

              جزاك الله خيرا أخي صلاح الدين..

              الحقيقة هذه الأفكار قيمة ومفيدة جدا خاصة للنساء في عالمنا العربي اللاتي يمتلكن الخبرة والشهادات الجامعية لكن ظروف البيت والأسرة تمنعهن من تحقيق ذاتهن وافادة مجتمعاتهن ..

              تعليق


              • #8
                رد : يوميات امراة فوق الريح

                بارك الله فيك أخي الكريم
                أفكـار ويوميات بإمكـان الأمّ التي لديها أطفال ولا تستطيع الخروج يومياً من البيت ممارستها وبالتدريب شيئاً فشيئاً ستصل إلى ما تريد وأكـثر بإذن الله وعندما تتوافر لديها الفرص تبدأ بالعمل الخارجي وتخوض هذه التجربــة التي أيضاً جميـلة..

                سأعود لقراءة الجزء الأخير من اليوميات
                جزاك الله خـيراً

                تعليق

                جاري التحميل ..
                X