إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الضوابـــط التربـــويــة لسير المجالس واللقــاءات التنظيميـــة(01 من 02)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الضوابـــط التربـــويــة لسير المجالس واللقــاءات التنظيميـــة(01 من 02)

    الضوابـــط التربـــويــة لسير المجالس واللقــاءات التنظيميـــة(01 من 02)


    الكاتب: جمال زواري أحمد

    في خضم العمـل الميداني اليومي وتراكـم الأعمـال والواجبات ، وتسارع الأحداث التي قد تضغط على نفسيات الأفراد ، فتجعلهـم يتجاوزون الكثير من الآداب والضوابط التربوية التي استوعبوها من خلال محاضنهم التربوية أو بدافع الالتزام الإسلامي الذي يعتبر أصلا من الأصول الثابتة التي لا يعذر فيها أحد ، خاصة الذين يمارسون المهام القيادية والشورية في مؤسسات العمل الدعوي والحركي المختلفة، ويتأكد هذا الأمر لدى المربين المشرفين على العملية التربوية ، الذين يعتبرون ملح الدعوة والحركة ، وهم أولى من يجب عليهم التحلي بهذه الضوابط أثناء تسييرهم وإشرافهم على اللقاءات الأسرية بمستوياتها ومراحلها المختلفة ، وكذا حرصهم على توريثها لكل الأفراد ، كي يلتزموا بها وتصاحبهم في كل مجلس أو لقاء يشاركون فيه.
    هذا التجاوز قد يساهم في ظهور نوع من اللائكية الحركية ، خاصة في سير المجالس واللقاءات التنظيمية.
    الأمر الذي دفعنا إلى التطرق لجملـة من الضوابط التربوية والتذكير بها ، حتى تكون حاضرة في أذهان الجميع للالتزام بها أثناء انعقاد هذه اللقاءات والمجالس ، ولا يجوز بأي حال من الأحوال تجاوزها و القفز عليها ، لأن البعد التربوي لابد أن يكون حاضرا في أعمالنا ونشاطاتنا وممارساتنا ومعاملاتنا كلها ، لأنه المفروض أنه هو الذي يميز أبناء الحركة الإسلامية عن بقية الهيئات البعيدة عن التوجه الإسلامي ، فإذا غاب هذا البعد والسمت وتمّ التخلّي عنه وانخفض منسوب حضوره لديهم ــ أي أبناء الحركة ــ تكون الحركة عند ذلك قد فقدت هويتها وناقضت مرجعيتها وتخلّت عن أهم نقاط قوتها ، وأصبحت لا فرق بينها وبين الآخرين .

    ولعل أهم هذه الضوابط العشارية التالية:

    1) ــ احترام المواعيد والتقيّد بالوقت :

    عند تحديد المواعيد يجب احترامها والالتزام بها ، مع التقيّد بوقت الانطلاق عند الحضور ، لأن ذلك يعتبر أول عامل من عوامل النجاح ، فالوقت هو الحياة ، والواجبات أكثر من الأوقات ، والتساهل في هذه القضية من شأنه أن يؤدي إلى فوضوية العمل وتعطيله وتأخيره ، والتمادي في ذلك يسوق إلى مرتبة خطيرة نربأ بأنفسنا أن نصل إليها ، وهي : من إذا وعد أخلف .
    واحترام الموعد والالتزام بالوقت فضيلة حث عليها الإسلام ورغب فيها ، وسلوك حضاري استوعبه الآخرون وعملوا به فوصلوا إلى ما وصلوا إليه من التقدم والتحضر والإبداع ، ونحن أولى من يلتزم به ويعمل بمقتضاه ، خاصة ونحن ننشد التغيير إلى الأفضل ، وقد لفت الشيخ الغزالي رحمه الله إلى أهمية ذلك كمؤشر على النجاح والصعود بقولهعندما ترى مجتمعا صارما في مراعاة النظام ، دقيقا في احترام الوقت ، صريحا في مواجهة الخطأ ، شديد الإحساس بحق الآخرين ، غيورا على كرامة الأمة ، كثيرا عند الفزع ، قليلا عند الطمع ، مؤثرا إرضاء الله على إرضاء الناس .
    عندما نرى هذه الخلال تلتقي في مجتمع ما ، نثق أنه يأخذ طريقه صعدا إلى القمة ).(1)
    2) ــ تجنب الجدل والمماراة أثناء النقاش :

    لأن ذلك يوحش القلوب ويوغر الصدور ويخلف آثارا سيئة ، وقد جاء في الحديث ما ضلّ قوم بعد هدى كانوا عليه ، إلا أوتوا الجدل )(الترمذي) ، وقد أوصى الإمام البنا بذلك عندما قال : ( لا تكثر الجدل في أي شأن من الشؤون ، فإن المراء لا يأتي بخير ) ، فالحوار لابد أن يكون بالحسنى ، والجدال بالتي هي أحسن ، فإذا كان هناك أسلوبان أو طريقتان إحداهما حسنة والأخرى أحسن منها ، فنحن مأمورون أن نتبع التي هي أحسن.
    وقد ذكر الإمام الأوزاعي آثار الجدل في الصف بقوله دع من الجدال ما يفتن القلب وينبت الضغينة ويجفي القلب ويرق الورع في المنطق والفعل )(2) ، كما حذر التابعي الجليل بلال بن سعد من عواقب المراء واللجاجة على الفرد خاصة بقوله إذا رأيت الرجل لجوجا مماريا معجبا برأيه ، فقد تمت خسارته ).(3)

    3 ــ عدم رفع الصوت عند إبداء الرأي :

    وقد أوصى بها لقمان ابنه ومن ورائه كل مسلم ــ بل وكل عاقل ــ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِير)( لقمان 19) .
    وِقال عاصم بن بهدلة الكوفي المقرئ صاحب القراءة المعروفة دخلت على عمر بن عبد العزيز ، فتكلم رجل عنده فرفع صوته ، فقال عمر: مه ، كف ، بحسب الرجل من الكلام ما أسمع أخاه أو جليسه)(4) ، كما ورد أيضا في وصايا الإمام البنا لا ترفع صوتك أكثر مما يحتاج إليه السامع ، فإنه رعونة وإيذاء ).
    فمناقشة الأمور صغرت أم كبرت يجب أن تتم بهدوء بال واتزان نفس وضبط أعصاب ، فالذي يرفع صوته إنما يدلل على رعونة نفسه ، كما أنه علامة على احتقار الآخرين وإيذاء لهم ، كما أن رفع الصوت لا يقوي حجة صاحبه قط ، وفي أكثر الحالات يكون صاحب الصوت الأعلى قليل المضمون ، ضعيف الحجة ، يستر عجزه بالصراخ ، على عكس صاحب الصوت الهادئ ، الذي يعكس عقلا متزنا وفكرا منظما ، وأنظر إلى البحر تجد الصخب والضجيج على الشاطئ عند الصخور حيث الماء ضحل لا جواهر فيه ولا درر، وتجد الهدوء لدى الماء الأعمق حيث نفائس البحر وكنوزه ، وقد وجد بالتجربة والخبرة أن الصوت الهادئ المتأني من غير صياح أو صراخ ومن غير إسرار أو إخفات هو الأدخل للنفوس والأنفذ إلى الأعماق والأقدر على الإقناع والأحفظ لجلال الكلمة ووقار المتكلم .(5)
    وقد وصف الله الذين يصيحون بمحمد صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات بضعف العقل وضآلة التفكير ، حيث قال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ )(الحجرات4 ).

    4) ــ البعد عن تجريح الأشخاص والهيئات :

    فإذا لزم النقد فلا يكون الباعث عليه الحقد ولكن موجها إلى الآراء بالتمحيص لا إلى الأشخاص بالتنقيص ، فإذا انتقدنا ننتقد وصدورنا خالية من الإحن مليئة بحب الخير صافية المعين ، همنا النصح لا النقد ، والتوجيه قبل التشهير ، لا نجرّح ولا نؤذي ولا نبغي ، وقد ورد في وصايا الإمام البنا كذلك تجنب غيبة الأشخاص وتجريح الهيئات ، ولا تتكلم إلا بخير ).
    فالكلمة العنيفة لا لزوم لها ولا ثمرة تجتني من ورائها ، إلا أنها تجرح المشاعر وتغير مودة القلوب ، فالأفضل الابتعاد عن كل مظاهر الإثارة والتهييج والعنف والاتهام والتجريح والدس والوقيعة والسخرية ، المؤدية إلى هوة سحيقة مع من إذا خاصم فجر ، كما أن الألفاظ الفجة القاسية بعيدة عن المنهج النبوي ، وإن كانت صادقة ، فقد روى البخاري في كتاب الأدب حديث لا يقولن أحدكم خبثت نفسي ، ولكن ليقل لقست نفسي ) ، قال بن حجر في الفتح يؤخذ من الحديث استحباب مجانبة الألفاظ القبيحة والأسماء ، والعدول إلى مالا قبح فيه.. وإن كان المعنى يتأدى بكل منهما).(6)
    فالكلمة الطيبة لا مبرر للعدول عنها مطلقا ، وانظر إلى المرشد عمر التلمساني وهو يتكلم عن الملهم الموهوب أنه كان إذا انتقد لا يجرح ، وإذا عارض لا يؤذي ، وإذا ناقش لا يبغي ، كله أدب ، لياقة ، كياسة.. إنه النظيف حسا ومعنى ، النظيف مظهرا ومخبرا ، النظيف قلما وبيانا).(7)
    وكذلك كان الشيخ محفوظ نحناح حتى مع مخالفيه ، حتى ظنه البعض تكلفا منه رحمه الله ، مع أنه كان فنانا بحق في سل سخائم النفوس وأمراض القلوب ، الأمر الذي جعله يكتسب احترام الجميع الموافق والمخالف القريب والبعيد.
    وقد يلجأ البعض إلى كل ذلك تحت طائلة الجرح والتعديل ــ خاصة في المجالس المتعلقة بالتولية والترشيح ــ مع العلم أن لهذا العلم أصوله وآدابه ، لعل من أهمها إن يكسو المتكلم ألفاظه أحسنها ، روى المزني قال: سمعني الشافعي يوما وأنا أقول: فلان كذاب ، فقال لي: يا إبراهيم أكس ألفاظك أحسنها ، لا تقل كذاب ، ولكن قل: حديثه ليس بشيء).(8)
    فلا بد من التثبت والدقة في تناول هذه المسائل ، لأن التمادي فيها قد يؤدي إلى مآلات خطيرة ذكرت في مجموعة من الأحاديث النبوية الصحيحة .

    5) ــ التأدب مع أهل الفضل :

    وقد يغيب هذا المعنى في أحيان كثيرة ، فتختل الموازين ويوضع الجميع في كفة واحدة دون مراعاة لفضل أو سبق أو علم أو مكانة ، مع أن الله عز وجل قالوَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ )(الأعراف85)، جميع أشيائهم : حقوقهم ، أموالهم ، علمهم ، شرفهم ، مكانتهم ، سبقهم ، فضلهم ، وقد أتى التعبير القرآني في الآية بعد الكيل والميزان ، كدلالة على وجوب العدل في ذلك ، وهذا لا يعني حرمان هذا الصنف من النصيحة والتوجيه ، فقد ذكر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه ليس في الدنيا أحد أكبر من أن ينصح ، ولا أصغر من أن ينصح).(9)
    لكن النصيحة لها آدابها ، والنقد البناء له أصوله ، أما أن نضع كبارنا وقادتنا ورجالنا وحتى هياكلنا ومؤسساتنا على المشرحة ، ونردد كل ما يشاع وبدون تثبت ولا مراعاة لآداب النصح ، فإنه والله التهديم والتعويق ، وربما الظلم ، وقد جاء في الحديث أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود)( أبو داود وأحمد والبخاري في الأدب المفرد) ، والحديث الآخرليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ، ويعرف لعالمنا حقه )( أحمد والحاكم والطبراني) ، وذكر سعيد بن المسيب قاعدة جليلة في هذا الباب أنه ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب ، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه ، ومن كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله)(10) ، وذكر ابن القيم أن من قواعد الشرع والحكمة ، أن من كثرت حسناته وعظمت وكان له في الإسلام تأثير ظاهر ، فإنه يحتمل له مالا يحتمل لغيره ، ويعفى عنه مالا يعفى عن غيره ، فإن المعصية خبث والماء إذا بلغ القلتين لا يحمل الخبث)(11) ، كما أصّل إمامنا عبد الحميد بن باديس لهذه القاعدة في تعليقه على كتاب العواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي بقولهإذا لم يكن بد من الخطأ لغير المعصوم ، فليس تفاضل الناس في السلامة منه ، وإنما تفاضلهم في قلّة أو كثرة الصواب التي تغمره).(12)
    فالخطر كل الخطر أن تضيع المنازل وتختلط الحدود وتتطاول الأعناق وتتزاحم الأكتاف ، تحت حجج واهية ، فالأولى بنا إذا مشينا في الطريق المعبدة أن نذكر فضل من تعبوا قبلنا في تعبيدها .

    يتبـــــــــــع ...

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
    1 ــ محمد الغزالي ، الطريق من هنا ً، ص44.
    2 ــ محمد أحمد الراشد ، العوائق ً، ص182.
    3 ــ أبو حامد الغزالي ، إحياء علوم الدين ،ج3 ، ص259.
    4 ــ عبد الفتاح أبوغدة، من أدب الإسلام ، ص36.
    5 ــ الندوة العالمية للشباب الإسلامي ، أصول الحوار، ص76.
    6 ــ عادل عبد الله شويخ ، مسافر في قطار الدعوة ، ص322.
    7 ــ عمر التلمساني ، حسن البنا الملهم الموهوب، ص98.
    8 ــ عبد الله يوسف الحسن ، ربانية التعليم ، ص43.
    9 ــ موسى إبراهيم الإبراهيم ، تأملات تربوية في فقه الدعوة الإسلامية ، ص47.
    10 ـ محمد موسى الشريف ، عجز الثقاة ، ص16.
    11 ــ ابن القيم ، مفتاح دار السعادة ، ص319.
    12 ــ عمار طالبي ، ابن باديس حياته وآثاره ،ج4 ، ص13

    رابط الموضوع:http://www.hmsalgeria.net/ar/modules...ticle&sid=2063

  • #2
    رد : الضوابـــط التربـــويــة لسير المجالس واللقــاءات التنظيميـــة(01 من 02)

    الضوابـــط التربـــويــة لسير المجالس واللقــاءات التنظيميـــة (2 من 2)


    الكاتب : جمال زواري أحمد

    تطرقنا في الجزء الأول من الموضوع إلى خمسة ضوابط تربوية لسير المجالس واللقاءات التنظيمية ، ونكمل في الجزء الثاني منه بقيّة الضوابط ، إضافة إلى جملة من الصفات التي يجب أن يتحلّى بها مسيّرو هذه المجالس واللقاءات والمشرفون عليها ، لتكتمل صورة الموضوع :

    6) ــ حسن الاستماع إلى الآخرين :

    الإصغاء التام للمتحدث وهو يبدي رأيه من دون ضجيج أو شوشرة أو صخب ، من شأنه أن يزرع بذور الثقة والاحترام ، ويشجع المترددين والخجولين على التكلم والمشاركة ، إذ أن اللامبالاة بالمتكلم يعطي انطباعا له أن الآخرين لا يولون اعتبارا لما سيقوله ، فيصاب بانكسار النفس وجرح الشعور ، مما يدفعه إلى ردود أفعال عكسية ، فالمفروض أن تكون مجالسنا يسودها النظام والانضباط ، ويغلب عليها طابع الجدية والاحترام المتبادل ، حتى تؤتي أكلها وتحقق الأهداف المرجوة منها .
    فالمتكلم الجيد في الحقيقة يجب أن يكون مستمعا جيدا ، ومهتما بكل رأي يطرح أو فكرة تقترح أو نصيحة تسدى ، كما قال بن المقفع تعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام ، ومن حسن الاستماع إمهال المتكلم حتى ينقضي حديثه ، وقلة التلفت إلى الجواب ، والإقبال بالوجه والنظر إلى المتكلم والوعي لما يقول )(1).
    وقد ذكر ديل كارنيجي في كتابه القيم كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس وصفة بين فيها مساوئ عدم الإصغاء إلى الآخرين ، واللا اهتمام بما يطرحونه فقال إذا كنت تريد أن ينفض الناس من حولك ويسخروا منك عندما توليهم ظهرك فهاك الوصفة ، لا تعط أحدا فرصة الحديث ، تكلم بغير انقطاع ، إذا خطرت لك فكرة بينما غيرك يتحدث ، فلا تنتظر حتى يتم حديثه فهو ليس ذكيا مثلك فلماذا تضيع وقتك في الاستماع إلى حديثه السخيف ؟
    اقتحم عليه الحديث وأعترض في منتصف كلامه)(2).
    فخير متحدث هو من يستمع إلى الآخرين بشغف .

    7) ــ احترام رأي الأغلبية :

    يجب أن يتحرى الواحد الحق ومصلحة الإسلام والدعوة والحركة ، عند إبداء الرأي ، ويتجرد من الأهواء الشخصية ، وعندما لا يؤخذ برأيه الذي أبداه ، فأدب الشورى يحتم عليه أن يحترم الرأي المأخوذ بالأغلبية ، فتعدد الآراء داخل الجماعة أو الحركة جائز بل مؤشر صحة وعامل ثراء ودليل خصوبة ، وللأغلبية أن تختار ما تراه من الآراء المتعددة المطروحة ، دون حرمان صاحب الرأي من الثبات على رأيه مالم يقتنع بغيره ، لكن عليه ألا يعرقل سير الجماعة في إنفاذ ما اختارته ، ولقد أصر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على رأيه في عدم إجازة حمل المسلمين على مصحف واحد كما ذهب إليه أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ، ولكن ابن مسعود لم يعرقل جهود عثمان في إنفاذ ما عزم عليه وأيده الكثيرون من أجلاء الصحابة ، وأثبت التاريخ أنه كان عين الصواب والحكمة .(3)
    فإذا رأى الأخ إخوانه مجمعين على أمر لا يراه ، فعليه أن يلتزم رأيهم مالم يقتنعوا بوجهة نظره ، فالخير كله في لزوم الجماعة ، هذا طبعا من دون التحجير على الآراء وبعيدا عن الإقصائية والوصائية والسلطوية .

    8) ــ المجالس بالأمـانة :

    وهو جزء من حديث يعني به النبي صلى الله عليه وسلم أن من جلس مع قوم وحدثهم حديثا كان مؤتمنهم عليه ، فإذا تواضع القوم على أن هذا الحديث سر فهم أمناء عليه ، ومن أفشاه فقد خان الأمانة ، وخيانة الأمانة نوع من النفاق الذي لا يتفق مع الإيمان الصادق ، فلا بد أن يعطى هذا الأدب حقه وقدره ، كما أنه يجب الحذر من كشف الأسرار خاصة عند اختلاف وجهات النظر، فمن لا يؤتمن على سر، لا يؤتمن على دعوة أو حركة أو جماعة ، وهذا السلوك قبل ذلك وبعده يحط من قيمة صاحبه وينزل بها إلى الحضيض ، قيل لمحمد بن كعب القرظي أي خصال المؤمن أوضع له ؟ فقال : كثرة الكلام ، وإفشاء السر ، وقبول قول كل أحد).(4)
    أما إفشاء أسرار مجالس أستؤمن عليها الفرد ونشر تفاصيلها ، بمجرد الخلاف أو عندما لا يؤخذ برأيه في النهاية ، فإنه سلوك مشين يسقط مكانة صاحبه كائنا من كان ، وهو يتنافى وأخلاق الرجال ، كما أكد ذلك الإمام الشافعي وهو يتحدث عن خصال الخليل الخائن :

    ولا خير في خل يخون خليـله ويلقاه من بعد المـودة بالجفـــــا
    وينكر عيشا قد تقادم عهــــده ويظهر سـرا كان بالأمس قد خفا

    وجعله الشاعر الحكيم الآخر من موجبات ترك صاحب هذا السلوك ، ومن مبررات التخلي عنه والزهد فيه لمّا قال :
    إذا ما المرء أخطأه ثــــلاث فبعه ولو بكف من رمـــاد
    سلامة صدره والصدق منه وكتمان السرائر في الفؤاد

    9) ــ العدل والإنصـــاف :

    عند المشاركة بالرأي في المجالس واللقاءات الدعوية والتنظيمية ، ومناقشة ما يطرح فيها من آراء ومواقف وقضايا ومواضيع ، لابد من التحلي بالعدل والإنصاف ، واستحضار وصية الإمام الشاطبي ألبس التقوى شعارا ، والاتصاف بالإنصاف دثارا ، واجعل طلب الحق لك نحلة ، والاعتراف به لأهله ملّة ، لا تملك قلبك عوارض الأغراض ، ولا تغير جوهرة قصدك طوارق الإعراض)(5).
    فالدفاع عن الرأي ومحاولة إقناع الآخرين به حق مشروع ، ولكن لا يجب أن يتم ذلك بالانحراف عن الحق ومجانبة الإنصاف والشطط في تسفيه وتخطئة آراء الآخرين ، فأجواء هذه المجالس الأصل فيها أنها أجواء أخوة وود وصفاء ، لا مجال فيها للمشاكسة وسوء الأدب وغمط الحق ، وإن اختلفت الآراء وتباينت وجهات النظر ، الذي هو أمر طبيعي ، فالعرب كانت تقول في أمثالها لا يزال الناس بخير ما تباينوا ، فإن تساووا هلكوا) ، ولكن هذا التباين وهذا النقد وذلك الرد يجب أن لا يقود إلى الخصومة ، ولا يؤدي إلى الكراهية ، بل الأصل بقاء المودة والألفة مادامت النية لله تعالى والمقصد تبيان الحق والوصول إلى الخير وحرص الجميع على مصلحة الدعوة والحركة ، وقد نقل شيخ الإسلام بن تيمية في الفتاوى عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يتناظرون في المسألة مناظرة مشورة ومناصحة ، وربما اختلف قولهم في المسألة العلمية والعملية ، مع بقاء الألفة والعصمة وأخوة الدين)(6).

    10) ــ التحلي بآداب المجلس :

    وفي الأخير لابد من التحلي بجملة من آداب المجلس ، والتي من بينها :
    ــ خفض الجناح ، فقد قال الفضيل لأن يلاطف الرجل أهل مجلسه ويحسن خلقه معهم ، خير له من قيام ليله وصيام نهاره).
    ــ ومنها الابتعاد عن النجوى من دون الآخرين ، فقد ورد في الحديث إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر ، حتى تختلطوا بالناس أجل أن ذلك يحزنه)( متفق عليه).
    ــ ومنها عدم الجلوس في أماكن الآخرين بعد شغلها ، فقد ورد في الحديث كذلك لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ، ولكن تفسحوا أو توسعوا)( البخاري في الأدب المفرد).
    ــ ومنها الاستئذان في الدخول إلى مكان المجلس عند التأخر وعند الانصراف لطارئ .
    ــ ومنها عدم التفريق بين اثنين إلا بإذنهما ، كما ورد في الحديث أيضا لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما)( الترمذي).
    ــ ومنها اعتذار البعض للبعض وقبوله والافتراق على ذلك ، فقد جاء في الحديث من اعتذر إلى أخيه بمعذرة لم يقبلها ، كان عليه مثل خطيئة صاحب مكس)( ابن ماجه) ، وقال الشاعر :

    قيل لي قد أساء إليك فلان وقعود الفتى على الضيم عــار
    قلت قد جاءنا فأحدث عذرا ديّة الذنب عندنا الاعتــــــــذار

    ــ ومنها عدم الغفلة عن ذكر الله مهما كانت طبيعة هذه المجالس واللقاءات ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه ، إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان عليهم حسرة )(أبو داود) .
    ــ ومنها دعاء كفارة المجلس ، فعن أبي برزة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يقوم من المجلس قال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك )، فقال رجل: يا رسول الله إنك لتقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى ، قال ذلك كفارة لما يكون في المجلس )( الحاكم).

    صفات مسيري المجالس واللقاءات:

    وقبل الانتهاء يحسن الإشارة إلى بعض الصفات التي يجب أن يتصف بها مسيرو المجالس ومديرو اللقاءات كما حددها علم الإدارة الحديث ، حتى تكتمل الصورة :

    1 ــ كسب احترام المشتركين في المجلس وثقتهم .
    2ــ وضوح الهدف من الاجتماع أو جدول أعمال المجلس في أذهانهم منذ البداية.
    3ــ الحياد وعدم إبداء الرأي الشخصي قبل الآخرين .
    4ــ الكلام بلغة الحضور ، واستعمال نفس المصطلحات التي يستعملونها.
    5ــ وضوح اهتمامه بكل الحاضرين واحترامه لهم .
    6 ــ وضوح كلامه وفصاحة لهجته .
    7 ــ قدرته على توجيه المناقشات إلى موضوع الاجتماع وتسييره إلى أهدافه.
    8ــ قدرته على الإقنـاع.
    9ــ إشراك الجميع في المناقشة وإبداء الرأي.
    10 ــ إشاعة روح المرح والارتياح.
    11ــ الحزم في غير شــدة.
    12ــ تجنب أسلوب (يجب عليكم ) ، وإتباع أسلوب (ما رأيكم في ، أو لو، أو أقترح أن).
    13ــ الابتعاد عن المجادلة والسخرية والاستهزاء من أحد الحاضرين ، أو تسفيه رأيه .
    14ــ التقيد بالوقت وعدم السماح لأحد بإضاعته.
    15ــ عدم الظهور بمظهر السيد على الحضور أو التسلط على أفكارهم وآرائهم.
    16 ــ قوة الشخصية ، بحيث يكون قادرا على رد الأمور إلى نصابها كلّما وقع التجاوز.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
    1 ــ الندوة العالمية للشباب الإسلامي ، أصول الحوار، ص39.
    2 ــ الندوة العالمية للشباب الإسلامي ، نفس المرجع ، ص38.
    3 ــ محمد فتحي عثمان ، التجربة السياسية للحركة الإسلامية المعاصرة ، ص31.
    4 ــ أبو حامد الغزالي ، إحياء علوم الدين ،ج3 ، ص308.
    5 ــ أبو إسحاق الشاطبي ، الموافقات ، ج1 ، ص26.
    6 ــ عادل عبد الله شويخ ، مسافر في قطار الدعوة ، ص155.

    الرابط :http://www.hmsalgeria.net/ar/modules...ticle&sid=2092

    تعليق


    • #3
      رد : الضوابـــط التربـــويــة لسير المجالس واللقــاءات التنظيميـــة(01 من 02)

      الضوابـــط التربـــويــة لسير المجالس واللقــاءات التنظيميـــة (2 من 2)


      الكاتب : جمال زواري أحمد

      تطرقنا في الجزء الأول من الموضوع إلى خمسة ضوابط تربوية لسير المجالس واللقاءات التنظيمية ، ونكمل في الجزء الثاني منه بقيّة الضوابط ، إضافة إلى جملة من الصفات التي يجب أن يتحلّى بها مسيّرو هذه المجالس واللقاءات والمشرفون عليها ، لتكتمل صورة الموضوع :

      6) ــ حسن الاستماع إلى الآخرين :

      الإصغاء التام للمتحدث وهو يبدي رأيه من دون ضجيج أو شوشرة أو صخب ، من شأنه أن يزرع بذور الثقة والاحترام ، ويشجع المترددين والخجولين على التكلم والمشاركة ، إذ أن اللامبالاة بالمتكلم يعطي انطباعا له أن الآخرين لا يولون اعتبارا لما سيقوله ، فيصاب بانكسار النفس وجرح الشعور ، مما يدفعه إلى ردود أفعال عكسية ، فالمفروض أن تكون مجالسنا يسودها النظام والانضباط ، ويغلب عليها طابع الجدية والاحترام المتبادل ، حتى تؤتي أكلها وتحقق الأهداف المرجوة منها .
      فالمتكلم الجيد في الحقيقة يجب أن يكون مستمعا جيدا ، ومهتما بكل رأي يطرح أو فكرة تقترح أو نصيحة تسدى ، كما قال بن المقفع تعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام ، ومن حسن الاستماع إمهال المتكلم حتى ينقضي حديثه ، وقلة التلفت إلى الجواب ، والإقبال بالوجه والنظر إلى المتكلم والوعي لما يقول )(1).
      وقد ذكر ديل كارنيجي في كتابه القيم كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس وصفة بين فيها مساوئ عدم الإصغاء إلى الآخرين ، واللا اهتمام بما يطرحونه فقال إذا كنت تريد أن ينفض الناس من حولك ويسخروا منك عندما توليهم ظهرك فهاك الوصفة ، لا تعط أحدا فرصة الحديث ، تكلم بغير انقطاع ، إذا خطرت لك فكرة بينما غيرك يتحدث ، فلا تنتظر حتى يتم حديثه فهو ليس ذكيا مثلك فلماذا تضيع وقتك في الاستماع إلى حديثه السخيف ؟
      اقتحم عليه الحديث وأعترض في منتصف كلامه)(2).
      فخير متحدث هو من يستمع إلى الآخرين بشغف .

      7) ــ احترام رأي الأغلبية :

      يجب أن يتحرى الواحد الحق ومصلحة الإسلام والدعوة والحركة ، عند إبداء الرأي ، ويتجرد من الأهواء الشخصية ، وعندما لا يؤخذ برأيه الذي أبداه ، فأدب الشورى يحتم عليه أن يحترم الرأي المأخوذ بالأغلبية ، فتعدد الآراء داخل الجماعة أو الحركة جائز بل مؤشر صحة وعامل ثراء ودليل خصوبة ، وللأغلبية أن تختار ما تراه من الآراء المتعددة المطروحة ، دون حرمان صاحب الرأي من الثبات على رأيه مالم يقتنع بغيره ، لكن عليه ألا يعرقل سير الجماعة في إنفاذ ما اختارته ، ولقد أصر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على رأيه في عدم إجازة حمل المسلمين على مصحف واحد كما ذهب إليه أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ، ولكن ابن مسعود لم يعرقل جهود عثمان في إنفاذ ما عزم عليه وأيده الكثيرون من أجلاء الصحابة ، وأثبت التاريخ أنه كان عين الصواب والحكمة .(3)
      فإذا رأى الأخ إخوانه مجمعين على أمر لا يراه ، فعليه أن يلتزم رأيهم مالم يقتنعوا بوجهة نظره ، فالخير كله في لزوم الجماعة ، هذا طبعا من دون التحجير على الآراء وبعيدا عن الإقصائية والوصائية والسلطوية .

      8) ــ المجالس بالأمـانة :

      وهو جزء من حديث يعني به النبي صلى الله عليه وسلم أن من جلس مع قوم وحدثهم حديثا كان مؤتمنهم عليه ، فإذا تواضع القوم على أن هذا الحديث سر فهم أمناء عليه ، ومن أفشاه فقد خان الأمانة ، وخيانة الأمانة نوع من النفاق الذي لا يتفق مع الإيمان الصادق ، فلا بد أن يعطى هذا الأدب حقه وقدره ، كما أنه يجب الحذر من كشف الأسرار خاصة عند اختلاف وجهات النظر، فمن لا يؤتمن على سر، لا يؤتمن على دعوة أو حركة أو جماعة ، وهذا السلوك قبل ذلك وبعده يحط من قيمة صاحبه وينزل بها إلى الحضيض ، قيل لمحمد بن كعب القرظي أي خصال المؤمن أوضع له ؟ فقال : كثرة الكلام ، وإفشاء السر ، وقبول قول كل أحد).(4)
      أما إفشاء أسرار مجالس أستؤمن عليها الفرد ونشر تفاصيلها ، بمجرد الخلاف أو عندما لا يؤخذ برأيه في النهاية ، فإنه سلوك مشين يسقط مكانة صاحبه كائنا من كان ، وهو يتنافى وأخلاق الرجال ، كما أكد ذلك الإمام الشافعي وهو يتحدث عن خصال الخليل الخائن :

      ولا خير في خل يخون خليـله ويلقاه من بعد المـودة بالجفـــــا
      وينكر عيشا قد تقادم عهــــده ويظهر سـرا كان بالأمس قد خفا

      وجعله الشاعر الحكيم الآخر من موجبات ترك صاحب هذا السلوك ، ومن مبررات التخلي عنه والزهد فيه لمّا قال :
      إذا ما المرء أخطأه ثــــلاث فبعه ولو بكف من رمـــاد
      سلامة صدره والصدق منه وكتمان السرائر في الفؤاد

      9) ــ العدل والإنصـــاف :

      عند المشاركة بالرأي في المجالس واللقاءات الدعوية والتنظيمية ، ومناقشة ما يطرح فيها من آراء ومواقف وقضايا ومواضيع ، لابد من التحلي بالعدل والإنصاف ، واستحضار وصية الإمام الشاطبي ألبس التقوى شعارا ، والاتصاف بالإنصاف دثارا ، واجعل طلب الحق لك نحلة ، والاعتراف به لأهله ملّة ، لا تملك قلبك عوارض الأغراض ، ولا تغير جوهرة قصدك طوارق الإعراض)(5).
      فالدفاع عن الرأي ومحاولة إقناع الآخرين به حق مشروع ، ولكن لا يجب أن يتم ذلك بالانحراف عن الحق ومجانبة الإنصاف والشطط في تسفيه وتخطئة آراء الآخرين ، فأجواء هذه المجالس الأصل فيها أنها أجواء أخوة وود وصفاء ، لا مجال فيها للمشاكسة وسوء الأدب وغمط الحق ، وإن اختلفت الآراء وتباينت وجهات النظر ، الذي هو أمر طبيعي ، فالعرب كانت تقول في أمثالها لا يزال الناس بخير ما تباينوا ، فإن تساووا هلكوا) ، ولكن هذا التباين وهذا النقد وذلك الرد يجب أن لا يقود إلى الخصومة ، ولا يؤدي إلى الكراهية ، بل الأصل بقاء المودة والألفة مادامت النية لله تعالى والمقصد تبيان الحق والوصول إلى الخير وحرص الجميع على مصلحة الدعوة والحركة ، وقد نقل شيخ الإسلام بن تيمية في الفتاوى عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يتناظرون في المسألة مناظرة مشورة ومناصحة ، وربما اختلف قولهم في المسألة العلمية والعملية ، مع بقاء الألفة والعصمة وأخوة الدين)(6).

      10) ــ التحلي بآداب المجلس :

      وفي الأخير لابد من التحلي بجملة من آداب المجلس ، والتي من بينها :
      ــ خفض الجناح ، فقد قال الفضيل لأن يلاطف الرجل أهل مجلسه ويحسن خلقه معهم ، خير له من قيام ليله وصيام نهاره).
      ــ ومنها الابتعاد عن النجوى من دون الآخرين ، فقد ورد في الحديث إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر ، حتى تختلطوا بالناس أجل أن ذلك يحزنه)( متفق عليه).
      ــ ومنها عدم الجلوس في أماكن الآخرين بعد شغلها ، فقد ورد في الحديث كذلك لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ، ولكن تفسحوا أو توسعوا)( البخاري في الأدب المفرد).
      ــ ومنها الاستئذان في الدخول إلى مكان المجلس عند التأخر وعند الانصراف لطارئ .
      ــ ومنها عدم التفريق بين اثنين إلا بإذنهما ، كما ورد في الحديث أيضا لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما)( الترمذي).
      ــ ومنها اعتذار البعض للبعض وقبوله والافتراق على ذلك ، فقد جاء في الحديث من اعتذر إلى أخيه بمعذرة لم يقبلها ، كان عليه مثل خطيئة صاحب مكس)( ابن ماجه) ، وقال الشاعر :

      قيل لي قد أساء إليك فلان وقعود الفتى على الضيم عــار
      قلت قد جاءنا فأحدث عذرا ديّة الذنب عندنا الاعتــــــــذار

      ــ ومنها عدم الغفلة عن ذكر الله مهما كانت طبيعة هذه المجالس واللقاءات ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه ، إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان عليهم حسرة )(أبو داود) .
      ــ ومنها دعاء كفارة المجلس ، فعن أبي برزة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يقوم من المجلس قال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك )، فقال رجل: يا رسول الله إنك لتقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى ، قال ذلك كفارة لما يكون في المجلس )( الحاكم).

      صفات مسيري المجالس واللقاءات:

      وقبل الانتهاء يحسن الإشارة إلى بعض الصفات التي يجب أن يتصف بها مسيرو المجالس ومديرو اللقاءات كما حددها علم الإدارة الحديث ، حتى تكتمل الصورة :

      1 ــ كسب احترام المشتركين في المجلس وثقتهم .
      2ــ وضوح الهدف من الاجتماع أو جدول أعمال المجلس في أذهانهم منذ البداية.
      3ــ الحياد وعدم إبداء الرأي الشخصي قبل الآخرين .
      4ــ الكلام بلغة الحضور ، واستعمال نفس المصطلحات التي يستعملونها.
      5ــ وضوح اهتمامه بكل الحاضرين واحترامه لهم .
      6 ــ وضوح كلامه وفصاحة لهجته .
      7 ــ قدرته على توجيه المناقشات إلى موضوع الاجتماع وتسييره إلى أهدافه.
      8ــ قدرته على الإقنـاع.
      9ــ إشراك الجميع في المناقشة وإبداء الرأي.
      10 ــ إشاعة روح المرح والارتياح.
      11ــ الحزم في غير شــدة.
      12ــ تجنب أسلوب (يجب عليكم ) ، وإتباع أسلوب (ما رأيكم في ، أو لو، أو أقترح أن).
      13ــ الابتعاد عن المجادلة والسخرية والاستهزاء من أحد الحاضرين ، أو تسفيه رأيه .
      14ــ التقيد بالوقت وعدم السماح لأحد بإضاعته.
      15ــ عدم الظهور بمظهر السيد على الحضور أو التسلط على أفكارهم وآرائهم.
      16 ــ قوة الشخصية ، بحيث يكون قادرا على رد الأمور إلى نصابها كلّما وقع التجاوز.
      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
      1 ــ الندوة العالمية للشباب الإسلامي ، أصول الحوار، ص39.
      2 ــ الندوة العالمية للشباب الإسلامي ، نفس المرجع ، ص38.
      3 ــ محمد فتحي عثمان ، التجربة السياسية للحركة الإسلامية المعاصرة ، ص31.
      4 ــ أبو حامد الغزالي ، إحياء علوم الدين ،ج3 ، ص308.
      5 ــ أبو إسحاق الشاطبي ، الموافقات ، ج1 ، ص26.
      6 ــ عادل عبد الله شويخ ، مسافر في قطار الدعوة ، ص155.

      الرابط :http://www.hmsalgeria.net/ar/modules...ticle&sid=2092

      تعليق

      جاري التحميل ..
      X