إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دعوة لــ ـ حـــــراكــــ !!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دعوة لــ ـ حـــــراكــــ !!




    الحياة قائمة، وهي مخلوقة متاحة لأبرار وفجار، فإذا اقتناها فاسد أفسدها، وإذا حازها مؤمن أصلحها.

    ومن هنا وجب على المسلم أن يقاربها ويطلبها: أموالها، وسلطتها، وعلومها .. ؛ فمن تقوى المؤمن أن لا يدع الدنيا لفاجر، بل يحوزها بدله ليصوغ حركتها.. صياغة سياسية وتعاملية وحقوقية وفق الشرع وحكم الحلال بعد إذ خلقها الله وبرأها وعرضها لتتم الحكمة التي وراء خلقها من خلال أسلمتها، بدل أن يتلقاها الكافر أو الجاحد أو البخيل فيعطل انتفاع المؤمنين منها ويحكرها لخدمة الفساد، وعلى هذا التمييز، أو على هذا الرجاء في أن يسبق المصلحون إلى التسلط ليديروا الحياة في مجال الإيمان: تقوم نظرية السيطرة الإسلامية على حركة الحياة، وتبطل نظرية التصوف في تعطيل منح الخلق التي رصدها الله لوعاة يستعملونها!!


    ومن تعابير المصلحين الدالة على استيعابهم أن للحياة حركة، قولهم: (وأمور الله جاريةٌ على أذلالها).
    أي مجاريها وطرقها ومسالكها كما قال اللغويون، وهو مأخوذ من الطريق المذلل، أي الممهد.


    ومعنى ذلك أنهم يدركون أن الحياة تحركها سنن تتكرر، وصيغ واقعية عديدة جعلتها دائبة سلسة متسلسلة لا تنقطع، وتؤلفها تراكمات تجانست؛ فأصبحت مثل العادة والعرف المألوف الجاري على رسله، وهذا التصور هو أحد التصورات الكلية لحركة الحياة التي نحرص على كشفها وتشخيصها، فإذا ميزناها وعرفناها صارت لنا عوناً على فهم واقعنا ومنهج تفرس في مستقبلنا، فنستعد ونخطط وفق هذه المعرفة ولا نرتجل، وتلك هي ثمرة وعينا لحركة الحياة.
    وهذا يتوافق مع مبدأ قابلية الفكر في النماء؛ فتبدأ الفكرة بومضة العقل الخافتة؛ منشأها الرغبة الجادة المخلصة في التغيير للأفضل ثم يتبعها ومضات مماثلة تتآلف فيما بينها وتتناغم مع بعضها وتستقوي ببعضها وتستمد حماستها من تكاملها ثم لا تلبس أن تشتعل من تحت رماد الكلمات وركام المقولات.. نوراً يضيء للسالكين طريقهم ويرشدهم لمقوماتهم الحضارية الدفينة التي لم تنجح القشرة الهشة التي تكسوها في إخماد نارها وإخفات ضوئها، إستجابةً للتحدي؛ فالحضارة لا تنشأ إلا حيث تكون البيئة صالحة لتحدي شعب ما، وإلا عندما يكون هذا الشعب مؤهل للإستجابة لهذا التحدي.


    فتنطلق هذه الومضة من عقول نفر من أبناء الأمة المخلصين ، الذين أعيتهم التجارب وخبراتها ، وأثقلت كواهلهم الهموم وتوابعها ، فأكسبتهم إرادة التحرر ورغبة التغيير، فوهبتهم لمعات الفكر وآيات الإجتهاد، وأنعمت عليهم المقدرة الإلهية بالسكينة والطمأنينة ومن عليهم الكريم المجيب بالقبول والرشاد ..

    فانطلقوا يشيدون حضارتهم وينمذجون تجاربهم ويحيلون نظرياتهم تطبيقاً مجسداً. فأدركوا أنّ سلوك الأفراد في مجتمع من المجتمعات ما هو إلا الترجمة العملية لما يؤمنون به من أفكار، وأن المجتمعات التي تدور في فلك الأفكار الصحيحة، تتفوق على تلك التي تدور في فلك الأفكار الخاطئة، وتفوق تلك التي لا زالت تدور في أفلاك أشخاصها وأشيائها، كما كانت حال الأمة المسلمة الأولى في صدر الإسلام وتفوقها على مجتمعات الرومان والفرس وغيرها.

    فإحاطة عدونا بنا، ووصولنا إلى مرحلة الشتات والفرقة، ودخول أمتنا مرحلة (القصعة).. كل ذلك دليل على وجود خلل في البنية الفكرية والطروحات العقيدية التي أثمرته، مهما كانت دعاوانا عريضة، وأصواتنا مرتفعة ، فالأسباب في الحقيقة (فكرية) أساسها المعتقدات والقيم والأفكار، أمّا الأعراض فهي سياسية واقتصادية واجتماعية..، ومن هنا فإنّ بداية أي تغيير لا بد أن يحدث في الأفكار إبتداءً، وبقدر ما تملك الأفكار رصيدًا قويًا من الاستجابة لدى الأمة وتغييرًا ملحوظًا في مجال سلوكيات أفرادها وعلاقاتهم الاجتماعية، ستتحول هذه الأفكار إلى ثقافة معطاءة يمكن أن نقول إنّها تشكل نقطة البدء تتكامل بعدها حلقات السلوك لإحداث التغيير والإصلاح المنشود.

    ][ وكما أن الماء يأسن بالركود وتكدر صفوه عوامل الجمود ، فإن التحركات الإصلاحية تعتري صفوها عوامل الضعف والوهن إذا جمدت على شكل من الأشكال أو هيئة من الهيئات، مالم تسري فيها روح تطويرية وهمّة إبداعية تبدد الكدر وتصفي ما علق بها من شوائب الأسن وتزيح الأنماط التقليدية الجامدة بمثليها من الأشكال الإبداعية المبتكرة المتجددة؛ فإن الأمور إنما تتميز إذا وضحت أضدادها، ومحاسن المعروف إنما تستبين لو انكشف الخمار عن وجه المنكر وظهر قبحه، ولهذا كانت أولوية وأهمية المحافظة على التنوع الفكري المثري الذي يعد أرضية محفزة لأي نشاط إبداعي جماعي. ][



    فعدم التطور: هلاك، وذلك هو منطق الفقه، وتلك إشارة إلى معادلة إيمانية، وذلك هو الذي يفسر العمران الحضاري الإسلامي بالأفكار والعلوم والآداب حينما يكون الأمن والاستقرار، كما في حقب رواها التاريخ، مما كان في بغداد، وفي الأجنحة: خراسان شرقاً، وشمال أفريقيا والأندلس غرباً، وما بين ذلك، فإن المنافسة الإسلامية الخيرية داخل مجتمع المؤمنين أنتجت ثقافة واسعة، ومعارف، وطباً، وعمارة، وأوقافاً، وتحركت الحياة في الوجهة الإنتاجية التصاعدية.

    ولكن هذه الحصيلة الخيرية لم تمنع قيام تناقضات بجانبها، أصلها ابتداع، أو صراع على السلطة، فكان العمل الإصلاحي الاستدراكي المتنوع لجيل بعد جيل من الساسة والفقهاء، ولم يمنع محاولات الغزو الخارجي، بسبب وجود التناقض بين البشر، فكان الجهاد، وكل ذلك أنتج كماً هائلاً من تحريك الحياة في كل الاتجاهات، وما تزال الظاهرة مستمرة.

    ][ ومما يبعث على الشعور بالأسى أن نفراً من بني أمتنا الذين أرتأوا الإقتداء بمن سبق والتأسي بمن سلف، أقتصروا في إقتدائهم على الأنماط والمنتجات التي أبدعها السابقون فلم يضيفوا عليها –رغم أنها وليدة بيئتها وعصرها- ولم ينهلوا من روح السابقين التجديدية ومنهجيتهم الإجتهادية التطويرية.. ][


    والفساد في عالم الأفكار هو فساد شديد الوطأة، عظيم التبعات، تلمح أثره واضحًا في هذه الصيحات الشاذة والشبهات القاتلة، تلمسه جليًّا حين ترى الأفكار عاجزةً أمام المستجدات، لا تستطيع النفاذ خلال الواقع بسهولة، فربما تنكسر الفكرة وتخضع أمام العواصف، وربما تحرفها النجاحات عن غايتها الأصلية وربما يكون ذلك الفساد استسلامًا أمام قضية من القضايا لا تستطيع التصرف فيها، بل ربما كان هذا الفساد متمثلاً في ضعف التأثير وتراجع الإنجازات التي حققها السابقون، أيٌّ من هذه الأعراض السابقة هو علامة الفساد والاضطراب الذي طرأ على فكرة نتيجة ركود أصابها على مدار أجيال مختلفة من حامليها.


    من هنا نستطيع أن نقول إن الطريقة المثلى للتعامل مع الأفكار والمناهج هي طريقة التفاعل والتلاحم، طريقة الإبداع والإثراء، يتلقاها كل جيل فيعرضها على واقعه ويعرض واقعه عليها، ثم يعمل فيها فكره وعقله، فيفرز ذلك أفكارًا جديدةً وأنماطًا غير تقليدية، تكون أكثر ملاءمةً ومسايرةً للتغيرات المحيطة فتكون المحصلة صياغة مستقلة للجيل قد صنعها بنفسه يحملها في قلبه وينطلق منها في ميادين الانتاج والنهضة، وبدلاً من أن تكون الاجيال كلها نسخًا مكررةً متشابهةً متطابقةً، يصبح كل جيل علامةً مميزةً في حدِّ ذاته ومنارةً عاليةً واضحةً في تاريخ الدعوة والنهضة.



    ][هي دعوة لتناول المناهج والأفكار بطريقة غير طريقة التلقِّي فحسب، ولكن طريقة الفكر والإبداع، بحيث نبدأ من حيث انتهى أسلافنا، متخذين من تجاربهم رصيدًا رائعًا من الخبرات، ومتخذين من أفكارهم وتصوراتهم منطلقًا نكتشف به واقعنا ونخوض به غمار حياتنا، نحمل هذه الأفكار بعقول حيّة تضفي عليها كل يوم ما هو جديد، في إطار لا ينكسر من الثوابت والأصول، نربي أخلافنا على هذا النمط الإبداعي في التعامل مع المناهج والأفكار، فتسير الفكرة في سلسلة متعاقبة من الأجيال المبدعة القادرة على دراسة الواقع والتعامل معه، فتنمو الفكرة كل يوم ويزداد تمسك أبنائها بها، وتصبح أكثر قدرةً على مواجهة التحديات والتغيرات؛ حتى يكون النصر وتكون النهضة بإذن الله تعالى. ][



    ][ هي دعوة لمواجهة الركود بـ “حراك” مؤثر يعيد المياه لمجاريها ويحفظها من الأسن، نحاول فيها دراسة العوامل التي أدت للواقع الحالي والحلول التي نحتاجها للتغلب على العقبات وإجتياز العوائق ][
    .




    يقظة فكر
جاري التحميل ..
X