إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من سيرة الشيخ ابن جبرين رحمه الله وأقواله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من سيرة الشيخ ابن جبرين رحمه الله وأقواله

    بسم الله الرحمن الرحيم


    هذا اقتبسته من مقال عن الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله والذي كان لا يتوانى عن قول كلمة الحق فاسكن الله حبه في قلب البر و الفاجر رحمه الله واسكنه فسيح جناته ...وساورد بعضا من كلماته بعد سيرته


    عبد الله بن جبرين
    (الأسطورة المشاهدة )

    خضر بن صالح بن سند







    الشيخ بن جبرين




    شيخ في الثمانين من العمر , تداعب همته ونشاطه مخيلة أبناء العشرين .
    ليس ابن جبرين من دهماء الناس وعامتهم , بل هو رأس الطبقة وزينة الوقت, وهو اليوم مفخرة من مفاخر علماء السنة , وعالم من أكابر علماء الزمن الحاضر .
    كل من جالسه عرف أنه عالم وداعية , زاهد وداهية , عربي غير مستعجم , حضري غير خاضع لذل الحضارة , شيخ في طاقة شاب , ورجل يحمل همّ أمة .
    بلغ من العلوم أعلاها , يرع في العلوم حتى أُعجِب به من رآه وسمعه , وبرع في التعليم حتى أتعب من بعده .


    بين الواحات بيوت القرية




    عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين هكذا اسمه الكامل , ولد في عام (1349) في قلب جزيرة العرب , بين قرى وادعة , ونخيل باسق , وصحراء ممتدة شاسعة , تسمى بلدته الكبرى (القويعية) , وقريته التي نشأ بها مع والديه تسمى (الرين) وهي قرية صغيرة تتبع إدارياً البلدة الأم.
    تقع هذه المنطقة بعيداً عن الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية بمسافة (160)كيلوا متر تقريباً , في الطريق المؤدي لمكة ويعرف بطريق الطائف , ولد ابن جبرين في قلب الجزيرة الصحراوي حيث عَرَف الرمال والتلال , وعرف المزارع والأشجار التي هي واحات في عمق الصحراء , تنقل على ظهور الجمال , , ذاق حرارة الشمس النجدية , جلس بجوار أشجار الغضا يناجيها وتناجيه , وسرح ببصره في جلال وعظمة الكون ليلاً ونهاراً .
    لعب وقفز على بيوت الطين المنتشرة هناك , شرب من مياه الآبار الضحلة وجلس على أطرافها يسمع الأخبار والحكايات , لبس الملابس المتواضعة في قريته الطينية , لم يلبس الغالي والنفيس , لم يفكر في شراء أثواب كل شهر أو شهرين , بل كان مثل أبناء الجزيرة العربية آنذاك يفرح بالثوب والثوبين من العيد إلى العيد , عاش بين الناس الذين تقاربت مستويات معيشتهم , عاش بآمالهم , وعاش بأحلامهم , وتغنى بمستقبلهم , ضحك بين النخيل , جرى مع الطيور والعصافير يداعبها وتداعبه , وجرى مع الصبية وهم يلهون بين ماء الزروع وبقايا الغنم والإبل هناك , يراه الناس وهو قد ملأ الطين رجليه وساقيه النحيلتين ويفرح بذلك الجو البهيج فهو يعتبر ذلك شعاراً للإنسان الحر النبيل .
    لم يكن والده في القرية رجلاً عادياً بل كان من المتعلمين , ولذلك أحاط ولده برعايته , ونشأ بن جبرين بين أبوين حنونين في بيوت الطين الجميلة , حيث الحياة الريفية الهادئة البعيدة عن منغصات المدن , حفظ القرآن وهو صغير , تعلم على طريقة الكتاتيب والكتابة في الألواح , نشأ بين مكتبة والده وقرأ عليه عدداً من العلوم , وتنقل على شيوخ القرى يطلب العلم , ومنهم شيخه الأكبر الذي يدعى عند الناس أبو حبيب واسمه ( عبد العزيز الشثري ) فقرأ عليه كثيراً من العلوم والفنون ولازمه ملازمة كثيرة وطويلة , يراه الناس بين المزارع والنخيل وهو يمشي على قدميه ليسمع من شيخ في قرية أخرى أو يرحل لقرية أخواله , وأحياناً يركب الجمل إذا كان المكان بعيداً يحتاج لوقت طويل ليسمع حديثهم ويتعلم منهم .
    في قريته أوفي طريقه لزيارة القرى , يلتقي مع الناس على سجيتهم , يشاركهم البيع والشراء , يسمع قصصهم وأخبارهم وغزواتهم ومعاركهم , يتعلم طريقة الحياة , يرى الفلاح والعالم والشاعر كيف تتلاحم أواصر المحبة بينهم في القرية الصغيرة , نشأ وشبّ وكبر في قريته وبين أهله وذويه , ربما رحل مع والدته إلى أخواله في موسم التمر حين يشتد , فيسير بين الرمال والتلال والكثبان وفي بطون الأودية وهو فرح مسرور تلفحه شمس الصحراء , ويتقيها بيده أو يحجبها بقماش فوق رأسه أو يداريها بظل بيت طيني قديم أو شجرة باسقة شامخة , حياة وادعة , أناس طيبون على فطرتهم وسجيتهم , لا يوجد أخلاط من أجناس الناس وشعوب الأرض , عرف النقاء والصدق منذ نعومة أظفاره .

    ابن القرية في العاصمة




    تمر به الأيام والليالي , وتسير به السنون , يخرج ذلك الفتى الجميل القروي بقوامه المعتدل كالسيف الصقيل , يخرج بعد أن قارب الخامسة والعشرين من العمر من قريته ليؤم الرياض عاصمة المملكة السعودية , خرج مع شيخه عبد العزيز أبو حبيب , خروجه كان في عام (1374) , ذهابه إلى لرياض لأجل أن يدرس في مدارس التعليم النظامي في المعهد الذي أنشأه المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم , تقدم للدراسة وتم اختباره وأختاره المفتي آنذاك ليكون مع طلاب السنة الرابعة لنظراً لتقدمه في العلوم , وبناء على تزكية شيخه أبو حبيب الذي أصبح مدرساً في ذلك المعهد.
    لقد وصل إلى الرياض من قريته بعد أن صلب عوده وتزوج وأحاط بكثير من العلوم والفنون , ترك الشاب أسرته الصغيرة ووالديه في القرية وسافر هو بجسده وبقي قلبه , سيعيش بضع سنين لوحده في بلد الغربة كما يراه آنذاك قبل أن يستقدمهم , وسيرسل من مصروفه لأهله لكي يقتاتوا عليه , سيرتقي في سلم النجاحات والتفوق إلى أن يصل القمة .
    وفي الرياض يأنس بحضارة المدن الكبرى , يتأقلم مع تلك الحياة المعقدة , تستمر حياته في الرياض بقية عمره , ويعيش بجسده بين أكوام البشر وزحمة الطرقات ودخان عوادم السيارات , ويبقى الفتى القروي في عاصمة الحضارة كما هو بأخلاقه العربية , فهو كريم , وشجاع , وشهم , و(صاحب فزعة ) , وهو لا يرضى بالكذب , ولا يأنس بالمجاملات الخادعة , ولا يحب أن يحيى حياة اللهو والعبث أو حياة الذلة والهوان .
    يعيش مع عامة الناس كما سيعيش بعد ذلك مع الملوك والكبراء , تمر به الأيام فإذا هو يطأ بأقدامه البلاط الملكي والقصور العامرة , بعد أن كان يمشي في تراب القرية وطينها سابقاً , فلم يتغير من هيبة الحياة وقيمتها شيء في نظره , كان في القرية يسير على الرمضاء , ويسافر على الجمال , أما في المدنية الصاخبة الواسعة فهو يسير بالسيارات المكيفة الفاخرة , ويسافر بأسرع الوسائل الحديثة , تغير النمط والأسلوب ولكن بقيت المعاني والقيم كما هي , بل حتى ثوبه ونعله وهيئته هي من فصيلة وسلالة ذلك الملبوس القديم مع تطوير لا يكاد يذكر , فالإنسان العربي في قلبه وحياته لم يتزحزح , وجوهره واحد وإن اختلفت الأماكن والصفات .
    تحول ذلك القروي لأشهر أبطال العاصمة , فهو غاية في البساطة والتواضع في الحديث مع الجلساء , وغير معقد في صفة الجلوس حيث يترك نفسه على سجيتها القروية , فيحترم الجليس ويقوم للغريب ولا يمل المرء من مجالسته اللطيفة , وهو سهل في مواعيد الزيارة والحياة الاجتماعية, وفوق كل هذا هو في القمة من العلم الواسع المتخصص والثقافة التي يعجب المرء من تنوعها في صدره , ولديه من الشجاعة والقوة ما يبهر أبناء المدن وسكان العواصم الذين أحبوا الحياة وبهرجها, وهو من أقدر الناس على التعامل مع الحضارة الحديثة , ولديه القدرة على فهم أبعادها وحاجة الناس إليها , فلم يتقوقع حول نفسه , أو ينكمش مع الماضي الجميل الذي أدركه .
    تفوق دراسياً على زملائه , وترقى في شهادات التعليم النظامي , وحصل على شهادة الدكتوراة التي تفخر به ولا يفخر بها عادة , حصل عليها بعد أن قارب عمره الستين سنة , وذلك في حوالي عام (1407) , تقدم بها في مجلدات كثيرة , وهي في تخريج أحاديث كتاب وتحقيقه , وهو شرح الزركشي على مختصر الخرقي , لم تكن الشهادة ذات قيمة علمية له آنذاك , ولكنه ساير الحضارة ولم ينقطع عنها , ولم تكن هذه الشهادة لتهبه منصبا جديداً , أو سلماً وظيفياً عالياً فقد بلغ سن التقاعد أو قاربه.
    لم يعاتب نفسه بقوله إني بدأت في الدراسة النظامية بعد أن بلغت الخامسة والعشرين فماذا تفيدني هذه الشهادات , لم تراوده نفسه أنه نشأ بين بيئة علمية تقليدية لاتقدر هذه الشهادات وحملتها , لم يفكر أن مشايخه لم يحصلوا على شهادة رسمية ولو صغيرة , ولكنّ نفسه طامحة للسمو والعلو وهاهو البطل اليوم يصبح عصرياً , بدأ من الكتابة على الألواح في كتاتيب القرية , ودرس في التعليم النظامي بعد أن كبر سنه , وناقش رسالته ولحيته بيضاء ناصعة , ناقشها وطلابه هم دكاترة الجامعات وعمداء الكليات , ولم يرهبه هذا فأحب أن يمارس هوايته العلمية , أحب أن يمشي في ركاب الحضارة ويكسر التقاليد والأعراف , فعاش عمره بين النخل والماء وبيوت الطين ولازال يحب تلك الحياة ويألفها , وعاش بين المدن والطائرات والبنايات الضخمة .
    إنه مذهل حقاً فقد جمع بين الأصالة والمعاصرة , بين القلب القروي والعقل الحضري .


    منزله ومناصبه الزهيدة





    لم يأبه للمناصب الرسمية , وكثير من الناس يصفونه بمناصب تَشرفُ به, وينعتونه بها من حسن ظنهم بنزاهة المناصب ومن يتولاها , لكنه لم يعين فيها أصلاً , بل ليس له منصب رفيع إلا في قلوب الناس , فهو خطيب لجامع عادي في الرياض , وعضو إفتاء متقاعد فقط , هكذا بدون زيادة , شغل منصب معلم في معهد في الرياض سنين طوال , وهذا المعهد إنما تعادل شهادته الثانوية , ونقلت خدماته للجامعة على كبر سنه , فلم يمكث فيها إلا بضع سنين .
    ثم طلبه شيخه ابن باز ليكون معه في رئاسة الإفتاء بمرتبة مفتٍ يرد على الهاتف ويجيب على الأسئلة الشفهية ويراجع البحوث قبل نشرها بمجلة الإفتاء , لم يكن ذا منصب رسمي كبير في رئاسة الإفتاء مثل بقية الشيوخ , ولكنه إذا دخل مكتبه تقاطر الناس عليه كما يتقاطرون على مواقع الربيع والخير , فكان هو زينة للمنصب , وبقي رفيع الجاه والمكانة عند الناس .
    هذا هو ابن جبرين رجل يملأ سمع وبصر طلبة العلم في الخليج قاطبة , يتشرف طلبة العلم بجلسة معه , يفخرون بسؤاله مباشرة , وهو يحبهم ويودهم ولا يأبه بدنياهم , وما ازداد إلا حباً في قلوب الناس , وما أزداد إلا تواضعاً , فهو طيب القلب , وادع في تعامله , حنون على أمته وأبنائها.
    هاهو يبحث عن اليتيم والأرملة ,كما يبحث المزارع عن شجرة يحبها فينظر هل تحتاج لعناية فيصلحها , يقضي سحابة نهاره مع الشعب , يمسح دمعة هذا , ويشفع في حال ذاك , يجمع تبرعات لتلك الأسرة الفقيرة , يسدد فاتورة الكهرباء لذلك العجوز الذي لم يجد معيناً وأنيساً , يسمع الأخبار عن أحوال المضطهدين والمشردين في العالم , يبكي ويحزن ويتألم لمصاب ابن آدم على هذا الكوكب الصغير .
    في بداية الأمر سكن الرياض في أول قدومه في بيوت الطين وبقي فيها دهراً طويلاً , ثم بنى بيتاً في حي من أحياء المدينة الممتدة وبيته الجديد في الرياض لم يبنه إلا بعد أن زاد عمره على الخمسين , يقع المنزل في منطقة عادية وحي يسكنه عامة الناس , وكان مبلغ بنائه للمنزل عبارة عن قرض من صندوق للإقراض العقاري الحكومي في المملكة بدون فوائد ربوية .
    فهو مثل بقية عباد الله من أواسط الشعب ذوي الدخول المحدودة رغم شهرته وسمعته , يقترض من الصناديق العامة , ويسدد من حسابه كل شهر , ولو أراد أن يتاجر بكتبه أو يرتزق من محاضراته ودروسه لفعل ولغنم أي غنيمة ,لم يهرب من الدنيا ويرفضها , ولكنه لم يركض ويلهث ورائها , ومع ذلك جاءته الدنيا صاغرة فركلها بقدميه , وآثر ما عند الله فعاش سعيداً محبوباً من الناس .


    أبطال من الصحراء




    نخوته ونجدته أصبحت حديث الناس , فهو يتكلم بصوت مسموع إذا عجز العلماء عن النطق , ويتحرك إذا قعدت بهم نفوسهم عن الحركة , يصارع الحياة ويغالب الوقائع , يراه المرء في مواقف الكرامة التي يخشى الشاب على نفسه من الولوج فيها .
    لا يرضى بأن تؤذى حمامة فكيف بأن يؤذى مسلم , وأعظم من ذلك في نظره أن يكون الذي لحقه الأذى عالماً مخلصاً , أو شاباً أوذي من أجل دينه وعقيدته , فيراه الناس جميعاً يحرص أن يكون أول الزوار له , والمناصرين له , لا يبالي بكلام الناقمين , ولا يلتفت لغضب الغاضبين ممن جرفتهم الأهواء , أو خشوا أن يؤثر ذلك على مكانتهم الدنيوية أو مناصبهم الرسمية .
    عرفه طلبة العلم في المواقف الصعبة , فهو لا يتحدث إذا وجد من يكفيه في الحديث فهو لا يتكلم لمجرد أن يقال تكلم فلان, وهو لا يشارك الغوغاء صخبهم سواء كانوا من المنتسبين للعلم أو جهلة الناس , ولكنه إذا رأى أن العجز والضعف دب لقلوب الخاصة , وخشي أن لا يقوم بالحق قائم , تراه وقد قام من بين الصفوف ليكون فيصلاً وناطقاً يحمده التاريخ , فهو يَسترُ عنا سوءة الضعف والخور التي رافقت المسلمين في عصورهم المتأخرة .
    في مواقفه تلك يحرص ألا يؤذي هذا ولا ذاك , فهو لا يَمدُّ لسانه لشتم أحد أو التنقص من أحد, بل يعمل في صمت وخلق رفيع , ويحمل في قلبه صدق العربي القروي الذي يعامل الناس بصفاء سريرة ومودة ومحبة , ولذلك زرع محبته في قلوب الحكام والمحكومين , فهو طراز فريد اجتمعت فيه غيرة المؤمن وإباء وعزة العربي الصميم .
    يحافظ على الأمن الفكري والأمن الحسي , لا يشوش على الناس حياتهم , ولا يحث على زعزعة الأمن , ولا يقبل أن يشوه الدين , يقف بحكمة وروعة دائماً , ولو جمعت مواقفه في ذلك لكانت شيئاً عجباً يستفيد منها الجيل بعد الجيل .
    من مواقفه التي أوذي فيها وخرج ناصعاً نقياً , موقفه من طائفة من المنادين بشعارات ظاهرها الرحمة وباطنها الخداع والتمويه .
    فقد فصل من عمله الرسمي بسبب جمعية تأسست باسم الدفاع عن الحقوق , وليس لها من اسمها نصيب , جاء أصحابها إليه فأيدهم شفهياً , كما يبارك ويؤيد كثيراً من أصحاب المشاريع , فأوهموا العامة أن من زعمائهم ابن جبرين , كانت هذه الوقائع والأحداث بعد حرب الخليج التي احتل فيها العراقيون الكويت بسنتين وذلك عام (1413) .
    فثارت عليه الصحف ليس من باب كرهها في المعارضة , ولكن لأنه عالم شرعي ديني ورغبة في إقصائه , وإلا فمنهج عدد من الكتاب في الصحافة العربية فيه لوثة كبيرة , وعدد منهم ينتمي لتيارات فكرية هدامة ويعلن ذلك في كل محفل , ومع كل تلك المخازي لعدد من كتاب الصحف لم تتحدث الصحافة عن أصحابها , ولم تزمجر في وجه أصحابها بالويل والثبور وعظائم الأمور كما هي عادتها إذا كان الخصم يمثل الإسلام , وعندما قامت الحملة الشرسة عليه لم يحاول ابن جبرين إثارة الرأي العام ولا الانتصار لنفسه , ولم يشتم أحداً أو يؤذي أحداً , فهو لم يتعود على الانتصار لنفسه , وإنما هدفه دائماً نصرة الإسلام .
    ثم بعد فترة عرف ابن جبرين حقيقة هذه الفئة , بعد أن تواصل معه عدد من كبار العلماء الذين عروهم من قديم , وعرف أنهم يتلبسون باسم الحقوق ليصلوا لمآرب أخرى , ففاجأ الناس بخطاب كتبه بخط يده , كما هي عادته في خطاباته وفتاواه التي لا يقبل أن يصوغها أحد له , نشر تبرؤه من هذه المجموعة بكل وضوح وبدون لبس وغموض , وأعلن عدم تأييده لهم ولمنهجهم , وذكر أن الخير والصلاح في جمع الكلمة , ولم الشمل , وأن التفرق مذموم في الشريعة , ومنهج الإصلاح ليس فيه تأليب على انفلات الأمن , ولا دعوة للخروج على النظام العام , وليس فيه تهيج لعواطف العامة واستغلال سذاجتهم وسطحية تفكيرهم , ولا تلبيس وتدليس للحقائق وكتم الحسنات وإظهار السيئات .
    شجاعته في التبرؤ منهم أذهلت الناس , فهو بهذا يخالف سذاجة العامة وبساطة تفكيرهم , وكثير من أصحاب الأقلام الصحفية يحاول أن يكسب التيار المعارض ولو كان على الباطل والجهل , والحق أن العالم الرباني هو الذي يقول الكلمة بناء على ما ترجح له , ليس بناء على ضغط طلابه وجمهوره , ولذلك كان بيانه في تلك الفترة من علامات قوته وشجاعته في قول ما يعتقد هو , وعدم قبوله للفكر الهمجي الغوغائي .
    من مواقفه الخالدة موقفه في الدفاع عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والدفاع عن أعراض أمهات المؤمنين , لقد سطر على صفحات المجد أروع القصص في الذب عن أعراض الأبرار الأتقياء , وجاءه من الأذى ما لو وزع على جموع كثيرة لأتعبهم , حرصه على العقيدة والتوحيد أكثر من حرصه على جمع حطام الدنيا والسعي خلف بهارجها ومناصبها , لم يحسن بعض الجهلة التعامل مع مواقفه هذه , وشنعوا عليه وعليها , ولكنه قال وكتب ما يكون شامة في جبين الأمة التي ضرب الذل والهوان على أكثرها .
    ابن جبرين لازال شوكة في حلوق طوائف من أهل البدع والخرافة , وخاصة الرافضة الذين يشتمون الصحابة ويكفرون أمهات المؤمنين ويطعنون في الرسالة الخالدة وقرآنها وحملتها , ويتمسحون بقبور الأولياء ويدعون سادتهم عند الملمات وينسون فاطر الأرض والسموات .
    فتاواه فيهم مصدرها الكتاب والسنة , وهدفها حماية المجتمع المسلم من الاغترار بالشعارات البراقة ونسيان العقائد المنحرفة , كان موفقاً وحكيماً وشجاعاً في مواقفه , فكم من رسالة جامعية لم تؤثر فيهم , وكم من مؤتمر عام للتنديد بجرائمهم لم يظهر أثره عليهم , وكم من خطبة ومحاضرة تكلمت عنهم لم تجد طريقها للناس .
    ولكن قصاصة من كلام من ابن جبرين أو خطبة منه قلبت الدنيا ظهراً على عقب , وتلقفتها القنوات الإخبارية مباشرة , وسعت الصحافة لإبرازها والحديث عنها فالمتحدث هو العالم الجليل وبطل الرياض العظيم .
    كلامه عنهم طار في الشرق والغرب وأصبح تاريخاً لوحده , كما فعلت فيهم يوماً من الأيام خطبة إمام المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي , لقد تعالت صيحات الرافضة مطالبة النصارى بمحاكمة ابن جبرين !! , تعالت صيحاتهم المشبوهة مطالبة بمحاسبته علناً وهو طريح الفراش يصارع المرض لا يدري عن نفسه , فهل رأيت مريضاً يهابه ملايين الأصحاء في الأبدان!!, فصحة العقل والدين لا يعدلها صحة وقوة , ومرض العقل والدين لا يصلح معه شيء آخر.
    ابن جبرين رغم فتاواه في الرافضة قد بين مراراً للطلاب والناس مغزى الفتاوى , فبيان الحق لا يعني استحلال الدماء وخلخلة الأمن , ففرق بين البيان العلمي وحماية عقول الناشئة والعامة , وبين القتل والتدمير وإزهاق الأرواح .
    وهذا حق وعقل , ومتى اجتمع الحق والعقل الرشيد صلحت البلدان وعمرت الأوطان وحميت الأديان , وإذا نظرنا كيف أن الله أمر بجهاد المنافقين , وأمر بالغلظة عليهم , وهذا الأمر بجهادهم جاء في أكثر موضع , ولم يكن أمراً للندب بل هو للوجوب , ومع ذلك لم يأمر الله بقتلهم , ولم يأمر الله بزعزعة الأمن في المدينة النبوية التي كثر فيها المنافقون في عصر النبوة , وقد تَرَك النبي صلى الله عليه وسلم قتلهم تقديراً لشعور الناس العام وحتى لا يقال إن محمداً يقتل أصحابه .
    وكان النص القرآني يفضحهم ويفضح مخططاتهم , ويُشِّهر بأعمالهم , ويتحدث عن صفاتهم وطريقة كلامهم , ولكن بقيت شخوص كثير منهم مجهولة لكثير من الصحابة , حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أخبر نفراً يسيراً من الصحابة عن شخوص المنافقين وأسمائهم , وعاش الناس في ظل دولة إسلامية , تطبق شرع الله , وتقيم حدود الله , وهي تعلم أن من بين أبنائها ومن بين أعضائها شياطين في المكر والفساد والعناد .
    وإذا كان هذا حال القرآن مع المنافقين فهكذا حال العلماء الربانيين مع أهل البدع , فهم يبينون للناس دين الله , ويفضحون المخططات ويجهزون عليها , يقولون الحق بدون مواربة أو ضبابية أو غموض وتلبيس , فدين الله له رجال يحمونه , وله رجال يذودون عن حياضه , ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين .
    وكلام أهل العلم يجب أن يفهم على أنه للبيان والحقيقة , وليس استغلالاً لواقع سياسي أو مطمع دنيوي , وأعمال الجُهال لا يلام عليها العلماء , وإلا لحذفنا آيات العداوة من المصحف مع اليهود والنصارى حتى نجامل اليوم الغرب ونسير في ركاب حضارتهم .

    الرحالة الكبير في جبال وصحراء المملكة



    الحق الذي لا مرية فيه أنه بعد وفاة شيخه ابن باز أصبح عالم الرياض الأكبر , ومفتي الناس , ومعلم الناس الخير , الشيخ الذي يتترس الشباب الأقوياء بفتاواه ومواقفه ويكون أولهم في الصف , صاحب الرحلات الصيفية الوعظية والإرشادية الطويلة جداً .
    تراه وهو شيخ كبير تتناوشه الأمراض , يسافر في كل صيف يطوف المملكة من شرقها إلى غربها , ومن الجنوب إلى الشمال , يقطع الآف الكيلومترات , يبحث عن الناس في المدن , أو في البوادي , يبحث عنهم في مدينة عالمية , أو قرية ساحلية , أو مجموعة تعيش في الجبال بعيداً عن الحضارة , لا يهمه ذلك , المهم أنه سيجد بشراً يتحدث معهم , سيجد أقواماً يرشدهم إلى الله, سيجد أناساً يسألونه فيجيب .
    يجلس بين الناس بكل حب وود ونقاء , يبين لهم أحكام الشريعة بوضوح ويسر , يراعي ظروفهم , ويتكلم بما يناسب عقولهم , يتكلم ولا يمل هو من الحديث المكرر فهو يتكلم في هذه القرية , ويعيد الموضوع عند جارتها , وهكذا بدون ملل , ربما شرح لهم كتاباً وأقام أياماً , وربما عقد لهم دورة علمية مكثفة كل سنة , يكتب لهم التزكيات والتوصيات , ويزور مشاريعهم الخيرية ويجلس مع أعضائها , ويلتقي بالقضاة وطلبة العلم والدعاة الذين يحرصون أن يروه ويجلسون معه , مع أنه لا يحمل صفة رسمية للزيارة , بل يسبق زيارته أحياناً تنسيق مع رجال الدعوة هناك , لا يدخل قصور المسئولين والأمراء في المناطق إلا نادراً , تراه يسكن في منزل متواضع أو فندق عادي , يظنه الإنسان يستعجل نشاطه قبل عجزه , ويمارس رياضة مع روحه وجسده ليرتقي بها للكمالات .
    وكل هذا يفعله بدون مقابل مالي أو تكليف رسمي , والأعجب أنه يسافر بدون أن يتنقل في طائرة ليس لأنه يحرمها , بل لأنها لن تدخل القرى والبوادي التي يريدها , فهو يتنقل بسيارته في لهيب الحرّ حيث صيف الجزيرة العربية اللافح , يتنقل مع رفقة من طلابه , تارة في مدينة جبلية أو في مدينة ساحلية , من مكة إلى جدة والطائف والباحة وأبها , ثم تراه يسافر إلى الساحل الشرقي لدورة علمية مكثفة , ثم يعود إلى المدن النجدية القائمة على الصحاري اللاهبة , ثم شمال الجزيرة مروراً بالمسجد النبوي , ويستمر في الرحلة قرابة الشهرين من كل عام , وهو قد جاوز السبعين من عمره .
    ولقد حدثني عدد كبير من الدعاة عن القرى النائية التي دخلها , ولقد رأيته بنفسي أيضاً يدخل مناطق وقرى بعيدة عن مواطن التجارة والمطارات والأسواق , وهذه القرى لم يزرها داعية بحجم أحد من طلابه فكيف بمثله , فتراه بين الجبال في قرى تهامة , وفي سهول الأودية , وفي قرى الشمال حيث الصحراء , وهو في غاية النشاط والحرص على التعليم .
    يتغير رفقائه في الرحلة أحياناً , فمن ذا الذي يستطيع أن يصمد كما يصمد ؟ , ومن ذا الذي يتحمل ويطيق ما يتحمل ؟ .
    إنه يحمل قلباً نقياً , قلباً ينبض بحب الإسلام , قلباً لم يزل يحب الناس ويأنس بهم , قلباً يحب الإرشاد والوعظ والتعليم ونفع الناس , إنه يبحث عن الناس ولا يكتفي بمجرد الكلام , يبحث عنهم في المساجد والتجمعات .
    حدثني أحد خواص طلابه ممن يعمل مدرساً في إحدى الجامعات قائلاً :
    قررت يوماً أن أصحبه في محاضرة خارج الرياض بمائة وخمسين كيلاً , فاتفقت مع سائقه الذي هو من طلابه عادة , فصليت العصر مع الشيخ في المسجد يوم الأربعاء , فألقى درسه في الفرائض وشرح الرحبية , ثم انطلقنا قبل المغرب وصلينا قي أطراف الرياض , ولازلنا نسير وهو يملأ السيارة علماً وحكمة حيث كنا اثنان معه فقط , وربما سمع شريطاً لبعض محاضرات طلابه أو من في مستواهم , يقول تلميذه هذا ثم استأذنته في قراءة قطعة من كتاب زاد المستقنع , فأذن لي , فكان يشرح لي كما يشرح في المسجد أو سع , وكنت أناقشه في كل مسألة , وهو لا يتململ من ذلك بل يفرح بذلك , فلما قارب وقت العشاء وصلنا للمدينة التي سيلقي فيها المحاضرة وكانت بعد العشاء , فألقى محاضرته وهو في غاية النشاط والقوة , يقول محدثنا فغلبني النعاس من وعثاء السفر , ولكني تمالكت نفسي , ثم انطلقنا بعد المحاضرة لمناسبة دعي إليها في هذه المدينة , فحضرها وألقى عليهم بعض النصائح والمواعظ , وأجاب على أسئلتهم , وفوجئت أن المحاضرة كانت عبارة عن درس شهري يلقيه عليهم من سنين بانتظام .
    قال صاحبنا: ثم قفلنا عائدين للرياض , فإذا هو يحمل في جيبه شريطاً تسجيلاً أهداه له أحد الناس بعد المحاضرة فستأذن منا لتشغيله وسماعه , وبعد سماعه وفراغه عدنا لحديثنا الشيق وسماع الفوائد منه , ووصلنا للرياض في تمام الساعة الثانية ليلاً , وأوصلنا الشيخ لسكنه , يقول صاحبنا وذهبت لأنام ولكنني فوجئت بأن درس الخميس لابن جبرين بقي عليه نحو ثلاث ساعات فقط ويبدأ , وسألت من معي هل أقام درسه اليوم الخميس فكانت المفاجأة أنه أقام الدرس واستمر مع طلابه وأحبابه يشرح لهم ويعلق إلى قرابة الساعة التاسعة صباحاً , ثم أقام دروسه في ذلك اليوم كالمعتاد. .إنتهى كلام تلميذه الحبيب .
    كان بإمكانه أن يبرر لنفسه بكبر سنه وتأثير السفر عليه وعلى صحته , أو يبرر لها خشونة صوته , أو توفر القنوات الفضائية ذائعة الصيت التي كانت تستضيفه وتذيع حلقاته ودروسه , لكنه لم يفعل ذلك أبداً .
    فظهر في القنوات حيث القوة الإعلامية وسعة الانتشار , وظهر في حلقات المساجد حيث الشباب المتوضئ الجميل الطلعة , وظهر في جلسات البيوت حيث الخصوصية وحرية الحوار , وظهر في مجالس الملوك والوجهاء حيث الأبهة والعظمة , وفي كل ذلك كان هو ذلك الذي يعرفه الناس , فلم تتغير نبرته , ولم يتغير موقفه , ولم تتغير رقته وبساطته.


    المعلم المحتسب الحليم





    بن جبرين هكذا يقال اسمه اختصاراً , عالم ٌ فريد الطراز , يلقي دروسه على طريقة الشرح والتقرير و التحرير غالب , اليوم ويشرح في اليوم الواحد كتباً وفنوناً تحتاج لتحضير وتأمل ومراجعة , لكنه واسع الإطلاع , سريع التحضير , يستحضر الأدلة والنصوص كما يستحضر الهواء لرئتيه .
    ابن جبرين يجمع بين المعرفة بالنصوص الشرعية , ومعرفة المذاهب الفقهية , وبين الربط والتحليل واختيار القول الصحيح حتى لو خالف ما عليه الناس , ففتواه يأنس بها طلبة العلم لما فيها من القوة العلمية , ففيها الجمع بين أقوال الفقهاء القدامى , مع دقة الفقه والفهم للمسائل المحدثة المعاصرة التي يكثر فيها الخلاف والنزاع .
    فتاواه سبق بها علماء عصره , و لذلك رغم تدريسه لمذهب الحنابلة فهو متوسع في الإطلاع على الحديث والأدلة , بل هو أميل لمذهب المحدثين , فكانت فتاواه تحمل المعاصرة مع هيبة الدليل , فلم يكن ليرضي العامة بفتاواه أو يساير الواقع ويبرر للناس فعلهم , ولكنه يبحث عن الدليل ويجمع أقوال الفقهاء فيكون قوله أشبه ما يكون فيصلاً قوياً عند النزاع , فيحترم طالب العالم رأيه لأنه مبني على دليل وليس هوى أو مجاراة لما يطلبه المستمعون .
    عرفه الناس قبل فترة طويلة بأنه صاحب الفتاوى الجريئة التي ربما تخالف بعض أراء مشايخه أو المذهب الحنبلي , ولكنه لم يكن ليفتي بالرأي أو إرضاء للجمهور أو العامة بل كان الحق مذهبه والدليل قائده وهاديه .
    يحب ويأنس التدريس في المساجد , وهو متعته وغايته في الحياة , فالمسجد هو منبع قوة المسلمين , ومكان اللقيا فيه هو سمت الصالحين وشعار المؤمنين , فلم يكتف بالظهور الإعلامي القوي, أو ينتقل للمسارح والقاعات الفخمة فقط , بل جمع بين الحسن كله , ولكنه لا يقدم على المسجد شيئاً , حيث تؤدى الصلوات وتتنزل الرحمات وتخشع القلوب في بيوت الله تعالى .
    فهو يجلس في حلقته يومياً ساعات يُدّرس , يجلس على كرسي متواضع مرتفع قليلاً ليراه الطلاب الكثيرون , طلابه فيهم القضاة وفيهم أساتذة الجامعات وفيهم أصحاب المناصب الرفيعة وفيهم شباب في بداية الطلب من طلاب الجامعات وغيرهم وهم من جنسيات مختلفة , وبقدرة فائقة يمنحهم جميعاً حناناً واحداً ومحبة صادقة وهم يبادلونه الشعور بالمثل .
    يلتف الطلاب حوله كفراشات تجمع الرحيق الجميل , يعلمهم ويفهمهم , لا يمل من أسئلتهم واستشكالاتهم , يسهل لهم المعلومات ولا يعقدها , يحاول إيصال الفكرة بأقرب طريق فيضرب لهم الأمثلة , يستشهد بالأشعار التي يحفظ منها المئات الكثيرة ليشحذ أذهانهم , ويلقي عليهم الأسئلة ليختبر جودة فهمهم , يدرس لطلابه الكتب المنوعة في العلوم , فهو مُعلمُ للحديث والمصطلح , ومُعلمٌ للفقه وأصوله , ومُعلمٌ للعقيدة الصافية النقية , وُمعلمٌ للغة العربية نحوها وصرفها , وهكذا تنوعت معارفه وقدرته , لكنها لم تكن عن تشبع بما لم يعط , ومحاولة لإظهار العلم , بل هي قوة علمية شهد له بها كبار شيوخه , وأذنوا له في التدريس والتعليم .
    يعتني بعقائد طلابه , يعلمهم عقيدة الإسلام النقية ويحذرهم من البدع , ربما لحقه تجريح وردود على بعض ذلك في بعض الوسائل الإعلامية لكنه لا يبالي , فصفاء عقائد المسلمين أولى في نظره من كل شيء , فماذا ينفع الطالب علمه إذا فسدت عقيدته , أو شك في المنهج الذي يتبعه , أو ضعف في بيان الحق الذي ينجيه من النار يوم القيامة , وإذا رأى الطالب شيخه يعتني بالعقيدة ترسخ ذلك في مستقبل حياته , وترسم ذلك في طريقة تعليمه لمن سيعلمهم بعد موت شيخه .
    يجتمع الطلاب بعد الدروس حوله , فيكتب لهذا تزكية , لهذا شفاعة , ويجيب سؤال أحدهم , يبستم ويضحك مع صغيرهم وكبيرهم , يأخذ بأيديهم ويحثهم على فعل الخيرات , وعلى نشر الدين وطلب العلم , يخرجون فينهاهم عن التعلق بشخصه فهو يمنعهم من تقبيل رأسه ويده , ولطالما ردّ أناساً ودفعهم بعيداً عن جسمه وهم يرغبون في تقبيل رأسه كما هي العادة المتبعة في نجد عند مقابلة أهل العلم, فلا يسمح بتقديسه والتمسح به ويغضب من ذلك ولايرضاه .
    يدرس أحياناً في بيته , وأحياناً في المسجد , وفي بعض السنين ضاق البيت بالطلاب فنقل الدرس للمسجد , هكذا يحب أن يكون معلماً .
    يتكلم كثيراً في دروسه عن آداب وأخلاق طالب العلم , يسرد عشرات الأبيات في العلم وفضله , يتكلم عن الصفا ت الخلقية والأخلاقية , بدون أن يكون في ذلك تشبه بالصوفية , أو بالخيال الذي يجعل طالب العلم جسداً مهاناً أمام الشيخ , يسجل الطلاب هذا الكلام بالمسجلات , ينسخونه , يتداولونه بينهم , ثم يطبع مفرقاً, يصبح كلامه أنموذجاً عملياً غير مبالغ فيه , فليس مغرقاً في الخيال , ويناسب الواقع والحياة المعاصرة , ويتلائم بين متطلبات الأسرة والجسد والأقارب , وبعض المناهج التي يذكرها غيره تكاد تغرق في المثالية , وترغب في قطيعة الأرحام وإهمال الأسرة القريبة .
    يحذرهم من أن يكون للطالب عقل معطل عن التفكير كما يفعل شيوخ المتصوفة والرافضة , ويتكلم عن الاحترام بين العالم والمتعلم بدون أن يكون هناك تبعية روحية أو تقليد وتعظيم للذوات , تراه سهل لين يضغط بيد ناعمة على يد السائل, ليحاول إفهامه إذا تعسر عليه الفهم , يجلس على الأرض المفروشة بالسجاد , أو التراب والبسط المتواضعة , أو الأرائك الفارهة كل ذلك سيان عنده , فهو معلم من طبقة الشعب يعيش حياتهم ويتقرب لقلوبهم ولا يتكلف من أجل ذلك شيئاً .
    في عدد من المجالس شاهدته يجلس على الأرض ويقترب منه السائلون , فيفسح لهم ليكونوا بجواره , وربما رفع رجله ليجلس متحفزاً ليسع المكان للسائل الذي سيجلس بجواره , فكان بعض علية القوم وكبارهم يتحدثون بصوت خافت إنه لا يعجبهم هذا التنازل للناس ويرون أنه يجب أن يكون له أبهة وهيبة زائدة , أما ابن جبرين فكان هو الرجل المتواضع حقاً بدون تكلف وبدون أن يبحث عن شخص يعظمه أو يقدره , فهو يرى نفسه خادما للناس ولطلبة العلم وليس أكثر من ذلك .
    جدول دروسه اليومي أشبه بجامعة مفتوحة مجانية , يدرس الكتب الكثيرة , بدون أن يتألم أو يتوجع أو يتذمر , لا يعرف عنه أنه طرد طالباً أو شتم حاضراً , أو تململ من الحضور وانسحب , أو انقطع فترة طويلة لغير سفره للمحاضرات والدعوة خارج الرياض .
    يقضي سحابة يومه بين أهله وكتبه ومسجده وطلبته , ومع ذلك يعجب المرء من عدم تخلفه عن إجابة الدعوات الخاصة والعامة , وتلبية الطلبات الخارجية للمحاضرات والندوات , وتسجيل الحلقات التلفزيونية , وتربية أولاده الذين لا يكادون يفارقونه في أغلب رحلاته وزيارته , فهم يذهبون معه بناء على رغبتهم وبطلبهم وليس إكراهاً منه لهم , فترى فيهم الحب والاحترام وحسن التربية والرغبة لمرافقة أبيهم حيثما ذهب .

    شيوخ وتلميذ



    كما يحب طلابه فهو يحب مشايخه ويرى أن الوفاء أعظم من مدحهم في الوجه أو تقبيل رؤوسهم أو أيديهم , قبل عشر سنوات حضرت جنازة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله بمكة , فرأيت الجموع بمئات الألوف وبعد خروج الجنازة من المسجد الحرام توجهت للمقبرة .
    وكان بن جبرين من خواص طلابه وأحبابه , ولكثرة الزحام طوّق الحرس المقبرة أثناء الدفن بمئات العسكر حتى لا تتهدم القبور , وحتى لا تسقط الجنازة , وكانت لحظة الدفن حزينة جدا ًعلى الناس , بعد فراغ أهله ومن رافقهم من الأمراء والكبراء من دفنه , كنت أشاهد المنظر من خارج المقبرة على أطم صغير جلست على حافته مثل المئات غيري .
    خرج الناس وبقي شيخ نحيل الجسم , مصقول الوجه ذا لحية بيضاء نقية , أمام الألوف المؤلفة بقي هذا الشيخ لوحده وهاهو يقف على القبر , رافعاً يديه ودموعه تسيل على خديه وهو يدعوا لصاحب القبر , وذهب الناس وذهبت المواكب الرسمية , وفتحت المقبرة وبقي هو قائم يدعوا لحبيبه بدون أن يتحرك أو يتأفف من حر الشمس , لم يكن الشخص غريباً على الناس فهو ابن جبرين , كان المنظر مؤثراً مثل تأثير الجنازة نفسها , إنه صادق في حبه وصادق في وفائه وصادق في تعامله .
    تراه بعد خمسين سنة على فراق مشايخه يذكرهم , ويدعوا لهم ,يعرف الناس بهم .
    فيتكلم عن شيخه محمد بن إبراهيم وهو مفتي الديار السعودية السابق توفي (1389) ويعقد محاضرات للتعريف به وبشخصيته وصفة دروسه , كان ابن إبراهيم من أفذاذا الرجال ولذلك أثرت شخصيه على بن جبرين , فهو صاحب مناصب حساسة وثقيلة , رجل يدير عدة وزارات , ومع ذلك لم يترك التدريس والتعليم في المسجد !! , لكنه مع الناس والعامة قلباً وقالباً , يجده الفقير وطالب العلم في المسجد أو البيت بدون عناء في البحث أو أن يجد مذلة في سبيل الحصول على دقائق للجلوس معه .
    يتكلم عن شيخه أبو حبيب الشثري وقد توفي سنة (1387) , فتراه يفيض عند الكلام عنه وعن مواقفه في الأمر بالمعروف والصدع بكلمة الحق , ويسجل رحلاته وأخلاقه وصفاته , أبو حبيب الشثري من كبار رجال الدولة , وله مكانة خاصة في قلب ابن جبرين , فقد عاش معه في القرية ثم أصطحبه للمدينة التي هي العاصمة الكبرى , وبسبب أبي حبيب تعرف ابن جبرين بالمفتي والمشايخ سريعاً فقد كان يصطحبه للمجالس الخاصة معهم أحياناً , فيرون فطنته وذكائه وعبقريته ، ومن العجائب أنه سجل يوميات رحلته مع شيخه أبو حبيب لزيارة قرى وهجر شمال المملكة في عام (1380) , وطبعت هذه الرحلة بعد خمسين سنة , وفن الرحلات لم يكن من الفنون التي يدونها بالتفصيل علماء نجد آنذاك , وهي رحلة ماتعة يذكر فيها معاناة الصحراء , وصفة البدو والقبائل , ويذكر فيها الفوائد العلمية والنفيسة التي مرت بهم في الرحلة .
    عندما يتحدث ابن جبرين عن شيوخه فإنما يتكلم عنهم من باب البر والوفاء , فما كان ليجحد فضل أحد عليه , ولا كان ليظهر نفسه بمظهر العصامي في العلم بل كان يدعوا لهم ويذكر محاسنهم , ويجدد ذكراهم للناس .

    حديث الصور والمشاعر





    عندما توفي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز رحمه الله أمير منطقة مكة سنة (1428) وصلي عليه في الرياض , نقلت شعائر الصلاة عليه في القنوات الفضائية ,كان الناس عندنا في السعودية متسمرين عند الشاشات يشاهدون مراسم التشييع والصلاة عليه .
    في الجامع الكبير في الرياض حضر مسئولون كُثر من الدول الإسلامية , وجميع أفراد الأسرة الملكية , وجميع الوزراء والمسئولين للصلاة على الأمير عبدالمجيد رحمه الله , كان المسجد محاطاً بألوف من العسكر والجنود , وفي لحظة سريعة بدا بين أمام المشاهدين و الحضور خيال ابن جبرين يدخل من الباب الأمامي , اصطفاه وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز ليكون بجواره , فما بينهما من الحب والصفاء أكبر من أن تكدره ظنون وأراجيف الأعداء , أدى السنة وقدّم واجب العزاء في الفقيد وتكلم مع الأمير نايف ثم تحولت الكاميرا عنهم قليلاً .
    ولكن ملايين المشاهدين في السعودية وغيرها تفاجئوا بتغيير مكان ابن جبرين بعد لحظات معدودة , فيكون له مكان جديد في صدر المقام , حيث أصبح بجوار الملك وكبار الأسرة المالكة , ورأى الناس ولاة الأمر يقدمونه على أبنائهم وضيوف الدولة والوزراء والأمراء , وهم فرحين بكونه معهم , فلسان حال الجميع يقول له : ( يا إمام أنت أعلم من يمشي اليوم على وجه جزيرة العرب , فتعال لتدعوا لأميرنا وأخينا الراحل بالرحمة والغفران , فبمثلك من الصالحين تلتمس إجابة الدعوة ) .
    لم يكن ابن جبرين مجهول الشكل عند الأمراء الكبار, فهم يعرفونه جيداً ويعرفهم , ولم يكونوا يحملون له إلا الحب الذي يبادلهم إياه , ولم يكن عنيفاً في تعامله أو قاسياً في خطابه , بل كان عالماً ربانياً .
    ومجالس عدد من كبار الأمراء ذوي المناصب الرفيعة في السعودية يغشاها العلماء وطلبة العلم , وليس الأمراء كما يصورهم بعض الجهلة بعيدون عن العلم وأهله , ولكن الإعلام العربي والمحلي في واد والحياة الدينية في البلد في واد آخر , فغالب أخبار الإعلام وصوره عن سفلة المغنين وأراذل الناس , وأما أخبار العلم وأهله , وأخبار الدروس العلمية في المساجد وأصحابها فلا تذكر إلا للنقد والتشويه , وأما زيارة العلماء من أهل السنة لولاة الأمر فهي ليست للبهرجة والضجيج الإعلامي كما يظن الناس , بل هناك تلاحم ومودة ومحبة أكبر من زيارة رسمية ربما لا يريدها الضيف , ولذلك تعجب المصورون من هذا المنظر ومن هذا الكهل الذي لا يعرفه أكثرهم ويتغير مكانه أكثر من مرة في محبة وإجلال له , وتداولت معظم الصحف ومواقع الأخبار هذه الصور وكأنهم يشاهدون هذا الرجل لأول مرة .
    بقيت هذه الصور في الإنترنت يشاهدها من يرغب في ذلك ويحمدون لولاة امرهم هذا الحب للعلماء الربانيين .
    لم يكن ابن جبرين بعيداً عن الناس بل هو محبوب من كل الطبقات , يعرف الجميع أنه صادق , لا يستغل علمه لتلميع نفسه , ولا لبناء شعبية لقومه , ولا للانتصار لحزب معين ضد آخر , وإنما هو يدعوا الناس ليطيعوا ربهم , وأن يطبقوا الشريعة على أنفسهم , فهو معلم ومربي وأب للمجتمع .
    عندما سقط بن جبرين مريضاً في المستشفى قبل أربعة أشهر , كان أول الزائرين له الملك , وإذا قيل الملك عبد الله بن عبد العزيز فمعنى ذلك أن هذا المريض يهم أمره الكبراء قبل العامة , وهذا الملك قريب من الناس عطوف على الشعب , وابن جبرين مريض يحمل ضمير الشعب بين جنبيه , وهو مريض يحمل هَمّ الناس أينما كان , كسر الملك قواعد ومثاليات الدول في زيارة الرسميين فقط من الشخصيات أو أصحاب المناصب العليا , وذهب مباشرة ليعود رجلاً يحب الناس ويحبونه ,أجتمعت طيبة قلب الملك خادم الحرمين مع طيبة قلب ابن جبرين , فهما في رقة الطبع وحب الناس يشيركان سوياً , جلس الملك المتواضع على مقعد صغير يرمقه ويدعوا له ويباسطه في مرضه , وبعد أن زاره أمرَ بأن تتكفل الدولة بعلاجه في أرقى مستشفيات العالم .
    قبل بضع سنوات في عام (1426) وفي مدينة جدة , عندما سمع ابن جبرين أن شيخ الحجاز ( سفر الحوالي ) قد مزق المرض جسمه النحيل , وأنه طريح الفراش في المستشفى وفي غرف العناية الخاصة , أصرّ ابن جبرين على مقابلته والاطمئنان على حالته , وذهب بتواضع الزهاد ليعوده وينظر في حاله , فهو يعلم أنّ الحوالي رجل أمة ورجل علم , رجل لم يكن ليعيش لنفسه فقط , وهي صفات اشترك فيها العظيمان بطل الصحراء وبطل الجبال .
    كان ابن جبرين يحضنه ويقبله كأب يخاف أن يفقد ولده الحبيب ,كان يمسح بيده على جسمه ليخفف مصابه ومصاب أهله , تسير أصابعه الجميلة على أطراف جسمه ووجهه وهو يدعوا له , يحاول أن يرفع من عزيمته وأن يبشره بثواب الله ورضوانه , ينظر ابن جبرين للحوالي كما ينظر لأسد سقط وخارت قواه بإرادة الله لا بإرادة الناس , يفكر في الوعي العلمي الذي نشره وأوذي بسببه , كأنه يقول في نفسه لقد أوذيت أنا وأنت , وهاجمنا الكتاب والناس , لقد حملت همّ أمتك ودينك ولكنك سقطت قبلي على السرير الأبيض.
    وتناقل الناس حديث الزيارة التي صورها بعض المحبين بدون أن يكون مع ابن جبرين فريق من الإعلاميين والصحافيين , لكنها صُورٌ التقطت بعفوية مفاجأة من بعض أقارب الحوالي ممن حضر اللقاء ونشرها في الإنترنت وتداولها الناس .
    لم يمض وقت طويل حتى رأينا المرض يعصف بابن جبرين نفسه , وينام على سرير المرض ترقبه عيون محبيه , وهي دامعة خاشعة لمصابه وألمه , وتصبح أخباره وسفره لألمانيا حديث الناس .
    وهي سنة الله في أعلام الأمة وقادتها , يُقّطعهم المرض كما يقطع غيرهم من الناس, يتألمون ونتألم لألمهم , يحملون همّ الناس وربما حمل بعض المخلصين همومهم , يشاركون الناس أفراحهم وأحزانهم , يعملون أعمالاً عظيمة لوجه ربهم الكريم بدون أن يطلبوا من حطام الدنيا شيئاً , بذلوا أوقاتهم وأنفسهم لخدمة هذا الدين , ضحوا بأنفس ما يملكون من المال والجاه و الوقت لتكون كلمة الله هي العليا , ولن يكون مرضهم عائقاً أمام انتشار الخير والعلم بإذن الله , فأمة أنجبت من قبلهم عظماء ولازالت تنجب عظماء لن تكون عقيمة بإذن الله تعالى .




    انتهى.




    خضر بن صالح بن سند
    جدة 11/6/1430


    رحم الله الشيخ
    وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.


    وفاته رحمه الله تعالى



    توفي في مساء هذا اليوم الاثنين 20/7/1430 هـ
    الموافق 13/7/2009 م
    سماحته..
    في مستشفى التخصصي بالرياض بعد معاناة طويلة مع المرض
    رحمه الله وغفر له واسكنه فسيح جناته

  • #2
    رد : من سيرة الشيخ ابن جبرين رحمه الله وأقواله

    كانت احدى محاضاته بعنوان وقفات مع البنيان المرصوص في احدى مدارس ضمن عدة محاضرات كانت ستقام خلال ذلك الاسبوع بالرياض وجاء خبر استشهاد الرنتيسي رحمه الله أثناء المحاضة فاثنى عليهوعلى مجاهدي حماس ثناءً حسن ......
    ولكن المدهش ان المحاضرات التي كانت ستلحق هذه المحاضرة كلها منعت !!!!!

    تعليق


    • #3
      رد : من سيرة الشيخ ابن جبرين رحمه الله وأقواله

      وقد سؤل عن حكم الجهاد في الشيشان و افغانستان ...... فاجاب

      الاجابـــة

      نرى أنه مشروع،
      فإن أفغانستان المُسلمة قد تكالبت عليها الأعداء، فغزاها جموع من الروس ومن أمريكان ومن الروافض يُريدون القضاء عليها لأنها تحكم بالشرع، فالجهاد معهم نصر للإسلام والمسلمين، وهكذا الشيشان الذين يُجاهدون روسيا الشيوعية الكافرة التي تقصد القضاء على المسلمين، فنُصرتهم والقيام معهم من الجهاد في سبيل الله.
      عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

      تعليق


      • #4
        رد : من سيرة الشيخ ابن جبرين رحمه الله وأقواله

        وقد قال رحمه الله في الجهاد بارض العراق وعن من ساعد الكفار باحتلالها

        لا شك أن الكفار بعضهم أولياء بعض ، وأنهم يتكالبون على المسلمين ويحاولون القضاء على الإسلام الذي ظهر أهله الأولون واستولوا على أغلب بقاع الارض فيجب على المسلمين في كل البلادالإسلاميةأن يقوموا لله مثنى وفرادى وان يصدوا بقدر استطاعتهم هؤلاء الكفار ومن ساندهم من المنافقين حتى تنقطع أطماعهم ويرجعوا على أدبارهم ، ولا يجوز لمسلم أن يقوم معهم على المسلمين ، ولا يمكنهم من الاحتلال والتملك لبقعة من بلاد الإسلام ، فقد نفاهم الخلفاء الراشدون عن بلاد الإسلام ،ولم يتركوا لهم فيها مغز قنطار ؟ فمن مكنهم أو شجعهم أو أعانهم على حرب المسلمين أو إحتلال بلاد المسلمين كالعراق أوغيرها فقد أعان على هدم الإسلام وتقريب الكفار ، ومن يتولهم منكم فإنه منهم والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .

        تعليق


        • #5
          رد : من سيرة الشيخ ابن جبرين رحمه الله وأقواله

          من اقوال طلبة العلم والعلماء فيه
          صالح التويجري....
          كان رحمه الله عالماً عظيماً يقدّر لأهل العلم قدرهم ، فلا يسخط لاختلاف العلماء ولا يفسّر هذا الاختلاف بأنه اختلاف تضادّ ولا يوافق على تصنيف الناس من خلال اجتهاداتهم ، ولا يقلّل من قدر عالمٍ بسبب اختلاف فقهي ، فلم يُعرف عن الشيخ كثرة ردوده على مخالفيه ، مع أنه هؤلاء الذين يختلف معهم في عمر أولاده وصغار طلابه ، ومع ذلك لم يكن أبداً يحقّر من شأنهم بسبب العمر أو المكانة العلمية أو الشهادة الأكاديمية التي كان يحملها رحمه الله ، بل كان يقدّر اختلافهم ، ويحفظ لهم مكانتهم ، وتعظم شخصيته – رحمه الله - أيضاً أنه يعطي للعامة مكانتهم ، فلا يُبخس أحداً مكانه بحضرته رحمه الله وأسكنه فسيح جناته .

          الشيخ عبدالمجيد الريمي ( رئيس مجلس الأمناء بمركز الدعوة باليمن ) وهو أحد طلاب الشيخ عبدالله ابن جبرين رحمه الله
          كان الشيخ وكأنه ( جامعة متكاملة ) رحمه الله فتجد طلبته في كثير من البلدان من الدعاة وطلاب العلم الذين نفع الله بهم ، وكان يتمتع بالعديد من الخصائص الذي ميزته عن غيره بداية من أنه رجل العقيدة وكذلك رجل العلم فقد كان لايمل ولايسأم من تدريس الناس وتعليمهم إضافة إلى أنه رجل الأخوة الإيمانية فقد كان حريصا على تحقيق التآخي بين الناس على العقيدة وتذويب الفوارق التي نشأت بينهم مع ماكان يتمتع به من الولاء والبراء ومحبة أهل العقيدة والإيمان والخير

          تعليق


          • #6
            رد : من سيرة الشيخ ابن جبرين رحمه الله وأقواله

            الكاتب/ د. سعد بن عبد القادر القويعي
            أتذكر جيدا ذاك المساء حين دخلنا جناحه نتجمع لزيارته , فكانت حكاية حب تجمعنا به . وفي ذاكرتي وأنا أكتب مثل هذه الخاطرة , أن أخذ بيدي وكأنه يعرفني منذ سنين . فمر الحب كأنظف ما يراهن عليه الإنسان , وهبت ريح حياته مودعة برحيل جسده أجمل ما فيها من خير بعد أن دب المرض في جسده , لكنه لم يكن قادرا على النيل من معنوياته , وتسللت روحه دون استئذان , فطافت الذكرى بنا نسبل الدمع وتحرق القلب ,تلك هي حتمية الموت لمن أراد أن يتدبر ويتعظ , وسنجتمع للعزاء الذي لن يطول , فكلنا راحلون . ولن نبكي رحيل جسدك , بل سنبكي رحيل إرث خلفته علما وتواضعا وخلقا , وسنمسح دموع الذكريات بمناديل الشموخ . وستنطلق إلى السماء دعوات لا حصر لها , بأن يسبغ الله عليك رحمته وغفرانه , فإنا لله وإنا إليه راجعون .
            أما الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتى العام ل آل سعود قال: أن الشيخ عبدالله بن جبرين معروف فى كل الميادين بالخير والصلاح والحرص التام على نفع الناس، نسأل الله له المغفرة والتجاوز، وقال أخانا الشيخ عبدالله بن جبرين أخٌ لنا، وصاحب لنا، عرفته منذ زمن طويل، وعرفت منه التواضع الجمّ، والخلق الفاضل، وبذل العلم والتقوى والصلاح، والحرص على منفعة الأمة وجمع كلمتها، والسعي فيما فيه الخير والصلاح..

            تعليق


            • #7
              رد : من سيرة الشيخ ابن جبرين رحمه الله وأقواله

              وقال عبد العزيز الراجحي :
              لو كان العلماء النجباء يغيبون لغاب العلامة ابن جبرين رحمه الله.. إنها حقيقة الحياة والممات كما لا يدركها الناس.. حياة العلم، وموت الجهل..وحيث غيب الموت جسد الشيخ عبد الله بن جبرين؛ فذكره لا يغيب، ومن يتابع صفحات المواقع الالكترونية ويلحظ أعداد المترحمين والمودعين للشيخ في كل موقع إخباري،

              تعليق


              • #8
                رد : من سيرة الشيخ ابن جبرين رحمه الله وأقواله

                الشيخ نبيل العوضي قال فيه

                لقد كان الشيخ (يرحمه الله) من اقوى العلماء تأثيرا في فتاواه حيث تتلقاها وسائل الاعلام ويتقبلها العلماء والدعاة وطلاب العلم، وذلك لمكانة الشيخ العلمية ولما عرف عن الشيخ من تحريه الحق وعدم مجاملته في فتاواه، فكان (يرحمه الله) يقول الحق ولا يخاف لومة لائم، بل كان يصدع بالحق ولو على حساب نفسه، فيرحمه الله ويغفر له ويعلي منزلته.

                تعليق


                • #9
                  رد : من سيرة الشيخ ابن جبرين رحمه الله وأقواله

                  لست أدري بأي البحار أخوضو *** والدمع يهطل من ضناي يجودُ
                  والحزن يسري في لساني معزيا *** ما بال هذا النجم صار بعيـــدُ
                  ضج الفؤاد في رحيل حبيبه *** وغدى حسيراً في الوداع كميدُ
                  وعلى ((بنجدٍ)) ظلمة في أرضها *** من موتِ شيخٍ في الزمان فريدُ
                  بكت العيون قبل خوف فراقه *** والآن سال الدمع فهو جديدُ
                  (الشيخ مات عبارة ما خلتها)*** حتى سمعت الكل قال فقيدُ
                  شيخي رحيلك هزّ كل مكامني*** ورزى بقلبي شاهد وشهيدُ
                  قالوا رحلت فقلت هذي مدامعي*** والله يعلم كم بكائي يزيـــدُ
                  مات ابن جبرين وهذا نعشه*** نعت الجزيرة عالم وعميدُ
                  شيخ المشايخ في الصلاح غرازه*** شيخ الشريعة في العلوم يفيدُ
                  مات ابن جبرين وثلمت أمة *** في ناحريها فاجر وعنيــــدُ
                  مات المنافح عن شريعة ربه*** ومعلّم ومُفهّم وسديــــدُ
                  شيخ فقيه عالم مُتبحرُ ُ *** بحر يكاد في الأصول وحيدُ
                  شيخ العقيدة عاش طول حياته*** في نشر معتقد الهداةِ يُجيدُ
                  هذا ابن جبرين فما من صفحةٍ*** إلا خصال الخير فيها أُشيدُ
                  شيخ التواضع في خصال جمة *** لست بذكر خصالهن زهيدُ
                  مات الإمام ولم يمت في ذكره *** والله يرحم من إليه يعودُ
                  والله يرحم شيخنا في قبره *** والله يجبر كسرنا ويجودُ
                  والله يرفع شيخنا في جنةٍ *** فيها يفوز شاكرُ ُ وحميدُ
                  والله يصلى بالصلاة على النبي *** ما باحت الأفواه قول مجيدُ


                  عبد الرحمن سعد الحيد

                  تعليق


                  • #10
                    رد : من سيرة الشيخ ابن جبرين رحمه الله وأقواله

                    رحم الله الشيخ ابن جبرين وغفر له واسكنه فسيح جناته
                    اذكر قبل وفاته بايام شاركت في مسابقة لكتيب له من اعداد الشيخ ابن جبرين عن اسماء ومعاني الله الحسنى
                    والحمد لله اخدت الاولى لكن والله حزنا لفقد عالم جليل مثله رحمة الله عليه

                    تعليق


                    • #11
                      رد : من سيرة الشيخ ابن جبرين رحمه الله وأقواله

                      نقل الدكتور عبد الله بن قرناس مقالا لوالده الشيخ ليث ابن قرناس حفظه الله هذا عنوانه فإليكم مقاله


                      هذه مقالة كتبها والدي( ليث ابن قرناس حفظه الله )من بعض ذكرياته عن شيخنا ابن جبرين رحمه الله وهي جزء من كتاب ضخم وآسف أنه حفظه الله قد صرف النظر عن إخراجه ..




                      عندما رحل شيخنا تعبت تعبا شديدا
                      وصالت علي أوجاعي وزارتني زوارت قد قطعتني فأردتني
                      نعم رحل أبو محمد لكنه والله في سويداء القلب متربع
                      أبومحمد ابن جبرين بطل همام أسد ضرغام قوي في الحق لين في حقه تواضع من غير تكلف وسمت من غير تصنع وأدب جم ومحبة قذفها الله في قلوب العباد
                      لا أزال أذكر كلماته وعباراته حركاته وسكناته لحظه ونظره
                      مشيه وسرعته أتذكر عظامه ورقتها وسنه وكبرها .

                      يالله
                      جسم هزيل ما أن يدخل حتى ينقلب ذاك المجلس إليه وما إن يتكلم حتى يصرف الحاضرون قلوبهم إليه
                      شيخنا رحمك الله
                      إني أتذكر والله عندما جادلته في مسألة تصورتها تصور غر وأنا صغير ثم أدركت كنهها وأنا كبير
                      جادلته فوالله ما كهر ولا نهر بل تبسم وإلي نظر فقال : لا ألزمك ورأيك متبع
                      يا الله ابن الإثني عشر ربيعا نظر إلى نفسه نظرة عالم وابن الأربعين نظر نظرة مشفق عارف
                      إن لم يكن هذا تواضع فما التواضع إذا ؟
                      هو ابن جبرين وكفى
                      إن دعوته أجاب وإن مرضت زار وإن علم بوفاة صلى وشيع
                      أخوتي ..
                      سيرة أبي محمد عطرة فاح شذاها وطاب ريحها فأحذت من جلس بجوارها أو قرب منها
                      دعوت الشيخ يوما لداري فأجاب وكان الحاضرون قلة من أحبابي أعرف أن شيخنا يستأنس بهم
                      فما إن دخل ذاك النحيل إلا ويقبل مهرولا على حبيب قلبه وزميل دراسته ومحنته إنه شيخنا البراك تعارك الإثنان عراك المحب كل يريد تقبيل رأس الآخر فأصلحنا بينهما بالعوض والعوض قبلة ...
                      في ذاك المجلس فرحت وبكيت وعجبت ..
                      فرحت
                      بلم الشمل وإفراح شيخي وإسعاد الحاضرين .

                      وبكيت
                      عندما رأيت شيخنا رحمه الله لا يستطيع البلع حتى أنه يجد مشقة في أكل الجريش .

                      وعجبت
                      أن الشيخ كانت عنده فتاوى للموقع فأنتهى منها وأجاب الدعوة ثم ذهب لمسجد عتيقة لكلمة والصلاة على الجنائز وبعدها عنده درس
                      فيا من وهبه الجلد هب لنا جلدا وطاعة وإخلاصا
                      أما عن عبادة أبي محمد فلا تسل
                      فلا أدل على العبادة من هذه الدروس التي تعقد تقطع والله ظهر الجلد فكيف بالشيخ الكبير .

                      ويعجبك في أبي محمد مع ما ذكر ذاكرة قوية وحفظ متمكن وفهم ثاقب

                      أما الحفظ :
                      فقد رأيته يَسْمَعُ أول مسألة يقرأها الطالب فيغط شيخنا في نومة هانئة حتى ينتهي القارئ ثم يبدأ في الشرح مرتبا المسائل متسلسلا فيها .
                      أما الذاكرة
                      فإنه يتذكر طلابه ولو بعد سنين من عدم الرؤية وفي هذا عتبه على من يكون منه قريب ولا يراه شيخنا إلا في السنة وقد لا يراه فترة طويلة متواصلة وهذه والله من القطيعة وإن كنت بها متلبسا
                      ويعلم من حضر دروسه مع أن شيخنا يحضر عنده المئات بل أقول الآلاف .

                      وفهمه :
                      تدل عليه اختياراته المشهورة وآراؤه المبثوثة .


                      دعابة الشيخ وأنسه
                      مما أذكره أنه مشهور عندنا اللقب فيكون شهرة الرجل وقد يطغى على اسمه وشيخنا قريب لي عارف باسمي جدي الأعلى ولقبه فرأيته مرة في مناسبة فقال لي : أأسميك ابن عبدالله أم ابن كذا
                      فقلت : سم ياشيخنا ما تشاء وما أنت إليه مطمئن فضحك ودعا ثم التفت إلى الداعي وقال ألا تعرف (وذكر لقب جدي)
                      فقال : لا إنما أعرف أنه ابن عبدالله فضحك شيخنا ومن معه وقال : هو جد من أجداه سمي به لكذا
                      فصار تارة يسميني به وتارة بكنيتي وقد طرد هذه التسمية على أبناءي أصلحهم الله
                      ولشيخنا رحمه الله دعابة على السجية منها أنه كان عندي مناسبة فدعوته فأردت أخذه بسيارتي فقال : لا أخشى أن لا تردني كما هي عادتك بل سآخذ سائقي يذهب بي فضحكت وقلت لك ما أردت لكن نمشي الآن
                      ألا رحمك الله أبا محمد .

                      جلد الشيخ وعبادته
                      للشيخ في مجال التدريس جلد عجيب وقصة أخرى
                      درسه في الفجر لا أطيقه وأنا الشاب فكيف به هو وهو مسن إنها الهمة
                      وليعلم القاري أن لشيخنا مجالس كثيرة قد جاوزت الثلاثين وقد حدثني بعض الإخوان ممن حصر الكتب بالمككر في مدينة الرياض بقرابة سبع وخمسين كتابا
                      لشيخنا مع الصدقة مواقف :

                      دخلت الحرم المكي قبيل الفجر ورأيت الشيخ متلثما أو أنه وضع شماغه ويده عليه نسيت
                      وهو يتصدق على الفقراء وعمال ابن لادن وقد عرفته بحدبه ومشيته التي لا تخفى علي أبدا
                      فأردت أن أسلم عليه فقلت إن سلمت عليه قد يحزن ثم يستحلفني ألا أخبر فلأدعه بعد الصلاة .
                      هذا الموقف أثر بي كثيرا وأعلم أن هذا دأب الشيخ رحمه الله

                      تواضع من غير تكلف

                      ومن مواقفي معه رحمه الله أني دعوته وكان عندي من الأماجد كثر كشيخنا ابن قعود رحمه الله والبراك وابن حميد رحمهم الله وحفظ شيخنا البراك وغيرهم ومجموعة كبيرة من طلاب العلم
                      فأبي شيخنا أن يجلس في صدر المجلس وكان له ما أراد
                      ذاك المجلس كأني أنظر إليه الآن بعد سنين أكل عليها الدهر وشرب لأعلم أني عن قريب بهم لاحق فاللهم بعفوك ومغفرتك تجاوز عنا .

                      شيخنا وطلابه وأقرباه

                      سأضرب هنا مثالا واحد فقط في أحد الأثنينيات وفي صبيحة ذاك اليوم ودعنا جدتي رحمها الله بعد معاناة طويلة وحيث أنها رحمها الله مشهورة على نطاق أهل منطقتنا عموما فما هالني إلا وشيخنا وهي أكبر منه سنا يتقدم المصلين ثم يتوجه إلى المقبرة مع أن عنده درس بل قد رأيته يحثو التراب على قبرها رحمها الله
                      ثم أتانى في البيت يعزي فيها بل أقول والله إن له أثر في ثبات أهلي عندما عزاهم .

                      وهذا فعله مع كثير من طلابه رحمه الله .

                      من مشاهداتي مع الشيخ في آخر حياته

                      انقطعت عن دروس شيخنا فترة ليست بهينة لانشغالي وضيق الوقت
                      ثم إني حضرت دروسا متقطعة رأيت فيها تفلت حفظ شيخنا بالنسبة لسابق عهده وإلا فهو أثبت مني حفظا وضبطا وكنت أعلم أنه به ضغطا عاليا ومرض بالقلب وغيرها أضف عسر البلع وثقل الكلام عليه ومشقته
                      وقد سقط في منبر الجمعة مغشيا عليه إما خانتني الذاكرة مرتين وسقط في أحد دروسه في طيبة
                      هذه المشاهد جعلتني أحس بقرب منية شيخنا ثم رأيت حرصه على بناء الوقف لدروسه ومكتبه فزاد ظني إلى اليقين كنت أنظر إليه نظر المودع وأعلم أنه عن قريب مودعي
                      ثم أتى مرضه الأخير فقلت لبعض خاصتي إني لأراه وفاته فتشمتو بي وقالوا أين أنت عن حسن الفأل
                      قلت : هذا ما عندي وأراه واقع والعلم عند الله
                      دخل شيخنا المستشفى فصرت والله أكره مروري بمسجد الراجحي لما رأيته نوره ذهب
                      بل صرت لا آتى بيته أبدا مع أني كنت عنده يوميا تقريبا
                      رأيت لشيخنا إعلان لدرسه فاتصلت بالإخوان لأستطلع الأمر فوجدته فأل مشوبا بيأس فعلمت تدني صحته ودخلت مرة على الدرس فوالله لقد تكدر خاطري مما سمعت
                      كان شيخنا يعد بقية الدورات في العصر ويدعه لطلابه أما هذا العام فالمغرب فقط للشيخ والباقي لطلابه .

                      كيف وصلني النبأ

                      قبل أيام من نبأ وفاة الشيخ بل من وفاة أبي محمد عبدالعزيز الوهيبي رحمه الله وأنا مصاب بالتهاب شديد في الكلى وكان يتعبني ليلا ونهارا فآل معه وضعي ملخبطا وجدولي كذلك بل دروسي قد أوقفتها وصرت أجمع وأصلي بالبيت
                      في يوم الاثنين 20/7 ما نمت وصدري منقبض وأخبرتي زوجتي وبني بحدوث أمر في هذا اليوم
                      فنمت من التعب قرابة التاسعة صباحا وفي هذا رحمة ربي بي ..
                      قمت صليت الظهر مبكرا وعاودت بحمد الله جوالاتي على الصامت فنمت وقمت قريبا من العصر لأجد جوالاتي ملئت بالرسائل والإتصالات هذا يستفسر وذاك يتأكد وآخر يعزي فحمدت الله وأنا الآن أعجب من تجلدي بالصبر خرجت فتوضأت ثم صليت دعوت له في تلك الصلاة ما أسأل الله أن يقبله
                      قمت بإقفال جوالاتي لأسلم وخلوت بنفسي أستذكر
                      يوم وفاة شيخنا ابن باز ثم ابن عثيمين ثم شيخنا بكر أبو زيد ثم ها هو شيخنا يلحق بركابهم
                      مرت علي دقائقي مع الشيخ يوما بيوم ولحظة بلحظة
                      كنت قبل وفاة شيخنا بثلاتة أشهر ونيفا مع أخي أبي محمد عبدالعزيز الوهيبي رحمه الله نتذاكر التزاكي فسألني عنها فقلت : عن نفسي لم آخذ شيئا بل لم أطلب أبدا فقال لي : حتى الشيخ ؟! قلت : نعم فعجب مني وقال عجب أمرك أبا عبد الله
                      قلت أبا محمد وهل تراني جننت إذ أقول لمشائخنا زكوا تلميذكم وعددوا فضائله !
                      ثم لتعلم أن صاحب الحق هو من يخرج نفسه وأنا بحمد الله يعرفني كثير وما زادني ولا نقص ثلم الناس مني ما دمت لا أتكلم إلا بما أعتقد ولا أعتقد إلا بالدليل والبرهان .
                      توفي شيخنا وأعلم أن المكتب قد زاد حماسه وكثر تعبه فشيخنا ترك تراث عظيما فأربأ بأبناءه أن يكونوا كبعض الناس الذين أماتوا علم والدهم .

                      قد صليت على شيخي صلاة الغائب إذ أن التعب غلب وقد عزيت ذويه مهاتفة وأبناءي نيابة عني
                      مكثت بعد وفاة شيخنا أكثر من يومين لم أنم وأنى لي المنام وحبيبي مسجى ووساده اللبن .


                      اللهم اغفر لشيخنا وأعلي نزله وانفع بعلمه وارفع درجته واجمعنا به ومن نحب في جناتك جنات النعيم
                      لك الحمد يا رب حتى ترضى ولك الحمد بعد الرضى ولك الحمد على كل حال

                      تعليق


                      • #12
                        رد : من سيرة الشيخ ابن جبرين رحمه الله وأقواله

                        شكرا للاخت عاشقة نابلس على المشاركة
                        وجزيت خيرا اخي mmq
                        وبارك الله فيك على تفاعلك معي

                        تعليق


                        • #13
                          رد : من سيرة الشيخ ابن جبرين رحمه الله وأقواله

                          سال رحمه الله عن الجهاد في فلسطين فاجاب

                          صحيح أن الجهاد في فلسطين فرض عين على المواطنين الفلسطينين، وفرض كفاية على غيرهم من المُسلمين من العرب أو غيرهم، لأن الجهاد لا يتعين إلا في ثلاث حالات: الأولى إذا حضر الصف لقول الله تعالى: إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا والثانية: إذا استنفره الإمام، ففي الحديث : وإذا استُنفرتم فانفروا والثالثة: إذا دهمهم العدو في بلادهم كما حصل لأهل فلسطين وما سُوى ذلك فهو فرض كفاية، والله أعلم.

                          تعليق

                          جاري التحميل ..
                          X