إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إنهــا فلسطيــن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إنهــا فلسطيــن

    إنه لايزال جُرْحُ فلسطين يتدفّق دمًا وحسرة بسبب ما يرتكبه العدوان الصهيوني على كل المستويات، مستبيحًا بذلك كل الحرمات، فلا حرمات الأنفس والأرواح تصان، ولا أجساد الأموات في قبورهم تُكْرم، ولا شعائر دين تحترم ولا قوانين تلتزم ولا معاهدات توفّى بل تُنقض وتُهدم، هكذا تظلّ أحداث ومآسي فلسطين تتجدّد، حتّى إنّ آخرها ليُنسي أولَها، فلم تكد نار غزة تنطفئ وجراحها تلتئم حتّى أوقد في المسجد الأقصى مواجهة أخرى، وبين الدقيقة والدقيقة دماء تسيل، وبيوت تُهدم، وأرض تُسلَب وتُغتصب، وشباب يؤسرون، وأطفال يموتون، لذا كان لزامًا علينا أن نذكّر بهذه القضية، وكلّما تجدّد الإرهاب اليهودي هناك كان حقًا وواجبًا على المسلمين في كلّ مكان أن يعيدوا هُم أيضًا طرح قضيتهم، كلٌّ في مجاله واختصاصه وبقدر طاقته، لأنّها فلسطين أيّها الأحباب، إنّها فلسطين، موطن الكثير من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد عاش على أرضها عُبادة بن الصامت وأسامة بن زيد بن حارثة ودِحية الكلبي الّذي كثيرًا ما تمثّل جبريل عليه السّلام في صورته، وعبد الرّحمن الأشعري، وغيرهم من الصحابة الكرام رضي الله عنهم. فلسطين لنا فيها تاريخ مجيد، ورصيد علمي فريد، فهي موطن الآلاف من أعلام الأمّة وعلمائها الّذين أضاءوا في سمائها بدورًا، ولمعوا فيها نجومًا، كمالكَ بنِ دينار والأوزاعيَ وسفيان الثوري وابن شهاب الزهري والشافعي وابن قُدامة المقدسي، وغيرهم، نعم، هذه هي فلسطين بتاريخها بخيراتها وبركاتها وفضائلها، هذه فلسطين يا عباد الله، ما أحببناها لترابها ولا لجبالها، ولكن لبركاتها وخيراتها، فيجب أن تُحبّب لأبنائنا، ويُدرّس عنها لطلبتنا، فهي مذكورة في القرآن، وعليها تُدور أحداث آخر الزمان، إنّها فلسطين، أرض القدس المقدسة، أولى القبلتين، ومسرى سيّد المرسلين، وملتقى ومصلّى جميع النبيّين، وفيها ثالث المسجدين الّذي فُضلت الصّلاة فيه على مساجد العالمين.
    إنّ فلسطين وطن من أوطان الإسلام، وما عُهد عن المسلمين أنّهم قعدوا عن الأوطان أو خذلوا أهلها، فقد شدّ الأبطال عزائمهم، وأسرجوا خيولهم، وطاروا يسابقون الريح، يُدافعون عن الإسلام وأرض الإيمان، فأراق الشهداء دماءهم، وبذلوا أرواحهم رخيصة لأجلها، وكم سجّل التاريخ من مواقف عظيمة لأبطالٍ عظماء، أنجدوا المستضعفين، وهبّوا دفاعًا عن فلسطين، وبذلوا كل غالٍ ونفيس، لقد سار إليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه على بعير ليستلِم مفاتيحها لمّا افتتحها المسلمون، ورأى النصارى أن المسلمين هُم أحق مَن يتولاها، وامتنع الملك البطل نور الدين زنكي عن التبسّم، وقال: أستحي من الله أن أتبسّم وبيت المقدس في الأسر، ودعَا ربّه وقال: ''اللّهمّ انصر دينك ولا تنصر محمودًا''، ثم لقي الصليبيين الّذين استولوا على بيت المقدس من جديد، لقيهم بثلاثين ألفًا وهم أزيد من مائة وخمسين ألفًا فكسّرهم. ولها شَمَخَ صلاحُ الدِّين برأسه، وشَحَذَ سيفه، وأعدّ عُدّته ليُخرج الصليبيين من أرض الأقصى، وكان في بيت المقدس نحوًا من ستين ألف مقاتل صليبيّ، كلّهم يرى الموت أهون عليه من تسليمها، فجهّز صلاح الدين جيشه الّذي لا يزيد عن اثني عشر ألف مجاهد، وجابه به جيوش الصليب الّتي تجاوز عددها ثلاثة وستين ألف مقاتل، والتقى الفريقان على أرض حِطّين، فأمر صلاح الدِّين بالحملة الصاعقة فمنح الله المسلمين أكتاف أعدائهم، ولها أيضًا جَرّد المُخلّد ذكره مُظفّر قُطْزُ سلاحه، ووقف على عَيْن جالُوت ليصدّ عن فلسطين ومصر طوفان التتار الهادر، فقد بعث له هولاكو وهو في الأشهر الأولى من مُلكه رسالة يقول له فيها: ''اتّعظوا بغيركم، فنحن لا نرحم مَن بكى، ولا نرقّ لمَن شكا، أيُّ أرض تؤويكم؟ وأيُّ طريق تنجيكم؟ وأيُّ بلاد تحميكم؟ فما لكم من سيوفنا من خلاص، ومن مهابتنا مناص، الحصون عندنا لا تمنع، والعساكر لقتالنا لا تَنفع، ودعاؤكم علينا لا يُسمع''، قرأ قُطْزُ هذه الرسالة العاصفة، ثم ألقَى ببصره ناحية القدس، وفي رمضان من عام ثمانية وخمسين وستمائة (658هـ) اصطدم الجبلان في عَيْن جالُوت شمالي شرق فلسطين، وصاح قُطْز صيحته الشهيرة: ''وا إسلاماه''، فانتفض الجند المسلمون، ومنح الله للمسلمين أكتاف الكافرين، وترجّل قُطْز عن فرسه، ومرّغ وجهه في التراب شكرًا لله. إنّها فلسطين، ضحّى السلطان عبد الحميد بعرشه ومُلكه، وصَكّ سمعَ هِرْتزِل بكلماته المدوّية: ''لا أقدر أن أبيع ولو قدمًا واحدًا من فلسطين؛ لأنّها ليست لي بل لشعبي، لقد حصّل شعبي على هذه الدولة بدمائهم، وسوف نغطّيها بدمائنا قبل أن نسمح لأحد باغتصابها''.
    هكذا حرس المسلمون أراضيهم، وبإيمانهم استردوها إن اغتصبت أو احتلت، لأنّها مقر عقيدتهم، وموطن إقامة شريعتهم، فإن ذهبت أرضهم وأوطانهم ذهب دينهم، وإن المحتلّ لأرض الإسلام أول ما يحاربه فيها ليهل له ما بعده هو الدِّين والمسجد والمعتقد، فلا يحق لنا أن نفصل بين فلسطين وبين ديننا وإسلامنا.

    بشير شارف ــ إمام مسجد مالك بن أنس ــ باش جراح الجـــزائر

  • #2
    رد : إنهــا فلسطيــن

    الله محرر فلسطين من دنس اليهود الجبناء وسائر بلاد المسلمين
    بارك الله فيك اختنا على الموضوع الطيب

    تعليق

    جاري التحميل ..
    X