..زاد وصفات(3):
يحكي أن فأرة أحبت جملا فاقتادته إلى جحرها فوقف الجمل على بابها والفأرة تناديه بالدخول ... وإذ بالجمل يقول لها:
إما أن تتخذي بيتا يليق بمحبوبك ... وإما أن تتخذي محبوبا يليق ببيتك..!
تالله ما هزلت حبيبتنا فيستامها المفلسون،ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون،
-لما كثر المدعون لمحبتها طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى،فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخلي حرقة الشجي!
وكل يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك
إذا تشابكت دموع في عيون تبين من بكى ممن تباكى
من هذه الحسناء الجميلة التي تغنى بها الشعراء في قصائدهم؟وبحث عنها الملوك في قصورهم؟والفلاسفة في تجريدهم؟!
- إنها الدعوة!!!..التي سقيت بمداد آلاف العلماء والمفكرين والدعاة من أمثال: ..الغزالي والقرضاوي و عبد الفتاح أبوغدة و أبو الحسن الندوي والمودودي وعبد القادر عودة وسعيد حوى والراشد ومحفوظ نحناح..ورويت بدماء آلاف الشهداء:حسن البنا وسيد قطب وأحمد ياسين و إياد العزي ومحمد بوسليماني.... تالله لقد ذهب أهلها بشرف الدنيا والآخرة...!!..(ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين)..فليس هناك مقام أعلى وأرقى وأسمى وأحلى وأغلى من مقام الدعوة....
-هذه الدعوة الحسناء الجميلة لا يعرف قيمتها ولا يتذوق حلاوتها ولا يدرك شرفها إلا الفارس المحب الذي لا يترجل....
هذه الدعوة العظيمة تحتاج إلى همة عالية:
فإما أن تتخذ دعوة تليق بمحبوبك...أو أن تتخذ محبوبا يليق بدعوتك..!
فالدعوة لا يصلح لها إلا من حاطها من جميع جوانبها،وحملها حق الحمل من غير احتراس ولا احتراز...!
تكاليف البيعة مع الله وصفات المبايعين:يكثرون عند الفزع ويقلون عند الطمع..
(إن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة , يقاتلون في سبيل اللّه فيقتلون ويقتلون , وعدا عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن , ومن أوفى بعهده من اللّه ? فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به , وذلك هو الفوز العظيم . التائبون العابدون الحامدون السائحون , الراكعون الساجدون , الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر , والحافظون لحدود اللّه , وبشر المؤمنين.)
يقول شهيد الظلال: هذا النص الذي تلوته من قبل وسمعته ما لا أستطيع عده من المرات , في أثناء حفظي للقرآن , وفي أثناء تلاوته , وفي أثناء دراسته بعد ذلك في أكثر من ربع قرن من الزمان . . هذا النص - حين واجهته في "الظلال" أحسست أنني أدرك منه ما لم أدركه من قبل في المرات التي لا أملك عدها على مدى ذلك الزمان !
إنه نص رهيب ! إنه يكشف عن حقيقة العلاقة التي تربط المؤمنين باللّه , وعن حقيقة البيعة التي أعطوها - بإسلامهم - طوال الحياة . فمن بايع هذه البيعة ووفى بها فهو المؤمن الحق الذي ينطبق عليه وصف : المؤمن.. وتتمثل فيه حقيقة الإيمان . وإلا فهي دعوى تحتاج إلى التصديق والتحقيق !
حقيقة هذه البيعة - أو هذه المبايعة كما سماها اللّه كرماً منه وفضلاً وسماحة - أن اللّه - سبحانه - قد استخلص لنفسه أنفس المؤمنين وأموالهم ; فلم يعد لهم منها شيء . . لم يعد لهم أن يستبقوا منها بقية لا ينفقونها في سبيله . لم يعد لهم خيار في أن يبذلوا أو يمسكوا . . كلا . . إنها صفقة مشتراة لشاريها أن يتصرف بها كما يشاء , وفق ما يفرض ووفق ما يحدد , وليس للبائع فيها من شيء سوى أن يمضي في الطريق المرسوم , لا يتلفت ولا يتخير , ولا يناقش ولا يجادل , ولا يقول إلا الطاعة والعمل والاستسلام . . والثمن:هو الجنة . . والطريق:هو الجهاد والقتل والقتال . . والنهاية:هي النصر أو الاستشهاد:
يقول سيد الربانيين ابن عطاء الله السكندري:
ليس المحب الذي يرجو من محبوبه عوضا، أو يطلب منه غرضا، فإن المحب من يبذل لك ، ليس المحب من تبذل له.
ففارس الدعوة المحب المخلص الصادق::يريد بقوله وعمله وجهاده وجه الله:من غير نظر إلى مغنم أو مظهر أو جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر...فلا تهمه المناصب والمكاسب:
أخرج ابن ماجـة في صحيحه _ عن أبي هريرة _ رضي الله عنه ,, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش ..!
تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم ،تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، الدينار :هو النقد من الذهب والدرهم: هو النقد من الفضة والخميصة :هي الثياب الجميلة والخميلة :هي الفرش الجميلة ،كيف يكون الإنسان عبداً للدينار والدرهم والخميصة والخميلة؟.. فسر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط.. ثم دعا عليه وقال: تعس وأنتكس وإذا شيك فلا انتقش فدعا عليه بالانتكاسة وعدم تيسر الأمور له حتى في إخراج الشوكة من جسمه إذا شيك فلا انتقش نعم هو جدير بذلك، جدير بمن عبد الدرهم والدينار والخميصة والخميلة أن لا تيسر له الأمور ...
علامة لا تخطئ...وميزان فاضح واضح للمخلطين: إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط..فالأخ الذي يحضر وينشط ويتحرك..إن أعطي...ويفتر ويختفي..إن منع..! ..هذا لا شك أنه:من الذين يكثرون عند الطمع ويقلون عند الفزع..!
1-ففي المواعيد الانتخابية نرى البعض يحرصون على الحضور في الوقت المحدد :بحماس وحرارة وحيوية..أما في المحاضن التربوية والندوات العلمية والمنهجية..واللقاءات الإستراتيجية الهادفة:لا نرى لهم رسما ولا أثرا..وإن حضروا: فبخطوات متثاقلة ..وقلوب لاهية..وأفواه تجيد فن التثاؤب..!
2-إن خالفت الأغلبية رأيه-(رأي الأغلبية ملزم)- سخط وتبرم وتقاعس وفتر ..بل يناقض رأيها ويسير عكسه..!..ويحتد وينتقد:سلقوكم بألسنة حداد..!
-ومن حقائق الحياة الكبرى التي لا يعسر فهمها على أحد:تمايز الناس،واختلاف طبائعهم وأخلاقهم،وأهل السوق لا يساوون بينهم عند البيع،..والعوائل لا تقبلهم جميعا عند المصاهرة ،فلماذا تفتح أبواب الدعوة للجميع؟..
بل نشترط...وندقق...
...والناس كالنبت....والنبت ألوان...
فاربأ بنفسك أن تستأنس بمن لا عقل له،ولا يسير إلى غاية....
فبعض الرجال نخلة لا جنى لها.......ولا ظل إلا أن تعد من النخل
وحاشاك أن يكون هؤلاء لك أصحابا ،فإن القلب يستوحش عند مخالطة أمثالهم،ممن ليس لهم قضية ولا هدف...ولا يحركهم شعور بمسؤولية أو يهزهم خبر المسلمين ونبأ الصراع...ولا تكويهم حرارة التحديات....من أصحاب المغانم:الذين يكثرون عند الطمع ويقلون عند الفزع..!
إخوان ليلى: لكن هناك،عند إخوان ليلى:تعطي صفقة قلبك وتبايع..
وهناك،عند إخوان ليلى:تفهم معنى الزعامة حقا.....
عندما قالت ليلى الأخيلية ترثي أخاها:
ومخرق عنه القميص تخاله...يوم اللقاء من الحياء سقيما
حتى إذا رفع اللواء رأيته...تحت اللواء على الخميس زعيما
- وكم أرتنا الدعوة وأحداثها إخوان ليلى هؤلاء،الذين امتزجت أرواحهم بروح الدعوة ، وذابت رغباتهم وطموحاتهم وآمالهم في تيار الدعوة،وصابروا في ثغور النشاط على سنة التواضع والفقر،بغير مال،ولا شهادة دراسة عليا،ولا لقب ولا سيارة ،ولا مركز مرموق،بل بالقميص المخرق المرفأ!!
....حتى إذا جد يوم البذل والتنافس الخيري رأيتهم الزعماء حقا!!...يقودون جمهرة المؤمنين...ويضربون الأمثال لمن يروم التحدي...ولو صنفهم الناظر لهم بعين الموازين الدنيوية والأعراف الوظيفية لوضعهم في المؤخرة ....
...لكن العارف بلغات القلوب ولهجات الأرواح يميز المنازل السامية التي احتلوها...
فيؤسر إعجابا...وينشد احتراما...فينطق لسانه بأزكى الدعاء لهم ...لما رأى من نبض ووميض..؟؟؟!!!..
قال الجنيد: دفع السري إليه رقعة، وقال: هذه خير لك من سبعمائة قصة ؟!.. فإذا فيها:
ولما ادعيت الحب قالت كذبتني فما لي أَرى الأعضاء منك كواسيا
فما الحب حتى يلصق القلب بالحشا وتذبل حتى لا تجيـــب المناديا
وتنحل حتى لا يبقي لك الهوى سوى مقلة تبكى بها وتناجيـــا
-ولو قيل للمجنون ليلى ووصلها..... تريد أم الدنيا وما في طوياها
لقال غبار من تراب نعالها....... ألذ لنفسي وأشفى لبلواها..!
ما محنة الداعية إلا لهوه وغفلته و جلوسه فارغاً ، وربما زاد فينفتح له باب من اللغو بعد اللهو .
تـلك هي المحنة الحقيقية التي تـفتعـلها الجاهلية للدعاة بما تعرض للناس من مغريات و أسباب لهـو تـلـفـت أنظارهم إليها !!
- وما انتصار الداعية إلا في أن تعاف نفسه ما لا يؤثر في تـقدم دعوته ، إن غفلة الداعية محنة لأنها صرفته عن نصر ممكن يحققه له الجد والعمل الدائب ، وعن أجر وثواب أخروي ليس له من مقدمة إلا هذا الجد وسيظل اسمنا مكتوباً في سجل الغافلين الفارغين ما دمنا لا نعطي للدعوة إلا فضول أوقاتـنا ، وما دمنا لا نشغفها حباً ولا نتخذها حرفة .
المراجع:
الظلال:للشهيد سيد قطب
أصول الإفتاء:للشيخ:الراشد.
يحكي أن فأرة أحبت جملا فاقتادته إلى جحرها فوقف الجمل على بابها والفأرة تناديه بالدخول ... وإذ بالجمل يقول لها:
إما أن تتخذي بيتا يليق بمحبوبك ... وإما أن تتخذي محبوبا يليق ببيتك..!
تالله ما هزلت حبيبتنا فيستامها المفلسون،ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون،
-لما كثر المدعون لمحبتها طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى،فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخلي حرقة الشجي!
وكل يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك
إذا تشابكت دموع في عيون تبين من بكى ممن تباكى
من هذه الحسناء الجميلة التي تغنى بها الشعراء في قصائدهم؟وبحث عنها الملوك في قصورهم؟والفلاسفة في تجريدهم؟!
- إنها الدعوة!!!..التي سقيت بمداد آلاف العلماء والمفكرين والدعاة من أمثال: ..الغزالي والقرضاوي و عبد الفتاح أبوغدة و أبو الحسن الندوي والمودودي وعبد القادر عودة وسعيد حوى والراشد ومحفوظ نحناح..ورويت بدماء آلاف الشهداء:حسن البنا وسيد قطب وأحمد ياسين و إياد العزي ومحمد بوسليماني.... تالله لقد ذهب أهلها بشرف الدنيا والآخرة...!!..(ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين)..فليس هناك مقام أعلى وأرقى وأسمى وأحلى وأغلى من مقام الدعوة....
-هذه الدعوة الحسناء الجميلة لا يعرف قيمتها ولا يتذوق حلاوتها ولا يدرك شرفها إلا الفارس المحب الذي لا يترجل....
هذه الدعوة العظيمة تحتاج إلى همة عالية:
فإما أن تتخذ دعوة تليق بمحبوبك...أو أن تتخذ محبوبا يليق بدعوتك..!
فالدعوة لا يصلح لها إلا من حاطها من جميع جوانبها،وحملها حق الحمل من غير احتراس ولا احتراز...!
تكاليف البيعة مع الله وصفات المبايعين:يكثرون عند الفزع ويقلون عند الطمع..
(إن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة , يقاتلون في سبيل اللّه فيقتلون ويقتلون , وعدا عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن , ومن أوفى بعهده من اللّه ? فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به , وذلك هو الفوز العظيم . التائبون العابدون الحامدون السائحون , الراكعون الساجدون , الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر , والحافظون لحدود اللّه , وبشر المؤمنين.)
يقول شهيد الظلال: هذا النص الذي تلوته من قبل وسمعته ما لا أستطيع عده من المرات , في أثناء حفظي للقرآن , وفي أثناء تلاوته , وفي أثناء دراسته بعد ذلك في أكثر من ربع قرن من الزمان . . هذا النص - حين واجهته في "الظلال" أحسست أنني أدرك منه ما لم أدركه من قبل في المرات التي لا أملك عدها على مدى ذلك الزمان !
إنه نص رهيب ! إنه يكشف عن حقيقة العلاقة التي تربط المؤمنين باللّه , وعن حقيقة البيعة التي أعطوها - بإسلامهم - طوال الحياة . فمن بايع هذه البيعة ووفى بها فهو المؤمن الحق الذي ينطبق عليه وصف : المؤمن.. وتتمثل فيه حقيقة الإيمان . وإلا فهي دعوى تحتاج إلى التصديق والتحقيق !
حقيقة هذه البيعة - أو هذه المبايعة كما سماها اللّه كرماً منه وفضلاً وسماحة - أن اللّه - سبحانه - قد استخلص لنفسه أنفس المؤمنين وأموالهم ; فلم يعد لهم منها شيء . . لم يعد لهم أن يستبقوا منها بقية لا ينفقونها في سبيله . لم يعد لهم خيار في أن يبذلوا أو يمسكوا . . كلا . . إنها صفقة مشتراة لشاريها أن يتصرف بها كما يشاء , وفق ما يفرض ووفق ما يحدد , وليس للبائع فيها من شيء سوى أن يمضي في الطريق المرسوم , لا يتلفت ولا يتخير , ولا يناقش ولا يجادل , ولا يقول إلا الطاعة والعمل والاستسلام . . والثمن:هو الجنة . . والطريق:هو الجهاد والقتل والقتال . . والنهاية:هي النصر أو الاستشهاد:
ولقد كانت هذه الكلمات تطرق قلوب مستمعيها الأولين - على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فتتحول من فورها في القلوب المؤمنة إلى واقع من واقع حياتهم ; ولم تكن مجرد معان يتأملونها بأذهانهم , أو يحسونها مجردة في مشاعرهم . كانوا يتلقونها للعمل المباشر بها . لتحويلها إلى حركة منظورة , لا إلى صورة متأملة . . هكذا أدركها عبد اللّه بن رواحة - رضي اللّه عنه - في بيعة العقبة الثانية . قال محمد بن كعب القرظي وغيره:قال عبد الله بن رواحة رضي اللّه عنه , لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم يعني ليلة العقبة:اشترط لربك ولنفسك ما شئت . فقال:" أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً ; وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم " . قال:فما لنا إذا نحن فعلنا ذلك ? قال:
"الجنة " " . قالوا:ربح البيع , ولا نقيل ولا نستقيل . .
هكذا . . " ربح البيع ولا نقيل ولا نستقيل " . . لقد أخذوها صفقة ماضية نافذة بين متبايعين ; انتهى أمرها , وأمضي عقدها , ولم يعد إلى مرد من سبيل:" لا نقيل ولا نستقيل " فالصفقة ماضية لا رجعة فيها ولا خيار ; والجنة:ثمن مقبوض لا موعود ! أليس الوعد من اللّه ? أليس اللّه هو المشتري ? أليس هو الذي وعد الثمن..!"الجنة " " . قالوا:ربح البيع , ولا نقيل ولا نستقيل . .
يقول سيد الربانيين ابن عطاء الله السكندري:
ليس المحب الذي يرجو من محبوبه عوضا، أو يطلب منه غرضا، فإن المحب من يبذل لك ، ليس المحب من تبذل له.
ففارس الدعوة المحب المخلص الصادق::يريد بقوله وعمله وجهاده وجه الله:من غير نظر إلى مغنم أو مظهر أو جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر...فلا تهمه المناصب والمكاسب:
أخرج ابن ماجـة في صحيحه _ عن أبي هريرة _ رضي الله عنه ,, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش ..!
تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم ،تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، الدينار :هو النقد من الذهب والدرهم: هو النقد من الفضة والخميصة :هي الثياب الجميلة والخميلة :هي الفرش الجميلة ،كيف يكون الإنسان عبداً للدينار والدرهم والخميصة والخميلة؟.. فسر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط.. ثم دعا عليه وقال: تعس وأنتكس وإذا شيك فلا انتقش فدعا عليه بالانتكاسة وعدم تيسر الأمور له حتى في إخراج الشوكة من جسمه إذا شيك فلا انتقش نعم هو جدير بذلك، جدير بمن عبد الدرهم والدينار والخميصة والخميلة أن لا تيسر له الأمور ...
علامة لا تخطئ...وميزان فاضح واضح للمخلطين: إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط..فالأخ الذي يحضر وينشط ويتحرك..إن أعطي...ويفتر ويختفي..إن منع..! ..هذا لا شك أنه:من الذين يكثرون عند الطمع ويقلون عند الفزع..!
1-ففي المواعيد الانتخابية نرى البعض يحرصون على الحضور في الوقت المحدد :بحماس وحرارة وحيوية..أما في المحاضن التربوية والندوات العلمية والمنهجية..واللقاءات الإستراتيجية الهادفة:لا نرى لهم رسما ولا أثرا..وإن حضروا: فبخطوات متثاقلة ..وقلوب لاهية..وأفواه تجيد فن التثاؤب..!
2-إن خالفت الأغلبية رأيه-(رأي الأغلبية ملزم)- سخط وتبرم وتقاعس وفتر ..بل يناقض رأيها ويسير عكسه..!..ويحتد وينتقد:سلقوكم بألسنة حداد..!
-ومن حقائق الحياة الكبرى التي لا يعسر فهمها على أحد:تمايز الناس،واختلاف طبائعهم وأخلاقهم،وأهل السوق لا يساوون بينهم عند البيع،..والعوائل لا تقبلهم جميعا عند المصاهرة ،فلماذا تفتح أبواب الدعوة للجميع؟..
بل نشترط...وندقق...
...والناس كالنبت....والنبت ألوان...
فاربأ بنفسك أن تستأنس بمن لا عقل له،ولا يسير إلى غاية....
فبعض الرجال نخلة لا جنى لها.......ولا ظل إلا أن تعد من النخل
وحاشاك أن يكون هؤلاء لك أصحابا ،فإن القلب يستوحش عند مخالطة أمثالهم،ممن ليس لهم قضية ولا هدف...ولا يحركهم شعور بمسؤولية أو يهزهم خبر المسلمين ونبأ الصراع...ولا تكويهم حرارة التحديات....من أصحاب المغانم:الذين يكثرون عند الطمع ويقلون عند الفزع..!
إخوان ليلى: لكن هناك،عند إخوان ليلى:تعطي صفقة قلبك وتبايع..
وهناك،عند إخوان ليلى:تفهم معنى الزعامة حقا.....
عندما قالت ليلى الأخيلية ترثي أخاها:
ومخرق عنه القميص تخاله...يوم اللقاء من الحياء سقيما
حتى إذا رفع اللواء رأيته...تحت اللواء على الخميس زعيما
- وكم أرتنا الدعوة وأحداثها إخوان ليلى هؤلاء،الذين امتزجت أرواحهم بروح الدعوة ، وذابت رغباتهم وطموحاتهم وآمالهم في تيار الدعوة،وصابروا في ثغور النشاط على سنة التواضع والفقر،بغير مال،ولا شهادة دراسة عليا،ولا لقب ولا سيارة ،ولا مركز مرموق،بل بالقميص المخرق المرفأ!!
....حتى إذا جد يوم البذل والتنافس الخيري رأيتهم الزعماء حقا!!...يقودون جمهرة المؤمنين...ويضربون الأمثال لمن يروم التحدي...ولو صنفهم الناظر لهم بعين الموازين الدنيوية والأعراف الوظيفية لوضعهم في المؤخرة ....
...لكن العارف بلغات القلوب ولهجات الأرواح يميز المنازل السامية التي احتلوها...
فيؤسر إعجابا...وينشد احتراما...فينطق لسانه بأزكى الدعاء لهم ...لما رأى من نبض ووميض..؟؟؟!!!..
قال الجنيد: دفع السري إليه رقعة، وقال: هذه خير لك من سبعمائة قصة ؟!.. فإذا فيها:
ولما ادعيت الحب قالت كذبتني فما لي أَرى الأعضاء منك كواسيا
فما الحب حتى يلصق القلب بالحشا وتذبل حتى لا تجيـــب المناديا
وتنحل حتى لا يبقي لك الهوى سوى مقلة تبكى بها وتناجيـــا
-ولو قيل للمجنون ليلى ووصلها..... تريد أم الدنيا وما في طوياها
لقال غبار من تراب نعالها....... ألذ لنفسي وأشفى لبلواها..!
ما محنة الداعية إلا لهوه وغفلته و جلوسه فارغاً ، وربما زاد فينفتح له باب من اللغو بعد اللهو .
تـلك هي المحنة الحقيقية التي تـفتعـلها الجاهلية للدعاة بما تعرض للناس من مغريات و أسباب لهـو تـلـفـت أنظارهم إليها !!
- وما انتصار الداعية إلا في أن تعاف نفسه ما لا يؤثر في تـقدم دعوته ، إن غفلة الداعية محنة لأنها صرفته عن نصر ممكن يحققه له الجد والعمل الدائب ، وعن أجر وثواب أخروي ليس له من مقدمة إلا هذا الجد وسيظل اسمنا مكتوباً في سجل الغافلين الفارغين ما دمنا لا نعطي للدعوة إلا فضول أوقاتـنا ، وما دمنا لا نشغفها حباً ولا نتخذها حرفة .
المراجع:
الظلال:للشهيد سيد قطب
أصول الإفتاء:للشيخ:الراشد.
تعليق