إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

":.< القتل بدم بارد! >.:"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ":.< القتل بدم بارد! >.:"

    القتل بدم بارد!




    بقلم: أ. د. حلمي محمد القاعود




    د. حلمي محمد القاعود


    كانت صور القتلى المسلمين النيجيريين على شاشة قناة (الجزيرة) تتوالى أمامي، وأنا أفكر فيما جرى من اغتيال القائد الفلسطيني محمود المبحوح على يد الغزاة اليهود النازيين القتلة داخل فندق في دبي.


    القتل في نيجيريا تمَّ في وضح النهار، وصورته الكاميرات، والقتل في دبي تمَّ في الخفاء، مع هروب الجناة، وصحافة العدو تُبدي بهجتها وسرورها لقتل الشهيد المبحوح، وتتغنى بعبقرية الأشرار اليهود في القتل والملاحقة!



    وفي صور (الجزيرة) التي أذاعتها على الناس يبدو القائد العسكري النيجيري بلا قلبٍ ولا يعرف الرحمة، وهو يصدر أوامره الدموية للجنود بقتل المسلمين البائسين، وعدد منهم من كان يتوكأ على عكاز، فيتم إلقاء العكاز بعيدًا، وتربط اليدان من الخلف ويُلقى المسلم المدني على بطنه، ثم يتنافس الجنود النيجيريون على إطلاق الرصاص على الضحايا المنبطحين على الأرض كأنهم مخلوقات أقل مستوًى من الحيوانات.. تذكرتُ الحملات التي كانت تقوم بها الممثلة الشهيرة السابقة بريجيت باردو في باريس ضد المسلمين الذين يذبحون أضاحي العيد، وترى في ذلك وحشيةً وخروجًا على الإنسانية، وتناشد الدولة الفرنسية والأمم المتحدة وهيئات حقوق الإنسان وقفَ ما يفعله المسلمون الهمج ضد الخراف المسكينة!.



    الجيش النيجيري وبوليس نيجيريا، لم يعترفا بقيمة المسلمين النيجيريين الإنسانية من جماعة (بوكو حرام)، مع أن بعضهم مريض، وبعضهم الآخر من ذوي العاهات، وتم جمعهم في الساحات، وتنفيذ قتلهم في الشوارع علنًا وأمام الناس دون محاكماتٍ أو مراعاةٍ لأبسط مبادئ حقوق الإنسان، وكان الإعلام الغربي الذي ينتفض من أجل شخصٍ غير مسلم احتجز في مطار، أو حُقق معه في أحد أقسام الشرطة في بلد غير أوروبي، يشاهد ما يجري وكأنه بلا عينين ولا أذنين، وكأن الضحايا مجرد صراصير في دورة مياه!



    الإعلام الغربي المتعصب ضد الإسلام والمسلمين بدا منذ زمان وكأنه يهيئ لمذابح المسلمين النيجيريين، منذ بدأت حرب بيافرا والمعارك الطائفية التي جرت بعدها؛ بسبب كون نيجيريا تشكل البلد الكبير سكانيًّا في إفريقيا، وبه أكبر عدد من المسلمين (أكثر من 70%، والباقي في الجنوب من الوثنيين والنصارى، ويشكل الوثنيون الأغلبية في الجنوب، وتشبه السودان نيجيريا في هذا الأمر!).



    واستمرت التهيئة حتى الآن بهدف تصفية الإسلام في نيجيريا، وتحويلها إلى بلد نصراني، وقد تركَّز تهييج الإعلام الغربي على جماعة إسلامية محدودة، أطلق عليها (بوكو حرام)؛ أي التربية الغربية حرام، وهدف هذه الجماعة تطبيق الشريعة الإسلامية في كل الولايات الإسلامية النيجيرية، وقد وصفها الإعلام الغربي بأنها طالبان نيجيريا، وكأنَّ طالبان تمثل الكلمة السحرية التي تعطي الضوء الأخضر لإزهاق الأرواح، ومن ثَمَّ فقد اصطدمت السلطة النيجيرية التي يُهيمن عليها غير المسلمين مع هذه الجماعة، وقامت بتصفية معظم كوادرها دمويًّا، وقتلت رئيسها، وادَّعت أنه قُتل بغير معرفتها!



    المسلمون في نيجيريا عمومًا يعيشون حالةَ بؤسٍ فريدة في نوعها، مع أنها تعد من أغنى الدول الإفريقية في الثروة البترولية وغيرها، وبالطبع فإن غير المسلمين يعيشون حالةَ رخاء وثراء جيدة، وهم يمثلون طبقةً عليا في المجتمع النيجيري، وساعدهم الغرب على تملك مقدرات البلد والسيطرة على ثرواتها، من خلال تبنيه للنصارى وأبنائهم، ومنحهم فرصًا أفضل في التعليم والعمل والبعوث الأجنبية والتدريب ودخول الكليات العسكرية والشرطية؛ ما يمنحهم فرصةً أفضل من المسلمين الذين يتمركزون في الشمال والوسط، ويعيشون ظروفًا اقتصاديةً بائسة، وفقرًا مدقعًا؛ ما يترتب عليه أحيانًا قيام بعض الجماعات بتدمير أنابيب النفط، كما يحدث في دلتا نهر النيجر، وفي كل الأحوال يبقى المسلمون هدفًا للمذابح الدموية الطائفية، وفي الوقت نفسه يمثلون صيدًا ثمينًا للمنصرين الذين يفدون من دول الغرب وأمريكا.



    وقد خاض النيجيريون حروبًا طائفيةً طاحنة منذ عام 1967م، كانت للغرب يد طولى في إشعالها بين المسلمين الضعفاء وبين النصارى الأقوياء المدعومين برعاية استعمارية صليبية، عسكريًّا وماديًّا وإعلاميًّا، وقد عانى المسلمون من جرَّاء ذلك كثيرًا على المستويات كافة، وقد تمَّ التوصل إلى توافق بأن يكون الرئيس النيجيري بالتناوب بين المسلمين والنصارى.. وفي ظل الوضع العام لميزان القوى في نيجيريا، فقد عمَّ الفساد في البلاد وطمَّ، وانتشرت المظالم، وكان الطرف المسلم هو الضحية الرئيسية الذي يعاني بقسوة نتيجة للفساد والظلم الاجتماعي!



    وقد جاءت صيغة القتل بدم بارد، لبقايا جماعة (بوكو حرام) نموذجًا من نماذج الفساد المستشري في نيجيريا، وهو فساد مدعوم بالتعصب الذي يغذيه الولاء للغرب الاستعماري الصليبي.



    لقد قال المدعي العام في نيجيريا: إن أكثر من مائة شخص يواجهون الحكم بالإعدام لعلاقتهم بقضية القتل العلني التي جرت لجماعة "بوكو حرام"؛ حيث حصلت قناة (الجزيرة) على صور خاصة بتنفيذ الجيش لإعدامات أفراد الجماعة، وهذه محاولة لحفظ ماء الوجه السياسي لحكومة نيجيريا الفاسدة المتعصبة ضد المسلمين الذين يمثلون الأغلبية في البلاد.



    كان نحو ألف شخصٍ قد قُتلوا الصيف الماضي في مواجهاتٍ وقعت بين الشرطة والقوات النيجيرية وجماعة "بوكو حرام" في الولايات الشمالية من البلاد، ولم تقم الحكومة النيجيرية وزنًا للضحايا، ولم تشر بطرف عين للمجرمين القتلة، بل شوَّهت الضحايا، وصنعت لهم صورة كريهة تناقلها الإعلام الغربي المغرض.



    ذكرت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان أن أغلبية القتلى في الصور التي نقلتها (الجزيرة) كانوا مدنيين, كما قالت إن القوات الحكومية تتحمل مسئولية كبيرة عما حدث؛ لكن السلطات النيجيرية نفت هذه الاتهامات! وإن كان كلام المدعي العام في نيجيريا يحاول أن يقنع العالم أنه بسبيل محاكمة أكثر من مائة شخص ذرًّا للرماد في العيون.



    لقد تمَّت الجريمة في ظلِّ غياب الرئيس النيجيري عمر يارادو في السعودية للعلاج، وتولية نائبه المسيحي جود لاك جوناثان للقيام بأعمال رئيس الجمهورية، وقد كان هناك رفض من المحكمة الدستورية النيجيرية لتولية جوناثان لأعمال الرئاسة، وتدخلت وزيرة الخارجية الأمريكية ودول الغرب لإقناع الساسة النيجيريين بتولية نائب الرئيس، وقد تم الأمر بالفعل، وواضح أن مراكز الفساد التي يمثل بعضها فريق من الوزراء يقفون وراء الفوضى السياسية والأمنية التي تعيشها البلاد من أجل مصالحهم، وينجم عنها إتاحة الفرصة للإجرام الطائفي أن يعبِّر عن نفسه من خلال عناصر الجيش والشرطة!.



    إن دماء الضحايا المسلمين لن تتوقف ما دام يسكت المسلمون خارج نيجيريا عن مساندة أشقائهم النيجيريين، وما دام كان هناك صمت في أجهزة الإعلام العربية والإسلامية.. إن مقتل بعض الطائفيين في مصر على يد مسجل خطر، أثار الدنيا ولم يقعدها حتى اليوم، وقام الفاتيكان ودول الغرب الصليبي بإصدار البيانات العنيفة ضد الحكومة المصرية، وجاءت الوفود واللجان من بلاد الغرب للتحقيق مع المسئولين المصريين ومساءلتهم واستجواب شيخ الأزهر ووزير الأوقاف وغيرهما، وتنافست الصحف المصرية والإعلام المصري والهيئات المصرية المختلفة في التعبير عن الولاء والبراء والتضامن والتعاطف وحسن النوايا, ولكن أهل نيجيريا المسلمين يقتلون في وضح النهار دون محاكمات وهم مكتوفو الأيدي منبطحون على الأرض، دون أن يتحرك أحد أو يغضب أحد، أو يصدر أحد في بلاد المسلمين بيانًا يستنكر ما جرى.. مع أن الضحايا مدنيون أبرياء! ولله الأمر من قبل ومن بعد!.
    التعديل الأخير تم بواسطة warrior; 11/02/2010, 11:48 PM.
جاري التحميل ..
X