إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المناضل الكبير سعيد العتبة يرفع رايات الأمل .. بقلم الوزير / وصفي قبها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المناضل الكبير سعيد العتبة يرفع رايات الأمل .. بقلم الوزير / وصفي قبها

    المناضل الكبير سعيد وجيه سعيد العتبة " أبو الحكم "

    يرفع رايات الأمل والمستقبل .. برسالة الوطن .. ورسالة الحياة

    بقلم الوزير الأسير: م. وصفي قبها
    يعيش هذه الأيام خلف قضبان سجون الاحتلال الإسرائيلي وبين جدرانه العالية أكثر من ثمانية آلاف من أسود الشعب الفلسطيني تدفع أعمارها وأجمل سني عمرها وزهرات شبابها من أجل حرية وكرامة الشعب الفلسطيني ومن أجل أن تحيا فلسطين التاريخية دولة حرة أبية وعاصمتها القدس الشريف .
    ومن بين هؤلاء الأسرى هناك أكثر من سبعمائة وثمانين من المحكومين بالمؤبد لمرة واحدة أو عدة مرات قد تصل عشرات المرات كما هو حال المجاهد عبد الله البرغوثي ، والمجاهد إبراهيم حامد ، والمجاهد عباس السيد وغيرهم وهذا يعكس مدى استعداد الشعب الفلسطيني للتضحية والعطاء ، وفي نفس الوقت يعبر عن مأساة وطنية وأخلاقية وإنسانية ! ويبرز السؤال الكبير أين دور السلطة الفلسطينية لتأمين الإفراج عنهم ؟ وأين دور الفصائل التي يتجاوز عددها الخمسة عشر فصيلاًَ ، أين دور المؤسسات والأحرار لإنهاء معاناة هؤلاء الرجال والماجدات ؟! وإلى متى ستستمر بهم رحلة المواجع والآلام ؟!.
    إن جميع الأسرى يرفعون الصوت عالياً بأن الجميع يستطيع فعل الكثير للأسرى ! فالأمة التي تحترم أسراها وجرحاها وشهداءها هي أمة حية وأمة تستحق الحياة وتستحق النصر ، وأن الأسرى هم أسرى قضية إسلامية وعربية هدفها الدفاع عن شرف الأمة ، وعيب على أمة بهذا الحجم أن يبقى أسراها في السجون أن تستمر رحى السجون تطحن أعمار المجاهدين والمناضلين فماذا عملنا للمجاهد نائل صالح عبد الله البرغوثي " أبو النور " الذي دخل عامة الثاني والثلاثين خلف القضبان وأقل منه بشهور قليلة فخري عصفور عبد الله البرغوثي ( أبو شادي ) ، ومنذ حوالي الشهر دخل المناضل أكرم عبد العزيز سعيد منصور عامة الواحد والثلاثين ، والإحصائيات الأخيرة تشير أن حوالي مائة وعشرة (110) أسير قد تجاوز الواحد منهم العقدين ( عشرين ) عاماً مغيباً قسراً في بطن الحوت ، فأين الوفاء لهؤلاء الأسود ؟!.
    أما سعيد العتبة ( أبو الحكم ) فقد بدأت رحلته الشاقة والصعبة مع أوجاع والآم القيد والسجون في التاسع والعشرين من تموز / يوليو من العام ألف وتسعمائة وسبعة وسبعين (29-7-1977 م) ، وعلى مدار أكثر من إحدى وثلاثين سنة طحنتها رحى الاحتلال الإسرائيلي من عمره المديد والمبارك فقد جعلت من أبي الحكم أقدم أسير سياسي في العالم حيث موسوعة غينتس للأرقام القياسية كأول أسير في العالم يُمضي أكثر من ثلاثين عاماً في السجون .
    ومع كل تلك السنوات بقي أبو الحكم صامداً وصابراً وشامخاً ، لم يفت بسنواته الثقيلة من عضده ولم يكسر شوكته ، لم يوهن من عزيمته ، وهو المناضل الصلب ، الجريء ، لم يلين ، ولم يستكين ، ولم يهادن ، وفي نفس الوقت لم يفقد الأمل ، فهو قد دفع جزء من ضريبة الوطن وهو الذي يحمل رسالة سامية جداً ، هذه الرسالة وبالإضافة إلى مضمونها الوطني ، فهي ذات أهداف إنسانية نبيلة لها علاقة وترتبط ارتباطاً وثيقاً بشريحة مناضلة ومجاهدة من أطهار وأشراف الشعب الفلسطيني ، وهل هناك أطهر وأشرف ممن وهبوا أنفسهم وبذلوا الغالي والنفيس من اجل الأرض والوطن ، فمنهم من اختاره الله عز وجل إلى جواره ( ويتخذ منكم شهداء ) ، ومنهم من ينتظر ، ولكن الأسرى هم الشهداء مع وقف التنفيذ ، وعلى الرغم من قسوة السجن ، وعدم التجاوب الفاعل مع هذه القضية ذات الأبعاد الدينية والوطنية والأخلاقية والإنسانية من قبل الجميع إلاّ أنه لم يُسمع من أي مجاهد أو مناضل كلمة تضجر أو تأفف ، ولم يشعر أحد إطلاقاً بأي حالة من حالات التراجع والإحباط ، والنموذج الذي نحن بصدده مناضلنا سعيد العتبة " أبو الحكم " الذي لم يفقد الأمل وعلى مدار أكثر من إحدى وثلاثين سنة بأن تلك القيود والقضبان سوف تتحطم يوما ما ، والمقولة المعروفة والتي تحمل في كلماتها الأمل في الأوساط الفلسطينية وذوي الأسرى بأن السجن لا يُغلق على أحد .
    لقد أدرجت الفصائل المقاومة اسم سعيد العتبة على قوائم المطلوب الإفراج عنهم في صفقات التبادل ، ومع كل صفقة تبادل كانت الحرية تطرق باب زنزانة سعيد توقظه من نومه تبشره بقرب بزوغ شمس الحرية وأنه آن الآوان لتنسم هواء الحرية ، فيستعد أبو الحكم نفسياً للعيش مع الحرية وتبدأ الأحلام تداعب خياله ، الإفراج ، الاستقبال ، الوالدة الصابرة الحاجة وداد " أم راضي " الأخوة والأخوات ، الأقارب والجيران ، أهالي الجبل الشمالي ، سكان نابلس ، الشعب الفلسطيني بأسره ، فرحة الزواج ، ويشعر سعيد بالنشوة والطمأنينة وهو يعيش هذا الخيال وهو لا يزال على " برشة " وتبلغ الفرحة ذروتها ليفيق من أحلامه على وقع تعنت الاحتلال الإسرائيلي وإصراره على استثناء سعيد وغيره من المناضلين من قائمة المنوي الإفراج عنهم ، كان يفيق من الصدمة ويصمت بحزن ، يتأمل غرفة السجن ومن حوله العدد ، الفورة ، فحص الشبابيك ، دق الأرضيات ، التفتيش الأمني ، زامور الخطر مُعلناَ الاستنفار للانقضاض على أحد الأقسام أو للتدريب ، فيتأكد سعيد أنه لم يتغير عليه شيء ، رفاق وأخوة القيد كل على برشه ، روتين السجن بطقوسه وإجراءاته ورتابته نفس الشيء ونفس الحال .
    ويبزغ مرة أخرى بصيص أمل ولكن هذه المرة ليس عبر صفقات التبادل وإنما عبر التفاوض والسلام ، فبعد مؤتمر مدريد بدأت اللقاءات والمفاوضات ، ومن ثمَّ أوسلو ، وما بعد أوسلو ، وقضايا الحل النهائي ، دخول الوطن عبر عودة مختارة ومنتقاة ومحدودة جداً ، وإذا بالأسرى وقضيتهم مغيبَّة عن طاولة الحوار ، وإذا بالمفاوض الفلسطيني قد نسيَّ أو تناس الأسرى وقضيتهم ، وبعد أن عاش الأسود الأبطال نشوة الإفراج والأمل بتبييض السجون من كل الأسرى الذين ملوّا أبواب صاج الحديد ، ملَّوا القضبان ، ملَّوا الأقفال ، ملوَّا سماع طقطقة مفاتيح السجان الكبيرة الحجم والغريبة الشكل والتي مجرد سماعها يبعث في النفس الأسى والألم ، لقد ملَّوا الرطوبة والعفن التي تثير الغثيان ، ملَّوا رؤية وإزعاجات القوارض والحشرات التي تسبب لهم الإزعاج على مدار الساعة ، ويفيق الجميع على الواقع المَّر والمؤلم ، ويبرز السؤال أين الأسرى في مسيرة السلام المزعوم ؟! أين أحمد أبو السكر ؟ أين سعيد العتبة ؟ أين المناضل نائل البرغوثي ، أين فخري البرغوثي ؟ أين أحمد رجا نعيرات ؟ أين أبو علي يطا ؟ أين أكرم منصور وكريم يونس وماهر يونس وسليم الكيال وأحمد أبو حصيرة وعلى سلماني وعصام جندل وعلاء البازيان وفواز بخيتان ؟ و أين جمعة إسماعيل ؟ أين محمد حسن أبو هدوان ؟ وأمام أين يصرخ الجميع صرخة غضب ، مجرم من يتجاوز الأسرى وقضيتهم ، ويهب الشارع الفلسطيني ومؤسساته وينتفض الجميع وعارٌ علينا أن نصمت ، ويتنبه الاحتلال إلى أهمية هذه الورقة فبعد أن كان شمعون بيرس مستعداً لجدولة الإفراج عن كل الأسرى وتبييض السجون وفق قرارهم الداخلي ، فكم كانت فرحته شديدة عندما لم يطرح المفاوض الفلسطيني هذا الأمر كأحد شروط توقيع اتفاقية السلام ، وأمام ثورة وانتفاضة الشارع الفلسطيني ، جاء الموقف الإسرائيلي متشدداً ليوظف ورقة الأسرى التي تنبه لها ولقوتها والتي أصبحت فيما بعد اليد والذراع التي تؤلم الشعب الفلسطيني كله وليس المفاوض الفلسطيني وحده ، وتحت الضغط بدأ الاحتلال بسلسلة إفراجات كبيرة حيث أفرح عن غالبية الأسرى من ذوي الأحكام العادية والبسيطة ورفض الاحتلال الإفراج عن من أطلق عليهم ووصفهم بأصحاب الأيدي الملطخة بالدماء ، وهم أصحاب المحكومات العالية من المؤبدات الذين قتلوا أو أصابوا وجرحوا جنود احتلال ، وأمام هذه التصنيفات فقد رفض الحديث عن هؤلاء الأسرى الذين عرفوا لاحقاً " أسرى ما قبل أوسلو " .
    لقد أفرج الاحتلال عن أحمد رجا نعيرات " أبو رفعت " بعد أن أصيب بمرض الزهايمر وأصبح عبئاً على الاحتلال ، وجاء الإفراج عن أحمد أبو السكر " أبو السكر " مقابل الإفراج عن الجاسوس المعروف وصاحب القصة الشهيرة عدنان ياسين ، هذه حقيقة ومعذرة من أخي الكبير أبي السكر ، وقد أفرج عنه عندما كان السيد أبو مازن أول رئيس وزراء لفلسطين أيام المرحوم الراحل ياسر عرفات " أبو عمار " وكان ذلك في العام 2003م ، ولكن أصبح هناك ما يعرف بملف الأسرى القدامى – ما قبل أوسلو - ، وهم عقدة العُقد ورغم كل ذلك فالسجن مدرسة إلى جانب كونه حرمان ، والإرادة هي وعلى الدوام التي تنتصر مهما كانت الصعاب ، فالأسير يصمد ويصر الأسرى على الحياة ، وهكذا هو حال عميد الأسرى الفلسطينيين والعرب سعيد العتبة " أبو الحكم " ، الذي لم يفقد الأمل بالإفراج ومرة أخرى تبدأ مسلسلات التبادل التي قام بها حزب الله ويستبشر الأسرى خيراً وخاصة أن ملف الطيار الإسرائيلي رون أراد لا زال مفتوحاً ويتحرر عبد الكريم عبيد ، ومصطفى الديراني وسمير قنطار والمئات من الأسرى الفلسطينيين من أصحاب الأحكام الخفيفة ، ولكن الأمل الحقيقي حيث لم تُحيي نفوس الأسرى وينبعث الأمل فيهم من جديد إلاّ بعد أن نجحت المقاومة الفلسطينية في غزة في عملية الوهم المتبدد حيث تمكنت أن تعود إلى قواعدها ومعها الجندي شاليط أسيراً ولتبدأ مرحلة جديدة من الأمل الذي كانت ترتفع وتيرته وتنخفض ومن كان يتداوله الأعلام بخصوص قرب إنضاج صفقة التبادل ، وقد حاول الاحتلال أن يوظف هذه الورقة لتحطيم نفسيات الأسرى ، ولكن المقاومة ومن خلال حماس وبحكمتها وحنكتها التفاوضية استطاعت كسر كل المعايير والاشتراطات التي وضعها الاحتلال وأصرت على شروطها فلا فرق بين أسير من الضفة أو غزة أو القدس أو مناطق ال48 فهذه تصنيفات مرفوضة فلا تمييز فجميع الأسرى القدامى – ما قبل أوسلو أحد أهم الشروط لتنفيذ الصفقة ، وسعيد العتبة " أبو الحكم " على رأس القائمة المطلوب الإفراج عنه ، ويدرك الاحتلال الحقائق التي فرضتها المقاومة الفلسطينية ، ويحاول أولمرت وليفني الالتفاف واللعب على موضوع الصفقة حيث السعي لتبهيت الصفقة وتفريغها من مضمونها وللضغط على حماس للتسريع في الموافقة بعد تليين مواقفها وتخفيض سقف اشتراطاتها ، وتحت لافتة حسن النية تجاه المفاوض الفلسطيني فقد قامت الحكومة الإسرائيلية بالإفراج عن سعيد العتبة وأبي علي يطا بالإضافة إلى الأسير حسام خضر ، ويدرك الجميع لو لم يكن هناك مبادرة حُسن نية وخاصة أن أبا الحكم قد تمَّ استثناؤه من كل القوائم السابقة ، وحماس برؤيتها فقد رحبت بالإفراج عن أبي الحكم وأبي علي يطا وعن كل الأسرى لأن مكانهم الطبيعي هو عالم الحرية وليس خلف قضبان الأسر ، فمهما حاول الاحتلال من قهر وإذلال الشعب الفلسطيني وأسراه فإن الاحتلال إلى زوال ، وكل الأساليب التي يستخدمها العدو الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني من هدم واعتقال وتشريد وقتل لن تثني هذا الشعب عن الاستمرار في مقاومة الاحتلال والمطالبة بحقه ، المهم أن المناضل سعيد العتبة المولود بتاريخ 5-1-1951 والذي التحق وانخرط في النضال الفلسطيني في إطار الجبهة الديمقراطية منذ العام 1969 وهو لم يتجاوز الثامنة عشر عاماً من العمر فقد اعتقل بتاريخ 29-7-1977 ، وبعد أكثر من 31 عام ينتصر الصبر ، وينتصر الأمل على القيد ، ويفتح باب السجن على مصراعيه ليتنسم سعيد هواء الحرية وقد تجاوز سنه سبعة وخمسين عاماً ، ولا يزال أعزباً ، وقد تحقق الحلم يوم 25-8-2008 عندما انهمرت الدموع وتعالت زغاريد الفرحة لتمتزج الدموع مع الفرحة ، السجن صعب وقاس بكل معنى الكلمة ، ولكن فرحة الإفراج عظيمة ، لقد استقبل الشعب الفلسطيني الابن البار والمناضل الكبير سعيد العتبة " أبا الحكم " استقبال الأبطال ، استقبال يليق بعطائه وتضحياته ، استقبال يليق بجلال قدره ورصيد نضاله ومعاناته ، ثلاثة عقود وأكثر من سنة من ألم القيد والمعاناة ، وبذلك يكون أبو الحكم قد تقدم برسالة وطن إلى كل فلسطيني ، وإلى كل أحرار العالم ، أن الوطن يستحق منا أن نضحي من أجله كل شيء حتى لو خرجنا من السجون محمولين على الأكتاف كما حصل مع الشيخ المجاهد محمد حسن أبو هدوان " أبو الحسن " بعد التغييب خلف القضبان دام لأكثر من عشرين عاماً وأمنيته أن يخرَّ ساجداً في رحاب المسجد الأقصى يذوب فيها في ميدان عشقه لله ، وجمعة إسماعيل موسى " أبو إسماعيل " الذي ارتحل وأمنيته أن يزور بيت الله وقبر رسول الله وأن تكون له بعدها جلسة أخيرة مع زوجته وأبنائه وأحفاده تجمعهم جميعاً هكذا قال لي في إحدى المرات التي التقيته فيها عندما جمعنا ألم القيد وألم الجسد في السجن التابع لمستشفى الرملة ، لقد كانت فرحة الحاجة وداد نايف فضة " أم راضي " والدة سعيد العتبة عظيمة بحجم دموعها وحجم الأمل الذي عاشته على مدار أكثر من 31 عام من الزيارات وهي تلاحق سعيد من سجن إلى سجن والأمل أن يخرج الابن ويتزوج لتفرح به وليبدأ رسالة الحياة من جديد بعد أن قدم رسالة الوطن ، لقد كانت هناك وعودات كثيرة لإطلاق سراح سعيد وكافة الأسرى من سجون الاحتلال تبخرت تلك الوعودات وتلاشت تاركة آثاراً سلبية على نفسية من يعيش حلم الحرية الانعتاق من القيد.
    لقد كان الإفراج عن سعيد رسالة أمل لكل الأسود الرابضة خلف القضبان وكم أثُلجت صدورنا نحن أسرى الشعب الفلسطيني ونحن نتابع وعبر الفضائيات فرحة جماهير شعبنا وفي وقفة وعرس وطني يعبر عن وفاء هذا الشعب لمجاهديه ومناضليه بعيداً عن حالة الانقسام التي تمر بالساحة الفلسطينية ، كانت لحظات صعبة ولكنها حلوة وجميلة حيث الأجواء مفعمة بالعاطفة ما دفع بدمعات فرح سالت من عيناي ، فالشكر لله أولاً ، وللمقاومة الفلسطينية ثانياً التي فرضت الأسرى وقضيتهم ، عميد الأسرى الفلسطينيين والعرب وأقدم أسير سياسي في العالم يتنسم هواء الحرية ويسير بخطى ثابتة على تراب الوطن ، تحتضنه جماهير نابلس جبل النار بمشاهد تاريخية ومؤثرة .
    أبو الحكم رمز المعاناة يعيش اليوم في عالم غير عالم السجن ، عالم لا عدد فيه ولا فورة ولا .. ولا ... ، وإن كان الشعب لا زال يعاني بطش الاحتلال وجرائمه ، اليوم انتصر الصبر وانتصر الأمل وانتصرت الحياة على القيد ، لقد حطمت إرادة الفلسطيني إرادة الأسير عنجهية السجان وغطرسة الاحتلال ، الاحتلال الذي كان يتلذذ بمعاناة أبي الحكم ، من يصدق أن السجن لا يُغلق بابه على أحد ؟! ، من يصدق أن أبا الحكم وبعد أكثر من 31 عاماً أتعبت جسده وأنهكته الأمراض ورائحة الموت المنبعثة من رطوبة الأرض والجدران .
    أبو الحكم يبدأ اليوم رسالة الحياة ، يخط حياته الجديدة بابتسامة منقوصة لوجود رفاق ومناضلين ومجاهدين تركهم خلفه ينتظرون بزوغ فجر الحرية ، ولكن أبا الحاكم الرجل المتماسك الصلب الذي تشهد له كل أقبية التحقيق والسجون التي دخلها سواء كانت في الضفة سجون نابلس وجنيد أو داخل فلسطين المحتلة عام 1948م حيث دخل كل السجون التي تمَّ تخصيصها للأسرى الأمنيين الفلسطينيين ومن نفحة ، ورمون ، والرملة ، والسبع ، وعسقلان ، وهداريم ، وعتليت ، وجلبوع ، وشطة ، وهل هناك سجن لم يدخله أبو الحكم ؟!.
    سعيد العتبة اليوم صاحب طموح ، وهو يحب الحياة ويعشق الحياة ولكن نداء الوطن والواجب أهم عنده من كل شيء وقد لبى هذا النداء ، واليوم يشعر بالحنان الذي افتقده لسنوات عندما احتضنته والدته ، لقد شعر بدفء حضن والدته وكأنه طفل ، هذه الوالدة الصابرة المحتسبة التي كانت متلهفة لضم سعيد إلى حضنها وتشعره بذلك الحنان والدفء .
    لقد عاد أبو الحكم إلى الحياة من جديد بعد أن منَّ الله عليه وأكرمه الانعتاق من القيد والخروج من بطن الحوت ، لقد خرج من مدافن الأحياء وأصبحت السجون وعالمها مجرد ذكريات ، فهل سجنت قط يا أبا الحكم ؟! ، هذا هو الأسير الفلسطيني ورحلته مع الألم والأمل .
    لقد دخل أبو الحكم القفص الذهبي وطلق حياة العزوبية بعد سبعة وخمسين عاماً وقد تحقق حلم الأم الحاجة وداد " أم راضي " التي زرتها يوم 17-4-2006م وبعد أقل من شهرين من اضطلاعي بمهام وأمانة وزارة شؤون الأسرى والمحررين في الحكومة العاشرة عندما زرت مدينة نابلس زيارة رسمية ومن مديرية الثقافية والإعلام وعبر مؤتمر صحفي بمشاركة رئيس نادي الأسير الأستاذ قدورة فارس ومدير الثقافة والإعلام في المحافظة فقد أعلنتُ عن انطلاق فعاليات يوم الأسير الفلسطيني وقد قلت في مقدمة البيان الصحفي أن الإعلان عن فعاليات التضامن مع الأسرى هذا العام من نابلس يجيء لعدة أسباب أولها حباً ووفاءً لعميد الأسرى الفلسطينيين والعرب المناضل سعيد العتبة الذي يمثل رمزية الحركة الأسيرة الفلسطينية بكل أطيافها ومكوناتها السياسية وابن نابلس جبل النار ، بالإضافة إلى البعد التضامني مع المدينة المستهدفة من قبل الاحتلال حيث الاقتحامات اليومية وعمليات القتل والتدمير ، حيث ارتفعت نسبة الشهداء من هذه المدينة ومخيماتها الصامدة ، بالإضافة إلى الوقوف إلى جانب الأهل في نابلس ومخيماتها المحاصرين من كل المداخل والتي يشكل الأسرى من هذه المدينة في سجون الاحتلال أكبر نسبة من الحركة الفلسطينية الأسيرة وتضامناً مع تجار نابلس حيث يهدف الاحتلال لضرب عاصمة الاقتصاد الفلسطيني من خلال الحصار والإجراءات المشددة والتضييق على دخول وخروج البضائع والمنتجات الزراعية ، وبعد أن التقيت أهالي الأسرى في مقر النقابات المهنية ، كان على جدول زيارتي للمدينة ، زيارة منزل سعيد العتبة حيث استقبلتني الخالة الحاجة وداد فضة " أم راضي " ونجلها الدكتور وإحدى كريماتها ، وكانت قد تجاوز سنها ال75 عاماً وتحدثت أم راضي طويلاً عن معاناة فلذة كبدها سعيد ومعاناتها وأن أمنيتها في الحياة أن تراه في عالم الحرية وتفرح بزواجه وأن تذهب إلى ربها بنفس راضية مرضية ،لقد شعرت بحجم الألم الذي أخبرتني الحاجة أم راضي أنني أول مسؤول فلسطيني – وزير يدخل بيتها متضامناً ومقدراً لهذا البيت وشكرتني على هذا الوفاء لسعيد وقضية الأسرى ، لقد فرحت كثيراً بداخلي لأنني أول من يقدر قيمة وعطاء هذا البيت وليس بأقل من زيارة وفاء ، ولكن حرنت جداً على التقصير بهذا البيت وأمثاله من قبل المسؤولين من قبلي الذين حننّوا عليه بزيارة تضامنية ، وقد بقيت متواصلاً مع الخالة وداد عبر التليفون أيام الأعياد مهنئاً وبعض المرات مطمئناً على صحتها ، وكم استبشرت الحاجة أم راضي خيراً بعد أسر شاليط حيث عبرت لي عن أملها وقرب تحقيق أمنيتها ، وما قطعني من الاتصال بالخالة وداد تغيبي قسراً خلف القضبان حيث قطعت هذا الانقطاع برسالة تهنئة بعد الإفراج عن سعيد أرسلتها له من سجن مجدو ، والتهنئة كانت موصولة للوالدة أم راضي .
    لقد تحقق حلم الأم وتزوج سعيد من مناضلة فلسطينية ، وماجدة من ماجدات هذا الشعب العظيم ، فتاة في مقتبل العمر تقدر النضال والمناضلين ، وترسل برسائل وفاء للحركة الأسيرة الفلسطينية وعميدها سعيد العتبة الذي يرد على هذه الرسالة والتحية بأجمل منها ، وإذا الأقدار تسوق الأمور إلى حيث هي الآن ، المناضلة مها حسين عواد ابنة مدينة نابلس التي أفرج عنها يوم 20-5-2008 بعد قضاء حوالي أربعة أعوام خلف القضبان وهي في العشرينات من عمرها تقبل بالمناضل سعيد العتبة زوجاً لها على سنة الله ورسوله حيث تعتبر ذلك شرفاً لها أن تقترن بمناضل أفنى زهرات شبابه خلف القضبان أمثال سعيد العتبة ، لقد نثرت نابلس عطرها وياسمينها على مها وسعيد يوم العرس ، حيث زفت المدينة مانديلا فلسطين أبو الحكم إلى المناضلة مها ، لقد حاول الاحتلال أن ينسوه ملامح الحرية ، والشعور بالحياة لقد حاول الاحتلال حرمانه من حقه الطبيعي في الحياة وتكوين أسرة ، إلاّ أن سعيد قهرهم بثباته وصموده ، بل عملهم أسس ومعاني التضحيات وأنها تتوج برسالة حياة ، لم تنل حياة السجن من إرادته أو إرادة مها ، فقد ظن البعض أن الليل قد طال وإذا بانبلاج فجر الحرية يتحقق ، بزغت شمس الحرية وطلق سعيد حياة العزوبية وبدأ رسالة حياة جديدة مفعمة بالأمل أكثر ، لقد تحقق حلم الوالدة وأفرج عن سعيد وتزوج في حياتها ، ولكن المنية عاجلتها قبل أن تكتمل عينيها برؤية أبناء سعيد ، ولكنها إرادة الله فبعد أن تحققت أمنيتها التي لطالما راودتها حيث لا زالت كلماتها ترن في أذني وتحدث صداها بداخلي منذ زيارتي لها قبل حوالي ثلاثة سنوات ونصف .
    رحم الله الحاجة وداد نايف فضة " أم راضي " فهي الآن في ذمة الله بعد زواج سعيد وقد انتقلت إلى حمته تعالى عن عمر يناهز 79 عاماً ، نرفع أكف الضراعة إليه عز وجل أن يتغمدها بواسع رحمته ويسكنها فسيح جناته .
    إن الزوج والزوجة المناضلان اللذان جمعتها قيود الاحتلال وحلكة ظلمة سجونه ، تبتسم لهما الحياة اليوم ويثمر هذا الزواج المبارك عن مولودة سميت "وداد " تيمناً وحباً ووفاءً لوداد والدة سعيد التي انتقلت إلى الرفيق الأعلى ، وقد أطلَّ علينا سعيد ومن عبر الشاشة الصغيرة وهو يحمل طفلته وداد ليؤكد للأسرى جميعاً ليقول لهم أن الفجر آت لا محالة ، وبزوغ فجر الحرية قادم ، وأن " وداد" الصغيرة هي رسالة الحياة التي تحققت بعد عام من انعتاق سعيد من قيده ، رسالة إلى كل الأسرى أن الأمل موجود ، اطلَّ علينا سعيد " أبو الحكم " وعلى يديه " وداد " برسالة واضحة أن الفارس على صهوة جواد الصمود يؤكد لكم أن حياة السجن لم تنل من إرادته ، فقد حاول الاحتلال يائساً أن ينسيه ملامح الحرية ، إلاّ أن سعيد قد قهرهم فعلاً بثباته وصموده بل وعملهم دروساَ في أسس ومعاني التضحيات واليوم يطل سعيد ليقهرهم أكثر من خلال طفلته وداد هذه الطفلة ابنة المناضل سعيد والمناضلة مها تحمل كل المعاني ورسالة حياة بأبعادها الإنسانية والوطنية ، فالحرية تنتصر ، والحياة تنتصر ، ولكن الألم في نفس سعيد أن والدته فارقت الحياة قبل أن تكتمل فرحتها برؤية الحفيدة وداد وتكتحل عيناها برؤية هذه الزهرة الجميلة هذه الوردة الرائعة والجميلة في بستان أسرة سعيد وحرمه المصون مها .
    أما سعيد ومن خلال سنوات سجنه الطويلة بكل آلامها ،ومن خلال الإفراج وفرحته ، ومن خلال زواجه من مها عواد التي رزق طفلته وداد ، يرفع بكل ذلك رايات الأمل والمستقبل برسالة وطن .. ورسالة الحياة .

  • #2
    رد : المناضل الكبير سعيد العتبة يرفع رايات الأمل .. بقلم الوزير / وصفي قبها

    للرفع .............................

    تعليق


    • #3
      رد : المناضل الكبير سعيد العتبة يرفع رايات الأمل .. بقلم الوزير / وصفي قبها

      الحقيقه انني اعرف سعيد العتبه فهو مناضل كبير امضي اكثر من 30 عاما في السجن لم يسجد فيها لله سجده واحده وهو من اشد الحاقدين على الاسلام

      تعليق

      جاري التحميل ..
      X