إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفرق المبين بين توحيد المرسلين وتوحيد الوطنيين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفرق المبين بين توحيد المرسلين وتوحيد الوطنيين

    الفرق المبين بين توحيد المرسلين وتوحيد الوطنيين

    [الكاتب: أبو محمد المقدسي]

    [
    الحمد لله الذي جعل توحيده بالعبادة فُرقاناً بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه الذين كان الحب والبغض في الله والموالاة والمعاداة في الله عندهم أوثق عُرى الإيمان... وبعد:ـ

    فإن أعظم ما أرسل الله رُسله من أجله هو توحيده سبحانه بالعبادة في كافة صورها والبراءة من الشرك وأهله على اختلاف أنواعه.. قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَّا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25].وقال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا في كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [النحل:36]. وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (حق الله على العباد أن يُوحِّدوه ولا يُشرِكوا به شيئاً..).

    ومن لوازم هذا التوحيد ومعالمه التي هي من أهم صفات ومميزات أتباعه: حب الله وحب أوليائه الموحِّدين الذين يعبدونه وحده ولا يُشركون به شيئاً، وموالاتهم ونُصرتهم وتكثير سوادهم وحبّ انتصارهم وظهورهم..

    ومن لوازم الكفر بالطاغوت اجتناب الشرك والبراءة منه، واجتناب أهله ومُفارقتهم وبُغضهم ومُعاداتهم وجهادهم باللسان والسنان عند الإمكان، وإن كانوا من الأهل والعشيرة وأقرب الأقربين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لا تَتَّخِذُواْ ءَابَاءَكُمْ وَإِخْوَانِكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإْيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنْكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْظَالِمُونَ} [التوبة:23].

    وقال تعالى في وصف ملّة إبراهيم ودعوة الأنبياء والمرسلين: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَاؤُاْ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة:4].

    فقوله تعالى: {وَالَّذِينَ مَعَهُ} قال المفسرون: المرسلين الذين على طريقته أو أنصاره المؤمنين الذين كانوا معه، وكلاهما صواب. وتأمل قوله سبحانه: {إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ} فهي مُواجهة ومُصارحة وخطاب مُوجه إلى عشيرتهم وأهلهم بالبراءة الواضحة المُعلنة منهم ومن معبوداتهم التي يعبدونها من دون الله. وهكذا ينبغي أن يكون كل من أراد التمسك بملة إبراهيم وسلوك طريق المرسلين.. فيتبرأ من كلِّ ما يُعبد ويُتبع من دون الله سواءً كان ذلك المعبود أوثاناً من حجر أو شجر، أو قوانين وتشريعات من وضع البشر، ولا يكفي ذلك وحده ولا يستكمل المرء به توحيده وبراءته من الشرك حتى يُضيف إليه البراءة من المشركين أنفسهم.. وتأمل قوله تعالى في الاية: {إِنَّا بُرَءَاؤُاْ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ} وكيف قدّم الله البراءة من الأقوام المشركين العابدين غير الله ، على البراءة من معبوداتهم وشركياتهم لأن الأول أهم فَكَمْ مِن إنسانٍ يتبرّء من الشرك والمعبودات الباطلة ولا يتبرأ من أهلها خاصة إن كانوا من أهله وعشيرته وأهل وطنه وجنسيّته.. وأما إنْ تبرأ من المشركين فهذا يستلزم البراءة من شركياتهم غالباً... ثم أكد الله تعالى ذلك بقوله: {كَفَرْنَا بِكُمْ} وقال : { وبدا} أي ظهر وبان {بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ وَحْدَهُ} وتأمل تقديمه العداوة على البغضاء لأنها أظهر وأهم، فالبغضاء غالباً محلها القلب أما العداوة فإنها تستلزم أن يكون الإنسان في عُدْوَة أي: ناحيةً وجِهةً، وعَدُوَّه في عُدْوةٍ أخرى.. وهذا المَعْلَم واضح في دعوة الأنبياء جميعاً، فكما أن إبراهيم عليه السلام عادى أباه وقومه وفارقهم وتبرأ منهم لأجل توحيد الله تعالى ودينه فكذلك سائر الأنبياء كانوا يدعون أقوامهم بالحكمة والموعظة الحسنة، ويتبرؤون من معبوداتهم وشركياتهم ويصبرون على دعوتهم فإن أصرُّوا على شركهم وباطلهم تبرؤوا منهم وعادوهم وفارقوهم... وعلى إثرهم مضى الصالحون فها همُ الفتية أصحاب الكهف يُفارقون أقوامهم ووطنهم وعشيرتهم لأجل توحيد الله تعالى: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُواْ إِلَى الْكَهْفِ ..} [الكهف: 16] . وكذلك كان حال النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته فقد جاء في وصفه على لسان الملائكة في صحيح البخاري: (ومحمد فَرقٌ بين النّاس) وفي رواية (فَرَّقَ) و جاء في وصفه على لسان مشركي قريش في الحديث الذي رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح: (عاب آلهتنا وسفه أحلامنا وشتم آباءنا..) وكذلك ما قاله ورقة بن نوفل في أول مبعث النبي صلى الله عليه وسلم: (يا ليْتَنِي فيها جذعاً ـ أي شاباً صغيراً لأنصرك ـ إِذْ يُخرِجُك قومكَ) قال: أَوَمُخْرِجِيَّ هُم؟ قال: (نعم، لم يأتِ رجلُ بمثل ما جِئْتَ به إلا عُودِي).

    فإن رأيت من يزعم أنه على طريقة الأنبياء والمرسلين ثم هو لا يُعادي أهل الباطل والمشركين فاضرب عنه صفحاً، فإنه لم يأتِ بمثل ما جاء به الأنبياء. وقد وصف الله كتابه الذي فَرَّق بين أهل الحق وأهل الباطل ـ وإن كانوا آباء وأبناء ـ بالفرقان، وسمّى غزوة بدر العظمى بيوم الفُرقان حيث قاتل فيها الأبناء آباءهم نصرةً لكلمة التوحيد وإعلاءً لها..

    وهكذا فتوحيد ربّ العالمين هو توحيد المتقين المؤمنين يُؤلف بين قلوبهم، ويجمع بينهم في الدنيا والآخرة {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءَ بَعْضٍ} [المؤمنون:71]، {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67] .

    وتوحيد الوطنيين (الوثنيين) أو الوحدة الوطنية (الوثنية) تجمع بين المشركين والمرتدين والكافرين في الدنيا ثم يوم القيامة يلعن بعضهم بعضاً ويتبرأ بعضهم من بعض {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْ ثَأناً مَّوَدَّةً بَيْنَكُمْ في الحَيَاةِ الْدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً وَمأْوَاكُمُ الْنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ} [العنكبوت:25] .

    وتوحيد ربّ العالمين لا يلتقي أبداً مع توحيد الوطنيين (الوثنيين)؛ توحيد العشيرة والقبيلة ونحوه إلا في إحدى حالتين:ـ

    - أن ينحرف أهل التوحيد الحق عن توحيدهم، ويتخلوا عن لوازمه التي من أوثقها الحب في الله والبغض في الله، والموالاة في الله والمعاداة فيه سبحانه.

    - أو أن تبرأ العشيرة والأهل والوطن من الشرك وأهله، فيكفروا بكلّ ما يُتبع على غير بصيرة من الأديان الباطلة والشرائع والمناهج المخالفة والمناقضة لشرع الله تعالى سواءً كانت قوانين أو دساتير أو مذاهب كالديمقراطية التي هي حُكمُ الشعب وتشريعه وِفقاً للدستور، لا حكم الله وتشريعه المنزل في القرآن..

    وعلى كلّ حال فمن لم يتبرأ من ذلك ويكفر به في الدنيا فسيكون أسمى أمانِيه يوم القيامة بعد فوات الأوان أن يرجع إلى الدنيا ليحقق ذلك، فيتبرأ من الشرك وأهله، ومن كلّ توحيد غير توحيد المرسلين: {وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة:167] .

    والخلاصة: أن توحيد الوطنيين (الوثنيين) أو الوحدة الوطنية (الوثنية) التي تجمع بين الشيوعي والعلماني والنصراني، والديمقراطي، والبعثي، وساب الرب والدين، والمستهزئ بدين الله، وتألف بينهم وتجمع صفوفهم في ظل أي مصلحة مزعومة أخرى... هذا التوحيد هو توحيد الكفار، أو توحيد الطواغيت، أو توحيد المشركين، أو توحيد كفار قريش الذي كانوا يَدْعون النبي صلى الله عليه وسلم إليه، وَيُسَاوِمونه عليه من أجل مصلحة العشيرة والقبيلة ووحدتها، ومن أجل مصلحة البلد، أو المصلحة الوطنية، لكنه أبداً لن يكون توحيد المرسلين ومحالٌ أن يكون، فتوحيد رب العالمين يُفرِّق بين أهل الحق وأهل الباطل، والوحدة الوطنية (الوثنية) تجمع وتؤاخي بينهم.. ساءَ ما يحْكُمُون..

    من هذا كلّه تعلم أن المطلوب الأول من المسلم الذي يُريد تحقيق توحيده كاملاً هو البراءة من الشرك والمشركين، وإن كانوا من أقرب المقربين إليه نسباً أو موطناً، وأنَّ بدعة الوحدة الوطنية (الوثنية) التي يُشقشِق بها كثير من الناس في هذا الزمان مُنافية ومُضادة للتوحيد الذي هو حق الله على العبيد، وبالتالي فلا يجوز العمل من خلالها أو تَبنِيها فضلاً عن نُصرتها وتأييدها وتدعيمها.. إلا حين يحكم الوطن ويستسلم مع أهله لشرع الله، ويبرأ من شرع الطاغوت، وحين يكفر المواطنون بكلِّ ما يُعبد من دون الله ويبرؤون من الشرك وأهله، ويحققون توحيد الأنبياء والمرسلين، عند ذلك وعنده فقط، سنكون أحرص الناس على الوحدة الوطنية، ومن أخلص جُنودها، وسنلقي بجميع الخلافات الفرعية خلف ظهورنا ما دامت هذه الوحدة قائمة على أصل سليم هو توحيد رب العالمين، والبراءة من الشرك والمشركين، ودون ذلك فسحقاً سحقاً لكلِّ وحدة تتعارض مع ملّة إبراهيم، وتوحيد الأنبياء و المرسلين.


    أبو محمد عاصم المقدسي

    اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا
    التعديل الأخير تم بواسطة محمود حمايل; 9/11/2005, 11:16 AM. سبب آخر: أعتذر عن ذكر شخصيات

  • #2
    رد : الفرق المبين بين توحيد المرسلين وتوحيد الوطنيين

    شو دخل الموضوع بالسياسي,هذا شرعي

    تعليق


    • #3
      رد : الفرق المبين بين توحيد المرسلين وتوحيد الوطنيين

      نحن المسلمين لا نفرق بين السياسة و الشرع، فعندنا سياسة شرعية، غير السياسة القائمة على الدجل و الكذب التي تدرس في الجامعات. فقط للتنبيه لطفا.

      أما أبو زنط، فهو رجل طيب، و علمه قليل، و من اقتحم مداخل السياسة البرلمانية يقع عادة في مثل هذا الأمر، و هو ليس بعالم نجعله حجة علىالمسلمين غيرهم. هذا للإنصاف.

      تعليق


      • #4
        رد : الفرق المبين بين توحيد المرسلين وتوحيد الوطنيين

        إن ما قاله الشيخ عبد المنعم أبو زنط ليس فيه ما يخالف الشرع فدعوة المسلم أيناء بلده كي يتوحدوا في مواجهة خطر ما أو من أجل مصلحة معينة ليس ممنوعا شرعا..
        فالوطنية الممنوعة أن تكون مذهبا أو فلسفة بديلا عن الإسلام شريعة أو عقيدة.. وهي ما صدرت إلينا من الغرب ضمن ما صدر إلينا من الغزو الفكري. كالقومية التي صدرت كبديل عن الإسلام.

        تعليق


        • #5
          رد : الفرق المبين بين توحيد المرسلين وتوحيد الوطنيين

          لا شك في ذلك أخي الدكتور، و الله أعلم بالمقاصد، و لكن الرجل أعلم أنه موحد، و قد موطن الخطاب السياسي مع العامة، و هو كان في هذا الموضع، لم يكن هنالك مجال عنده لمراعاة الألفاظ الشرعية، خصوصا أن الرجل ليس على درجة من العلم كبيرة، فخرجت منه هذه الألفاظ المجملة، و لا يخفى عليك أن بعض الناس ( و لا أقصد أحدا بعينه) يصطاد في الماء العكر، و انا أتكلم بحكم معرفتي بأبو زنط، فهو فعلا رجل طيب، (الكنافة اللي بيعملها زاكية كثير).

          تعليق


          • #6
            رد : الفرق المبين بين توحيد المرسلين وتوحيد الوطنيين

            [QUOTE=بعيد النظر وانا أتكلم بحكم معرفتي بأبو زنط، فهو فعلا رجل طيب، (الكنافة اللي بيعملها زاكية كثير). [/QUOTE]


            أشكرك جدا ولكن لا داعي للجملة الأخيرة:- (فهو فعلا رجل طيب، (الكنافة اللي بيعملها زاكية كثير ) ستفهم من كثيرين أنها سخرية بالرجل وهذا لا يليق بك. والله الموفق لكل خير.

            تعليق


            • #7
              رد : الفرق المبين بين توحيد المرسلين وتوحيد الوطنيين

              و الله ما قصدت السخرية يا رجل، انا أعرفه

              تعليق

              جاري التحميل ..
              X