بين غزة والضفة موقف يتكرر!
منذ الحسم العسكري في غزة قبل عامين، والحملة الأمنية المسعورة مستمرة في الضفة الغربية المحتلة مستهدفةً استئصال كيان المقاومة فيها وحماس على وجه الخصوص، ولعل السمة الأبرز في تلك الفترة هي الدور التكاملي بين الإحتلال وأدواته من قادة الأجهزة الأمنية وعناصرها، فالحملة المحمومة لم تقتصر على إغلاق المؤسسات الإسلامية أو الجمعيات الخيرية التي ترعى أسر الشهداء والمعتقلين والأيتام، ولم تتوقف على إغلاق دور العبادة والمساجد ومنع الأنشطة الدينية فيها كحلقات حفظ القرآن أو دروس العلم، بل تجاوز الحد إلى إعتقال أبناء حماس ومناصريها والمتعاطفين معها وإخضاعهم لبرنامج تعذيب هائل لا يثبت تحته إلا من أيده الله بالثبات، وثمة تكامل في الدور فيخرج المجاهد من سجون الإحتلال بعد أن مكث سنوات في غياهب الأسر لتتلقفه الأجهزة الأمنية قبل أن يرى ذويه؛ بل وتتسابق الأجهزة للظفر بهذه الفريسة أملاً في إماءة رضا من الجنرال كيث دايتون.
تجاوزت أجهزة الأمن كل الخطوط الحمراء؛ فقتل العديد من أبناء حماس ظلماً وعدواناً ليس ذنبهم إلا أن يقولوا ربنا الله، ليس ابتداءً بالطالب الحافظ لكتاب الله محمد رداد في حرم جامعة النجاح ومروراً بالشيخ مجد البرغوثي تحت سياط التعذيب حيث امتهان الكرامة وصولاً إلى امتهان الأرواح، ومحمد الحاج وهشام البرادعي رحمهم الله جميعاً، ثم إطلاق النار على النائب الشيخ البيتاوي وانتهاءً بأحداث قلقيلية قبل يومين.
لكن ثمة اختلاف كبير وبون شاسع بين حالات الاعتقال السابقة التي قامت بها الأجهزة الأمنية ومحاولة اعتقال القائدين الشهيدين محمد السمان ومحمد ياسين ذلك أنه ولأول منذ بدء الأحداث بُعيد الحسم في غزة يدافع مطارد مجاهد عن نفسه ويضحي بدمه وروحه ولا يضحي بكرامته، ويثبت بسلاحه البسيط أمام قوة أمنية كبيرة مكونة من 200 عنصر يُقال أنها تدربت جيّداً ومدججين بالسلاح، ولمدة تزيد عن 7 ساعات متواصلة ( أكثر من عدد ساعات حسم غزة، وهذا يبشرنا بخير كبير بإذن الله ) وبتوجيه مسبق من قادة الاستخبارات الإسرائلية – كما صرح حسين الشيخ –
هذه الحالة تعيدنا إلى الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي رحمه الله حين رفض أن يُسلم نفسه للأجهزة الأمنية بعدما حاولت اعتقاله رغم كل المحاولات لثنيه عن هذا القرار سواءً من الفصائل الوطنية أو حتى من قيادة حماس وقتها وأخبروه أنهم بصدد تخفيض الإجراء بدلاً من الاعتقال إلى فرض الإقامة الجبرية، لكن هيهات!
وأصر الدكتور الرنتيسي على موقفه رافضاً الذل والهوان؛ فكانت الشرارة الأولى وكان القرار؛ لا يُسمح لأي مجاهد أو عنصر أن يسلم نفسه لأجهزة السلطة حتى وإن اضطر المجاهد إلى أن يضحي بروحه، وتم ذلك إلى أن مكن الله لأهل غزة ولأصحاب الأرض من طرد الطارئين عليها، ونحن هنا أمام حالة مثل حالة الدكتور الرنتيسي تماماً وكأن المشهد والتاريخ يعيد نفسه، فدم الشهيدين القائدين ستكون الشرارة الأولى بإذن الله لفتيل الانفجار في وجه الطغمة الظالمة المتمثلة بعباس وفياض وجنودهما.
إذن نحن أمام مرحلة جديدة تشهدها الضفة الغربية ستختلف فيها كل المعايير، وسيشتعل الجمر الذي غطاه الرماد ردحاً من الزمن، وستنقلب المعادلة في سنة ربانية أبدية متمثلة في التداول، ولن يغفر للطغاة ولن يشفع لهم أحداً ذلك أنهم يكررون نفس ما حدث في غزة دون عظة او اعتبار، غير أن حالهم سيكون أصعب وأقسى ذلك أنهم لن يجدوا المكان الذي سيفرون إليه إما إلى كفار سابا أو إلى مكان آخر خارج فلسطين.
تعليق