إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!




    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




    بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!


    قال قلبي و هو يرزح تحت الأغلال :

    اتركيني يا نفس..
    أرهقتني ذنوبك
    أفقدتني صوابي..
    أهلكتني عيوبك
    زادت من عذابي
    ضاقت عليّ الأرض


    و اختنقت ...و اختنقت
    من طول غيابي


    يا نفس..
    كم طمحتُ إلي الخير
    و هممت بإجابة داعي الله
    و كدت أضع قدمي في قطار الصالحين
    و أمضي معهم في طريق النور
    فحرمِتني


    و حلتِ بيني و بين النجاة
    أما ان لك أن ترحميني
    و تدعيني أنجو
    فُكيني من أسارك
    أطلقيني من قيدك المرير


    إن رضيتِ الهجر فأنا لا أطيق منه لحظة


    إن أبيت إلا الهلاك فأنا لا أتحمل غمسة في جهنم


    إن رغبت عن جنان عدن
    فأنا المتيم في هواها منذ زمن


    ويحك!!

    انا منك و أنت مني ..


    ما ذنبي و قد سددت عليَّ كل منافذ النجاة؟!
    ماذا أفعل و قد قتلت فيَّ أي بذرة خير؟!


    ما حيلتي و أنت تريدين قتلي ؟!

    أما أنتم يا أعوان نفسي :


    أيتها الغفلة الجاثمة
    أيتها الشهوة العارمة
    أيتها القسوة الغالبة
    أيها الضالعون عمدا في المؤامرة
    يا كل من شارك في الجريمة


    ارحلوا عني للأبد
    غادروني إلي غير رجعة
    لم يكن عندي لكم موضع قدم
    موتوا بغيظكم



    قد ردَّ الله إلي روحي
    و عافاني في ديني
    و أذن لي بذكره


    بهذه الكلمات بدأ الدكتور خالد أبو شادي كتابه الرائع " بأي قلب نلقاه ؟ "

    ..من سلسلته الجديدة "رد إلي روحي" ..

    في الكتاب ستسبح مع ذلك العضو الذي يسكن في جسمك..

    هي رحلة مع القلب الذي أثقلته الهموم و غرته الشهوات و نسي أنه في يوم سيقف بين يدي رب الملوك

    رحلة لتطهيره من الصدأ الذي اعتراه و القساوة التي حلت به

    رحلة لفكه من قيد الشيطان و هوي النفس

    رحلة حتي نطلقه من ذل المعاصي و الذنوب

    رحلة لتخليصه من الفتن هنا و هناك

    رحلة ليعود من جديد لطريق رب الوجود

    بأي قلب نلقاه ؟


    هل فكر أحد فينا يوما و لو للحظة؟

    ....بأي قلب نلقاه؟


    كيف سنقف غدا بين يديه؟

    و هل حالنا هذا سيُرضي ملك الملوك؟


    كيف و لو كانت تلك اللحظة الان هي اخر لحظة في حياتك و جاء أجلك ..و قضي الأمر
    و أصبحت الان و قد فارقت الأهل و الأحباب ..
    و التقمك القبر...و وضع عليك التراب و أكلك الدود و أظلمت الدنيا و بقي عملك
    فإما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار..


    الان...اترك كل شئ


    و اسأل نفسك سؤال واحد


    بأي قلب نلقاه ؟

    بأي قلب نلقاه؟


    أما و قد أمهلك الله فرصة لتراجع نفسك و امهلك فرصة لتغير ما بقلبك و تضيئه بنور الإيمان..فهلا قمنا بإستغلالها ...فغيرنا ما بأنفسنا...حتى يغير الله ما بنا

    بأي قلب نلقاه؟


    تابعوا معنا أحبتي ..

    مقتطفات من الكتاب ..

  • #2
    رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!

    يشخص لنا الدكتور خالد أبو شادي في الكتاب و في مقدمته الحالة التي عليها القلب الان

    و يبدأ من كون القلب في أقصي حالاته مرضا موضحا الأعراض و تاريخ الإصابة




    فلنرى كيف قام بتشخيصه..


    7



    7



    7




    بطاقة دخول ___________



    * موضع الإصابة : القلب




    تاريخ الإصابة : غير معلومة




    تاريخ اخر كشف : أول كشف في حياته




    درجة الإصابة : شديدة الخطورة




    القسم : قسم الحالات الحرجة




    أعراض الحالة : نبض الإيمان ضعيف لا يكاد يُسمع




    فطرة أوشكت علي الإنقراض




    فرح بالمعصية




    نفور من الطاعة




    عين جفت من قلة بكائها من خشية الله




    قلب راحته في معصية ربه




    روح وحشتها مع الصالحين




    نفس أنسها بالعصاة و المذنبين




    جسد ما عرف طريق المسجد منذ سنين ..







    * التوصية
    ___________





    يرسل فورا إلي الرعاية المركزة الإيمانية


    من هنا ستكون الإنطلاقة في الموضوع إن شاء الله







    و رحلة مع كتاب بأي قلب نلقاه







    و محطات الرحلة



    7



    7



    7





    1- موضع الإصابة




    2- بأي قلب نلقاه ؟



    3- رحلة سقوط




    4- حراسة الأبواب الستة




    ****


    نتابع بإذن الله >>>

    تعليق


    • #3
      رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!

      يبدأ الدكتور خالد أبو شادي بمثال يوضح لنا حقيقة مهمة قد تختلف علي الكثيرين و لنفرض جدلا يا اخواتي المثال القادم...

      و نسأله لأنفسنا..
      قد يقوم إنسان بعملية زراعة قلب ,و يحيا بقية حياته بقلب اخر , فهل تتغير مشاعره و تتبدل أفكاره و عواطفه تبعا لهذا القلب الذي زرع فيه ؟!!!

      الجواب : كلا , فالمشاهد أنه لا يتغير دينه و لا محبته لأهله و قرابته

      و لحل هذا الإشكال نتابع مع الدكتور خالد حديثه عن الإمام الغزالي و كتاب إحياء علوم الدين


      * ما هو القلب ؟

      - قال الإمام أبو حامد الغزالي في كتاب عجائب القلب من موسوعته القلبية (( إحياء علوم الدين )) كلاما كالبُشرى بالولد الكريم يُقرع به سمع الشيخ العقيم و جاء فيه :

      لفظ القلب و هو يطلق لمعنيين :
      أحدهما : اللحم الصنوبري الشكل , المودع في الجانب الأيسر من الصدر و هو لحم مخصوص و في باطنه تجويف , و في ذلك التجويف دم أسود هو منبع الروح و معدنه ,
      و لسنا نقصد الان شرح شكله و كيفيته ...إذ يتعلق به غرض الأطباء........


      المعني الثاني : "هو لطيفة ربانية روحانية , لها بهذا القلب الجسماني تعلق , و تلك اللطيفة هي حقيقة الإنسان , و هو المدرك العالم العارف من الإنسان , وهو المخاطب و المعاقب
      و المعاتب و المطالب و لها علاقة مع القلب الجسماني "


      فما نقصده بدراستنا لهذا الكتاب هو المعنى الثاني
      ثم يسأل نفسه الدكتور أبوشادي أو يوجه سؤالا و يتبع بإجابة ألا و هي

      لماذا الحديث عن القلب بالذات ؟

      الإجابة : لقد أحصيت في هذا الباب عشرين سببا لهذا

      1-إنه الملك
      2- الهدف المشترك
      3- طهارته شرط الدخول
      4- موضع نظر الله
      5- النافع الوحيد


      بيت الإيمان و التقوي
      7- هشاشة المصاب
      8-السرطان
      9- وحده مالك دوائه
      10-موضع الإنقلاب


      11- أطباؤه مرضي
      12- رسالة تحذير
      13 - أعمال القلوب أولي و أغلي
      14- عليه مدار الأجر و تفاوته
      15- رفعة الدنيا و شرف الاخرة


      16- العلم الحقيقي
      17- شرط الطبيب الناجح
      18-قلب يقلب المعركة
      19-مستودع الأخلاق و المشاعر
      20- بين الموت و الحياة..

      ** أنصحكم اخوتي باقتناء هذا الكتاب **



      تعليق


      • #4
        رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!

        بارك الله فيكي أختي الكريمه

        تعليق


        • #5
          رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!

          جزاك الله خيرا اختي

          تعليق


          • #6
            رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!

            بسم الله ..نتابع على بركة الله ..
            ذكر الكاتب سبب الحديث عن القلب ، لماذا القلب بالذات دون سائر الأعضاء ؟ ولقد أحصى لذلك أسباب عدة ..
            * إنه الملك :
            القلب أمير الجسد وملك الأعضاء ، فهو راعيها الوحيد وقائدها ، وإنما الجوارح والحواس تبع له وآلات تصدع بما تؤمر ، فلا تصدر
            أفعالها إلا عن أمره ، ولا يستعملها في غير مايريد
            فهي تحت سيطرته وقهره ، ومنه تكسب الاستقامة أوالزيغ ، وبين القلب والأعضاء صلة عجيبة وتوافق غريب بحيث تسري مخالفة كل منهما فوراً إلى الآخر ، فإذا زاغ البصر فلأنه مأمور
            وإذا كذب اللسان فما هو غير عبد مقهور لهذا قيل عن المصلي العابث في صلاته : " لوخشع قلب هذا لخشعت جوارحه ".
            إذن القلب هو خط الدفاع الأول والأخير ، فإذا ضعف القلب أوفسد او استسلم انهارت الجوارح !.
            * هدف الحبيب الأول :
            قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : " إنما نزل أول ما نزل منه ( القرآن) سورة من المفُصّل فيها
            ذكر الجنة والنار ، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام
            ولو نزل أو شيء : لاتشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبداً ، ولو نزل : لا تزنوا لقالوا لاندع الزنا أبداً " .
            * الهدف االمشترك :
            القلب هو الهدف المشترك بين الملك والشيطان ، فكلاهما يستهدفه ، فهو موضع الصراع والنقطة الملتهبة
            وأرض المعركة ، ونتيجة المعركة : إما هداية القلب وحياته وإما قساوته وموته وهلاكه ..
            تابعوا معنا ...*

            تعليق


            • #7
              رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!

              جَ زَاكـِ الله خَ ــيراً
              بعد ازنك رح اعمل ع نشروا
              لانو موضوع رائع

              تعليق


              • #8
                رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!


                بارك الله في الجميع ..

                المشاركة الأصلية بواسطة عاشقة الخنساء مشاهدة المشاركة
                جَ زَاكـِ الله خَ ــيراً
                بعد ازنك رح اعمل ع نشروا
                لانو موضوع رائع


                أشكرك على المرور الطيب ..
                بكل تأكيد تفضلي .ولكِ الأجر إن شاء الله

                تعليق


                • #9
                  رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!

                  بارك الله فيك ِ ورزقك ِ الفردوس الأعلى

                  تعليق


                  • #10
                    رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!

                    ابو احمد 22 ..::.. حمساويه اردنيه ..::.. eng.ahrar
                    حياكم الله اخوتي
                    أشكر تواجدكم العطر،، بالتوفيق ..*

                    أختي تسبيح بارك الله فيكِ ،،
                    جزيتِ خيرا

                    تعليق


                    • #11
                      رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!

                      جزاكن الله خيرا
                      وتقبل منكن صالح الاعمال
                      دمتم بود

                      تعليق


                      • #12
                        رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!

                        الله يبارك فيك .. هل موجود منه نسخة إلكترونية ؟

                        وإذا ممكن تستمري في عرض الكتاب

                        تعليق


                        • #13
                          رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!

                          جزيت خيرا أختي

                          وللكتاب جزء ثاني ضمن سلسلة رد إلي روحي

                          اسمه جرعات دوائية أو بمثل هذا العنوان
                          لاني اشتريت الأول ولم اشتر الثاني
                          لكن قريب أن شاء الله سأضيفه لمكتبة البيت

                          تعليق


                          • #14
                            رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!

                            نتابع أسباب الحديث عن القلب ....
                            * طهارته شرط الدخول :
                            طهارة القلب شرط دخول الجنة ، لذا ذم الله خبثاء القلوب فقال :
                            ( أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم )
                            والآية دليل دامغ على أن من لم يطهر قلبه فلا بد من أن يناله الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة
                            ولهذا حرم الله سبحانه وتعالى الجنة على من في قلبه مثقال ذرة من خبث
                            فقال صلى الله عليه وسلم : ( لايدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر )

                            * موضع نظر الله :
                            من القلوب قلب كقبور الموتى ظاهرها الزرع والورد وباطنها الجيف والموت ، أو كبيت
                            مظلم على سطحه سراج وباطنه ظلام
                            والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في هذا : " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن
                            إنما ينظر إلى أعمالكم وقلوبكم " .

                            * النافع الوحيد :
                            " يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلاّ من أتى الله بقلب سليم "
                            فلا القول ينفع ، ولا العمل يشفع ، بل سلامة القلب هي أصل كل نجاة ، كما ان فساده أصل كل بلية ..

                            * بيت الإيمان والتقوى :
                            القلب هو وعاء الإيمان والتقوى ، ولو لم يكن للقلب من فضل إلا أنه وعاء لهما لكفاه ..

                            * هشاشة المصاب :
                            مريض القلب أي نفحة هواء أوهبة تراب تصيبه في مقتل ، وأي شهورة عابرة أو زلة تتسب في فتنته ، أو عري
                            فخ للشيطان يسقط فيه ، واسهل مكيدة لعدوه يسارع إليها
                            والسبب في ذلك كله ضعف قلبه وانهيار أجهزة المناعة لديه ...

                            * السرطان :
                            يقول ابن القيم - رحمه الله -
                            " وقد يمرض القلب ويشتد مرضه ولا يعرف صاحبه لاشتغاله وانصرافه عن معرفة صحته
                            وأسبابها ، بل قد يموت وصاحبه لايشعر بموته
                            ولعامة ذلك انه لا تؤلمه جراحات القبائح ولا يوجعه جهله بالحق ، فغن القلب غذا كان
                            فيه حياة تألم بورود القبيح عليه ، وتألم بجهله
                            الحق بحسب حياته ، وما لجرح بميت إيلام "

                            :: نسأل الله العافية :

                            تعليق


                            • #15
                              رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!

                              المشاركة الأصلية بواسطة أبو البراء الشامي مشاهدة المشاركة
                              الله يبارك فيك .. هل موجود منه نسخة إلكترونية ؟

                              وإذا ممكن تستمري في عرض الكتاب

                              بحثت ولم اجد .. لكن هناك نسخ نزلت في المكاتب حديثاً ..

                              بارك الله فيك على المرور ..
                              سنتابع إن شاء الله

                              تعليق


                              • #16
                                رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!


                                11.أطباؤه مرضى :

                                وطب القلوب من العلوم التي شحَّت في زماننا ، ونتج عنه المرض الذي عمَّوانتشر حتى أصاب كثيرا من علمائنا وحاملي دوائنا ؛ فحفظت أذهانهم الشروحوالمتون ، ونسيت جوارحهم الهدى والمنون ، وقالت ألسنتهم أنهم عالمون ونطقتأفعالهم أنهم جاهلون.
                                وأكثر علماء زماننا نوعان :
                                نوع منكبٌ على حطام الدنيالاهث وراءها ، لا يمل جمعها ، ويتقلبشهره ودهره في ملذاتها ، وقد أخذت دنياه بمجامع قلبه ، ولزمه خوف الفقروحب التكاثر ؛ وأكثر هؤلاء دُفِع إلى ذلك دفعا وأُريد له أن ينشغل بالسعيوراء لقمة العيش والكدِّ من أجل الرزق وأُعطوا في مقابل ذلك الكفاف ؛ ليسغير الكفاف ، ليظلوا دوما غارقين في الإعصار ، دائرين في الرحى ، لايبلغون ما يأملون ، ولا يتركون السعي إلى ما يطمحون ، وبذلك نسوا أسمىمهامهم وأشرفها وهي وراثة الأنبياء والقيام بوظيفة الرُّسل.
                                ونوع آخراختصر الطريق على نفسه ، ورضي بالحرام السهل ، والشبهةالمربحة ، واتخذ الإيمان سلعة ، يبيع بعضه أو كله ، ويقبض الثمن توسعةوإكراما وإغداقا وأموالا ، أهل تصنُّع ودهاء ، وتزيُّن للمخلوقين ،وتملُّق للحكام ، يلتقطون الرُّخص ويفتون بها ، ديدنهم المداهنة ،وطريقتهم المنافقة ، ولذا عمَّ البلاء وعزَّ الدواء ، وقد سبق للعالمالمجاهد عبد الله بن المبارك أن رأى أحد إخوانه يسلك أول هذا الطريق فقامبواجبه في النصح على الفور ، ومدَّ له يد العون ، وما أطيب سيرة رجل كابنالمبارك كأريج الزهور تنقلها الريح من سهل إلى سهل ومن عصر إلى عصرمتجاوزة حدود الزمان والمكان ، لتنقل لنا أنه لما قيل له : إن إسماعيل بنعلية قد ولي الصدقات كتب إليه ابن المبارك [ ت : 181 ] أبياتا من الشعرتصلح لكل زمان سرى فيه هذا الداء فقال :
                                يا جاعل العلم له بازيا ... يصطاد أموال المساكين
                                احتلت للدنيا ولذاتها ... بحيلة تذهب بالدين
                                فصرت مجنونا بها بعد ما ... كنت دواءً للمجانين
                                أين رواياتك في سردها ... عن ابن عون وابن سيرين
                                أين رواياتك والقول في ... لزوم أبواب السلاطين
                                إن قلت أُكرهتُ فماذا كذا ... زلَّ حمار العلم في الطين
                                فلما قرأ الكتاب بكى واستعفى .
                                وإن كان لموت القلب علامات تختلف من شخص إلى آخر ومن مهنة إلى أخرى ؛ فإنأبرز علامات موت قلب العلماء وأشهرها هي ما عرفناه من مالك بن دينار [ ت : 130 ] الذي قال : " سألتُ الحسن[ ت : 110 ] : ما عقوبة العالم؟ قال : موت القلب. قلت : وما موت القلب؟ قال : طلب الدنيا بعمل الآخرة" .
                                وسمَّاهم ربيعة الرأي [ ت : 133 ] بالسفلة وسفلة السفلة ، فقد روى مالك بن أنس [ ت : 179 ] : " قال لي أستاذي ربيعة الرأي : يا مالك! من السفلة؟ قلت : من أكل بدينه ، فقال : فمن سفلة السفلة؟ قال : من أصلح دنيا غيره بفساد دينه" .
                                أظهروا لله دينا * وعلى الدينار داروا
                                وله صاموا وصلوا * وله حجوا وزاروا
                                لو بدا فوق الثريا * ولهم ريش لطاروا
                                عالم السوء الذي لا يعمل بعلمه فتنة ووبال على نفسه وغيره ، ومَثَله مثلصخرة وقفت في فم النهر ؛ لا هي تشرب ولا هي تدع الماء يخلص إلى الزرع .. ارحمونا يا علماء السوء!!
                                إن الفقيه إذا غوى وأطاعه ** قوم غووا معه فضاع وضيَّعا
                                مِثل السفينة إن هوت في لجة ** تغرقْ ويغرقُ كل من فيها معا

                                12.رسالة تحذير :

                                قال صلى الله عليه وسلم : « أول ما يُرْفع من الناس الخشوع» .
                                وهو إشارة إلى أن علم القلوب سيضمحل وسط طغيان علوم الدنيا ، وأن أسرارهستضيع وبركاته ستذهب وسط الزحام ، وهو أول فساد يمس الأرض بعد رسول الله ،ليكون علامة على خبث الباطن ، ومخالفة السر العلن ، وعندها فساد كل شيء : تذبل القلوب لموت الأرواح فيها ، وتقرأ الألسنة العربية القرآن وكأنهاأعجمية ، فلا فهم ولا تدبر ولا امتثال ، وتنشغل الأمّة –إن انشغلت- بمظهرالعبادة دون جوهرها ، وتهتم بأركانها دون مقاصدها ، ويكثر البهرج الزائفوإن اتَّشح بوشاح القرآن. قال صلى الله عليه وسلم : " أكثر منافقي أمّتي قرَّاؤها" .
                                وإذا فشا النفاق في أمّة رأيتَ العجب العجاب ، ليس في زماننا فحسب ، بلوفي زمان من هم أزكى منا وأطهر ، وليس بين العوام بل بين حفظة كتاب الله.
                                قال النووي [ ت : 606 ] : ما أخاف على ذِمِّي إلا القُرَّاء والعلماء، فاستنكروا منه ذلك ، فقال : ما أنا قلته وإنما قاله إبراهيم النخعي ، وقال عطاء : احذرواالقُرَّاء واحذروني معهم ، فلو خالفتُ أودَّهم لي في رمانة ؛ أقول إنهاحلوة ويقول إنها حامضة ما أمنته أن يسعى بدمي إلى سلطان جائر، وقال الفضيل لابنه : اشتروا دارا بعيدة عن القُرَّاء ؛ ما لي والقوم! إن ظهرت مني زلة قتلوني ، وإن ظهرت علي حسنة حسدوني.
                                وهل هذا إلا لفساد الباطن وخبث السريرة ؛ مع أن الله قد يهدي بقراءتهمالألوف من الناس ، لكن ذلك لا يُغني عنهم من عذاب الله من شيء إن هم فسدتقلوبهم ، وهذا ما سبق وحذَّرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فروى عنهعمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله :
                                « إن أخوف ما أخاف على أمّتي كل منافق عليم اللسان» .
                                قال المناوي شارحا :
                                " أيكثير علم اللسان ، جاهل القلب والعمل ، اتخذ العلم حرفة يتأكل بها ذا هيبةوأبهة يتعزز ويتعاظم بها ؛ يدعو الناس إلى الله ويفرُّ هو منه ، ويستقبحعيب غيره ويفعل ما هو أقبح منه ، ويُظهِر للناس التنسك والتعبد ويسارر ربهبالعظائم ، إذا خلا به ذئب من الذئاب لكن عليه ثياب ، فهذا هو الذي حذَّرمنه الشارع هنا حذرا من أن يخطِفك بحلاوة لسانه ، ويُحرِقك بنار عصيانه ،ويقتلك بنتن باطنه وجنانه" .
                                وسبب تحديث عمر رضي الله عنه بهذا الحديث أن الأحنف بن قيس سيد أهل البصرةكان فاضلا فصيحا مفوَّها ، فقدم على عمر فحبسه عنده سنة يأتيه كل يوموليلة ، فلا يأتيه عنه إلا ما يحب ، ثم دعاه فقال : تدري لم حبستك عني؟! قال : لا. قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّثنا فذكر الحديث ،ثم قال : " خشيتُ أن تكون منافقا عليم اللسان ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذرنا منه ، وأرجو أن تكون مؤمنا فانحدر إلى مصرك" .

                                تعليق


                                • #17
                                  رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!

                                  13.أعمال القلوب أولى وأغلى :

                                  لعمل القلب المكانة العظمى والمنزلة الأسمى في دولة الإيمان ، لذا ذكرالعلماء أن عمل القلب أهم من عمل الجوارح ، قال الإمام ابن القيم رحمهالله :
                                  " ومنتأمل الشريعة في مصادرها ومواردها علم ارتباط أعمال الجوارح بأعمال القلوب، وأنها لا تنفع بدونها ، وأن أعمال القلوب أفرض على العبد من أعمالالجوارح ، وهل يُميِّز المؤمن عن المنافق إلا بما في قلب كل واحد منهما منالأعمال التي ميَّزت بينهما؟! وهل يمكن أحد الدخول في الإسلام إلا بعملقلبه قبل جوارحه؟! وعبودية القلب أعظم من عبودية الجوارح وأكثر وأدوم ،فهي واجبة في كل وقت " .
                                  وقال في موضع آخر :
                                  " فعمل القلب هو روح العبودية ولبها ، فإذا خلا عمل الجوارح منه كان كالجسد الموات بلا روح" .
                                  وقال أيضا :
                                  " فمعرفة أحكام القلوب أهم من معرفة أحكام الجوارح ؛ إذ هي أصلها وأحكام الجوارح متفرعة عليها" .
                                  ولهذا يسبق أصحاب القلوب أصحاب الجوارح بمراحل وعلى الدوام ، " فالكيّسيقطع من المسافة بصحة العزيمة وعلو الهمة وتجريد القصد وصحة النية معالعمل القليل أضعاف أضعاف ما يقطعه الفارغ من ذلك مع التعب الكثير والسفرالشاق ، فان العزيمة والمحبة تذهب المشقة وتُطيِّب السير ، والتقدم والسبقإلى الله سبحانه إنما هو بالهمم وصدق الرغبة والعزيمة ، فيتقدم صاحب الهمةمع سكونه صاحب العمل الكثير بمراحل ، فإن ساواه في همته تقدَّم عليه بعمله" .

                                  14.عليه مدار الأجر وتفاوته :

                                  فتتفاوت الأجور في كل عمل حسب محتوى القلوب ، ففي الصلاة : قد يصليالرجلان في صف واحد وبين ثوابهما كما بين السماء والأرض ، وقد ينفقالأخوان مبلغا واحدا فينال أحدهما أجرا واحدا بينما الآخر ينال سبعمائهأجر أو أكثر ، وقد يدرك قلبان ليلة القدر فيتضاعف أجر أحدهما عن الآخرأضعافا مضاعفة ، بل حتى في الجهاد ؛ ففي غزوة مؤتة لما قتل جعفر أخذ عبدالله بن رواحة الراية ، ثم تقدَّم بها وهو على فرسه ، فجعل يستنزل نفسهويتردد بعض التردد ، ثم أخذ سيفه وتقدم فقاتل حتى قُتِل رضي الله عنه. قالصلى الله عليه وسلم : « لقدرُفعوا إلى الجنة فيما يرى النائم على سرر من ذهب ، فرأيت في سرير عبدالله بن رواحة ازورارا عن سريري صاحبيه ، فقلت : عمَّ هذا؟! فقيل لي : مضيا وتردد عبد الله بن رواحة بعض التردد ثم مضى» .
                                  لحظة واحدة من عمل القلب كانت سببا في تأخر ابن رواحة ، ولمحة من طرْفالعين أنزلته دون صاحبيه ، ليحوز شهادة دون شهادة ، وفوزا دون فوز ، وهذكله من عمل لحظة!! لكنها لحظة قلبية ، لكن كيف بمن غرق قلبه الأياموالأعوام في غفلات متتابعات وسكرات متلازمات؟! تُرى كم يتأخر في الجنة ؛هذا إن دخلها!!
                                  لذا أدرك ابن عطاء السكندرى قيمة عمل القلب فانطلق يرسي قاعدة وزن الأعمال ، وهي قاعدة سارية المفعول في زمانه وغير زمانه :
                                  " ما قلَّ عمل برز من قلب زاهد ، ولا كثر عمل برز من قلب راغب" .
                                  وأكَّدها يحيى بن معاذ في قوله الأخَّاذ :
                                  " مفاوز الدنيا تُقطع بالأقدام ، ومفاوز الآخرة تُقطع بالقلوب" .
                                  بل وشهد لأعمال القلوب من قبل هؤلاء جميعا الصحابي المُعلَّم عبد الله بنمسعود رضي الله عنه حين قال مخاطبا جموع التابعين المجدّين في عباداتالجوارح :
                                  " أنتمأطول صلاة ، وأكثر اجتهادا من أصحاب رسول الله ، وهم كانوا أفضل منكم ". قيل له : بأي شيء؟ قال : " إنهم كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرةمنكم" .

                                  15.رفعة الدنيا وشرف الآخرة:

                                  واسمع كيف رفعت القلوب قوما كانوا خدما وعبيدا ، وسمت بذكرهم فوق السحاب ،ووالله لو كانت قلوبهم غير نقية أو خالصة لطمس الله ذكرهم وبعثر علمهمومحى سيرتهم ، أو قرنها بكل خبيث وسوء ، ولكنه القلب الحي يظل ينبض بعدموت صاحبه يتغنى بالذكر الجميل والسيرة العطرة ، بذا نطق الأمير شوقي فقال :
                                  الناس صنفان : موتى في حياتهم ** وآخرون ببطن الأرض أحياءُ
                                  قال ابن أبي ليلى :
                                  " قاللي عيسى بن موسى وكان جائرا شديد العصبية (أي للعرب) : من كان فقيهالبصرة؟ قلت الحسن بن أبي الحسن. قال : ثم من؟ قلت : محمد بن سيرين. قال : فما هما؟ قلت : موليان.
                                  قال : فمن كان فقيه مكة؟ قلت : عطاء بن أبي رباح ، ومجاهد بن جبر ، وسعيد بن جبير ، وسليمان بن يسار. قال : فما هما؟ قلت : موالي.
                                  فتغيَّر لونه ، ثم قال : فمن كان أفقه أهل قباء؟ قلت : ربيعة الرأي ، وابن أبي الزناد ، قال : فما كانا؟ قلت : من الموالي.
                                  فاربدَّ وجهه ثم قال : فمن كان فقيه اليمن؟ قلت : طاووس ، وابنه ، وهمام بن منبه. قال : فما هؤلاء؟ قلت : من الموالي.
                                  فانتفخت أوداجه فانتصب قاعدا ، ثم قال : فمن كان فقيه خراسان؟ قلت : عطاءبن عبد الله الخراساني. قال : فما كان عطاء هذا؟ قلت : مولى.
                                  فازداد تغيظا وحنقا ، ثم قال : فمن كان فقيه الجزيرة؟ قلت : ميمون بن مهران. قال : فما كان؟ قلت : مولى.
                                  قال : فتنفس الصعداء ، ثم قال : فمن كان فقيه الكوفة؟ قلت : فوالله لولاخوفه لقلت : الحكم بن عُيينة ، وعمار بن أبي سليمان ، ولكن رأيت فيه الشر، فقلت : إبراهيم ، والشعبي. قال : فما كانا؟ قلت : عربيان. قال : اللهأكبر! وسكن جأشه " .
                                  لله درُّهم .. عبيدٌ أشرف من سادة ، وهمم تناطح الجبال ؛ ونجوم ساطعة وإنرآهم الجاهل في أدنى سلم المجتمع أو في القاع ، وملوك آخرة ولو لم يجدواما يسد الرمق ، والسر من وراء هذا كله القلب ، وما يضرهم أن يكونوا منالحطام الفاني والعز الراحل فارغي اليد إذا كانوا من كنوز الشفاء ونوافعالدواء ممتلئي القلب؟! وصدق إقبال وهو يجزم :
                                  بامتثال الأمر يعلو من رَسَب ** وهوى الطاغي ولو كان اللهب

                                  تعليق


                                  • #18
                                    رد : بأيّ قلب نلقاهـ ؟؟!!

                                    بارك الله فيكي أختي الفاضلة

                                    تعليق

                                    جاري التحميل ..
                                    X