إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السعادةُ بالرضا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السعادةُ بالرضا

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السعادةُ بالرضا


    إن السعاة نيل رضوان الله عز وجل فمن رضيَ عنه ربه أدخله في رحمته في قوله تعالى {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}, فالسعيد هو من رضيَّ عنه ربه وهذه في علم الغيب, فلا ندري نحن عن هذا الأمر شيئاً ونرجوا أن تشملنا رحمته عز وجل.

    إن هناك فرق بين طلب رضوان الله ونيل رضوانه فالسعادة في الدنيا غير السعادةِ في الآخرة , بمعنى أن السعادة في الدنيا للمسلم هي بإطمئنان قلبه لقضاء الله عز وجل والتزامه بأمره ونهيه, فالصلاة والزكاة والحج وكُل أمرٍ يفعله المسلم فإنه يفعله طاعة لربه والتزاماً بأمره فيكون سيره في الطريق الموصلة لرضوانه عز وجل, إذ أن رضوان الله لا يناله أحد إلا عبر هذه الطريق وصدق الله العظيم {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ{28} الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ{29}الرعد.

    إن الرضا ضد السخط, والرضيُّ هو المطيع وفي حديث الدعاء ( اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك, وبمعافاتك عن عقوبتك, وأعوذ بك منك, لا أحصي ثناءً عليك, أنت كما أثنيتَ على نفسك) وقد قدم الإستعاذةَ لا رضاً على السخط لأن المعافاةَ من العقوبةِ تحصل بحصول الرضا, إذ قد يعاقب الراضي للمصلحة أو لإستيفاء حق الغير وهذا لا يمنع من بقاء الرضا حتى تتهذب النفسُ.

    إن النعيم المقيم الذي ينتظر من يسير في طريق نيل رضوان الله عز وجل هو قوله {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}, وهذا الرضا من الله اعلى من كل نعيم, وهذا الرضا في نفوسهم عن ربهم وإنعامه عليهم.... وهذا الرضا بهذه الصلة بينه وبينهم يشرحه الحديث الذي رواه البَّزار والطّبراني في الأوسط من حديث أنس قوله صلى الله عليه واله وسلم ( فيتجلى لهم بقول أنا الذي صَدَقتكم وعدي وأتممت عليكم نعمتي وهذا محل إكرامي فسلوني فيسألونه الرضا) ورواه أبو يعلى (ثم يقول ماذا تريدونَ فيقولون رضاك) وأخرج الترمذي من حديث فضالة بن عُبيد ( طوبى لمن هُديَ للإسلام وكان رزقه كفافاً ورضي به).

    يقول الغزالي في الموضوع أن منتهى الإحسان رضى الله عن عبده وهو ثواب رضا العبد عن الله تعالى وقد قال الله تعالى {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ}التوبة, فكما أن مشاهدة المذكور في الصلاة أكبر من الصلاة , فرضوان رب الجنةِ أعلى من الجنةِ بل هو غاية مطلب سكان الجنان, فكان سؤالهم الرضا بعد النظر نهاية التفضيل, فلا رتبة فوق النظر إليه وإنما سألوه الرضا لأنه سبب دوام النظر إليه.

    فكأنهم رأوه غاية الغايات وأقصى الأماني لمآ ظفروا بنعيم النظر فلما أمروا بالسؤال لم يسألوه إلا دوامه وعلموا أن الرضا هو سبب دوام رفع الحجاب وصدق الله العظيم {لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }ق35.

    وقد سأل النبي صلى الله عليه واله وسلم طائفةً من أصحابه ما أنتم فقالوا مؤمنون فقال وما علامة إيمانكم؟ فقالوا نصبر على البلاء ونشكر عند الرخاء, ونرضى بمواقع القضاء فقال مؤمنونَ ورب الكعبة. وقد روى مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال ( إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلةَ فيحمده عليها , أو يشرب الشربة فيحمده عليها).

    إن تدريب النفس على حمد الله في كل الأحوال من شأنه أن يجعل المسلم يستشعر قدرةَ الله عز وجل, وضعفه هو ودوام حاجته لربه فإذا أكل حمد الله وإذا شرب حمد الله وإذا قُضيت له حاجة حمد الله, أو ربح في تجارته أو سلم من مكروه أو تعلم مسألة حتى وإن أصابه مكروه حمد الله عز وجل لأنه لا يعلم أين يكون الخير هل هو فيما يحب أو فيما يكره ولكنه يعلم يقيناً {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ }النحل 128.

    إن حمد الله في كل الأحوال أثر من آثار رضى القلب عن الله عز وجل, ورضى القلب واطمئنانه هو أصل سعادةِ المسلم فالحماد في سائر أحواله سعيد في حياته, والسعادةُ أجَل نعمة في الحياة يسعى إليها العقلاء.... ومع الأسف فإن كثيراً من الناس يجهلون طريقها ويخطئون في طلبها من غبر أسبابها ووسائلها فيقعونَ في متاهاتٍ كثيرةٍ وتخونهم الأماني فلا يجدون ما ينشدون, وتتكشف لهم بعد التجربةِ أنهم كانوا يطلبونَ الشراب من السراب ويرجونَ الأمن من متن العباب, ويبدوا لهم ذلك بعد فوات الأوان أنهم كانوا يحرثون في الماء ويبذرون في الهواء.

    لقد تصور أناس أن سعادتهم في المال فلما جاءهم المال لم يكن سبب سعادتهم بل كان سبباً لشقائهم وكثرة أعدائهم, وتصور أناس أن سعادتهم في البنين والذرية فلما جاءهم ما يرجون من ذلك لم يكن سبباً لسعادتهم بل كان سبباً لتعاستهم.

    وكم تصور أناس أن سعادتهم في المجد والجاه فلما ظفروا به لم يكن سبباً لسعادتهم بل كان سبباً لزيادةِ أعبائهم ومتاعبهم وسبباً لشقائهم حتى أنهم يحسدون آحاد الناس ممن لا جاه له ولا مجد على ما يتمتع به من هناءةِ عيش ورضاً واطمئنان قلب .

    وكم تصور أناس أن سعادتهم في الحصول على لذات الجسد ومتعته فلما نالوا ما أرادوا من ذلك لم تتحقق سعادتهم بل ربما كانت هذه المتع التي سعوا إليها سبب آلام كثيرةًحلَّت في أنفسهم أو أجسادهم وزادت كآبتهم.

    إن السعادةَ في الآخرة هي أن يشملنا ربنا عز وجل برحمته فيرضى عنا فيدخلنا الجنة في قوله صلى الله عليه واله وسلم (لن يُدخل أحدٌ الجنة عمله, قالوا حتى أنت يا رسول الله قال حتى أنا, إلا أن يشملنيَ الله برحمته) وصدق الله العظيم{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ }الأعراف156 , نعم فالسعادة أن تشملنا رحمة ربنا عز وجل في قوله {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ }هود108.

    أما السعادة في الدنيا فقد تستغرق لحظة أو ساعة أو فترةً من الزمن قد تطول وقد تقصر بالنسبة للإنسان, ثم يتحول الحال من صحةٍ لمرض ومن شباب لهرم ومن قدرةٍ لعجز ومن فرحٍ لحزن, فإن الذي فرح بشبابه تزيد آلامه حين يهرم وكذلك الغني فإذا كان مصدر السعادةِ له هذه اللحظة التي يحياها فإن فقدَه لها يكون سبب ألمه, وحينها نقول أن مصدر السعادة لا يمكن أن يكون الواقع الذي نعيشه بل مصدر السعادةِ لنا كمسلمين ما نحن مقبلين عليه من نعيم مقيم عند ربنا لحسن ظننا به عز وجل.

    قلنا أن الحياةَ لا يمكن أن تسير على نمط واحد ولا يعيش المسلم حالاً واحداً بل الحياة متقلبة رخاء وبلاء, ويعيش المسلم أحوالاً مختلفة بين غنىً وفقر وجوع وشبع ورضى وغضب فلا بد للمسلم الذي يطلب نيل رضوان الله أن يكون موقفه واحد في الرضا والغضب والفرح والحزن والغنى والفقر وأن لا يخضع موقفه تبعاً للظروف أو الأحوال, فقد بيَّن الله الطريق الموصل لنيل رضوانه ولم يتعلق هذا المسير على هذه الطريق لا بظرف ولا حال فقال عز وجل {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ}الأنعام153, ولا يُنالُ رضوانه عن غير هذه الطريق وصدق الله العظيم {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُم بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ{45}الأعراف.

    إن اطمئنان القلب بالرضا بقضاء الله عز وجل في كل أمر وظهور هذا الرضا على الجوارح هو أصل عند كل مسلم يسير لنيل رضوانه عز وجل, وهنا تكمن السعادة الحقيقية فإذا لم يحصل الإطمئنانُ حصل الإضطراب وظهر أثره على تصرفات المسلم, فحين البلاء مثلاً جاء الخطاب من الله عز وجل {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}الذاريات58, فمن قال نعم إن الله هو الرزاق لكن....أو قال (بس) أو ما شابهها فإن هذه الأقوال تدل على أن القلب لم يصل إلى حال الإطمئنان, أو كما أخبر الرسول عن أن الصبر عند الصدمة الأولى وفي كل أمر يحصل للمسلم في قوله عز وجل {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ{156} أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ{157}البقرة, إلى الطريق الموصل لنيل رضوانه عز وجل وللتعرض لرحمته.

    إنهم قد استحقوا هذه البشارة وهذا الجزاء الكريم لأنهم هم المهتدون إلى سبيل سعادتهم وهم السالكون في الطريق القويم, فقد صبروا إبتغاء مرضاة الله فاستحقو من الله أنواعاً من رحمته وغفرانه ومن أجل ذلك كان عليهم صلوات من ربهم ولما أعلنوا رضاهم عن الله وتسليمهم لما تجري به مقاديره بقولهم {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ },استحقوا نوعاً آخر خاصاً من رحمة الله مضافاً إلى أنواع الرحمات السابقات.

    إن السعادة تكمن في التسليم المطلق لقضاء الله فلا يمكن الفصل بين اطمئنان القلب وحصول الإعتقاد وبين آثار هذا الإعتقاد على القول أو الفعل بل لا بد من حصول هذا التوافق بين ما أعتقد وبين ما أقول و أفعل وصدق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به).

  • #2
    رد : السعادةُ بالرضا

    بارك الله فيك اخي علي هذه الكلمات الرائعة
    والله اسأل ان تكون في موازين اعمالك يوم لاينفع مال ولا بنون

    تعليق


    • #3
      رد : السعادةُ بالرضا

      المشاركة الأصلية بواسطة الغريب الرفحي مشاهدة المشاركة
      بارك الله فيك اخي علي هذه الكلمات الرائعة
      والله اسأل ان تكون في موازين اعمالك يوم لاينفع مال ولا بنون

      امين يا رب العالمين

      وبارك الله فيك اخي الحبيب

      تعليق


      • #4
        رد : السعادةُ بالرضا

        جزاك الله خيرا

        وبارك الله في حسناتك

        تعليق


        • #5
          رد : السعادةُ بالرضا

          غفرالله لك وجزاك خير الجزاء"

          وشرح صدرك بتمام السعادة والرضا "

          تعليق


          • #6
            رد : السعادةُ بالرضا

            يقول الغزالي في الموضوع أن منتهى الإحسان رضى الله عن عبده وهو ثواب رضا العبد عن الله تعالى
            لوتأملنا في كتاب الله كل آيات الرضا يقول فيها
            رضي الله عنهم ورضوا عنه
            فقد جعل رضاه عنهم سابقا لرضاهم عنه وسببا فيه
            فلن يصل أحد إلى الرضا عن الله حتى يرضى الله عنه فيرضيه


            الرضا ما هو الا رضا عن الله
            فمن توكّل على الله فقد أحبّه و رضيَ به موكلا عنه و وثق فيه
            و بالتالي فهو يرضى عن كل ما يعطيه .. فكل متوكل راضي..يعني حب و ايمان .. توكل ..رضا

            تعليق

            جاري التحميل ..
            X