هذا المقام نتعرض للأضرار الناجمة عن ذلك الاهتمام المبالغ فيه من قِبَل الناس وخاصةً الشباب تجاه الساحرة المستديرة، وقد يرى القارئ في كلامي لون المبالغة والتضخيم، لكن ما أنقله يكون من مصادر مكتوبة أو مسموعة، أو من خلال معايشتي الواقعية لأناس علمت منهم النوادر في هذا الأمر، وهذه الأضرار كثيرة وكثيرة، متعددة الأبعاد عقدية وسلوكية واجتماعية وصحية...، وربما تجلت تلك الأضرار عبر هذه الوقفات:
ما لكم لا ترجون لله وقارًا.
كل من كان تعلقه بغير الله، تعاظم هذا الشيء الذي تعلق به في القلب، حتى يتمكن منه، ويصير صاحبه ألعوبة في يده، فيوظف المرء جهوده ويصرفها لما يهواه، فيضعف حب الله وتوقيره في قلبه، وقد ينجم عنه التجاوزات التي تهلك صاحبها.
فمع الأسف الشديد يُنَال من الدين في غمرة التشجيع المحموم ولا تطرف أعين، كيف لا والعقل شارد، والقلب متوجه بكليته إلى المباراة، بعضهم إذا ما كان يتابع المباراة، ينهال بسب الدين على الحكم أو لاعب الفريق المنافس، ويكون ـ لا عجب ـ في مباراة يلعبها فريقان مسلمان، فأي عبث هذا بدين الله.
وقد يقول لا أقصد، هذا يحدث رغمًا عني كلما شاهدت مباراة لفريقي الذي أشجع، ولا يحدث مني في غير ذلك الموطن, فسبحان الله أهذا عذر في أن يسب دين الله؟! لو كان الدين معظمًا في قلبك وكان هذا حالك لآثرت ألا تتابع أي مباراة حتى لا تقع في هذا الجرم الكبير.
ذكر الشيخ عبد الله الرس في إحدى خطبه: (أنه بينما يتابع مجموعة من الشباب مباراة كرة قدم من خلال شاشات التلفاز إذ قطعوا الإرسال, وقال المذيع حان الآن وقت نقل الأذان من الكعبة, وعندها صاح أحد الشباب فقال : لعنة الله على الأذان وعلى الكعبة) [الشباب وجنون الكرة مسعد أنور], فانظر كيف عصف هذا السعار الكروي بهؤلاء الشباب ليوقعهم في هذه الزلة العظيمة، يلعن الأذان، ويلعن بيت الله الحرام، من أجل ماذا!! من أجل كرة تتقاذفها الأقدام!!
الراية الجديدة.
إننا كمسلمين آمنا بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولًا، ليس لنا راية تسبق راية إسلامنا، نوالي عليها ونعادي عليها، فالإسلام لنا معقد الولاء والبراء، وهذا ما أرساه القرآن: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55]، وقد جعل التقوى هي معيار التفاضل، فما يفضل الناس بعضهم بعضًا إلا بالتقوى، فقال جل وعلا: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، أما اليوم فصارت راية كثير من الناس التي عليها يوالون ويعادون هي راية الفريق الذي يشجع، وكأنه دين جديد.
يذكر أحد كتاب المنتديات موقفًا له مع بعض هؤلاء المشجعين المتعصبين، فيقول: (قابلت مرة أحد كبار السن وأنا أعرف أنه يشجع فريق معين، فقلت له: أما زلت تشجع النادي الفلاني؟ فنظر إلي نظرة حادة شرسة وكأني شتمت عرضه، وقال: الذي يترك تشجيع "فريقه" فهو منافق، فقلت: أستغفر الله، فرد علي وقال: ما هو منافق فقط بل مرتد!! فاستعذت بالله وذكرته بسوء الخاتمة) [منتدى الساحات السعودية].
فهكذا يعبث الاهتمام المحموم بالكرة بنفوس المسلمين، ومن عجائب ما رأيته بنفسي أن رجلًا أعرفه كان على وشك الزواج بفتاة تحمل كل المواصفات المُرادة، إلا أنه قد عزف عن الزواج منها عندما علم أنها تشجع الفريق المنافس لفريقه, وذلك رغم الارتباط بينهما, وآثر عليها أخرى أقل منها في المواصفات؛ لا لشيء إلا لأن معيار التفضيل عنده كان الانتساب لمشجعي فريقه، وبهذه الوصية نصح ابنة أخته لما تقدم لها خاطب، فقال لها: انظري هل هو من مشجعي ذلك الفريق أم من مشجعي الفريق الآخر، فإن كان يشجع فريقنا فاخرجي له، وإلا فوفري عليك الكلام معه.
فإلى هذه الدرجة يكون الانتساب لمشجعي الفريق معيارًا لتفضيل الناس؟!
لكن الطامة الكبرى أن ترى المسلمين يفضلون المشجعين الكفرة عن أبناء دينهم، فلو كان من فريقه من غير المسلمين أحبه دون لاعب مسلم في الفريق الآخر، فتميعت عنده قضية الولاء والبراء.
بل إن بعض الناس ممن يشجعون الفرق الأوربية تراهم يعلقون أعلام فريقهم المفضل التي تحتوي على الصلبان، ويعلقها في حجرته، بل ويرتدي فانلة تحمل نفس العلم حبًا في فريقه، فأين راية العقيدة التي لابد وأن يرفعها كل مسلم؟! أضف إلى ذلك تراه يرتدي فانلة عليها صورة للاعب أوربي يكره الإسلام والمسلمين،كذلك اللاعب الذي قال في أحد تصريحاته: "أنا أكره العرب والأسيويين والمسلمين"، وآخر يتمنى أن يفوز اليهود على أعدائهم ـ المسلمين بالطبع ـ وآخر يقوم بزيارة لليهود في فلسطين المحتلة، ورابع يقوم بترك مقدم البرنامج في ازدراء لما علم أنه لقناة عربية إسلامية، ثم بعد ذلك يتخذهم الشاب قدوات، ويتمنى اليوم الذي يراهم بعينه المجردة، فضلًا عن تقليدهم الأعمى في "قصة" الشعر، والملبس...
دموع المآذن.
إن أحوال المساجد يُرثى لها في تلك الأوقات التي تُقام فيها المباريات الهامة على وجه الخصوص، أين المصلون؟ أين الراكعون؟ أين الساجدون؟ إنهم على المقاهي أو معتكفون في بيوتهم أمام الشاشات، فكيف تفوتهم عشرة دقائق يؤدون فيها الصلاة في بيوت الله؟ إنهم لابد لهم من التعايش مع جو المباراة قبل أن تبدأ، فإذا انتهى الشوط الأول استمعوا للتحليلات الهامة على أحداث الشوط الأول، ويبخلون على أنفسهم بالنزول إلى المساجد التي في أغلب الأحيان يسابق فيه الإمام الريح في الصلاة؛ لئلا يطيل على الناس فيفوتهم كثير من أوقات المباراة، وإن كانوا مشكورين على كل حال.
لقد بلغ الأمر من الناس مبلغًا عظيمًا لدرجة أن معلقًا رياضيًّا مشهورًا كان قد طالب ألا يُذاع الأذان لئلا يقطع على المشاهدين لذة متابعة المباراة، وهو ما تحقق بعد ذلك.
والله لو احتشدت مثل تلك الجموع في أي عمل من أعمال الخير تتفاعل معه كتفاعلها مع هذه المباريات وتجمعت عليه لكان لها تأثير عظيم في الأمة، تلك الجموع التي يصدق فيها قول البعض: لو أن العدو أراد أن يداهمنا فلن يجد فرصة سانحة كذلك الوقت الذي تُقام فيه المباريات الكبرى.
ولله در عبدالله بن أم مكتوم الذي لم يرخص له رسول الله في الصلاة في بيته رغم أنه كان أعمى البصر، فكان يسمع النداء فيلبي، لأن وقوفه بين يدي الله لا يعدل به أي موقف، لا كمن يفرط في المحافظة على صلاته من أجل مخلوق مستدير ومخلوقات تركض حوله إن هذا لشيء عجاب
ما لكم لا ترجون لله وقارًا.
كل من كان تعلقه بغير الله، تعاظم هذا الشيء الذي تعلق به في القلب، حتى يتمكن منه، ويصير صاحبه ألعوبة في يده، فيوظف المرء جهوده ويصرفها لما يهواه، فيضعف حب الله وتوقيره في قلبه، وقد ينجم عنه التجاوزات التي تهلك صاحبها.
فمع الأسف الشديد يُنَال من الدين في غمرة التشجيع المحموم ولا تطرف أعين، كيف لا والعقل شارد، والقلب متوجه بكليته إلى المباراة، بعضهم إذا ما كان يتابع المباراة، ينهال بسب الدين على الحكم أو لاعب الفريق المنافس، ويكون ـ لا عجب ـ في مباراة يلعبها فريقان مسلمان، فأي عبث هذا بدين الله.
وقد يقول لا أقصد، هذا يحدث رغمًا عني كلما شاهدت مباراة لفريقي الذي أشجع، ولا يحدث مني في غير ذلك الموطن, فسبحان الله أهذا عذر في أن يسب دين الله؟! لو كان الدين معظمًا في قلبك وكان هذا حالك لآثرت ألا تتابع أي مباراة حتى لا تقع في هذا الجرم الكبير.
ذكر الشيخ عبد الله الرس في إحدى خطبه: (أنه بينما يتابع مجموعة من الشباب مباراة كرة قدم من خلال شاشات التلفاز إذ قطعوا الإرسال, وقال المذيع حان الآن وقت نقل الأذان من الكعبة, وعندها صاح أحد الشباب فقال : لعنة الله على الأذان وعلى الكعبة) [الشباب وجنون الكرة مسعد أنور], فانظر كيف عصف هذا السعار الكروي بهؤلاء الشباب ليوقعهم في هذه الزلة العظيمة، يلعن الأذان، ويلعن بيت الله الحرام، من أجل ماذا!! من أجل كرة تتقاذفها الأقدام!!
الراية الجديدة.
إننا كمسلمين آمنا بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولًا، ليس لنا راية تسبق راية إسلامنا، نوالي عليها ونعادي عليها، فالإسلام لنا معقد الولاء والبراء، وهذا ما أرساه القرآن: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55]، وقد جعل التقوى هي معيار التفاضل، فما يفضل الناس بعضهم بعضًا إلا بالتقوى، فقال جل وعلا: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، أما اليوم فصارت راية كثير من الناس التي عليها يوالون ويعادون هي راية الفريق الذي يشجع، وكأنه دين جديد.
يذكر أحد كتاب المنتديات موقفًا له مع بعض هؤلاء المشجعين المتعصبين، فيقول: (قابلت مرة أحد كبار السن وأنا أعرف أنه يشجع فريق معين، فقلت له: أما زلت تشجع النادي الفلاني؟ فنظر إلي نظرة حادة شرسة وكأني شتمت عرضه، وقال: الذي يترك تشجيع "فريقه" فهو منافق، فقلت: أستغفر الله، فرد علي وقال: ما هو منافق فقط بل مرتد!! فاستعذت بالله وذكرته بسوء الخاتمة) [منتدى الساحات السعودية].
فهكذا يعبث الاهتمام المحموم بالكرة بنفوس المسلمين، ومن عجائب ما رأيته بنفسي أن رجلًا أعرفه كان على وشك الزواج بفتاة تحمل كل المواصفات المُرادة، إلا أنه قد عزف عن الزواج منها عندما علم أنها تشجع الفريق المنافس لفريقه, وذلك رغم الارتباط بينهما, وآثر عليها أخرى أقل منها في المواصفات؛ لا لشيء إلا لأن معيار التفضيل عنده كان الانتساب لمشجعي فريقه، وبهذه الوصية نصح ابنة أخته لما تقدم لها خاطب، فقال لها: انظري هل هو من مشجعي ذلك الفريق أم من مشجعي الفريق الآخر، فإن كان يشجع فريقنا فاخرجي له، وإلا فوفري عليك الكلام معه.
فإلى هذه الدرجة يكون الانتساب لمشجعي الفريق معيارًا لتفضيل الناس؟!
لكن الطامة الكبرى أن ترى المسلمين يفضلون المشجعين الكفرة عن أبناء دينهم، فلو كان من فريقه من غير المسلمين أحبه دون لاعب مسلم في الفريق الآخر، فتميعت عنده قضية الولاء والبراء.
بل إن بعض الناس ممن يشجعون الفرق الأوربية تراهم يعلقون أعلام فريقهم المفضل التي تحتوي على الصلبان، ويعلقها في حجرته، بل ويرتدي فانلة تحمل نفس العلم حبًا في فريقه، فأين راية العقيدة التي لابد وأن يرفعها كل مسلم؟! أضف إلى ذلك تراه يرتدي فانلة عليها صورة للاعب أوربي يكره الإسلام والمسلمين،كذلك اللاعب الذي قال في أحد تصريحاته: "أنا أكره العرب والأسيويين والمسلمين"، وآخر يتمنى أن يفوز اليهود على أعدائهم ـ المسلمين بالطبع ـ وآخر يقوم بزيارة لليهود في فلسطين المحتلة، ورابع يقوم بترك مقدم البرنامج في ازدراء لما علم أنه لقناة عربية إسلامية، ثم بعد ذلك يتخذهم الشاب قدوات، ويتمنى اليوم الذي يراهم بعينه المجردة، فضلًا عن تقليدهم الأعمى في "قصة" الشعر، والملبس...
دموع المآذن.
إن أحوال المساجد يُرثى لها في تلك الأوقات التي تُقام فيها المباريات الهامة على وجه الخصوص، أين المصلون؟ أين الراكعون؟ أين الساجدون؟ إنهم على المقاهي أو معتكفون في بيوتهم أمام الشاشات، فكيف تفوتهم عشرة دقائق يؤدون فيها الصلاة في بيوت الله؟ إنهم لابد لهم من التعايش مع جو المباراة قبل أن تبدأ، فإذا انتهى الشوط الأول استمعوا للتحليلات الهامة على أحداث الشوط الأول، ويبخلون على أنفسهم بالنزول إلى المساجد التي في أغلب الأحيان يسابق فيه الإمام الريح في الصلاة؛ لئلا يطيل على الناس فيفوتهم كثير من أوقات المباراة، وإن كانوا مشكورين على كل حال.
لقد بلغ الأمر من الناس مبلغًا عظيمًا لدرجة أن معلقًا رياضيًّا مشهورًا كان قد طالب ألا يُذاع الأذان لئلا يقطع على المشاهدين لذة متابعة المباراة، وهو ما تحقق بعد ذلك.
والله لو احتشدت مثل تلك الجموع في أي عمل من أعمال الخير تتفاعل معه كتفاعلها مع هذه المباريات وتجمعت عليه لكان لها تأثير عظيم في الأمة، تلك الجموع التي يصدق فيها قول البعض: لو أن العدو أراد أن يداهمنا فلن يجد فرصة سانحة كذلك الوقت الذي تُقام فيه المباريات الكبرى.
ولله در عبدالله بن أم مكتوم الذي لم يرخص له رسول الله في الصلاة في بيته رغم أنه كان أعمى البصر، فكان يسمع النداء فيلبي، لأن وقوفه بين يدي الله لا يعدل به أي موقف، لا كمن يفرط في المحافظة على صلاته من أجل مخلوق مستدير ومخلوقات تركض حوله إن هذا لشيء عجاب
تعليق