النظام الأقتصادي في الأسلام
الحمد لله رب العالمين الذي منَّ علينا بنعمة الأسلام وأرسل نبيه إلينا بشيراً ونذيراً بسنته وهديه إلى يوم الدين.
فمن احكم من الله في حكم هذا الكون؟ فهو خالقه وأنزل أحكماه وتشريعاته بما يتوافق وهذا الخلق ،ولا بد لمن ضل عن سبيله الهلاك والخسران مهما طال الزمن.
فكيف نظم الإسلام الحياة الأقتصادية بين الناس؟وما هي البدائل التي أعطها بدلاً من التعاملات الربوية التي نراها اليوم.
يقوم الأسلام بتنظيم الحياة الأقتصادية على أساس أن المال لله والأنسان مستخلف فيه, ويجب على الأنسان التقيد بهذه التشريعات , حيث أن الله هو المالك الحقيقي لكل ما في السماوات والأرض, وقد وضع الأسلام توجيهات للأفراد في مجالات الأنتاج والإنفاق والإستهلاك والتعامل التجاري:
التوجيهات الأسلامية في الأنتاج:
أهتم الإسلام بالانتاج وحرص عل توجيه المجتمع الأسلامي نحوه فقد حث الرسول على العمل وقال:"ما أكل أحد طعام قط خير من أن يأكل من عمل يده" (رواه البخاري رقم 1930).
كما حث الأسلام على استغلال الموارد الطبيعية التي سخرها الله للإنسان وعدّ الله تعالى عمارة الأرض من أهم وظائف الإنسان التي خلق من أجلها على هذه الأرض وحذَّر من تعطيل هذه الموارد , فقد قال الله تعالى: ]:{ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}. (التوبة 34).كما عدَّ هدر هذه الموارد وتدميرها إفساداً في الأرض،قال تعالى: { وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ} .(البقرة 205).
التوجيهات الإسلامية في الإنفاق والاستهلاك:
يعدّ الإسلام المال نعمة من الله تعالى،ويبيح الأستمتاع به في الطيبات، قال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} .(الأعراف32) إلا أن الإنسان مقيد في تصرفاته بالمال بأوامر الله ونواهيه وقد وضع الأسلام ضوابط للإنفاق والأستهلاك التي تحقق مصلحة الفرد والمجتمع ومنها:
1-إنفاق المال في الطيبات والابتعاد عن إنفاقه في المحرمات.
2-الأعتدال في الانفاق بأن يتوسط المسلم في إنفاقه بن الإسراف والبخل، قال تعالى: { وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}. (الفرقان 67).
وللنظام الاقتصادي في الأسلام خصائص منها:
1-التوازن بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة:بحيث لا تطغى إحداهما على الأخرى فقد أقر الأسلام الملكية الخاصة وحماها مراعياً في ذلك المصلحة العامة.
2-انضباط السلوك الأقتصادي بالأخلاق
فأوجب الأسلام على المسلم أن يقيم نشاطه الأقتصادي على الأخلاق كالأمانة والصدق. قال صلى الله عليه وسلم وسلم: (التاجر الصدوق الامين مع النبين والصديقين والشهداء).
(رواه الترمذي،رقم 1130). وقال النبي (من غشَّ فليس مني) .(رواه مسلم،رقم147).
3-ضمان الحاجات الأساسية للأفراد من مأكل وملبس ومسكن وتعليم وعلاج.
فقد شرع الأسلام نظماً إلزامية للتكافل الأجتماعي ، كنظام الزكاة، وأخرى إختيارية كالصدقات.
4-التوزيع العادل للثروة والدخل
فالأسلام لا ينكر التفاوت في الثروة الناتج عن إختلاف الأفراد في مواهبهم وقدراتهم، قال تعالى :{ َاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ}. (النحل 71). لكنَّ الإسلام يحرص على أن لا يكون هذا التفاوت كبيراً،وشرع أحكاماً لتخفيف التفاوت في توزيع الثروات ومنها:
- تحريم وسائل الكسب غير المشروع مثل الاحتكار والربا والقمار
- شرع الأسلام أحكاماً تعمل على تفتيت الثروة مثل الميراث
- شرع الأسلام أحكاماً تعمل على إعادة توزيع جزء من الثروة مثل: الزكاة، والإنفاق على الفقراء والمساكين ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (أعلمهم أنَّ الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وتُردّ على فقرائهم) . (رواه الخاري،رقم 1308).
أما الربا فقد حرمه الأسلام تحريماً شديداً لما له من آثار سيئة على الفرد والمجتمع والربا هو:أن يتفق الدائن مع المدين على أن يرد له دينه مع زيادة عليه بعد مدة معينة .
والربا كل مال مأخوذ زيادة سواء كان قليلاً أو كثيراً حيث قال تعالى: { وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ}. (البقرة 279).
ومما يدل على تحريم الربا :-
أعلن الله الحرب علبى المتعاملين به،فقال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ}. (البقرة 278-279).
- توعدهم الله سبحانه وتعالى بالمحق، قال تعالى: { يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} . (البقرة 276)-
لعنهم الله ورسوله فقد روى جابرقالل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم {آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء) .(رواه مسلم،رقم 2995).
- وبين الله أنَّ الربا يختلف عن البيع فقد قال تعالى :{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}. (البقرة 275).
البديل الأسلامي للإقراض الربوي
يقوم الإقراض الأسلامي على أساس المشاركة في الربح والخسارة فالمشاركة تحقق العدل في توزيع الأرباح وتحمل الخسائر بخلاف الربا الذي لا يحقق هذا العدل، فقد يُظلم المُقترض من المصرف إذا خسر المشروع أو كانت أرباحه أقل من الفائدة الربوية،وقد يُظلم المصرف إذا كانت أرباح المشروع أكبر بكثير من الفائدة.
كم أنَّ المشاركة في الربح والخسارة تزيد من تداول المال في المجتمع بخلاف الأقراض الربوي حيث يفضل بعض أصحاب رؤؤس الأموال وضع نقودهم في المصارف مقابل الحصول على فائدة مضمونة بدلاً من استثمارها في مشاريع قابلة للربح أو الخسارة.
فيا أيها المسلمون هذا دينكم الحق ولا يأتي فيه إلا الحق فاخلعوا تعاملاتكم الربوية لأن الله يمهل ولا يهمل ولن تكون عاقبة الظالمين إلا وخيمة.
تعليق