إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إنجاز البدائل مقدم على مقاومة الرذائل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إنجاز البدائل مقدم على مقاومة الرذائل

    إن النظر والتأمل في الخطوات الأولى للبعثة النبوية، فيها إشارات ودلالات هادية. فمعلوم أن أول ما نزل من الـهُدى والنور:
    • قوله تعالى «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ» [العلق/1-5]
    • وقوله سبحانه: « يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا» [المزمل/1-4]
    • وبعد ذلك بدأت المزاوجة بين الأمر والنهي، كما في قوله عز وجل:« يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ» [المدثر/1-7]
    • وقبل هذا كله، نجد ما ذكرته السيدة خديجة رضي الله عنها، بعد الرجة والرجفة التي أصابت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، عند أول وحي نزل عليه، فقالت له:«والله ما يـخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَلَّ، وتُكسب المعدوم، وتَـقْري الضيف، وتعين على نوائب الحق».
    ومعنى هذا أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، كان صاحب إنجازات تأسيسية وتمهيدية بين يدي بعثته، وكلها كانت من جنس جلب المصالح، لا من جنس درء المفاسد.
    وهذا يذكرنا بقوله عليه السلام: «إنما بعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق»، ودلالته واضحة في الموضوع...
    فهذا هو دأب الأنبياء جميعا؛ جاؤوا أساسا وأصالة بالتأسيس والبناء والتشييد، أي بالمصالح وعمل الصالحات، كما تقدم في الآيات، وكما يشير إليه الحديث النبوي الشريف: «مَثَلي ومَثَلُ الأنبياء من قبلي، كَمَثَلِ رجل بنى بنيانا، فأحسنه وأجمله، إلا موضع لَبِنة من زاوية من زواياه. فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلاَّ وُضعتْ هذه اللبنة. قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين».
    فليس ها هنا ذكر للمفاسد أصلا، لا مقدَّمة ولا مؤخَّرة، وإنما ذُكر البنيان والتحسين والتجميل والتتميم، وكل ذلك مرصَّع ومُحلى بمكارم الأخلاق.
    وهذا لا يعني، ولا أعني به إغفال مسألة المفاسد وإخراجَها من الحسبان، ولكنه يعني وأعني به، أنها مسألة ضمنية وفرعية وتابعة.
    وقد يأتي في بعض الخطابات الشرعية إبراز قضية بعض المفاسد والتركيز عليها وتقديمها في الذكر أو في الاعتبار، ولكن هذا منظور فيه إلى الحالات والأولويات الخاصة بسياقها وظرفها وغرضها، مثلما قد يأتي على الإنسان المريض حينٌ من الدهر يصبح الشغل الشاغل له ولطبيبه، هو الدواء والحمية والاجتناب والحذر والاحتياط... كما هو واقع لي هذه الأيام!
    كما أن هذا كله لا ينفي أن كثيرا من المفاسد والشرور قد تصل في ضررها وخطورتها حدا يستدعي إعطاءها الأولوية في الدفع والاجتناب، ولو بتفويت بعض المصالح التي تحتمل التفويت. فهذا معلوم ومسلَّم، ولكن الغرض الآن هو تقرير الأصل والوضع الأصلي. وهو الأصل الذي يوضحه ويؤكده الإمام الشاطبي في هذا النص النفيس. قال رحمه الله: «الأمور الضرورية أو غيرها من الحاجية أو التكميلية، إذا اكتنفتها من خارجٍ أمورٌ لا تُرضى شرعا، فإن الإقدام على جلب المصالح صحيح على شرط التحفظ بحسب الاستطاعة من غير حرج؛ كالنكاح الذي يلزمه طلب قوت العيال مع ضيق طرق الحلال واتساع أوجه الحرام والشبهات، وكثيرا ما يلجئ إلى الدخول في الاكتساب لهم بما لا يجوز، ولكنه غير مانع لما يؤول إليه التحرز من المفسدة المربية على توقع مفسدة التعرض، ولو اعتُبر مثل هذا في النكاح في مثل زماننا، لأدى إلى إبطال أصله، وذلك غير صحيح. وكذلك طلب العلم، إذا كان في طريقه مناكر يسمعها ويراها، وشهود الجنائز، وإقامة وظائف شرعية إذا لم يقدر على إقامتها إلا بمشاهدة ما لا يرتضى، فلا يُخرج هذا العارضُ تلك الأمور عن أصولها، لأنها أصول الدين وقواعد المصالح، وهو المفهوم من مقاصد الشارع، فيجب فهمها حق الفهم، فإنها مثار اختلاف وتنازع...» – (الموافقات 4/ 210- 211).
    وختاما،
    وبالعودة إلى ما سبق من كلام حول الحاجة إلى الاجتهاد والتجديد، وخاصة لدى الحركات الساعية إلى البناء والإصلاح على أسس ومنطلقات إسلامية، فإن إعادة ترتيب الأولويات بصفة عامة، وقضية التقديم والتأخير بين الاشتغال بتحصيل المصالح، والاشتغال بمحاربة المفاسد، تبدو قضية ملحة وعاجلة، حتى لا يستمر تقديم العربة على الحصان، ولو في بعض الأحيان.
    ومقتضى هذا أن تعطَى العنايةُ والأولوية للأعمال والمبادرات والمشاريع الإيجابية البناءة والمفيدة، ولو «اكتنفتها من خارجٍ أمورٌ لا تُرضى شرعا، على شرط التحفظ بحسب الاستطاعة من غير حرج»، على حد تعبير الشاطبي.
    كما أن هذا النهج سيقتضي حتما تقليصاً في مقدار الاشتغال بمحاربة المفاسد والرذائل، لفائدة إنجاز المصالح البدائل. إن القيمة الحقيقية، أو القيمة المضافة، لأعمالنا وجهودنا، هي أن نوقد شمعة لا أن نلعن الظلام. فلعنُ الظلام يحسنه كل أحد، ويمارسه كل أحد.
    للأسف، فإن كثيرا من الحركات والأحزاب الإسلامية، قد حُشرت، أو حشرت نفسها، في مربع المعارضة، وفي منطق المعارضة، بمعناه الديمقراطي الحزبي التقليدي. ومنطق المعارضة هذا، يلزمك أن تقف دائما بالمرصاد لكي تنتقد وتستنكر وتدين وتستهجن وتقاوم وتعارض وتفضح وتسب وتلعن...
    الاشتغال بالمعارضة والمناهضة ينبغي أن يكون مهمة عرَضية، لا مهنة دائمة. أما الأصل الدائم، فهو الاشتغال بالبناء والإنجاز وتحقيق المصالح والمنافع.
    وبالله تعالى التوفيق
    التعديل الأخير تم بواسطة سعد سلام; 17/09/2008, 01:28 AM.

  • #2
    رد : إنجاز البدائل مقدم على مقاومة الرذائل

    بارك الله فيك


    اعتقد انك تقصد شئ فى موضوعك الكريم عن حال اليوم

    تعليق


    • #3
      رد : إنجاز البدائل مقدم على مقاومة الرذائل

      بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك


      حيذا اخي ان تبعد السطور عن بعض وان تعلم الايات بلون اخر والاحاديث بلون

      وشكرا

      تعليق


      • #4
        رد : إنجاز البدائل مقدم على مقاومة الرذائل

        يجب التركيز على القضايا الاستراتيجية وليس الاكتفاء والغوص بصراعات ثانوية..
        التعديل الأخير تم بواسطة سعد سلام; 17/09/2008, 01:44 AM.

        تعليق


        • #5
          رد : إنجاز البدائل مقدم على مقاومة الرذائل

          بوركت يا أخ سعد ، وجزاك الله خير الجزاء

          وأقول تعليقا على قولك : ( ولا أعني به إغفال مسألة المفاسد وإخراجَها من الحسبان، ولكنه يعني وأعني به، أنها مسألة ضمنية وفرعية وتابعة. )
          وإن كانت كذلك فقد أقر علماء الأصول إن : ( درأ المفاسد أولى من جلب المصالح " فهي قاعدة أصولية مدونة في كتب العلماء و الأصوليون ومعمول بها في الواقع .
          نعم لا بد من جلب المصالح والعمل لها ، ولكن ليس على حساب ترك المفاسد حتى لا نكون كمن فهم قول الله تعالى " يا أيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم " .. فهمها بأن يلتزم هو ويصلح ذاته ومن عرف ويترك الباقي ، وقد نفى أبو بكر رضي الله عنه هذا المفهوم الخاطيء .
          وأخشى أن يصيبنا مثل الذي أصاب من قال الله فيهم : " وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ (165) "
          فأنجى الله القائمين على النهي عن الفساد والأمر بالإصلاح ، وعذب الظالمين المعرضين ، ولم يورد ما يحل بالمقتصرين على أنفسهم بالعمل .وهذا الصنف هو المصاب كما علق علماؤنا على الآية .

          وما ذا لو قسمنا العمل بيننا حتى لا نضيع أي جانب من الجوانب ونحن كثرة ، سواء على مستوى الجماعات أو الأحزاب والجمعيات ، فيقوم قسم بالنصح والعمل على الإصلاح بتكوين جيل يحمل هم هذه الدعوة وهم الإسلام ككل ، وفي الوقت نفسه تكلف طائفة بمحاربة الشر ودرء الفساد حتى لا ينتشر فيعم ضرره .
          وما نراه في واقعنا من تفشي الفساد وعدم الأخذ على أيدي أصحابه خير دليل لوصف الحال ، وهو قول الزمن لو تكلم ولكنها إشارته إلينا .
          وأعطي مثالا بسيطا فأقول : لو أن امرأة جميلة تبرجت وخرجت متعطرة متزينة متمايلة في مشيتها رائة وغادية ، تمر بجوار مسجد بعد كل وقت صلاة ، وفي الناس من يستطيع محاربة هذه المفسدة ( الواحدة ) ولكنه يقول يجب أن نعمل على تحصين الشباب بالنصح والإصلاح والتحذير من النظرة وما يعقبها ، ثم يخرج الشاب ليسمع وقع أقدام وكأنها الخيل تغير عليه ، ليجد ريحا طيبة ، ليرى فتاتا قمة في الجمال .... يحاول أن لا يعيد النظرة ... ولكن ....

          فأيهما أولى ...
          جلب المصلحة ؟ أم درئ المفسدة ؟

          والله المستعان ، هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل .


          أعذرني أخي ، وتقبل تحيتي ومروري .

          تعليق


          • #6
            رد : إنجاز البدائل مقدم على مقاومة الرذائل

            للامانة والتاريخ لست كاتب هذا المقال لكني اتبناه...وارى ان جلب المنفعة الكبرى اولى من درء المفسدة الصغرى...لان ترك المنفعة الكبرى يكون مفسدة كبرى...وبعض الشر اهون من بعض...

            تعليق


            • #7
              رد : إنجاز البدائل مقدم على مقاومة الرذائل

              بارك الله فيك
              ولكني اخالفك الرأي
              وأرى ان درء المفاسد اولى من جلب الفوائد
              وذلك لان درء المفسدة هو بحد ذاته منفعة

              تعليق

              جاري التحميل ..
              X