إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الاعتراف بشرعية الاحتلال.. الآثار والنتائج

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاعتراف بشرعية الاحتلال.. الآثار والنتائج

    الاعتراف بشرعية الاحتلال.. الآثار والنتائج
    د. يوسف إبراهيم



    يواجه الفلسطينيون اليوم حملة دولية ضاغطة في سبيل الاعتراف بكل ما ورد عن الأمم المتحدة من قرارات، سواء تلك التي تخدم القضية الفلسطينية وتعترف بحقوق أبنائها؛ مثل حق عودة اللاجئين والانسحاب من الأراضي المحتلة، أو تلك التي تؤيد الاحتلال الإسرائيلي على الأرض؛ مثل إعطاء الحق لإسرائيل في الوجود على الأرض الفلسطينية، ومنحها الحق في الدفاع عن نفسها ضد كل ما يسمى دوليا "العنف".

    فإسرائيل تشعر اليوم -وبعد ستين عاما من النكبة- أنها كِيان شاذ في المنطقة وغير مرغوب فيها فلسطينيًّا وعربيًّا وإسلاميًّا، فبعد أن اغتصبت أرض فلسطين تريد انتزاع اعتراف فلسطيني يعطيها الشرعية الدولية، وتساعد الدول الأوربية وما انبثق عنها من لجنة رباعية بالتعاون مع أميركا في تثبيت جذور الإسرائيليين في أرض فلسطين من خلال الاعتراف الدولي الذي حصلت عليه، وكذلك الاعتراف العربي والإسلامي والفلسطيني.

    فالشعب الفلسطيني لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعترف لإسرائيل بما لا تستحق وبما لا تملك في أرض فلسطين. وهذا الاعتراف يتطلب الضغط على الشعب الفلسطيني لانتزاعه والإعلان به على الرغم من الحصول على هذا الاعتراف في وقت سابق عند زيارة كلينتون غزة عام 1998م وإلقائه كلمة أمام أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني؛ إذ تم الاعتراف بإسرائيل وتم حذف البنود التي كانت واردة في قرارات المجلس الوطني الفلسطيني، وبعد التغيرات السياسية داخل الساحة الفلسطينية وفوز حماس في المجلس التشريعي وتكوينها للحكومة العاشرة تم فرض حصار على غزة وتوقيف المساعدات، وتم وضع شروط على رأسها أن تعترف حماس بدولة إسرائيل، فلماذا يصر المجتمع الدولي على الاعتراف بإسرائيل؟؟ ولماذا تسعى إسرائيل بكل ما أوتيت من قوة لفرض الاعتراف بها؟؟ وما النتائج والآثار لهذا الاعتراف؟؟

    ماذا يعني الاعتراف؟؟؟
    ينقسم الاعتراف في القانون الدولي العام إلى نوعين: اعتراف ضمني أو اعتراف بالواقع، ويعني الاعتراف بالوجود السياسي للدولة والاعتراف بكيانها، أي الإقرار بحقيقة وجودها.
    والنوع الثاني يسمى اعترافًا صريحًا ومباشرًا أو اعترافًا قانونيًّا، ويعني الاعتراف بشرعية وقانونية الدولة وحقها في الوجود.

    والاعتراف بين الدول يخضع لقرارات حرة، فقد قرر القانون الدولي حرية الاعتراف بالدول ولم يجعلها ملزمة، والتاريخ يحمل في طياته الكثير من صور رفض الاعتراف بدولة ما، مثل امتناع دول الغرب عن الاعتراف بالاتحاد السوفيتي وقتًا طويلا، فقد قررت في اجتماع (كان) عام 1922م الامتناع عن الاعتراف بالاتحاد السوفيتي، كما رفضت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاعتراف بحكومة الصين الشعبية التي كانت تسيطر على مئات الملايين من البشر لمدة خمس عشرة سنة، كما لم تطالب الولايات المتحدة الأمريكية الهنود الحمر بالاعتراف بها سواء ضمنيا أو شرعيا.

    أما الفقه الدولي الإسلامي فإنه يفرق بين الاعتراف بالوجود والاعتراف بالحق في الوجود، فأما الأول وهو الاعتراف بالوجود، فالفقه الإسلامي يبيح الاتصال مع العدو لأجل المصلحة والتفاوض معه، ومن ثم الدخول معه في هدنة محددة، وما ينشأ عن ذلك من إقرار حالة السلم، والتعامل مع الواقع دون إعطاء أي تنازل عن حقوقه، أو إقرار على شيء[1].

    لماذا لا يمكن الاعتراف بإسرائيل؟؟
    كل البشر لهم الحق الإنساني في الوجود بما في ذلك اليهود، لكن لا يمكن أن يستولي أي صنف من البشر على أرض غيره، ومن ثم فلا حق للصهاينة في الإقامة على أرضنا، وهذه الحقيقة لا تتغير حتى بالتقادم، ولو اعترف كل ساسة العالم بهذه الدولة إذعانًا للقوة أو نزولاً للواقع المرّ.

    فالاعتراف بدولة (إسرائيل) أمر لا يمكن أن يقبله أحد ولا يمكن أن يحكم به أو يتصرف به، فالاحتلال أقام دولته إقامة غير شرعية على أنقاض البيوت الفلسطينية بعد أن أخرج سكانها ودمر ممتلكاتهم، ولا يمكن الاعتراف بشرعية الاحتلال والتعامل معه كصاحب حق في أرض فلسطين، فهذا أمر لا تملكه (حماس) ولا أي فصيل سياسي، ولا يملكه أحد في الشعب الفلسطيني؛ لأن أرض فلسطين هي جزء لا يتجزأ من الأرض العربية الإسلامية، وهي أرض إسلامية، ووقف إسلامي، والتنازل عنها أو عن جزء منها تحت دعوى الأمر الواقع هو جريمة سياسية ومخالفة شرعية، نحن نتعامل مع الواقع الحالي على أساس أن هناك دولة احتلال مغتصِبة لأرض فلسطين منذ أكثر من ستين عاما، وهذا لا يعني الاعتراف بشرعية هذه الدولة وحقها في الوجود والنمو فوق أرض فلسطين التاريخية. فدولة الصهاينة هي دولة احتلال، وستبقى كذلك حتى نرسخ في تاريخنا للأجيال أن هذه الأرض أرض عربية إسلامية وأن هؤلاء أغراب ومحتلون.

    الآثار المترتبة على الاعتراف بإسرائيل:
    يترتب على الاعتراف بإسرائيل وبشرعية وجودها الكثير من النتائج والآثار الخطيرة على القضية الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني وعلى الأرض الفلسطينية، فالاعتراف سيؤثر في الجغرافيا والديموغرافيا والتاريخ والحضارة، ومن بين النتائج المتوقعة من الاعتراف بدولة إسرائيل:

    1- الآثار السياسية:
    إن أي تفاوض سياسي مع العدو والمحتل الغاصب للأرض وأي تسليم له باغتصابه ووجوده يعد من باب التفريط والتنازل الذي لا يجوز شرعًا، فكيف بالاعتراف بـ"دولة إسرائيل"، وبحقها في الوجود والبقاء المستمر؟
    فالاعتراف يعني الحق التاريخي لهم في أرض فلسطين، والاعتراف بإسرائيل يعني فتح الباب أمام كل الدول للاعتراف بدولة إسرائيل وشرعيتها، فعلى الرغم من مرور أكثر من ستين عامًا على نكبة فلسطين، إلا أن هناك عشرات الدول لا تعترف بإسرائيل، ولا تقيم معها أي علاقة، والاعتراف بهم يفتح الباب أمام هذه الدول إلى أن تتقدم لكي تعترف بإسرائيل ما دام أصحاب الحق الأصليين قد فعلوا ذلك، فالاعتراف بإسرائيل يلغي حق الشعب الفلسطيني في أرضة وأملاكه التي فقدها مع قيام هذا الكيان، الاعتراف بدولة إسرائيل يعني فتح الباب للكثير من الدول لكي تتعامل مع إسرائيل على أنها كيان سياسي رسمي وأن تقيم العلاقات السياسية والدبلوماسية معها وقد تصل إلى حد التحالفات الاستراتيجية معها والدفاع عن قضاياها على الرغم من أن بعض الدول تخجل من القيام بذلك.

    2- الآثار الاقتصادية:
    الاعتراف بإسرائيل يفتح الباب أمام جميع الدول أن تقيم علاقات اقتصادية مباشرة مع هذا الكيان، ونظرًا لأن إسرائيل تتفوق على الكثير من الدول من الناحية الصناعية والزراعية والتقنية فإن ذلك يجعل من هذه الدول عرضة لأن تكون تحت هيمنة وسيطرة الطرف الأقوى وأن تصبح الدول الضعيفة دولا مستهلكة في حين تصبح إسرائيل دولة مصدرة لهم، وأن أي انفتاح اقتصادي نتيجة الاعتراف بإسرائيل سيتيح لإسرائيل أن تتسلل وتتغلغل في المجتمعات العربية والإسلامية تحت غطاء الشركات والمصانع، ويتيح لها من الهيمنة والسيطرة على المقدرات والثروات العربية والإسلامية بطريقة طبيعية على قاعدة السوق الحرة.

    3- الآثار القانونية:
    الاعتراف بإسرائيل من قبل الشعب الفلسطيني سيعطي لإسرائيل الشرعية القانونية في تملك فلسطين أو جزء منها، والاعتراف بإسرائيل سيعطي لإسرائيل حق الانضمام لأي مؤسسة أو منظمة غير قادرة حتى الآن على الالتحاق بها لأنها بعد الاعتراف ستصبح جزءًا من الدول المعترف بها في المنطقة ومن ثم لا يكون هناك مسوغ قانوني لأن تبقى خارج عضوية هذه المؤسسات والتنظيمات، والاعتراف بإسرائيل يعني أن يطلب منها التوقيع على أي اتفاقيات أو معاهدات إقليمية أو دولية.

    4- الآثار الدينية:
    الاعتراف بشرعية إسرائيل هو بمنزلة حذف وإلغاء أن فلسطين أرض إسلامية ووقف إسلامي، وعلى هذا الأساس لا يجوز لأي حاكم أو فصيل أو مجموعة أن تتصرف في هذه الأرض، فهذه الأرض ملك للمسلمين وللأجيال الإسلامية ولا تسقط بالتقادم.

    5- الآثار الاجتماعية:
    إن الاعتراف بدولة إسرائيل سيتيح لها فرصة التواصل مع المثقفين العرب والمسلمين وحرية الوصول إلى أي تجمع إسلامي أو عربي وإقامة العلاقة معهم، وكذلك فتح المجال أمام السياحة الإسرائيلية أن تتوسع وأن تنتشر، كما سيعمل الاعتراف على فتح المجال أمام إقامة المخيمات المشتركة وإقامة العلاقة الاجتماعية بين بعض الأسر العربية والإسلامية وبين الأسر الإسرائيلية وخاصة تلك الأسر التي سيصبح لها مصالح اقتصادية مع إسرائيل، كل ذلك سيتيح لإسرائيل اختراق النسيج الاجتماعي العربي والإسلامي ونشر الفساد والرذيلة وربط الكثير مع منظومة المصالح الإسرائيلية.

    6- الآثار الإقليمية:
    الاعتراف بدولة إسرائيل سيتيح الفرصة أمامها لأن تقيم علاقات مع دول الجوار والدول الإسلامية وسيسهل الاعتراف عليها ذلك، وسيعمل على فتح باب التطبيع وإقامة العلاقات الدبلوماسية والسياسية والتجارية والاقتصادية بين الكثير من الدول الإقليمية بعد أن امتنعت عشرات الدول عن ذلك منذ أكثر من ستين عاما.

    7- الآثار الحضارية والتاريخية:
    إن الاعتراف بإسرائيل يعني الإقرار والاعتراف بشرعية وجود هذا الكيان من الناحية التاريخية وكأن لليهود حقًّا في الوجود على هذه الأرض بناء على واقع تاريخي، والاعتراف بإسرائيل يعني إتاحة الفرصة، أما تزييف الجغرافيا والديموغرافيا وحضارة هذه الأرض وتاريخها وكتابة التاريخ كتابةً جديدة، بعد أن عجز اليهود أن يثبتوا طوال سنين التاريخ علاقتهم بأرض فلسطين، ولم يستطيعوا عرض أو إيجاد أي دلائل أو شواهد تاريخية تثبت أحقية وجودهم على أرض فلسطين، ومن ثم يسعون بكل ما أوتوا من قوة إلى ضرورة أخذ اعتراف من أصحاب الأرض الأصليين بشرعية وجودهم.

    فالاحتلال برغم قوته وجبروته المادي والحربي، واحتلاله وسيطرته على كل الأراضي الفلسطينية وبعض من الأراضي العربية سواء اللبنانية أو السورية، واعتراف العشرات من العالم بوجوده، إلا أنه وحتى هذه اللحظة يفقد شهادة الميلاد الطبيعية؛ لأنهم يدركون أنهم كيان غريب وطارئ على نسيج الجغرافيا والتاريخ والهوية العربية والإسلامية في العالمين العربي والإسلامي، ويدركون أن السبيل الوحيد لنيل شهادة الميلاد الطبيعية يتمثل في اعتراف الفلسطينيين بحقه في ملكية هذه الأرض، أي التنازل الصريح والعلني والواضح من المالك الأصلي عن حقه، ودون ذلك سيبقى الشك وعدم اليقين هو سيد الموقف.

    لذلك فالمسألة خطيرة، وليست كما يروج لها البعض بأنها هي فرصة لمد لجسور "الثقة"، بل هي تنازل عن حق ووجود أمة فلسطينية عمرها يزيد عن خمسة آلاف سنة على أرض فلسطين، وهي مصادرة لحق الأجيال القادمة وقطع الطريق على هذه الأجيال في المطالبة بأرض الآباء والأجداد، وتهديد لهويتهم الوطنية، ومستقبلهم على تلك الأرض ونفي تاريخ وجغرافية آبائهم وأجدادهم.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  • #2
    رد : الاعتراف بشرعية الاحتلال.. الآثار والنتائج

    استغرب عندما يكون هناك موضوع يهمنا بالدرجة الاولي ويواجه بهذا الاهمال الا يستحق هذا الموضوع التعليق ام مجرد مرور الكرام

    تعليق


    • #3
      رد : الاعتراف بشرعية الاحتلال.. الآثار والنتائج

      لن نعترف باسرائيل

      تعليق

      جاري التحميل ..
      X