إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من عنده صورة للشهيد محمود العابد فى هذه الذكرى العطرة يرسلها هنا .. انها ذكراه الطيبة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من عنده صورة للشهيد محمود العابد فى هذه الذكرى العطرة يرسلها هنا .. انها ذكراه الطيبة



    اليوم وقبل حوالى اربعة سنوات قام المجاهدمحمود حين العابد بعملية هزت اركان دولة يهود وحطمت نظريتهم الغبية انهم لا يقهرون .... فى بدايةالامر قلنا من الذى يضحى بارواح الشهداء ويرسلهم الى هذه الارض القحط هذه الارض الجرذاء المكشوفة لليهود ...... ولم نكن نعلم ان هناك معية الله تحيط بهم لم نكن نعلم انهم باعوا النفس رخيصة لله عز وجل من اجل اعلاء راية الحق عالية خفاقة فى رحاب المعمورة لم نكن نعلم انهم يحملون ويسيرون وهناك من يدعو ويصلى ويقوم الليل من اجل ان يوفقهم الله عز وجل .. لم نكن نعلم انهم برضى الله ثم برضى الوالدين يسيرون انه ......
    المجاهد القسّاميّ محمود حسن العابد (24 عاماً) من حيّ الشيخ رضوان بغزة ، يقتحم مغتصبة "دوغيت" شمال قطاع غزة ، و يهاجم تجمّعاً لجنود و مستوطني المغتصبة ، فيوقع قتيلين و يصيب 3 آخرين قبل أن يسقط شهيداً .


    [blink][grade="FFA500 FF6347 2E8B57 4B0082"]اللهم الحقنا بهم شهداء مقبلين غير مدبرين اللهم امين اللهم امين
    [/grade][/blink]

  • #2
    رد : من عنده صورة للشهيد محمود العابد فى هذه الذكرى العطرة يرسلها هنا .. انها ذكراه الطيبة

    الشهيد القسامي البطل

    محمود حسن العابد (24 عاماً)

    والذي استشهد في عملية اقتحام بطولية لمغتصبة دوغيت في قطاع غزة

    بتاريخ 8/6/2002م

    تعليق


    • #3
      رد : من عنده صورة للشهيد محمود العابد فى هذه الذكرى العطرة يرسلها هنا .. انها ذكراه الطيبة

      ولدي الشهيد محمود العابد

      بقلم أم الشهيد









      الإهـــــداء

      - إلى كل أم عرفت الله حق معرفته وأخلصت النية في تربية أولادها وتنشئتهم تنشئة إسلامية

      - إلى كل شاب نشأ في حب الله والتزم بتعاليم الكتاب والسنة وأخلص في ذلك .

      - إلى كل من أخذ محمود بيدهم وعرفهم طريق المسجد والجلسات ودروس الأحكام وحلق الذكر وهداهم الله ونور قلوبهم.

      - إلى كل زهراتنا وأشبالنا الذي أحبوا كتاب الله وحافظوا على الصحبة الصالحة ومشوا في مرضاة الله

      - إلى كل المجاهدين في سبيل الله من أجل إعلاء كلمة الله ونصرة الحق .

      - إلى كل الأمهات الصالحات الصابرات المحتسبات فلذات أكبادهن عند الله جل في علاه لتبقى راية لا إله إلا الله عالية خفاقة دائماً وأبداً . ..... أهدي هذا الكتاب .

      أم أحمد





      استهـــلال

      بادئ ذي بدئ أردت أن أبدأ هذا الكتاب بهذه الكلمات نقلتها عن كراسة محمود وكانت بخط يده ولسان حاله يقول .....

      بسم الله الرحمن الرحيم : " إنّا فتحنا لك فتحاً مبينا " صدق الله العظيم



      اللهم افتح لي أبواب رحمتك ......



      ضع في يدي القيـد ألهب أضلعي بالسوط ضع عنقي على السكينِ

      لن تستطيع حصار فكري سـاعة أونزع إيمـاني ونــور يقينـي

      فالنور في قلبي وقلبي في يدي ربي وربــي ناصـري ومـعينـي



      نسأل الله الثبات على الحق وحسبنا الله ونعم الوكيل

      محمود حسن العابد



      بسم الله الرحمن الرحيم

      ولدي ومهجة قلبي الشهيد محمود حسن العابد

      إني احتسبك شهيداً عند الله

      نشـأته ومولده: ولد الشهيد محمود حسن العابد في معسكر الشاطئ الشمالي بغزة في بيت متواضع وبسيط بتاريخ 30/4/1979م مساءً ما بين المغرب والعشاء .وكان ترتيبه في العائلة رقم " 4 " ، ومحمود له " 5 " أخوات و "4 " اخوة .

      ميلاد محمود كان سهلاً جداً بحمد الله حيث أنني لم أشعر بالآلام أثناء ولادته كباقي إخوته ، حتى أن الدكتور بمستشفى الشفاء في غزة لم يصدق أني في حالة وضع ، فوالله ولدت محمود واستقبلته وأنا أضحك ، وودعته وأنا أضحك !!!!!! فسبحان الله لا إله إلا هو تتزامن الابتسامة على وجهي أثناء استقبالي له على هذه الدنيا مع توديعي له منها إلى الدار الآخرة شهيداً بإذن الله بابتسامة أحلى وأبهج ، وذلك لإيماني العميق بكرم الله عز وجل بأنني أودع ابني لملاقاة ربه مخلداً في جنات النعيم مع الحور العين ، وليكون بإذن الله بجوار الرسول صلى الله عليه وسلم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين كما تمنى محمود . وأيضاَ يتزامن التوقيت بميلاد محمود مع توقيت استشهاده !!!. فلقد خرج محمود إلى هذه الدنيا وهو يصرخ ما بين المغرب والعشاء .... وفارق هذه الدنيا وهو يكبر ويصرخ في وجه الصهاينة ما بين المغرب والعشاء !!!!! .

      الله اكبر الله أكبر الله أكبر ما أعظمك يا إلهي الحمد لله ، فما هذا إلا من خالص ثقتي بالله جل جلاله بمنزلة الشهداء في الدار الآخرة . فما إن أنجبت محمود وكأنني فعلاً أنجبت فارس الفرسان !!!! حيث أصبت بالغدة الدرقية في رقبتي ، وانتهيت منها بسلامة الله بعملية جراحية بعد 7 سنوات من المعاناة .

      وكان في البداية أن أشرف على علاجي الدكتور الذي أحبه في الله هو الدكتور محمود الزهار أطال الله في عمره هو وكل المجاهدين الشرفاء وجعله للإسلام ونصرة الحق ذخراً وفخراً على مر السنين . وبعدها فقط أعتقل الدكتور محمود الزهار من قبل قوات الاحتلال وكان ذلك قبل الانتفاضة الأولى بسنوات وقلت في نفسي لن أتعالج إلا لما يخرج الدكتور الزهار بسلامة الله من السجن الاحتلال وكان وقتها هو رئيس نقابة الأطباء . لم يطل مكوث الدكتور الزهار في السجن ولكني انتظرت حوالي عدة أشهر بعد خروجه بالسلامة وأكملت معه التحاليل ومن ثم ذهبت إلى مستشفى سوروكا في بئر السبع لأعمل صور أشعة وعند العملية لم يرض الدكتور الزهار أن يعملها في عيادته الخاصة لما علم أنه يوجد لدينا تأمين صحي فقال أنتم أحق بالفلوس التي ستدفعونها أجرة العملية وهي 70 دينار أردني وأصر على أن أعملها في المستشفى حتى لا ندفع أي مليم . بارك الله فيك يا دكتور والله الإسلام يريد مثل هؤلاء وإن شاء الله ربنا يعزنا بالإسلام .



      معاناة محمود في حياته : لقد تعرض الشهيد محمود في حياته أكثر من ثلاث مرات للموت ، محمود كان جميلاً جداً ، أبيض وجهه مشرق كالبدر ، وشعره أشقر كلون الذهب وكل من يراه يحسبه بنت لأني كنت أربط شعره لفوق وأفتح خصلات شعره المذهب ليصبح مثل الوردة فوق رأسه الجميل ، وبعد سنتين من عمره حلقت له شعره فذهبت خصلة شعره الشقراء حتى يصدق الناس أنه ولد وليس بنتاً . طبعاً هذا الجمال في وجه محمود كان لا بد له من نهاية مؤلمة جداً ومؤقتة بحمد الله وعنايته . حيث تعرض للموت وهو في سن 11 شهر فقط وقبل بلوغه العام الأول من عمره .... فكانت هذه :

      المرة الأولى : طبعاً وبسبب شقاوته منذ صغره وأثناء زحفه استطاع محمود أن يصل إلى إبريق الشاي المغلي ووضع يده داخل الإبريق ، وعندما حاول إخراج يده وهو يصرخ ، انسكب الإبريق كله تحت بطنه بالتحديد تحت معدته وعلى يده اليمنى كل أصابع يده وإلى منتصف يده تقريباً وعلى ركبته بدرجة واضحة .. وحينها فقد محمود صوته من شدة الألم وما سمعته أبداً وهو يصرخ ، فمن رحمة الله وعنايته أني كنت قبل 10 دقائق فقط قد رفعت الحصيرة التي كنا نفترشها على الأرض ووضعت بدلاَ منها بساطاً كبيراً وثقيل ، فهنا تجلت عناية الله بأن البساط قد تشرب كل الشاي ، فالحمد لله لم يشأ الله لمحمود أن يموت في حينها ولكن مكتوب له أن يعيش ويكبر ويرى في حياته ما كتب الله له .. كل هذا وعمره 11 شهراً . فطبعاً كانت الحروق شديدة نوعا ًما وخصوصاً عند منطقة المعدة وأصابع يده من الداخل ـ فظلت تؤلمه حتى كبر في أيام الحر ، فهذا أثر على مشي محمود عدة شهور أخرى وكانت آثار الحروق موجودة بوضوح كبير جداً على يده وأصابعه جميعها من داخل بطن اليد والركبة حتى استشهاده . وطبعاً مكثت على أثر هذه الحروق في المستشفى مدة من الوقت . فقد أكرمني الله بممرضة جارة أهلي وساعدتني كثيراً حيث خرجت من المستشفى على عاتقي لأن أطفالي صغار وبحاجة ماسة لوجودي بجوارهم حيث لم يكن لي من يرعاهم ، وأكملت علاج محمود عند الممرضة بارك الله فيها ، فكنت كل يوم أحمل محمود على يدي وأذهب إلى بيتها في ساعات العصر لتكمل هي العلاج من محاليل لغسل الحروق وأدوية ومضادات حيوية دون أن أدفع لها مليماً واحداً ، والحمد لله تعافى محمود بعد حوالي شهرين من العلاج المكثف .... وهذه الممرضة التي عالجت ابني لم تدخل بيتي مطلقاً ولم تعرفه أبداً إلا عندما علمت بنبأ استشهاد محمود لأنها سافرت إلى السعودية مع زوجها وعادت إلى أرض الوطن منذ سنوات قليلة ، ومع أنني كنت دائماً أسأل عن أخبارها إلا أن القدر لم يسمح لي بزيارتها فأتت هي إلى بيتي لتهنئني باستشهاد محمود بارك الله فيها وجزاها كل الخير .وبعد ذلك كبر محمود وترعرع وتربى مع إخوته تربية إسلامية وتعلم في روضة الوكالة وعمره 4 سنوات وبعدها انتقلنا للسكن في حي الشيخ رضوان حي المجاهدين حيث كان عمر محمود وقتها 5 سنوات وكان يذهب مع إخوته برفقة والده الذي كان يعمل مدرساً بوكالة الغوث للاجئين إلى مدرسة أبو عاصي الابتدائية في المعسكر الشمالي .. كمستمع في الفصل أي غير نظامي . وقد حرصت منذ صغر أطفالي أن أربيهم تربية إسلامية فأول ما غرست في نفوسهم عدم الكذب فتربوا على ذلك وعلى حب الخير والعطاء ومساعدة الآخرين ، لأن الطفل إذا تربى تربية صحيحة ينشأ منشأً سليماً ، محمود في أحد الليالي وقبل استشهاده بحوالي شهرين رجع إلى البيت في ساعة متأخرة جداً ولما سأله والده لماذا تأخرت قال له " باشتغل مع الكتائب " وطلع إلى غرفته " أبوه ظنه قالها مازحاً ، قلنا ما شاء الله !!! مرة واحدة في الكتائب !!!! وتبينت بعدها أن محمود ما أحب أن يكذب على والده !!!! وطبعاً ما صدقناه لأنه دايماً مرح وفكاهي وأيضاً حرصت على تعليم أولادي حبهم لبعضهم البعض وأن يبتعدوا عن حب الذات ، وعند الأكل بسم الله ، لما تشبع الحمد لله ، عند دخول الحمام " اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث " .

      عند دخول المنزل : السلام عليكم بصوت عالٍ .

      عند الخروج منه: " بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله .

      عند ركوب السيارة : الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين .

      عند دخول المسجد ـ عند لبس الثوب وخلعه ، الحمد لله لما صاروا يحضروا جلسات وهم أطفال كان الشيخ يعلمهم هذا كله وكان أولادي يعرفونه مني قبل أن يعرفوه من المسجد . فأنا أتوجه إلى الأمهات المسلمات أن يغرسن في أولادهن كل هذه الصفات الحسنة ويراعين الله حق رعايته في تربية أولادهن لأنهن مسئولات يوم القيامة عن كل صغيرة وكبيرة أمام الله . طبعاً في هذا الجو المسلم كبر محمود وترعرع وأصبح من أشبال المساجد ، لقد كان شعلة من الإيمان وكان هادئاً خجولاً جداً كباقي إخوته منذ الصغر وكان من الأوائل في الفصل . وفي سن الرابعة عشرة من عمره عمل محمود في البناء مع صديق له ،كان مع صديقه يعملان مع والد هذا الصديق بعد انتهائه من المدرسة , وكنت أخاف عليه لأن هذا عمل شاق بالنسبة لسنه ويقول لي لا تقلقي يا أمي أنا هيك بأقوى جسمي ، فالمؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍ خير ، وبعدها اشتغل في البلاط وكل هذا وهو محافظ على دراسته وعلى صلاته وحفظه للقرآن ودروس العلم وحلق الذكر في المساجد .



      عن نشاطه في مسجد الأمان : محمود كان من مؤسسي مسجد الأمان وشارك في العمل أثناء بنائه ونقل الأحجار والأسمنت والرمل وعمل فيه مع باقي الشباب والأشبال بجد وإخلاص ، ففي البداية كان يذهب مع إخوته برفقة جار لنا وهو شاب إلى مسجد الرضوان كان يصطحب أولادي معه في كل صلاة لأنهم كانوا صغارا ومسجد الرضوان بعيد عن بيتنا .وبعد ذلك في مسجد التقوى وهو قريب ومن ثم لما تأسس مسجد الأمان وشارك في تأسيسه التزم فيه محمود وأصبح من رواده وأخذ يعمل جاهداً على البدء في تنظيم الجلسات وحلق الذكر ويحث الأشبال على أن ينتقوا أشبال آخرين ويحثونهم على الصلاة وحضور الجلسات , وكان محمود يهتم جداً بالأشبال حتى بالشباب الذين هم أكبر منه سناً ومتزوجين وعندهم أطفال كان يحثهم على الصلاة وعلى حضور الجلسات وحلق الأحكام والذكر ، فالحمد لله محمود كان دائماً يردد :



      أنا الداعي بـإيمانـي أنا الإســلام رباني

      سـأعلي رايتي دوماً وأحمي صف إخواني



      وأيضاً حاول جاهداً أن يجعل من المسجد البيت الثاني لرواده وخاصة في شهر رمضان وليالي الاعتكاف فكان يبذل كل ما وسعه كي يحتضن الشباب ممن يريدون الهداية والصلاة ويأخذ بيدهم . فالحمد لله استطاع محمود وبتوفيق من الله أن يبني جيلاً قبل استشهاده .. وأيضاً سعى جاهداً مع الشباب على بناء مطبخ في داخل المسجد وجهزوه من كل شئ فكان يأخذ من بيتنا بعض أشياء تلزم هذا المطبخ مثل العلب التي يوضع فيها الشاي والسكر والمرمية والقهوة فهذه أخذها من بيتنا وكان يشتري أغرضاً أخري حتى يتشجع الأشبال والشباب على الاعتكاف في ليالي رمضان وغيره وأيضا جهزوه بطاولة تنس للترفيه عن النفس وتنشيط أجسام الشباب , فالحمد لله هذا المسجد كان قريباً مجهزاً لا ينقصه شئ بفضل الله ... والله لقد أصبح من التائبين من الشباب والأشبال والمصلين والصائمين أكثر من ذي قبل بعد استشهاد محمود ..... فمحمود كان مدرسة والحمد لله ، أيضا محمود كان في فريق كرة القدم منذ الصغر في المدرسة ونمت هذه الهواية عنده في المساجد ، فكان الأشبال بعد الجلسات يمارسون لعبة الطائرة وكرة القدم والتنس من باب تقوية الأجسام والترفيه عن النفس .



      فالحمد لله يا ربي حمداً حمداً

      الحمد لك يا ربي حتى ترضى



      فمحمود ولدي تعلم في المساجد على موائد الإخوان المسلمين وكان قارئاً ممتازاً للقرآن صوته يشرح الصدر وكان محافظاً على صلاة الفجر باستمرار وصيام اثنين وخميس وازداد إيمانه هذا عنده أكثر فأكثر في الأشهر الأخيرة من حياته .



      المـرة الثانيـة : هذه المرة من تعرض محمود للموت عندما كان في الثانوية العامة أو في أول سنة له في الجامعة لا أذكر بالضبط إنما كانت في العطلة الصيفية حيث كان يعمل مع مجموعة من الشباب في بيت قائم للإنشاء ولازم يرفعوا رمل إلى الطابق العلوي في الدور الثالث وحينما كان محمود يضع الرمل في صندوق الرافعة ، يقوم بعد ذلك بسحب الصندوق إلى أعلى شاب آخر من فوق البناية ويفرغ الرمل منه ثم يقوم هذا الشاب على إنزال الصندوق بواسطة ربطه بحبل قوي ، وفجأة وإذا بالحبل ينقطع ويسقط الصندوق على ظهر محمود بكل قوة فسقط محمود مغشياً عليه وهنا تجلت عظمة الله وقدرته مرة أخرى ليحيا محمود سنوات أخرى من عمره ، فجاء إلى البيت لوحده بعد أن أفاق ، وكانت الساعة الثانية والنصف بعد الظهر وكنت نائمة واستيقظت على صوته وهو يسأل إخوته عن التأمين الصحي ليذهب إلى المستشفى، والحمد لله كانت ضربة الصندوق على الرقبة وأعلى الظهر وربنا سلم ، حيث أنه من قوة الضربة على منطقة الرقبة اللحم كان مقشوط ولون اللحم أبيض ويدعو للخوف ، وكنت أصب الدواء على رقبته وما كان يظهر لون الدواء المطهر من شدة البياض والحمد لله وبفضله ما كان في كسوراً أبداً ، يعني كانت معجزة . وبعد فترة طويلة من العلاج والراحة تعافى محمود وشفي بعون الله ورحمته .

      وفي إحدى المرات ومحمود كان يلعب في دوري المساجد في كرة القدم رجع إلى البيت ليلاً وكان هذا الكلام تقريباً قبل سنة أو أقل من استشهاده دخل محمود ويده تؤلمه من أثر ضربة قوية بالكرة أراد أن يصدها براحة اليد فأدت إلى قصع يده إلى الخلف فشعر بآلام شديدة ولم يذهب إلى المستشفى فانتظر إلى الصباح وذهب لينام في غرفته ولكنه لم يستطع النوم من شدة الألم ، فقلت له ممكن أن تكون مشعورة وبالفعل ذهب إلى المستشفى في الساعة الثانية والنصف في الليل لوحده مشياً على الأقدام رايح جاي حتى أنه لما رجع على البيت مع الفجر وبعد صورة الأشعة ظهر في يده كسر بسيط الحمد لله حيث وضع له الجبس في يده على أساس المراجعة بعد أسبوعين لرفع الجبس لكن محمود لم ينتظر سوى 5 أيام فقط لأنه كان في انتظار لعبة ثانية لكرة القدم وأخذ يقص الجبس لوحده بالسكين غير مبالٍ لما يحصل له من ألم بعد ذلك ، المهم عنده أن يلعب الدوري . محمود كان مدرباً في فريق كرة القدم في مسجد الأمان وإلى جانب ذلك كان يعطي جلسات للثانوية، وكان يزين المسجد في أيام العيد مع أصحابه وإخوانه من المجاهدين ، وبمناسبة ذكر العيد : آه بأي حالٍ ستأتي يا عيد . وأنا أقلب في مكتبة محمود وأفتح في كراساته وجدت هذه العبارة عن العيد يظهر أنه كتبها في ذكرى استشهاد صديقه وحبيبه " الشهيد مسلمة الأعرج " لأنه ما كان ينام إلا وصورة مسلمة أمام عينيه على الخزانة وكان يحب تعليق صور الشهداء في غرفته ، تقول هذه الآبيات :

      جاء العيد بحلله القشيبة وثيابه البهيجة

      ليهيج الأحزان ويعيد الذكرى ذكرى الشهداء

      يرحمك الله يا ولدي يا حبيبي وصبِرنا يا الله .



      محمود في السنة الماضية 2001م وفي العطلة الصيفية عمل مدرس فقه " من كتاب فقه السنة " في مخيم الجمعية الإسلامية لمدة شهر وكان أيضاَ يعطي فترة ترفيه للأشبال الكشافة ، فكان محمود كل يوم لما يرجع على البيت ويقول السلام عليكم ويكمل على طول بصوته المرح الفكاهي وهو يصفق بيديه ويقول :



      أديها ثلاثة ويصفق بيديه ثلاثاً

      وكمان ثلاثة ويصفق بيديه ثلاثاً

      وحد وحد خمس تشكر تشكر تشكر



      فما زالت ترن في أُذني هذه الفكاهات وهذا التصفيق من يدي محمود وأنا أكتب الآن حتى أنني عجزت أن أمسك نفسي من انهمار الدموع وأخذت أجهش بالبكاء وأنا أكتب وأحمد الله أنني الان لوحدي في البيت لآخذ راحتي في البكاء وأنا أنظر إلى صورته التي أمامي .



      اللهم أطفئ النار بالنور

      اللهم أطفئ النار بالنور

      اللهم أطفئ النار بالنور

      الله يرضى عليك يا مهجة قلبي

      الله يرضى عليك يا فلذة كبدي

      الله يرضى عليك يا حبيبي

      اللهم اجعل في قبره نوراً واجعله روضة من رياض الجنة ، اللهم اغفر لمحمود ولدي .

      وارفع درجته في المهديين

      واغفر لنا وله يا رب العالمين وأفسح له في قبره ونور له فيه .

      اللهم تقبله مع الشهداء واجمعنا معه في الفردوس الأعلى مع الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه والصديقين والأبرار .............آمين آمين يا رب العالمين .



      محمود كان دائماً يردد أمامي : " يامه كوني كالخنساء قدمت أربع شهداء " وكثيراً ما كان يناديني وأنا في المطبخ بأعلى صوته المرح ... يُما !!! أحسبه يريد مني شيئاً أقول نعم يا محمود ... فكان يكمل : يُما يُما لا تبكي البكا ما يفيد .... يما يما لا تبكي ابنك والله شهيد .... آه آه آه يا مه الوطن أمانة بيعه أكبر خيانة واللي باعه يا يما في النار يلقى المهانة . وأيضاَ وأنا أقلب في مكتبته وجدت الكثير الكثير بخط يده أبيات أخذت منها ولسان حاله يقول :



      فالنور كيف ظهوره إن لم يكن دمنا الوقود

      والقدس كيف نعيدها إن لم نكن نحن الجنود



      وأيضاً وجدت بخط يده قصيدة كبيرة جداً أخذت منها هذه الأبيات بعنوان :



      صرخـــة شهــــيد

      يا أمتي إن الجهاد وبالذين ترينهم أمر محال

      فجميعهم أبطال جعجعة أرانب في النزال

      وعلى صدورهم نياشين القتال ولا قتال

      رتب وتيجان لمن خاضوا المعارك في الخيال

      هذا العميد وذا العقيد وذا اللوا والمارشال

      والله إني لا أبالي أو أشاهر أو أغال

      لو ينطق التاريخ في أيامنا هذي لقال

      فليلبس القواد والضباط فستاناً وشال

      وليخلعوا تلك النجوم ويدفنوها في الرمال

      ولتركبوهم في الشوارع كالحمير والبغال



      وأيضاً وجدت قصيدة كبيرة جداً بخط يد محمود وهي من شريط قوافل الشهداء

      يــا راحليــن عن الحيــاة

      أمشي على جسر المخاطر حافياً

      وتثور أشواقي فأكتم ماضياً

      من أجل ديني قد هجرت دياريا

      وتركت أهلي في البلاد بواكيا

      حب الجهاد سرى بكل جوارحي

      أرخصت في درب الجهاد دمائيا

      أماه إن عز اللقاء تصبري

      ما كان قلبي يا حبيبة قاسيا

      لكن مثلي لا يقر قراره

      والجرح في جسد العقيدة داميا

      أماه دمعي قد تحدر جاريا

      لا تحسبي أني تركتك جافيا

      رحمك الله يا حبيبي



      في إحدى المناسبات اشتريت ثوباً فلاحياً جميلاً ولبسته وكان محمود جالساً في الصالون لكني قررت أن أرجعه إلى صاحبة المحل لأنه لم يكن معي باقي سعر الثوب وكان سعره 100شيكل وأنا ما معي إلا 50 شيكل فلما سألني محمود عن السبب قلت ما معي أكمل ثمنه فما كان منه الله يرضى عليه إلا أن قام إلى غرفته وأعطاني باقي الثمن لأنه كان يحب أن يراني بشكل جميل والله وكذلك كل أولادي الله يرضى عليهم .



      وأيضاً كان يهمه أن يراني دائماً بصحة جيدة لقد اشترى لي غسالة أوتوماتيك وبعد أقل من 5 شهور اشترى لي غسالة أخرى وتعلم كيف يصلحها لوحده فأحياناً كانت الغسالة لا تفرغ المياه وأحيانا أخرى تتعطل عن سحب الماء إلى الداخل فكان محمود يصلح أي شئ يتعطل فيها .. الله يا أمي يريحك في قبرك مع الحور العين ويفسحك لك في جنات النعيم مثلما كنت حريصاً على راحتي ، وازداد حبه لي أكثر قبل استشهاده بعدة اشهر ، فقبل استشهاده بأسبوع واحد فقط كان محمود يتناول طعام الغداء مع إخوته وقال لي تعالي يا أمي تغدي قلت له لقد سبقتكم فأفطرت وتغديت معاً قبل ساعة . فنهض محمود من مكانه وفي يده قطعة من اللحم وأطعمني بيده الطاهرة الشريفة وما رضي أن آخذها من يده بل أصر على أن يطعمني بيده داخل فمي ، إلهي يا أمي يا حبيبي يطعمك من ثمار الجنة .



      وفي نفس اليوم كان أحد اخوتي في زيارة لنا وجلس في الصالون معنا وكنا نطوي الملابس فسأل أخي وقال كل هذا غسيل؟ فقلت له هذه المرة تجمع عندنا بسبب قطع الكهرباء بكثرة . فقام محمود وهو يضحك وأخذ ينثر الملابس على رأس خاله يقول له : "إذا مش عاجبك تفضل " فانطلقت الضحكات وكان جو مرح وفكاهة وساعات لا تنسى والله محمود كان فاكهة الدار كنت دائماً أقول له أنت يا محمود فاكهة الدار إياك أن تنقطع من البيت ‍‍‍، فالحمد لله على كل حال ، محمود ما انقطع من البيت أبداً لقد ذهب ملبياً نداء ربه من قول الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل " الله يرضى عليك يا محمود والله إنك لم تمت فأنت حي ترزق عند الله فهذا يومك عند الله الذي وعد به الشهداء فاليوم في الجنة لا شغل ولاعمل ولا تعب بل هو يوم الجائزة والمكافأة والترف والنعيم وهدوء البال والسريرة مع الحور العين فهنيئاً لك يا حبيبي ، هنيئاً يا قرة عيني ، هنيئاً يا أغلى من نفسي .



      محمود عندما كان يصوم يومي الاثنين والخميس كان في غالب الأحيان يذهب ليفطر عند جدته كان يحبها جداً جداً ويقول اليوم أفطرت عند "ستي " وهي تسلم عليك وكثيرا كان يفطر عندها فأقول له أنت يا محمود تصوم من أجل أن تفطر عند "ستك "، كان يقول طبيخ "ستي" أزكى من طبيخك . ومرات عديدة أخرى كان يذهب إلى بيت أخته المتزوجة ويحمل لها الهدايا ولأولادها فكان يحبها جدا ومحمود حنون جداً ومهما كانت مشاغله في أيامه الأخيرة إلا أنه باستمرار يزور أخته وجدته ، ومحمود كان يحب الفطائر بالسبانخ واللحمة والبصل وكان يحب أن يأكل من أفراح الشهداء ، دخل البيت مرة وكانت الساعة الثانية ظهراً وقلت له أحضر لك الغداء يا محمود فقال لي اتغديت في عرس الشهيد فلان فقلت له يومها : "العاقبة لك إن شاء الله " انبسط جداً واستبشر وقال : " إن شاء الله "وقال بصوت عالٍ : " الله كريم " .



      دراسته الجامعية : محمود كان يحلم بعد أن يأخذ البكالوريوس أن يعمل لشهادة الماجستير وحتى الدكتوراه ليعمل موظفاً في الجامعة الإسلامية بعد أن يتخرج منها ويعطيها كما أعطته ، ولما كنت أتحدث معه عن الزواج ما كنت أجد عنده النية في ذلك ربما لأنه كان يفكر في شهادته الجامعية وبعد ذلك في الوظيفة وبعدها يبدأ التفكير في الزواج وكان يقول لي لما يتزوج أحمد ومحمد أولاً لأنهم أكبر مني وكل من عرف محمود في الجامعة من رفاقه كلهم كانوا يحبونه لأنه على خلق هادئ وكان يكره المتبرجات جداً ويستاء لهذه المناظر ويقول لي توجهي بالدعاء إلى الله أن يهدي شبابنا وبناتنا إلى الالتزام والمحافظة على دينهم ... والله يا أمي إني أشكر الله أنك أمي الحمد لله والله يا أمي إنك بركة وجدتي أيضاً بركة لكن أنا أحب "ستي" أكثر منك وأحب أكلاتها وكلامها لما أذهب عندها أقول لها أحك لي يا "ستي" عن أيام البلاد وكيف خرجتم من بلادنا فكانت تحكي لي عن خيرات بلادنا وانهم ما خرجوا منها بسهولة .



      والآن جاء دور المرة الثالثة :

      الحياة الجهادية وألم الفراق المر : حياة محمود الجهادية لا أعلم الكثير عنها إلا أنه جاءني قبل فترة وحدثني عن نيته بالالتحاق في ركب الشهداء والشهادة ووجهه مستبشر والفرحة تغمره وهو يقول ادع لي يا أمي فقلت : الله يرضى عليك ويسهل أمورك خير يا أمي ‍‍!! فقال لي بكل فرحة : شهادة شهادة " والله قالها وهو فرحان جداً وما أذكر في حياتي أن رأيت محمود بهذه الفرحة العارمة والنور في وجهه والله على ما أقول شهيد ، قالها لي وهو في قمة السعادة على أنه قٌبل ووقع الاختيار عليه وخرج وهو مسرور مبتهج وهو يردد " شهادة شهادة " فطلبت منه أن يسجل لي شريط قرآن بصوته الله يرضى عنه فسجل لي سورة يس لوحدها ، الحمد لله خير وبركة ، والله كنت أريد أن يسجل لي شريطاً كاملاً من القرآن على الوجهين ، فأخذت أدعو له من كل قلبي بالتوفيق حتى أنني اعتقدت أنه خارج وقتها لملاقاة العدو ،وأخذت أدعو له : ربنا يشرح صدره وييسر أمره ويسهل دربه ، فرجع محمود إلى البيت بعد ذلك وطلب منى أن أصور معه شريط فيديو فرفضت رفضاَ شديداً خوفاً من الرياء ، فأخبرني محمود أنه أيضاً رفض التصوير إلا أن مسئوليه أخبروه بأن هذا سيكون دفعة قوية للشباب والنساء إن شاء الله ويقوي قلوب الأمهات وعلى هذا الأساس وافقت على أن يكون هذا العمل خالصاً لوجه الله تعالى .



      وفي اليوم الثاني في حوالي الساعة 10.5 صباحاً ودعني وقبل يدي وقبل رأسي وقال لي أهم شئ دعاؤك ورضاك . فخرج وأحسست بالألم يعتصر قلبي ونظرت إليه وهو خارج فوالله ما إن ترك يدي وخرج تهيأ لي كما لو كان محمود طائراً !!! قدماه ما كانت على الأرض هكذا رأيته وخرج مسرعاً وقال السلام عليكم ومر عليَ اليوم وكأنه سنة وأنا أترقب وثاني يوم بعد صلاة المغرب وبعد ما انتهيت من الصلاة بحوالي نصف ساعة وأنا جالسة على سجادة الصلاة وأدعو له بالنصر والثبات وإذا بمحمود يقول السلام عليكم ...فرحت جداً لسماعي صوته وجاء إليَ وسألته فقال لي : ذهبنا إلى المكان ورأينا العروس وأهلها وغداً إن شاء الله سنذهب لدفع المهر !!!! فسألت ماذا حصل ؟ قال لم نجد يهوداً ؟ وثاني يوم أيضاً ودعني للمرة الثانية وقال لي : أنا خارج ولن أرجع فنزلت الدموع من عيني ورآني محمود فأدار بوجهه مسرعاً ولم يلتفت .. يا إلهي ما أصعب الوداع إلى الأبد !!! وبقيت أترقب طوال اليوم وفي الساعة 1.5 صباحاً عاد محمود إلى البيت ووجدني جالسة في الصالون ففرحت لرجوعه ، وسألته ما الخبر ؟ قال لم يأت يهود وقبل أن يذهب إلى غرفته لينام قلت له الله يرضى عليك يا محمود بعد الآن ما تودعني أنا ليل نهار أدعو لك وأي وقت يكون هناك مجال للعملية اذهب بصمت بدون وداع ، الله يرضى عليك ويوفقك في قتل أكبر عدد ممكن من اليهود ويبعد عنكم شر العملاء والجواسيس ويعمي عنكم أولاد الحرام ويعمي عنكم اليهود ويدب الرعب في قلوب اليهود ويرتعبوا منك وأنت شهيد ، يا رب لا تجعل اليهود يقدرون على المجاهدين ولا يقتربون منهم والحمد لله وأدعو يا رب ما تتركهم لوحدهم يا رب ملائكة من عندك يا الله تظلل عليهم وتحميهم بقدرتك يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله ... والحمد لله وقلت له يا محمود انتبه وتفقد سلاحك وأحذر وأنت تطلق الرصاص أطلق طلقة طلقة وما ترتبك حتى تبقى الذخيرة معك للآخر وقِو قلبك وربنا إن شاء الله يكون معك أنت ورفاقك وأكثر من الاستغفار وقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، طبعاً أقول له هذا الكلام وأنا على علم بأنه يعرف أكثر مني في هذه الأمور الدينية لكن سبحان الله لما يكون هذا الوعظ من الأم يكون أكبر دفعة ويكون ذا صدى في قلبه أثناء مواجهته للأعداء ويطمئن قلبه ويذهب وهو مرتاح ومبسوط لأن في قتل اليهود شفاء لصدور المؤمنين ، كان الشهيد عماد عقل يقول : " إن قتل اليهود عبادة نتقرب بها إلى الله " ، وأخذت بالصلاة والدعاء وأطيل في السجود وأنا أدعو الله بنجاح هذه العملية وأن ينصره الله هو ومن معه ويرزقه الشهادة في سبيله وأدعو لكل قيادات حماس والكتائب ولكل المجاهدين المسلمين في العالم بالنصر والثبات ، فنحن أمهات فلسطين نستمد الصبر والثبات أولاً وأخيراً من الله سبحانه وتعالى فبعدما زرت أم نضال فرحات وأم محمد حلس وبعد ذلك بأكثر من شهر زرت أم أدهم أبو شوقه في استشهاد ابنها الشبل " هيثم أسعد أبو شوقه " بتاريخ 18-4-2002م ورأيت ما رأيت من قوة الصبر والجلد ، فعندما سألت الأخت أم أدهم هل ذهبت إلى المستشفى لترى أبنك ؟ قالت : لا ولماذا أذهب ! قلت الله أكبر !! لو أنا محلك والله أذهب أجري من أجل أن أرى ابني فأخذت تتكلم كلام المرأة الصابرة وتقول : ها هم احضروا لها ابنها على البيت لتراه ، وأيضاً لما سألتها لماذا لا تلحقي باتباع جنازة ابنك ردت عليَ : أنه لا يجوز !! والله إني كنت أسأل حتى أتعلم من هؤلاء الصبر والثبات لأننا كلنا معرضون حتماً لهذه المواقف وأنا أستمع لأم أدهم وأعجب بهذا الصبر والثبات ، فهذا من رضى الله سبحانه وتعالى علينا بأنه لا إله إلا هو نسأله أن يتقبل أولادنا وفلذات أكبادنا شهداء ... فعندما استشهد ولدي محمود وقدرت أن اقتدي بهؤلاء الصابرات وأن لا أذهب إلى المستشفى وأيضاً أن لا اتبع جنازة ابني ... اللهم اجمعنا بهم في الجنة .



      آخر لقاء ( اللقاء الأخير ) :

      يوم الجمعة وقبل العملية بيوم دخل محمود البيت بعد صلاة الجمعة وجلس في الصالون في انتظار عودة إخوته من الصلاة ليتناول معهم آخر وجبة غداء وأحضرت أخته له كوباً من عصير البرتقال وأثناء جلوسه على الكرسي كان يعبث في حبيبات في وجهه فلقد كانت بارزة بشكل واضح جداً أكثر من ذي قبل ... فقلت له يا محمود يا حبيبي لا داعي للعب في وجهك ، لقد كانت بارزة وتؤلمه وهو يقول ليس مهماً ؟ سبحان الله يوم استشهاده كانت بشرته ناعمة ووجهه صافياً جداً وما فيه أي أثر لحب الشباب الذي كان يملأ وجهه والحمد لله كان وجهه مشرقاً ومنوراً وعندما حضر باقي أولادي واجتمعنا سويةً ووضعنا السفرة وتناول محمود الغداء مع إخوته وأخواته وبعدها شربنا الشاي معاً وجلسنا طويلاً وكنت أنظر إلى أولادي بكل فرح ولكن بداخلي ألم وأنا أنظر إلى محمود ، لكن لا أحد يشعر بي إلا محمود والحمد لله على كل حال , وبعد ذلك خرج أولادي إلى صلاة العصر وذهبت أنا إلى عقد قران أخي ورجعت في المساء وكالعادة بدأنا نجهز أنفسنا لصلاة العشاء ومن ثم تناول وجبة العشاء وكل ذهب إلى فراشه لينام ومحمود لم ينم في البيت هذه الليلة وصباح السبت صحوت من نومي على رؤيا في الصباح .. لقد رأيت في منامي شيخاً وسيماً مرتب الثياب يجلس أمامي ويقول لي إقرأي قرآن ... فقلت : له : ماذا أقرأ ؟

      قال : إقرأي ما شئت ؟ قلت : سأقرأ من سورة يس . ثم قلت : لا سأقرأ من سورة الملك .

      فقال لي : حيثما شئت إقرأي .فبدأت أقرأ هكذا

      أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

      بسم الله الرحمن الرحيم

      " تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شئ قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم آيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور .. الذي خلق سبع سماوات طباقا ـ ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ، ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير ، وصحوت من نومي وأنا أكمل ... ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح ... فقلت ما شاء الله الحمد لله أنا أقرأ القرآن .. وكان وقتها الساعة السابعة إلا الربع فحكيت هذه الرؤيا لابنتي المتزوجة وقلنا اللهم اجعله خيرا وبعد ذلك بثلاث ساعات وفي الساعة العاشرة إلا الربع دخل محمود البيت قائلاً السلام عليكم ، وعليكم السلام ،فسألته أحضر لك فطوراً يا محمود قال لي أفطرنا كثير كثير أكثر مرة أكلنا فيها ووضع جوَاله على ظهر البوفيه في الصالون ونام محل فراش أخته وكان محمود في هذه المرة متعباً جداً وكأنه لم ينم منذ زمن ولم يأكل منذ فترة وكان النعاس في عينيه شديداً جداً فأشفقت عليه من هذا العناء وهذا السهر ، فدعوت له من كل قلبي وأنا أنظر إليه وهو نائم وأنا أقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، يسلم لي ها الطول يا محمود يا حبيبي ، وقلت والله أعلم أن هذه آخر نومة لمحمود !!! وتوجهت إلى ربي بالدعاء وأنا أنظر إليه وهو نائم وأخذت أدعو : يا رب محمود تعب وفقه ، يا الله بعملية ناجحة وفقه يا رب ، يا إلهي إذا خرج لعملية في هذه المرة وفقه في قتل يهود أكبر عدد ممكن وارزقه الشهادة في سبيلك ، وكنت أدعو له من كل جوارحي ومن كل قلبي وبصدق أن ينام نومة أبدية مع الحور العين في جنات النعيم وارزقه الفردوس الأعلى مع الرسول صلى الله عليه وسلم مثلما كنت تتمنى يا محمود وأدعو وأقول يا الله يا الله يا الله وبكل إخلاص كل هذا الدعاء والتوسل إلى الله وأنا أنظر إلى محمود وهو نائم وبعد ذلك دخلت المطبخ أجهز الفطور لأطفال ابنتي بينما كانت هي مع صغارها في الحمام وفجأة وبعد 10دقائق فقط من نوم محمود رن الجوال فأسرعت لأقفله حتى لا يصحو من نومه إلا أنه نهض مسرعاً مع أن نومه ثقيل جداً لكنه في الأيام الأخيرة له أصبح نومه خفيفاً ويصحو بسرعة . وأخذ الجوال وذهب إلى غرفته مسرعاً ثم خرج وهو خارج من غرفته كانت ابنتي وهي طالبة في الجامعة أصول دين كانت تكوي نقابها في الصالون فوق لتذهب إلى الجامعة فسألت محمود وهو خارج من غرفته ما هو المقرر مع جزء الأحقاف ؟ ( مقاصد أي سورة ) فقال لها مقاصد سورة الأحزاب . كأنه كان هذا أخر كلام لمحمود مع أخته وقال لها السلام عليكم وخرج مسرعاً ، هي لم تنتبه ولم تكن تعلم أن خروج أخيها هذا سيكون آخر مرة دون أن يعود . لكنها رأت وجهه مستبشراً فرحاً ، فلما سمعت نبأ استشهاده لاحقاً عرفت أن هذا الإشراق الذي رأته في وجه أخيها غير عادي فهو خارج لملاقاة الحور العين . وبقيت أنا طوال النهار وأنا أدعو الله له بالتوفيق والشهادة ، لقد كان عندي إحساس شديد بأن هذا اليوم هو يوم الفراق الأليم وأخذت أشغل نفسي مع صغار ابنتي تارة وتارة أخرى أجلس لوحدي وأدعو لمحمود بالنصر والشهادة ، فيا سبحان الله كل مرة لما كان محمود يودعني قبل خروجه للعملية كنت أصعد إلى غرفته وافتح الباب وأقف داخل الغرفة وأنظر فيها !! وعلى فكرة محمود لما كان في غرفته كانت سجادته دائماً مفروشة محلها على الأرض ما كان يرفعها أبداً . كل ما أدخل غرفته من أجل أن أنظفها كنت أترك السجادة في محلها حتى يوم استشهاده كانت لي رغبة شديدة أن أطلع فوق على غرفة محمود وأصلي ركعتين شكر لله على سجادة محمود إلا أن بناتي لما تأكدن من خبر استشهاد محمود بعد منتصف الليل ذهبن إلى غرفته وغيرن معالمها خوفاً عليَ فنقلن المكتبة إلى الجهة الثانية ونقلن خزانة محمود أيضاً وغيرن مكانها ورفعن السجادة عن الأرض ورتبن ملابس محمود التي كانت على الكرسي والمهم غيرن نظام ترتيب الغرفة بالكامل ، وأنا لا أعلم . فالحمد لله تلقينا نبأ استشهاد محمود بكل فخر واعتزاز وصبر وثبات وفرحة عارمة لأنه نال ما تمناه وهو الفوز بالجنة وبالحور العين ، طبعاً هذه الفرحة ممزوجة بألم الفراق المرير ، وفي حوالي الساعة الثالثة إلا الثلث صباح يوم الأحد أخذ الشباب يكبرون في الشوارع ومن ثم المساجد بأن الشهيد هو محمود حسن العابد ، فالحمد لله وإنا لله وإنا إليه راجعون ، قلتها أنا وبناتي وأولادي وبكت بناتي بكاءً ممزوجاً بالفرحة بشهادته تارة وتارة نبكي لألم الفراق ولما صحا والده تلقى الخبر بالصبر والثبات .



      رحمك الله يا محمود يا حبيب قلبي يا فلذة كبدي ، والله إنك غالٍ جداً علينا يا محمود يا حبيبي أغلى عندي من عمري يا عمري وفراقك آلمني ... عظم الله ساعة الفراق .



      لكن هذا هو قدرنا فوالله إن الذي يشد من عزمنا وصبرنا وثباتنا هو أنك يا ولدي حي ترزق عند الله بإذنه تعالى في جنات الخلد مع الحور العين .. وربنا يجمعنا معك أنا وأخوتك وأخواتك وجدتك وأخوالك المحبين لك وكل أحبائك وأصدقائك وكل من عرفوا طريق المساجد وأصحاب حلق الذكر والجلسات الذين اهتدوا بفضل الله ورحمته على يديك يا حبيب قلبي ... ربنا يجمعنا سوياً معك ومع كل هؤلاء في جنات الخلد مع الرسول صلى الله عليه وسلم ومع الصديقين والصالحين والشهداء والأبرار هناك حيث لا فراق ... اللهم أمين . فنم قرير العين يا ولدي

      وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

      أم أحمد

      تعليق


      • #4
        رد : من عنده صورة للشهيد محمود العابد فى هذه الذكرى العطرة يرسلها هنا .. انها ذكراه الطيبة

        رحم الله الشهيد وأسكنه فسيح جناته

        اللهم ألحقنا به شهداء

        تعليق


        • #5
          رد : من عنده صورة للشهيد محمود العابد فى هذه الذكرى العطرة يرسلها هنا .. انها ذكراه الطيبة

          يذكر أنه قتل ثلاثة جنود صهاينة وجرح 3 آخرين في هجوم مسلح شنه الاستشهادي محمود العابد في مغتصبة "دوغيت" بتاريخ 15/8/2002.

          تعليق


          • #6
            رد : من عنده صورة للشهيد محمود العابد فى هذه الذكرى العطرة يرسلها هنا .. انها ذكراه الطيبة

            ام احمد تحكى عن ابنها الشهيد :

            Explorez l'actualité, la culture riche et l'histoire fascinante de la Palestine sur PALESTINE-INFO.COM. Des articles informatifs, des analyses approfondies et des témoignages pour comprendre et apprécier cette terre.


            رحمه الله

            تعليق


            • #7
              رد : من عنده صورة للشهيد محمود العابد فى هذه الذكرى العطرة يرسلها هنا .. انها ذكراه الطيبة

              رحمك الله يا ابا الحسن
              كنت انت وعماد ابو قادوس كروحين في جسد

              وهاهو عماد قد لحق بك الى الجنان قبل عام في نفس الشهر ونفس اليوم

              انتم السابقون وانا ان شاء الله بكم لاحقون

              تعليق


              • #8
                رد : من عنده صورة للشهيد محمود العابد فى هذه الذكرى العطرة يرسلها هنا .. انها ذكراه الطيبة

                والدة الشهيد محمود العابد بين ملصقات صور الشهداء في غرفة الشهيد محمود

                تعليق


                • #9
                  رد : من عنده صورة للشهيد محمود العابد فى هذه الذكرى العطرة يرسلها هنا .. انها ذكراه الطيبة

                  بارك الله فيكم

                  تعليق

                  جاري التحميل ..
                  X