[align=justify]هذا تلخيص لكتاب ماذا يعني إنتمتئي للدعوة للشيخ محمد عبده قدرني الله على تاخيصه أسأله تعالى القبول والنفع بما أقول
ما هي علامات الانتماء الصادق؟ وماذا يعنى انتمائي لدعوتي؟
أولاً: أن أكون ملماً بالظروف التي نشأت فيها دعوتي:.
في فترة عصيبة مرت على الأمة الإسلامية كانت تعيش فيها الأمة تحين نير الاحتلال والاضطهاد, كانت دول الغرب تعيش في جو من التقدم والتطور والازدهار في كل المجالات, تلك الحالة التي مرت على الأمة من الضياع والجهل متزامنا ذلك مع الرقي في دول الغرب الكافر, جعل ضعفاء النفوس من المسلمين يتطلعون للاقتداء بالغرب, تزامن ذلك مع تفتح قوى الغرب لضرب المسلمين وتشريدهم فما كان إلا أن أدخلوا عاداتهم وتقاليدهم إلى بلاد المسلمين, إلى جانب نشاط الحملات التبشيرية ضد المسلمين, تلك الأحداث وغيرها جعلت العالم الإسلامي يعيش في ذيل القافلة بعد أن كان قائدا لها على مدى ألاف السنين.
كانت تلك الأحداث وغيرها سبباً في انتفاضة جذوة الغيرة على الإسلام في قلب الإمام البنا الذي كان منذ صغره مهموماً بواقع أمته, والذي دعاه ذلك الواقع إلى إنشاء الكثير من الجمعيات التي تحارب المنكر وتدعو إلى الفضيلة والأخلاق.
وسط هذه العواطف الجياشة, والحماسة الملتهبة في قلب الإمام الشهيد, والحب الشديد للإسلام, الغيرة عليه, كان لا بد من بداية العمل, والبدء في خطوات عملية تكون بداية الانطلاق,وكان المسجد هو المكان الطبيعي الذي يجب أن يتجه إليه كل مسلم وضع نفسه في هذه المكانة. فلم يتردد الإمام الشهيد الذي بدأ يتحرك في اتجاه المقاهي والزوايا الصغيرة والذي أدى في النهاية إلى تأثر الكثير من أحاطوا به وسمعوه على المقاهي.
وسط هذه الحالة المظلمة, وتلك الأجواء غير المستقرة, نشأت الدعوة وتأسست, وكانت الدعوة السلفية والطرق الصوفية هما المتصدرين للعمل الإسلامي في ذلك الوقت, وكانت الخصومة محتدة بينهما..
حتى جاءت دعوة الإخوان المسلمين والتي تدعو إلى شمول الإسلام على كل شيء.
يقول الإمام الشهيد رحمه الله:.
"لهذا وفقت نفسي ونشأت على غاية واحدة هي إرشاد الناس إلى الإسلام حقيقة وعملاً, ولهذا كانت فكرة الإخوان المسلمين إسلامية بحتة في غايتها وفي رسائلها لا تتصل بغير الإسلام في شئ".
ثانياً: أن التعرف على أي عقيدة تنبني دعوتي!!!
تختلف الدعوات وتتعالى الصيحات, ولكل منها عقيدة تقوم عليها, وركائز تستند إليها, هذه العقيدة هي التي تحركها وتحدد أهدافها ومبادئها, ولقد اختار الإمام البنا عقيد الإسلام الذي ارتضاه الله للمسلمين ديناً ليقيم عليها دعوته, ويجدد من خلالها أهدافه, ويضع على أساسها وسائله.
والفكر الإخواني الذي أسسه الإمام الشهيد حسن البنا فكر إسلامي مستنير يرتكز على الإسلام, ومنه يستمد عقيدته, وله يجاهد الإخوان, وفي سبيل إعلاء كلمته يعملون, ولعزته يجاهدون, ولا يعدلون غيره نظاماً ولا يرضون سواه إماماً ولا يطيعون لغيره أحكاماً.
الإمام البنا وكيف تعامل مع العقيدة:
إننا حقاً لا نبالغ إذا قلنا إن الإمام البنا عانى كثيراً في توضيح فكرته الإسلامية ومحاولاته العديدة لإقناع المسلمين أنفسهم بصلاح الإسلام كمنهج لقيادة ـ ليس المسلمين فحسب ـ بل لقيادة العالم بأسره, ولعل هذا ما دفعه للتحدث عن الحلول الفعالة لدى المنهج الإسلامي لمشاكل المسلمين.
فالقرآن تحدث عن المؤمنين ولم يتعمق في التعريفات النظرية للإيمان, فمثلا قال تعال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً}.فالله سبحانه وتعالى يريد أن يعلمنا أن الإيمان ذلك الشيء العظيم لا ينبغي له أن يتوقف عند مجرد تعريفات نظرية تحفظ وتدرس للناس وتحشى بها عقولهم ليس لها حظ أو نصيب من العمل أو التطبيق على أرض الواقع, ولهذا كان الحديث عن المؤمنين في القرآن وليس الإيمان.
ركائز الإمام البنا:.
1ـ العودة بالمسلمين إلى المصدرين الرئيسيين في التلقي وهما القرآن والسنة.
2ـ التأكيد على النظرية الشمولية للإسلام, والتي تدعو لعدم تضخيم جزء منه على حساب آخر.
يقول رحمه الله: "إن الإخوان يهتفون بدعوة, ويؤمنون بمنهاج, ويناصرون عقيدة, ويعملون في سبيل إرشاد الناس إلى نظام اجتماعي يتناول شئون الحياة جميعاً اسمه الإسلام.
3ـ الإعلان الدائم للآخرين بأن الإسلام كنظام شامل لكل نواحي الحياة يملك حلولاً لمشاكل البشرية, صعبت تلك المشاكل أم سهلت, كثرت أم قلت, وبهذا كان يرد الناس إلى دينهم.
وفي ذلك يقول الإمام البنا: "لقد آمنا إيمانا لا جدال فيه, ولا شك معه, واعتقدنا عقيدة أثبت من الرواسي وأعمق من خفايا الضمائر بأنه ليس هناك إلا فكرة واحدة هي التي تنقذ الدنيا المعذبة وترشد الإنسانية الحائرة وتعدى الناس سواء السبيل".
جهاد الدعوة من أجل العقيدة:.
اعتمد الإمام البنا في إقامة دعوته على أساس العقيدة السليمة, التي جعل سلامتها من الأشياء الأساسية عند المنتمى إلى الدعوة وجعلها في مقدمة صفات عشر يؤمن بها أبناء دعوته فاشترط أن يكون سليم العقيدة صحيح العبادة.
ولأن ميدان القول غير ميدان العمل, فلقد حرصت الدعوة على ترسيخ معاني العقيدة في نفوس أتباعها, ومحاربة كل ما يخالفها, وحرصت أيضاً أن يكون ذلك عملياً لا نظرياً, وتلك بعض من الأصول والقواعد التي دعت إليها الدعوة:
1ـ دعوتنا دعوة التوحيد, والمعروفة الحقة بالله تعالى, فهي تدعو إلى عدم الانحراف عن أصول العقيدة الصحيحة.
2ـ دعوتنا تؤكد أن القرآن والسنة هما المصدران الرئيسيان للتلقي للمسلمين.
3ـ دعوتنا ترفض الدجل, والشعوذة, وادعاء معرفة الغيب, مما يخالف العقيدة, ويزعزعها.
4ـ دعوتنا تحارب البدع وتعمل على إزالتها.
5ـ دعوتنا تحب الصالحين وتثنى عليهم, وتشهد لهم بالكرامة بشرائطها الشرعية.
6ـ دعوتنا تؤمن بالإسلام كمنهج حياة, وترضى به حكماً لها في كل شئونها ولا ترضى بغيره قائداً,
7ـ دعوتنا تجعل العقيدة أساس العمل ومنطلقه, وتقدم عمل القلب على عمل الجارحة.
ثالثاً: أن أكون مقتنعا بالغاية والهدف والوسيلة من دعوتي:.
إن الإعجاب بالدعوة والانبهار بها لا يكفى لأن يصبح انتماء الفرد إليها انتماء حقيقاً إيجابياً, فلا يعقل أبداً أن ينتمي فرد ما إلى دعوة ـ أي دعوة ـ دون أن يعلم غاية هذه الدعوة وأهدافها ووسائلها...
ولذلك فإن أول شيء يجب أن يفعله صاحب هذه الدعوة أن يدرسها؛ فيتعرف على غاية دعوته, فإذا عرفت الغاية من الدعوة. لا بد من النظر في أهدافها ووسائلها وخطواتها, فإذا تم الاقتناع بالغاية والهدف والوسيلة فلا بد من العمل الجاد المتواصل.. للوصول إلى الغاية المنشودة.
ولقد نجح الأعداء في مخططهم بإسقاطهم الخلافة الإسلامية ـ رمز الوحدة عند المسلمين ـ وتمزيق دولة الخلافة إلى دويلات متنازعة متفرقة لا تسمع لها صوتاً إلا في سب بعضهم بعضاً... ولا ترى لشجاعتهم وقوتهم مكاناً إلا في محاربتهم بعضهم البعض.
أهداف فردية خاصة:.
وهناك أهداف تخص كل فرد على حدة يجب أن يسعى إلى الوصول إليها وتحقيقها في نفسه والعمل على تأصيلها بداخله, وأول هذه الأهداف: "إصلاح نفسه حتى يكون قوى الجسم, متين الخلف, مثقف الكفر, قادراً على الكسب, سليم العقيدة, صحيح العبادة, مجاهداً لنفسه, حريصاً على وقته, منظماً في شئونه, نافعاً لغيره, وذلك واجب كل أخ على حدة".
وثاني تلك الأهداف: البيت المسلم والأسرة المسلمة الملتزمة.
وثالث تلك الأهداف: إقامة المجتمع المسلم المترابط, الذي يحب بعضه بعضاً, ويؤثر بعضه بعضاً.
أهداف جماعية عامة:.
وحتى يتضح الطريق وتظهر معالمه أمام سالكيه كان حرص الإمام الشهيد على توضح أهداف الدعوة العامة التي يود الوصول إليها؛ حتى يكون المنتمي إلى الدعوة على بينة من أمره, فهو يسير في أهدافه الفردية الخاصة وعينه على الأهداف العامة التي تنشدها دعوته.
أهمية وضوح الهدف عند الإمام حسن البنا:.
ولوضوح الهدف لدى المنتمى إلى الدعوة دور كبير في تحقيقه والوصول إليه, وهذا ما كان يؤكد عليه الإمام البنا رحمه الله في كل أحاديثه واجتماعاته, فلا يكاد يخلو حديث من أحاديثه, أو رسالة من رسائله دون أن يعرج على تلك الأهداف, لأنه لا معنى لحركة أو دعوة تمشى وتسير دون خطة معلومة ومدروسة نحو أهدافها الموضوعة والمعلومة لدى الجميع, حتى لا تسير نحو أهداف مجهولة غامضة, بل لا بد دائماً من التأكيد على: ماذا نريد؟ وإلى أين المسير؟
ففي رسالة إلى شئ ندعو الناس يقول رحمه الله:. "مهمتنا سيادة الدنيا وإرشاد الإنسانية كلها على نظم الإسلام الصالحة وعالميه التي لا يمكن بغيرها أن يسعد الناس".
وفي رسالة بين الأمس واليوم يقول: شهد الله أننا لا نريد شيئاً من هذا, ما لهذا عملنا ولا إليه دعونا. ولكن اذكروا دائماً أن لكم هدفين أساسين:
1ـ أن يتحرر الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي.
2ـ أن تقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة تعمل بأحكام الإسلام وتطبق نظامه الاجتماعي وتعلن مبادئه القويمة وتبلغ دعوته الحكيمة الناس.
وفي اجتماع رؤساء المناطق يقول:.
1ـ تصحيح فهم المسلمين لدينهم.
2ـ ثم جمع المسلمين علمياً على مبادئ كتابهم الكريم بتجديد أثره البالغ القوي في النفوس.
3ـ ثم خدمة المجتمعات وتنقيتها بمحاربة الجهل والمرض وتشجيع البر والنفع العام في أيه صورة.
4ـ ولن يشعر أحد العزة والكرامة ويتذوق طعم الحياة الكريمة إلا إذا شبع بطنه واستغنى عن غيره,
5ـ وإذا كانت هذه الأهداف جمعياً لا تتحقق إلي في ظل الدولة الصالحة... فكان لا بد أن تطالبوا بحق الإسلام في إقامة الحكومة التي ترتكز على أصوله وأحكامه وتعاليمه.
6ـ فمن دعوتكم أيها الإخوة الأحبة أن تساهموا في السلام العالمي وفي بناء الحياة الجديدة للناس بإظهارهم على محاسن دينكم وتجلية مبادئه وتعاليمه لهم.
ولما كانت كل الأهداف والمقاصد والغايات المرحلية السابقة إنما هي أهداف سامية ومقاصد عالية وغايات عظمية, قد لا تروق للأنظمة والحكومات, وما يتبع ذلك من مشقة وتعب ونصب وتضحية وإيذاء في سبيل الوصول إلهيا ونيل تلك المقاصد, فإن الغاية الكبرى التي تعمل من أجلها الدعوة هي إرضاء الله عز وجل ولهذا كان شعار الدعوة: الله غايتنا.
وسائل الدعوة:.
تقوم هذه الوسائل على أركان هامة, وأسس متينة, منها ما يتعلق بمنهج الدعوة كعمل منظم, ومنها ما يتعلق بزاد الدعاة على الطريق.
فأما الأول: فهو يتناول منهج الدعوة وواجب العاملين وعلاقتهم بالقيادة, يقول الإمام الشهيد: "أما الوسيلة التي وعدتك الكلام عليها فهي أركان ثلاثة تدور عليها فكرة الإخوان المسلمين:
أولهاـ المنهاج الصحيح.
وثانيهاـ العاملون المؤمنون.
وثالثهاـ القيادة الحازمة الموثوق بها.
وأما الثاني: وهو ما يتعلق بزاد الدعاة على الطريق, فقد اعتمدت الدعوة الإيمان كزاد حقيقي وقوة دافعية ووسيلة قوية للاستمرار والعطاء, ولهذا وضح الإمام البنا الطريق فقال: "كيف نصل على الأهداف؟ إن الخطب والأقوال: والمكاتبات والدروس والمحاضرات وتشخيص الداء ووصف الدواء كل ذلك وحده لا يجدي نفعاً ولا يحقق غاية ولا يصل بالداعين إلى هدف من الأهداف, ولكن للدعوات وسائل لا بد من الأخذ بها والعمل لها.الوسائل العامة للدعوات لا تتغير ولا تتبدل ولا تعدو هذه الأمور الثلاثة.
1ـ الإيمان العميق. 2ـ التكوين الدقيق. 3ـ العمل المتواصل.
وسائل عملية لا نظرية:
والدعوة حينما تمضى في طريقها فهي تؤثر العمل على الخطب, لأنها توقن بأن الخطب والأقوال والكتابات والمحاضرات, وإن كانت هامة وضرورية, إلا أنها لا تستطيع الوصول بمفردها إلى نتيجة, ولا تحقق وحدها هدفا.
وسائلنا العامة:.
وللدعوة وسائلها العامة التي تكسب من خلالها الأنصار وتهيئ القاعدة العريضة من الناس لهذا الخير العظيم الذي نسعى إليه, وفي ذلك يقول الإمام رحمه الله: "أما وسائلنا العامة, فالإقناع ونشر الدعوة بكل وسائل النشر حتى يفقهها الرأي العام ويناصرها عن عقيدة وإيمان, ثم استخلاص العناصر الطبية لتكون هي الدعائم الثابتة لفكرة الإصلاح...
رابعاً: أن أكون محيطاً بمنهج الدعوة ولوائحها وقوانينها:
والإحاطة والمعرفة بمنهج الدعوة ولوائحها وقوانينها يعطى لمن ألم بهما أفقاً واسعة, ومساحة كبيرة للتحرك بهذه الدعوة, وخاصة إذا حيل بينه وبين الاتصال بقياداته, فإلمامته بالمنهج وضوابطه, وقوانين ولوائح الدعوة المسبقة ستحدد له الأطر العامة التي سينطلق بها, وسيعلم حدود حركته: متى يتوقف, ومتى يواصل السير, وفي أي الاتجاهات يسير.
والإحاطة بالمنهج, ومعرفة منبعه, تُعتبر ضرورة من ضروريات الانتماء الصادق للدعوة, إذ كيف أنتمي إلى دعوة لا أعرف منهجها وبرامجها!! فعلى أي أساس كان انتمائي لها؟!
خامساً: أن أكون ملتزماً بموقف دعوتي من غيرها من الدعوات:.
وموقفنا من الدعوات المختلفة التي طغت في هذا العصر ففرقت القلوب, وبليت الأفكار, أن نزنها بميزان دعوتنا, فما وافقها فمرحباً, به, وما خالفها فنحن براء منه, ونحن مؤمنون بأن دعوتنا عامة محيطة لا تغادر جزءاً صالحاً من أية دعوة إلا ألمت به وأشارت إليه.
الوطنية:. كثير من الناس يشككون في وطنية الإخوان وأبناء الدعوة الإسلامية, يعتبرون تمسكهم بالإسلام مانعاً إياهم من حبهم لأوطانهم والعمل لها والتضحية من أجلها.
الإمام البنا يصحصح المفاهيم:.
ـ إن كان دعاة الوطنية يريدون بها حب هذا الأرض وألفتها والحنين إليها والانعطاف نحوها, فذلك أمر مركوز في فطرة النفوس من جهة, مأمور به في الإسلام من جهة أخرى.
ـ وإن كانوا يريدون أن الواجب العمل بكل جهد في تحرير البلد من الغاصبين وتوفير استقلاله له, وغرس مبادئ العزة والحرية في نفوس أبنائه.
فنحن معهم في ذلك أيضاً, وقد شدد الإسلام في ذلك أبلغ التشديد فقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ}
ـ وإن كانوا يريدون بالوطنية تقوية الروابط بين أفراد القطر الواحد وإرشادهم إلى طريق استخدام هذه التقوية في المصالح, فذلك نوافقهم فيه أيضا ويراه الإسلام فريضة لازمة.
خلاصة القول:
لأن الإسلام فرض على كل إنسان أن يعمل لخير بلده.. ويتفاني في تقديم الخير لأمته, لذلك كان المسلم هو أحرص الناس على وطنه.
يقول الإمام الشهيد:. "ومن هنا كان المسلم أعمق الناس وطنية وأعظمهم نفعاً لمواطنيه, لأن ذلك مفروض عليه من رب العالمين, وكان الإخوان المسلمون بالتالي أشد الناس حرصاً على خير وطنهم وتفانياً في خدمة قومهم, وهم يتمنون لهذه البلاد العزيزة المجيدة كل عزة ومجد, وكل تقدم ورقي, وكل فلاح ونجاح.
الإخوان والدول الأوروبية:. الإسلام فرض على المسلمين أن يكونوا أئمة في ديارهم, وسادة في أوطانهم, بل ليس ذلك فحسب, بل إن عليهم أن يحملوا غيرهم على الدخول في دعوتهم والاهتداء بأنوار الإسلام التي اهتدوا بها من قبل. ومن هنا يعتقد الإخوان المسلمون أن كل دولة اعتدت وتعتدي على أوطان الإسلام دولة ظالمة لا بد أن تكف عدوانها, ولا بد من أن يعد المسلمون أنفسهم ويعملوا متساندين على التخلص من نيرها.
صفات واجب توافرها في المنتمي لجماعة الإخوان:
1ـ الأيمان العميق:.
الربانية هي الدافع الحقيقي لأفراد الدعوة, وهي من الخصائص المميزة بها, و اللازمة لها, ولا خير فيها ولا بركة في أعمالها إن لم تسمع إلى تأصيلها في القلوب, وتحقيق تلك الصفة فيهم, فأصل الدعوة أنها قائمة على ابتغاء مرضاة الله؛ فشعارها الله غايتنا.
الربانية والوصول إلى النصر:. الدعوة تسعى إلى النصر على الأعداء والتمكين لدين الله في الأرض, ولن يتأتي ذلك إلا بالقرب من الله, والإيمان بالله, والإيمان الحق به, فمن أسباب حاجتنا إلى الربانية: التمكين لدين الله وتلقى نصره.
الداعية والعبادات:. الداعية لا غنى عن الربانية أثناء سيره في الطريق, فالداعية الحقيقي هو العابد لله, الخاضع الطائع له, المتذلل لعظمته. والتقصير في العبادات وبخاصة الفرائض تعنى الضياع لصاحب الدعوة, فهذا يعنى فقدانه خلف القدرة على الطريق, إذ كيف يدعو الآخرين إلى الله وهو ناسيه, أو مقصر في حقوقه عليه, والعبادات وفي مقدمتها الفرائض التي تزيد الإيمان في القلب.
2ـ الإرادة القوية:.
يتخيل البعض أن اختيار راية الجهاد والقتال في سبيل الله من المفترض أن يقابله معية خالصة من الله تعالى... ونزول الملائكة المسومين للقتال بجانب المؤمنين... وإلحاق الهزيمة الماحقة بالأعداء... وهذا قد يكون صحيحاً ولكن بعد اجتياز وتخطى العقبات... التي من خلالها يتبين صدق الرغبة في الجهاد والقتال... وينتصر فيها المرء على نفسه أولاً...
ـ لماذا اختبارات الإرادة للأمة المجاهدة؟
ـ إن الأهمية القصوى للنجاح في اختبار الإرادة للأمة المجاهدة تكمن في أن النصر لا يتنزل إلا على فئة مؤمنة.. استعلت بإرادتها على رغبات النفس وأهوائها...فالفترة التي تسبق النصر دائماً هي فترة انكسار وذل وضعف واستسلام بعد هزيمة ساحقة منيت بها الأمة التي ترغب في الجهاد وتغير الوضع... وأمة ذلك حالها يجب أن تتنصر أولاً على نفسها وتقوى إرادتها في التغيير.
لا تكن من هؤلاء:
أ. {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ}.
ب. ممن كره الله انبعاثهم فثبطهم: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ}
ت. ممن أحبوا الدنيا وآثروها على الآخرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}.
وكن من هؤلاء:.
أ. {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ}.
ب. {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}.ٍ
ت. {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}.
4ـ القدوة الحسنة للغير:.
القدوة هي الأسوة, ونعنى بها في طرًيق الدعوة: أن يجمع المنتمى إلى الدعوة (الداعية) إلى سلامة معتقدة وقوة إيمانه حسن خلقه, وعلو همته, وأن يجمع إلى سعة علمه حسن فقه العمل به والدعوة إليه, والصبر على ذلك كله والثبات عليه.
فالقدرة الصالحة هي التي تحول الكلمات الجوفاء إلى أفعال وحقائق, والأقوال الصماء إلى وواقع, فلقد ذم القرآن أناسا يأمرون غيرهم بالبر وينسون أنفسهم {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ}.
ومن المؤهلات الهمة التي يعتبر المنتمى إلى الدعوة في حاجة إليها في طريقه داخل الصف, لين الجانب, والتآلف مع إخوانه على الطريق, وألا يكون من أصحاب الطبيعية التصادمية التي تفتعل المشاكل مع الآخرين, أو لا يستطيع احتواءهم, يقول تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} فالغلظة والقسوة تتنافي مع اللين والرحمة واجتماع القلوب التي يجب أن يتصف بها صاحب الدعوة, فاستنهاض الهمم يلزمه البشاشة في الوجه والصفح والاستغفار والمشاركة في الرأي.
فكيف نكسب ود الآخرين؟!
أ. تعرف جيداً على إخوانك: "تعرف إلى من تلقاه من إخوانك, وإن لم يطلب منك ذلك".
ب. لا تفرض نفسك عليهم: ولا سيما في الأمور التي تعتبر بمثابة خصوصية لديهم.
ج. لا تكثر من نقدهم: النقد الكثير لمن حولنا يتنافي مع الرغبة في كسب ودهم.
د. عاملهم بما تحب أن يعاملوك به: الحب يعنى العطاء أولاً ثم حصاده ثانياً.
هـ. تجنب غيبتهم: لكل إنسان إيجابياته وسلبياته, فلا يوجد على ظهر الأرض أحد منزه عن العيوب.
و ـ التمس لهم الأعذارِ: علمنا الإسلام أن نلتمس لإخواننا الأعذار حتى سبعين عذراً.
ى ـ لا تعبس في وجهوهم: "تبسمك في وجه أخيك صدقة ".
6ـ السرية والكتمان:
ومن احتياجات الطريق أثناء السير فيه, والتي لا غنى للدعوة عنها السرية والكتمان, ذلك أن الباطل يتربص بها, وينتظر الثغرة التي ينقذ منها إلى داخل الصف بحثاً عن وسيلة لاختراقها وإفشال مخططاتها وبرامجها, بل والقضاء عليها إذا تمكن من ذلك.
السرية والكتمان يحفظان الصف:.
تحفظ السرية والكتمان الصف من الداخل ومن الخارج, فمن الداخل عندما يعلم أبناء الدعوة أن أسرارهم مصانة, وخصوصياتهم التي أباحوا بها لإخوانهم في جو من صدق الأخوة والأمان لم تتعرض للتشهير أو التفشي, فإن هذا كله من شأنه أن يزيد الثقة بين أبناء الدعوة, ويمتن الصف ويزيده قوة وصلابة ويصعب اختراقه من الأعداء. أما من الخارج فإنها وسيلة كبرى للتصدي للأعداء ومباغتهم بأعمال وبرامج الدعوة, فلو اكتشفوها فسوف يعملون على تخريبها وإفشالها.
فوائد السرية والكتمان:
ـ إفشال خطط الأعداء في تعقب أبناء الدعوة وملاحقتهم.
ـ تحقيق السلامة لأبناء الدعوة من الماكرين المتربصين بها.
ـ قوة الثقة بين أبناء الدعوة, وعدم اهتزازها, ما يزيد الصف صلابة ومتانة.
ـ توفير مناخ قوى للتربية والتكوين بتركيز الجهود في هذا المجال, بدلاً من تضييعها وتشتيتها.
ـ إلقاء الرعب في صدور الأعداء بعدم معرفتهم قوة الدعوة مما يجعلهم يحسبون لها ألف حساب.
7ـ الوفاء الثابت:
الوفاء يكون لعهد أو بيعة, وما في عنق صاحب الدعوة من عهود أبرمها وعقود عقدها, ما أشفقت الجبال و الأرض والسماوات من حملها. والبيعة موثق وعهد يُعطيه صاحب الدعوة طائعاً مختاراً لربه, متسلماً لمشيته, مدافعاً عن دنيه. والوفاء الثابت مناط الاستقامة والثقة.
دعوة الإسلام قامت على الوفاء:
أقام النبي دعوة الإسلام, على عهود ومواثيق أقامها مع كل من أمن بدعوته, طلب منهم الوفاء بها وعدم نقضها. ومن نماذج الوفاء في الدعوة الأولى موقف سيدنا خبيب بن عدي أثناء صلبه والأعداء يعذبونه ويقولون له: أتريد أن يكون محمد مكانك وأنت معافى في أهلك؟ فيرد عليهم: لا أحب أن يُشاك محمد بشوكة وأنا معافى في أهلي.
الوفاء والولاء:
المنتمى إلى الدعوة يعلم أن وفاءه لدعوته ضرورة من ضروريات الاستمرار في الطريق, فأهل الإيمان بعضهم من بعض يحمل ضعيفهم, ويعطف كبيرهم على صغيرهم: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
من صور الوفاء للدعوة:
أ ـ تحقيق معنى الأخوة والوفاء بمتطلباتها, وأداء حقوقها وعدم انتهاك حرماتها.
ب ـ التفاني في أداء المهام والتكاليف التي تحملني الدعوة إياها.
ج ـ الثقة التامة في قادتي والسمع والطاعة لهم, ومناصرتهم, وخفض الجناح لهم.
د ـ الالتزام باللوائح والقوانين فيها, وعدم خرقها والحرص على عدم تجاوزها.
هـ ـ الثقة التامة في المنهج الذي تبنته دعوتي, الذي هو منهج الإسلام العظيم.
8ـ الاعتقاد بأن الدعوة لا ترضى بغير الدم ثمناً لتحمل تبعاتها.. ولم لا والدعوة قامت أول ما قامت على تضحيات معتنقيها...
ربح البيع أبا يحيى:
وقد يعترض الظالمون أصحاب الدعوة فيُلجئونهم إلى الهجرة وترك الأوطان, ويجد صاحب الدعوة نفسه مشرداً بعيداً عن الأهل والأصدقاء وأماكن الطفولة والنشأة, فلا مانع من ذلك كله عنده ما دام في سبيل الله, فلا معنى لانتماء لا يدفع صاحبة على التضحية من أجل هذا الدين, ولم لا وقد أخرج النبي من بلده مكة وهي أحب البلاد إليه.
9ـ أن يكون حريصاً على وقته.
الوقت هو الحياة, وهو أغلى ما يملكه صاحب الدعوة, فالوقت رأس ماله. إن أهدره فإنما يُهدر عمره ويضيعه عبثاً, ومن لوازم وضروريات المنتمى إلى الدعوة أثناء سيره في الطريق حرصه على الوقت كحرصه على حياته سواء بسواء, فنعمة الوقت لا تقدر بثمن لذا وجب عليه استغلالها وتوظيفها واستثمارها لتحقيق الغاية والوصول على الهدف, وغاية المنتمى إلى الدعوة هي "الله" وهدفه هو إعادة سلطان الله في الأرض بتحكيم شرعه.
نصائح:.
ـ خطط لأعمالك اليومية وحدد مهام بعينها لإنجازها.
ـ ضع تلك المهام في مفكرة أطلق عليها (مفكرة الأعمال اليومية) ثم ضعها في جبيك.
ـ كن واقعياً عندما تحدد مهامك, ولا تحمل نفسك فوق طاقتها, وأعرف قدراتك الشخصية.
ـ سارع وبهمة عالية إلى تنفيذ مهامك واحذر التسويف.
10ـ أن يكون منظماً في شئونه:
الواجبات أكثر من الأوقات, هكذا تعلمنا, فصاحب الدعوة يختلف عن غيره من الناس إذ أن له اهتمامات وأعباء أخرى تضاف إلى اهتمامات عامة الناس, ولن يستطيع صاحب الدعوة التوفيق بين هذه المتطلبات إلا إذا تحققت فيه تلك الصفة العظيمة التي جعلها الإمام البنا ـ رحمه الله ـ إحدى صفات عشر لا بد لصاحب الدعوة أن يتصف بها, حيث طالبه رحمه الله: "أن يكون منظماً في شئونه" وشئونه هنا نكره لتشمل كل شأن من شئونه, فهو في حاجة أن يوازن بين متطلبات حياته من مأكل ومشرب وعلاقات عائلية, وبين متطلبات دعوته من لقاءات ومؤتمرات, ودروس ومحاضرات.
وصية:
قبل أن تعتذر أخي صاحب الدعوة عن أداء واجبات قد كُفلت بها, أو أعمال حُملتها, أو أن ينطق لسانك بشكوى أو أنين, أنصحك أن تقف لحظة مع نفسك وتراجع أداءك, واعرض نفسك على تلك الأسئلة, التي ستبين لك الطريق, وتدلك على موطن الداء الذي إن عالجته, وقومته ساعدك ذلك في أداء مهامك.
ـ هل هناك أوقات مهدرة لم تستفد منها؟
ـ هل كنت تُدير أوقاتك بطريقة صحيحة؟
ـ هل رتبت واجباتك وأعمالك المكلف بها حسب أهميتها؟
ـ هل أنت متوازن في أدائك لتلك الأعمال بمعنى هل هناك أعمال تستهويك فتعطيها أكثر من وقتها؟
أظنك لو أجب عن تلك الأسئلة بتجرد وصدق من النفس ستستطيع أن تتعرف على نقاط الضعف وتتجاوزها بإذن الله.
الواجبات العملية:
وهنا تتجلى الإيجابية في حياة الداعية, فمن مظاهر ضعف الانتماء: التراخي في أداء الواجبات العملية التي تتطلبها دعوته, فتكون توجيهات الدعوة في واد والمنتمي إليها في واد آخر, فهي تدعو الناس إلى الخير وتنهاهم عن الشر ويكون هو مانع الخير فاعل الشر. تدعو الناس إلى إصلاح الفرد لنفسه فإذا به تارك لنفسه العنان فلا يفكر في تهذيبها أو تأديبها, تأمره الدعوة أن يهتم ببيته ليكون البيت المسلم فيكون بيته ملاذ الشياطين فلا يُقرأ فيه القرآن, ولا يؤمر فيه بمعروف أو نهي عن منكر...
المخلصين العاملين:
بعض من الواجبات العملية التي لا ينبغي لصاحب الدعوة أن يُفرط فيها أو يقصر في أدائها.
أولاً: أن أكون فرداً إيجابياً داخل دعوتي: المنتمى إلى الدعوة انتمي إليها بمحض إرادته, مختاراً غير مجبر, ولم يفُاجأ بين يوم وليلة أنه أصبح من أبنائها, وعلم ما هو المطلوب منه وما هو دورة ووظيفة داخلها.
1ـ طاعة لله ورسوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}
2ـ حب الناس والخوف عليهم من النار:
{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}
3ـ أداء واجب الدعوة والهروب من إثم التقصير:
{وَالْعَصْرِ إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} 4ـ الطمع في الأجر والثواب:
يقول : "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر الخير".
5ـ الأعذار إلى الله:
{وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}
6ـ انتشار الفساد وتكاثف الظلمات وشيوع المنكرات تدفع الدعاة أصحاب الدعوة دائماً إلى بذلك ما في الوسع للإصلاح.
7ـ نشاط أهل الباطل لإضلال الناس, والكيد لأهل الحق وملاحقتهم.
8ـ كثرة الواجبات وقلة الأوقات تدفع المنتمين إلى الدعوة إلى استغلال الطاقات لتنفيذ هذه الواجبات.
لا تكن سلبياً:
فإن من المشاكل الضخمة والتي قد تعاني منها الدعوة إذا لم ينتبه أبناؤها لها ويعملون على علاجها"صفة السلبية", فانتظار صاحب الدعوة التكليف بالعمل هو في حد ذاته سلبية كبرى, ففرضية أنه جندي يحفظ مكانته في الجندية وهو رهن إشارة مسئوليه هو افتراض غير صحيح, فلربما قدر المسئولون تقديراً خاطئاً من المسائل, بينما صاحب الدعوة (غير الذاتي) وغير الإيجابي يرى سلبياتها رأي العين, ولكنه عاجز عن تقديم النصح, ويقول في نفسه:
هل أنا أكثر دراية من المسئول؟
بالتأكيد أنهم أدرى منى بالخطأ والصواب؟
ثم إن أحد لم يطلب منى المشورة؟
وهو بذلك يفترض افتراضات ليس لها أصل, وليس فيها مصلحة لا للدعوة ولا له.
ثانياً: أن أكون مستعداً لأداء الواجب المالي تجاه دعوتي:
إن أعباء وأعمال وأنشطة الدعوة من أعمال الجهاد, وقد تكون حاجة الدعوة إلى المال أكثر من حاجتها على الرجال, لذا فإن علامات الانتماء الصادق المبادرة إلى البذل والعطاء وبسخاء على تلك الأعمال.
خاصة إذا حرم الفرد الجهاد بنفسه وحيل بينه وبين ذلك, يقول ابن تيمية: "ومن عجز عن الجهاد ببدنه, وقدر على الجهاد بماله, وجب عليه الجهاد بماله".
من أين المال؟
لكي تنجح الدعوة لابد لها من حركة... ومن ضروريات الحركة ولوازمها: المال: لذلك لا بد من ممول للدعوة كي تستمر وتُحقق أهدافها بنجاح, ولن تنجح دعوة بخل أتباعها عن التبرع لها, وفيم الأتباع إذا لو بخلوا عن دعوتهم بالمال؟ ولعل السؤال الشائع من أين ينفق أصحاب الدعوة؟ وأنّي لهم المال اللازم لدعوة نجحت وازدهرت؟
يقول الإمام الشهيد (مجيباً): "وإني أجيب هؤلاء بأن الدعوات عمادها الإيمان قبل المال, والعقيدة قبل الأغراض الزائلة, وإذا وجد المؤمن الصحيح وجدت معه وسائل النجاح جمعياً, وإن من مال الإخوان المسلمين القليل الذي يقتطعونه من نفقاتهم ويقتصدونه من ضرورياتهم, مطالب بيوتهم وأولادهم, ويجودون به طيبة نفوسهم, سخية به قلوبهم, يود أحدهم لو كان له أضعاف أضعافه فينفقه في سبيل الله, فإذا لم يجد بعضهم شيئاً تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون".
التبرع للدعوة: التبرع المالي للدعوة ليس إجبارياً ولكنه سيظل مقياساُ قويهً ودليلاً قاطعاً على صدق الانتماء إلى الدعوة فلا معنى لانتماء لا يدفع صاحبه إلى التربع لحمل دعوته, اللهم إلا إذا كان هذا الانتماء صورياً غير جدي.
ثالثاً: أن أكون ملتزماً باختيارات الجماعة الفقهية فلا خيرة لي فيها:
إن ما يحكم الجماعة سوء نظامها الداخلي, ولائحتها التنفيذية وأمورها التنفيذية منذ نشأتها ونظرتها للأمور المختلف فيها فقهياً, بين الإمام البنا إن هذه الأمور تخض للجماعة دون غيرها, لأنه مصالحها المعتبرة وليست من القطعيات يلتزم بها غيرنا شرعاً, ولا يستطيع بوجه أن يخالفها أو يجتهد فيها.
أما المسائل الفقهية التعبدية المختلف فيها والتي قال فيها الإمام النووي: "المختلف فيها لا إنكار فيه" فإن كانت هذه المسائل فيما يتصل بالعبادات والشعائر الشخصية, فليس للجماعة أن تتدخلا فهيا, فهذه أمور تعبدية فردية لكل فرد أن يختار ما ترتاح إليه نفسه ويطمئن إليها قلبه, ويقتنع هبا علقه من آراء وأحكام المذاهب المعتبر. ما دام هذا الحكم لا يتصل بحركة الجماعة ولكن بعبادته الفردية.
أما في الأمور التعبدية الشخصية فيقول ابن تيمية: "إن ما فيه خلاف إن كان الحكم المختلف فيه يخالف سنة أو إجماعاً وجب الإنكار عليه, وكذلك يجب الإنكار على العامل به, وإن كانت المسألة ليست فيها سنة ولا إجماع فالاجتهاد فيه مذاهب فإنه لا ينكر على المخالف سواء كان مجتهداً أو مقلداً. وكل مسلم لا يستطيع أن يخالف ذلك فهي الأمور الثابتة شرعاً سواء للفرد أو للجماعة.
رابعاً: أن التزم بالوسائل التربوية التي وضعتها الدعوة لتكويني:
ـ المحاضن التربوية:. والمحاضن التربوية هي الركيزة الأساسية والوسيلة الثابتة التي لا غنى عنها في تربية أفراد الدعوة, فهي التي تستمد منها قوتها لمواجهة أعدائنا والمتربصين بها, كما أنها المحضن الرئيسي الذي يتربى فيها الأفراد ويأخذون قسطهم الروحي وزادهم الفكري من خلالها, وهي حلقة الوصل بين الأفراد ورؤسائهم في تلقي واستقبال التكاليف والأعباء.
أداء واجبات المحاضن التربوية:
ولكي تنجح الأسرة لابد من أداء أركانها المحددة والاجتهاد في الوصول على هذه الأركان بأفضل صورة, أما أركان هذه الأسرة فهي التعارف والتفاهم والتكافل.
أولاً: التعارف: والوجبات والأعمال التي تكفل نجاج هذا الركن:
1) استشعروا معنى الأخوة الصحيحة الكاملة فيما بنيكم.
2) واجتهدوا أن لا يعكر صفو علاقتكم شيء.
3) وتمثلوا الآيات الكريمة دائماً والأحاديث الشريفة واجعلوها نصب أعينكم {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}.
ثانياً: التفاهم: والواجبات والأعمال التي تكفل نجاح هذا الركن:
1) فاستيقموا على منهج الحق.
2) وافعلوا ما أمركم الله به واتركوا ما نهاكم عنه.
3) حاسبوا أنفسكم حساباً دقيقاً على الطاعة والمعصية.
4) لينصح كل منكم أخاه متى رأى فيه عيباً.
5) وليقبل الأخ نصح أخيه بسرور وفرح.
6) وليحذر الناصح أن يتغير قلبه على أخيه المنصوح بمقدار شعرة.
7) أن يتستر عليه شهراً كاملاً ولا يخبر أحد إلا رئيس الأسرة وحده إذا عجز عن الإصلاح.
8) ثم لا يزال على حبه لأخيه وتقديره إياه ومودته له.
9) وليحذر المنصوح من العناد والتصلب وتغير القلب على أخيه الناصح قيد شعرة.
ثالثا: التكافل: والواجبات والأعمال التي تكفل نجاج هذا الركن:
1) فتكافلوا وليحمل بعضكم عبء بعض.
2) فليتعهد بعضكم بعضاً بالسؤال والبر.
3) وليبادر إلى مساعدته ما وجد إلى ذلك سبيلاً.
4) وتصوروا قول رسول : "لأن يمشي أحدكم في حاجة أخيه خير له من أن يعتكف في مسجدي هذا شهراً".
ـ الكتائب: نظام الكتائب نظام فريد مبتكر, ولعل الأستاذ المرشد قد اشتقه من اجتماعات دار الأرقم بن أبي الأرقم, حيث كان رسول الله يجمع المؤمنين به في ذلك الوقت المبكر ـ وكانوا قلة ـ فيبثهم ما عنده, ويقضى إليهم بذات نفسه ويأخذهم بأسلوب من التربية الروحية العالية, حتى خرج من تلك الدار المتواضعة من كانوا أعلام الهدى ومن حملوا شعلة النور الإسلامي فأضاءوا بها جنات الدنيا.
خامساً: الثقة واحترام القيادة في أيِّ من مواقع المسئولية:
التشكيك في قرارات القادة والمسئولين عن الدعوة من العلامات الكبرى لضعف الانتماء, لأن هذا التشكيك دائما ما يصاحبه سوء الظن في تفسير الأقوال والأفعال التي تصدر عنهم, فيؤدي في النهاية إلى التباغض والتقاطع والانشقاق, مما يؤدي إلى إضعاف الصف والفشل في مواجهة الأعداء.
والثقة بالقيادة, هي كل شيء في نجاح الدعوات. فإذا ضعف الانتماء قلَّت الثقة وتصدع بنيان الدعوة وأنهار وإذا ضعف الانتماء كثرت المتاعب والصعاب, وفشلت الدعوة في الاتفاق على قرار واستحال تحقيق أهدافها. فلو صدق الفرد في ثقته بدعوته وقادتها لاستشارهم في قضايا الدعوة والتربية. ولاستجاب لأوامرهم ولبادر إلى تنفيذ واجبات الدعوة.
سادساً: أداء واجبات الأخوة:
والأخوة حصن متين من حصون المنعة والحفظ من التفرق وشق الصف, ذلك لأنه إن لم يكن أبناء الدعوة الواحدة على قلب رجل واحد لانقسم الصف واهتز البنيان, وتزلزل الكيان, ولذلك ناجي الإسلامي أصحابه ومتبعيه فقال لهم: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}
يقول الإمام الشهيد: "يحرص الإسلام على تكوين أسر من أهله يوجههم إلى المُثل العليا ويقوى روابطهم, ويرفع أخوتهم من مستوى الكلام والنظريات إلى مستوى الأفعال والعمليات.
احترام غيبة الأفراد داخل الدعوة: إطلاق اللسان ليخوض في أعراض الناس وينهش لحومهم أشد خطراً من إطلاق العنان للشهوة المادية من طعام أو شراب, لأن خطر الأول وآثاره تمتد فتحرق الآخرين وتؤذي سمعتهم, وتجعلهم نهبة لغير ذوي المروءة والصون ومراقبة الله.
وأخيراً... يجب مراعاة الآتي عند تعاملنا مع الكلمة سواء بالسماع أو النقل عن الآخرين:
1) عرض الأمر على القلب واستفتاء الضمير.
2) التثبت بالدليل والبينة.
3) تقديم الظن الحسن قبل الظن السيئ في الأمور التي تحتمل وجهين.
4) الاستشارة قبل المبادرة بالاتهام.
5) استحضار الأضرار والعواقب الناتجة عن تناقل الكلام عن الآخرين.
6) عدم أخذ الأمور بخفة واستهتار.
7) إعلان براءة ساحة المتهم البريء.
8) الأخذ على أيدي كل من تناول الخبر ونشره.
9) التحذير من العودة إلى مثل هذا الأمر.
سابعاً: المشاركة والتواجد في الأنشطة الجماعية العامة:
ينبغي لصاحب الدعوة أن يخلص نفسه من جواذب الأرض بعدم التخلف عن أي نشاط من أنشطة دعوته العامة, أو أن يقلل من شأنها, أو يُعطي لنفسه المبررات بالقعود والتخلف عنها بحجة أنها عامة أو أن حضوره ليس ضرورياً. فالعمل على إنجاح أنشطة الدعوة مسئولية كل فرد فيها, والإحجام عن المشاركة فيها زهد في الأجر والثواب, بالإضافة إلى خسارة الدعوة من ذلك الإحجام وفشل أنشطتها, فكيف تنجح دعوة, وينتشر فكرها, وأبناؤها محجمون عن العطاء والبذل والتضحية لها.
ثامناً: متابعة أخبار الدعوة قراءة وسماعاً داخلياً وخارجياً:
ومن الواجبات العملية التي يجب على صاحب الدعوة أن يحرص عليها, ويهتم بها, ويُعطيها جزءاً من وقته, متابعة أخبار دعوته, وآخر تطورات الأحداث من حولها, والتي تؤثر في مسيرتها, سواء بالسلب أو الإيجاب, فكيف أنتمي إلى دعوة لا أعرف أخبارها, فالمؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
من أين أستقي الأخبار؟: والمصدر الرئيسي لاستقاء أخبار الدعوة ومعرفة أهم الأحداث التي تدور من حولها, نشراتها الإخبارية الموثقة, والتحليلات المعتمدة هي تلك التي تأتيني من قادتي ورؤسائي, فلا ينبغي أن أبني رأيا أو أتخذ قرار بسماع خبر في إحدى القنوات الفضائية, أو قراءة آخر في صحفية عادية, فمعروف أن أعداء الدعوة الكارهين لها يبثون سمومهم وجلّ غضبهم في تلك الوسائل في محاولة لزعزعة صف الدعوة, وإحداث البلبلة والقلاقل بداخلها, فمثلاً يوردون على لسان قادتها ورموزها كلاماً يخالف مبادئ الدعوة وأهدافها ووسائلها لإلصاق التهم بها, وإحداث تباين في الرؤى, وفتنة بين أبناء الصف الواحد.
محذورات يجب على أبناء الدعوة اجتنابها:
1ـ تجنب إثارة الخلافات والفرقة: يقول الأستاذ مصطفى مشهور رحمه الله: ومن صور الانحراف إثارة الخلاف والفرقة داخل الصف بما يساعد الشيطان أن يجد مجالاً للتباغض والحواجز بين الإخوة, وصرف الجهود والأوقات حول الخلافات وأسبابها وإزالة آثارها, ويترتب على ذلك تعطيل الإنتاج وربما الفشل والعياذ بالله, قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
2ـ نبذ الجيوب "الضرارية". وأقصد بالجيوب الضرارية تلك المجموعات الصغيرة التي تعصبت لأرائها ورفضت الرأي الآخر,أو لم يعجبها آراء القادة والمسئولين داخل الدعوة فكونت جبهة للمعارضة انتصاراً لرأيها وتصيداً لأخطاء القادة والجنود ضغطا على مخالفيها وإحراجهم.
3ـ التصلب للرأي والتمسك به: فإذا ضعف الانتماء اعتد الفرد برأيه وتمسك به, وظن أنه على الحق وغيره على البطل, أو صواب وغيره الخطأ, يريد من كل الناس أن تسير وفق رأيه, وأن ينصاعوا لتحليلاته والاستجابة لرؤيته المحدودة... وإلا فالقعود عن العمل هو البديل... وترك الدعوة هو الحل الوحيد, فإذا لم يستجيب له أحد ولم يؤخذ برأيه فحينئذ تكون الحرب التي لا هوادة فيها, فالنقد والانقلاب على الدعوة ومخالفيه, يطعن فيهم وينال منهم ويجعل من لحومهم غذاء له في كل أوقاته.
4ـ الجدل والمراء:وليس من قصدي أن أسترسل في بيان المراحل التي يمضى فيها الجدل, حتى ينتهي إلى حقد وبغضا, وتدابر وتقاطع, وإنما ندل الأخ على ربح قيم مضمون.. فقد قال : "إني زعيم ـ أي كفيل ـ بيت في وسط الجنة لمن ترك المراء وهو محق, وبيت في أرباضها لمن تركه وهو مبطل" فإذا كنت ترى أن الحق معك أو عليك فاعلم أن الرسول يمد يده بهذه الضمانة.
5ـ تقديم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة ـ إذا ما تعارضتا: والفرد المنتمي إلى دعوة هو الوحيد الذي يستطيع أن يقدم إحداهما على الأخرى, وفي أي فريق يريد أن يضع نفسه, في فريق العاملين المضحين أم في فريق الكسالى المتفلتين, فالدعوة في غنى عن فضل أوقات معتنقيها, فإما في الصدارة والمقدمة أو لا, إذا إن الدعوة الإسلامية المنتمون إليها ينتمون رغبة فيها لا رهبة منها ويسعون إليها مختارين غير مجبرين.
يقول الإمام الشهيد: "فهي دعوة لا تقبل الشركة إذ أن طبيعتها الوحدة فمن استعد لذلك فقد عاش بها وعاشت به ومن ضعف عن هذا العبء فسيحرم ثواب المجاهدين ويكون مع المخلفين ويقعد مع القاعدين, ويستبدل الله لدعوته به قوماً آخرين", {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}
6ـ الاعتذار المتكرر عن حضور اللقاءات الدورية اللازمة للفكرة: فاللقاء الدائم هو الذي يربط الجنود بقيادتهم, وهو الذي يمد الأفراد والجنود بالثقة بالنفس, ويشحذ عزائمهم على الاستمرار في هذا الدرب, يأتي الصحابي لدار الأرقم فيخبر إخوانه ونبيه محمد ما عاناه في هذا اليوم, وما جرى معه من نقاش, وما استمع إليه من آراء, وما أدلى به من حجة, فيقوم إمام المربين عليه الصلاة والسلام بالتوجيه المناسب له, يثنى على موقفة أو يصححه, أو يأمره بتركه.
شروط الاعتذار الصادق:
ـ الاعتذار الصادق يصحبه نصح وتوجيه للمشاركين في الجهاد.
ـ ألا يكون الاعتذار هو الصفة السائدة للمعتذر.
ـ أن يصاحب ذلك الاعتذار حزن داخلي على فوات الخير...
7ـ التطلع للقيادة والثقة الزائدة بالنفس: الجندية شرف عظيم لكل من التحق بالدعوة.. فأساس الالتحاق أنه ابتغاء مرضاة الله.. والرغبة الشديدة في نيل رضاه... كما أنه الوسيلة الأساسية للعمل للإسلام, ولأن الدعوة تدعو أول ما تدعو إليه لإقامة دولة الإسلام والتمكين لها في الأرض, والتصدي لأعدائها والوقوف في وجه الطغيان, فكان لزاماً على الجميع أن يكونوا رجال دعوة وجند عقيدة في أي موقع داخل الصف سواء كان قيادتاً أو جندياً.
8 ـ عدم وضوح الرؤية: ومن احتياجات السير في هذا الطريق وضوح الرؤية التامة لطبيعة الطريق ومنعطفاته وضوحاً لا لبس فيه ولا غموض, فإن الوضوح من شأنه أن يزيد من ثبات السائرين فيه, فمما لاشك فيه أن وضوح الرؤية لمعالم الطريق من بدايته ستجنب سالك الطريق القعود أو الانحراف عندما تعترضه بعض العقبات أو المنعطفات, بل ستزيده اطمئناناً وثقة عندما تصادفه وستكون معلماً من معالم صحة السير في الطريق.
صفات وسمات رجل الدعوة:
صاحب الدعوة رجل إيجابي: "إن الداعية روح مفعم بالحق والنشاط والأمل واليقظة, فمهمته العظمي أن يرمق الحياة بعين ناقدة وبصر حديد, حتى إذا رأي فتوراً نفخ فيه من روحه ليقوى, وإذا رأى انحرافاً صاح به ليستقيم".
صاحب الدعوة قوي الإرادة: "...على حين أنه إيمان مُلتهب مشتعل قوى يقظ في نفوس الإخوان المسلمين, ظاهرة نفسية عجيبة نلمسها ويلمسها غيرنا في نفوسنا نحن الشرقيين أن نؤمن بالفكرة إيماناً يخيل للناس حين نتحدث إليهم عنها أنها ستحملنا على نسف الجبال وبذل النفس والمال واحتمال المصاعب ومقارعة الخطوب حتى ننتصر بها أو تنتصر بنا".
صاحب الدعوة رجل معطاء: "وكم أتمنى أن يطلع هؤلاء الإخوان المتسائلون على شباب الإخوان المسلمين, وقد سهرت عيونهم والناس نيام, وأكب أحدهم على مكتبه من العصر إلى منتصف الليل عاملاً مجتهداً ومفكراً مجداً.
صاحب الدعوة رجل مضحِ: "قليل من الناس من يعرف أن الداعية من دعاة الإخوان, قد يخرج من عمله في القاهرة عصر الخميس, فإذا هو في العشاء بالمنيا, يحاضر الناس, وإذ هو في صلاة الجمعة يخطب بمنفلوط, فإذا هو في العصر يحاضر في أسيوط, وبعد العشاء يحاضر بسوهاج, ثم يعود أدرجه فإذا هو في الصباح الباكر في عمله بالقاهر قبل إخوانه الموظفين.
صاحب الدعوة رجل ذو همة عالية: "وإن الأمة التي تحيط بها ظروف كظروفنا, وتنهض لمهمة كمهمتنا, وتواجه واجبات كتلك التي نواجهها, لا ينفعها أن تتسلى بالمسكنات أو تعلل بالآمال والأماني.
صاحب الدعوة رجل حكيم: فصاحب الدعوة حكيم في تصرفاته, وترتيب أولوياته, فهو يقدم الأهم على المهم, ويركز في دعوته على العقائد قبل العبادات, والأخلاق والفرائض قبل المندوبات والنوافل, ودرء المفاسد على جلب المصالح.
صاحب الدعوة رجل اجتماعي: الإنسان اجتماعي بطبعه يتعامل مع من حوله..ويتكيف معم ويخالطهم.. ويتأثر بهم ويؤثر فيهم.. ويأخذ منهم ويعطيهم.. ومهما حاول الإنسان أن ينطوي على نفسه وينزوي بعيداً عن الناس.. فسوف يأتون إليه وتفرض عليه معاملاتهم ومخالطتهم.
صاحب الدعوة يوظف الإمكانيات المتوافرة لديه: فصاحب الدعوة القائد رجل فطن.. ويتميز بالذكاء... ولا يقبل بالسلبية... ولا يستسلم للشخصية الانعزالية... ولا يقبل بالبطالة وسط أبناء دعوته.. فهو يوظف كل الطاقات... ويستفيد من كل الإمكانات المتاحة صغيرة كانت أم كبيرة.
صاحب الدعوة يؤثر العمل دائماً: فصاحب الدعوة يؤمن بالمعادلة الرياضية التي تقول:
انتماء حقيقي = مظاهر عملية
يقول الإمام الشهيد: "وقد خالف هذا النظام القرآني غيره من النظم الوضعية والفلسفات النظرية, فلم يترك مبادئه وتعاليمه نظريات في النفوس, ولا آراء في الكتب, ولا كلمات على الأفواه والشفاه, ولكنه وضع لتركيزها وتثبيتها والانتفاع بآثارها ونتائجها مظاهر عملية, وألزم الأمة التي تؤمن به وتدين له بالحرص على هذه الأعمال.
واجبات عملية لمن آمن بالدعوة:
"يتصل الأخ بالإخوان فيكون مطالباً بتطهير نفسه, وتقويم مسلكه, وإعداد روحه وعقله وجسمه للجهاد الطويل الذي ينتظره في مستقبل الأيام, ثم هو مطالب بأن يشيع هذه الروح في أسرته وأصدقائه وبيئته, فلا يكون الأخ أخاً مسلماً حقا حتى يطبق على نفسه أحكام الإسلام وأخلاق الإسلام, ويقف عند حدود الأمر والنهي التي جاء بها رسول عن ربه".
هؤلاء هم أبناء الدعوة: لتعرف من هم أبناء الدعوة حسبك أن تزور نادياً من أنديتهم لترى عيوناً أذبلها السهر, ووجوهاً أشحبها الجهد, وجسوماً أضناها النصب, وأخذ منها الإعياء على أنها فتية بإيمانها, قوية بعقيدتها, وشباناً يقضون ليلهم إلى ما بعد انتصافه مكبين على المكتب أو عاكفين على المناضد وأترابهم في لهوهم وأنسهم ومتعتهم وسمرهم. ورب عين ساهرة لعين نائمة وإنما نحتسب ذلك عند الله ولا نمتن به, {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
وفي الختام أسأل الله أن يجعلنا من أبناء دعوته, وأن يجعلنا من المجاهدين المخلصين العاملين لدينه, وصلى الله علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.[/align]
تعليق