إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مقال رائع جدا ليس من رأى كمن سمع يا "آفي ديختر" !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقال رائع جدا ليس من رأى كمن سمع يا "آفي ديختر" !

    ليس من رأى كمن سمع يا "آفي ديختر" !

    بقلم: لمى خاطر

    من غير الإنصاف أن نمر مروراً عابراً على عملية استهداف موكب وزير الأمن الداخلي الصهيوني "آفي ديختر" شمال قطاع غزة قبل يومين حين كان في زيارة لإحدى المغتصبات مع وفد من المسؤولين في جيش الاحتلال ووفود أخرى.

    وعملية كهذه لا تقيم عبر خسائرها البشرية، بل من خلال ما تحمله من مدلولات تكتنف تفاصيلها، وما ستفرزه من قناعات لدى دوائر الاستخبارات الصهيونية التي ستستخلص منها العبر المناسبة.

    وإصابة مساعد ديختر بجراح تعني أن الأخير كان على مرمى رصاصة من قناصة القسام الميامين الذين ما فتئوا يفاجئون العالم بضرباتهم المسددة وعملياتهم النوعية في الضفة وغزة على حد سواء.

    صحيح أن هذه ليست المرة الأولى التي يسارع فيها ديختر للاحتماء من ضربات القسام، وأن وسائل الإعلام سجلت له عدة لقطات سابقة في سيدروت وهو يختبئ من صواريخ القسام، لكنها المرة الأولى التي تجد فيها شخصية صهيونية نفسها في مواجهة رصاص المقاومة المباشر وهي مدججة بالحراسة وفي موقع يفترض أنه بعيد جداً عن مرمى النيران!

    والآن.. لن يكون ديختر الذي ارتمى أرضاً مع حراسه عند استهداف موكبه مضطراً للاستماع لشهادات جنوده العائدين من جحيم غزة عقب كل عملية اجتياح محدودة لها لإدراك حجم الهول الذي واجهوه، ولتخيل مدى الاهتراء في نفسياتهم، وبالتالي عدم تجاهل معاناتهم المعنوية، بل لعله الآن سيكون مجبراً على تفهم أسباب إخفاق حملتهم الأخيرة على شمال القطاع وانتهائها دون تحقيق أي من أهدافها الرئيسية. ليس فقط لأنه عايش حالة الخوف والاستهداف المباشر وعاش لحظات لم تشفع له فيها قدراته العسكرية وإرثه الإجرامي ولا حتى مكانته الاعتبارية التي تفرض عليه أن يحافظ على رباطة جأشه، على الأقل أمام جنوده وحراسه، بل أيضاً لأنه سيدرك الفرق بين قادة وجنود يتحركون بشجاعة تحت القصف ويواجهون الاستهداف الدائم وبين أولئك المرتعدين وسط تحصيناتهم القوية.. بين شيخ قعيد كان يدرك أن صاروخ الأباتشي يمكن أن يأتيه في أية لحظة دون أن يثنيه ذلك عن نهجه الجهادي، وبين من نالوا تحصيلهم العسكري في أرفع الأكاديميات العسكرية وحازوا على موقع متقدم جداً ضمن الجيوش الأقوى في العالم، وظلت حركات المقاومة بعتادها البسيط هي هاجسهم الأكبر!

    وما ينطبق على ديختر ينطبق بالدرجة ذاتها على بقية القادة العسكريين والسياسيين الصهاينة، وديختر ليس سوى مثال حي على طبيعة نفسية جيش الاحتلال من أصغر جندي وحتى أكبر قائد فيه، هذا الجيش الذي لا يرعب غير الجبناء من قادة وأنظمة أصحاب الهمم الصغار والعزائم المتداعية والحسابات الدنيوية البائسة!

    ومن جهة أخرى فلعل الرسالة الأهم التي تحملها هذه العملية تكمن في كونها مصورة من قبل القسام، مما يعني أننا لم نكن أمام حدث فردي عابر سارع القسام لتبنيه بعد تبين طبيعة الشخصية المستهدفة – كما هو دأب بعض الفصائل التي تعتاش على جهد غيرها- بل أمام عملية مخطط لها مسبقاً، وهي وإن لم توقع خسائر مادية معتبرة إلا أنها تعني بكل وضوح أن للقسام عيوناً لا تنام، وأن كتائبه تجاوزت كثيراً ومنذ زمن مرحلة العمل العشوائي أو الفردي المشتت، وأن جنود حماس المرابطين على الثغور تظل عيونهم متيقظة حتى في أوقات الهدوء.

    ولعل هذا كفيل بحمل حكومة الاحتلال على التخلي عن غطرستها قليلاً ومكابرتها الكاذبة، والإقرار بأن أي اجتياح قادم للقطاع لن يكون نزهة لجيشها حتى لو تم التخطيط لهذه الحرب بمساعدة أمريكية وبتواطؤ رسمي عربي وبمباركة وتشجيع من سلطة المقاطعة!

    فغزة التي تحرسها سواعد القسام وترصد كل كبيرة وصغيرة فيها وحولها، ليست كأي مكان آخر في الدنيا يمكن استباحته بحسبة مادية بسيطة وحملة عسكرية غير مكلفة، لأن عامل العقيدة الصلبة وما تفرزه من إرادة واستبسال في المواجهة كفيل بقلب وإرباك كل الحسابات العسكرية والاستخباراتية وتوجيه ضربة لها في الصميم.

    ليس مؤكداً أن إسرائيل ستدرك معنى أنها باتت تواجه جنوداً ومقاومة من نوع مختلف عن كل ما واجهته في حروبها القديمة، وهي قد تقدم على خطوة تراها أهون الشرين لاستئصال حماس في غزة بدلاً من انتظار تنامي قوتها واشتداد ساعدها، غير أن هذا كله لا يعني أبداً أن نتيجة الحرب الجديدة على حماس ستكون كما خطط لها الاحتلال أو تصب في صالحه على المدى القريب والبعيد على حد سواء.
جاري التحميل ..
X