إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لا تتَّخذوا القُرْآن مَهْجوراً

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لا تتَّخذوا القُرْآن مَهْجوراً

    إن كلّ مٌؤْدِب يحب أن تُؤتي مأدبته، ومأدبة الله تعالى القرآن، فهي أحقّ المآدب أن تُؤتى فلا تُنسى، وأن تُحضر فلا تُهجر.

    يقف الرسول صلى الله عليه وسلميوم القيامة شاكياً قومه الذين هجروا القرآن فكانوا يُكثرون اللغو واللَّغَط كي لا يسمعوه، ويعدلون عنه إلى اللهو واللعب كي لا يفقهوه، يقول الله تعالى حكاية عن الرسول: {وقال الرَّسولُ يا ربِّ إنّ قَوْمي اتَّخذوا هذا القُرْآن مَهْجوراً} الفرقان 30.

    إن هجران القرآن ذو ثلاث شُعَب: هجر تلاوة، وهجر تدبّر، وهجر عمل!

    فأما هجر التلاوة، فإن القلوب تستنير بالترتيل، والفكر يستقيم بالذكر، والأرواح تجد فيه لذّة الماء القراح! فلا ينبغي للمسلمين أن يتوسَّدوا القرآن، وأن يجعلوا بيوتهم مقابر يُهجر فيها القرآن. إن الشيطان ينفر من البيت الذي يُقرأ فيه القرآن وسورة البقرة، «وإن الصيام والقرآن يشفعان للعبد» رواه أحمد.

    وإن البيت الذي يُتلى فيه القرآن يتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض، كما جاء في الأثر!

    وأكرم بعطاء الله تعالى نعمةً وفضلاً للمشتغلين بترتيل القرآن، جاء في الحديث: «من شغله القرآن عن ذكري ومسألتي أعطيته أفضل ما أُعطي السائلين» رواه الترمذي.

    وأما هجر التدبّر فإنه إعراض ذميم عن أمر عظيم أوجبه رب العالمين في كتابه الكريم، قال فيه: {كِتابٌ أَنْزَلناهُ إليك مباركٌ ليدَّبروا آياتِهِ وليتَذَكَّرَ أُولو الأَلْباب} ص-29.

    ماذا يقول الرسول في نجواه يوم لقاء الله شاكياً من مسلمي هذا الزمان وأشباههم، وهم على ما هم عليه من إهمال للتدبّر والتفقّه، وكثير منهم يقرؤونه فلا يُجاوز حَناجرهم، ولا يغادر تراقيَهم! يشتغلون بإخراج حروفه وإتقان أحكامه، وتجويد آياته، من دون أن يكلِّفوا أنفسهم أداء ما افتُرض عليهم من فهم لمعانيه، ووعي لأحكامه، واعتبار بمواعظه، وكأن على القلوب أقفالها!

    هذا حال القارئين، أما حال السّامعين فتلقاهم مأخوذين بنَداوة الأصوات وشَجْو الألحان، فلا يحرّك أفئدتهم سوى التطريب وإرسال الصرخات والآهات! وكأن مقصودهم امتاع الأسماع وامالة الخدود، فتحسبهم أيقاظاً وهم رُقود!

    وأما هجر العمل، فإن من يتعلّم القرآن ولا يعمل به، ولا يوافق علمه عمله يُضاهِئ الذين حُمِّلوا التوراة ثم لم يحملوها!

    وقد كان أصحاب النبي المصطفى صلى الله عليه وسلميجمعون في تلقّيهم القرآن بين العلم والعمل، إذ كانوا يٌؤتوْن الإيمانَ قبل القرآن. بيَّن عبد الله بن عمر ما كان عليه حالهم مع القرآن الكريم فقال: لقد عشت برهة من دهري، وان أحدنا يُؤْتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم، فيتعلّم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يقف عنده منها كما تعلَّمون أنتم القرآن. ثم لقد رأيت رجالاً يُؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحة الكتاب الى خاتمته، ما يدري ما آمرُه ولا زاجُره، وما ينبغي أن يقف عنده منه، وينثره نَثْر الدَّقَل (رديء التمر) الطبراني.

    وقال عبد الله بن مسعود: «كنا إذا تعلَّمنا من النبيّ عشر آيات من القرآن لم نتعلم العشر التي بعدها حتى نعلم ما فيها من العمل، فتعلّمنا العلم والعمل» ابن عساكر. ولقد ورد في موطأ مالك أن عبد الله بن عمر مكث على سورة البقرة ثماني سنوات يتعلمها، وورد عنه أن أباه عمر بن الخطاب تعلم البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلما ختمها نَحَر جَزوراً!

    وبعض الصحابة القارئين الكاتبين الحافظين للقرآن يقول: إنّا صَعُب علينا حفظ ألفاظ القرآن وسَهُل علينا العمل به، وإن من بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به! وإن العلماء الفضلاء همُّهم الدّراية، وإن الجهلاء همّهم الرواية!

    فبالله عليكم يا أهل الإيمان! لا تهجروا القرآن ولا تُجافوه. ويا حمَلة القرآن! اعملوا به ولا تخالفوه لتكونوا من أهله، فالفرقان يُحاججِ يوم الدين عن حافظيه الذين كانوا في الدنيا يعملون بما فيه!

  • #2
    رد : لا تتَّخذوا القُرْآن مَهْجوراً

    صدقت و الله!!
    جزاك الله خيراً

    تعليق

    جاري التحميل ..
    X