زهرة الأبناء
ولدي الحبيب الغالي – هداك الله لما يحبه ويرضاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كالعادة التي لا تفارقك خرجت من غرفتك بجفنين مثقلين ، وفم يتدافع منه التثاؤب ، أزارير قميصك مفتوحة ماسِكاً هاتفك النقال ، وصوتك المرتفع أين الشاي ، هل اتصل بي أحد ؟ ونظرات تبعثرها هنا وهناك علَّكَ تجد سبباً للنزاع مع من حولك !!
فماذا أقول : لا حول ولا قوة إلا بالله ... يا بني - تجاهل الابن الوضع وكأنه لم ير شيئاً محاولاً تجنب حوار قد يعيقه عن موعد مع أحد أصدقائه ، لكن والده هذه المرة قد عقد العزم على الفصل في وضع ابنه - جاءت الأخت تحمل الشاي والخوف يدفعها ، قال لها الأب ضعيه في المجلس فبدت على محيا الابن علامات الضجر وبرغم علمه أنه المقصود قال هل سيأتيك ضيوف يا أبي ؟ قال الأب : لا ، لكنني أود الجلوس معك على انفراد ومضى الأب إلى المجلس وتبعه الابن بخطوات مثقلة ، وأخته تتبعه بنظرة فرح لموقف والدها .
وبعد أن جلسا رفع الأب بصره إلى السماء ودفع من صدره آهة كبيرة ولسان حاله يسأل الإعانة في حوار يأمل أن يكون تربوياً ونافعاً . قال : يا بني عمرك الآن ثمانية عشر عاماً وأنت مازلت تجرجر أفعالك من زمن الصبا ... تنام عن الصلوات المكتوبة ولا تبالي متى تؤديها ولا كيف تؤديها ، وعندما تستيقظ ، تستيقظ معك حالة من الطوارئ !!! كل من في البيت يحاول جاهداً تجنب مقابلتك أو الصدام الخاسر معك ، تبذل وقتك في السهر مع رفاقك ، وتأبى أن تصحب إخوتك إلى الطبيب ، أو أمك إلى السوق ، يأتينا الضيوف فلا يجدونك ونذهب إليهم فلا ترافقنا ، تمضي الساعات الطوال مع أصحابك في لعب الورق ومشاهدة القنوات الفضائية أو في الأحاديث التافهة ، وتبخل على مستقبلك بساعة تقضيها في مراجعة دروسك ، همك أن تجد ملابسك قد أعيد كيها !!! وتسأل عن أدق التفاصيل فيها ولا يخطر ببالك أن تسأل عن جدتك المريضة ، أهذه حياة ترضاها لنفسك ؟ أهذا طريق تأمل أن يقودك إلى السعادة الحقيقية .
أتحدى أن تكون قد أمضيت خمس دقائق تتأمل فيها وضعك ووضع أصحابك الذين تصحبهم إلى ما بعد منتصف الليل حين تعود إلى المنزل وكأنك فارس زمانك ، إسأل نفسك كم مرة مضى على آخر مرة تناولت فيها العشاء معنا ؟ إسألها عن آخر مرة زرت فيها جدتك ؟ بل إسألها عن آخر مرة صليت فيها فرضاً غير الجمعة في المسجد ؟!! بل إنك حتى صلاة الجمعة كثيراً ما تفوتك الركعة الأولى منها ، أنا لا أطلب منك المستحيل ولا أنتظرك أن تعفيني من بعض واجباتي تجاه أسرتي ، بل أريدك أن تضع قدمك على الطريق الصحيح ، ولك أن أفرش دروبك بالورد ما استطعت .
بعد الليلة الأولى من رمضان الماضي لم أرك تقرأ في كتاب الله الكريم غير أنك تمضي الساعة والساعتين تقرأ كل سطر في الصحف ، لا يا بني هذه ليست عيشة أرضاها لفلذة كبدي ...
بماذا تفكر يا بنيّ ، لا أدري ... كلما تكلمت معك ، خجلت من نفسي ، وأنت لا تبالي !! يا بنيّ أدرك ركب الصالحين من الصحابة والتابعين ...
فها أنا أنصحكَ لأوفيك حقك ، لكي أنجو منك يوم يفر المرء من أخيه ، وأمه وأبيه ... يا بنيّ رضي الله عنك وأرضاك هل تنبهتّ لِم أريده منك ؟
والله أسأل أن يهديك ويتوب عليك ، ويتقبلك في الصالحين ،،،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
[align=left]الداعي لك بالهداية والخير
والدُكَ العزيز الحريص على سعادتٌك [/align]
-------- من كتاب ( باقة زهور لكل غيور - بقلم مهنا نعيم نجم ) ----------------
ولدي الحبيب الغالي – هداك الله لما يحبه ويرضاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كالعادة التي لا تفارقك خرجت من غرفتك بجفنين مثقلين ، وفم يتدافع منه التثاؤب ، أزارير قميصك مفتوحة ماسِكاً هاتفك النقال ، وصوتك المرتفع أين الشاي ، هل اتصل بي أحد ؟ ونظرات تبعثرها هنا وهناك علَّكَ تجد سبباً للنزاع مع من حولك !!
فماذا أقول : لا حول ولا قوة إلا بالله ... يا بني - تجاهل الابن الوضع وكأنه لم ير شيئاً محاولاً تجنب حوار قد يعيقه عن موعد مع أحد أصدقائه ، لكن والده هذه المرة قد عقد العزم على الفصل في وضع ابنه - جاءت الأخت تحمل الشاي والخوف يدفعها ، قال لها الأب ضعيه في المجلس فبدت على محيا الابن علامات الضجر وبرغم علمه أنه المقصود قال هل سيأتيك ضيوف يا أبي ؟ قال الأب : لا ، لكنني أود الجلوس معك على انفراد ومضى الأب إلى المجلس وتبعه الابن بخطوات مثقلة ، وأخته تتبعه بنظرة فرح لموقف والدها .
وبعد أن جلسا رفع الأب بصره إلى السماء ودفع من صدره آهة كبيرة ولسان حاله يسأل الإعانة في حوار يأمل أن يكون تربوياً ونافعاً . قال : يا بني عمرك الآن ثمانية عشر عاماً وأنت مازلت تجرجر أفعالك من زمن الصبا ... تنام عن الصلوات المكتوبة ولا تبالي متى تؤديها ولا كيف تؤديها ، وعندما تستيقظ ، تستيقظ معك حالة من الطوارئ !!! كل من في البيت يحاول جاهداً تجنب مقابلتك أو الصدام الخاسر معك ، تبذل وقتك في السهر مع رفاقك ، وتأبى أن تصحب إخوتك إلى الطبيب ، أو أمك إلى السوق ، يأتينا الضيوف فلا يجدونك ونذهب إليهم فلا ترافقنا ، تمضي الساعات الطوال مع أصحابك في لعب الورق ومشاهدة القنوات الفضائية أو في الأحاديث التافهة ، وتبخل على مستقبلك بساعة تقضيها في مراجعة دروسك ، همك أن تجد ملابسك قد أعيد كيها !!! وتسأل عن أدق التفاصيل فيها ولا يخطر ببالك أن تسأل عن جدتك المريضة ، أهذه حياة ترضاها لنفسك ؟ أهذا طريق تأمل أن يقودك إلى السعادة الحقيقية .
أتحدى أن تكون قد أمضيت خمس دقائق تتأمل فيها وضعك ووضع أصحابك الذين تصحبهم إلى ما بعد منتصف الليل حين تعود إلى المنزل وكأنك فارس زمانك ، إسأل نفسك كم مرة مضى على آخر مرة تناولت فيها العشاء معنا ؟ إسألها عن آخر مرة زرت فيها جدتك ؟ بل إسألها عن آخر مرة صليت فيها فرضاً غير الجمعة في المسجد ؟!! بل إنك حتى صلاة الجمعة كثيراً ما تفوتك الركعة الأولى منها ، أنا لا أطلب منك المستحيل ولا أنتظرك أن تعفيني من بعض واجباتي تجاه أسرتي ، بل أريدك أن تضع قدمك على الطريق الصحيح ، ولك أن أفرش دروبك بالورد ما استطعت .
بعد الليلة الأولى من رمضان الماضي لم أرك تقرأ في كتاب الله الكريم غير أنك تمضي الساعة والساعتين تقرأ كل سطر في الصحف ، لا يا بني هذه ليست عيشة أرضاها لفلذة كبدي ...
بماذا تفكر يا بنيّ ، لا أدري ... كلما تكلمت معك ، خجلت من نفسي ، وأنت لا تبالي !! يا بنيّ أدرك ركب الصالحين من الصحابة والتابعين ...
فها أنا أنصحكَ لأوفيك حقك ، لكي أنجو منك يوم يفر المرء من أخيه ، وأمه وأبيه ... يا بنيّ رضي الله عنك وأرضاك هل تنبهتّ لِم أريده منك ؟
والله أسأل أن يهديك ويتوب عليك ، ويتقبلك في الصالحين ،،،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
[align=left]الداعي لك بالهداية والخير
والدُكَ العزيز الحريص على سعادتٌك [/align]
-------- من كتاب ( باقة زهور لكل غيور - بقلم مهنا نعيم نجم ) ----------------
تعليق