إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)




    إخواني الكرام أخواتي الفاضلات نتناول في هذا الموضوع إن شاء الله الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية

    سيكون هذا الموضوع متجدد بإذن الله حيث أننا سنقوم كل يوم بوضع نموذج من نماذج الاعجاز سواء من القرآن الكريم أو السنة النبويةحيث سنأخذ من كل نوع من أنواع الإعجاز بعض الأمثلة لتتضح الفكرة

    أنواع الإعجاز التي سنعرضها في هذا الموضوع بإذن الله :-


    الإعجازفي الكائنات الحية
    الاعجاز الغيبي والتاريخي
    الاعجاز الطبي والدوائي
    الاعجازفي النباتات
    الاعجازاللغوي والبياني
    الاعجازالتشريعي
    الاعجازفي علوم الارض
    الاعجازفي الكون
    آيات الله ي الافاق
    الهدى العلمي النبوي



    وهنا نقدم دعوة للإخوة والأخوات الكرام من يرغب في اضافة أية معلومة جديدة إلى الموضوع مشاركتنا وذلك لإثراء
    الموضوع والحصول على أكبر قدر من الفائدة


    سنبدأ اليوم على بركة الله بالإعجاز العلمي في الكائنات الحية ونقدم الموضوع الأول منه وهو

    الإعجاز العلمي في سؤر الهرة


    إعداد الباحث محمد لجين الزين



    لو تأملنا كفوف الهرة الصغيرة نلاحظ نظافتها لأنها تلعقها بشكل دائم مع باقي أعضاء جسدها و الأم تقوم بلعق صغيرها طوال فترة الإرضاع و الحضانة و بذلك تنقل له حس العناية بنظافته.

    أكد الرسول صلى الله عليه وسلم في العديد من الأحاديث أن القطط طاهرة غير نجسة، وكان يسميها من الطوافين والطوافات في البيوت، وكان يتوضأ من الماء الذي شربت منه القطة واعتبره طاهراً. والسؤال الذي يطرح نفسه:

    هل كان الرسول الأمي عليه الصلاة والسلام طبيباً مخبرياً ليقول إن الهرة طاهرة و ليست بنجس، قال إن الكلب نجس وهذا شبه معروف للجميع اليوم وأثبت علمياً، فكيف علم بأنه لا يوجد في الهرة جراثيم. لنطلع على هذا البحث وعلى الحقائق المخبرية الواردة فيه، حيث قمنا ببعض التجارب وكانت النتائج العلمية مطابقة لما جاء به النبي قبل أربعة عشر قرناً.

    بعض الحقائق العلمية والتجريبية الموثقة عن الهر

    ويسمى القط - السنور- الضّيونُ - الهر - البس (لهجة أهل الشام) - المش (لهجة أهل المغرب) - القطاوة (أهل الجزيرة العربية).

    من عادات القط المعروفة تنظيفه لنفسه حتى إن العالم باستور قال إن القطط حيوانات نظيفة بسبب قضائهم يومهم في تنظيف أنفسهن، ولا يوجد منطقة

    في جسم القط إلا ويصله هذا التنظيف (1).

    ونظراً لتعرض جلد القط للبيئة الخارجية لن يكون من المفاجئ أن نعلم أن هناك خلايا فيه تعمل عمل دفاعي مثل الكريات البيضاء والجلد يحوي خلايا

    عديدة تعدل من حساسية خلايا الأدمة (2).


    أما سطح اللسان فهو مغطى بعدد من النتوءات المدببة المنشارية الشكل، وهذه النتوءات المعقوفة الكبيرة المخروطية يجعلها مبرد حقيقي أو فرشاة مفيدة جداً لتنظيف الجلد (3)


    القطط مجهزة بأفضل آلة للتنظيف وهي اللسان فالسطح الخشن يزيل الشعر الميت وينظف الوبر المتبقي (4).


    إنه ليس من المستغرب أن القط يحب الحليب ولكن طريقة استعماله للسانه للعق الحليب من الصعب تصورها، وعندما تتحسس لسان القط ستجد أنه مغطى بنتوءات حادة تعمل عمل أسنان المشط وكان البعض يظن أن هذه النتوءات تستخدم كجيوب صغيرة لتحمل السائل إلى الفم لكي يتم ابتلاعه

    بدلاً من هذه الطريقة التي تصور البعض أن القط يشرب بها فإن القط يجعل بطن اللسان لسطح السائل أو الحليب حيث يحمل السائل عليه بطريقة لا تجعل أي منه يعود للوعاء.

    سندعكم الآن مع التحليل المخبري لما نجده على الهر من جراثيم وميكروبات إن وجدت.

    الفحوصات المخبرية

    بعد فحص مجموعات مختلفة من العينات لأعمار مختلفة من القطط ومن أماكن مختلفة من جسم الحيوان (الظهر - باطن الكف والقدم - محيط الفم - الذيل) حيث تم أخذ مسحات للدراسة وتم زراعتها على أوساط الزرع الخاصة بالجراثيم (سلبية غرام - إيجابية غرام - وسط EMB - وسط Moler henton - وسط Blood agar)، وقد تم أخذ عينات خاصة من الجدار الداخلي للفم وسطح اللسان وتوصلنا للنتائج التالية (6):




    1- كل النتائج المأخوذة من السطح الخارجي كانت سلبية حتى بعد إعادة الزرع لعدة مرات. (أي لاتحتوي على جراثيم)

    2- نسبة المزروعات التي أعطت نتيجة سلبية كانت 80 % بالنسبة للعينات التي أخذت من جدار الفم

    3- أخذت عينات من سطح اللسان وكانت نتيجتها سلبية.

    4- نوع الجراثيم التي ظهرت أثناء الدراسة بشكل عام كانت من الزمر الجرثومية التي تعتبر من الزمر الطبيعية التي تتعايش عند الإنسان بنسب محددة (أنتروباكتر enterobacter - ستريبتوكوكس streptococcus - ستافيلوكوكس Staphylococcus) وكانت بأعداد أقل من 50000 مستعمرة (خمسين ألف مستعمرة)


    5- لم يظهر لدينا في الزراعة أي زمرة جرثومية معقدة.

    كما ترون فإن التحليل المخبري الموثق من عدة مصادر يثبت أن الهر ليس عليه جراثيم ولا ميكروبات وأن لعابها طاهر مطهر.

    أقوال أطباء مختصين بعلم الجراثيم

    قال الدكتور جورجس مقصود (رئيس قسم المخابر في مشفى البيطرة): نادراً ما تجد جراثيم على السطح الخارجي للقط وإن وجد فإن القط سيكون مريض.

    تقول الدكتورة جين جوستافسن: بعد تحليل مجموعة من العينات للمقارنة بين اللعاب لكل من الإنسان والكلب والقط وجدنا أن أكثر نسبة للجراثيم هي عند الكلب ثم يأتي الإنسان بمقدار الربع للكلب ويأتي القط بمقدار النصف بالنسبة للإنسان.

    و قال الدكتور البيطري المعالج في مشفى البيطرة في دمشق سعيد رفاه أن القطط لديها مادة مطهرة اسمها الليزوزيم.

    والقطط تكره الماء وتبتعد عنه لأن الماء هو موطن مثالي للبكتريا وخصوصاً إن كان راكداً والقطط تحافظ على درجة حرارتها ثابتة فتبتعد عن الشمس ولا تقترب من الماء لكي لا تنتقل البكتيريا لها وهذا يعلل عدم وجود جراثيم على فراء القطط الذي تحتفظ به جاف دائماً (7).



    بعض الحقائق من السنة المطهرة

    إن سؤر الهرة طاهر كونها غير نجسة: فلحديث كبشة بنت كعب بن مالك: أن أبا قتادة – والد زوجها - دخل عليها فسكبت له وضوءاً فجاءت هرة لتشرب منه فأصغى إليها الإناء حتى شربت قالت كبشة: فرآني أنظر إليه فقال: أتعجبين يا ابنة أخي ؟ قالت: قلت: نعم، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات " (8).

    عن علي بن الحسين، عن أنس بن مالك قال:: (خرج النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى أرض بالمدينة يقال لها بطحان، فقال: " يا أنس اسكب لي وضوءاً " فسكبت له، فلما قضى حاجته أقبل إلى الإناء وقد أتى هر فولغ في الإناء، فوقف النبي (صلى الله عليه وسلم) وقفة حتى شرب الهر ثم توضأ، فذكرت للنبي (صلى الله عليه وسلم) أمر الهر، فقال: " يا أنس إن الهر من متاع البيت لن يقذر شيئاً ولن ينجسه "(9).

    وقد روي عن داود بن صالح التمار عن أمه: (أن مولاة لها أهدت إلى عائشة صحفة هريسة فجاءت بها وعائشة قائمة تصلي، فأشارت إليها أن ضيعها، فوضعتها وعند عائشة نسوة، فجاءت الهرة فأكلت منها أكلة، أو قال لقمة، فلما انصرفت قالت للنسوة كلن، فجعلن يتقين موضع فم الهرة فأخذتها عائشة فأدارتها ثم أكلتها وقالت إن رسول (صلى الله عليه وسلم) قال: إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين والطوافات عليكم، وقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتوضأ بفضلها (10).

    وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهرة: (إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات رواه مالك وأحمد وأهل السنن الأربع. فالهرة إذًا هي طاهرة البدن، طاهرة الريق، ريقها طاهر، فسؤرها طاهر، بقية شرابها، أو بقية ما تأكله طاهر) (11).

    وجه الإعجاز


    من هذه النتائج الطبية والتجارب التي قمنا بها في المختبرات المختصة بالجراثيم يتبين لنا أن الهر جسده نظيف بالكامل وإنه أنظف من الإنسان العاقل، وأن الله تعالى زود هذا القط بغدد تحمي جلده من الجراثيم وبلسان فيه نتوءات يساعد على تنظيف الجسد ويصل إلى كل الأماكن تقريباً لوحده وحتى قمة الرأس ينظفه بظهر كفه و أن لعابه فيه نسبة جراثيم أقل من عند الإنسان بمقدار الربع وفيه مادة معقمة ومطهرة، و أنه عندما يشرب من وعاء يشرب منه الإنسان لا يسقط شيء من فمه في هذا الوعاء.

    و من الأحاديث النبوية الشريفة التي مرت علينا يظهر لنا أن النبي عليه الصلاة و السلام عندما اعتبر سؤر الهرة طاهر و توضأ به أنه أعطانا إشارة طبية إلى طهارة هذا الهر و إلا لما كان توضأ بسؤره.

    فسبحان الله كيف عرف النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الهر ليس بنجس لو لم يكن رسول الله وهو الذي لا ينطق عن الهوى. و صدق الله تعالى عندما قال في حقه : وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى (النجم 3-4).

    راجعه ودققه الباحث المهندس عبد الدائم الكحيل وقام بعمليات التحليل المخبري الأخ الطبيب المخبري سامر مفتاح خياط في مخبر مشفى حمدان التخصصي في مدينة دوما
    ][/size]

  • #2
    رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

    مظاهر الإعجاز النبوي في حديث الذباب

    يقع الذباب على الفضلات والمواد القذرة فينقل الكثير من الجراثيم والأمراض ، وربما وقع على طعام الإنسان وشرابه فلوثه بما يحمله من هذه الجراثيم ، وقد أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - من أراد أن يأكل أو يشرب من الطعام الذي وقعت فيه ذبابة ، أن يغمس الذباب فيه بعد وقوعه حرصاً على صحة الآكل والشارب ، وحفاظاً على الطعام والشراب من التلف ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه ، فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء ) رواه البخاري ، وفي رواية لأبي داود ( وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء ) .

    وهو حديث ينبغي على المسلم أن يتلقاه بالقبول والتسليم وألا يعارضه بعقله القاصر ، لأنه قد ثبت وصح عمَّن لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، فكيف وقد جاءت حقائق العلم والطب الحديث بتصديقه وتأكيد ما فيه ؟! .

    فقد أثبتت الدراسات والأبحاث أن الذبابة المنزلية مصابة بطفيلي من جنس الفطريات ، وهذا الطفيلي يلازم الذبابة على الدوام ، وهو يقضي حياته في الطبقة الدهنية الموجودة داخل بطن الذبابة بشكل خلايا مستديرة فيها إنزيم خاص ، ثم لا تلبث هذه الخلايا المستديرة أن تستطيل فتخرج من الفتحات أو من بين مفاصل حلقات بطن الذبابة ، فتصبح خارج جسم الذبابة ، ودور الخروج هذا يمثل الدور التناسلي لهذا الفطر، وفي هذا الدور تتجمع بذور الفطر داخل الخلية ، فيزداد الضغط الداخلي للخلية من جراء ذلك ، حتى إذا وصل الضغط إلى قوة معينة لا تحتملها جدر الخلية ، انفجرت الخلية وأطلقت البذور إلى خارجها بقوة دفع شديدة إلى مسافة 2سم خارج الخلية ، على هيئة رشاش مصحوباً بالسائل الخلوي ، ولهذا الإنزيم الذي يعيش في بطن الذبابة خاصية قوية في تحليل وإذابة الجراثيم .

    وعلى هذا فإذا سقط الذباب في شراب أو طعام ، وألقى بالجراثيم العالقة بأطرافه في ذلك الشراب أو الطعام ، فإن أقرب مبيد لتلك الجراثيم هو ما يحمله الذباب في جوفه قريبا من أحد جناحيه ، فإذا غمست الذبابة في الطعام أحدثت هذه الحركة ضغطاً داخل الخلية الفطرية الموجودة في جسم الذبابة ، مما يزيد من توتر السائل داخلها زيادة تؤدي إلى انفجار الخلايا ، وخروج الأنزيمات المضادة للأمراض ، فتقع على الجراثيم التي تنقلها الذبابة بأرجلها فتهلكها وتبيدها ، ويصبح الطعام طاهراً من الجراثيم المرضية .

    ومما ينبغي أن يُتَنبه له حتى لا يبقى هناك مجال للمشككين في الحديث ، أن الأمر في الحديث إنما هو أمر إرشاد لا أمر وجوب فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر من وقعت ذبابة في طعامه أو شرابه أن يستمر في الطعام والشراب ، وإنما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم من أراد أن يأكل من هذا الطعام أو الشراب الذي وقعت فيه الذبابة أن يغمسها فيه ، وأما من لا يريد الأكل أو الشرب بأن تعاف نفسه منظر الذباب إذا وقع في الطعام أو الشراب فلا يلزمه الاستمرار ، ولا يكون بذلك مخالفاً لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - .

    وهكذا يضع العلماء بأبحاثهم تفسيراً لهذا الحديث ، وبياناً لوجه من وجوه الإعجاز النبوي ، الذي سبق كل هذه العلوم والأبحاث والاكتشافات ، فصلوات الله وسلامه على من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى

    بارك الله فيك اختي ونفع بك

    تعليق


    • #3
      رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

      مشاركة قيمة ومفيدة جدا

      بارك الله فيكِ أختي بيسان2008 وجزاكِ الجنة

      تعليق


      • #4
        رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

        وسخر لكم الشمس



        أشياء كثيرة خلقها الله من أجلنا فهي تعمل دون كلل أو ملل لخدمتنا ونحن لا نكاد نشعر فيها، ولذلك فإن الآيات الكونية التي أمرنا الله أن نتفكر فيها كثيرة، ومنها معجزة الشمس، فما هي حقيقة هذا المخلوق وكيف يعمل، وكيف يسهر على خدمتنا؟

        إلهة تعبد من دون الله

        الشمس لها تاريخ طويل في قصص الشعوب، فطالما اتخذها الإنسان إلهاً كان يخشاه ويعبده ويسجد له من دون الله، وربما نتذكر قصة سيدنا سليمان عليه السلام عندما ذهب ذلك الهدهد إلى مدينة سبأ ووجد أناسا يسجدون للشمس فعاد وقال: ( إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ * أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [النمل: 23-25]. هذا القول لم يرد على لسان البشر أو الأنبياء أو عباد الله الصالحين، بل ورد على لسان هدهد! لأن بعض الحيوانات والطيور تعقل أكثر من أولئك الذين لا يؤمنون بالقرآن، لذلك قال تبارك وتعالى عنهم: (أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ) [الأعراف: 179].

        هذا الهدهد أنكر على هؤلاء القوم عبادتهم وسجودهم للشمس وهكذا بقيت هذه الشمس رمزاً للآلهة طيلة قرون طويلة، وعندما نزل القرآن على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أي في القرن السابع الميلادي تناول هذه الشمس في ثلاثة وثلاثين موضعاً من القرآن. فالشمس ذكرها الله تبارك وتعالى ثلاثاً وثلاثين مرة في القرآن الكريم وكانت جميع الآيات عندما نتأملها علمياً نجد فيها التطابق الكامل بين الحقائق العلمية اليقينية وبين ما جاء به القرآن قبل أربعة عشر قرناً.

        وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
        إن الذي يتأمل حركات الكون يرى الشمس تتحرك من الشرق إلى الغرب، ويرى القمر يتحرك أيضاً وكان الإنسان البدائي يظن أنه من الممكن أن يكون هنالك تصادم بينهما، ولكن الله تبارك وتعالى حدثنا عن حقيقة كونية فقال: (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) إلا يوم القيامة عندما يجتمعان أما في الحياة الدنيا لا يمكن، وهذا ما ثبت يقيناً فقد ثبت أن المدار الذي يدوره الشمس حول الأرض يختلف تماماً عن حركة الأرض حول الشمس، فلكل مخلوق فلكه الخاص الذي يسبح فيه، لذلك قال تبارك وتعالى: (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) والعجيب أنني كنت أقرأ بحثاً لعلماء من وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) فوجدتهم يستخدمون نفس الكلمة القرآنية وجدتهم يقولون: "إن رواد الفضاء عندما يخرجون خارج الغلاف الجوي خارج الأرض يحسون وكأنهم يسبَحون في الفضاء" وسبحان الله بالفعل الشمس والقمر والكواكب والنجوم جميعها تسبَح سباحة حقيقية لأنه لا يوجد فضاء في الكون إنما هنالك بناء محكم كل جزء من أجزاء الكون مشغول بالمادة والطاقة، ومن هنا ندرك عظمة هذا الكلام وأهداف هذا الكلام عندما قال تبارك وتعالى: (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [يس: 40].




        [align=justify]
        الشمس كرة نارية ملتهبة تسبح في كون واسع، يبلغ قطرها مليون وثلاث مئة وتسعين ألف كيلو متر، ، وهي ثقيلة لدرجة أنها تزن أكثر من 99.8 بالمئة من وزن المجموعة الشمسية، ويبلغ وزنها 1.99 بليون بليون بليون طن، أما الجاذبية على سطحها فتبلغ 28 ضعف جاذبية الأرض، فإذا كان الإنسان يزن مئة كيلو غرام على الأرض فإنه لو قدِّر له أن يعيش على الشمس فسوف يبلغ وزنه 2800 كيلو غرام أي وزن شاحنة!
        [/align]


        قال تبارك وتعالى: (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى) ماذا يعني قوله تعالى (لأَجَلٍ مُسَمًّى)؟ يعني أن حركة الشمس ستتوقف ذات يوم وحركة القمر كذلك. هذا الكلام لم يكن معروفاً في القرن السابع الميلادي لم يكن هناك أحد يعترف أن هنالك نهاية للشمس أو للقمر، بل كان الناس يعتقدون أن الكون وجد هكذا وسيستمر إلى ما لا نهاية، ولكن القرآن الكريم حدد لنا وظيفة كل مخلوق ونهايته (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) [الرحمن: 27] فالله تبارك وتعالى ماذا قال: (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ) [الرعد: 2] أي لزمن محدد لوقت محدد ثم تستهلك هذه الشمس كل الوقود الموجود فيها وتتكور على نفسها وهذا يحدث يوم القيامة والله حدثنا يوم القيامة بقوله: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) [التكوير: 1]. وهنا ندرك دقة هذه الكلمات الرائعة.




        [align=justify]
        درجة الحرارة على سطح الشمس تبلغ 5,503.85 درجة مئوية، وهي تدور حول نفسها مثل أرضنا، وتتم دورة كاملة كل 25 يوماً عند خط الاستواء و36 يوماً قرب القطبين. ولو دخلنا إلى باطنها وجدنا درجة الحرارة ترتفع لأكثر من 16 مليون درجة مئوية، والعجيب أن أرضنا تتوضع على مسافة 150 مليون كيلو متر (تبعد الشمس عنا 149,597,890 كيلو متر) وهي المسافة المناسبة جداً لنا نحن البشر!
        [/align]


        الشمس تهتز!

        إذا تأملنا هذه الآيات نلاحظ أنها تطابق آخر ما وصل إليه العلماء، فعندما قال تبارك وتعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي) شبه حركة الشمس بإنسان يجري، والجريان يكون عادة مثل إنسان يرتفع وينزل يعني حركة أشبه بالحركة الاهتزازية وهذا ما وجده العلماء يقيناً للشمس، وجدوا أن الشمس ليست ثابتة كما كان يعتقد من قبل، بل تتحرك بسرعة رهيبة وتسبح في هذه المجرة، وتدور حول مركز المجرة، ولها حركة ثانية باتجاه ما يسميه العلماء Solar Apex أي المستقر الشمسي، تتحرك باتجاه نقطة يسميها العلماء (علماء وكالة ناسا) يسمونها المستقر، وغاب عنهم أن الله تبارك وتعالى قد أطلق هذا الاسم العلمي الدقيق على الشمس قبل أربعة عشر قرنا، ويقول تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [يس: 38]، إن الشمس تدور حول مركز مجرتنا دورة كاملة كل 250 مليون سنة.

        وجدوا أن هذه الشمس تتحرك حركة اهتزازية تشبه جريان الإنسان اهتزازية، ومدة الهزة الواحدة سبعين مليون سنة، فتأملوا معي أيها الأخوة دقة المصطلح القرآني، أو دقة التعبير القرآن، لأن المصطلح خاص بالبشر يتغير ويتبدل ولكن كلام الله تبارك وتعالى لا يتبدل أبداً، فعندما قال: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي) لم يقل تمر أو تسير، بل قال تجري ليؤكد أن هنالك حركة اهتزازية.




        [align=justify]
        الشمس هي نجم مثل بقية النجوم تعمل منذ خمسة بلايين عام باستمرار! وهي جزء أساسي من حياتنا، فهي تسبب الليل والنهار، وتسبب النمو للنباتات وتؤمن الغذاء للإنسان والحيوان، وهي تمدنا بالوقود، بالطاقة الحرارة، وتسبب الفصول الأربعة، ولولاها لكانت الأرض كرة خربة متجمدة لا حياة فيها. إنها نجم من بين مئة ألف مليون نجم هو عدد نجوم مجرتنا (درب التبانة) وتتوضع الشمس على بعد 25 ألف سنة ضوئية عن مركز المجرة.
        [/align]




        الدورة المائية

        إن الشمس التي تجري والتي سخرها الله تبارك وتعالى لنا لها بداية ولها نهاية محددة ولها عمل، فما هو عملها؟ يقول عز وجل في سورة النبأ: (وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً * وَأَنزَلْنَا مِنْ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً) [النبأ: 13-14] ومعنى (مَاءً ثَجَّاجاً) أي ماءً غزيراً عذباً. فالشمس هي التي تهيج الرياح، والرياح تسوق هذه الجزيئات من الماء (بخار الماء) إلى الطبقات العليا لتتكثف وتتشكل الغيوم وينزل المطر، ولذلك فإن الله تبارك وتعالى ربط بين الشمس وبين المعصرات وهي الغيوم (وَأَنزَلْنَا مِنْ الْمُعْصِرَاتِ) أي الغيوم الكثيفة، وبين نزول الماء الغزير (مَاءً ثَجَّاجاً) غزيراً عذباً.




        [align=justify]
        السؤال: لماذا ربط الله تبارك وتعالى بين السراج الوهاج وهو الشمس وبين نزول الماء من السماء؟ إن العلماء وجدوا حديثاً أن هنالك دورة أسموها دورة الماء، هذه الدورة تقول بأن كمية الماء ثابتة على سطح الأرض وفي باطنه، ولكنها تتحول من شكل إلى آخر، فكل عام تتبخر ملايين الأطنان من البحار والمحيطات والأنهار تتبخر هذه المياه وتصعد إلى الجو ثم تتكثف وينزل المطر، وكل هذه العملية تحدث بفعل الشمس.
        [/align]




        سراج وهاج

        إنها مصباح يستمد وقوده من الهيدروجين الذي يندمج بعضه مع بعض بتفاعلات اندماجية ينتج عنها الضوء والحرارة. والقرآن عندما يتحدث عن الشمس يتحدث عنها كسراج مضيء، يسمسها السراج، يقول تبارك وتعالى: (وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً) [النبأ: 13] ويقول أيضاً: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً) [الفرقان: 61] وفي خطاب سيدنا نوح لقومه قال لهم: (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً) [نوح: 15-16]. في هذه الآية نلاحظ أن القرآن ميز بين النور المنعكس عن القمر لأنه جسم بارد مهمته أن يعكس أشعة الشمس، بينما الشمس هي مصنع الطاقة.




        [align=justify]
        مما يلفت الانتباه أن الله خص الشمس بصفة جديدة وهي (وَهَّاجاً) يعني هل يوجد سراج وهاج وسراج غير وهاج؟ نعم. عندما درس العلماء النجوم في الكون وجدوا أن هنالك أنواع كثيرة للنجوم ووجدوا أن الشمس تعتبر في منتصف حياتها فهي قد خلقت قبل خمسة آلاف مليون عام تقريباً وسينتهي عملها بعد خمسة آلاف مليون عام تقريباً، والأعداد الحقيقية لا يعلمها إلا الله ولكن هذه أقوال ونتائج لقياسات العلماء، فالشمس هي الآن في قمة التوهج وفي منتصف (يعني في شبابها)، لذلك نجد علماء وكالة ناسا يستخدمون نفس الكلمة القرآنية في وصفهم للشمس فنجدهم يقولون مثلاً: The Sun is a huge, glowing ball at the center of our solar system. بينما هنالك نجوم خافتة وهنالك نجوم تحولت إلى ثقوب سوداء ليس فيها أي وهج، وهنالك نجوم تحولت إلى غبار كوني ليس لها أي وهج، وهنا ندرك دقة القرآن الكريم، ولذلك أقول دائماً لو تأملنا هذا القرآن نرى في كل كلمة من كلماته معجزة تستحق التدبر.
        [/align]



        فوائد عديدة للشمس

        لو رجعنا إلى القاموس المحيط أو أي معجم من معاجم اللغة وبحثنا عن كلمة (سخر) نلاحظ أن معناها بدقة: كلَّفه عملاً بلا أجر. وهذا ما تقوم به الشمس فهي لملايين السنين تقدم لنا هذه الطاقة مجاناً دون مقابل.

        هناك العديد من الخدمات التي تقدمها لنا الشمس، ومنها أننا عندما نتعرض لأشعة الشمس فإن هذه الأشعة تؤثر على خلايا جسدنا تأثيراً إيجابياً وتساهم في مساعدة هذه الخلايا على إنتاج فيتامين "دي" وهذا الفيتامين مهم جداً للإنسان. حتى إن العلماء اكتشفوا حديثاً أنه يقي الإنسان من السرطان.

        ومن الأمراض التي يبعدها التعرض للشمس باعتدال أمراض نخر العظام، ولذلك فإن الشمس تقدم لنا علاجاً مجانياً من دون أن نشعر، فهل عرفنا الآن قيمة هذه النعمة؟ وانظروا معي إلى هذه الآية: (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) [إبراهيم: 33]. ففيها تفضّل من الله علينا لنشكر هذه النعم التي لا تعد ولا تُحصى، ولذلك قال في الآية التالية مباشرة: (وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم: 34].



        [align=justify]
        هذه الشمس الذي حدثنا الله تبارك وتعالى عنها في كتابه يقول العلماء إنها تبث كميات هائلة من الطاقة، ولو قدر للناس أن يستفيدوا من طاقة الشمس لمدة ثانية واحدة لكفتهم جميعاً لمدة مئة ألف سنة لتزويدهم بالطاقة بشكل كامل. فالله تبارك وتعالى سخر لنا هذه الشمس لتقدم لنا هذا العمل المجاني، ونحن نعلم اليوم ان الطاقة الشمسية هي مصدر مجاني (من دون مقابل) ومتوفر لكل الناس، لذلك ماذا قال الله تعالى؟ قال: (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى) [الرعد: 2].
        [/align]


        أمواج صوتية من الشمس

        وجد العلماء أن الشمس تطلق ترددات صوتية بشكل دائم أثناء عملها، وهذه الذبذبات ناتجة عن احتكاك ذرات الغاز أثناء احتراقه وتمدده وتقلصه، ولكن وبما أن الصوت لا ينتشر في الفضاء فإن هذا الصوت يعود ويرتد إلى قلب الشمس. وبما أن كل النجوم تطلق مثل هذه الترددات الصوتية لأن مبدأ عملها مشابه للشمس، وكذلك الشجر يطلق ترددات صوتية، وكل مخلوق حي يصدر من خلاياه مثل هذه الترددات، إذن كل شيء في هذا الكون يتكلم!!

        وبالتالي يحق لنا كمؤمنين أن نفكر في هذه الأصوات ونتذكر قول الحق عن مخلوقاته: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ) [الحج: 18]. فهل يمكن أن تكون هذه الأصوات هي تسبيح وسجود لله تعالى ولكن بلغة هذه المخلوقات؟

        لماذا الشمس؟

        والآن نتساءل: هل كان في ذلك الزمن أحد يعلم شيئاً عن هذه الحقيقة وهل كان هنالك إنسان واحد في العالم كله يدرك طبيعة عمل الشمس وتأثير هذه الشمس على الأرض مثلاً ؟ بالطبع لا، ولكن الله تبارك وتعالى حدثنا لأنه هو من خلق هذه الشمس وهو من سخرها لنا. ولكن لماذا حدثنا الله عن هذه الحقائق؟ لماذا حدثنا عن الشمس وعملها وتأثيرها على دورة الماء ودورها في تبخير الماء ونزوله من السماء؟ لماذا حدثنا عن دور الشمس أنها تقدم لنا طاقة مجانية (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ)؟ لماذا حدثنا عن نهاية الشمس (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)؟ لماذا حدثنا عن كل هذه الحقائق ؟

        الهدف لندرك أن الله تبارك وتعالى يعلم كل شيء وأن هذا النظام الكوني الدقيق إنما هو بتقدير من خالقٍ عزيز عليم بكل شيء ولذلك قال تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [يس: 38] يعني: انظر أيها الإنسان! لا تظن بأن هذه الشمس قد وُجدت عبثاً أو أنها موجودة منذ الأزل.. لا.. إنما سخرها الله لك لعمل محدد وعندما تنتهي مهمتها فإنها سوف تختفي وتزول ويبقى الله تبارك وتعالى الذي سيحاسبنا على أعمالنا صغيرها وكبيرها.

        ــــــــــــــــ

        بقلم عبد الدائم الكحيل

        تعليق


        • #5
          رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

          السلام عليكم

          أستأذنك أختي

          كنت أحضر بنفس الموضوع هذا الصباح ، وعندما عدت وجدته قد عرض

          إن شاء الله سأشارك معك

          وأنا أستأذنك بوضع موضوع مشابه في المحور العام
          سأجعله يختلف بعض الشيء

          جزيت الجنة

          تعليق


          • #6
            رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

            بارك الله فيكِ اختي لينا مجهود مشكور ومشاركة طيبة

            وبخصوص الموضوع انا لم اقصد منه الا ايصال المعلومات الى الاعضاء بإذن الله وبموضوعك في المحور العام

            تساهمي معي في ايصال الفكرة امضي على بركة الله

            جزاكِ الله الجنة

            تعليق


            • #7
              رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

              موضوع رائع

              جزاكم الله خيرا

              تعليق


              • #8
                رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                المشاركة الأصلية بواسطة البلسم
                موضوع رائع

                جزاكم الله خيرا
                جزاكِ الله الجنة اختي الكريمة وبارك الله فيكِ

                تعليق


                • #9
                  رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                  مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ


                  بقلم الأستاذ محمد إسماعيل عتوك

                  باحث لغوي في الإعجاز البياني

                  للقرآن الكريم ومدرس للغة العربية

                  قال الله تعالى:? مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ? (العنكبوت:41)

                  هذا مثل ضربه الله تعالى لكل من اتخذ من دون الله وليًا معتمدًا، يلجأ إليه، ويحتمي بحماه، وهو لا يجلب له نفعًا، ولا يدفع عنه ضرًّا، شبَّه فيه حاله هذه بحال العنكبوت اتخذت بيتًا؛ لتحتمي به من الأهوال والأخطار، وتأوي إليه، معتمدة على خيوطها القوية، وهي لا تدري أن هذا البيت لا يقي حرًّا، ولا بردًا، ولا يجير آويًا، ولا يريح ثاويًا.

                  فهؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء، هم وأولياؤهم مثل.. والعنكبوت وبيتها، الذي اتخذته من دون البيوت مثل آخر، وبين المثلين وجه شبه، دلت عليه كاف التشبيه، وهو ضعف المعتمد. والفائدة: التحذير من حمل النفس على التغرير بالعمل، الذي يقوم على غير أساس.

                  وقد ورد هذا المثل في مطلع النصف الثاني من سورة العنكبوت، وهي سورة مكية، وموضوعها العقيدة في أصولها الكبرى( الوحدانية، الرسالة، البعث والجزاء ). ومحور السورة الكريمة يدور حول الإِيمان، وسنة الابتلاء في هذه الحياة؛ لأن المسلمين في مكة كانوا في أقسى المحنة والشدَّة، ولهذا جاء الحديث عن موضوع الفتنة والابتلاء في هذه السورة مطوَّلاً مفصلاً، وبوجه خاص عند ذكر قصص الأنبياء، وأقوامهم الضالين، الذين بهرتهم قوى المال والجاه والسلطان، فظنوا لجهلهم أنها مانعتهم من عذاب الله تعالى.

                  وتبتدئ السورة الكريمة بعد المطلع? الم ? بهذا البدء الصريح:? أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ?؟ وتمضي السورة تتحدث عن فريق من الناس، يحسبون الإِيمان كلمةً تقال باللسان، فإِذا نزلت بهم المحنة والشدة، انتكسوا إِلى جحيم الضلال، وارتدوا عن الإِسلام تخلصًا من عذاب الدنيا؛ كأن عذاب الآخرة أهون من عذاب الدنيا? وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ.. ? الآيات.

                  ثم تمضي السورة تتحدث عن محنة الأنبياء عليهم السلام، وما لاقوه من شدائد وأهوال في سبيل تبليغ رسالة الله تعالى، بدءًا بمحنة نوح، ثم إِبراهيم، ثم لوط، ثم شعيب- عليهم السلام- وتتحدث عن بعض الأمم الطغاة، والأفراد المتجبرين؛ كعاد، وثمود، وقارون، وهامان.. وغيرهم، ثم تذكر بإجمال ما حلَّ بهم من الهلاك والدمار نتيجة ظلمهم وطغيانهم:

                  ? فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ?(العنكبوت:40).

                  وبعد هذا الاستعراض السريع لمحنة الأنبياء، ومصارع هؤلاء الكفار والمشركين من الطغاة المتجبرين في الأرض‏,‏ والمفسدين، وما ترك ذلك من آيات وعبر لمن جاء بعدهم، يأتي هذا المثل؛ ليؤكد لكل طاغية متجبر أنه لا سلطان في هذا الوجود لغير الله‏ تعالى,‏ ولا ملجأ، ولا منجى منه إلا إليه‏ سبحانه وتعالى,‏ وأن قوى أهل الشر، مهما تعاظمت وتجبرت‏، هي هزيلة‏ ضعيفة‏ واهنة‏,‏ وأن اللجوء إليها، والاحتماء بها، كاحتماء العنكبوت ببيتها الواهن‏‏,‏ والذي تصفه الآية الكريمة بأنه أوهن البيوت:

                  ? مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ?(العنكبوت:41).

                  فهؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء، يلوذون إليهم، ويحتمون بحماهم، ويرجون نفعهم مَثَلُهُمْ في ذلك؛ كَمَثَلِ العنكبوت اتخذت بيتًا واهنًا، فكانوا كالعنكبوت في ضعفها وصغر شأنها؛ بل هم في يد القدرة القادرة، وإزاء سلطان الله الغالب القاهر أقل من العنكبوت شأنًا، وأضعف منها حيلة وحولاً. أما أولياؤهم، الذين دخلوا في حماهم فهم أوهن من بيت العنكبوت؛ لأن هذا له حقيقة وانتفاعًا في الجملة، وأولئك لا حقيقة لهم، ولا نفع؛ لأنهم لا يدفعون عمَّن والاهم أذى، ولا يردون عنهم شرًا.

                  ويعَدُّ هذا المثل من أحسن الأمثال، وأدلها على بطلان الشرك، وخسارة صاحبه، وحصوله على ضد مقصوده. وهو كالمرآة، التي يرى الناس عليها- وخاصة أولئك الذين غلظت طباعهم، وتبلدت مشاعرهم- صورة تجسم ضعف أولئك الأولياء من دون الله عامة، ووهن الملجأ الذي يلجأ إليه من والاهم حين يلوذون إليهم، ويحتمون بحماهم، وترسم لذلك كله صورة مزدوجة؛ فهم عناكب ضئيلة واهنة، تأوي من حمى هؤلاء الأولياء إلى بيت؛ كبيت العنكبوت أوهن وأضأل.

                  فمن لم تحالفه قدرته وأقداره على النظر في الآيات والعبر، التي تركها الله في بيوت الظالمين، لأي سبب كان، فإن حجة الله عز وجل لا تسقط عنه؛ ذلك أنه سبحانه وتعالى قد بثها كاملة غير منقوصة في بيت العنكبوت.

                  وفي تمثيل الذين اتخذوا من دون الله أولياء بالعنكبوت، وتمثيل أوليائهم ببيت العنكبوت إعجاز من إعجاز القرآن؛ إذ أن العنكبوت إنما تتخذ بيتها من خيوط رفيعة، تفرزه من غدد خاصة بذلك، وتوزعه مغازلها الصغيرة، فإذا لامس الهواء، تماسك وتصلَّب في صورة خيوط برَّاقة. وهؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء؛ إنما أقاموا معتقدهم الفاسد، الذي يعتقدونه، ويلتمسون الطمأنينينة والأمن في ظله؛ إنما أقاموه من تلك الأبخرة العفنة، التي تتصاعد من مشاعرهم، فتتشكل منها تلك الأوهام الخادعة، ويقوم عليها ذلك البناء المتداعي.

                  والمراد بالموصول في قوله تعالى:? مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ ? جميع من اتخذ غير الله تعالى متكلاً ومعتمدًا، آلهة كان ذلك، أو غيرها من بني البشر؛ ولهذا عُدِل من{ آلهة }إلى قوله تعالى:? أَوْلِيَاءَ ?. وفي ذلك إشارة إلى إبطال الشرك الخفي؛ فإن من عبد الله تعالى رياء لغيره، فقد اتخذ وليًّا غيره، فمثله? كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً?.

                  وتنكير? أَوْلِيَاءَ ? للتنويع، فيدل على أن الأولياء أنواع، لا نوع واحد. ومفرده وليٌّ. وأصل الولي جعل الثاني بعد الأول من غير فصل، من قولهم: هذا يلي ذاك. ويجري الوليُّ في الصفة على التابع والمتبوع، والمُعَان، والمُعين. تقول: الله وليُّ المؤمنين. أي: معينهم. والمؤمن وليُّ الله. أي: المُعَان بنصر الله عز وجل. ويقال: الشيطان وليُّ الكافرين والمنافقين، وهم أولياء الشيطان. ويقال: الكافرون بعضهم أولياء بعض. وكذلك: المؤمنون.

                  قال تعالى:? اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ?(البقرة:257).

                  وقال تعالى:?الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ?(النساء:76).

                  وقال تعالى:? وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ?(الجاثية:19).

                  وقال تعالى:?بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ?(النساء:138-139).

                  وقال تعالى:?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْدُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ?(النساء:144).

                  وقال تعالى:? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ?(المائدة:51).

                  ولهذا لا يجوز قصر المراد من لفظ { الأَْْْْوْلِيَاءِ } على الآلهة، التي يعبدها المشركون من دون الله تعالى.

                  والواو والتاء في? الْعَنْكَبُوتِ ?زائدتان‏؛‏ كما في طاغوت‏، وطالوت.‏ فأصله على هذا:عنكب، ووزنه: فعلل، ونونه أصلية. وقيل: زائدة، ووزنه: فنعل، فأصله على هذا: عكَب، بمعنى الشدَّة في السير؛ فكأنه لشدة وثبه لصيد الذباب، أو لشدة حركته عند فراره، أطلق عليه اسم: العنكبوت. وقد ذكر سيبويه القولين، والمشهور منهما الأول. والعنكب الذكر، ويجمع على: عناكب، وعناكيب، والأنثى منه عنكبة، وتجمع على: عنكبات. أما العنكبوت فيجمع على: عنكبوتات.

                  و? الْعَنْكَبُوتِ ? حيوان صغير، له ثمانية أرجل، ويغزل خيوطًا تشبه الحرير. وأكثر ما تشتهر به العناكب هو غزلها لخيوط الشراك، التي تستخدمها في صيد الحشرات؛ لتتغذى بها. ولا تسْلم الحشرات حتى الأضخم والأقوى منها من مخاطر شراكها.


                  ? الْعَنْكَبُوتِ ? حيوان صغير، له ثمانية أرجل، ويغزل خيوطًا تشبه الحرير
                  ولجميع العناكب أنياب، ولمعظمها غدد سامة؛ حيث تستخدم العناكب كلاً من هذه الأنياب والغدد في صيد الحيوانات؛ لتتغذى بها. ويمكن للدغة العنكبوت أن تقتل الحشرات والحيوانات الصغيرة؛ إلا أن قليلاً منها يلحق ضررًا بالإنسان؛ وذلك لأن العنكبوت عادة لا يلدغ الإنسان، إلا إذا أثاره بشدة.

                  ويعتقدُ كثيرٌ من الناس أن العناكب حشرات، إلا أن العلماء يصنفونها على أنها من العنكبيات، التي تختلف عن الحشرات في عدة أشياء. فالعناكب مثلاً لها ثمانية أرجل، بينما للنحل والنمل والخنافس والحشرات الأخرى ستة أرجل فقط. وإضافة إلى ذلك تمتلك معظم الحشرات أجنحة، وقرون استشعار، وهذه غير موجودة في العناكب. وتشمل العنكبيات الأخرى: العقارب والحصَّاد والقُمّل، والقراد.

                  ويطلق لفظ ? الْعَنْكَبُوتِ ? على الواحد والجمع‏,‏ والمذكر والمؤنث‏.‏ إلا أن الغالب في استعماله التأنيث. جاء في كتاب(حياة الحيوان الكبرى) للدُّمَيْني:” العنكبوت:دويبة تنسج في الهواء، وجمعها عناكب. والذكر عنكب وكنيته أبو خيثمة، وأبو قشعم، والأنثى أم قشعم، ووزنه فعللوت. وهي قصار الأرجل، كبار العيون، للواحد ثمانية أرجل وست عيون. فإذا أراد صيد الذباب، لطأ بالأرض، وسكن أطرافه، وجمع نفسه، ثم وثب على الذباب، فلا يخطئه “.

                  وهذا النوع من العناكب يسمَّى: ليث عفرين. قال عنه الجاحظ في كتابه الحيوان:”إنه ضرب من العَنَاكب يصيد الذباب صَيْدَ الفُهُود، وهو الذي يسمَّى: الليث، وله ست عيون. فإذا رأى الذباب، لطأ بالأرض، وسكن أطرافه، فمتى وثب، لم يخطىء“.

                  وجاء في لسان العرب لابن منظور:”العنكبوت: دويبة معروفة، تنسج في الهواء، وعلى رأس البئر نسجًا رقيقًا مهلهلاً‏، مؤنثة. وربما ذكِّرت في الشعر. قال أبو النجم:

                  ممَّا يُسَدِّي العنكبوت، إذ خلا

                  قال أبو حاتم: أظنه: إذ خلا المكان والموضع. ( يعني: أن الضمير في: خلا، لا يعود على العنكبوت، وبالتالي ليس فيه دليل على تذكير اللفظ كما زعم بعضهم ).

                  وأما قوله:

                  كأن نسج العنكبوت المُرْمِلِ

                  فإنما ذكَّره؛ لأنه أراد النسج؛ ولكنه جره على الجوار.( يعني: أنه ذكَّر لفظ: المرمل؛ لأنه صفة للنسج. ولو كان صفة للعنكبوت، لوجب تأنيثه).

                  ‏وقال الفراء: العنكبوت أنثى، وقد يذكرها بعض العرب، وأنشد قوله:

                  على هطَّالهم منهم بيوت *** كأن العنكبوت هو ابتناها

                  قال: والتأنيث في العنكبوت أكثر، والجمع: العنكبوتات، وعناكب، وعناكيب “. وأراد بـ(هطَّالهم): جبالهم.

                  ومن استعمالها جمعًا قول الطِّرِمَّاح:

                  ولو أن أمَّ العنكبوت بنت لهم *** مِظَلَّلتها يوم الندى لأكَنَّتِ

                  ومن استعمالها مؤنَّثة قول الفرزدق يهجو جريرًا:

                  ضربت عليك العنكبوت بنسجها *** وقضى عليك به الكتاب المُنزَل

                  أراد: أن بيت جرير في العرب مثل بيت العنكبوت في الوهن. و أراد بقوله: وقضى عليك به الكتاب المنزل: قول الله تبارك وتعالى:? وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ?.

                  وقال أبو البركات الأنباري في كتابه( البلغة في الفرق بين المؤنث والمذكر ):”العنكبوت مؤنثة. وقد يجوز فيها التذكير“.

                  لاحظ قوله:”وقد يجوز فيها التذكير“، ثم قول الفرَّاء من قبله:”وقد يذكرها بعض العرب“، وقول ابن منظور:”وربما ذكِّرت في الشعر“. كل ذلك يدل على أن الغالب في استعمال العنكبوت في لغة العرب التأنيث، وأن تذكيرها قليل، وأنه مختص بالشعر. وإذا كان كذلك، فإنه من النادر الذي لا يقاس عليه.

                  ومما يدل- أيضًا- على كون لفظ? الْعَنْكَبُوتِ ?مؤنث قول العوام: عنكبوتة؛ كقولهم: نملة، ونحلة. قال صلاح الدين الصفدي في كتابه( تصحيح التصحيف وتحرير التحريف ):”يقولون: عنكبوتة. والصواب: عنكبوت “. واستشهد على ذلك بالآية السابقة.

                  فثبت بذلك أن لفظ? الْعَنْكَبُوتِ ?في قوله تعالى:? كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ? مؤنث، وليس فيما ذكرناه من أقوال ما يشير إلى أن المراد به التذكير. ومن الغريب أن بعضهم اعترض على كون المراد به الأنثى بقوله:”ولعله قد غاب عنهم بأن( العنكبوت ) مؤنث مجازي، وحيث أن الفعل قد تأخر عنه، وأصبح الفاعل ضميرًا مستترًا، وجب تأنيث الفعل في اللغة العربية، سواء كان المراد بالعنكبوت: الأنثى، أم الذكر“.

                  وهذا قول باطل؛ إذ كيف يكون لفظ العنكبوت مؤنثًا مجازيًّا، ثم يراد به الذكر؟ ثم لو كان المراد به الذكر، لوجب أن يقال:{ كمثل العنكبوت اتخذ بيتًا }، بتذكير الفعل؛ كما قال تعالى:? فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ ?(البقرة:249). فجاء بفعل? قَالَ ? مذكَّرًا؛ لأن فاعله يعود على? طَالُوتُ?.

                  والظاهر من قوله تعالى:? اتَّخَذَتْ بَيْتاً ?أن المراد بالعنكبوت: النوع، الذي ينسج بيته في الهواء، ويصيد به الحشرات. والجملة صفة للعنكبوت، وهذا أحسن من قول من جعلها حالية؛ لأن جعلها حالية لا يتأتى إلا على تقدير( قد ) قبلها. أي: كمثل العنكبوت قد اتخذت بيتًا. وفيه مخالفة لنظم القرآن.

                  وقال تعالى:? اتَّخَذتَ بَيْتاً ?، ولم يقل:{ بنت بيتًا. أو نسجت بيتًا }- كما يقتضيه ظاهر اللفظ- وذلك لأن? اتَّخَذَ?لا يقال إلا في الشيء المصطفى المحبوب. قال تعالى:? وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ?(النساء:125). وقال سبحانه:? يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ?(الفرقان:27). فالاتخاذ إنما هو اقتناء واجتباء، وهو افتعال من الأخذ. فإذا قلت: اتخذت كذا، فمعناه: اصطفيته لنفسي، واخترته لها.

                  وأصل? اتَّخَذَ ?:{ تخِذ }، وتاؤه أصلية، وليست مبدلة من شيء. وعليه قول تعالى:? قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ?(الكهف:77).وهو من الاتِّخاذ؛ كـالاتِّباع مصدر{ اتَّبَعَ } من{ تبِعَ }. وقول الجوهري وغيره: إنه{ افتعل } من{ الأخذ } وَهْمٌ، لا دليل عليه. ويبيِّن لك ذلك أن بين الاتخاذ، والأخذ فرق في المعنى والاستعمال؛ وهو: أن الأخذ حَوْزُ الشيء وتحصيله، ويكون ذلك بالتناول تارة، ويكون بالقهر تارة أخرى. ومثالهما قوله تعالى:? مَعَاذَ اللّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ ?(يوسف:79). وقوله تعالى:? لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ?(البقرة:255).

                  وجاء الأخذ بمعنى العقاب والعذاب، في نحو قوله تعالى:? وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ?(هود:10). وأصله في العربية: الجمع.

                  أما الاتِّخاذ فهو أخذ الشئ لأمر يستمر فيه؛ مثل الدار يتَّخذها صاحبها مسكنًا، والدابة يتَّخذها مركبًا؛ ومنه قوله تعالى:? وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ?(النحل:68). ويكون الاتِّخاذ بمعنى: التسمية والحكم؛ ومنه قوله تعالى:? وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً ?(مريم:81). أي: سموهم بذلك، وحكموا لهم به؛ ليكونوا لهم شفعاء عند الله بأن لا يعذبوا.

                  ويجري? اتَّخَذَ ?مجرى الجعل، فيتعدى إلى مفعولين، الثاني منهما الأول في المعنى؛ كقوله تعالى:? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ ?(المائدة:51).

                  وقال تعالى:? اتَّخَذَتْ بَيْتاً ?، وأصل البيت: مأوى الإنسان بالليل؛ لأنه يقال: بات: أقام بالليل. كما يقال: ظل: بالنهار، ثم قد يقال للمسكن: بيت، من غير اعتبار الليل. وجمعه: أبيات، وبيوت؛ لكن البيوت بالمسكن أخصُّ، والأبيات بالشعر أخصُّ. ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر وصوف ووبر، وبه شُبِّه بيت الشَّعْر. وقد يطلق لفظ البيت، ويراد به: امرأة الرجل وعياله. ويطلق على ما يبنى بناء اسم: البناء، والبنيان. قال تعالى:? فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً ?(الكهف:21).


                  يوجد في العالم أكثر من ثلاثين ألف نوع من العناكب

                  واستعمل البيت- هنا- فيما تنسجه العنكبوت؛ لتلتقي فيه مع الذكر وقت السفاد؛ ولتصطاد بخيوطه الحشرات، التي تتغذى بها، تشبيهًا له بما يبنيه الإنسان، لما فيه من حسن الصنعة، ودقة النسج. ويقال له: العُكْدُبَة. وعبَّر عن اتخاذها بيتًا بصيغةالندرة? بَيْتاً ?؛ لأنهثبت أن العنكبوت نادرًا ما تنسج لها بيتًا؛ وإنما تظل مرتحلة متنقلة.

                  ويوجد في العالم أكثر من ثلاثين ألف نوع من العناكب. وقد يصل عددها إلى مائة ألف نوع، تتفاوت في أحجامها وأشكالها، ونمط معيشتها. وتعيش في أي مكان يتوافر به غذاؤها. وهناك نوع من العناكب، يمضي معظم حياته تحت الماء، ويعيش نوع آخر منها بالقرب من قمة جبل إيفرست، أعلى جبل في العالم، ويعيش بعضها الآخر داخل المنازل، ومخازن الحبوب، ومختلف المباني.كما تعيش أنواع أخرى على الجدران خارج المباني، وعلى واجهات وأطراف الأبواب والنوافذ.ومنها ما يعيش في جحور تحفرها بنفسها، أو تختبئ في الشقوق الصخرية؛ كالعنكبوت الصيادة البنيَّة، وتصيد الحشرات بنفسها. ويغلب عليها المعيشة الفردية والعدائية لبعضها بعضًا، ولا يوجد منها إلا أنواع قليلة جدٌّا تعيش في جماعات.

                  وذهب بعض العلماء إلى أن في قوله تعالى:? اتَّخَذَتْ بَيْتاً?إعجازًا علميًا، وإشارة إلى حقيقة علمية مفادها: أن أنثى العنكبوت،التي تحمل في جسدها غدد إفراز المادة الحريرية، هي التي تنسج البيت، وليس الذكر، وهي حقيقة بيولوجية، لم تكن معلومة أيام نزول القرآن. وإن اشترك الذكر في بعض الأوقات بالمساعدة في عمليات التشييد‏,‏ أو الترميم‏,‏ أو التوسعة‏,‏ فإن العملية تبقى عملية أنثوية محضة.‏

                  وهذه الحقيقة، التي أنكرها أعداء الإعجاز العلمي من المسلمين ومن غير المسلمين،وهاجموا القائلين بها، قد ذكرها بعض علماء المسلمين قديمًا، وقرَّروها في كتبهم. فهذا ابن عبد ربه يقول في كتابه( العقد الفريد ):”وليس ينسج من العناكب إلا الأنثى، وهي الخدرنق، وولد العنكب ينسج ساعة يولد “.


                  ذهب بعض العلماء إلى أن في قوله تعالى:?اتَّخَذَتْ بَيْتاً?إعجازًا علميًا، وإشارة إلى حقيقة علمية مفادها: أن أنثى العنكبوت،التي تحمل في جسدها غدد إفراز المادة الحريرية، هي التي تنسج البيت، وليس الذكر، وهي حقيقة بيولوجية، لم تكن معلومة أيام نزول القرآن.

                  وهذا الجاحظ يقول في كتابه( الحيوان ):”ولد العنكبوت يقوى على النسج ساعة يولد، وذلك من غير تلقين، ولا تعليم. وأول ما يولد دودًا صغارًا، ثم يتغير ويصير عنكبوتًا، وهو يطاول في السِّفاد. ومنه ما هو كبير، ونسجه رديء. ومنه ما هو دقيق، وهو يمدُّ السُّدى، ثم يعمل اللحمة، ويبتدىء من الوسط، ويهيِّىء موضعًا لما يصيده، يكون له كالخزانة. والأنثى منه هي التي تنسج، والذكر يحل وينقض“.

                  لاحظ قوله:”والأنثى منه هي التي تنسج، والذكر يحل وينقض“، وقول ابن عبد ربه:”وليس ينسج من العناكب إلا الأنثى“.وإن كانت بعض الدراسات قد أشارت إلى أن ذكور العنكبوت تغزل الخيوط، فإنها لم تغزلها؛ لتبني بها بيتًا، وإنما تغزلها لأغراض أخرى.

                  جاء في الموسوعة العربية العالمية:”تغزل جميع العناكب الخيوط؛ لكن بعض أنواعها لا تبني شراكًا. فعلى سبيل المثال يغزل العنكبوت المسلح خيطًا واحدًا في نهايته قطرة لزجة من الحرير، فعندما تطير حشرة بالقرب منه، يقذف العنكبوت هذا الخيط تجاهها؛ لتلتصق الحشرة بطرفه اللزج.

                  ويصنف العلماءُ العناكب إلى عناكب حقيقية، وعناكب الرتيلا، بناءً على فروق معينة بأجسامها، مثل طريقة توجيه الأنياب وحركتها. ويمكن وضع العناكب كذلك في مجموعات تبعًا لطريقة حياتها. فهناك عناكب غازلة للنسيج. أي: التي تغزل أنسجة لاصطياد الحشرات. وعناكب صيادة. أي: التي تجري خلف الحشرات، أو تختبىء مترصدة لها.

                  ويقوم ذكر العنكبوت قبل التزاوج بغزل منصة من خيوط الحرير تسمَّى: النسيج النطفي؛ حيث يصب عليها قطرةً من النطاف(الحيوانات المنوية)، يخرجها من منطقته البطنية، ثم يقوم بملء طرفي الرجلين الملمسيَّتيْن بسائله المنوي؛ ليستعملهما في نقل حييناته المنوية إلى جسم الأنثى أثناء التزاوج. بعد ذلك تختزن الأنثى الحيينات المنوية في جسمها، وعندما تضع بيضها بعد عدة أسابيع أو أشهر، يخصب ذلك البيض بتلك الحيوانات المنوية، التي خزنتها في جسمها بعد التزاوج “.(1)

                  والذكر البالغ في عناكب( الأرملة السوداء ) بعد أن يبنى خيوطًا حريرية، يخرج من جسمه مادة التزاوج، ويلصقها على هذا النسيج، وعندما يرى الأنثى، يبدأ بتحريك يديه، وتبادله الأنثى الحركات نفسها، ثم يلتقط بيديه مادة التزاوج؛ ليضعها تحت جانبها، ثم يتجه للجانب الآخر؛ ليعمل نفس الشيء، الذي يكرره عدة مرات.

                  وليس في ذلك كله ما يدل على أن ذكر العنكبوت يبني البيت كالأنثى؛ كما ادَّعى ذلك بعض الحاقدين على الإسلام، متَّخذًا من بعض الأقوال السابقة دليلاً؛ ليؤيِّد به ادعاءه، وليثبت بذلك- كما قال- خطأ القرآن وقائله.. تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.

                  ومما تجدر الإشارة إليه أن الإعجاز في هذه العبارة، لم يكن في استعمال القرآن للفظ العنكبوت كمفرد يدل على الأنثى؛ لأن القرآن الكريم في هذه الآية- كما قالت الدكتورة بنت الشاطىء- يجرى على لغة العرب، الذين أنثوا لفظ العنكبوت من قديم جاهليتهم الوثنية؛ كما أنثوا مفرد النمل، والنحل، والدود، فلم يقولوا فى الواحد منها إلا نملة، ونحلة، ودودة، وهو تأنيث لغوى، لا علاقة له بالتأنيث البيولوجي؛ وإنما الإعجاز في الآية الكريمة هو في إسناد اتخاذ بيت العنكبوت إلى الأنثى دون الذكر في قوله تعالى:? كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ?. وهذا ما أغفلته الدكتورة بنت الشاطىء، وتجاهله غيرها من منكري الإعجاز العلمي في القرآن الكريم؛ وذلك في ردهم على القائلين بوجود الإعجاز في هذه العبارة من الآية الكريمة.

                  ومثل إسناد اتخاذ بيت العنكبوت إلى الأنثى دون الذكر إسناد اتِّخاذ بيت النحل إلى الأنثى؛ كما أخبر الله تعالى عن ذلك بقوله:? وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ?(النحل:68).

                  فالخطاب في هذه الآية الكريمة موجه للأنثى دون الذكر، وهي النحلة الشغالة، التي تجمع الرحيق، وتصنعه عسلاً، بدليل قوله تعالى عقب ذلك:? يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ ?(النحل:69). أما ذكور النحل فيوجد منهاعدد قليل، يلقح أحدها الملكة قبل أن تضع البيض، ثم يموت.

                  ثم قال تعالى:? وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ?فأخبر أن بيت العنكبوت هو أوهن البيوت على الإطلاق. وهو جملة استئنافية خبرية، جيء بها لبيان صفة العنكبوت، التي يدور عليها أمر التشبيه. ثم قيد الجملة بالعبارة الشرطية? لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ?.

                  وأيُّ معنًى- كما قيل- أبلغ من هذا المعنى، الذي أكَّده الله تعالى من ستة أوجه؟ فأدخل? إِنَّ ?، التي تفيد معنى التأكيد، وأتى بـ{ أفعل } التفضيل? أَوْهَنَ ?، وبناه من{ الوهن }، وأضافه إلى الجمع? الْبُيُوتِ ?، وعرف الجمع باللام، التي تفيد معنى الاستغراق، وأتى في خبر? وَإِنَّ ? باللام? لَبَيْتُ ?، فأفاد بذلك أن أوهن البيوت، إذا استقريتها بيتًا بيتًا هو بيت العنكبوت. أي: لا بيت أوهن منه.

                  ولم تزل هذه الآية محيِّرة للعلماء والباحثين, قديمًا وحديثًا، فالقرآن الكريم قد أخبر أن أوهن البيوت على الإطلاق هو بيت العنكبوت، ثم قيَّد هذا الخبر بقوله تعالى:? لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ?. والعلم الحديث قد أثبت أن بيت العنكبوت منسوج من أقوى الخيوط، التي تستطيع مقاومة الرياح العاتية، ويمسك في نسجه فرائس العنكبوت، من الحشرات، التي هي أكبر من العنكبوت دون أن يتخرَّق. وخيوطه دقيقة جدًا،‏ يبلغ سمك الخيط الواحد منها في المتوسط واحدًا من المليون من البوصة المربعة‏,‏ أو جزءًا من أربعة آلاف جزء من سمك الشعرة العادية في رأس الإنسان،‏ ويتمدد إلى خمسة أضعاف طوله قبل أن ينقطع. وهو أقوى من الفولاذ المعدني العادي بعشرين مرة، ومن الألمنيوم بتسع وعشرين مرة،ولا يفوقه قوة سوى الكوارتز المصهور، وتبلغ قوة احتماله ثلاثمائة ألف رطل للبوصة المربعة. فإذا قُدِّر وجود حبل سميك بحجم إصبع الإبهام من خيوط العنكبوت، فيُمْكِنه حَمل طائرة ركاب كبيرة بكل سهولة. ولذلك أطلق عليه العلماء اسم الفولاذ الحيوي )، أو( الفولاذ البيولوجي )، أو( البيوصلب ). وهذه ‏الحقيقة يستطيع الإنسان أن يكتشفها بنفسه؛ حيث يمكنه بسهولة إزاحة بيت العنكبوت بسبب وزنه ‏الخفيف، ولكن يصعب عليه قطعه، أو تغيير شكله الهندسي الدقيق!

                  قال الدكتور محمد الفار أستاذ ورئيس شعبة الكيمياء الحيوية بعلوم المنصورة في مقال له نشر في جريدة الأهرام:” نجح العلماء أخيرًا في استخدام طرق الهندسة الوراثية لإنتاج خيوط العنكبوت عن طريق جينات مستخرجة من العنكبوت نفسه، وهي أقوى من خيوط الحرير‏.‏ ولذلك فإن هذه الطريقة ستتيح لهم التوسع في استخدام تلك الخيوط العنكبوتية لصناعة سترات واقية من الرصاص من نسيجه‏,‏ وخيوط جراحية بمواصفات جيدة‏ “.

                  ‏فهل كان القرآن الكريم حين أخبر أن بيت العنكبوت أوهن البيوت على الإطلاق- يجهل هذه الحقائق، التي كشف عنها العلم مؤخرًا عن طبيعة هذا الخيط، الذي نسج منه بيت العنكبوت؛ كما يدعي أعداء القرآن؟ وهل كان الكفار والمشركون يجهلون أيام نزول القرآن الكريم أن بيت العنكبوت هو أوهن البيوت، أم كانوا يعلمون ذلك؟ وإذا كانوا يعلمون، فلم نفى الله سبحانه وتعالى عنهم علم ذلك؟

                  أما السؤال الأول فلا نجد في كتب التفسير له جوابًا. وأما السؤال الثاني فأجابوا عنه بأنهم كانوا يعلمون أن بيت العنكبوت هو أوهن البيوت، وأنه سبحانه لم ينف عنهم علمهم بوهن بيت العنكبوت؛ وإنما نفى علمهم بأن اتخاذهم أولياء من دونه كالعنكبوت اتخذت بيتًا، فلو علموا ذلك، لما فعلوه؛ ولكن ظنوا أن اتخاذهم الأولياء من دونه يفيدهم عزًّا وقوة، فكان الأمر بخلاف ما ظنوا.

                  ولهذا نجد علماء التفسير يذهبون إلى أن قوله تعالى:?وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ? جملة حالية؛ لأنه من تتمة التشبيه. أو جملة اعتراضية بين قوله:?كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ?، وقوله:?لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ?. وإلى كونه جملة اعتراضية ذهب الزمخشري. وإلى كونه جملة حالية ذهب الطيبي. وقال صاحب الكَشْف: كلام الزمخشري إلى كونه اعتراضية أقرب.

                  وعلى القول بأنه جملة اعتراضية يكون التقدير هكذا: كمثل العنكبوت اتخذت بيتًا- لو كانوا يعلمون- وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت.

                  وعليه فإن? لَوْ ?- كما قالوا- شرطية متعلقة بقوله تعالى:?مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَكَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ?، وجوابها محذوف، تقديره: لو كانوا يعلمون شيئًا من الأشياء، لعلموا أن هذا مثلهم. أو: لو كانوا يعلمون أن أمر دينهم بالغ هذه الغاية من الوهن، لما اتخذوه دينًا. أو: لو كانوا يعلمون وهن الأوثان، لما اتخذوها أولياء من دون الله تعالى.

                  وقد ذكرنا من قبل أن هذه الجملة استئنافية، جيء بها لبيان صفة العنكبوت، التي يدور عليها أمر التشبيه، وهي جملة خبرية مقيَّدة بالعبارة الشرطية:?لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ?. وهذه العبارة الشرطية تنفي صراحة علمهم بأن أوهن بيت على الإطلاق هو بيت العنكبوت. أما نفي علمهم بأن اتخاذهم أولياء من دونه كمثل العنكبوت اتخذت بيتًا فهو مبنيٌّ على نفي علمهم بأن أوهن البيوت لبيت العنكبوت. ويدل عليه تشبيه الأول بالثاني.

                  ويدل عليه أيضًا أن الله تعالى قال:? لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ?، فأتى بأداة الشرط:? لَوْ ?المتضمنة معنى التمني؛ لينفي بذلك علمهم مع تمني حصول ذلك العلم منهم. ونحو ذلك قوله تعالى:? وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ?(العنكبوت:64).

                  لاحظ كيف جاء قوله تعالى:? وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ?مؤكَّدًا بـ? إِنَّ ?، وباللام في خبرها? لَهِيَ الْحَيَوَانُ ?، ثم قيِّد بالعبارة الشرطية، التي تنفي علمهم بذلك، مع تمني حصول ذلك العلم منهم؛ وهي قوله تعالى:? لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ?. ولكن هيهات، هيهات أن يعلموا ذلك. ولو جاء من يعلمهم به، لظلوا في ظلمات جهلهم غارقين.. ومثل هذا الأسلوب في القرآن كثير لمن أراد التأمل والتدبر.

                  ويبيِّن ذلك أن الأصل في? لَوْ ?أنها أداة تمن، ثم نقلت إلى الشرط؛ وذلك من باب تعدد المعنى الوظيفي للمبنى الواحد؛ ومن خواصِّها فرض ما ليس بواقع واقعًا، وتستعمل فيما لا يُتَوقَّع حدوثُه، وفيما يمتنع حدوثه، أو فيما هو محال، أو من قبيل المحال، سواء كانت في عبارة شرطية؛ كقوله تعالى:? وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ?(التوبة:81). أو كانت في جملة شرطية تامة؛ كقوله تعالى:? لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ?(الأنفال:63).

                  وإذ ثبت بما تقدم أنهم كانوا لا يعلمون أن بيت العنكبوت أوهن البيوت؛ كما أخبر الله تعالى عنهم، فهل كانوا يجهلون طبيعة هذا البيت، من حيث قوة نسجه؟ وهل كان القرآن الكريم يجهل ذلك أيضًا؛ كما يدعي أعداء الإسلام؟

                  أما الجواب عن السؤال الأول فقد روي عن سكان جزر السلَمون أنهم كانوا يقومون قديمًا بصنع شباك صيد الأسماك من خيوط العنكبوت..فإذا ثبت ذلك عنهم، فمن أين أتاهم علم ذلك، وكيف علموا به؟!

                  وأما الجواب عن السؤال الثاني فنقول: لو كان القرآن الكريم يجهل طبيعة بيت العنكبوت، لما أخبر عنه على سبيل التأكيد بأنه أوهن بيت على الإطلاق، ثم قيَّده بنفي علمهم بذلك.

                  ويدل على ذلك أن قوله تعالى:?وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ? لا يكون إلا جوابًا عن جحود جاحد. فهو جواب من قال: ما بيت العنكبوت بأوهن البيوت. ألا ترى أن قولك: إن زيدًا لعالم، جواب من قال: ما زيد بعالم. وإن محمدًا لرسول الله، جواب من قال: ما محمد برسول الله. وعلى هذا جاء قوله تعالى:? إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ?(المنافقون:1).

                  ومما تجدر الإشارة إليه أن القرآن الكريم ليس هو كتاب علم، حتى يفصل القول في شرح هذه الحقائق؛ كما فصل العلم القول فيها؛ وإنما هو كتاب هداية قبل كل شيء. ولهذا يكتفي بالإشارة إليها إشارات فيها العبرة لمن أراد أن يعتبر، ولا يخفى ذلك إلا على من طمس الله على بصره، وأعمى بصيرته?فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ?(الحج:46). فأنى لأولئك الصم البكم العمي أن يفهموا كلام الله جل وعلا؟!

                  والسؤال الذي ينبغي أن يسأل هنا هو: كيف يكون بيت العنكبوت أوهن البيوت على الإطلاق، وهو منسوج من أقوى الخيوط على الإطلاق، وأكثرها مرونة؟ وكيف يجتمع في منشأة واحدة الحد الأدنى ‏من الوهن، والحد الأقصى من القوة والمرونة!؟

                  وأول ما ينبغي الإشارة إليه قبل الإجابة عن ذلكهو أن الآية الكريمة نصَّت على وهن بيت العنكبوت، لا على وهن الخيط، الذي نسج منه. فلم يقل سبحانه وتعالى:{ إن أوهن الخيوط لخيط العنكبوت }؛ وإنما قال:?وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ?، وهي إشارة دقيقة، لا تخفى إلا على الجاهلين من أولئك الحاقدين، الذين اتهموا القرآن الكريم بالخطأ، وطعنوا في إعجازه، حين زعموا زورًا وبهتانًا أن” العلم يقول عن خيوط العنكبوت: إنها قوية، والقرآن يقول: إنها ضعيفة؛ لأن القرآن، وكاتب القرآن لا يعرف الفولاذ، ولا يدرك طبيعة خيط العنكبوت “.? ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ?(التوبة:30).

                  وأنت إذا تأملت الآية الكريمة حق تأملها على ضوء ما تقدم، تبيَّن لك أن المعنى المراد منها: إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت رغم قوة ومتانة ومرونة خيوطه، التي نسج منها.. فالوهن الذي أخبر عنه القرآن الكريم ليس في خيط العنكبوت؛ وإنما هو في البيت، الذي نسج من ذلك الخيط.

                  قال الدكتور محمد الفار في مقاله، الذي أشرنا إليه سابقًا:” والعجيب أن من هذه الخيوط‏(‏ القوية‏ )‏ تصنع بيوت العنكبوت‏(‏ الضعيفة‏ )‏ الواهية والواهنة‏.‏ وإلى هذا يشير المولى عز وجل في قوله تعالى:? مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ?.

                  والمعني العام: أنه من يتوكل على غير الله‏,‏ طالبًا المناصرة والمؤازرة‏,‏ فإنه بذلك يختار، ويتخذ منهجًا واهيًا، وليس قويًّا‏؛‏ كما قد يتصور‏,‏ فالعنكبوت مثلاً تنسج بيتها بنفسها‏,‏ وتعتمد بالطبع على خيوطها‏‏ القوية- كما أشرنا‏-‏ وتتصور أنها بذلك قد صنعت بيتًا قويًّا‏؛‏ ولكنه في الحقيقة واهن وضعيف في الهواء‏.‏ فكذلك هو الحال مع من يولي أمره لغير الله‏,‏ ويتصور أن هؤلاء الأولياء بمجموعهم قد ينفعونه‏.‏ فهذا المنهج واهن‏.‏

                  والعبرة والعظة والإعجاز في هذا التشبيه القرآني نتلمسه في ضوء ما توصل إليه العلماء‏,‏ فبيت العنكبوت بخيوطه القوية‏,‏ يسهل إطاحته‏؛ ولكن إذا استعملت تلك الخيوط العنكبوتية في ظروف أخرى,‏ وبمنهج آخر‏,‏ فإنها تكون نسيجًا قويًّا جدًّا‏,‏ وشديدًا في متانته، ويصلح لصد الرصاص‏.

                  وللتوضيح‏,‏ فالجرافيت والألماس‏,‏ كلاهما من الكربون‏,‏ وعلى الرغم من ذلك فلهما خواص فيزيائية وشكلية متضادة تمامًا‏.‏ فالأول‏,‏ أسود ولين ومعتم وضعيف، ويسهل كسره‏.‏ أما الثاني فهو شفاف ونقي، ومن أصلد وأقوى المعادن‏.‏ والأول يتحول للثاني تحت ظروف قاسية من الضغط والحرارة‏،‏ وإذا تغيرت الظروف حوله.. فالعبرة بالمنهج والبيئة‏..‏ وسبحان الله“‏.‏

                  وقال تعالى:? أَوْهَنَ الْبُيُوتِ ?، ولم يقل:{ أضعف البيوت }؛ وذلك لأن الضعف هو من فعل الله تعالى؛ كما أن القوة كذلك. تقول: خلقه الله ضعيفًا، أو خلقه قويًا. ويكون في الجسد والرأي والعقل. قال تعالى:? اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ?(الروم:54). وقال تعالى:? وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً ?(النساء:28).

                  أما الوهن فهو من فعل المخلوق، وهو أن يفعل فعل الضعيف. تقول: وهن في الأمر يهن وهنًا، وهو واهن، إذا أخذ فيه أخذ الضعيف. والأمر موهون؛ ومنه قوله تعالى:? وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ ?(آل عمران:139). أي: لا تفعلوا أفعال الضعفاء، وأنتم أقوياء على ما تطلبونه بتذليل الله إياه لكم.

                  ويدل على صحة ما ذكرنا أنه لا يقال: خلقه الله واهنًا؛ كما يقال: خلقه الله ضعيفًا. وقيل: الوهن: الضعف في العمل والأمر، وكذلك في العظم ونحوه؛ كما في قوله تعالى:? قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ?(مريم:4). ويجوز أن يقال: إن الوهن هو انكسار الحد والخوف ونحوه، والضعف نقصان القوة. ويدل عليه قول الله تعالى في وصف المؤمنين المجاهدين:? فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ ?(آل عمران:146)، إشارة إلى نفي الحالتين عنهم في الجهاد. وقيل: الوهن هو ضعف من حيث الخَلْق، والخُلُق.

                  ويتلخص من ذلك كله: أن الوهن هو من فعل المخلوق، ويكون مادِّيَّا، ومعنويًّا. وهذا ما ينبغي أن يفهم من الوهن المنصوص عليه في الآية الكريمة.

                  أما وهن{ بيت العنكبوت }من الناحية المادية فلأنه مكون من مجموعة خيوط حريرية غاية في الدقة تتشابك‏‏ مع بعضها البعض تاركة مسافاتٍ بيْنِيَّة كبيرة في أغلب الأحيان‏؛ ولذلك فهو لا يقي حرًّ‏,‏ ولا بردًا‏,‏ ولا يحدث ظلاً كافيًا‏,‏ ولا يقي من مطر هاطل‏,‏ ولا من رياح عاصفة‏,‏ ولا من أخطار المهاجمين‏.‏ ولهذا يغزل العنكبوت خيطًا من الحرير يُسمَّى: خيط الجذب، وخيط الحياة؛ وذلك لأنه يستعمله- غالبًا- في الهروب من الأعداء.فإذا أحس العنكبوت بخطر، يهدد نسيجه، فإنه يهرب من النسيج بوساطة خيط الجذب؛ ليختبئ بين الأعشاب، أو يبقى متعلقًا به في الهواء، حتى يزول الخطر، ثم يعود مرة أخرى إلى نسيجه عبر خيط الجذب.

                  ومن أخصِّ خصائص البيت وأوصافه أنه مأوى لصاحبه، يقيه من برد الشتاء، وحر الصيف، ويحميه من أذى الكائنات، التي هي أقوى منه. وهذا كله لا يتوفر في بيت العنكبوت على الرغم من الإعجاز في بنائه. ولا يخفى ذلك إلا على جاهل، ولا ينكره إلا مكابر، أو حاقد.

                  وأما وهنه من الناحية المعنوية فلأنه بيت محروم من معاني السكن والمودة والرحمة، التي يقوم على أساسها كل بيت سعيد‏.‏ولهذا عبَّر القرآن الكريم عنه بالبيت، لا بالمسكن؛ وذلك خلافًا لبيت النمل، الذي عبَّر عنه بالمسكن؛ كما في قوله تعالى:? يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ?(النمل:18).

                  وإنما سمِّيَ مسكنًا؛ لأنه سكن لصاحبه، وإلى هذا أشار الله تعالى بقوله:?وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً ?(النحل:80)، ونحو ذلك قوله تعالى:? وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ?(الروم:21).

                  وقد ثبت- كما تقدم- أن بيت العنكبوت لا يجير آويًا، ولا يريح ثاويًا؛ لأنه بيت لا طمأنينة فيه، لا لأصحابه، ولا لزواره؛ لأنه بيت لم يعَدَّ في الأصل للسكن؛ وإنما أُعدَِّ ليكون مصيدة، يقع في حبائله اللزجة كل من فكر بزيارته من الحشرات الطائرة المخدوعة.

                  جاء في الموسوعة العربية العالمية:” وتقبع بعض أنواع العناكب غازلة النسيج الدائري في وسط النسيج، مترقبة لفرائسها، بينما تلصق أنواع أخرى خيطًا إشاريًّا وسط النسيج. ويختبىء العنكبوت في عشه قرب النسيج، ممسكًا بالخيط الإشاري. وعندما تسقط حشرة في النسيج، يهتز الخيط الإشاري منبهًا العنكبوت، الذي يندفع إلى خارج عشه بسرعة كبيرة، للإمساك بالحشرة. وتنسج تلك العناكب نسيجًا دائريًا كل ليلة، يستغرق بناؤه ما يقرب من ساعة، وتأكل النسيج القديم للمحافظة على الحرير. بينما تصلح أنواع أخرى من تلك العناكب، أو تغير أي جزء تالف من نسيجها “.

                  ومن العناكب ما يسمَّى بالعنكبوت الصيادة الرمادية، وهي من العناكب، التي تخرج ليلاً للصيد؛ كما تفعل الشَبَث والعقرب. أما الأنواع الأخرى من العناكب فهي لا تبرح مكانها، ولكنها تنتظر وتترقب؛ لكي يقع صيدها في شباكها، التي تنسجها، وتعيش بالقرب منها.

                  أما العنكبوت الصيادة البنيَّة فتعيش في جحور تحفرها بنفسها، أو تختبئ في الشقوق الصخرية، وتعيش حياة انفرادية، وتصيد بنفسها الحشرات، ولا تتردد في أكل العناكب، التي من نفس جنسها، وهي شرسة الطباع، قوية الافتراس. وعندما تصيد فريستها، تقطعها بعض القطع، أو تفتح فيها فتحات، ثم تمتص السوائل، التي بداخلها؛ لتتركها ناشفة من الداخل.

                  ومن اللافت في موضوع العناكب كلها أن الحشرات الأخرى لا تسلم من شرها ساعة من ليل أو نهار، فهي دائمة الترصد لفرائسها في ورديات نهارية وليلية. وتبدأ العناكب الليلية صيدها بعد انتهاء عمل العناكب النهارية، وقد ابتكرت العناكب طرقًا مختلفةً لاقتناص فرائسها، فبعضها ينقض على فريسته انقضاضًا مباشرًا؛ إلا أن أشهر طرق الاقتناص لديها يتم عن طريق ما تنصبه من شباك، تتخايل للفرائس؛ وكأنها زينة تلمع أمامها، فإذا ما اقتربت منها، وقعت فيها، وكانت سببًا في هلاكها!!..

                  وبعد اكتمال نمو ذكر العنكبوت، يبدأ في البحث عن شريكة للتزاوج، وأحيانا يفقد الذكر حياته، إذا ما اعتقدت الأنثى أنه فريسة، فتلتهمه. وتفضل ذكور معظم العناكب القيام بأنشطة الاستمالة، التي يتم من خلالها الكشف عن هويتها لجذب الإناث. وبعضها الآخر يقوم بهز خيوط نسيج الأنثى، بينما يقوم بعض ذكور العناكب الصيَّادة بتحريك أرجلها وأجسامها في رقصة استمالة غير عادية. وتستخدم ذكور العناكب القافزة الشعر الملون على أرجلها للفت انتباه الأنثى، كما تقدم ذكور عناكب النسيج الحاضن هدية للأنثى قبل الزواج، تتمثل في ذبابة كان قد اصطادها.

                  ولا تقوم الأنثى بقتل الذكر وأكله بعد مجامعته؛ كما كان يعتقد سابقًا، فقد أثبتت إحدى الدراسات أن العناكب تأكل الذكر، الذي يبدو شكله غريبًا عليها، إذا ما حاول الاقتراب منها، ولا تستجيب إلا للذكر، الذي يبدو مألوفًا لديها. ومع ذلك فكثيرًا ما يعمد الذكر إلى الهروب بعد أن يلقح أنثاه خوفًا على نفسه من افتراس الأنثى له؛ لأنها أكبر منه حجمًا، وأكثر شراسة‏.‏

                  وتقوم إناث كثير من أنواع العناكب بوضع بيضها في كيس أبيض ورَقيٍّ، تصنعه من خيوطها، وتجره خلفها أينما ذهبت. وفي بعض الأنواع تموت الأنثى بعد إتمام إخصاب بيضها. وفي بعض الأنواع الأخرى تمكث الأنثى فوق البيض حتى يفقس داخل الكيس.

                  وعندما يفقس البيض، تخرج صغار العنكبوت،‏ فتجد نفسها في مكان شديد الازدحام بالأفراد داخل كيس البيض‏,‏ فيبدأ الإخوة الأشقاء في الاقتتال من أجل الطعام، أو من أجل المكان، أو من أجلهما معًا، فيقتل الأخ أخاه وأخته‏,‏ وتقتل الأخت أختها وأخاها؛ حتى تنتهي المعركة ببقاء عدد قليل من العناكب، التي تنسلخ من جلدها‏,‏ وتمزق جدار كيس البيض؛ لتخرج الواحدة تلو الأخرى‏,‏ والواحد تلو الآخر بذكريات تعيسة,‏ وينتشر الجميع في البيئة المحيطة، وتبدأ كل أنثى في بناء بيتها‏,‏ ويهلك في الطريق إلى ذلك من يهلك من هذه العناكب‏.‏ ومن ينجو منها، يكرر نفس المأساة، التي تجعل من بيت العنكبوت أكثر البيوت شراسة ووحشية‏ وانعدامًا لأواصر القربى‏.

                  وقد يحدث أن تتقاتل أنثيان مع بعضهما البعض، فتحمل القاتلة صغار المقتولة على ظهرها، أو أن الصغار تترك الأم المقتولة، وتتسلق ظهر الأنثى القاتلة، وتظل متعلقة بها إلى أن تكبر، وتصبح قادرة على العيش وحدها.

                  وقالت الدكتورة هاموند:” العنكبوت يأكل بعضه البعض. إذا ما وضعت عنكبوتين في قفص، فسيأكل واحد منهما الآخر“.

                  وقال الدكتور جفري تيرنر رئيس شركة نكسيا للتكنولوجيا الحيوية:” إن الناس بدؤوا يتساءلون عن إمكانية إنتاج المادة البروتينية تمامًا؛ كما يتم مع دودة القز لإنتاج الحرير. لكن المشكلة هي أن العناكب من الحشرات، التي يصعب السيطرة عليها، وأقلمتها على الاستزراع، وهي حشرات فردية وعدوانية “.

                  ويضيف الدكتور جفري قائلاً:”عندما تضع عشرة آلاف منها في حجرة واحدة، ستجد بعد فترة أن واحدًا قبيحًا قويًّا منها هو الذي يبقي، ويموت الكل من شدة المنافسة والصراع فيما بينها “.

                  وقد سبق أن ذكرنا أن العنكبوت الصيادة البنِّيَّة تعيش في جحور، تحفرها بنفسها، أو تختبئ في الشقوق الصخرية، وتعيش حياة انفرادية، وتصيد الحشرات بنفسها، ولا تتردد في أكل العناكب، التي من نفس جنسها، وهي شرسة الطباع قوية الافتراس. وفي بعض أنواع العناكب تلتهم الأنثى صغارها دون رحمة.

                  هذا هو بيت العنكبوت، يبدو لمن تأمله أدنى تأمل أنه أوهن البيوت؛ كما وصفه القرآن الكريم. بيت يفتقد العلاقات الأسرية، والعاطفية الحميمة، ويقوم على المصالح والمنافع المادية الدنيوية المؤقتة. فإذا انتفت المصالح, وانتهت المنافع, انقلب إلى مذبحة، وخيم عليه الخوف والتربص والقتل. وحتى بالمقارنة مع عالم الحشرات يعد بيت العنكبوت أوهن ‏البيوت من الناحية الأسرية، وأكثرها أنانية وشراسة.

                  ثم بعد هذا كله نجد من أعداء الإسلام والموالين لهم من يتشدق ويقول: بيت العنكبوت من أقوى البيوت، والقرآن مخطىء حين وصفه بأنه أوهن البيوت. وهو يقول ذلك مع اعترافه بأن بيت العنكبوت مصيدة، يتصيد الفرائس من خلاله، ويعيش عليها. ولم يدر أن كونه مصيدة، يوقع الحشرات في حبائله اللزجة، التي تتخايل لها؛ وكأنها زينة تلمع أمامها، يكفي لأن يجعل من هذا البيت أوهى البيوت على الإطلاق من ‏الناحية الاجتماعية والأخلاقية، ولم يدر أيضًا أن هذا الوصف الدقيق لهذا البيت؛ إنما جاء في سياق ضرب المثل لمن يتخذ من دون الله ‏أولياء؛ حيث الصلات واهية، والروابط متقطعة، والغدر وارد في أي لحظة!!‏

                  هذه هي الحقيقة، التي غفل عنها أولئك الذين اتخذوا من أعداء الله أولياء من دون الله، يستعينون بهم ويلوذون إليهم في رغب وفي رهب، ويتوجهون إليهم بمخاوفهم ورغائبهم, ويخشونهم، ويفزعون منهم, ويترضونهم؛ ليكفوا عن أنفسهم أذاهم, أو يضمنوا لأنفسهم حماهم، فكان مثلهم في ذلك? كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ?.

                  وإنهلتصوير عجيب صادق لحقيقة هؤلاء العناكب، وحقيقة أوليائهم، الذين يلوذون إليهم، ويحتمون بحماهم في هذا الوجود. الحقيقة التي غفل عنها أكثر الناس، فساء تقديرهم لجميع القيم, وفسد تصورهم لجميع الارتباطات, واختلت في أيديهم جميع الموازين، فما عرفوا إلى أين يتوجهون.. ماذا يأخذون، وماذا يدعون?

                  وعندئذ خدعتهم تلك القوى الظاهرة، التي يتمتع بها أولياؤهم، فداروا حولها, وتهافتوا عليها؛ كما يدور الفراش على المصباح, ويتهافت على النار، ونسَوْا القوة الوحيدة، التي تخلق سائر القوى الصغيرة, وتملكها, وتمنحها, وتوجهها، وتسخرها كما تريد، وحيثما تريد، ونسَوْا أن الالتجاء إلى تلك القوى، سواء كانت في أيدي الأفراد, أو الجماعات, أو الدول؛ كالتجاء العنكبوت إلى بيت العنكبوت.. هذه الحشرة الضعيفة الرخوة الواهنة، التي لا حماية لها من تكوينها الرخو, ولا وقاية لها من بيتها الواهن، على الرَّغم من خيوطه القوية. وليس هنالك من حماية إلا حماية الله, وإلا حماه, وإلا ركنه القوي الركين.

                  فهم من جهة عناكب واهنة، ليس لها من قوة سوى خيوطها القوية، التي تبني منها بيتها الواهن. وهم من جهة أخرى حشرات حقيرة، خدعتها تلك الخيوط القوية البراقة، فوقعت فيها، وكانت سببًا في هلاكها. أما أولياؤهم فهم بما امتلكوا من قوى أشبه ببيت العنكبوت وخيوطه، التي نسج منها؛ لأنهم رغم كل ما يمتلكون من قوى، لا يستطيعون حماية أنفسهم من الأخطار، التي تحدق بهم، وتهدد أمنهم في كل حين. وإذا كانوا لا يستطيعون حماية أنفسهم، فمن باب أولى ألا يستطيعوا حماية من اتخذهم أولياء من دون الله تعالى.

                  وفي ذلك تأكيد على أن قوة الله وحدها هي القوة، وولاية الله وحدها هي الولاية، وما عداها فهو واهن ضئيل هزيل; مهما علا واستطال, ومهما تجبر وطغى, ومهما ملك من وسائل البطش والطغيان والتنكيل.. إنها العنكبوت، وما تملك من القوى، ليست سوى خيوط العنكبوت،? وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ?.

                  ومن أراد أن يتأكَّد من هذه الحقيقة، فلينظر إلى أمريكا، وإسرائيل، ومن والاهما. وسيعلم حينذ أن العبرة ليست في قوة خيوط العنكبوت ومتانتها؛ وإنما العبرة في قوة بناء البيت من الناحية المادية والمعنوية: الاجتماعية والأخلاقية، وليتأمل بعد ذلك قول الله تعالى عقب هذا المثل:

                  ? وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ?(العنكبوت:43)

                  لعله يعقل المراد من هذه الأمثال، ويدرك ما فيها من أسرار، تخفى على الكفرة الجاهلين، والملاحدة المتكبرين.. اللهم اجعلنا من الذين يعقلون أمثالك، ويفقهون كلامك، ويدركون أسرار بيانك، والحمد لله رب العالمين
                  .

                  تعليق


                  • #10
                    رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                    ثانيا الإعجاز الغيبي والتاريخي

                    والموضوع الأول منه بعنوان

                    القرآن الكريم وذكر حكام مصر القدماء والتفريق بين كلمة الملك والفرعون


                    لقد ذكر القرآن حكام مصر الأقدمين وفرق بينهم لما يذكر حكام مصر في عصر موسى عليه السلام لا يذكره إلا بصيغة فرعون، وذلك في أكثر من ستين آية كريمة منها قوله تعالى:
                    قال الله تعالى : (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ)[سورة البقرة:49).
                    أما عند ذكر حكام مصر في عصر نبي الله يوسف عليه السلام فلا يذكره إلا بلفظ الملك قال تعالى:
                    (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ)[سورة يوسف]، وقوله تعالى: (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ)[سورة يوسف].



                    التوراة وذكر حكام مصر القدماء:

                    لم تفرق التوراة إطلاقاً بين حكام مصر في عصر نبي الله موسى وبين حكام مصر في عصر نبي الله يوسف فكانت تذكرهم بلفظ الفرعون دون التفريق بينهم.
                    جاء في التوراة (إصحاح 9خروج: 13): (ثم قال الرب لموسى. بكر في الصباح وقف أمام فرعون وقل له هكذا يقول الرب إله العبرانيين. أطلق شعبي ليعبدوني لأني أرسل جميع ضرباتي إلى قلبك وعلى عبيدك وشعبك لكي تعرف أنه ليس مثلي في كل الأرض).
                    أما لما تحدث عن حاكم مصر في عهد يوسف في (إصحاح تكوين 41):
                    (فحسن الكلام في عيني فرعون وفي عيون جميع عبيده. فقال فرعون لعبيده وهل نجد مثل هذا. رجلاً فيه روح الله. ثم قال فرعون ليوسف: بعد ما أعلمك الله كل هذا ليس بصير وحكيم مثلك. أنت تكون على بيتي وعلى فمك يقبل جميع شعبي..).


                    الحضارة المصرية القديمة(الفرعونية):


                    ظلت الحضارة المصرية (الفرعونية) مجهولة لا يعرف عنها إلا بعض الآثار الظاهرة والتي غمر معظمها تحت الرمال الصحراوية في الجيزة وأسوان والأقصر، حتى قام جان فرانسوا شامبليون العالم الفرنسي بفك رموز اللغة المصرية القديمة بعد استعانته بحجر رشيد الذي كان قد اكتشف أثناء الحملة الفرنسية على مصر، فقد نقش على الحجر نص بلغتين وثلاث كتابات: المصرية القديمة ومكتوبة بالهيروغليفية والتي تعني الكتابة المقدسة، لأنها كانت مخصصة للكتابة داخل المعابد، والديموطيقية وتعني الخط أو الكتابة الشعبية، واللغة اليونانية بالأبجدية اليونانية، ومن خلال المقارنة بينهم نجح في فك طلاسم الكتابة الهيروغليفية.
                    ولقد فتح هذا الاكتشاف الباب واسعاً أمام الاكتشافات الأثرية والتعرف على حياة الفراعنة وحياة المصريين القدماء.


                    تسمية الفرعون:

                    كلمة فرعون تعني باللغة المصرية القديمة (البيت الكبير) والتي تطور استعمالها إلى لقلب لحكام مصر ولم يعرف هذا اللقب لحكام مصر إلا في بداية الأسرة الثامنة عشرة (1539 قبل الميلاد) حيث وجد نقش عليه خطاب موجه إلى أمنحوتب الخامس (اخناتون) والذي دعي على أنه فرعون كل الحياة والرخاء والصحة. (1)


                    لقب الملك لحكام مصر:

                    مما تبين لنا من خلال مطالعة الموسوعة البريطانية وموسوعة الويكي بيدا وغيرها من الكتب التي تحدثت عن تاريخ مصر القديمة أن لفظ الفرعون لم يستعمل إلا في بداية الأسرة الثامنة عشرة أي (1539 قبل الميلاد) فصاعدا ً أي كل الفترة الزمنية التي سبقت هذا التاريخ كان لقب حكام مصر هو الملك بدون خلاف على ذلك سواء في أيام احتلال الهكسوس (الذي يعني اسمه الملك الرعاة باللغة المصرية القديمة) لمصر ما بين( 1648 الي 1540 ق.م ) أو قبلها.


                    نزول يوسف إلى مصر:


                    ومن المتفق عليه أن نزول يوسف إلى مصر وحكمه كان قبل بعثة موسى عليه السلام بفترة طويلة وذلك لقوله تعالى على لسان مؤمن آل فرعون (لَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ )[سورة غافر].
                    فالمصريين لم يقولوا لن يبعث الله من بعده رسولا إلا بسبب الفترة الطويلة التي جاءت بعده ولم يرسل فيها الله نبياً وهذا بعكس أنبياء بيني إسرائيل الذين كان الله سبحانه يرسلهم على فترات متقاربة وبما أن بعثة موسى كانت في زمن فرعون مصر (رمسيس الثاني) كمان تبين لنا في بحث سابق فلا شك أن يوسف كان في مصر قبل عصر الأسرة الثامنة عشرة أي الفترة التي كان يطلق على حكام مصر لقب الملك بغض النظر إن كان الحكام مصريين أم من الهكسوس فالكل كان يطلق لفظ ملك على الحاكم.



                    حجر جزيرة الشاطئ:


                    تم اكتشاف حجز يعود إلى الأسرة الثالثة وتحدياً إلى عصر الملك دوسر حيث كتب عليه ( الملك زوسر يطلب من الآلهة رفع المجاعة التي ضربت مصر والتي استمرت لسبع سنوات إلخ ..)(2)
                    وأنا أرجح أن يكون يوسف قد حكم مصر في عهد الملك زوسر أو دوسر في عصر الأسرة الثالثة لأنه جرى توثيق لهذه المجاعة على أنها استمرت لسبع سنوات كما انه تمت الإشارة إلى حاكم مصر على أنه الملك وليس الفرعون وهذا أيضا موافق للقرآن الكريم.


                    الإعجاز الغيبي للقرآن

                    لقد فرق القرآن بين عصريين مهمين في التاريخ المصري وهو عصر ما قبل الفراعنة أي ما قبل الأسرة الثامنة عشرة الذين كانوا يطلقون لقب الملك على حكامهم وعصر ما بعد الفراعنة الذين كانوا يطلقون لقب الفرعون على حكامهم وذلك ابتداء من الأسرة الثامنة عشرة بعكس التوراة التي لم تفرق بين العصرين أو اللقبين ففرعون هو اللقب الخاص لحكام مصر في التوراة سواء أيام نبي الله يوسف أو نبي الله موسى وهذا يخالف العلم الحديث.
                    أما القرآن الكريم فكان ولا يزال كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذي يوجد فيه أي تناقض.
                    قال الله تعالى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)[سورة النساء].


                    بقلم فراس نور الحق

                    التعديل الأخير تم بواسطة بنت القطاع; 12/03/2008, 12:06 PM.

                    تعليق


                    • #11
                      رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                      إخبار النبي عن قتل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

                      ومن علامات الساعة التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

                      ‏حدثنا ‏ ‏عمر بن حفص بن غياث ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏الأعمش ‏ ‏حدثنا ‏ ‏شقيق ‏ ‏سمعت ‏ ‏حذيفة ‏ ‏يقول ‏ ‏بينا نحن جلوس عند ‏عمر ‏إذ قال أيكم يحفظ قول النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏في الفتنة قال ‏‏فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال ليس عن هذا أسألك ولكن التي تموج كموج البحر قال ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين إن بينك وبينها بابا مغلقا قال ‏‏عمر ‏أيكسر الباب أم يفتح قال بل يكسر قال ‏عمر ‏‏إذا لا يغلق أبدا قلت أجل قلنا ‏ ‏لحذيفة ‏ ‏أكان ‏عمر ‏يعلم الباب قال نعم كما يعلم أن دون غد ليلة وذلك أني حدثته حديثا ليس بالأغاليط ‏ ‏فهبنا ‏أن نسأله من الباب فأمرنا ‏‏مسروقا ‏ ‏فسأله فقال من الباب قال ‏‏عمر [1].

                      ولهذا اشتُهر عمر رضي الله تعالى عنه عند بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم بقفل الفتنة ـ كما في حديث أبي ذر وعثمان بن مظعون رضي الله تعالى عنهما[2].

                      ولهذا لم تظهر الفتن في زمنه رضي الله تعالى عنه، لأن وجوده كان باباً مانعاً من ظهورها، فهو باب موصد بإحكام، فلما قتل رضي الله تعالى عنه، ونال الشهادة: انكسر الباب، وظهرت الفتن، ثم تمادت وانتشرت، وما زالت في ازدياد إلى يومنا هذا.

                      وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه، وسماه شهيداً، وهو حي، كما ورد في قصص ارتجاف جبال أحد، وحراء، وثبير. وأذكر بعض الأحاديث في ذلك، وأشير إلى الباقي.

                      فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحداً، ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف بهم، فضربه برجله، وقال : (أثبت أحد، فإنما عليك نبي، وصِدّيق، وشهيدان) رواه البخاري[3].

                      وقد ورد نحو هذا عن عدد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، كما أوضحت ذلك في (فضائل المدينة المنورة) و (مكانة الحرمين الشريفين) و(محبة النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته بين الإنسان والجماد) وغيرها.

                      وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء، هو وأبو بكر وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة والزبير [زاد في رواية:وسعد بن أبي وقاص] فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أهدأ، فما عليك إلا نبيٌ، أو صدِّيق، أو شهيدٌ) رواه مسلم[4].

                      وقد ورد ذلك عن عدد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

                      وكذا ورد عند ارتجاف جبل ثبير، كما ورد في حديث سيدنا عثمان رضي الله تعالى عنه.

                      وقد ذكرت روايات ارتجاف حراء وثبير في الكتب الثلاثة، إضافة لـ (فضائل مكة المكرمة ) ومختصره، فانظرها إن شئت.

                      ففي هذه الأحاديث الشريفة:إخباره صلى الله عليه وسلم عن مقتل هؤلاء الأخيار، وأنهم شهداء.

                      وقد قتلوا جميعاً فعلاًن باستثناء سعد رضي الله تعالى عنه، ولكن يحشر معهم، والله أعلم.

                      وجه الإعجاز:إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن استشهاد عمر بن الخطاب وهذا من نبأ الغيب الذي يقدر عليها أحد إلا الأنبياء

                      تعليق


                      • #12
                        رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                        مشاركة قيمة وجهد مشكور

                        بارك الله فيكِ اختي بيسان 2008 وجزاكِ الجنة

                        تعليق


                        • #13
                          رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                          ميلاد النبي محمد وملكه ووقت ظهوره في الكتب السابقة


                          بقلم الأستاذ هشام طلبة

                          الباحث في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة


                          (وَلَمّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدّقٌ لّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمّا جَآءَهُمْ مّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ) { البقرة 89} .

                          ذكر القرآن الكريم أن أهل الكتاب كان مكتوباً عندهم زمان خروج نبي آخر الزمان بل إنهم كانوا يغيظون المشركين قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بقرب مبعثه يقولون قد أظلنا زمان نبي نتبعه ونقلتكم قتل عاد وإرم في معنى ما رواه ابن كثير في تفسيره عن قتادة.

                          والحق أن بعض علماء مقارنة الأديان من المسلمين قد خاضوا من قبل في هذا الموضوع وذكروا نصوصاً في الكتاب المقدس تشير في رأيهم إلى زمان خروج النبي الآخر صلى الله عليه وسلم وقد خاضوا في هذا الأمر على وجهين:

                          الأول: الإخبار بعلامات مجيء وزمان ليس محدداً تحديداً دقيقاً وقد أصابوا فيه.

                          والوجه الثاني: هو التحديد الدقيق لتاريخ الميلاد أو البعثة.

                          أما الوجه الأول: فلم يتعد نبوءة في العهد الجديد الأناجيل والرسائل الملحقة بها على لسان المسيح عيسى.. يتكلم فيها عن علامات مجيء المسيح المنتظر، يفسرها النصارى على أنها علامات عودة عيسى إلى الدنيا مرة أخرى. والحق أن العهد الجديد من عادته أن ينسب كل نبوءة وردت من قبل في العهد القديم التوراة عن النبي المنتظر ولم تتحقق في عيسى، ويقول سيتحقق هذا حين يعود عيسى إلى الدنيا مرة أخرى، ويسمون هذا "المجيء الثاني".. تقول النبوءة. وهي آخر حديث لعيسى مع أتباعه: "وخرج يسوع من الهيكل فدنا عليه تلاميذه، وهو سائر يستوقفون نظره على أبنية الهيكل. فأجابهم: أترون هذا كله؟ الحق أقول لكم: لن يترك هنا حجر على حجر من غير أن ينقض. وبينما هو جالس في جبل الزيتون دنا منه تلاميذه فانفردوا به وسألوه: قل لنا متى تكون هذه الأمور وما علامة مجيئك ونهاية العالم؟ فأجابهم يسوع: إياكم أن يضلكم أحد. فسوف يأتي كثير من الناس منتحلين اسمي يقولون: أنا هو المسيح ويضلون أناساً كثيرين. وستسمعون بالحروب وبإشاعات عن الحروب فإياكم أن تفزعوا، فلا بد من حدوثها، ولكن لا تكون النهاية عندئذ. فستقوم أمة على أمة، ومملكة على مملكة، وتحدث مجاعات وزلازل في أماكن كثيرة. وهذا كله بدء المخاض. وستسلمون عندئذ إلى الضيق وتقتلون، ويبغضكم جميع الوثنيين من أجل اسمي.

                          فيغير أناس كثيرون ويسلم بعضهم بعضاً ويتباغضون. ويظهر كثير من الأنبياء الكذابين ويضلون أناساً كثيرين. ويزداد الإثم، فتغتر المحبة في أكثر الناس. والذي يثبت إلى النهاية فذاك الذي يخلص. وستعلن بشارة الملكوت هذه في المعمورة كلها شهادة لدى الوثنيين أجمعين، وحينئذ تأتي النهاية. فإذا رأيتم المخرب الشنيع الذي تكلم عليه النبي دانيال قائماً في المكان المقدس ليفهم القارئ، فليهرب إلى الجبال من كان عندئذ في اليهودية. ومن كان على السطح فلا ينزل ليأخذ ما في بيته. ومن كان في الحقل فلا يرتد إلى الوراء ليأخذ ردائه. الويل للحوامل والمرضعات في تلك الأيام. صلوا لئلا يكون هربكم في الشتاء أو في السبت.فستحدث عندئذ شدة عظيمة لم يحدث مثلها منذ بدء الخليفة إلى اليوم، ولن يحدث. ولو لم تقصر تلك الأيام، لما نجا أحد من البشر. ولكن من أجل المختارين، ستقصر تلك الأيام. فإذا قال لكم عندئذ أحد من الناس: ها هو ذا المسيح هنا، بل هنا، فلا تصدقوه. فسيظهر مسحاء دجالون وأنبياء كذابون، يأتون بآيات عظيمة وأعاجيب حتى إنهم يضلون المختارين أنفسهم لو أمكن الأمر. فها إني قد أنبأتكم. فإن قيل لكم: ها هو ذا في البرية فلا تخرجوا إليها، أو ها هو ذا في المخابيء فلا تصدقوا.

                          وكما أن البرق يخرج من المشرق ويلمع حتى المغرب، فكذلك يكون مجيء ابن الإنسان. وحيث تكون الجيفة تتجمع النسور. وعلى إثر الشدة في تلك الأيام، تظلم الشمس والقمر لا يرسل ضوءه وتتساقط النجوم من السماء وتتزعزع قوات السماء وتظهر عندئذ في السماء آية ابن الإنسان. فتنتحب جميع قبائل الأرض، وترى ابن الإنسان آتياً على غمام السماء في تمام العزة والجلال. ويرسل ملائكته ومعهم البوق الكبير، فيجمعون. من التينة خذوا العبرة: فإذا لانت أغصانها ونبتت أوراقها علمتم أن الصيف قريب وكذلك أنتم إذا رأيتم هذه الأمور كلها فاعلموا أن ابن الإنسان قريب على الأبواب. الحق أقول لكم: لن يزول هذا الجيل حتى تحدث هذه الأمور كلها !؟ السماء والأرض تزولان، وكلامي لن يزول. فأما ذلك اليوم وتلك الساعة، فما من أحد يعلمها، لا ملائكة السماوات ولا الابن إلا الأب وحده". إنجيل متى 24:1 – 27.

                          آثرنا إلا أن نذكر هذه النبوءة بتمامها لأهميتها وتفردها – وهي كما ترى تشير إلى علامات مجيء "ابن الإنسان" صاحب "ملكوت السماء" الذي أشار إليه النبي دانيال في سفره في العهد القديم "التوراة" وقد ذكرنا من قبل أن العهد الجديد يحول كل نبوءة في العهد القديم عن نبي آخر الزمان لتتطابق مع المسيح عيسى ابن مريم.

                          وهذه العلامات هي:

                          1- هدم هيكل سليمان

                          2- ظهور أنبياء كذبة.

                          3- قيام الحروب.

                          4- حدوث مجاعات وأوبئة وزلازل وبراكين.

                          5- اضطهاد الأمم لأتباع المسيح عيسى.

                          6- انتشار الإنجيل.

                          7- حدوث رجسة الخراب التي أنبأ عنها "دانيال" في سفره في التوراة [1]

                          قبل أن نغوص قليلاً في شرح هذه العلامات، يجب أن نعلم أن تفسيرها عند النصارى لن يتعدى اثنين، الأول: هو تأسيس ملكوت السماء وهو عندهم في اليوم الخمسين من صعود المسيح، وهذا ينقضه أن كل هذه العلامات لم تحدث قبل اليوم الخمسين. ولعل الدافع لهذا التفسير عندهم هو آخر علامة لن يزول هذا الجيل. أما التفسير الثاني: فهو كما أسلفنا الإشارة إلى المجىء الثاني للمسيح، وهذا ينقضه قوله "لن يزول هذا الجيل حتى تحدث هذه الأمور" لأن هذه أحداث تستغرق عقوداً بل قروناً من السنوات ولم يأت المسيح بظنهم بعد.

                          - أول هذه العلامات: "لن يترك هنا حجر على حجر" فيشير إلى هدم الهيكل هيكل سليمان وقد حدث على يد "تيتوس" ثم "ادريانوس" الرومانيين عام 90 ثم 135 ميلادياً.

                          - العلامة الثانية: ظهور أنبياء كذبة. وقد حدث هذا، حيث يذكر المؤرخ اليهودي الشهير "يوسيفوس" – في كتابه الذي أنهاه في نهاية القرن الأول الميلادي–"ثوداس" الذي ادعى ذلك لنفسه وقد ذكره أيضاَ "لوقا" في سفر الأعمال، كما ذكر لوقا أيضاً "مدعى آخر هو" يهوذا الجليلي". ثم ظهر بعد ذلك بزمان كل من "مونتانوس" و "ماني" وقد ادعى كل منهما أنه "الفاراقليط" المعزي الذي ذكره يوحنا في إنجيله.

                          - العلامة الثالثة:حدوث حروب، وقد حدثت ثورات يهودية أخمدتها روما تماماً بحربين عامي سبعين و 13م.

                          - العلامات اللاحقة:حدوث مجاعات وأوبئة وزلازل ثم اضطهاد الأمم لأتباع المسيح ثم انتشار الإنجيل لعله يقصد انتشار ملكوت السماء الذي هو المملكة الإلهية أي مملكة آخر الزمان كل هذا قد حدث.

                          - أما علامة "رجسة الخراب" أو المخرب الشنيع في المكان المقدس، فلعل أقرب ما فسر به عند النصارى هو إقامة مذبح لأحد آلهة الروم الوثنيين في الهيكل بعد هدمه، وقد حدث.

                          - أما الوجه الثاني في الإخبار بعلامات زمان خروج النبي صلى الله عليه وسلم في كتب أهل الكتاب – عند الكتّاب المسلمين – وهو التحديد الدقيق في "الكتب القانونية أي "الكتاب المقدس" عند الكتاب المسلمين فالحق أن فيه بعض المبالغات، الإسلام ليس مضطراً لها.

                          · أما ذلك التحديد الدقيق لهذا الزمان فلا نجده إلا في كتب أخرى قديمة لا تطبع كثيراً ولا يهتم بها إلا المتخصصون، بعضها لم نجده إلا متأخراً جداً أواسط القرن العشرين. هذه الكتب يعتد بها تماماً عند أهل الكتاب وإن لم يتعبد بها فهم مكتشفوها وحائزوها ولم يدع منهم مدع أنها قد دست عليهم من غيرهم.

                          · = ومن فضل الله علىّ أن يسّر لي قراءة كتاب من كتب سوديبيجرافا Pseudepigrapha" ل[2] اسمه "رؤيا إبراهيم" Apocalypse Of Abrahamكتب هذا الكتاب في القرن الأول أو الثاني الميلادي [3] ، رغم ذلك أقدم مخطوطاته تعود للقرن الرابع عشر الميلادي [4] ولم يعرف في الأوساط العلمية إلا في القرن الحادي عشر أو الثاني عشر أي أنه ظل مجهولاً لما لا يقل عن عشرة قرون [5] ولا يوجد له سوى ترجمة واحدة أي نص واحد باللغة السلافية [6] فلا يعقل مثلاً أن يقول قائل أن محمدا صلى الله عليه وسلم تحصل على نسخة من هذا الكتاب قبلنا وأدرك تلك الصدفة وذلك التطابق بينه وبين الشخصية صاحبة النبوة فاعتزم ادعاء النبوة !!.

                          ...... يحكى هذا الكتاب قصة معراج لنبي الله إبراهيم حيث رأى فيما رأى أحفاداً له يعبدون أصناماً داخل هيكل عظيم وله جمال المعبد السماوي القائم تحت عرش الله "البيت المعمور" يقدمون لها ذبائح بشرية [7]. ونتيجة لهذه الجريمة ينتقم الله منهم ببعثه عليهم جيشاً من الوثنيين يحرقون هذا المعبد ويقتلون بعضه بعض أحفاد إبراهيم ويأسرون الباقين[8]. ثم يخرج الله في الساعة الثانية عشر الساعة تمثل قرنا من الزمان كما ذكر الفصل 28 من هذه الحادثة رجلاً من نسل إبراهيم وفي نفس الوقت من وسط الوثنيين يعيد السادة للموحدين. يهان ويضرب في أول الأمر من الوثنيين ثم يثقون فيه ويعزرونه. وسوف يتبعه بعض أبناء إبراهيم ويهينه ويضربه بعضهم أيضاً [9]... وهو محرر أبناء إبراهيم من الوثنية[10]

                          لا جدال أن هذه القصة تتحدث عن النبي المنتظر الذي يظهر في الساعة الثانية عشرة أي القرن الثاني عشر بتفسير الكتاب نفسه من تاريخ خراب شامل لليهود فما هو هذا الخراب؟ ومتى حدث؟




                          أمامنا ثلاثة احتمالات:

                          1- سقوط السامرة ومملكة إسرائيل الشمالية في يد شملنأسر ملك آشور وسبى أهلها. سفر الملوك الثاني. الإصحاح 16- الكتاب المقدس.

                          2- سقود اورشليم القدس نفسها في يد "نبوخذنصر" ملك بابل وسبى أهلها أيضاً نتيجة عبادتهم الأوثان وتقديم القرابين بل والذبائح البشرية لها, فيدخل ذلك الملك أورشليم ويهدم هيكل اليهود ويقتل بعضهم ويسبى الآخرين- هذه الحادثة من أهم الأحداث في تاريخ اليهود – سفر الملوك الثاني. الإصحاح 21-25.

                          "وبنى الملك منسى في دارى هيكل الرب مذابح لكل كوكب السماء. وأجاز ابنه في النار ... ونصب تمثال "عشتاروت" الذى صنعه في الهيكل.. فارتكبوا بنو إسرائيل ما هو أقبح مما ترتكبه الأمم التى طردها الرب. إصحاح 21:5 – 9 .. وأضل يهوذا فجعله يأثم بعبادة أصنامه، لذلك يقول الرب إله إسرائيل: ها أنا أجلب شراً على أورشليم ويهوذا .. وأمسح أورشليم من الوجود .. وأنبذ بقية شعبي وأسلمهم إلى أيدي أعدائهم، فيصبحون غنيمة وأسرى لهم.. إصحاح 21:11-15 ...ثم تذكر التوراة ستة ملوك بعد "منسي" واحد فقط منهم "عمل ما هو صالح في عيني الرب"، أما الخمسة الباقون فكل واحد "ارتكب الشر في عين الرب" وتبعهم الشعب فكانت النتيجة التي تنبأت بها التوراة "وفي اليوم .. من حكم الملك" نبوخذنصر" ملك بابل، قدم "نبوزرادان" قائد الحرس الملكي من بابل إلى أورشليم وأحرق الهيكل .. وكل منازل العظماء، وهدمت جيوش الكلدانيين ... جميع أسوار أورشليم وسبى " نبوزرادان " بقية الشعب واستولوا أيضاً على القدور والرفوش والمقاص والصمود وجميع آنية النحاس التي كانت تستخدم في الهيكل أصحاح 25: 8-14.

                          3- الاحتمال الثالث هو تدمير الهيكل على يد الرومان وحرثه في القرن الأول والثاني الميلادي. وهذه الحادثة أيضاً من أهم الأحداث في تاريخ اليهود.

                          أما الاحتمال الأول فيرفض لأنه لم يهدم فيه الهيكل كما ذكرت هذه النبوءة وأما الاحتمال الأخير فيرفض أيضاً لأنه لم يحدث نتيجة عبادة اليهود للأوثان.

                          لم يبق أمامنا سوى الاحتمال الثاني لأنه الوحيد الذي حقق جميع الشروط. إذ حدث نتيجة عبادة الأوثان وتقديم الذبائح البشرية لها. وكذلك حدث فيه السبي وهدم الهيكل العظيم. وهذا ما تقوله التوراة أيضاً عقب عبادة بني إسرائيل للأصنام في عهد الملك "منسى" ملوك ثاني:11:21-15.

                          يبقى أمامنا الجزء الثاني من السؤال؟ متى حدث ذلك الخراب ؟ لم يذكر أي كتاب من كتب تاريخ اليهود والتوراة تاريخاً غير القرن السادس قبل الميلاد[11].

                          ومن المعروف تماماً أن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم قد ولد عام 570 أو 571 ميلادياً، أي في القرن السادس الميلادي.

                          والغريب أن بقية الصفات التي ذكرتها النبوءة تتطابق تماماً مع صفاته عليه الصلاة والسلام إذ أنه صلى الله عليه وسلم خرج من وسط المشركين وهو من نسل إبراهيم ثم أهانه العرب المشركون ثم اتبعوه. وقد أتبعه بعض أبناء إبراهيم العرب أبناء إسماعيل وبعض اليهود من أبناء إسحاق ورفضه وأهانه بعض أبناء إبراهيم اليهود. كما أنه صلى الله عليه وسلم هو محرر أبناء إبراهيم من الوثنية، بل إن التاريخ بطوله لم يشهد محرراً للبشرية كلها من الوثنية مثل "محمد صلى الله عليه وسلم"

                          And the Angel took me with his right hand and set me on the right wing of the pigeon and he himself sat on the left wing of the rurtle dove….p. 696-ch-16.

                          And I will explain to you what will be, and every thing that will be in the lst days. Look now at every thing in the picture…said the Angel p.701-ch.24- I saw there the likeness of the idol of jealousy, like a carpenters figure such as my father used to make, And its body was of glittering copper; and before it a man; and he was worshipping it. And there was an altar opposite it and boys being slaughtered on it in the face of the idol. And I said to him: "what is this idol, or what is the altar, or who are those heing sacrificed, or who is the sacrificer, or what is the handsome temple which I see the art and beauty of your glory that lies beneath your throne?

                          God said to Abraham because the people who will come to me out of you will make me angry. chapter 25.. And I looked and saw… a crowd of heathens ran out and they captured the men, women and children… and some they slaughtered and others they kept with them… and They burned the temple with fire; and they plundered the holy things that were in it. And I said; "Eternal one; the people you received from me are being robbed by the hordes of the heathen. They are killing some and holding otheres as aliens…. And He said to me; "listen; Abraham; al that you have seen will happen On account of your seed who will continually provoke me because of the body which you saw and the murder in what was depicted in the temple of jealousy chapter 27.. and one hour of the age will also be one hundered years… ch.28.. And I said: Eternal might one!

                          How long time is an hour of the age? And he said. "I decreed to keep twelve periods of the impious age among the heathens and among your seed and what you have seen will be until the end of the time…

                          And I looked and saw a man going out from the left; the heathen side of the heathen went out men and woman and children a great crowd; and they worshipped him….and I said Eternal Mighty one! Who is this man insulted and beaten by the heathen, and said "Hear Abraham; the man whom you saw insulted and beaten and again worshipped is the liberation from the heathen for the people who will be born from you. In the last days, in this twelvth hour of impiety. In the twelvth period of the age of my fulfillment, I will set up this man from your tribe…. Many of the heathen will trust in him, And those of your seed … some insulting him, some beating him, and others worshipping him, many of them shall be offended because of him. It is he who will test those of your seed who have worshipped him in the fulfillment of the twelvth hour. chapter 29 "the Old Testament peseudepigrapha" charles p.681

                          " وأخذني الملاك بيده اليمنى وأجلسني على الجناح الأيمن لليمامة الإلهية، العابرة للسماوات، وجلس هو على جناحها الأيسر ... الفصل 15.

                          قال الملك: سوف أشرح لك ما سيكون في نهاية الأيام.

                          يقول إبراهيم ورأيت هناك وثناً كالذي يصنعه النجارون، مثل الذي كان يصنعه أبي، وقد صنع من النحاس المتألق، أمامه رجل يتعبده وكان هناك مذبحاً أمام الصنم وقد ذبح أمامه أطفالاً. وسألت الملك: ما هذا الوثن، وما هذا المذبح؟ من المضحى بالقربان – ومن المضحى به؟

                          أو ما هذا المعبد البارع الذي يشبه في فنه وجماله ذلك المعبد تحت عرش الله البيت المعمور؟ .. وقال الرب لإبراهيم لأن أناساً يخرجون من نسلك سوف يغضبونني. فصل 25 ..

                          ورأيت جمعاً من الوثنيين يأسرون الرجال والنساء والأطفال .. وقد ذبحوا بعضهم وأبقوا على الآخرين معهم .. وقد أحرقوا المعبد ونهبوا متعلقاته المقدسة.

                          قلت يا رب: الشعب الذي خرج من نسلى نهب من شعوب المشركين يقتلون بعضهم ويجعلون الآخرين أغراباً.

                          وقال لي الرب: أنصت يا إبراهيم كل ما رأيته سوف يحدث بسبب نسلك الذي سوف يستمر في إغضابي بسبب الحسد الذي رأيت والقتل الذي كان أمام أصنام في معبد الغبرة فصل 27 والساعة من الزمان سوف تساوى مائة عام .. فصل 28 ..

                          وقلت: يا رب إلى متى سوف يستمر هذا ؟ وقال الرب: لقد قضيت بإبقاء اثني عشر مدة من أزمنة العقوق بين المشركين وبين نسلك والذي رأيت سوف يستمر إلى نهاية الوقت.. ثم رأيت رجلاً يخرج من وسط المشركين. من ناحية الوثنيين رأيت جمعاً كبيراً من الرجال والنساء والأطفال، وجمعاً كبيراً، يعبدونني يعبدون الله ... وقلت: يا رب من هذا الرجل الذي أهين وضرب من الوثنيين؟ وأجاب الرب: يا إبراهيم، الرجل الذي رأيته يهان ويضرب ثميبجل هو الذي سيريح الشعب من الوثنيين الذين يولدون من صلبك في الأيام الأخيرة، في الساعة الثانية عشرة من العقوق، في الفترة الثانية عشر من زمن التحقيق عندي، سوف أقيم هذا الرجل من نسلك، كثير من الوثنيين سوف يثقون فيه. وأولئك الذين من صلبك.. سوف يهينونه، وبعضهم يضربونه، وبعضهم يعظمونه. كثيرون منهم سوف يأثمون بسببه.

                          انه هو الذي سوف يختبر نسلك الذين بجلوه في الساعة الثانية عشرة من إنفاذ الوعد. الفصل 29 ... وعندها سأنفخ من أعلى السماء البوق وأرسل مصطفاي الذي سيكون ثمة فيه مقدار من كل قدرتي. وسيدعو هذا الأخير شعبي المضطهد من الوثنيين وسأحرق بالنار الذي يكونون قد اضطهدوهم وساروا عليهم خلال الدهر. وسأسلم الذين يكونون قد غطوني بالشتائم إلى عقاب الدهر الآتي. لأنني خصصتهم ليكونوا طعاماً لنار الجحيم .." فصل 31.

                          هذه ترجمة بمجهود شخصي من النص السابق مدعومة بترجمة عربية فريدة – هي الأولى من نوعها – لمخطوطات البحر الميت نقلاً عن نص فرنسي "التوراة: كتابات ما بين العهدين" – دار الطليعة الجديدة – دمشق – ترجمة: موسى ديب خوري.. ذكر معُد هذا الكتاب الفرنسي تعليقاً على هذه الفقرة أن المقطع كله غامض .. لأنه يفترض في الواقع أن الإنسان المعبود المبجل من الجماهير الوثنية، أي يسوع في هذه ا لحالة، هو نفسه وثني الأصل" ص 597 جزء 3.

                          تعليقنا: مبعث اللبس عند هذا المترجم هو إصراره أن يكون المقصود بالنبوة هو عيسى يسوع وهو بالطبع نشأ وسط موحدين ولم يلتق بالوثنيين. كما أنه أخطأ في فهم نص النبوءة في أن صاحب النبوءة وثني الأصل طالما يخرج من صفوف الوثنيين. وهذا خطأ – المعنى الصحيح أنه يخرج من وسطهم ولا يشترط هذا أن يكون منهم .. ولو أن المترجم تذكر أن "محمداً" هو الوحيد الذي خرج من وسط المشركين وهو من نسل إبراهيم وهو محطم الوثنية الأكبر لزال عنه هذا الغموض وهذا اللبس
                          .

                          تعليق


                          • #14
                            رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                            الإعجاز العلمي في وسائل النقل



                            الدكتور مصطفى يعقوب

                            دكتوراه في الإعلام الإسلامي

                            هناك حقيقة ينبغي أن نعلمها جميعاً وهي أن جميع وسائل النقل في الدنيا هي من تسخير الله تعالى، ولولا أن الله عز وجل قد سخرها لنا وذلَّلها لنا ما كنَّا لنقترن بها ونستفيد منها.

                            ولذلك يقول تعالى: (وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) [الزخرف: 12-14].

                            وهذا يدل على أننا ما كنا لنقترن بوسائل النقل هذه لولا أن الله سخرها لنا. فهذه الآية الكريمة تذكر أنواعاً متعددة من وسائل النقل تبدأ اعتباراً من بعض الحيوانات التي ذللها الله لنا من الإبل والخيل والبغال والحمير وغيرها، والسؤال: هل يمكن للإنسان أن يقترن بهذه الحيوانات لولا أن الله قد سخرها له وذلَّلها وجعلها قابلة للانقياد؟

                            نعمة التسخير

                            مثلاً لو تأملنا شكل الفهد وهو من أسرع الحيوانات وتركيبه والتصميم الخارجي والداخلي له، نلاحظ أنه لا ينقاد للإنسان ولا يمكن للبشر أن يستفيدوا منه، وبلغة الهندسة: لا يمكن "استثماره" لأن الله تعالى لم يخلقه لهذه الغاية، وهنا تتجلى عظمة الخالق سبحانه وتعالى في هذه المخلوقات، ماذا يمكن أن يحدث لو أن الحمار أو البغل أو الجمل ماذا لو كانت هذه المخلوقات شرسة وتشبه بقية الحيوانات المفترسة؟



                            لنتأمل شكل هذا الحيوان المفترس حيث لاحظ العلماء أنه غير قابل فطرياً للانقياد للإنسان، ولذلك فإن جميع محاولات الإنسان على مدى آلاف السنين والتي حاول فيها ترويض مختلف أنواع الحيوانات لم تثمر إلا مع حيوانات محددة، وهذا يدل على أن الله تعالى هو الذي ذلَّلها لنا، فهل نشكر الله تعالى!


                            ماذا سيكون مصير الإنسان لو أن الله تعالى لم يسخر لنا هذه الوسائل؟ سيكون الإنسان وقتها في مشقة كبيرة، وعند هذه النقطة نستطيع أن نفهم جيداً لماذا أمرنا الله أن نسبحه عند كل ركوب: (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ).



                            لقد غير الطيران وجه العالم وذلك عندما تمكن الأخوان رايتس من الطيران لأول مرة في التاريخ في طائرتهما التي تظهر في الصورة، فدشنوا عصراً جديداً هو عصر الطيران، حيث اقترن الإنسان لأول مرة بالطائرة، وفي قوله تعالى (وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) إشارة إلى هذه الوسائل الجديدة.


                            ويخلق ما لا تعلمون

                            يقول تبارك وتعالى: (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) [النحل: 5-9].

                            في هذه الآيات الكريمات إشارات عديدة لنعمة عظيمة من نعم الله تعالى وهي وسائل النقل، بدءاً من الأنعام وانتهاء بقوله تعالى (وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) والملاحظ أن الله سبحانه وتعالى ترك المجال مفتوحاً أمام البشر ليخترعوا ويبدعوا.



                            تسخير الله للبحر

                            تعتبر السفن من أقدم وسائل النقل المعروفة في التاريخ، وحتى يومنا هذا يعتبر النقل البحري من أرخص وسائل النقل، وبما أن البحار تشكل ما نسبته 71 % من مساحة الكرة الأرضية فهذا يعني أن الله تعالى سخر لنا ثلثي الأرض من أجل حمل أثقالنا ولذلك، يقول تعالى: (اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الجاثية: 12-13].

                            هذه الآية تعني أن الله برحمته عز وجل قد سخر لنا البحر وسخر الرياح لتكون سبباً في تشكل الأمواج ودفع السفن لتصبح سهلة الحركة، ومن رحمة الله تعالى أنه جعل الماء أثقل من الخشب ليطفو الخشب على سطح الماء وفق قوة اسمها دافعة أرخميدس.

                            هذه القوة تقدم طاقة مجانية بلا أجر (وهذا هو معنى سخر في اللغة العربية) هذه الطاقة تفيدنا في أن تبقى السفينة فوق سطح الماء ولا تغوص للأسفل، فلو كانت كثافة الماء أقل من كثافة الخشب لم نستطع أن نقترن بهذه السفن وبالتالي لم نستطع أن نستخدمها كوسيلة للنقل أو الركوب.



                            نرى في هذه الصورة كيف تشق السفينة طريقها في الماء، ولولا أن الله جعل لزوجة الماء منخفضة وجعل كثافة الخشب والهواء أقل من كثافة الماء لما استطاعت هذه السفينة أن تمخر ماء البحر وتسير فوقه بسهولة، فهل نتذكر هذه النعمة ونتأملها ونشكر الله عليها؟ ولذلك قال تعالى: (وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل: 14].


                            سبحان الذي سخر لنا هذا...

                            وهذه النعم من الله تعالى تدعونا دائماً لأن نتفكر فيها ونؤدي شكرها ونحمد الله الذي ذلَّل لنا الماء لنركبه وذلل لنا هذه الوسائل البحرية لنستفيد منها، ونقول كلما ركبنا فيها: (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) [الزخرف: 13-14].

                            وهنا نلاحظ أن الآية قد انتهت بقول الله عز وجل: (وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) أي ينبغي علينا كلما قمنا برحلة قصيرة في الدنيا أن نتذكر رحلة الآخرة، وأننا سننقلب إلى الله، وأن كل خطوة نخطوها تقربنا من أجلنا، كما قال الحسن البصري: يا ابن آدم إنما أنت أيام كلما مضى يوم مضى بعضك!

                            وفي هذا إشارة خفية إلى ضرورة التأني وعدم الإسراع ولو طبق الناس هذه القاعدة، أي أنهم تذكروا رحلتهم إلى الآخرة، لانخفضت نسبة الحوادث المرورية بشكل كبير!

                            ولذلك نجد أن القرآن دائماً يذكرنا بنعمة الله وأن ننظر ونتأمل ونتفكر، فهذه الوسائل التي سخرها الله لنا يجب أن تكون محل اهتمام ودراسة من قبل المؤمن، ولذلك خاطبنا الله بقوله: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ) [يس: 71-73].


                            فطرة الله

                            هناك حيوانات خصصها الله بالفطرة لتكون ذليلة ومطيعة للبشر، ووضع فيها خصائص تجعلها قابلة "للاستثمار" حيث نجد أن شكل الجمل مناسب للصحراء، وشكل الحصان مناسب للمسافات الطويلة وللمعارك، وشكل الحمار مناسب للمسافات القصيرة وهكذا...


                            لنتأمل هذه الآيات الكريمات كم تحوي من معاني ودلالات تستحق النظر، فالجمل مثلاً وسيلة ممتازة للركوب ونقل البضائع، وفي الصحراء تعجز السيارات الحديثة عن التنقل بينما نجد الجمل يسير بكل راحة وسهولة.


                            إن تصميم الجمل مناسب للنقل عبر الصحراء ومناسب لتحمل العطش والسير للمسافات الطويلة، نلاحظ أن الجمل الضخم ينقاد من قبل طفل صغير!!



                            اقتران الإنسان بالوسائل الحديثة

                            في وسائل النقل الحديثة نقترن بالانفجارات المدمرة ولكننا لا نحس بها، فالله تعالى سخر لنا المحركات الانفجارية، ومع أنها من صنع البشر إلا أن الله هو من ألهمهم وهو من سخر لهم الحديد والأدوات المناسبة لهذه الاختراعات، وسخر لنا سهولة تصنيعها وكذلك سخر لنا استثمارها، ومع أن الانفجار يكون مدمراً ولكن الله سخره لنا!

                            ولذلك ومن هنا جاءت الحكمة النبوية في دعاء السفر: (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ)، لأن الله تعالى يريدنا أن نتذكر نعمته علينا وماذا كان سيحدث لنا وكيف سيكون شكل الحياة لو أن الإنسان لم يتمكن من اختراع وسائل للنقل؟


                            ما هي الحكمة من ذكر هذه النعم في القرآن؟

                            إن الله تبارك وتعالى ذكر لنا هذه النعم وذكَّرنا بها في أكثر من موضع من كتابه، ليجعلنا نتذكر دائماً رحلة الآخرة، وأن الله لولا نعمته ورحمته وتفضله علينا لم نكن لنتمكن من الاقتران بهذه الوسائل سواء كانت حيوانات أو وسائل نقل حديثة.


                            وجه الإعجاز في قوله تعالى (ويخلق ما لا تعلمون)

                            لقد ذكر الله تعالى حقيقة جديدة لم يكن أحد يدرك أبعادها زمن نزول الوحي، يقول تعالى: (ويخلق ما لا تعلمون) فماذا تعني هذه العبارة؟ لهذه العبارة دلالات متعددة أهمها:

                            1- إنها تشمل كل وسائل النقل التي اخترعها الإنسان حتى الآن وكل ما سيخترعه مستقبلاً.

                            2- كذلك تشير هذه العبارة القرآنية (ويخلق ما لا تعلمون) إلى أن كل ما يصنعه الإنسان من وسائل للنقل سواء كانت برية أو بحرية أو جوية، إنما خالقها هو الله تعالى!

                            فالمواد التي يصنع منها الإنسان هذه الوسائل هي من صنع الله تبارك وتعالى، ونحن نعلم أن أهم عنصر يميز حضارة العصر الحديث هو الحديد وهذا العنصر نزل من السماء، يقول تعالى: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحديد: 25].

                            الوسائل التي أتيحت للإنسان لصناعة هذه الوسائل هي من تسخير الله، فالله تعالى سخر لهم المواد الأولية، وسخر لهم العلوم الكافية وسخر لهم الحيوانات والطيور ليتعلموا منها!

                            3- القرآن هو الكتب الوحيد الذي تضمن إشارة إلى وسائل النقل من خلال قوله تعالى: (ويخلق ما لا تعلمون) وهذا دليل على إعجاز القرآن في هذا المجال.


                            وجه الإعجاز في قوله تعالى (سخر لنا):


                            فنحن نسبح الله على أن سخر لنا هذه الوسائل، والتسبيح في اللغة هو التنزيه، فنحن عندما نقول (سبحان الذي سخر لنا هذا) إنما ننزه الله تعالى عن الشريك في صناعة هذه الوسائل، فصانعها هو الله وليس الإنسان، بل الإنسان هو وسيلة مثله مثل المواد التي سخرها الله.

                            ولذلك في هذا الدعاء (سبحان الذي سخر لنا هذا) إشارة إلى تذكيرنا كلما استخدمنا وسيلة من وسائل النقل سواء كانت طائرة أو سيارة أو حتى دراجة، أن نتذكر أن الله تعالى هو الذي سخر لنا هذه الوسيلة وليس البشر!


                            وجه الإعجاز في قوله تعالى (مقرنين):

                            في هذه اللفظة القرآنية إشارة إلى أن البشر سيقترنون بوسائل نقل جديدة حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فالمحرك الانفجاري الذي نستخدمه لدفع السيارة تحدث فيه انفجارات تبلغ درجة الحرارة أكثر من ألف درجة مئوية، ولو قدر لهذا الانفجار أن يصيب الإنسان لقتله على الفور.

                            فالله تعالى سخر لنا هذه المحركات وسخر لنا الوسائل التي تحمينا منها على الرغم من اقتراننا بها، ففي السيارة نجلس على مسافة أقل من متر من المحرك ولا نحس بأي مشكلة، أليس هذا تسخيراً من الله؟




                            عندما نركب في سيارة ونسير بها نحن نعلم أنها يمكن في أي لحظة أن تتعرض لحادث، وسوف تصبح هذه الوسيلة وقتها "جائرة" علينا وتصبح وسيلة للأذى بدلاً من أن تكون وسيلة لخدمتنا ورفاهيتنا، فمن الذي يحمينا من هذه الحوادث على الرغم من قربها منا؟ إنه الله تعالى الذي أمرنا أن نسبحه ونتذكر نعمته كلما ركبنا السيارة.

                            لقد تطورت وسائل النقل كثيراً في المئة سنة الماضية، والله عز وجل وحده أعلم أين سيصل التطور وما هي الوسائل الجديدة التي سيسخرها الله تعالى للبشر عسى أن يحمدوه أو يذكروا نعمته، فما هذه الوسائل إلا آيات من الله ينبغي علينا أن نحمده عليها وقد وعدنا بأنه سيرينا هذه الآيات في المستقبل، يقول تبارك وتعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [النمل: 93].

                            مع تحيات الدكتور مصطفى يعقوب

                            دكتوراه في الإعلام الإسلامي ـ مدير شركة الضحى للإنتاج الفني والإعلامي

                            --------------------------------------

                            تعليق


                            • #15
                              رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                              بسم الله الرحمن الرحيم


                              إكتشاف قطرة لإزالة ابيضاض العين من هذه الآية الكريمة


                              قال تعالى "اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا واتوني بأهلكم أجمعين‎ " ‎(يوسف ‎93)


                              إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم‎)

                              تمكن العالم المسلم المصري‎/ د‎. عبدالباسط محمد سيد الباحث بالمركز القومي للبحوث التابع لوزارة البحث العلمي والتكنولوجيا بجمهورية مصر العربية من الحصول على براءة اختراع دوليتين الأولى من براءة الاختراع الأوروبية والثانية براءة اختراع أمريكية وذلك بعد أن قام بتصنيع قطرة عيون لمعالجة المياه البيضاء استلهاما من نصوص سورة يوسف عليه السلام من القرآن الكريم

                              بداية البحث‎: من القرآن الكريم كانت البداية‎, ذلك أنني كنت في فجر أحدالأيام أقرأ في كتاب الله عز وجل في سورة يوسف عليه السلام

                              فاستوقفتني تلك القصةالعجيبة وأخذت أتدبر الآيات الكريمات التي تحكي قصة تآمر أخوة يوسف عليه السلام‎, وما آل إليه أمر أبيه بعد أن فقده‎, وذهاب بصره وإصابته بالمياه البيضاء‎, ثم كيف أن رحمة الله تداركته بقميص الشفاء الذي ألقاه البشيرعلى وجهه فارتد بصيرا‎.

                              وأخذت أسأل نفسي ترى ما الذي يمكن أن يكون في قميص يوسف عليه السلام حتى يحدث هذا الشفاء وعودة الإبصار على ما كان عليه‎, ومع إيماني بأن القصة معجزة أجراها الله على يد نبي من أنبياء الله وهو سيدنا يوسف عليه السلام إلا أني أدركت أن هناك بجانب المغزى الروحي الذي تفيده القصة مغزى آخر مادي يمكن أن يوصلنا إليه البحث تدليلاً على صدق القرآن الكريم الذي نقل إلينا تلك القصة كما وقعت أحداثها في وقتها‎,

                              وأخذت أبحث حتى هداني الله إلى ذلك البحث

                              علاقة الحزن بظهور المياه البيضاء‎: هناك علاقة بين الحزن وبين الإصابة بالمياه البيضاء حيث أن الحزن يسبب زيادة هرمون ‎"الأدرينالين‎" وهو يعتبر مضاد لهرمون ‎"الأنسولين ‎" وبالتالي فإن الحزن الشديد أوالفرح الشديد يسبب زيادة مستمرة فيهرمون الأدرينالين الذي يسبب بدوره زيادة سكر الدم‎, وهو أحد مسببات العتامة‎,هذا بالإضافة إلى تزامن الحزن مع البكاء‎.

                              ولقد وجدنا أول بصيص أمل في سورة يوسف عليه السلام‎, فقد جاء عن سيدنا يعقوب عليه السلام في سورة يوسف

                              قول الله تعالى‎:

                              "وتولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم‎ " ‎(يوسف ‎84)

                              وكان ما فعله سيدنا يوسف عليه السلام بوحي من ربه أن طلب من أخوته أن يذهبوا لأبيهم بقميص الشفاء‎:

                              "اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا واتوني بأهلكم أجمعين‎" ‎ (يوسف ‎93)

                              قال تعالى‎: " :ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون ‎, قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم‎, فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون‎" ‎ (يوسف ‎96 )

                              من هنا كانت البداية والاهتداء فماذا يمكن أن يكون في قميص سيدنا يوسف عليه السلام من شفاء؟؟

                              وبعدالتفكير لم نجد سوى العرق‎,

                              وكان البحث في مكونات عرق الإنسان حيث أخذنا العدسات المستخرجة من العيون بالعملية الجراحية التقليدية وتم نقعها في العرق فوجدنا أنه تحدث حالة من الشفافية التدريجية لهذه العدسات المعتمة ثم كان

                              السؤال الثاني‎: هل كل مكونات العرق فعاله في هذه الحالة‎, أم إحدى هذه المكونات‎,وبالفصل أمكن التوصل إلى إحدى المكونات الأساسية وهي مركب من مركبات البولينا الجوالدين‎" والتي أمكن تحضيرها كيميائيا وقد سجلت النتائج التي أجريت على ‎250متطوعا زوال هذا البياض ورجوع الأبصار في أكثر من ‎90% من الحالات

                              وثبت أيضاً بالتجريب أن وضع هذه القطرة مرتين يوميا لمدة أسبوعين يزيل هذا البياض ويحسن من الإبصار كما يلاحظ الناظر إلى الشخص الذي يعاني من بياض في القرنية وجود هذا البياض في المنطقة السوداء أو العسلية أو الخضراء وعند وضع القطرة تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل أسبوعين‎.

                              وقد اشترطنا على الشركة التي ستقوم بتصنيع الدواء لطرحه في الأسواق أن تشير عند طرحه في الأسواق إلى أنه دواء قرآني حتى يعلم العالم كله صدق هذا الكتاب المجيد وفاعليته في إسعاد الناس في الدنيا وفي الآخرة‎.

                              ويعلق الأستاذ الدكتور عبدالباسط قائلا‎: أشعر من واقع التجربةالعملية بعظمة وشموخ القرآن
                              وأنه كما قال تعالى‎:

                              " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ‎"


                              بوركت جهودكم وجزاكم الله الفردوس الأعلى من الجنة


                              في عناية الله

                              تعليق


                              • #16
                                رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                                مجهود طيب اختي

                                بارك الله فيكِ اختي لينا وجزاكِ كل خير

                                تعليق


                                • #17
                                  رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                                  مشاركة قيمة اخي ابو محمد

                                  بارك الله فيك وجزاك الجنة

                                  تعليق


                                  • #18
                                    رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                                    ثالثا الإعجاز الطبي والدوائي

                                    ظاهرة الموت المفاجئ بين العلم والإيمان


                                    بقلم عبد الدائم الكحيل

                                    مقدمة

                                    يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (إن من أمارات الساعة أن يظهر موت الفجأة)، [رواه الطبراني]. في هذا الحديث تتجلى معجزة علمية سوف نثبتها بحقائق طبية لا تقبل الجدل، وهذه المعجزة تشهد للنبي الأعظم عليه الصلاة والسلام أنه رسول من عند الله لا ينطق عن الهوى، بل كل كلمة نطق بها هي وحي من الله تعالى.

                                    تطالعنا هيئة الأمم المتحدة كل عام بإحصائية جديدة عن عدد الذين يموتون بنتيجة السكتات الدماغية والقلبية، وهذه الأعداد في تزايد مستمر، وتقول لنا هذه الإحصائيات: إن أمراض القلب هي السبب الأول لحالات الوفاة في العالم هذه الأيام.

                                    وسوف نرى من خلال هذه البحث أنه لا يمكن لأحد زمن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام أن يتصور بأنه سيأتي زمن يظهر ويكثر فيه الموت المفاجئ، إلا إذا كان متصلاً بوحي إلهي يعلمه هذه العلوم.

                                    أول من درس هذه الظاهرة علمياً

                                    إن ظاهرة الموت المفاجئ هي ظاهرة حديثة الظهور نسبياً، وتعتبر أول دراسة للموت المفاجئ هي دراسة فرامنغهام Framingham Heart Studyوالتي بدأت عام 1948 ، إن نصف الذين شاركوا في هذه الدراسة قد ماتوا الآن، وقد تم دراسة حالات موتهم بدقة كبيرة، ويعرف فرامنغهام الموت المفاجئ أنه الموت الذي يتم في مدة أقصاها ساعة بعد بدء الأعراض. وقد تبين بأن معظم حالات الموت المفاجئ هي نتيجة أمراض الشريان التاجي للقلب، ويسمى هذا النوع من أنواع الموت Sudden Cardiac Death واختصاراً SCD. وبينت دراسته أن الرجال في عمر 45-75 عاماً والذين ماتوا بسبب أمراض القلب قد مات 60 بالمئة منهم موتاً مفاجئاً دون سابق إنذار!! [2].

                                    كما بينت الدراسة أن سبب الموت القلبي المفاجئ هو الاضطراب المفاجئ والذي قد يتولد بنتيجة عدم الاستقرار النفسي. وأنه مهما كانت العناية مشددة ولو تم إسعاف المريض بكل الوسائل، إلا أن هذا النوع من الموت يتمكن من النجاح في مهمته! [2].


                                    ما هو الموت المفاجئ؟

                                    لقد قال القدماء: تعددت الأسباب والموت واحد، ونستطيع أن نفهم من هذه المقولة الاعتقاد السائد في الماضي حول الموت، وهو أن الموت له سبب، مثل المرض أو الحادث أو الانتحار وغير ذلك. ولكن أن نتحدث عن موت بلا سبب فهذا هو الموت المفاجئ والذي لم يكن معروفاً من قبل.

                                    ومع تطور وسائل الطب الحديث وأجهزته استطاع الإنسان اكتشاف أسباب الموت، ومنها السرطان مثلاً أو الأمراض الوبائية أو المعدية وهذه الأمراض تحدث وتكون مؤشراً لاقتراب الموت، ولكن السبب الأهم للموت في هذا العصر هو الجلطة القلبية المفاجئة والتي تأتي من دون إنذار.

                                    يعرّف العلماء الموت المفاجئ على أنه موت غير متوقع يحدث خلال فترة قصيرة لا تتجاوز الساعة من الزمن، وقد تبين أن نصف المصابين بأمراض في القلب سوف يموتون موتاً مفاجئاً! إن معظم حالات الموت المفاجئ تكون بسبب اضطرابات في الشريان التاجي للقلب.

                                    إن الموت المفاجئ يهاجم الإنسان المريض حتى وهو في المشفى، فقد دلت الدراسات أن 10 بالمئة يموتون بشكل مفاجئ داخل المشفى، و90 بالمئة خارج المشفى [7].

                                    إحصائيات

                                    إن السبب الأول للوفاة في الولايات المتحدة الأمريكية هو أمراض القلب أي الجلطة القلبية، وتبلغ النسبة 28 بالمئة من حالات الوفاة. وتؤكد التقارير الإحصائية الدقيقة أنه قد مات في عام 2001 بحدود 700 ألف إنسان بسبب أمراض القلب وذلك في أمريكا فقط! [6].

                                    ولكن ما هي أعداد الذين يموتون كل عام بسبب هذا النوع من أنواع الموت المفاجئ؟ في الولايات المتحدة يموت كل عام أكثر من 300 ألف إنسان موتاً مفاجئاً بسبب أمراض في القلب. وتؤكد الإحصائيات أن نسبة الموت القلبي المفاجئ تزداد بشكل عام على مستوى العالم. وأن الرجال من الممكن أن يتعرضوا للموت المفاجئ أكثر من النساء بثلاثة أضعاف.

                                    يحدث الموت المفاجئ دون سابق إنذار وحتى أحياناً دون أية علامات عن مرض في القلب. وعلى الرغم من ملايين الدولارات التي تُصرف على أبحاث أمراض القلب في الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الرغم من أنهم استطاعوا تخفيض الوفيات الناتجة عن أمراض القلب التي تسبب الموت غير المفاجئ، إلا أن نسبة الموت المفاجئ بقيت ثابتة! [2].



                                    التدخين والضغوط النفسية

                                    إن التدخين يرفع احتمال الموت المفاجئ ثلاثة أضعاف! حيث إن التدخين هو المسؤول عن ربع أمراض القلب التاجية CADفي العالم، وهذه الأمراض معظمها ينتهي بالموت المفاجئ.

                                    الضغوط النفسية تؤثر في زيادة احتمال الموت القلبي المفاجئ، وكذلك المرحلة العمرية، فقد بينت الدراسات أن المرحلة الأكثر تعرضاً للموت المفاجئ هي الأربعينات والخمسينات من عمر الإنسان. وهذه الفترة هي التي يكون الإنسان فيها في أشده أي يكتمل عقله. كما أن المصابين بمرض السكر لديهم احتمال كبير للموت القلبي المفاجئ [1].


                                    هل يوجد علاج طبي لهذه الظاهرة؟

                                    إن معظم الأطباء يتحدثون عن العلاج بعد وقوع السكتة، لأنه ليس لديهم علاج حتى الآن لمثل هذه السكتات الخطيرة، وعلى الرغم من ذلك فإن احتمالات النجاة من هذا الموت هي ضئيلة جداً. ويؤكد الأطباء بأن الطريقة المثالية لاتقاء هذا النوع من الموت المفاجئ هو ضمان أكبر درجة من الاستقرار لعمل القلب [5].

                                    إن العلاج المتوفر حالياً هو أن يكون المريض تحت العناية التامة ومن ثم إجراء جراحة سريعة له، وحتى هذه الطرق لا تعطي نتائج إلا في حالات قليلة. وينصح الأطباء بتقليل كمية السكر والكولسترول في طعام هؤلاء المرضى، وحتى هذه لا تفيد في مثل هذه الحالة.

                                    ولكن ما هو العلاج بالنسبة لأولئك الذين لا يعلمون بحالتهم ولا يتوقع أحد أن الموت المفاجئ سيأتيهم في أي وقت دون سابق إنذار؟ إن هؤلاء قد فشل الطب حتى الآن في التنبؤ بحالتهم، ولكن هل تركهم النبي الرحيم صلى الله عليه وسلم أم وصف لهم العلاج؟؟


                                    ما هو العلاج النبوي والقرآني

                                    لقد ذكر الله القلب في الكثير من آيات القرآن الكريم. فالقلوب تمرض وتقسو، والقلوب تعمى وتخاف وتطمئن، والقلوب تزيغ وتتنجس، والقلوب تفقه وتعقل. إذن القلب ليس مجرد مضخة بل هو جهاز متكامل يتحكم في الاستقرار النفسي عند الإنسان.

                                    إن ذكر الله تعالى هو أفضل وسيلة لاطمئنان القلوب، لأن الله تعالى يقول: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)[الرعد: 28]. فعندما يذكر المؤمن ربه فإن قلبه يستقر ولا يعاني من أي اضطراب، ويمكنك عزيزي القارئ أن تغمض عينيك وتجعل قلبك يخشع ويستحضر عظمة الله تعالى وتقول مثلاً(لا إله إلا الله) وانظر ما هو الإحساس الذي تحس به، ألا تشعر بأنك من أكثر الناس استقراراً وأمناً وطمأنينة!

                                    لقد رأينا بأن سبب الموت المفاجئ هو اضطراب مفاجئ في نظام عمل القلب، ولذلك فقد فشل الأطباء حتى الآن بإيجاد علاج لهذه الظاهرة، ولكن القرآن عالجها بهذه الآية الكريمة، فتخيل نفسك عزيزي القارئ وأنت قد حفظت كتاب الله في قلبك، ألا تتوقع أنك ستكون من أكثر الناس استقراراً!

                                    لقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاءً عظيماً كان يدعو به كل يوم، ونحن نتأسى بهذا النبي الرحيم ونتعلم هذا الدعاء لندعو به أيضاً. يقول عليه الصلاة والسلام: (ما من عبد يقول صبح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، لم يصبه فجأة بلاء) [رواه أبو داوود].

                                    وقد كان النبي الكريم يدعو بهذا الدعاء أيضاً: (اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بك أن أُغتال من تحتي) [رواه الترمذي].



                                    الإعجاز النبوي الشريف

                                    يمكن أن نلخص وجه الإعجاز في هذا الحديث الشريف بالنقاط الآتية:

                                    1- لا يمكن لأحد أن يتنبأ بأن الموت المفاجئ سيكثر لأنه لم يتمكن أحد من معرفة هذا الأمر إلا منذ سنوات قليلة عندما تمكن العلماء من إجراء إحصائيات دقيقة وكانت المفاجأة أن الأرقام التي حصلوا عليها لم تكن متوقعة، فقد كانت نسبة الذين يموتون موتاً مفاجئاً مرتفعة جداً.

                                    2- يقول العلماء اليوم: إن ظاهرة الموت المفاجئ لم يتم تمييزها ودراستها إلا منذ خمسين سنة فقط! ولم يتم دراستها طبياً إلا منذ عشرين سنة، ويعكف العلماء اليوم على إيجاد وسائل لمنع هذا الموت المفاجئ [4]وذلك بسبب إدراكهم لحجم المشكلة، ولكن دون فوائد تذكر. وهذا يعني أن هذه الظاهرة في تزايد مستمر، وأن العلماء بدأوا يتبينون أسباب هذا الموت ويدرسونه وهذا تصديق لقول النبي الكريم (إن من أمارات الساعة أن يظهر موت الفجأة)، فمن معاني كلمة (يظهر) أي (يتبيّن) كما في القاموس المحيط. وكما رأينا فقد بدأ يتبين هذا الموت منذ عشرين عاماً.

                                    3- قد يدعي بعض المشككين بأن الموت المفاجئ معروف منذ زمن بعيد، ولذلك نقول: إن الموت المفاجئ لم يكن معروفاً زمن النبي عليه الصلاة والسلام، لأننا لا نجد في أقوال الشعراء والأدباء وقتها ما يشير إلى هذا النوع من أنواع الموت، والدليل على ذلك أن النبي الكريم عدّ الموت المفاجئ من علامات الساعة، ولو كان هذا الموت معروفاً زمن النبي لاعترض المشركون على هذا الحديث!

                                    فكما نعلم فإن الكفار لم يتركوا شيئاً إلا وانتقدوه، ولو كانت ظاهرة الموت المفاجئ منتشرة وقتها، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم واعتبر أن هذا الموت سيظهر في آخر الزمان عند اقتراب يوم القيامة، لو حدث هذا لاستغرب الناس من هذا الحديث، إذ كيف يحدثهم عن شيء موجود!! ولذلك يمكن اعتبار هذا الحديث معجزة طبية للرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام، تحدث من خلاله عن ظاهرة لم يكتشفها علماء الغرب إلا منذ عقود قليلة.


                                    وأخيراً

                                    ونختم هذا البحث بدعاء نبوي كريم ينبغي على كل واحد منا أن يتعلمه ولا ينساه أبداً: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت). فمن قال هذا الدعاء حين يمسي ثم مات دخل الجنة، ومن قاله حين يصبح ثم مات دخل الجنة [رواه البخاري]. أخي القارئ: هل تقتنع معي بالعلاج النبوي وتحفظ هذا الدعاء ولا تنساه أبداً؟

                                    تعليق


                                    • #19
                                      رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                                      بارك الله فيك موضوع متعوب عليه بحق
                                      ونسأل الله ان يكون في ميزان حسناتك وان يجعل القران شفيعا لك يوم القيامة

                                      تعليق


                                      • #20
                                        رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                                        بارك الله فيك وجزاك الله الجنه

                                        موضوع قيم

                                        ثبتك الله تعالى

                                        تعليق


                                        • #21
                                          رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                                          بارك الله فيك موضوع متعوب عليه بحق
                                          ونسأل الله ان يكون في ميزان حسناتك وان يجعل القران شفيعا لك يوم القيامة
                                          واياكم ان شاء الله اخي الكريم

                                          بارك الله فيك على هذا الكلام الطيب وجزاك الجنة

                                          تعليق


                                          • #22
                                            رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                                            بارك الله فيك وجزاك الله الجنه

                                            موضوع قيم

                                            ثبتك الله تعالى
                                            حياك الله اخي الكريم

                                            ثبتنا الله واياك على طريق الحق وجزاك الجنة

                                            تعليق


                                            • #23
                                              رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                                              أسرار العكبر تتجلى في الطب الحديث


                                              الدكتور حسان شمسي باشا

                                              استشاري أمراض القلب

                                              في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة

                                              زميل الكلية الملكية للأطباء الداخليين في لندن

                                              زميل الكلية الملكية للأطباء الداخليين في غلاسجو

                                              زميل الكلية الملكية للأطباء الداخليين في أيرلندا

                                              زميل الكلية الأمريكية لأطباء القلب



                                              استخدم العكبر لعدة قرون في الطب الشعبي واكتشف حديثا أن أكثر آلات الكمان النفيسة في العقدين الماضيين (بما فيها الآلات التي صنعها الإيطالي الشهير ستواديفاري) كانت قد عوملت بالعكبر . ويقال أن هذا الطلاء هو المسؤول أيضا عن تميز صوت هذه الآلات فما هي!!!

                                              قصته في الطب الحديث ؟

                                              يعرف العكبر بعدة اسماء منها صمغ النحل وغراء النحل..ويقال أن أرسطو هو من سمى هذه المادة باسمها اللاتيني (propolis)والمكون من كلمتين (pro) وتعني "قبل أو أمام" ، وكلمة (polis) تعني "المدينة أو الحصن "...
                                              والعكبر مادة غروية صمغية تسيح من بعض أنواع الأشجار ، وذات لون بني أو بني مخضر و له رائحة ذكية تشبه رائحة الفانيلا وإذا حرق اصدر رائحة عطرية ممتعة جداً.
                                              ويجمع النحل هذا العكبر من لحاء (القشور) والبراعم الزهرية لعدة نباتات منها اشجار البلوط والحور والصنوبر وغيرها.

                                              وفي الخلية تقوم النحل بإضافة مفرزات لعابية مختلفة إلى هذا الصمغ ، كما تضيف إليه شرائح من الشمع الذي تصنعه النحل أيضا ، فيخرج مزيج خاص من صنع النحل تستخدمه في طريقتين : الأولى في تثبيت خلية النحل ودعمها وإغلاق الثقوب والفوهات التي فيها ، وثانيها كمادة حامية لخلية النحل تقف سدا منيعا ضد دخول تلك الجراثيم والفطور إلى الخلية !! .

                                              كما يستعمل النحل هذا العكبر لتضييق مداخل خلاياه في فصل الشتاء ، وكذلك في لصق الاطارات الخشبية الخاصة بخلية النحل ، وفي تثبيت الاقراص الشمعية في سقوف جحوره التي يسكنها في الجبال أو في الاشجار. و يستخدمه النحل ايضاً في تحنيط الحشرات والكائنات التي تغزو خلاياه مثل الفئران والوزغ والدبابير وغيرها ، بعد ان يقتلها بوخزها بآلة اللسع ، فيغطيها بطبقة من العكبر ليمنعها من التحلل ، ثم بطبقة من الشمع الذي يفرزه حتى لا تفسد هذه الكائنات جو الخلية !!.
                                              ويقول الخبراء أن العكبر موجود منذ أكثر من 45 مليون عام ، وأنه استخدم من قبل الإنسان لآلاف السنين .

                                              واستعمل أبوقراط العكبر كمرهم في علاج الجروح والقروح.وبعد اربعة قرون كتب الطبيب الروماني الشهير " ليني" عن فوائد العكبر في شفاء القروح وتخفيف التورمات وتطرية المناطق القاسية.واستعمل العكبر في القرون الوسطى كمادة مضادة لالتهابات جوف الفم ومضاد لقلح الأسنان. كما استعمل في علاج الزكام وآلام المفاصل ، ومن إحدى العادات المتبعة في ذلك الحين أن توضع كمية قليلة منه على سرة الوليد !!.
                                              ولكنه استهوى فؤاد الباحثين في السنوات الأخيرة بسبب اكتشاف خواصه الفعالة المضادة للجراثيم، والمضادة للأكسدة ، والمضادة للقروح ، إضافة إلى فعاليته كمضاد للأورام السرطانية


                                              تركيب العكبر :

                                              ويتركب العكبر من مركبات صمغية وبلسم بنسبة 55 % ، ومن شمع النحل بنسبة 30 % ومن زيوت عطرية بنسبة 10 % ، ومن حبوب الطلع بنسبة 5 % . أما تركيبه الكيميائي فهو معقد جدا ، إذ يحتوي على أكثر من 300 مركب اكتشف حتى الآن ، ومنها البولي فينول ، والفينول ألدهايد ، والكينين ، والكومارين ، والأحماض الأمينية وغيرها .

                                              والحقيقة أن ما يحتويه العكبر من هذه المواد يختلف باختلاف المصدر المأخوذ منه ( باختلاف نوع الأشجار ) وباختلاف الفصول .والعديد من هذه المركبات له خواص فعالة ، فهو غني بأحماض البنزويك والكافييك ، والسناميك ، والفينوليك . كما أنه غني جدا بالفلافينويدات ، ولهذه المركبات الأخيرة تأثيرات مفيدة لصحة الإنسان ومؤكدة بالدراسات العلمية. ومن هذه الفلافينويدات التي يحتويها العكبر ما يسمى بـ أبيجينين Apigenin و غالانجين galangin و كامفرول kaempferol و لتولين leutolin و بنوسمبرين pinocembrin .

                                              وقد قام باحثون من كرواتيا بتحليل كمية الفلافينويدات الموجودة في العكبر ، ثم درسوا تأثير خلاصة العكبر في عشر مستحضرات تجارية ، فوجدوا اختلافا كبير في كمية الفلافينويدات التي تحتوي عليها مستحضرات العكبر . وجدوا أن معظم أنواع العكبر المتوفرة لديهم كانت تحتوي على مركبات الفلافينويدات بنسبة تترواح بين 0.78 % و 18.9 % . وكان معظمها يحتوي على نسبة تقل عن 9 % . وبعدها تمت دراسة تأثير محاليل العكبر على ستة أنواع من الجراثيم الشهيرة التي كثيرا ما تصيب الإنسان وتجعله أسير الفراش . وهي " المكورات العنقودية " ، والإيشيريشا القولونية ، والمكورات العقدية

                                              والمكورات المعوية Entercoccus Faecalis ،وعصية القيح الزرقاء Pseudomonas ، والـ Bacillus subtilis ، فتبين أن كل محاليل العكبر التي كانت تحتوي على نسبة من الفلافينويدات تزيد عن 1 % فقط كانت قادرة على محاربة الجراثيم ولها خواص مضادة للجراثيم الستة التي تم دراستها . وقد نشر هذا البحث في مجلة Acta Parm في شهر ديسمبر 2005 .

                                              ومن دبي ، خرجت دراسة من كلية الصيدلة ، ونشرت في مجلة Pak J Pharma Sci عام 2006 . اكتشف فيها الدارسون وجود 24 مركبا في العكبر المصري والعكبر الإماراتي . وأن بعض هذه المركبات لم يكن قد اكتشف من قبل .

                                              إذ يحتوي العكبر المصري على كميات عالية من الأحماض الأليفاتية Aliphatic والأحماض العطرية ( بنسبة 13.7 % ) كما يحتوي على الفينولات والكحولات والاسترات بنسبة تصل إلى 17 % إضافة إلى الفلافون والأنثراكيون وغيرهما . أما العكبر الإماراتي فهو غني بالأحماض الأليفاتية ، في حين يحتوي على نسبة قليلة من الأحماض العطرية .

                                              واكتشف العلماء الباحثون في البرازيل أنه يوجد في العكبر البرازيلي الأحمر 14 مركبا تمكن العلماء هناك من التعرف عليها . وقال هؤلاء إن ثلاثة من تلك المركبات على الأقل له خواص مضادة للجراثيم ، ومركبان لهما تأثيرات مضادة للأكسدة . هذا ما أوردته دراسة نشرت في شهر يونيو 2006 في مجلة Evid Based Complement Alternat Med


                                              خواص دوائية :


                                              ويجمع الباحثون على أن للعكبر خواص دوائية عديدة ، ومنها فعاليته كمضاد للجراثيم ، وكمضاد للفطور. يقول الدكتور Broad burst في مقال بعنوان : " منتجات النحل : دواء من خلية النحل " نشر في مجلة Nut Sci Neuro " إن العكبر غني بالفلافينويدات ، وكثير منها يمتلك تأثيرا مضادا للالتهاب ، ومرخيا لتقلص الأمعاء ، ومضادا للتحسس ، ومضادا للأكسدة وللسرطان ، وهو غني أيضا بحمض الكافيك Caffeic Acid ، والذي أثبتت الدراسات العلمية أنه يثبط نمو الخلايا السرطانية ويقلل من العملية الالتهابية ، أما الأحماض العضوية Organic Acid الموجودة في العكبر فيعزى لها تأثيراته المضادة للجراثيم والفيروسات . فقد أظهرت الدراسات المخبرية أن العكبر يثبط نمو عدد من الجراثيم . ومن هنا تأتي أهمية العكبر في علاج الجروح حيث يقلل من الالتهاب ، ويزيد من نمو الخلايا الجديدة في الجروح" .

                                              العكبر مضاد للجراثيم


                                              فمن البرازيل ظهرت دراسة أوضحت بجلاء خواص العكبر الفعالة المثبطة لجرثوم المكورات العنقودية وهي من الجراثيم الشائعة التي تصيب الإنسان . كما أكدت أن استعماله مع المضادات الحيوية الأخرى يزيد من نشاط وفعالية تلك المضادات الحيوية .

                                              وقد قام فريق من الباحثين في إيطاليا بالتأكد من فعالية استخدام العكبر في الوقاية من حدوث التهابات المجاري التنفسية الجرثومية التي كثيرا ما ترافق حدوث الأمراض الفيروسية كالزكام والإنفلونزا . ونشروا هذا البحث في مجلة Chemother في شهر أبريل 2006 ،حيث أجرى الباحثون دراسة تأثير العكبر على تلك الجراثيم التي يمكن أن تسبب التهاب المجاري التنفسية ، وكانت النتائج مشجعة جدا بحيث دعا الباحثون إلى إمكانية استخدام العكبر ( بسبب خواصه المضادة للجراثيم وللالتهاب ) كمساعد للمضادات الحيوية التي تستخدم في تلك الحالات .

                                              وكشف باحثون آخرون من إيطاليا النقاب عن أن خلاصة العكبر لا تقوم بفعل مضاد للجراثيم فحسب ، بل إنها تزيد بشكل كبير من فعالية المضادات الحيوية الشهيرة مثل أمبيسيللين ، وجنتاميسين ، وغيرهما ، في حين تزيد بشكل معتدل فعالية مضادات حيوية أخرى مثل ceftriaxone , vancomycin ، غير أنها لا تزيد من تأثير الإيريثرومايسين . وقد نشرت هذه الدراسة في مجلة Microbiol Res في شهر يناير 2006 .

                                              وأكدت ذلك دراسة اخرى نشرت في مجلة Mem Inst Oswaldo Cruz في شهر أغسطس 2005 ، حيث وجد القائمون على تلك التجربة أن هناك تعاضدا Synergism في الفعل المضاد للجراثيم بين خلاصة العكبر وكل من خمس مضادات حيوية من أصل 9 مضادات حيوية تمت دراستها في مختبرات التجربة ، وهذه المضادات الحيوية الشهيرة هي Gentamycin ، Tetracycline ، Vancomycin .

                                              كما أن إضافة العكبر إلى مضاد حيوي شهير هو ciprofloxacin قد أعطي تأثيرا أكبر وأكثر فعالية . وقد نشرت هذا البحث مجلة Mol Cell Biochem في شهر يناير 2006


                                              العكبر .. مضاد للفطور:

                                              يحتوي العكبر على مواد لا يقل تأثيرها الفعال في مقاومة الفطور عن أحدث الأدوية المتوفرة لدى الأطباء حاليا . فقد قارن الباحثون من الأرجنتين في دراسة نشرت في مجلة J Appl Microbiol في شهر تموز ( يوليو ) 2006 بين تأثير المكونات الفعالة للعكبر وهي بنوسمبرين Pinocembrin وغالنجين Galangin ، وتأثير دوائين شهيرين فعالين في معالجة الأمراض الناجمة عن الفطور وهما : Ketoconazole و Clotrimazole .

                                              وجد الباحثون أن لخلاصة العكبر ومركباتها المذكورة تأثيرا فعالا كمضاد للفطور . وقال الباحثون بإمكانية استخدام خلاصة العكبر في هذا المجال لما تتميز به من رخص الكلفة بالمقارنة مع الأدوية التركيبية.


                                              العكبر .. والسرطان :

                                              وفي دراسة مخبرية نشرت في مجلة Phytomedicine في شهر نوفمبر 2005 ، ذكر الباحثون أن لخلاصة العكبر تأثيرا مضادا للسرطان ، وذلك بتركيزات عالية من العكبر ، إذ يحتوي على الفلافينويدات والأحماض الدهنية والأحماض العطرية ، واسترات هذه الأحماض . ويعزى لهذه الفلافينويدات التأثير المثبط للخلايا السرطانية .

                                              ومن اليابان ظهرت دراسة أجريت على الفئران حيث أحدث الباحثون عندها تخربا في خلايا الكبد، فتبين أن إعطاء خلاصة العكبر البرازيلي كان له تأثير واق من حدوث التخرب في الخلايا الكبدية . كما اكتشف الباحثون أيضا أن لبعض مكونات خلاصة العكبر تأثيرا واقيا عند الفئران من الإصابة بجرثوم الـ Helicobacter Pylori ويتهم االأطباء هذا الجرثوم بأنه المسؤول عن حدوث سرطان المعدة .


                                              العكبر .. والوقاية من العقم :

                                              لا شك أن هناك الكثير من العوامل البيئية والفيزيولوجية والجينية التي تلعب دورا في إحداث خلل في وظيفة النطاف عند الذكور .. وهذا الخلل الوظيفي هو أكثر أسباب العقم شيوعا عند الإنسان . كما أن هذا الخلل يمكن أن يحدث في الحمض النووي DNA في النطاف أثناء تحضيرها لعملية التلقيح الصناعي . ولهذا يفتش العلماء عن وسيلة تقوم بحماية هذه النطاف أثناء تلك العملية . ففي دراسة نشرت في مجلة Life Sci في شهر فبراير 2006 وجد الباحثون أن إضافة خلاصة العكبر لتلك النطاف يمكن أن يمنحها الوقاية من تخرب الحمض النووي عند إضافة مواد مثل البنزربرين وبيركسيد الهيدروجين .

                                              وخلص الباحثون إلى أن للعكبر خواص واقية لغشاء النطاف من التأثيرات المؤذية الخارجية . وعزا الباحثون ذلك إلى قدرات العكبر المضادة للأكسدة . وقال هؤلاء بأن العكبر يمكن أن يلعب دورا في الوقاية من العقم عند الذكور .



                                              العكبر .. وأمراض العيون :

                                              وأظهرت دراسة أخرى من اليابان ، ونشرت في مجلة Evidence Based Complement Alternative Med في شهر مارس 2006 أن للعكبر البرازيلي الأخضر تأثيرات واقية من تخرب شبكية العين ، وذلك بإجراء الدراسة في المختبرات ثم على حيوانات التجارب . ويعزو الباحثون تلك الفوائد إلى خواص العكبر المضادة للأكسدة ، والمعروف أن مضادات الأكسدة تقوم بفعل يمكن أن يقي الجسم من تصلب الشرايين ، والسرطان والهرم والساد ( cataract ) وغيرها.

                                              وقام باحثون آخرون بإجراء دراسة على تأثيرات العكبر على التهاب قرنية العين Keratitis ، عند الأرانب ، والناجمة عن جرثوم المكورات العنقودية ، فوجدوا استجابة واضحة جدا .


                                              العكبر .. وتموت خلايا القلب :

                                              أظهرت دراسة أجريت على الفئران أن استخدام أحد مركبات العكبر وهو استر حمض الكافييك قد أدى إلى وقاية خلايا القلب من التموت بعد سد الشريان التاجي الأيسر الأمامي ( وهو أحد الشرايين الأساسية المغذية لعضلة القلب ) لمدة نصف ساعة ثم فتحه من جديد . ومن المعروف أن الخلايا القلبية تتأثر بشدة بنقص التروية القلبية ، ولكن لا بد من إجراء المزيد من الدراسات . وكانت هذه الدراسة قد نشرت في مجلة Ann Clinic Lab Sci في عام 2005 .

                                              فوائد أخرى :


                                              كما أثبتت دراسة أخرى نشرت في مجلة Radiat Prot Dosimetry عام 2005 م أن للعكبر تأثيرا واقيا يقي من تخرب الـحمض النووي الناجم عن أشعة جاما . وعزا الباحثون ذلك إلى قدرة العكبر على التخلص من الجذور الحرة المؤذية للجسم .

                                              كما أشار عدد من الدارسين في بحث أجري على الفئران نشر في مجلة Evidence Based Complement Alternative Med في شهر يونيو 2005 إلى أن للعكبر خواص واقية للجهاز العصبي من التأثيرات الناجمة عن نقص التروية الدماغية

                                              .
                                              هل استخدام العكبر مأمون ؟

                                              رغم أن خلاصة العكبر تستخدم حاليا في معالجة قروح الفم والالتهابات الجلدية الجرثومية والفطرية وغيرها إلا أن العكبر لم يسجل -حتى الآن - كدواء في الموسوعات الدوائية . وذكر الباحثون في جامعة مينسوتا الأمريكية أن العكبر يدخل الآن في كثير من المستحضرات الجلدية مثل مستحضرات التجميل والدهونات والمراهم والشامبو ، ومعاجين الأسنان ، وغيرها .

                                              وفي مقال طويل بلغ ستة عشر صفحة ونشرت في مجلة Food Chem Toxicol عام 1998 ذكر الدكتور Burdock من فلوريدا في الولايات المتحدة أن لاستعمال العكبر تاريخا طويلا في حياة البشرية يعود إلى تاريخ اكتشاف العسل . ويقول : " لا شك أن استخدام المستحضرات الحاوية على العكبر في ازدياد كبير ، وعلى العكس من العديد من الأدوية ( الطبيعية ) فإن هناك قاعدة معلوماتية كبيرة للعكبر تشير إلى العديد من قدراته الفعالة كمضاد للجراثيم للفطور ، ومضاد للفيروسات و للسرطان.

                                              ورغم أن هناك تقارير تشير إلى حدوث ارتكاسات تحسسية غير شائعة عند استخدام العكبر، إلا أن العكبر يعتبر مادة غير سامة وذات تاريخ مأمون" .

                                              وقد نبه الباحثون في مقال نشر في مجلة Dermatitis في شهر ديسمبر 2005 إلى إمكانية حدوث التهاب الجلد التحسسي عند عدد قليل من الذين يستخدمون العكبر حيث وجدوا أن ما بين 1.2 – 6.6 % من الذين أجريت عليهم اختبارات الحساسية حدث لديهم تحسس جلدي للعكبر.

                                              وبعد ، أليس عجيبا أن يخرج من بطون النحل خمسة مواد مختلفة فيها شفاء للإنسان؟ يخرج العسل والغذاء الملكي والعكبر والشمع بل حتى سم النحل !! .وصدق الله تعالى حيث يقول : وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنْ اتَّخِذِي مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنْ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ(68)ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآية لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(69)" سورة النحل .

                                              تعليق


                                              • #24
                                                رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                                                رابعا الاعجاز في النباتات

                                                والموضوع الاول منه بعنوان

                                                الإعجاز العلمي في تصميم مزارع الأعناب


                                                الدكتور محمد طاهر موسى

                                                جامعة الإمارات العربية المتحدة


                                                ربما كان العنب من أقدم النباتات التي عرفها الإنسان، فلقد عرفت أنواع منه منذ عهد سيدنا نوح عليه السلام، وهو نبات متسلق عن طريق المحاليق المتحورة عن البراعم الطرفية ويتبع العائلة العنبية، والعنب الذي عرف الأقدمون قيمته الطبية وفوائده التي لا تحصى، ويكفى أن العنب من أفضل الفواكه وأكثرها منافع، فهو يؤكل رطباً ويابساً وأخضراً ويانعاً، وهو فاكهة مع الفواكه، وقوت مع الأقوات، ودواء مع الأدوية، وشراب مع الأشربة. العنب من أجود الفواكه غذاء، يسمن ويعالج الهزال، ويصفى الدم، وينظف القناة الهضمية، ونافع للأمراض المعدية والإمساك. لا يخلو كتاب من كتب الطب الشعبي من عشرات الوصفات العلاجية التي يدخل ضمنها العنب، ولكنى هنا أريد أن أركز على استخدامات (عصير العنب) في الطب الشعبي. يقول المجربون : إن تناول كوب من عصير العنب في الصباح قبل الإفطار وآخر في المساء قبل العشاء يساعد كثيراً في علاج مرضى البواسير وعسر الهضم وحصى الكلى والمرارة. وإذا كنت ممن أصيبوا بالأرق وتبحث عن النوم الهادئ فما عليك إلا أن تجرب تناول نصف كوب من عصير العنب وتستكمل الكوب بالماء الساخن قبل نومك بنصف ساعة. ولا يمكن أن نتحدث عن عصير العنب وننسى استخدامه كمرطب للوجه وصديق للجمال.

                                                من المعروف أن أكثر العوامل البيئية تأثيراً على زراعة الفاكهة عموماً والعنب خصوصاً هى التربة التى ينمو فيها النبات، ويعيش ويستمد كافة إحتياجاته الغذائية والمناخ بعناصرة المختلفة من حرارة ورطوبة ورياح وضوء والتى تؤثر تأثيراً مباشراً على نمو النبات، وأن هذه العوامل تتداخل فيما بينها، وأن إرتباطها بشكل جيد يزيد من إنتاجية وجودة العنب، كما وأن التقلبات الجوية والسنوية تؤثر على نضج العناقيد، وبطريقة غير مباشرة، على تطور وانتشار الأمراض والأفات، فيؤدى إلى ظهور إختلافات فى نوعية العنب.

                                                وأثبتت التجارب أن تعرض سطح التربة الزراعية للحرارة والرطوبة يؤثر على خواصها الطبيعية والكيميائية، كما يعرضها للتعرية وقد وجدأنهمن الأفضل زراعة محاصيل تغطية تحمى التربة، وجذور العنب من الجفاف والتعرض المباشر للضوء والحرارة، كماأن زراعة مصدات للرياح من شأنه حماية التربة والنباتات من العواصف الصحراوية الشديدة التى تقتلع الأشجار، وأوصت هذه الأبحاث بضرورة زراعة محاصيل تغطية شتوية حينما تتساقط أوراق العنب لتزيد من خصوبة التربة وتساعد على دوران العناصر بها ونشاط الكائنات الدقيقة النافعة ومكافحة الآفات وكذلك مصدات للرياح لحماية العنب من تساقط الأزهار والعقد وتثبيت التربة وحفظها من عوامل التعرية وبشرط توفير الإضاءة اللازمة للنبات لحاجتهإليها لأن التظليل يضرها كثيراً حيث لا يتحمل العنب سوى ظله فقط.

                                                يُلقى البحث الضوء على جوانب من الإعجاز العلمى الذى تحدث عنهاالقرآن في وصف جنات العنب وطرق تصميمها بما يفوق ما تم التوصل إليه الآن )وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَالأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً (الكهف: 32، وما أثبته العلم الحديث من أهمية وضع سياج حول مزارع العنب لحمايتها من عوامل التعرية والعواصف الشديدة التى تؤدى إلى تحطم مزارع العنب مع عدم منع الضوء عنها لحاجتها إليه )وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ(، كذلك زراعة محاصيل التغطية )وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً(لم لها من اهمية فى حفظ جذور النباتات من التعرض المباشر للحرارة والضوء. الإعجاز فى قوله تعالى )وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (الكهف: 33 أن مزارع العنب فى إحتياجها للماء لا يكون فى صور أمطار خصوصاً في فصل الصيف لأنها تكون فى مرحلة الإثمار، فكانت مشيئه الله أن يتدفق نهر خلال الجنتين.


                                                التفسير القرآني:

                                                )وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً(الكهف: 32.

                                                قوله تعالى ) وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ (هذا مثل لمن يتعزز بالدنيا ويستنكف عن مجالسة المؤمنين، وهو متصل بقوله ) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ (الكهف : 28. واختلف في اسم هذين الرجلين وتعيينهما؛ فقال الكلبي: نزلت في أخوين من أهل مكة مخزوميين، أحدهما مؤمن وهو أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، زوج أم سلمة قبل النبي صلى الله عليه وسلم. والآخر كافر وهو الأسود بن عبد الأسد، وهما الأخوان المذكوران في قوله )قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ(الصافات : 51، ورث كل واحد منهما أربعة آلاف دينار، فأنفق أحدهما مال في سبيل الله وطلب من أخيه شيئا فقال ما قال...؛ ذكره الثعلبي والقشيري. وقيل : نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم وأهل مكة. وقيل: هو مثل لجميع من آمن بالله وجميع من كفر. وقيل: هو مثل لعيينة بن حصن وأصحابه مع سلمان وصهيب وأصحابه؛ شبههم الله برجلين من بني إسرائيل أخوين أحدهما مؤمن واسمه يهوذا؛ في قول ابن عباس. وقال مقاتل : اسمه تمليخا. والآخر كافر واسمه قرطوش. وهما اللذان وصفهما الله تعالى في سورة الصافات. وكذا ذكر محمد بن الحسن المقرئ قال : اسم الخير منهما تمليخا، والآخر قرطوش، وأنهما كانا شريكين ثم اقتسما المال فصار لكل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار، فاشترى المؤمن منهما عبيدا بألف وأعتقهم، وبالألف الثانية ثيابا فكسا العراة، وبالألف الثالثة طعاما فأطعم الجوع، وبنى أيضا مساجد، وفعل خيرا. وأما الآخر فنكح بماله نساء ذوات يسار، واشترى دواب وبقرا فاستنتجها فنمت له نماء مفرطا، وأتجر بباقيها فربح حتى فاق أهل زمانه غنى؛ وأدركت الأول الحاجة، فأراد أن يستخدم نفسه في جنة يخدمها فقال: لو ذهبت لشريكي وصاحبي فسألته أن يستخدمني في بعض جناته رجوت أن يكون ذلك أصلح بي، فجاءه فلم يكد يصل إليه من غلظ الحجاب، فلما دخل عليه وعرفه وسأله حاجته قال له : ألم أكن قاسمتك المال نصفين فما صنعت بمالك؟. قال : اشتريت به من الله تعالى ما هو خير منه وأبقى. فقال. أإنك لمن المصدقين، ما أظن الساعة قائمة وما أراك إلا سفيها، وما جزاؤك عندي على سفاهتك إلا الحرمان، أو ما ترى ما صنعت أنا بمالي حتى آل إلى ما تراه من الثروة وحسن الحال، وذلك أني كسبت وسفهت أنت، اخرج عني. ثم كان من قصة هذا الغني ما ذكره الله تعالى في القرآن من الإحاطة بثمره وذهابها أصلا بما أرسل عليها من السماء من الحسبان. وقد ذكر الثعلبي هذه القصة بلفظ آخر، والمعنى متقارب. قال عطاء : كانا شريكين لهما ثمانية آلاف دينار. وقيل : ورثاه من أبيهما وكانا أخوين فاقتسماها، فاشترى أحدهما أرضا بألف دينار، فقال صاحبه : اللهم إن فلانا قد اشترى أرضا بألف دينار وإني اشتريت منك أرضا في الجنة بألف دينار فتصدق بها، ثم إن صاحبه بنى دارا بألف دينار فقال : اللهم إن فلانا بنى دارا بألف دينار وإني اشتري منك دارا في الجنة بألف دينار، فتصدق بها، ثم تزوج امرأة فأنفق عليها ألف دينار، فقال : اللهم إن فلانا تزوج امرأة بألف دينار وإني أخطب إليك من نساء الجنة بألف دينار، فتصدق بألف دينار. ثم اشترى خدما ومتاعا بألف دينار، وإني أشتري منك خدما ومتاعا من الجنة بألف دينار، فتصدق بألف دينار. ثم أصابته حاجة شديدة فقال : لعل صاحبي ينالني معروفه فأتاه فقال : ما فعل مالك؟ فأخبره قصته فقال : وإنك لمن المصدقين بهذا الحديث والله لا أعطيك شيئا ثم قال له : أنت تعبد إله السماء، وأنا لا أعبد إلا صنما؛ فقال صاحبه : والله لأعظنه، فوعظه وذكره وخوفه. فقال : سر بنا نصطد السمك، فمن صاد أكثر فهو على حق؛ فقال له : يا أخي إن الدنيا أحقر عند الله من أن يجعلها ثوابا لمحسن أو عقابا لكافر. قال : فأكرهه على الخروج معه، فابتلاهما الله، فجعل الكافر يرمي شبكته ويسمي باسم صنمه، فتطلع متدفقة سمكا. وجعل المؤمن يرمي شبكته ويسمي باسم الله فلا يطلع له فيها شيء؛ فقال له: كيف ترى أنا أكثر منك في الدنيا نصيبا ومنزلة ونفرا، كذلك أكون أفضل منك في الآخرة إن كان ما تقول بزعمك حقا. قال : فضج الملك الموكل بهما، فأمر الله تعالى جبريل أن يأخذه فيذهب به إلى الجنان فيريه منازل المؤمن فيها، فلما رأى ما أعد الله له قال : وعزتك لا يضره ما ناله من الدنيا بعد ما يكون مصيره إلى هذا؛ وأراه منازل الكافر في جهنم فقال : وعزتك لا ينفعه ما أصابه من الدنيا بعد أن يكون مصيره إلى هذا. ثم إن الله تعالى توفى المؤمن وأهلك الكافر بعذاب من عنده، فلما استقر المؤمن في الجنة ورأى ما أعد الله له أقبل هو وأصحابه يتساءلون، فقال )قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ(الصافات الآيتان 51، 52، فنادى مناد : يا أهل الجنة هل أنتم مطلعون فاطلع إلى جهنم فرآه في سواء الجحيم؛ فنزلت ) وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً (.

                                                بين الله تعالى حال الأخوين في الدنيا في هذه السورة، وبين حالهما في الآخرة في في قوله ) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ -إلى قوله- لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (الصافات : 51- 61. قال ابن عطية : وذكر إبراهيم بن القاسم الكاتب في كتابه في عجائب البلاد أن بحيرة تنيس كانت هاتين الجنتين، وكانتا لأخوين فباع أحدهما نصيبه من الآخر فأنفق في طاعة الله حتى عيره الآخر، وجرت بينهما المحاورة فغرقها الله تعالى في ليلة، وإياها عني بهذه الآية. وقد قيل : إن هذا مثل ضربه الله تعالى لهذه الأمة، وليس بخبر عن حال متقدمة، لتزهد في الدنيا وترغب في الآخرة، وجعله زجرا وإنذارا؛ ذكره الماوردي. وسياق الآية يدل على خلاف هذا، والله أعلم.

                                                قوله تعالى ) وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ(أي أطفناهما من جوانبهما بنخل. والحفاف الجانب، وجمعه أحفة؛ ويقال : حف القوم بفلان يحفون حفا، أي طافوا به؛ ومنه ) حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ (الزمر : 75 ) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً (أي جعلنا حول الأعناب النخل، ووسط الأعناب الزرع.

                                                وقوله تعالى: )كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا* وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (الكهف: 33-34. قوله تعالى ) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ(أي كل واحدة من الجنتين، واختلف في لفظ (كلتا وكلا)هل هو مفرد أو مثنى؛ فقال أهل البصرة : هو مفرد؛ لأن كلا وكلتا في توكيد الاثنين نظير (كل)في المجموع، وهو اسم مفرد غير مثنى؛ فإذا ولي اسما ظاهرا كان في الرفع والنصب والخفض على حالة واحدة، تقول : رأيت كلا الرجلين وجاءني كلا الرجلين ومررت بكلا الرجلين؛ فإذا اتصل بمضمر قلبت الألف ياء في موضع الجر والنصب، تقول : رأيت كليهما ومررت بكليهما، كما تقول عليهما. وقال الفراء : هو مثنى، وهو مأخوذ من كل فخففت اللام وزيدت الألف للتثنية. وكذلك كلتا للمؤنث، ولا يكونان إلا مضافين ولا يتكلم بواحد، ولو تكلم به لقيل : كل وكلت وكلان وكلتان. واحتج بقول الشاعر :

                                                في كلت رجليها سلامى واحده كلتاهما مقرونة بزائده

                                                أراد في إحدى رجليها فأفرد. وهذا القول ضعيف عند أهل البصرة؛ لأنه لو كان مثنى لوجب أن تكون ألفه في النصب والجر ياء مع الاسم الظاهر، ولأن معنى (كلا)مخالف لمعنى (كل)لأن (كلا)للإحاطة و(كلا)يدل على شيء مخصوص، وأما هذا الشاعر فإما حذف الألف للضرورة وقدر أنها زائدة، وما يكون ضرورة لا يجوز أن يجعل حجة، فثبت أنه اسم مفرد كمعى، إلا أنه وضع ليدل على التثنية، كما أن قولهم (نحن)اسم مفرد يدل على اثنين فما فوقهما، يدل على ذلك قول جرير

                                                كلا يومي أمامة يوم صد وإن لم نأتها إلا لماما

                                                فأخبر عن (كلا)بيوم مفرد، كما أفرد الخبر بقوله (آتت) ولو كان مثنى لقال آتتا، ويوما. واختلف أيضا في ألف(كلتا)؛ فقال سيبويه : ألف (وكلتا)للتأنيث والتاء بدل من لام الفعل وهي واو والأصل كلوا، وإنما أبدلت تاء لأن في التاء علم التأنيث، والألف في (كلتا)قد تصير ياء مع المضمر فتخرج عن علم التأنيث، فصار في إبدال الواو تاء تأكيد للتأنيث. وقال أبو عمر الجرمي : التاء ملحقة والألف لام الفعل، وتقديرها عنده : فِعْتَل، ولو كان الأمر على ما زعم الجرمي : التاء ملحقة والألف لام الفعل، وتقديرها عنده : فِعْتَل، ولو كان الأمر على ما زعم لقالوا في النسبة إليها كلتوي، فلما قالوا كلوي وأسقطوا التاء دل على أنهم أجروها مجرى التاء في أخت إذا نسبت إليها قلت أخوي؛ ذكره الجوهري. قال أبو جعفر النحاس : وأجاز النحويون في غير القرآن الحمل على المعنى، وأن تقول : كلتا الجنتين آتتا أكلهما؛ لأن المعنى المختار كلتاهما آتتا. وأجاز الفراء : كلتا الجنتين آتى أكله، قال : لأن المعنى كل الجنتين. قال : وفي قراءة عبد الله (كل الجنتين آتى أكله). والمعنى على هذا عند الفراء : كل شيء من الجنتين آتي أكله. والأكل (بضم الهمزة) ثمر النخل والشجر. وكل ما يؤكل فهو أكل؛ ومنه قوله تعالى )أُكُلُهَا دَائِمٌ (الرعد : 35 وقد تقدم. ) آتَتْ أُكُلَهَا(تاما ولذلك لم يقل آتتا. ) وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (أي لم تنقص.

                                                قوله تعالى )وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (أي أجرينا وشققنا وسط الجنتين بنهر. )وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ (قرأ أبو جعفر وشيبة وعاصم ويعقوب وابن أبي إسحاق )ثَمَرٌ (بفتح الثاء والميم، وكذلك قوله )وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ (الكهف : 42 جمع ثمرة. قال الجوهري : الثمرة واحدة الثمر والثمرات، وجمع الثمر ثمار؛ مثل جبل وجبال. قال الفراء : وجمع الثمار ثمر؛ مثل كتاب وكتب، وجمع الثمر أثمار؛ مثل أعناق وعنق. والثمر أيضا المال المثمر؛ يخفف ويثقل. وقرأ أبو عمرو )وَكَانَ لَهُ ثُمُر (بضم الثاء وإسكان الميم، وفسره بأنواع المال. والباقون بضمها في الحرفين. قال ابن عباس : ذهب وفضة وأموال. وقد مضى في (الأنعام)نحو هذا مبينا. ذكر النحاس : حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرني عمران بن بكار قال حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي قال حدثنا شعيب بن إسحاق قال هارون قال حدثني أبان عن ثعلب عن الأعمش أن الحجاج قال : لو سمعت أحدا يقرأ )وَكَانَ لَهُ ثُمُر(لقطعت لسانه؛ فقلت للأعمش : أتأخذ بذلك؟ فقال : لا؟ ولا نعمة عين. فكان يقرأ )ثُمُر(ويأخذه من جمع الثمر. قال النحاس : فالتقدير على هذا القول أنه جمع ثمرة على ثمار، ثم جمع ثمار على ثمر؛ وهو حسن في العربية إلا أن القول الأول أشبه والله أعلم؛ لأن قوله )كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا (يدل على أن له ثمرا.

                                                قوله تعالى )فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ (أي يراجعه في الكلام ويجاوبه. والمحاورة المجاوبة، والتحاور التجاوب. ويقال : كلمته فما أحار إلي جوابا، وما رجع إلي حويرا ولا حويرة ولا محورة ولا حوارا؛ أي ما رد جوابا. )أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (النفر : الرهط وهو ما دون العشرة. وأراد ههنا الاتباع والخدم والولد، حسبما تقدم بيانه.

                                                )وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً* وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنقَلَباً (الكهف: 35، 36

                                                وقوله تعالى: )وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ(أي بكفره وتمرده وتجبره وإنكاره المعاد، )قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا(وذلك اغترار منه، لما رأى فيها من الزروع والثمار والأشجار والأنهار المطردة في جوانبها وأرجائها ظن أنها لا تفنى ولا تفرغ ولا تهلك ولا تتلف، وذلك لقلة عقله وضعف يقينه باللّه وإعجابه بالحياة الدنيا وزينتها، وكفره بالآخرة، ولهذا قال: )وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً(أي كائنة، )وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا(أي ولئن كان معاد ورجعة إلى اللّه ليكوننَّ لي هناك أحسن من هذا الحظ عند ربي، ولولا كرامتي عليه ما أعطاني هذا، كما قال في الآية الأخرى )وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى(فصلت: 50، وقال تعالى: )أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا(مريم :77

                                                )قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً* لَكِنَّاْ هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً * وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً * فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِي خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً(الكهف 37-41

                                                يقول تعالى مخبراً عما أجابه به صاحبه المؤمن واعظاً له وزاجراً عما هو فيه من الكفر باللّه والاغترار: )أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ(، وهذا إنكار وتعظيم لما وقع فيه من جحود ربه الذي خلقه، وابتدأ خلق الإنسان من طين وهو آدم، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، كما قال تعالى: )كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُم ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَْ( البقرة: 28، أي كيف تجحدون ربكم، ودلالته عليكم ظاهرة جلية، ولهذا قال المؤمن ) لَكِنَّاْ هُوَ اللَّهُ رَبِّي(أي لكن لا أقول بمقالتك بل أعترف للّه بالواحدنية والربوبية، )وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً( أي بل هو اللّه المعبود وحده لا شريك له، ثم قال: )وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً (هذا تخصيص وحث على ذلك، أي هلا إذا أعجبتك حين دخلتها ونظرت إليها حمدت اللّه على ما أنعم به عليك، وأعطاك من المال والولد ما لم يعطه غيرك، وقلت ما شاء اللّه لا قوة إلا باللّه، ولهذا قال بعض السلف من أعجبه شيء من حاله أو ماله أو ولده فليقل: ما شاء اللّه لا قوة إلا باللّه، وهذا مأخوذ من هذه الآية الكريمة. وقد روي فيه حديث مرفوع عن أنَس رضي اللّه عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ما أنعم اللّه على عبد نعمة من أهل أو مال أو ولد فيقول ما شاء اللّه لا قوة إلا باللّه، فيرى فيه آفة دون الموت) "أخرجه الحافظ أبو يعلى الموصلي" وكان يتأول هذه الآية: )وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ (، وقد ثبت في الصحيح عن أبي موسى أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال له: )ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا باللّه).؟ وقال أبو هريرة، قال لي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (يا أبا هريرة ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة تحت العرش؟) قال، قلت: فداك أبي وأمي، قال: )أن تقول لا قوة إلا باللّه). قال أبو بلخ وأحسب أنه قال: (فإن اللّه يقول أسلم عبدي واستسلم) "أخرجه الإمام أحمد في المسند".

                                                وقوله: )فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِي خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ (أي في الدار الآخرة، ) وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا (أي على جنتك في الدنيا التي ظننت أنها لا تبيد ولا تفنى ) حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ(، قال ابن عباس والضحّاك: أي عذاباً من السماء، والظاهر أنه مطر عظيم مزعج، يقلع زرعها وأشجارها، ولهذا قال: )فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً(، أي بلقعاً تراباً أملس، لا يثبت فيه قدم. وقال ابن عباس: كالجرز الذي لا ينبت شيئاً، وقوله: )أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرا( أي غائراً في الأرض وهو ضد النابع الذي يطلب وجه الأرض. فالغائر يطلب أسفلها، كما قال تعالى: )قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ(الملك:30 أي جار وسائح، وقال ههنا: )أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبا(، والغور مصدر. بمعنى غائر، وهو أبلغ منه كما قال الشاعر:

                                                تظل جياده نوحاً عليه تقلده أعنتها صفوفاً بمعنى نائحات عليه.

                                                )وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً * وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً(الكهف: 42-43

                                                يقول تعالىوَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ( بأمواله وبثماره ما كان يحذر مما خوفه به المؤمن، من إرسال الحسبان على جنته التي اغتر بها وألهته عن اللّه عزّ وجلّ، )فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا(،وقال قتادة: يصفق كفيه متأسفاً متلهفاً على الأموال التي أذهبها عليها، )وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً * وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ (أي عشيرة أو ولد كما افتخر بهم واستعز ) يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً. هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ (الكهف: 43-44، أي الموالاة للّه، أي هنالك كل أحد مؤمن أو كافر يرجع إلى اللّه وإلى موالاته والخضوع له إذا وقع العذاب، كقوله: )فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (غافر: 84 وكقوله إخباراً عن فرعون )حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (يونس: 90 ومنهم من كسر الواو من {الوِلاية} أي هنالك الحكم للّه الحق، كقوله: ) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَِ (الأنعام: 62. ولهذا قال تعالى: ) هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا (: أي جزاء ) وَخَيْرٌ عُقْبًا (أي الأعمال التي تكون للّه عزَّ وجلَّ ثوابها خير، وعاقبتها حميدة رشيدة، كلها خير.

                                                تنتهى قصة الجنتين بإعجاز كبير فالماء الذى هو مصدر الحياة لكل الكائنات كان سبب الهلاك، وأصبحت الجنان خاوية على عروشها، لأن العنب لا يحتاج الماء إلا بقدر معلوم، ولذا كان الماء يتفق من العيون والأنهار الجارية، كما يحتاج النبات للرى عن طريق الجذر، أما عندما يأتى المطر الغزير من السماء، فذلك هو الدمار بعينه )وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (، أو لا يجد الماء الذى هو عنصر الحياة، وتلقى نفس المصير الموعود)أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً(. وسبحان من بيده مقاليد كل شىء، وهو على كل شىء قدير. وهكذا يكون الماء هلاك كل جنان الدنيا من أهل سبأ )فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ(سبأ:16،وأصحاب الجنة في سورة القلم )فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون * فأصبحت كالصريمٍ(القلم: 19-20، وصاحب الجنتين هنا.


                                                الجانب العلمي والإعجاز(العوامل البيئية التى تؤثر على زراعة العنب)

                                                أولاً: العوامل المناخية


                                                1- درجة الحرارة

                                                تعتبر درجة الحرارة من أهم العوامل الجوية، في تحديد زراعة العنب حيث يحتاج النبات إلى صيف دافىء جاف نسبياً، والشتاء المعتدل، ولا توافق زراعته الصيف الرطب، نتيجة لقابلية ثمار العنب للإصابة بعدد من المراض الفطرية والحشرية التي يزيد إنتشارها في الجو الرطب، كما لا يقاوم العنب الشتاء الشديد البرودة، وكما ذكرت كتب التفسير فإن القصة التى حكاها القرآن كانت فى منطقة تتوافر فيها كل العوامل الى ذكرناها سالفاً

                                                2- الضوء

                                                كما هو معلوم أن الشمس، هى مصدر الحرارة، والضوء، وتأثيرها هو الأكثر على النبات مقارنة بالظواهر الجوية الأخرى، والعنب من النباتات المحبة للشمس،ولذا تنجح زراعتة فى المناطق المشمسة، ةالمضاءة كثيراً، وعلى ذلك فوجود اى من الأشجار الكبيرة، من أى نوع تصبحتصبح ضارة للكروم، وذلك بسبب تظليلها لها، لأنها كما يقال لا تتحمل إلا ظلها الخاص، وتنجح بصورة جيدة فى المناطق التى تسطع بها الشمس طوال النهار، حيث تستعمل الطاقة الحرارية والضوئية بصورة جيدة، فقد وجد ان السنين ذات السطوع الكبير للشمس، تعطى عناقيد، تحتوى بصورة إعتيادية على 170-280 جم/لتر من العصير سكر، مع حموضة قليلة وبالعكس.

                                                ويؤثر الضوء مع درجة الحرارة بقوة، على وظائف الكرمة، وبصورة خاصة على عملية التمثيل الضوئى، وهذا ما ينعكس على النمو والإثمار، أما الظل فإنه يؤدى على إبطاء عملية التمثيل الضوئى، ويعوق العمليات الحيوية للكرمة، والذى يؤدى بدورة إلى قلة الاثمار، وقد وجد أن الإضاءة الشديدة ولمدة طويلة تؤدى إلى إطالة الفترة الخضرية، واطوارها، ويؤخر من عملية نضج الحبات، ونضج الخشب، وبالتالى تقل مقاومة الكروم للصقيع. )وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً (الكهف: 32

                                                3- الرطوبة والأمطار

                                                تحتاج زراعة العنب إلى صيف جاف، أى نسبة رطوبة منخفضة، فى فترة تكوين الثمار، اما فى فترة الشتاء، فلا مانع من توفر نسبة رطوبة عالية، خصوصا على هيئة أمطار، فى المواقع التى تعتمد عليها زراعة العنب، ويلاحظ ان الأصناف المتأخرة، تتعرض للإصابة الشديدة بالأمراض الفطرية، وخصوصاً مرض البياض الزغبى والدقيقى، مما يعمل على تلف المحصول، وقد وجد أن فاعلية الأمطار الساقطة تتأثر برطوبة التربة، والحرارة وطبيعة التربة، وتركيبها، وعمق الماء الأرضى، ولا تؤثر امطار الشتاء مباشرة، على الكروم، ولكن يمكن إعتبارها كإحتياطى ماء متجمع فى التربة، فإذا كانت كمية المطار الساقطة فى الشتاء، أقل من 150 ملليمتر، يجب الرى قبل بدء الدورة الخضرية، حتى يكون هناك أحتياطى كافى من الماء للنمو )وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (

                                                4- الرياح

                                                تتأثر زراعة العنب بفعل الرياح، ويتوقف هذا التأثير على إتجاهها، وشدتها، وسرعتها، والفصل الذى تهب فيه، فالرياح الباردة القوية، والمصحوبة بالأمطار أو الجافة، تكون ذات تأثير ضار يمكن تقسيم الضرر إلى:

                                                أ‌- ضرر ميكانيكى: حيث أن الرياح الشديدة، قد تعمل على إقتلاع الأشجار حديثة الزراعة بأكملها، حيث يكون المجموع الجذرى فيها سطحى، والجذور لم تثبت بعد فى التربة، ويحدث ذلك بكثرة فى الأراضى الرملية والخفيفةز

                                                ب‌- عامل التعرية: حيث تسبب الرياح الشديدة، إزاحة طبقات التربةالسطحية حول المجموع الجذرى، مما يسبب جفاف الجذور، وضعف التربة حول الأشجار.

                                                ج‌- الضرر الفسيولوجى: ويحدث ذلك، عند هبوب رياح جافة، حيث يحدث إختلال فى التوازن المائى، من جراء زيادة نسبة النتح عن الإمتصاص، ولهذا تتساقط نسبة كبيرة من الأزهار، والثمار وبالتالى تقل نسبة المحصول.

                                                لهذا يجب مقاومة فعل الرياح، بزراعة مصدات الرياح في الجهات التي تهب منها، عند إنشاء المزرعة، وفى المناطق الصحراوية يجب زراعة أكثر من صف واحد. وسبحان العلى القدير)ٍوَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلًٍ (.


                                                ثانياً: التربة

                                                يزرع العنب في كثير من أنواع الأراضى، بشرط أن تكون مفككة، جيدة الصرف، مع الإحتفاظ بالرطوبة اللازمة ويساعد على ذلك وجود محاصيل تغطية لتزيد الرطوبة، والخصوبة خصوصاً فترة الصيف،ويزيد النشاط الميكروبى النافع، ويمنع التعرية و يساعد على دوران العناصر الغذائية، التي يحتاج إليها نبات العنب، وقد ثبت أن العنب تنجح زراعته فى الأراضى الرملية، والجيرية المحتوية على نسبة معقولة من الجير.

                                                خاتمة

                                                أثبتت التجارب الحديثة أن تعرض سطح التربة الزراعية للحرارة والرطوبة يؤثر على خواصها الطبيعية والكيميائية، كما يعرضها للتعرية وقد وجد من الأفضل زراعة محاصيل تغطية تحمى التربة، وجذور العنب من الجفاف والتعرض المباشر للضوء والحرارة، كم أن زراعة مصدات للرياح من شأنه حماية التربة والنباتات من العواصف الصحراوية الشديدة التى تقتلع الأشجار، وأوصت هذه الأبحاث بضرورة زراعة محاصيل تغطية شتوية حينما تتساقط أوراق العنب لتزيد من خصوبة التربة وتساعد على دوران العناصر بها ونشاط الكائنات الدقيقة النافعة ومكافحة الآفات وكذلك مصدات للرياح لحماية العنب من تساقط الأزهار والعقد وتثبيت التربة وحفظها من عوامل التعرية وبشرط توفير الإضاءة اللازمة للنبات لحاجتة إليها لأن التظليل يضرها كثيراً حيث لا يتحمل العنب سوى ظله فقط.

                                                بالنظر إلى كل ماسبق من أبحاث ودراسات وإستنتاجات وبالعودة إلى كتاب ربنا الكريم نجد أن القرآن سبق هذه الإستنتاجات في كلمات وبديعة نتأمل قول الله تعالى )وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً(الكهف: 32 فسبحان ربى العظيم هذا الإعجاز الدقيق للجنتين تحفها النخل (مصدات الرياح) تحمى من العواصف وتثبت الرمال وهى نبات مثمر جذوره ليفية رغم إرتفاع النبات الشاهق فلا تؤذى النباتات المجاورة بالمنافسة على الغذاء ولا بظلها الكثيف خصوصاً أن العنب يحتاج للضوء كثيراً, ولنتدبر قول العلى القدير)وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً((نباتات التغطية) التي تحمى التربة من التعرية وتحفظ رطوبة التربة وتزيد من المواد العضوية بها، ومن الإعجاز فى قوله تعالى )وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (أن مزارع العنب في إحتياجها للماء لا يكون في صور أمطار خصوصا في فصل الصيف لأنها تكون في مرحلة الإثمار، فكانت مشيئه الله أن يتدفق نهر خلال الجنتين

                                                تعليق


                                                • #25
                                                  رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                                                  الإعجاز الطبي في حديث: "قيلوا فإن الشيطان لا يقيل"
                                                  مقدمة:

                                                  يقول الحق تبارك وتعالى في كتابه الحكيم: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾[الروم: 23], فالنوم آية من آيات الله في خلقه، وصفة أساسية من صفات الإنسان، وضرورة من ضرورات حياته، فكل إنسان ينام، لا يشذ عن ذلك أحد حتى الأنبياء والرسل، لا يستطيع الإنسان أن يمتنع عن النوم إلا في حدود زمنية محدودة لا يستطيع بعدها المقاومة، فيسقط نائماً مهما كانت المؤثرات من حوله.

                                                  ومن ذلك النوم في وسط النهار والذي يسمى القيلولة, والقيلولة وقفة قصيرة في مسير الحياة اليومية، ومحطة عابرة في صلب زحمتها وصخبها، أو قيظ حرها وسكونها, فترة يخلد فيها الإنسان إلى السكينة للاسترخاء والاستراحة، أو للتأمل والتفكير، أو لتفريغ شحنات الهواجس والقلق.

                                                  وتطالعنا كتب السنة النبوية بالعديد من الأحاديث التي تشير إلى أن القيلولة من العادات التي حافظ عليها رسول الله r وندب أصحابه وأمته إليها, بحيث أصبحت القيلولة جزءاً مهماً من حياة المسلمين إلى يومنا هذا.

                                                  وقد ظلت العديد من بلدان الشمال المصنعة تعتبر القيلولة مؤشراً على الكسل والخمول ودرجة الصفر في الكفاءة. لكنها أصبحت في السنين الأخيرة تقتنع بفوائدها وأهمية اعتمادها في مجتمعاتها, وذلك بعد ظهور العديد من الأبحاث التي تؤكد نفعها ومدى حاجة الجسم لها.

                                                  القيلولة من منظور إسلامي:

                                                  لقد مارس النبي r القيلولة بصورة مستمرة, والقيلولة هي الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم(1), وقد جاءت العديد من الأحاديث التي تشير إلى ذلك, عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال حدثتني أم حرام: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (نام قليلاً نهاراً) يوماً في بيتها فاستيقظ وهو يضحك, قالت: يا رسول الله ما يضحكك؟ قال: "عجبت من قوم من أمتي يركبون البحر كالملوك على الأسرة". فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم, فقال: "أنت معهم". ثم نام فاستيقظ وهو يضحك, فقال مثل ذلك مرتين أو ثلاثاً, قلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم, فيقول: "أنت من الأولين"(2)

                                                  وعن أنس أيضاً قال: دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال عندنا فعرق, وجاءت أمي بقارورة فجعلت تسلت العرق فيها, فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين ؟" قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب(3).

                                                  ولم يكتف النبي r بممارسة القيلولة بفعله بل حث عليها بقوله r, عن أنس t قال: قال رسول الله: "قيلوا فإن الشيطان لا يقيل"(4).

                                                  ولذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم يحرصون على القيلولة, عن أنس قال: كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة.(5), وعن سهل بن سعد r قال: ما كنا نقيل ولا نتغذى إلا بعد الجمعة.(6), وفي زيادة عند أحمد: مع رسول الله r.(7)

                                                  أقسام القيلولة:

                                                  تقسم القيلولة بشكل عام إلى ثلاثة أنواع:

                                                  1. القيلولة الملكية أو الطويلة، وهي التي تتعدى ثلاثين دقيقة.

                                                  2. والمعتدلة وتكون ما بين 5 و30 دقيقة.

                                                  3. والسريعة وهي الغفوة القصيرة التي لا تتعدى خمس دقائق.

                                                  وأغلب الدراسات تؤكد أن المدة المناسبة للقيلولة هي من 15 إلى 20 دقيقة، وأن التوقيت الأفضل لها هو ما بين الساعة الواحدة والساعة الثالثة بعد الزوال، وهي الفترة التي ينخفض فيها النشاط الفكري والجسمي للإنسان، وهي كذلك ثاني فترة تقع فيها أغلب حوادث السير الخطيرة، بعد الفترة الليلية الممتدة ما بين الثانية والخامسة صباحاً.(8)

                                                  العلم الحديث يكشف فوائد القيلولة:

                                                  تنتشر في العالم هذه الأيام دعوة لمناصرة نوم القيلولة, تتبناها منظمات وسياسيون ونواب برلمانيون, ففي البرتغال هناك (رابطة محبي نوم القيلولة) ويتولى وزير العمل بنفسه مسئولية الدفاع العلني عن القيلولة. وفي فرنسا يدعو الخبراء إلى مشروع لـ(تقنين القيلولة). وفي أسبانيا محلات للتدليك أثناء القيلولة بمقابل مادي كبير، وفي إيطاليا يدعو كبار السياسيين لقيلولة، وتسمى مدينة كتانيا في جزيرة صقلية: العاصمة الوطنية للقيلولة، وفي الولايات المتحدة (غرف خاصة للقيلولة) أنشأتها بعض المؤسسات والشركات، فضلاً عن (مؤسسة النوم الوطنية الأمريكية) التي تدعو دوماً إلى مناصرة القيلولة، وفي الصين يوجد اعتراف دستوري بالقيلولة كحق لجميع العمال، وفي الهند يوجد قانون يعاقب من يقطع قيلولة الآخرين، وفي اليابان هناك حضور طاغٍ للقيلولة, وهناك أسرّة للاسترخاء في معظم الشركات والمصانع بهدف تحقيق زيادة الإنتاجية!

                                                  وكل هذا لأن الدراسات الحديثة أظهرت أن القيلولة من العادات الجيدة, وأنها تعود بالنفع على من يحافظون عليها, ومن فوائد القيلولة ما يلي:

                                                  1- القيلولة تقلل من خطر الإصابة بالمشاكل القلبية:

                                                  نشر موقع CNN بتاريخ: 15/3/2007 بحثاً بعنوان: (ناموا في مكاتبكم تصحوا), جاء فيه أن بحثاً جديداً أظهر أن القيلولة أثناء العمل تقلل من خطر الإصابة بمشكلات قلبية خطيرة، وربما قاتلة. وهذه الدراسة تشير إلى أن الرجال على وجه التحديد هم الأكثر استفادة من نومهم أو قيلولتهم في المكاتب من النساء.

                                                  الدراسة - التي تعد الأكبر من نوعها - ركزت على الأثر الصحي للقيلولة وشملت 23681 مواطناً يونانياً بالغاً واستغرقت ست سنوات، بحسب ما ذكرته الأسوشيتد برس.

                                                  وأظهرت الدراسة أن أولئك الذين يستغرقون في النوم في مكاتبهم لمدة نصف ساعة تقريباً ثلاث مرات أسبوعياً ينخفض معدل وفاتهم جراء إصابتهم بأعراض صحية قلبية بحدود 37 % عن نظرائهم الذين لا يظلون مستيقظين أثناء العمل. وقال الباحثون إن قيلولة النهار في المكتب تفيد القلب لأنها تقلل من الإجهاد والاضطراب، حيث يشكل العمل المصدر الرئيسي للإجهاد.


                                                  وعلى الأرجح أيضاً أن النساء يستفدن من القيلولة في المكاتب، غير أنه تبين أن عدد الرجال الذين يموتون بسبب الإجهاد في العمل أكثر من النساء، وفقاً لما قاله الدكتور ديميتريوس تريكوبولوس المسؤول عن الدراسة والباحث في كليتي الطب بجامعتي هارفارد وأثينا. وأوضحت الدراسة أن عدد النساء من عينة الدراسة واللواتي قضين نحبهن بلغ 48 امرأة، منهن ست نساء من النساء العاملات، مقابل 85 رجلاً، منهم 28 رجلاً عاملاً. وقال تريكوبولوس: «نصيحتي لكم هي: إذا كان بإمكانكم النوم قليلاً فقوموا بذلك، وإذا كان لديكم أريكة في مكاتبكم وأمكنكم الاستراحة فاستغلوا الفرصة», وتراوحت أعمار عينة الدراسة بين 20 عاماً و86 عاماً، وكانوا يتمتعون بصحة جيدة عندما بدأ تنفيذ الدراسة.

                                                  وقال مارفين ووتن اختصاصي النوم في مستشفى كولومبيا سانت ماري إن عينة الدراسة على الأرجح هم أشخاص يهتمون أكثر بصحتهم، الأمر الذي يفيد القلب.

                                                  جدير بالذكر أن هناك بعض الشركات التي تسمح لعمالها والموظفين فيها بأخذ قيلولة، وعبر الكثير منهم أنها تساعد في زيادة الإنتاجية. وقامت شركة "يارد ميتالز" الأمريكية لتوزيع المعادن بتخصيص غرفة للقيلولة في مقرها الرئيسي، كجزء من برنامجها المتعلق بصحة الموظف.

                                                  وقال المهندس في الشركة مارك إيكنبيرغر إنه كثيراً ما يتردد على تلك الغرفة لينام نصف ساعة بناء على أوامر طبيبه من أجل تقليل الإجهاد، مشيراً إلى أن ذلك يساعد على بقائه نشيطاً بقية اليوم(9).

                                                  2- القيلولة تعمل على زيادة إنتاج الفرد:

                                                  وقد أتى العلم الحديث ليؤكد فوائد القيلولة في زيادة إنتاجية الفرد، ويحسن قدرته على متابعة نشاطه اليومي, فقد أكد الباحثون في دراسة نشرت في مجلة العلوم النفسية عام 2002م أن القيلولة لمدة 10 - 40 دقيقة - وليس أكثر - تكسب الجسم راحة كافية، وتخفف من مستوى هرمونات التوتر المرتفعة في الدم نتيجة النشاط البدني والذهني الذي بذله الإنسان في بداية اليوم.

                                                  ويرى العلماء أن النوم لفترة قصيرة في النهار يريح ذهن الإنسان وعضلاته، و يعيد شحن قدراته على التفكير والتركيز، ويزيد إنتاجيته وحماسه للعمل.

                                                  وأكد الباحثون أن القيلولة في النهار لمدة لا تتجاوز 40 دقيقة لا تؤثر على فترة النوم في الليل، أما إذا امتدت لأكثر من ذلك، فقد تسبب الأرق وصعوبة النوم.

                                                  وتقول الدراسة التي تمت تحت إشراف الباحث الأسباني د. إيسكالانتي: «إن القيلولة تعزز الذاكرة والتركيز، وتفسح المجال أمام دورات جديدة من النشاط الدماغي في نمط أكثر ارتياحاً».

                                                  كما شدد الباحثون على عدم الإطالة في القيلولة ، لأن الراحة المفرطة قد تؤثر على نمط النوم العادي. وأشار الدكتور إيسكالانتي إلى أن الدول الغربية بدأت تدرج القيلولة في أنظمتها اليومية، وأوصى بقيلولة تتراوح بين 10 – 40 دقيقة(10).

                                                  ويلتقط خيط الحديث الخبير النفسي الدكتور فتحي عفيفي الأستاذ بجامعة الأزهر، موضحاً أن الغرض الأبرز من القيلولة هو عزل الإنسان تماماً عن المؤثرات الخارجية، ويقول: تساعد هذه الحالة على إراحة الخلايا المخية والأعصاب من الإجهاد الذي يحل بها، وليس المهم طول فترة النوم بقدر أهمية التعمق في الاسترخاء، وإذا كان نوم القيلولة مصحوبًا بأحلام فربما زادت فائدته؛ لأن الأحلام دليل على أن الاسترخاء كان عميقًا ووصل إلى مستوى ما تحت القشرة الدماغية.

                                                  من جهته يوضح الدكتور عمرو عمار أخصائي المخ والأعصاب، أن حركة كهرباء المخ تستنفد وتجهد من العمل منذ وقت مبكر من النهار، ولذلك يحتمي المرء بالقيلولة أو فترة الراحة، ولو لدقائق معدودة ليستطيع المحافظة على تركيزه العالي ويواصل العمل إلى الليل بالكفاءة ذاتها.

                                                  وأكد العلماء في مؤسسة "النوم الوطنية الأمريكية" أن فترات القيلولة القصيرة في منتصف النهار لمدة نصف ساعة تلغي تأثير التعب، وتعيد الاستقرار والحيوية والنشاط للذهن والجسم مهما كانت نوعية المهمة التي يقوم بها الإنسان، كذلك فقد اكتشف الباحثون أن ساعة واحدة من القيلولة العميقة أثناء النهار قد تكون مفيدة كالنوم طوال الليل، إذا تمكن الشخص من رؤية الأحلام فيها، كما أن النوم في فترات ما بعد الظهر يساعد في زيادة إنتاجية الفرد إلى الأفضل ويحسّن قدرته على التفاعل، ويكسب الجسم الراحة الكافية، ويقضي على هرمونات القلق والتوتر المرتفعة في الدم نتيجة النشاط البدني والذهني الذي بذله الإنسان في بداية اليوم(11).

                                                  أما إذا امتدت القيلولة إلى أكثر من ساعة، فإن ذلك يسبب فقدان الجسم لتوازنه الطبيعي بين الليل والنهار، ويواجه الفرد عندئذ صعوبة كبيرة في الاستيقاظ، ويعاني من مزاج سيئ ومزعج طوال الوقت.

                                                  3- فوائد نفسية وفسيولوجية للقيلولة:

                                                  يؤكد الدكتور يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة أن هناك فوائد نفسية وفسيولوجية كثيرة ناجمة عن القيلولة التي تعني الاسترخاء في الأساس كما في السنة النبوية الشريفة، وهذا هو سر التفاف الغربيين حول القيلولة وتنظيمهم رابطات للدفاع عنها والترويج لها، فيوماً بعد يوم تجرى بحوث ودراسات جديدة، ويتم اكتشاف منافع للقيلولة لا حصر لها.

                                                  ويضيف د.عبد المحسن: تساعد القيلولة أو الاسترخاء التام ما بين ثلاثين إلى ستين دقيقة، الإنسان على شحن بطاريته النفسية والفسيولوجية، وتحقيق حالة من الراحة التامة للذهن وكافة عضلات الجسم والجهاز الحركي. ومع هذا التداعي الحر وتوجيه الفكر بعيداً عن الالتزام بشئون العمل والحياة، يعود المرء أقوى وأنشط وأكثر قدرة على العمل والعطاء، أما إذا طالت فترة النوم ووصلت إلى ساعتين مثلاً، فإن النوم النهاري هنا يقود إلى حالة من الخمول والكسل وربما الأرق الليلي، ويكون للنوم أثر سلبي(12).

                                                  وجه الإعجاز:

                                                  القيلولة هي النوم في الظهيرة (وسط النهار), والقيلولة لا يُشترط فيها أن تتضمن نوماً، وإن كان مشترطاً فيها الاستراحة في منتصف النهار, وقد ثبتت القيلولة في السلوك النبوي الشريف، وهي في السُّنَّة لا تستلزم النوم أثناء النهار بل تتطلب الرقاد والاسترخاء فقط مثلما تدعو أحدث النظريات العلمية الغربية التي تعرضنا إليها، وهناك أكثر من تأكيد نبوي على أهمية التمسك بالقيلولة، ومن ذلك حديث: "قيلوا فإن الشيطان لا يقيل"(13).

                                                  وها هو العلم اليوم يكشف الفوائد الهامة للقيلولة, ليظهر التطابق الواضح بين العلم الحديث وما دعت إليه الشريعة الإسلامية السمحة, وجاءت هذه الاكتشافات العلمية لتزيل الصورة السيئة والخاطئة للقيلولة لدى الغربيين, والتي تمكنت منهم سنوات طويلة إلى أن دحضها العلم الحديث، حيث كانوا يعتقدون إلى عهد غير بعيد أن القيلولة من سمات الكسالى، وأن النوم بالنهار لا طائل منه، أو أنه من مخلفات رفاهية الشرق القديمة!

                                                  وها هي دراسة جديدة أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية أظهرت أن النوم في وسط النهار حتى ولو كان أثناء العمل يعتبر سلوكاً طيباً للصحة، وليس نوعاً من أنواع التكاسل أو الإهمال! حيث يحافظ على النشاط الذهني وبصفة خاصة عندما يكون العقل مثقلاً، وبدون هذه القيلولة أو إغفاءة تجديد النشاط فإن الكثير من المعلومات المتدفقة إلى عقل الموظف أو العامل يمكن أن تجهد الخلايا العصبية وتؤدي إلى فقدان القدرة على العمل(14).

                                                  إن ما سبق يؤكد أن القيلولة والحث عليها هو توجيه سليم جاء به نبينا محمد r سابقاً به كل هذه الاكتشافات العلمية الحديثة, في وقت لا يمكن أن تتوفر فيه مثل هذه الأبحاث والدراسات العلمية, كل هذا يشهد بأن هذا الدين هو الدين الحق الذي جاء من عند الله تعالى مشتملاً على علمه, قال تعالى: ﴿لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً﴾[النساء: 166].

                                                  تعليق


                                                  • #26
                                                    رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                                                    ماشاء الله عليكِ اختي بيسان 2008

                                                    مشاركة قيمة جدا

                                                    بارك الله فيكِ وجزاكِ الجنة
                                                    التعديل الأخير تم بواسطة بنت القطاع; 15/03/2008, 06:52 PM.

                                                    تعليق


                                                    • #27
                                                      رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                                                      التين... فاكهة من الجنة


                                                      بقلم د/ مروة عزمى جنينة

                                                      قسم الحيوان الزراعي - كلية الزراعة –جامعة المنصورة



                                                      حديثنا اليوم عن شجرة مباركة عربية أصيلة كشموخ العرب, وتعتبر من أقدم الأشجار التى عرفها الإنسان عبر تاريخ البشرية, فثمارها غذاء مفضل صيفا وغذاء مجفف شتاء. لقد عرفه الفينيقيون والفراعنة والإغريق كغذاء ودواء, إن موطنهالأصلي جنوب شبة الجزيرة العربية ثم انتقل إلى بلدان آسيا الصغرى في الأناضول وتركيا وأفغانستان ثم إلى أوروبا عن طريق الفينيقيين والإغريق, ثم انتقل إلى الشرق عن طريق سوريا حتى وصل إلى الهند. إن شجرتنا المباركة اقسم الله عز وجل بها في كتابه الحكيم الذي لا ينطق عن الهوى, والله عز وجل لا يقسم إلا بعظيم وقسم الله تعالى لهو دليل حقيقي على أهمية هذه الشجرةوإشارة هامة إلى أن لها فوائد ومنافع جمة. قال تعالى : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ {1} وَطُورِ سِينِينَ {2} وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ {3} لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [سورة التين].

                                                      أعرفتم احبائى شجرتنا المباركة التى نتناولها اليوم بالحديث إنها:

                                                      ( شــجرة التين)


                                                      هيا بنا احبائى نتعرف أكثر على شجرة التين ونجيب عن بعض التساؤلات التى تدور في أذهاننا عن هذه الشجرة مثل, ما هو الوصف النباتي لشجرة التين؟ ما هي البيئة المناسبة لزراعتها؟ وهل هناك استخدامات لأوراق التين؟ وما هي القيمة الغذائية لثمارها الطازجة والمجففة ؟ وماذا ذكرت الأبحاث الطبية الحديثة عن ثمار التين؟


                                                      ما هو وصفها النباتي؟

                                                      التين شجرة كبيرة قد يصل ارتفاعها إلى أكثر من عشرة أمتار متساقطة الأوراق. تأخذ أشكالاً مختلفة من هرمية إلى كروية وقد تكون مفترشة. تخرج في العادة أفرع كثيرة وسرطانات من تحت الأرض حول الجذع. تعيش الشجرة بالمتوسط 50-70 عاماً وقد يصل إلى 100 عام في الظروف البيئية الملائمة.


                                                      الأوراق : بسيطة سميكة جلدية كبيرة الحجم ذات شكل قلبي دائري زغبي الملمس ذات لون أخضر إلى أخضر غامق للسطح العلوي وأخضر فاتح للسطح السفلي.

                                                      الساق: قائم وغير قابل للتشقق مع تقدم الشجرة بالسن، ذو لحاء سميك يختلف لونه من فضي إلى رمادي غامق أملس أو خشن قليلاً.


                                                      المجموع الجذرى: ليفي يتوقف حجمه ونظام توزعه وتعمقه حسب الصنف وطبيعة التربة وتركيبها وتوفر الرطوبة ، ولكنه بشكل عام متفرع جداً ومتعمق وكثيف وهذا ما يسمح لشجرة التين بالعيش في المناطق الجافة جداً ومقاومة الجفاف.

                                                      الثمار: مركبة كاذبة (تينية) وتنمو الثمرة من نورة زهرية لها حامل زهري كبير يحمل بداخله العديد من الأزهار وكل زهرة لها أيضاً الحامل الزهري الخاص بها والملتحم مع الحامل الزهري الكبير. ويتصل التجويف الداخلي لثمرة التين بالخارج عن طريق فتحة تسمى (العين) حيث توجد في قمة النورة الزهرية وتكون مغلقة بحراشف صغيرة وتتميز هذه النورة بان أزهارها ليست ظاهرة من الخارج مثل باقى النورات الزهرية.

                                                      ما هي البيئة المناسبة لزراعتها؟

                                                      إن شجرة التين تنمو وتثمر في أماكن لا يمكن لأي نوع شجري مثمر آخر أن يعيش فيها، فنجدها في الأراضي الصخرية والمتحجرة، على الجدران، في الكهوف وعلى حواف الطرق. إن قدرتها على التأقلم والعيش في ظروف التربة المختلفة لا حدود لها. التربة المفضلة لزراعتها هي التربة المتوسطة الطينية الرملية الدافئة والخصبة وجيدة البناء والصرف. تفضل درجات الحرارة المرتفعة أما الانخفاض في درجة الحرارة عن 70م يؤدى إلى موت المجموع الخضرى.

                                                      هل هناك استخدامات لأوراق التين؟

                                                      نعم احبائى إننا نتحدث عن شجرة مباركة تحمل اسم سورة كاملة في القران الكريم, فقد وجدت الدراسات العلمية أن أوراق التين الخضراء قبل سقوطها تستخدم كعلف للحيوانات بالإضافة إلى مخلفات الثمار الطازجة والجافة, فقد وجد أن 100 كجم من مخلفات ثمار وأوراق التين المجففة تعادل 186 كجم من تبن القمح و110 كجم من تبن البرسيم و 97 كجم من النخالة و 85 كجم من الشعير و 89 كجم من القمح و 50 كجم من كسبة بذور القطن.


                                                      ما هي القيمة الغذائية لثمار التين الطازجة والمجففة ؟

                                                      شجرة التين غزيرة الإنتاج، وتتميز الثمار بقيمة غذائية كبيرة وهي ذات طعم ونكهة لذيذة مميزة, إن الله جل وعلا أمدنا بكل المواد الضرورية التي تحتاجها أجسامنا في هذه الفاكهة والتي تعتبر ذات مستوى غذائي متكامل لصحة الإنسان. و تستخدم ثمار التين في كثير من الصناعات الغذائية، كالمربيات والحلويات وتؤكل مجففة أيضا وخاصة في شهر رمضان الكريم. لكن احبائى هل هناك اختلافات في التركيب الكيمائي للثمار الطازجة والمجففة ؟ نعم هناك بعض


                                                      الاختلافات الكيمائية بينهما والتي يوضحها الجدول التالي :-

                                                      المركبات
                                                      100 جرام تين طازج
                                                      100 جرام تين جاف

                                                      ماء
                                                      81.9%
                                                      19.4%

                                                      القيمة الحرارية
                                                      47 كالوري
                                                      242 كالوري

                                                      بروتينات
                                                      0.9جرام
                                                      3.5جرام

                                                      مواد دهنية
                                                      0.2جرام
                                                      2.7جرام

                                                      سكريات
                                                      11.2جرام
                                                      58جرام

                                                      ألياف
                                                      0.2جرام
                                                      8.4جرام

                                                      الفيتاميناتوالمعادن

                                                      ب1
                                                      0.03 ملجم
                                                      0.14 ملجم

                                                      ب2
                                                      0.04 ملجم
                                                      0.10 ملجم

                                                      قيتامين ج
                                                      7 ملجم
                                                      0 ملجم

                                                      قيتامين ا
                                                      15 ملجم
                                                      8 ملجم

                                                      البوتاسيوم
                                                      232ملجم
                                                      680ملجم

                                                      الماغنسيوم
                                                      17 ملجم
                                                      68 ملجم

                                                      الفوسفور
                                                      67ملجم
                                                      232ملجم

                                                      الكالسيوم
                                                      43 ملجم
                                                      186 ملجم

                                                      الصوديوم
                                                      1 ملجم
                                                      10 ملجم

                                                      حديد
                                                      0.5 ملجم
                                                      3 ملجم

                                                      النحاس
                                                      0.1 ملجم
                                                      0.3ملجم

                                                      الزنك
                                                      0.2 ملجم
                                                      0.5 ملجم

                                                      السلينيوم
                                                      0.2 ملجم
                                                      0.6ملجم


                                                      وماذا ذكرت الأبحاث الطبية الحديثة عن ثمار التين؟

                                                      يعتبر التين من أكثر الفواكه والخضروات التي تحتوي على نسبة عالية من الألياف, حيث تحتوي حبة واحدة من التين على جرامينمن الألياف (20% من الاحتياج اليومي الموصى به).

                                                      ويوجد بالتين نوعين من الألياف وهى الألياف القابلة للتحلل والذوبان في الماء والألياف الغير قابلة للتحلل والذوبان في الماء. وقد أظهرت الدراساتخلال أكثر من خمسين سنة مضت أن الألياف الموجودة في الأغذية النباتية تؤدي دوراً فعالاً في تنشيط أداء الجهاز الهضمي,ولها دور هام في أداء وظيفته الطبيعية وأيضاًتساهم في التقليل من خطورة الإصابة ببعض أنواع السرطانات. وبما أن التين يعتبر غنياًبالألياف فقد وصفه مختصوا التغذية كطريقة مثالية لزيادة نسبة ما يحتاجه جسم الإنسان من الألياف. حيث تعملالألياف الغير قابلة للتحللعلى تهيئةالطريق للمواد بالخروج من الجسم من خلال الأمعاء وذلك بإضافة الماء إليها وبالتالي تساهم في زيادة سرعة الجهاز الهضمي وتكفل استمرار وظيفته الطبيعية. ولقد ثبت أيضا أن الغذاء المحتوى علىالألياف الغير قابلة للذوبان تمتلك أثراًوقائياً ضد سرطان القولون. ومن ناحية أخرى فقد ثبت أن الغذاء ذو الألياف القابلة للذوبان تقلل من مستوى الكولسترول في الدم بنسبة أكثر من 20 % ,وعليه فإنها تعتبر ذات أهمية كبيرة في الحد من خطورة الإصابة بالنوبات القلبية.لذا فإن تواجد الألياف القابلة للذوبان والغير قابلة للذوبان في التين يجعل هذه الفاكهة ذات أهمية كبيرة.

                                                      وفي دراسة أخرى للدكتور اوليفر الباستر مسئول جمعية الوقاية من الأمراض في المركز الطبي التابع لجامعة جورج واشنطن إلى ان التين المجففوالذي يعد من أكثر الفواكهه الغنيةبالألياف أن فيه مستوى عالي من مركب أل phenol(الفينول)والذي يتوفر بنسب كبيرة في التين ويستخدم كمطهر لقتل البكتيريا والجراثيم.

                                                      وأظهرت دراسة أخرى أجرتها جامعة رتجرز في نيوجرسي أن التين المجفف يحتوى على المركبين omega-3( اوميجا 3) و omega-6(اوميجا 6) و هما يلعبان دور كبير في التقليل من نسبة الكولسترول, ولقد ثبتأيضا أنالمركبين السابقين لا يمكن للجسم أنتاجهما لكنهمايُمتصا مع الغذاء. كما أن التين يعتبر كعلاج يمد الجسم بالقوة والطاقة لأصحاب الإمراض المزمنة الذين يريدون استعادة صحتهم, حيث يحتوى التين على أكثر العناصر الغذائية أهمية ألا وهو السكر, ويوجد السكر في جميع الفواكه بنسبة 51-74%إلا أن النسبة الأعلى توجد في التين.

                                                      والجدير بالذكر أن نسبة الكالسيوم الموجود في التين عالية جدا حيث يحتل التين المرتبة الثانية بعد البرتقال فيما يتعلق باحتوائه للكالسيوم. كما تزود علبة من التين المجفف الجسم بالكالسيوم نفس ما تزوده علبة من الحليب.

                                                      إن ما حصرناه من منافع للتين لهو بيان على سعة رحمة الله تعالى بخلقه, فالله جل وعلا أمدنا بكل المواد الضرورية التي تحتاجها أجسامنا في هذه الفاكهة والتي تعتبر سائغة المذاق وذات مستوى غذائي متكامل لصحة الإنسان. وذكرها في القران الكريميدلعلى أهمية هذه الفاكهة لبني آدم والتي اثبت الطب قميتها وأهميتها الغذائية والطبية ومازالت الأبحاث مستمرة لتبرز لنا المزيد والمزيد من فوائد ثمار التين والتي توضح أن القرآن الكريم هو كلام الله العليم القدير الذي لا ينطق عن الهوى...... حقا احبائى إنها ثمار من جنة الله.ندعو الله عز وجل أن يدخلنا فسيح جناته ويمتعنا بالنظر إلى وجه الكريم....... آمـين

                                                      تعليق


                                                      • #28
                                                        رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                                                        خامسا الإعجاز اللغوي والبياني

                                                        والموضوع الاول منه بعنوان

                                                        الرسم القرآني وأسراره


                                                        إعداد المهندس محمد شملول

                                                        مهندس مدني وكاتب إسلامي مصري


                                                        إن القرآن الكريم الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نقرأه أناء الليل وأطراف النهار ونتدبر كلماته ومعانيها هو نفسه الكتاب الذي أنزل من اللوح المحفوظ في شهر رمضان دون زيادة أو نقصان, حيث أنزله الله سبحانه وتعالى من اللوح المحفوظ جملة واحدة في ليلة القدر المباركة, قال الله عزّ وجل: ﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر{1}﴾[سورة القدر]. وقال سبحانه وتعالى: ﴿حم{1} والكتاب المبين{2} إنا أنزلناه في ليلة مباركة{3}﴾[الدخان].

                                                        فَوضِعَ في بيت العزة في السماء الدنيا، ثم كان جبريل عليه السلام يَنزل به منجماً بالأوامر والنواهي والأسباب، وذلك في حياة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم. [1].

                                                        وأقسم الله سبحانه وتعالى بالكتاب المبين الذي أنزله بلسان عربي متحدياً البلغاء والشعراء أن يأتوا بسورة من مثله ولو كان بعضهم لبعض عوناً وظهيراً,

                                                        قال الله تبارك وتعالى: ﴿حم{1} والكتاب المبين{2} إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون{3}﴾.[الزخرف].

                                                        و(جعلناه) أي سميناه ووصفناه, ولذلك تعدى الفعل جعل إلى مفعولين.

                                                        و(قرآناً عربياً) أي أنزلناه بلسان العرب لأن كل نبي أنزل كتابه بلسان قومه, وقال مقاتل: لأن لسان أهل السماء عربي.[2].

                                                        والقرآن الكريم ليس أمر ونهي وكلمات ومعاني فقط بل ورسم أيضاً

                                                        والمقصود بالرسم القرآني هو رسم الكلمات القرآنية من حيث نوعية حروف كل كلمة وردت في القرآن الكريم وعدد حروفها.

                                                        وليس المقصود منه نوعية خط الكتابة سواء نسخ أو كوفي أو غيره, فقد أجمع معظم العلماء أن رسم المصحف هو توقيفي لا يجوز مخالفته واستدلوا على ذلك من قول الله سبحانه وتعالى:

                                                        ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى {1} مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى {2} وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى {4} عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى {5}﴾[سورة النجم].

                                                        وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان له كتّاب يكتبون الوحيكلما نزل شيء من القرآن أمرهم بكتابته, مبالغة في تسجيله وتقييده, وزيادة في التوثيق والضبط والاحتياط في كتاب الله تعالى, حتى تظاهر الكتابة الحفظ ويعاضد النقش اللفظ.

                                                        وقد كتبوا القرآن فعلا بهذا الرسم وأقرهم الرسول على كتابتهم, وكان هؤلاء الكتاب من خيرة الصحابة, فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية وأبان بن سعيد وخالد بن الوليد وأُبي بن كعب وزيد بن ثابت وثابت بن قيس.

                                                        ثم جاء الصديق أبو بكر رضي الله عنه فكتب القرآن بهذا الرسم في صحف, ثم حذا حذوه عثمان بن عفان رضي الله في خلافته فاستنسخ تلك الصحف في مصاحف وأقرَّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عمل أبي بكر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين. وانتهى الأمر إلى التابعين وتابعي التابعين فلم يخالف أحد منهم في هذا الرسم.{3}.

                                                        وبالرسم القرآني حروف كثيرة جاء رسمها مخالفا لأداء النطق, وكلمات تأتي في آيات قرآنية برسم مختلف, وكلمات أخرى تأتي برسم يختلف عن الرسم المعتاد. وكلمات تنقص أو تزيد حروفها. وكلّ ذلك لأغراض شريفة وهي من الأسرار التي خصّ الله بها كتابه العزيز.

                                                        وذكر العلامة ابن المبارك نقلا عن العارف بالله شيخه عبد العزيز الدباغ, إذ يقول في كتابه(( الإبريز)) ما نصه: ( رسم القرآن سرٌّ من أسرار الله المشاهدة وكمال الرفعة وهو صادرٌ من النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي أمر الكُّتاب من الصحابة أن يكتبوه على هذه الهيئة فما نقصوا ولا زادوا على ما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم وما للصحابة ولا لغيرهم في رسم القرآن ولا شعرة واحدة وإنما هو توقيف من النبي صلوات الله وسلامه عليه وهو الذي أمرهم أن يكتبوه على هذه الهيئة المعروفة بزيادة الألف ونقصانها لأسرار لا تهتدي إليها العقول, وهو سر من الأسرار خصَّ الله تعالى به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية, وكما أن نظم القرآن معجز فرسمه معجز, وكل ذلك لأسرار إلهية وأغراض نبوية, وإنما خفيت على الناس, لأنها أسرار باطنية لا تدرك إلا بالفتح الرباني فهي بمنزلة الألفاظ والحروف المقطعة التي في أوائل السور فإن لها أسراراً عظيمة ومعاني كثيرة, وأكثر الناس لا يهتدون إلى أسرارها, ولا يدركون شيئاً من المعاني الإلهية التي أُشيرَ إليها, فكذلك أمرُ الرسم الذي في القرءان حرفاً بحرف.

                                                        وقال الإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله): تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واو أو ياء أو ألف, أو غير ذلك.

                                                        وإنه لممّا يطمئن له القلب ويرتاح له الفكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أملى كتابة الرسم القرآني على كتّاب الوحي حسب الرسم المنزل عليه والذي نزل به الروح الأمين جبريل عليه السلام, ومما يؤيد ذلك أن أول كلمة قرآنية نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم كانت (اقرأ) وهي تعني اقرأ القرآن من الكتاب, حتى إنَّ الرسول الأكرم ردّ على جبريل عليه السلام قائلا: ما أنا بقارئ.

                                                        ولو كان قرءانا فقط لكانت أول كلمة هي: قل.

                                                        وقد ورد في السيرة النبوية لابن هشام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:فجاءني جبريل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال: اقرأ. قلت: ما أقرأ..... الخ. وقال بعض المفسرين في قوله تعالى: ﴿ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين{2}﴾.[سورة البقرة].

                                                        إنها إشارة على الكتاب الذي جاء به جبريل حين قال له: اقرأ. كذلك فإن ما يؤيّد ذلك أيضاً قول الله تعالى: ﴿رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة, فيها كتب قيمة{2}﴾[البينة]. وقوله تعالى: ﴿بل هو قرآن مجيد{21} في لوح محفوظ{22}﴾[سورةالبروج].

                                                        وفي هذه الدراسة نتعرض لبعض هذه الكلمات القرآنية التي جاء رسمها مخالفاً للقواعد الإملائية ونحاول أن نتلمس الحكمة في ذلك لأننا نعتقد كما قال الإمام الرازي إن كل حرف وكل كلمة وكل حركة في القرآن الكريم لها فائدة, ونحاول في هذه الدراسة أن نلتمس الحكمة وبالطبع لن نصل إليها كاملة فهناك متسع لمزيد من الاجتهادات والتدبر في معاني هذه الكلمات القرآنية وأسرارها.

                                                        ونضرب هنا أمثلة لبعض الكلمات القرآنية التي جاءت على رسم مختلف.

                                                        - لماذا جاءت (بسم) بدون ألف حينما نسبت إلى لفظ الجلالة(الله) وجاءت برسمها المعتاد(باسم) حين نسبت إلى ربك.

                                                        - لماذا جاءت (رءى) في القرآن الكريم كلّه ما عدا موضعين اثنين فقط جاءت برسم (رأى).

                                                        - لماذا جاءت (تشاء) برسمها المعتاد في جميع القرآن الكريم ما عدا مرة واحدة فقط جاءت برسم مختلف( نشؤا).

                                                        - لماذا جاءت كلمة (تسطع) مرة واحدة ناقصة حرف تاء بهذا الرسم وكلمات أخرى كثيرة جاءت بشكل مختلف نتعرض لها في هذا القسم ذلك بعد دراسة الآيات الكريمة التي أحاطت بهذه الكلمات وتدبر المعاني التي احتوتها والغاية من ذلك. ومن خلال الدراسة لهذه الكلمات فقد تبين على وجه العموم الآتي:

                                                        - إن وجود كلمة قرآنية برسم مختلف في آية يلفت النظر إلى أن هناك أمراً عظيماً يجب تدبره.

                                                        - في حالة زيادة أحرف الكلمة عن الكلمة المعتادة فإن هذا يعني زيادة في المبنى يتبعه زيادة في المعنى.

                                                        - كذلك فإن زيادة المبنى يمكن أن يؤدي إلى معنى التراخي أو التمهل أو التأمل والتفكر أو انفصال أجزاءه.

                                                        - في حالة نقص حروف الكلمة فإن هذا يعني إما سرعة الحدث أو انكماش المعنى وضغطه أو تلاحم أجزائه.{5}.

                                                        هذا هو كتاب الله سبحانه وتعالى أنزله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا, وأنزله الروح الأمين على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم منجماً, وتكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه من التحريف بالزيادة أو النقصان.

                                                        قال الله سبحانه: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {9}﴾.[سورة الحجر].



                                                        الإعجاز في حذف بعض الأحرف من بعض الكلمات
                                                        أ- حذف الألف

                                                        بسم – باسم

                                                        وردت كلمة (بسم) ثلاث مرات في القرآن (بخلاف فواصل السور):

                                                        { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } [الفاتحة: 1].

                                                        { بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا } [هود: 41].

                                                        { إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } [النمل: 30].

                                                        كما وردت كلمة (باسم) أربع مرات في القرآن:

                                                        قال الله تعالى: { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } [الواقعة: 73-74].

                                                        { إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } [الواقعة: 95-96].

                                                        { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } [العلق: 1].

                                                        { وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } [الحاقة: 51-52].

                                                        لماذا وردت كلمة (بسم) في الحالات الأولى مقصورة بدون ألف ووردت في الحالات الأخرى كلمة (باسم) كاملة بدون قصر.

                                                        إن حذف الألف من كلمة (بسم) والتي جاء بعدها لفظ الجلالة (الله) يدل ويوحي بأنه يجب علينا الوصول إلى الله سبحانه وتعالى وعمل الصلاة معه بأقصر الطرق وأسرع الوسائل وهو ما يدل عليه { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } [الفاتحة: 6]، وهو الذي يوصل بأسرع وأقصر الطرق... والحرف الوحيد الذي يمكن حذفه من كلمة (باسم) دون تغيير نطق الكلمة هو حرف الألف.. لذا فقد تم حذفه للتوجه إلى الله وأخذ البركة منه في أي عمل نعمله بأسرع ما يمكن وبأقصر طريق... ولفظ الجلالة (الله) هو العلم على الذات الإلهية ولا يشاركه فيه أحد.. أما في الحالات الأخرى والتي ورد فيها (باسم) فإن كلمة (ربك) تأتي مشتركة بين الله سبحانه وتعالى وخلقه فقد جاء في الآية 42 من سورة يوسف قوله للساقي: { اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ } [يوسف: 42]...

                                                        إن حذف حرف من الكلمة يضغط مبناها ويسرع من واقعها فتؤدي المعنى المطلوب وهو السرعة على خير وجه وهذا إعجاز القرآن الكريم والرسم القرآني...

                                                        سموات – سموات

                                                        وردت كلمة (سموات) بهذا الرسم بدون ألف صريحة 189 مرة في القرآن الكريم كله... ووردت مرة واحدة فقط بألف صريحة بعد حرف (و) بالرسم القرآني (سموات) وذلك في الآية الكريمة رقم 12 من سورة فصلت والتي يقول سبحانه فيها: { فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ }...

                                                        وحين نتدبر هذه الآية الكريمة وما قبلها من آيات نجد أن القرآن الكريم يتعرض لقضية كبرى هي قضية خلق السماوات والأرض وترتيب هذا الخلق ومدته وتقدير الأقوات في الأرض لذا فإن القضية مهمة جداً وتحتاج إلى تدبر وتفكر وعليه فقد جاءت كلمة (سموات) بالرسم الغير عادي هذه المرة لتفت النظر إلى ضرورة الوقوف وتدبر المعاني الجليلة لهذه الآيات والتي صعب فهمها على بعض الناس خاصة في حساب أيام الخلق الستة حيث لم يقدّر لهم فهم جملة (أربعة أيام سواء) بأن هذه الأيام تشمل يومي خلق الأرض والتي قول فيها سبحانه: { قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } [فصلت: 9-12].

                                                        الميعاد – الميعـد

                                                        وردت كلمة (الميعاد) وذلك بألف صريحة في وسط الكلمة 5 مرات في القرآن الكريم كله... وكلها تتكلم عن الميعاد الذي وعده الله.. لذلك جاء هذا الميعاد واضحاً وصريحاً ولا ريب فيه..

                                                        ونذكر فيما يلي الآيات الكريمة التي وردت فيها كلمة (الميعاد):

                                                        قال تعالى:

                                                        { إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } [آل عمران: 9].

                                                        { إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ } [آل عمران: 194].

                                                        { إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } [الرعد: 31].

                                                        { { قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ } [سبأ: 30].

                                                        { لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ } [الزمر: 20].

                                                        غير أن هذه الكلمة وردت مرة واحدة فقط وذلك برسم يختلف بدون ألف صريحة على شكل (الميعـد) وذلك حين نسب هذا الميعاد إلى البشر حيث قال تعالى: { وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَـدِ } [الأنفال: 42].

                                                        سعوا – سعو

                                                        وردت (سعوا) بشكلها العادي مرة واحدة، ووردت (سعو) بشكلها الغير عادي بدون ألف في آخرها مرة واحدة أيضاً في القرآن الكريم كله، وتوحي كلمة (سعو) بنقص الألف في آخرها أن هذا السعي سريع جداً وكله نشاط وهو حسب الآية الكريمة سعي في إنكار آيات الله وهو ما جلب على الكافرين عذاب من رجز أليم في الدنيا... بالإضافة إلى عذاب جهنم في الآخرة..

                                                        - { وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } [الحج: 51].

                                                        - { وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ } [سبأ: 5]. أي في الدنيا بالإضافة إلى عذاب الآخرة.

                                                        صحب – صاحب

                                                        في الآية 34 من سورة الكهف يقول القرآن الكريم على لسان مالك الجنين: { فَقَالَ لِصَـحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ }. حيث جاءت كلمة (صـحبه) بألف متروكة لتبين ما كان يظنه مالك الجنتين من أن صاحبه ملتصق به التصاقاً كاملاً سواء في الرفقة أو الإيمان...

                                                        غير أن الرد يأتيه من صاحبه المؤمن في الآية 37 من نفس السورة: { قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ } حيث جاءت كلمة (صاحبه) بألف صريحة فارقة لتوضح لقارئ القرآن أن هذه الصحبة في الرفقة فقط وأما في الإيمان فهناك افتراق ومسافة بينهما.. وقد جاء هذا المعنى أيضاً واضحاً في حق الرسول صلى الله عليه وسلم حينما نُسب إلى قومه فجاءت كلمة (صاحبكم) بالألف الصريحة مفرقة بينه وبين قومه في الإيمان بالرغم من مصاحبته لهم في المكان والزمان.. وذلك في الآيات الكريمة الآتية:

                                                        { مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ } [سبأ: 46].

                                                        { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى } [النجم: 2].

                                                        { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } [التكوير: 22].

                                                        { مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ } [الأعراف: 184].

                                                        غير أنه حين يتكلم القرآن الكريم عن سيدنا أبي بكر صاحب رسول الله تأتي (صـحبه) بألف متروكة لتبين مدى الالتصاق بينهما وتوضح الصحبة الحقيقية في الرفقة والإيمان:

                                                        { إِذْ يَقُولُ لِصَـحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا } [التوبة: 40]، وهذا يبين جزءاً من الحكمة في كتابة الكلمة القرآنية باستخدام الألف الصريحة والمد بالألف المتروكة كما سبق أن أوضحنا...

                                                        حذف حرف الواو

                                                        من بعض الأفعال

                                                        ورد في كتاب (مناهل العرفان) للزرقاني: أنه تم كتابة هذه الأفعال الأربعة بحذف الواو وهي:

                                                        (ويدعو الإنسان – ويمحو الله الباطل – يوم يدعو الداع – سندع الزبانية) ولكن من غير نقط ولا شكل في الجميع.

                                                        قالوا: والسر في حذفها من (ويدع الإنسان) هو الدلالة على أن هذا الدعاء سهل على الإنسان يسارع فيه كما يسارع إلى الخير....

                                                        والسر في حذفها من (ويمح الله الباطل) الإشارة إلى سرعة ذهابه واضمحلاله...

                                                        والسر في حذفها من (يوم يدع الإنسان) الإشارة إلى سرعة الدعاء وسرعة إجابة الداعين...

                                                        والسر في حذفها من (سندع الزبانية) الإشارة إلى سرعة الفعل وإجابة الزبانية وقوة البطش.. ويجمع هذه الأسرار قول المراكشي: (والسر في حذفها سرعة وقوع الفعل وسهولته على الفاعل، وشدة قبول المنفعل المتأثر به في الوجود).

                                                        وسئل – فسئل

                                                        ورد في القرآن الكريم كله فعل الأمر من (سأل) ناقصاً حرف (ا) في البداية... ونذكر فيما يلي نماذجاً من الآيات الكريمة التي ورد فيها هذا الفعل:

                                                        قال تعالى: { فَسْئلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ } [يونس: 94].

                                                        - وقال تعالى: { وَسْئلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا } [يوسف: 82].

                                                        - وقال تعالى: { وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ } [النساء: 32].

                                                        - وقال تعالى: { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ } [النحل: 43].

                                                        ويدل حذف حرف (ا) من مبنى الكلمة الأصلية وهو (اسئل) أو (اسأل) على أن الكلمة القرآنية في رسمها تعبر عن المعنى أصدق تعبير إذ أن السؤال دائماً يأتي في عجلة وسرعة فقلما ينتظر الإنسان فهو دائماً يريد سرعة الإجابة.. لذلك جاءت كلمة (سئل) في فعل الأمر ناقصة حرفاً لتحض على سرعة السؤال انتظاراً لسرعة الإجابة.

                                                        وكما ذكرنا فإن نقص مبنى الكلمة يدل على العجلة والسرعة وعدم الصبر....

                                                        أيد – أييد

                                                        وردت كلمة (أيد) وهي جمع (يد) مرتين في القرآن الكريم كله بهذا الرسم العادي وذلك في الآيتين التاليتين:

                                                        قال تعالى: { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا } [الأعراف: 195].

                                                        وقال تعالى: { وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 17].

                                                        غير أنها وردت مرة واحدة برسم مختلف يزيد حرف (ي) في منتصفها وذلك في الآية الكريمة الآتية:

                                                        قال تعالى: { وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } [الذاريات: 47].

                                                        وكما سبق أن ذكرنا فإن زيادة المبنى يدل على زيادة المعنى فهل هناك أشد من خلق السماء...؟

                                                        { أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا } [النازعات: 27]، إن زيادة حرف (ي) في كلمة (أيد) يوضح قوة وشدة السماء ومتانة سمكها وبنائها...

                                                        تعليق


                                                        • #29
                                                          رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                                                          الفرق بين النصيب والكفل


                                                          قال الله تعالى:﴿ مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً ﴾( النساء: 85 )

                                                          فاستعمل سبحانه لفظ ( النصيب ) مع الشفاعة الحسنة، واستعمل لفظ ( الكفل ) مع الشفاعة السيئة، فدل على أن بينهما فرقًا في المعنى.

                                                          وأكثر المفسرين على القول بأن النصيب، والكفل بمعنى واحد، وهو الحظ، أو المِثْل، إلا أن الثاني أكثر ما يستعمل في الشر؛ كاستعماله- هنا- في الشفاعة السيئة.

                                                          وفرَّق بعضهم بينهما بأن النصيب يزيد على المثل، والكفل هو المِثْلُ المساوي، فاختار تعالى النصيب مع الشفاعة الحسنة؛ لأن جزاء الحسنة يضاعف بعشرة أمثالها، واختار الكِفْلَ مع الشفاعة السيئة؛ لأن من جاء بالسيئة لا يجزى إلا مثلها.

                                                          وهذا القول مبنيٌّ على اعتبار أن ( من ) في قوله تعالى:﴿ مِنْهَا ﴾، في الموضعين، للسبب، وعلى اعتبار أن جزاء الشفاعة الحسنة كجزاء فعل الحسنة، وجزاء الشفاعة السيئة كجزاء فعل السيئة، قياسًا على قوله تعالى:

                                                          ﴿ مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾( الأنعام: 160 ).

                                                          وعليه يكون المعنى: من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب بسببها، ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل بسببها. أي: يكن لكل منهما ذلك بسبب شفاعته.. وهذا خلاف ما نصَّت عليه الآية الكريمة من المعنى تمامًا؛ لأن ( من ) في قوله تعالى:﴿ مِنْهَا ﴾، في الموضعين، ليست للسبب؛ وإنما هي للتبعيض. والمراد من الآية الكريمة: أن للشفيع، الذي يشفع في الحسنة، نصيبًا من جزاء المشَفَّع على شفاعته، وأن للشفيع، الذي يشفع في السيِّئة كِفْلاً من جزاء المشَفَّع على شفاعته.

                                                          فههنا شَفيعٌ، ومُشَفَّعٌ، ومُشَفَّعٌ له، وشَفاعَةٌ. والشفاعةُ نوعان: حسنة، وسيئة. فالشفاعة الحسنة هي التي يُراعَى بها حق المسلم، فيُدفَع بها عنه شر، أو يُجلَب بها إليه خير، ابتغاء مرضاة اللهتعالى. وأما الشفاعة السيئة فهي التي تكون في معصية الله ابتغاء لجاه أو غيره، وأعظمُها جُرْمًا ما كان في حَدٍّ من حدود الله تعالى.

                                                          وورد في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:” من حالت شفاعته دون حد من حدود الله تعالى، فقد ضادَّ الله تعالى في ملكه، ومن أعان على خصومة بغير علم، كان في سخط الله تعالى حتى ينزع “. قال الألوسي تعقيبًا على الخبر:” واستثني من ذلك الحدود في القصاص، فالشفاعة في إسقاطه إلى الديَّة غير محرمة “.

                                                          وروى أبو داود عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:” مَنْ شَفَعَ لأحَدٍ شَفَاعَةً ، فأهدى لَهُ هَدِيَّةً عَلَيْهَا ، فَقَبِلَهَا ، فَقَدْ أتى بَاباً عَظِيماً مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا “.

                                                          وروت عائشة- رضي الله عنها- في الحديث الصحيح:” أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ إلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ؟ وَأََيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا “.

                                                          فإذا كانت الشفاعة في حق، كان لصاحبها من أجرها، الذي يستحقه المُشفَّع أجرٌ حسنٌ. وهذا ما عَبَّر عنه تعالى بلفظ ( النصيب )، ومعناه في اللغة: الحظ الجيد المعيَّن من الشيء. تقول: هذا نصيبي. أي: حظي. قال تعالى:

                                                          ﴿ لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً ﴾( النساء: 7 ).

                                                          ثم قال:﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ﴾( النساء: 11 )، فدل على أن النصيب هو الحظ المعين، وأن هذا النصيب تابع للتركة في الزيادة، والنقصان. ونحو ذلك قول إبليس اللعين:﴿ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً ﴾( النساء: 118 )

                                                          واشتقاقه من النَّصْب، بإسكان الصاد، وهو إقامة الشيء في استواء، وإهْداف، ووضعُه موضعًا ناتئًا؛ كنصْب الرمح، والحجر في الأرض.والنصْبُ، والنصيبُ حجر كان ينصَبفي الأرض، فيعبَده العرب في الجاهلية.

                                                          وإذا كانت الشفاعة في باطل، كان لصاحبها من أجرها، الذي يستحقه المُشفَّع أجرٌ رديء. وهذا ما عَبَّر عنه تعالى بلفظ ( الكفل )، وهو من الأجر والإثْم: الضِّعْفُ، في أصح الأقوال. وأصله مركَب يُهَيَّأ على ظهر البعير، أو كساء يدار حول سنامه، وأكثر ما يستعمل في الشرِّ. ومنه ما جاء في الصحيحين من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:” لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ “.. وقد يستعمل في الخير، ومنه قول الله تعالى:

                                                          ﴿ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ ﴾( الحديد: 28 )

                                                          ولهذا كانت عقوبة الشفاعة السيئةفي الإثم، والمؤدية إلى إسقاط الحقعظيمة عند الله تعالى تتناسب مع المعنى، الذي يؤديه لفظ الكفل، وليس كذلك السيئة، التي تجزى بمثلها. وكذلك كان ثواب الشفاعة الحسنة المؤدية إلى إحقاق الحق يتناسب مع المعنى، الذي يؤديه لفظ النصيب. فإذا عرفت ذلك، تبين لك السِّرُّ في اختيار ( النصيب ) للشفاعة الحسنة، و( الكفل ) للشفاعة السيئة ترغيبًا في الأولى، وتنفيرًا من الثانية.

                                                          ومما ينبغي أن يعلَم أيضًا أن الحديث عن الشفاعة بنوعيها يخص قومًا بعينهم، وأن أصحاب الشفاعة السيئة أكثر من أصحاب الشفاعة الحسنة، وأن وجودهم في المجتمع من أخطر الآفات، التي تهدد سلامته؛ ولهذا كانت عقوبتهم مضاعفة. أما الحديث عن فعل الحسنة، وفعل السيئة فهو حديث عام يعم أفراد المجتمع كلهم. ومن لطف الله تعالى بعباده أن جعل جزاء السيئة سيئة مثلها، ومن منِّه وكرمه سبحانه أن جعل جزاء الحسنة بعشرة أمثالها، ويزيد من فضله لمن يشاء. ومن هنا لا يجوز قياس الشفاعة الحسنة والشفاعة السيئة على فعل الحسنة وفعل السيئة.

                                                          وشيء آخر ينبغي أن يعلم ، وهو أنه لما كان الجزاء بالنصيب، والكفل من الأمور، التي لا يقدر عليها إلا الله تعالى ، ختم سبحانه الآية الكريمة بقوله:

                                                          ﴿ وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً ﴾

                                                          فبين سبحانه أنه كان وما زال ولا يزال شاهدًا وحفيظًا وحسيبًا على هذه الأعمال، ومجازيًا على كل عمل بما يناسبه ، وقادرًا على إيصال النصيب والكفل من الجزاء إلى الشافع مثل ما يوصله إلى المشفوع فيه كاملاً، لا ينتقص بسبب ما يصل إلى الشافع شيء من جزاء المشفوع.

                                                          والمُقيت من أسماء الله تعالى، وفسّره الغزالي بموصل الأقوات، فيؤول إلى معنى الرازق، إلا أنه أخص، وبمعنى المستولي على الشيء، القادر عليه، فيكون راجعًا إلى القدرة والعلم. والظاهر أنه جامع للمعاني السابقة كلها.. نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم إنه خير مسؤول .

                                                          محمد إسماعيل عتوك

                                                          تعليق


                                                          • #30
                                                            رد : سلسلة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة (متجدد بإذن الله)

                                                            سادسا الإعجاز التشريعي

                                                            والموضوع الاول منه بعنوان
                                                            رائعة التشريع الجنائي الإسلامي في القصاص




                                                            تأليف الدكتورالسيد مصطفي أحمد أبو الخير
                                                            الخبير في القانون الدولي


                                                            مقدمة:
                                                            (القصاص حياة) جملة مفيدة معانيها نافذة لا تنفد ولا تموت لأنها حية وكلها حياة عمرها عمر الإسلام والإنسان، وآية بكل ما تحمل هذه الكلمة من مفهوم ومضمون، وهي أيضا حكمة تشريعية تحمل بين طياتها إعجازا تشريعيا لم تصل إليه حتى الآن السياسات الجنائية والعقابية في كافة النظم القانونية الوضعية الموجودة في العالم، رغم أن ظاهرها التناقض، فقد يودي القصاص بحياة الإنسان فتصل العقوبة إلي الإعدام، أي الموت، ولكن مع ذلك فإن الموت هنا حياة للمجتمع.

                                                            نتناول هذا الموضوع في بندين هما:

                                                            أولا: فلسفة التشريع الجنائي الإسلامي.
                                                            ثانيا: القصاص
                                                            .

                                                            أولا: فلسفة التشريع الجنائي الإسلامي

                                                            أساس العقوبات الإسلامية(القصاص) فقال الله تعالي في سورة البقرة الآية(179)(ولكم في القصاص حياة) أي التساوي بين الإثم المرتكب والعقوبة الرادعة فقد عبر القرآن عن العقوبة بالمثلات فقال تعالي في عقابه الأمم السابقة (ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات)[1] أي إن العقوبات مماثلة للذنوب والآثام، فالعقوبات الإسلامية عامة تقوم علي المساواة بين الجرم والعقوبة ولذلك تسمي(قصاصا) وتلك غاية وهدف تسعي إليه كافة النظم القانونية الموجودة في العالم، ولم يصل إليها إلا النظام الإسلامي.
                                                            وقال أهل العلم في تسمية الحدود حدوداً لأنها تفصل وتمنع وتحجز من الوقوع في الجريمة والإثم الذي يضر صاحبه ولا يقتصر ضرره عليه بل يتعداه إلى غيره، ومن هنا قالوا سميت الحدود حدوداً لأنها تمنع من الإقدام على ارتكاب المعاصي ولأنها من جهة أخرى تمنع من ارتكب المعصية من العود إليها إذا أخذ عقوبته المكافأة الزاجرة وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى بالعباد وبأمة الإسلام أنه لم يجعل أمر العدوان على ثوابت استقرار المجتمعات أمراً يرجع إلى تقدير الخلق ومن ترك شرع الله سبحانه وتعالى تخبط.
                                                            لذلك انتشرت الجرائم في تلك المجتمعات ووصلت معدلات الجريمة فيه أرقاما قياسية مخيفة تهدد بأفول نجم الحضارة الغربية، وقد بدأت صيحات التحذير من أفول هذه الحضارة في كل الدول الغربية ومن مضي علي نهجها[2].
                                                            الرحمة هي أساس الإسلام والعدل والرحمة متلازمان ولا يفترقان أبدا أحدهما لازم للأخر فالرحمة من لوازم العدل وثمرة من ثمراته فلا توجد الرحمة مع الظلم، كما لا يمكن أن يكون العدل مخالفا للرحمة ويستوي في ذلك العدل بين الناس والعدل بين الدول فالعدالة الحقيقية هي الرحمة الحقيقية، وهناك فرق بين الرحمة والرأفة فالأولي أوسع من الثانية وتكون في الخير العام والعدالة، أما الرأفة فإنها إحساس بالشفقة علي من يتألم سواء كان هذا الألم عدلا أم غير عدل، ومنهي عنها عندما يكون الألم ناتج عن إنزال عقوبة رادعة عن الشر ومانعا للإثم[3].
                                                            ويهدف النظام الجنائي في الإسلام لحفظ الكليات الخمس التي لا تقوم الحياة ولا تستمر بدونها وهم( حفظ النفس، وحفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال) وأي جريمة هي اعتداء علي أحدي هذه الكليات السابقة، فقد شرعت كافة العقوبات في الإسلام للمحافظة عليها، ولقد أوضحها حجة الإسلام الغزالي في كتابه المستصفي فقال (( إن جلب المنفعة ودفع المضرة مقاصد الخلق، وصلاح الخلق في تحصيل مقاصدهم، لكنا نعني بالمصلحة المحافظة علي مقصود الشرع ومقصود الشرع من الخلق خمسة، وهو أن يحفظ عليهم دينهم، وأنفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول، فهو مفسدة، ودفعها مصلحة، وهذه الأصول الخمسة حفظها واقع في رتبة الضرورات، فهي أقوي المراتب في المصالح، ومثاله قضاء الشرع بقتل الكافر المضل، وعقوبة المبتدع الداعي إلي بدعته، فإن هذا يفوت علي الخلق دينهم، وقضاؤه بإيجاب القصاص، إذ به حفظ النفوس، وإيجاب حد الشرب، إذ به حفظ العقول التي هي ملاك التكليف، وإيجاب حد الزني، إذ به حفظ النسب والأنساب، وزجر الغصاب والسراق، إذ به يحصل حفظ الأموال التي هي معايش الخلق وهم مضطرون إليها، وتحريم تفويت هذه الأمور الخمسة))[4]
                                                            والمصالح المعتبرة وإن لم تكن دائما ذاتية ولكنها تعد من البدهيات، كما إن المنافع إضافية فقد تكون منافع قوم فيها ضرر بآخرين وقد تكون منفعة عاجلة تدفع منفعة آجلة، مادية أو معنوية لذلك يجب عند تجريم الفعل أو إباحته النظر إلي منافعه ومضاره والتوازن بينهما، كما أن المصلحة المعتبرة من الشارع تختلف عن اللذة والشهوة، فالشهوات والأهواء أمور شخصية وقتية وقد تكون انحرافا وأحيانا تتعلق بأمور لا تنفع ولا تجدي بل تضر، والهوى انحراف عن الفكر فيدفع للفساد ومن ثم للجريمة، وأغراض البشر وغاياتهم ليست دائما متجهة إلي المصالح التي يحميها الإسلام، أنما يحمي الإسلام الأغراض والمنافع الشخصية المتفقة مع المصالح العامة التي يحميها الإسلام، لذلك تقرر إقامة العقاب علي أساس حماية المصالح الإنسانية المتمثلة في حفظ النفس، وحفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال، واعتبار العقوبة من العدالة، وظهرت منطقية وحيوية ومضمون ومفهوم الآية الكريمة ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) والملاحظ أن الآية الكريمة اختتمت بالنداء علي(أولي الألباب) أي أصحاب العقول النيرة المفكرة وليست الضالة المظلمة وتلك إعجاز آخر.
                                                            ورغم أن كافة النظم القانونية الوضعية الموجودة في العالم قد جرمت الاعتداء علي أي من هذه الأصول الخمسة، ولكنها فشلت في المحافظة عليها حتى أن مجتمعات هذه النظم منها من انهار تحت وطأة الجريمة ومنها من هو في سبيله إلي ذلك الانهيار، فمعدلات الجريمة بلغت أرقام قياسية مرعبة تنذر بكارثة محققة في تلك المجتمعات، ولم ينجح فيما فشلت فيه هذه النظم الوضعية إلا الشريعة الإسلامية خاصة في السياسة الجنائية من حيث التجريم والعقوبة والموائمة بينهما،
                                                            إن القانون ضرورة لا مفر منها للجماعة ولا غني عنها للبشر وهو في حقيقته ليس إلا أداة أوجدتها الجماعة لخدمتها وإسعادها، وتستمد القوانين وجودها وشرعيتها من حاجة الجماعة إليها، فوظيفة القوانين عامة هي خدمة الجماعة وسد حاجاتها وإسعادها، فوظيفة القانون تتمثل في تنظيم الجماعة ومنع المظالم وحفظ الحقوق وتحقيق العدالة وتوجيه الشعوب نحو النافع والمفيد، لذلك فإن كل قانون لا تحقق نصوصه هذه الوظيفة أو تخرج عليها يفقد مبررات وجوده ومسوغات مشروعيته، ويعد باطلا لا يطاع ولا يحترم ويجب نبذه وعدم تطبيقه[5].
                                                            تختلف القوانين باختلاف الأمم والشعوب لأن القانون مرآة صادقة لماضيها وحاضرها فهو يعبر عن نشأتها وتطورها وأخلاقها وتقاليدها وآدابها ونظمها ودينها ومعتقداها، فقانون أي أمة أو شعب يتضمن القيم العليا السائدة في الأمم والشعوب، لذلك وجدنا القوانين تسمي بأسم الأمم والشعوب، فهناك القانون الأمريكي والقانون الفرنسي والقانون المصري والقانون السوري وغيرهم.
                                                            وإذا ثبت انتساب القانون للأمة ثبتت شرعيته وأهليته لحكمها، وطبقه الناس عن رضي نفس وطيب خاطر، لأن الأمة في هذه الحالة أنما تحكم نفسها بنفسها، وتخضع لما تدين به من عقائد وقيم ومثل عليا، لذلك يحرص المقننون في كافة الأنظمة القانونية الموجودة في العالم علي تعديل القوانين حال تطبيقها علي أمة أخري غير أمتها لتوافق الأمة الأخيرة، لأن إلزام أمة بتطبيق قانون أمة أخري دون مراعاة الفروق بينهما معناه إلزامها التخلي عن عاداتها وتقاليدها وآدابها ومميزاتها ونظمها وشرائعها، بل يصل الأمر إلي مطالبتها بالتخلي عن نظامها الاجتماعي والتفريط في دينها، وهذا ما حدث للدول الإسلامية أبان فترة الاحتلال، مما أخرج هذه القوانين عن أهدافها وغاياتها، وأدت إلي فساد وإفساد هذه المجتمعات.
                                                            لسن التشريعات والقوانين أصول وقواعد عامة ومسلمات يجب مراعاتها لأنها أساس النصوص وأصل المواد، حيث تدور وتقوم عليها أغراضه وأهدافه السابق بيانها، ولكن الحكام وأذيالهم وأتباعهم في المجالس التشريعية أفسدوا هذه الأصول وشوهوها، واستبدلوها بأخبث في نفوسهم وبما يحصنهم ويضمن لهم الاستقرار علي كراسيهم حتى الممات.
                                                            والقانون يتكون من جسم وروح فلا يمكن أن يحقق أهدافه إلا إذا صيغ في نصوص ومواد تحفظ المعاني القانونية الرفيعة من التحريف والانحراف والنسيان، وهذا هو جسم القانون، وروح القانون تتمثل في سلطان القانون علي الناس وتقاس صلاحية القانون بمدي تقبل الأفراد له وقوة سلطانه عليهم الذي يقوم علي عنصرين، عنصر روحي خالص(نفسي)، وهو الصلة بين القانون وقلوب الأفراد ونفوسهم، وتكمن في رضاء الأفراد وقابليتهم لتطبيق واحترام القانون، ولا يتحقق ذلك إلا إذا قامت نصوص القانون علي عقائد تؤمن بها الأفراد أو دين يتبعونه أو مبادئ وتقاليد وقيم يحرصون علي احترامها، وعنصر الإلزام وهو الجزاء الذي يرتبه القانون علي مخالفته كالعقوبة والتعويض والرد والفسخ والبطلان وغيرهم[6].
                                                            إن القوانين الوضعية كانت قبل الثورة الفرنسية مزيجا من القواعد الآمرة والناهية الموروثة عن الرومان وغيرهم إضافة إلي بعض المبادئ الأخلاقية والعادات والتقاليد والسوابق القضائية ثم بعض القواعد الدينية التي تختلف باختلاف الدين والمذاهب، وبعد الثورة الفرنسية ورفع شعار (اشنقوا أخر ملك بأمعاء أخر قسيس) تم تجريد القوانين الوضعية من كل ماله علاقة بالدين والعقائد والأخلاق والفضائل الإنسانية، وأصبحت هذه القوانين تنظم علاقات الأفراد المادية وشئون الأمن ونظام الحكم، وذلك تحت زعم تحقيق وتطبيق الحرية والمساواة والإخاء بين الأفراد، ولكن أدي ذلك إلي فساد الأخلاق وانتشرت الفوضى مما أشاع روح التمرد والاستهانة بالقانون وكثرت الثورات وتعددت الانقلابات، وغاب الاطمئنان وأنعدم الأمن.
                                                            ولكن الشريعة الإسلامية حلت تلك المشكلة ببساطة ومنطق حيث ساوت بين الأفراد فيما هم متساوون فيه وخالفت بينهم فيما هم مختلفون فيه.
                                                            ظلت الشريعة الإسلامية تحكم المجتمعات الإسلامية في الدول العربية والإسلامية منذ أن دخلها الإسلام إلي أن ابتليت بالاستعمار(الأستخراب) الغربي الصليبي، والغريب في الأمر أنهم أطلقوا علي الاحتلال الغربي للدول العربية والإسلامية (استعمارا) زورا وبهتانا، لأن أي كلمة تدخل عليها في اللغة العربية حروف(أست/أ/س/ت) يكون معناها طلب الشيء الذي دخلت عليه مثل(استعلام) أي طلب العلم بشيء، ومصطلح (استعمار) مفادها طلب العمران، فهل كان الاحتلال الغربي الصليبي للدول العربية والإسلامية طلبا للعمران؟ .
                                                            لذلك يجب بداية بيان معاني ومفاهيم مضمون المصطلحات التي نستعملها، وتحريرها من الغزو الثقافي الغربي، وتعرية المصطلحات الغربية وبيان مفاهيمها ومضمونها، وعدم استعمالها واستعمال المصطلحات والمفاهيم الإسلامية في كافة العلوم حتى يتم أسلمة العلوم والثقافة والآداب بل والحياة حتى يعود الإسلام ليحكم كافة تصرفاتنا وتحركاتنا.
                                                            لذلك نحن نري أن الاحتلال الغربي الصليبي للدول العربية والإسلامية كان استخرابا وليس استعمارا.
                                                            أذن فقد دخلت القوانين الوضعية الدول العربية والإسلامية مع هذا الاستخراب الغربي الصليبي، وتمت تنحية وعزل الإسلام ليس كدين فقط بل أيضا كهوية وتشريع ومنهاج حياة وقانون وتم عزلة عن منصة الحكم والتشريع والقضاء، في الدول العربية والإسلامية، واستبداله بالقوانين الوضعية تحت زعم الأخذ بأسباب المدنية الأوربية والتقدم الأوربي والمدنية الحديثة، كأنما التقدم الأوربي والمدنية الحديثة مرجعة وسببه هذه القوانين الوضعية، رغم تفاهة تلك الحجة الفارغة فقد وجدت عقولا مهزوزه ومهزومة فكريا صدقتها بل آمنت بها وقاتلت من أجل نشرها وتلقينها للنشء في كافة مراحل التعليم.
                                                            أن هذه القوانين الوضعية المستوردة والمفروضة هي قوانين الدولة الرومانية عليها مسحة من النصرانية وأن هذه القوانين لم تمنع أبناء الإسلام الأوائل – الذين طبقوا الإسلام منهج حياة وتشريع وقضاء - من ليس هزيمة الدولة الرومانية فقط بل هدمها وانتهت الإمبراطورية الرومانية من علي الوجود في أعوام قليلة ولم تمنع هذه القوانين هذه الإمبراطورية من الهزيمة ولا من الانهيار، كما أن هذه القوانين لم تمنع الهزيمة المنكرة الدول الأوربية في الحروب الصليبية.
                                                            أن تأخر المسلمين ليس راجعا للتشريع والقوانين الإسلامية فالشريعة الإسلامية أفضل وأسمى من أي قانون وضعي وقد شهد بذلك كبار من علماء القانون في العالم الغربي، أنما يرجع تأخرهم لترك تعاليم الإسلام، فتركيا مع الإسلام خلافة عظيمة ودولة كبري تهابها كل الدول الغربية فقد لقنت أوربا دروسا عظيمة وهزيمتها هزائم منكرة، وتركيا الآن دولة تستجدي الدخول في الاتحاد الأوربي، ولو كانت هذه الفرية صادقة لكانت الدول العربية والإسلامية قد بلغت حاليا درجة كبيرة في التقدم والرقي وكانت تنافس أوربا حاليا في النهضة والتقدم العلمي ولكن العكس هو الذي حدث حيث أصبحت من دول العالم الثالث النامي.
                                                            يردد البعض بأن الشريعة الإسلامية (لا تصلح للعصر الحاضر) وهم فريقان الأول لم يدرس القانون ولا الشريعة الإسلامية والثاني درس القانون دون الشريعة الإسلامية، وكلا الفريقين ليس أهلا للحكم علي الشريعة الإسلامية لجهله بأحكامها ومن جهل شيئا عاداه، ويكون عدوا له وبالتالي لا يصلح للحكم عليه لسببين الجهل والعداوة، وهم يبنون رأيهم الخاطئ علي قياس خطأ وليس علي دراسة علمية منظمة، لاعتقادهم أن القوانين الوضعية حاليا لا تمت بصلة إلي القوانين القديمة التي كانت مطبقة حتى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، وأن القوانين الوضعية الحديثة قائمة علي نظريات فلسفية واعتبارات اجتماعية وإنسانية لم تكن موجودة في القوانين القديمة، وبالتالي فهم لا تصلح للعصر الحاضر لفقدانها الأسس التي تقوم عليها القوانين الحديثة، ويبنون علي ذلك استنتاج خاطئ باعتبار الشريعة الإسلامية من قوانين الماضي التي تفتقد الأسس والنظريات والفلسفيات، فهذا القياس فاسد وخاطئ لأنه قياس بين مختلفين من عدة أوجه من حيث المصدر فالشريعة الإسلامية مصدرها الله – سبحانه وتعالي- خالق الخلق، الذي لا يعتريه النقص والنسيان، بخلاف البشر الذين فطروا علي النقص والطغيان والنسيان، ومن حيث الطبيعة فالشريعة الإسلامية إلهية المصدر أي عبادة وتشريع وحياة، فلا يجوز ولا يصح قياس ومقارنة الناس برب الناس، فالخلافات جوهرية وعميقة، فلا تصح المقارنة ولا القياس فالمقارنة فاسدة والقياس باطل.
                                                            أن النشأة الأولي للقوانين الوضعية بدأت مع تكوين الأسرة والقبيلة فكلمة رب الأسرة كانت قانون وكلمة شيخ القبيلة كانت قانون، وظل القانون يتطور مع الجماعة حتى تكونت الدولة، ومع اختلاف عادات الأسر فيما بينها وتقاليد القبيلة مع غيرها من القبائل الأخرى، فقد عمدت الدولة علي توحيد العادات والتقاليد وجعلت منها قانونا ملزما لكافة الأفراد والأسر والقبائل الداخلين في نطاقها، ولذلك كانت لكل دولة قانون يختلف عن غيرها من الدول، وفي القرن الثامن عشر تطورت القوانين علي هدي النظريات الفلسفية والعلمية والاجتماعية أصحبت قائمة علي تلك النظريات التي أسست علي العدالة والمساواة والرحمة والإنسانية، ونتج عن ذلك وجود قوانين متشابهة في عدة دول ولكن بقي لكل دولة قانونها المختلف عن غيرها من القوانين.
                                                            أما الشريعة الإسلامية فهي تختلف من حيث النشأة مع القوانين الوضعية فلم تكن قواعد قليلة ثم نمت وتطورت ولا مبادئ متفرقة ثم تجمعت ولا نظريات أولية وتهذبت، ولم تتطور الشريعة الإسلامية مع تطور الجماعة البشرية، أنما نشأت وولدت شابة كاملة مكتملة شاملة من عند رب العالمين –سبحانه وتعالي- فهي كاملة بكماله وخالدة بخلوده،
                                                            فهي صالحة لكل زمان ومكان علي مر العصور وكر الدهور للأفراد والجماعات والدول، فقد جاءت الشريعة الإسلامية من يوم مولدها بأحدث وأكمل النظريات التي منها ما وصلت إليه القوانين الوضعية أخيرا ومنها ما لم تصل إليه القوانين الوضعية حتى الآن، مما يعني عدم وجود مقارنة أو مماثلة أو قياس فالاختلافات أسياسية وجوهرية بين الشريعة الإسلامية وبين القوانين الوضعية[7].


                                                            الاختلافات الأساسية بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية

                                                            تختلف الشريعة الإسلامية عن القوانين الوضعية من عدة وجوه:
                                                            1 – الشريعة الإسلامية من عند الله – سبحانه وتعالي - والقوانين الوضعية من صنع البشر، ولا يصح ولا يجب ولا يعقل أن نعقد مقارنة بين الخالق – سبحانه وتعالي - وبين المخلوق، وحيث أن الأفعال والتصرفات تأخذ صفات المصدر فأن الشريعة الإسلامية تكون كاملة مكتملة خالدة صالحة لكل زمان ومكان علي مر الدهور وكر العصور، فهي كاملة بكماله – سبحانه وتعالي – خالدة بخلوده، أما القوانين الوضعية فهي تحمل صفات البشر وطبائعهم فهي ناقصة منقوصة بنقص الإنسان مؤقتة بحياته وظروفه ومحددة بقصر نظره وعصره.
                                                            2 - القوانين الوضعية مؤقتة وضعت لمرحلة معينة وظروف معينة ومع تغير الظروف والعلاقات بين الجماعات البشرية، فالحياة متغيرة متطورة بينما القوانين الوضعية المفروض فيها الثبات، ولذلك فهي ثابتة تحكم متغير وبالتالي فهي لا تساير التطورات والتغيرات في المجتمعات وبالتالي فهي مشوبة بالنقصان وغير مكتملة الأركان، بينما الشريعة الإسلامية وضعها خالق الزمان والمكان، الذي بيده مجريات الأحداث والواقع والوقائع، فهي لذلك تساير التغييرات والتطورات التي تحدث في المجتمعات البشرية كما أنها تستوعب المستجدات المستقبلية التي يمكن أن تحدث في المجتمعات البشرية.
                                                            2 - نصوص الشريعة الإسلامية تتصف بالمرونة والعموم بحيث تتسع لحاجات الجماعة علي مر الدهور وكر العصور، وتستوعب التغييرات والتطور، كما أن قواعد الشريعة الإسلامية ونصوصها من السمو والارتفاع بحيث أنها لا يمكن أن تتأخر في أي مكان أو زمان أو تنخفض عن مستوي الجماعة البشرية.
                                                            3 – أن الشريعة وضعت لتنظيم وتوجيه البشر لذلك فهي دين وقانون، فالجماعة البشرية خاضعة للشريعة الإسلامية، بينما القوانين الوضعية وضعت لتنظيم الجماعة لذلك فالقانون الوضعي تابع للجماعة وخاضع لها ولتطوراتها.
                                                            4 – الجزاء في الشريعة الإسلامية في الدنيا والآخرة، بينما الجزاء في القوانين الوضعية دنيوي فقط، إن الشريعة الإسلامية تتصل قوانينها بقانون السلوك الإنساني العام، وأحكامها تتفق مع قانون الأخلاق والفضيلة، وعقابها دنيوي وأخروي فالأفعال الظاهرة يعاقب عليها بعقوبة دنيوية والأفعال غير الظاهرة يكون عقابها أخروي أمام الله سبحانه وتعالي، لذلك اتصلت الشريعة الإسلامية بالضمير الإنساني والوجدان، واتصال الحكم الدنيوي بالضمير الديني يشعر الإنسان أنه في رقابة مستمرة، من ربه سبحانه وتعالي، وذلك يعد أهم مانع نفسي وروحي من الجرائم، مما جعل مرتكب الجريمة سرا يذهب إلي الرسول صلي الله عليه وسلم ويطلب منه أن ينفذ عليه العقوبة ويقيم عليه الحد بوازع من ضميره وحسه الإيماني الذي خلقه ونماه فيه الخالق سبحلنه وتعالي[8] بخلاف القوانين الوضعية فإن المجرم إذا لم يكتشفه أحد أفلت من العقاب وأزداد ضراوة وإذا دخل السجن مدة طويلة أو قصيرة فأنه يزداد خبرة في الإجرام، فالعقوبات في القوانين الوضعية غير مانعة للجريمة.
                                                            فالعقوبات في الشريعة الإسلامية تعمل علي منع الجريمة بثلاث طرق هي:
                                                            1 - التهذيب النفسي وتربية الضمير، فقد هذب الإسلام النفس الإنسانية بالعبادات من صلاة وصوم وزكاة وحج لبيت الله الحرام، مما يجعل العبد المسلم أليف مؤتلف يري نفسه من ومع وإلي الجماعة التي يعيش في وسطها وكنفها وبالتالي فهو يعمل لصالحها وعلي حمايتها حتى من نفسه.
                                                            2 – تكوين رأي عام فاضل عماده وأساسه الأخلاق الفاضلة الكريمة لذلك دعت الشريعة الإسلامية إلي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويسود بذلك خلق الحياء في المجتمع الإسلامي والحياء إحساس قوي بالقيود النفسية التي تجعل الجماعة وما يرضيها مكانا في النفس الإنسانية مما يجعل الشخص يحس بسلطان الرأي العام علي نفسه، ولذلك حث الإسلام علي الحياء ودعا إليه النبي صلي الله عليه وسلم وأكثر من الدعوة إليه.
                                                            3 – العقوبات الزاجرة والمانعة الرادعة فالعقوبة رادعة للمجرم زاجرة لغيرة، فالغاية من العقوبة في الشريعة الإسلامية أمران حماية الفضيلة وحماية المجتمع من أن تتحكم فيه الرزيلة والثاني المنفعة العامة ومصلحة الناس، فالفضيلة والمصلحة وإن كانا يبدو بينهما خلاف إلا أنه ظاهري بل هما متلازمان فلا فضيلة بدون مصلحة ولا مصلحة بدون فضيلة، بل أن كثير من علماء الأخلاق يعتبرون مقياس الفضيلة أو الخير هو المصلحة الحقيقية بدون هوي.
                                                            4 – العقوبة شفاء لغيظ المجني عليه وليست للانتقام فشفاء غيظ المجني عليه وعلاجه له أثره في تهدئة نفس المجني عليه فلا يفكر في الانتقام ولا يسرف في الاعتداء وبالتالي تنتشر الجريمة وتتفشي في المجتمع، بالإضافة إلي الحفاظ علي الكليات الخمس السابق بيانها، ويعتبر ما سلف خير مانع للجريمة.
                                                            فالشريعة الإسلامية تتميز عن القوانين الوضعية بالكمال والسمو والمرونة والدوام والثبات والاستقرار، ويرجع ذلك إلي أنها منزلة من عن الله – سبحانه وتعالي- الذي يتصف بالكمال والسمو والقدرة والدوام.


                                                            ثانيا: القصاص

                                                            ومن أهم السمات التي يتميز بها الشرع الإسلامي الحنيف عن القوانين الوضعية القصاص كعقوبة للجرائم، والقصاص في الشريعة الإسلامية ثابت وأصيل وله سنده في القرآن والسنة والإجماع، وهو جوهر نظرية العقوبة في الشريعة الإسلامية وسوف نوضحه من حيث المفهوم والمضمون والأنواع والأحكام والنطاق.
                                                            1 - تعريف القصاص
                                                            تعددت التعريفات في الفقه الإسلامي للقصاص فلا يوجد فقيه أو مذهب في الفقه الإسلامي إلا وتعرض للقصاص بالبحث والدراسة والتفصيل من بدايته إلي نهايته، ورغم ذلك فأنها متفقه في المضمون وإن اختلفت في المبني الألفاظ، نورد هنا بعض منها، وللقصاص تعريف لغوي وتعريف شرعي (مصطلح).
                                                            - التعريف اللغوي للقصاص:
                                                            القصاص لغة: المساواة علي الإطلاق ومعناه أيضا التتبع ومنه قصص السابقين بمعني أخبارهم[9]، (والقصاص مأخوذ من قص الأثر، وهو إتباعه، ومنه القاص لأنه يتبع الآثار، والأخبار، وقص الشعر أثره، فكأن القاتل سلك طريقا من القتل فقص أثره فيها، ومشي علي سبيله فيها، ومن ذلك قوله تعالي(فارتدا علي آثارهما قصصا)([10]) وقيل القص القطع، يقال قصصت ما بينهما، ومنه أخذ القصاص، لأنه يجرحه مثل جرحه، أو يقتله به، ويقال أفص الحاكم فلانا من فلان، وأباده به فأمتثل منه أي اقتص منه)[11].
                                                            -

                                                            المعني الشرعي أو الاصطلاحي:

                                                            والمقصود بالقصاص في الشرع (أن يعاقب المجرم بمثل فعله فيقتل كما قتل ويجرح كما جرح)[12] وهو (عقوبة مقدرة ثبت أصلها بالكتاب، وثبت تفصيلها بالسنة، وهو المساواة بين المساواة بين الجريمة والعقوبة)[13].
                                                            ويوجد بين المعني اللغوي والمعني الشرعي تناسب، لأن القصاص يتتبع فيه الجاني، فلا يترك بدون عقاب، ولا يترك المجني عليه من دون أن يشفي غليله والقصاص هو عقوبة الدماء بشكل عام سواء أكانت دماء موضوع الاعتداء فيها النفس أم كان اعتداء موضوعه طرف من الأطراف، أم كان اعتداء موضوعه جرح من الجروح، وضمان المتلفات، أي التعويض بالمثل في الأموال والأسواق، والقصاص موجود في كل العقوبات الإسلامية غير الحدود، وهناك قصاصا قدره الشارع بالنص، وقصاصا آخر لم يحدده الشارع، وترك تحديده لولي الأمر.
                                                            2 -

                                                            أنواع القصاص

                                                            وقد قسم الفقهاء القصاص إلي قسمين، قصاص صورة ومعني وقصاص معنوي فقط ، فالأول مفاده أن ينزل بالجاني من العقوبة المادية مثل ما أنزل بالمجني عليه، وهذا النوع هو الواضح والظاهر من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهو الأصل في القصاص، والثاني قصاص المعنوي وهو دية ما أتلف بالجناية وأرش الجناية، وهو عبارة عن العقوبة المالية علي الاعتداء علي الجسم بالجرح والشج، وهذا القصاص المعنوي الذي يوجد في حالة عدم تعذر الوصول إلي القصاص الأصلي لأنه غير ممكن في ذاته كجرح لا يمكن المماثلة فيه، وفي حالة عدم توافر شروط القصاص الحقيقي، وفي حالة وجود شبهة تدرأ بها العقوبة، أي أنه في حالة سقوط القصاص الأصلي الصورة والمعني وجب القصاص المعنوي.

                                                            ومن حيث نوع الجريمة قسم الفقهاء القصاص إلي نوعين هما:

                                                            1 - قصاص في النفس، أي قتل النفس، عمدا أو شبهة عمد.
                                                            2 - قصاص فيما دون النفس، أي في الأطراف والجروح.
                                                            من التعريفات السابقة للقصاص يتبين لنا أن القصاص جزاء وفاق للجريمة فالجريمة اعتداء علي النفس الإنسانية، فمن العدالة أن يؤخذ المجرم بجريمته بمثل فعله، وليس من المعقول أن نفكر بالرحمة بالجاني ولا نفكر في ألم المجني عليه وشفاء غيظه، فالقصاص يحمي حياة الناس لأن القاتل إذا حرم أحد من الحياة فأنه يحرم منها، وبالتالي يحافظ علي حياته، لذلك فالقصاص حياة لأنه يحافظ علي الحياة.


                                                            ثالثاً - الأساس الشرعي للقصاص

                                                            القصاص ثابت في الشريعة الإسلامية بالنص عليه في القرآن الكريم والسنة النبوية وفعل الرسول صلي الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون والصحابة رضوان الله عليهم وإجماع الأمة:1 –

                                                            القصاص في القرآن الكريم:

                                                            ورد النص علي القصاص في القرآن الكريم في عدة آيات هي:
                                                            - في قوله تعالي ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ {178} وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {179})([14].
                                                            - وفي قوله تعالي( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ))[15]
                                                            - وفي قوله تعالي(وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {45}[16].
                                                            - وفي قوله تعالي @وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ
                                                            فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا )[17]
                                                            - وفي قوله تعالي: (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا)([18])
                                                            2 - القصاص في السنة النبوية الشريفة:
                                                            وردت أحاديث في السنة النبوية الشريفة دعت إلي الأخذ بالقصاص وحثت عليه أي في السنة القوليه، وهناك من السنة الفعلية ما أخذ بذلك بالفعل، ومن الأحاديث النبوية ما يلي:
                                                            - قال رسول الله صلي الله عليه وسلم( من قتل قتلناه) وقوله صلي الله عليه وسلم (كتاب الله القصاص) وقوله عليه الصلاة والسلام(لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بأحدي ثلاث، الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) متفق عليه[19].
                                                            - وعن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم(مَن قتل عبده قتلناه ومَن جدع عبده جدعناه)[20]
                                                            - وعن أنس بن مالك رضي أن جارية وجد رأسها قد رض بين حجريين فسألوها: مَن صنع بك هذا؟ فلان حتى ذكروا يهودياً فأومأت برأسها فأخذ اليهودي فأقر فأمر رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجريين[21].
                                                            - وعن أنس رضي الله عنه: أن الرُّبَيع بنت النضر عمته كسّرت ثنية جارية، فطلبوا إليها العفو فأبوا، فعرضوا الإرث فأبوا، فأتوا رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فأبوا إلا القصاص فأمر رسول الله عليه وسلم بالقصاص، فقال أنس بن النضر: يا رسول الله أتكسر ثنية الربيع؟ لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: يا أنس كتاب الله القصاص، فرضي القوم فعفوا، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (إن من عباد الله مَن لو أقسم على الله لأبره)[22].
                                                            - وقد روي عن الرسول صلي الله عليه وسلم قال من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، إما أن يفتدي وإما أن يقتل) وقال أيضا( من أصيب بدم أو خبل فهو بالخيار بين احدي ثلاث: إما أن يقتص، وإما أن يأخذ العقل، وإما أن يعفو، فأن أراد برابعة فخذوا علي يديه).
                                                            3 – الإجماع:
                                                            وعليه إجماع الأمة والأئمة بلا خلاف، وعليه إجماع الصحابة والتابعين وتابعي التابعين[23].


                                                            رابعاً - حكم القصاص

                                                            فرض الإسلام القصاص حتى لا تنتشر الفوضى والاضطرابات في المجتمع، ولإبطال ما كان عليه الجاهليون قبل الإسلام من حروب بين القبائل يموت فيها الأبرياء الذين لا ذنب لهم ولا جرم، فجاء الإسلام وبيَّن أن كل إنسان مسئول عما ارتكبه من جرائم، وأن عليه العقوبة وحده، لا يتحملها عنه أحد.
                                                            يأخذ القصاص في الشريعة الإسلامية حكم الفرض الثابت فقد جاء في القرآن الكريم(كتب عليكم القصاص) فهو في منزلة الصيام والجهاد من حيث الحكم فقد جاء في القرآن الكريم (كتب عليكم الصيام)(البقرة:183) و(كتب عليكم القتال) البقرة216) وقال تعالي في سورة النساء الآية(103)(إن الصلاة كانت علي المؤمنين كتابا موقوتا) أي أنه من الفروض الثابتة.
                                                            تتضمن الآية(179) من سورة البقرة(( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب)) الحكمة من القصاص في معان بلاغية هي:
                                                            1 – جعلت فائدة القصاص عامة تشمل المجتمع كله ولم تقصره علي ولي الدم وحده( المجني عليه) بدليل قوله تعالي في بداية الآية(ولكم) فالقصاص ليس انتقاما لفرد ولكن للمحافظة علي حياة الجماعة والمجتمع المسلم كله.
                                                            2 – أطلاق لفظ(القصاص)علي العقوبة فيه حكمة أبلغ من العدالة لأن القصاص يتضمن المساواة بين الجريمة والعقوبة، مما يعد معه القصاص مانع قوي وسدا منيعا للجريمة، وبذلك يحيا المجتمع حياة هادئة هانئة مستقرة وتنعدم الجريمة في المجتمع، وهذه غاية لم تصل إليها النظم القانونية الوضعية حتى الآن، فالسياسة العقابية في أي نظام قانوني تهدف للمساواة بين الجريمة والعقوبة.
                                                            3 – يتبين من الآية أن حياة الجماعة في القصاص، لأن عدم وجود القصاص يؤدي إلي أهدار الدماء وكثرة القتل في المجتمع، مما يؤدي إلي الفوضى في المجتمع، مما يهدد حياة الجماعة ويهددها بالفناء.
                                                            4 – تشير الآية أن الحياة التي تستحق أن يطلق عليها حياة هي الحياة الهادئة المستقرة وهي التي تتحقق بالقصاص، والدليل علي ذلك أن كلمة (حياة) جاءت في الآية نكرة والتنكير هنا للتفخيم والتعظيم.
                                                            5 – أن هذه الحكمة البالغة والغاية العظيمة لا تدركها إلا العقول النيرة السليمة التي تعرف جيدا مصلحة الجماعة، فالخطاب في الآية الكريمة لأولي الألباب فقال تعالي(يا أولي الألباب) وهم أصحاب العقول التي خلصت وبرأت من الأهواء والشهوات.
                                                            6 – تعتبر هذه الآية ردا بليغا علي دعاة إلغاء عقوبة الإعدام، وتعضدها وتساندها وتؤكدها الآية(32) من سورة المائدة، لأن إلغاء هذه العقوبة يعني كثرة القتل في المجتمع وانتشار الفوضى مما يأتي إلي انهيار هذه المجتمعات، فلا خوف من الحرمان من الحياة وبذلك تنتشر الجرائم الخطيرة التي تهدد كيان المجتمع كله.
                                                            ننتقل إلي الآية(32) من سورة المائدة ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ))
                                                            هذه الآية نزلت في حادثة قتل قابيل علي يد أخيه هابيل أبني آدم، والعلاقة بينها وبين القصاص بيان الداء والعلاج معا فالداء هنا في حادثة القتل الحقد والحسد وفقد العواطف الإنسانية النبيلة عند القتل، مما يعني أن القاتل قطع كل الروابط التي تربطه بالجماعة بإقدامه علي القتل، مما يجعله عنصر تدمير وفساد في المجتمع، لذلك ينبغي أن يكون الدواء من جنس الداء عن طريق إبعاده عن المجتمع وحرمانه الحياة كما حرم المقتول من الحياة، لذلك يجب بتره من المجتمع.
                                                            والآية الكريمة تبين أن الاعتداء علي النفس هو الجريمة بدون تفضيل في الأنفس سواء أكانت نفس طفل أو رجل أو امرأة، كما لا يهم اللون أو المكانة أو الوظيفة أو الحسب والنسب، فمناط الحماية في الآية الكريمة هي النفس الإنسانية ذاتها، مما يدل علي أن الشريعة الإسلامية تحمي النفس الإنسانية ولا تهدرها بدون حق أو سبب، وتأكيدا علي ذلك جعلت الآية قتل نفس واحدة مساوية لقتل الناس جميعا فقال تعالي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) التشبيه هنا يدل علي اهتمام الإسلام بالنفس الإنسانية وعظم جريمة القتل، فحق الحياة مقدس وهو حق ثابت لكل فرد في المجتمع بقدر متساوي، لذلك عدت الآية قتل نفس بمثابة قتل كل الأنفس وتعادل قتل الناس جميعا لأنه تعدي علي الإنسانية كلها.
                                                            وتأكيدا علي أن القصاص حياة قال تعالي في هذه الآية(وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) ويدل ذلك علي أن القصاص من القاتل يعني إحياء للحياة المجني عليه باحترام دمه وعدم ضياعه هدرا، وبالتالي تتحصن حياة كل نفس في المجتمع وتحمي وتحيى، لأن القصاص فيه ردعا عام للمجتمع فمن عرف أنه إذا قتل سوف يقتل فأنه يحفظ ويحافظ علي حياته وحياة غيره، وقد أشارت هذه الآية إلي الغاية الحقيقية من القصاص وهي المحافظة علي حياة الأفراد في المجتمع، هذا بشأن القصاص في القتل.
                                                            ولكن القصاص يوجد أيضا في الأطراف وليس في القتل وحده، وبينت ذلك ونصت عليه الآية(45) من سورة المائدة فقال تعالي((وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)).
                                                            وقد أجمع فقهاء الإسلام من عهد الصحابة إلي عصر الأئمة المجتهدين وبإجماع الأمة علي أن القصاص فرض فيما دون النفس ومكتوب إذا أمكن، بدليل النص عليه في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لأن ما دون النفس(الأطراف) يجب المحافظة عليه والقصاص يحافظ عليه، والقصاص يجب في كل الأطراف وليس في الأطراف المذكورة صراحة في الآية(45) السالفة، بدليل قوله تعالي(وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ).
                                                            وقد أخذ بعض القانونيين علي القصاص فيما دون النفس بعض الانتقادات هي:
                                                            1 – يؤدي الأخذ به إلي كثرة المشوهين في المجتمع، مما يعيق العمل وينقص من القدرة البشرية في المجتمع.
                                                            2 – أنه ليس عقابا بل انتقاما، وغاية القوانين الإصلاح وليس الانتقام.
                                                            3 – لا يندر المساواة في قطع الأطراف، حيث يمكن قطع اليد القوية باليد الضعيفة.
                                                            هذه الانتقادات غير صحيحة بل هي مغرضة لما يأتي:
                                                            1 - أن القصاص في الأطراف لا يكثر المشوهين في المجتمع بل العكس هو الذي يحدث، لأن الإنسان إذا عرف أنه إذا أقدم علي قطع يد أخر فأن يده ستقطع، فأنه لن يقدم علي هذا الفعل، مما يتحقق معه منع الجريمة وليس زيادتها كما يدعي هؤلاء.
                                                            2- أن القصاص في الأطراف ليس انتقاما لأن الانتقام ليس فيه مساواة بين الجريمة والعقوبة بل مساواة حقيقية بينهما كما أن الانتقام يكون من المجني عليه وليس من ولي الأمر(الحاكم أو من ينوب عنه)، والقصاص يقوم به ولي الأمر وليس المجني عليه.
                                                            3 – مناط الحماية في القصاص فيما دون النفس أي في الأطراف والجروح هي سلامة الأعضاء وليس التساوي في القوي الطبيعة، أي قوتها، فقد تكون يد ضعيفة في نظر الناس ولكنها في نظر صاحبها قوية تؤدي دورها في حياته كاملة كما هو الحال مع الأقوياء الأصحاء، لأن أساس القصاص المساواة في الأنفس البشرية لأن الناس متساوية أمام التشريع الإسلامي.
                                                            وعلي ذلك لا يجب ولا يصح أن يكون هناك تفاوت بين الناس في القصاص، وقد أكد ذلك قول الرسول صلي الله عليه وسلم(المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم) فالمساواة في القصاص تكون في الأنفس والأعضاء والدماء، فلا تفرقة بين الناس في الأوصاف سواء كانت أوصافا ذاتية فلا فرق بين لون ولون[24] فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم(كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي علي أعجمي ولا أبيض علي أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح) وقال أيضا (الناس سواسية كأسنان المشط).
                                                            يلاحظ عند القصاص في الأطراف تحقيق المماثلة وعدم الاعتداء أو النقص في أمور ثلاثة هي:
                                                            1 – التقابل بين الأعضاء فالأعضاء المتقابلة تقطع، فاليد اليمني باليد اليمني والصحيحة بالصحيحة فلا تقطع الصحيحة بالمريضة وهكذا.
                                                            2 – الأ تؤدي المقابلة إلي زيادة أو نقص، بمعني أن يكون التماثل ممكنا لا يزيد عن الجريمة، فإن كان التماثل غير ممكن فلا يوجد القصاص، التماثل في الوصف والتماثل في فقد المنافع.
                                                            3 – أن تكون المنفعة التي فقدت تقابل المنفعة التي تزول بالقصاص.
                                                            4 - لا يقام القصاص إلا بعد أن يشفي المجني عليه، فإن شفي وعاد لهيئته ولم يحدث نقصان فليس فيه قصاص، فإن كان هناك نقصان أقيم القصاص بحسب ما قطع.


                                                            خامساً- القصاص في غير القتل والقطع والجروح

                                                            يُشرع القصاص في اللطمة والضربة والسبة وغير ذلك بشرط المساواة، ويشترط في القصاص في اللطمة والضربة ألا تقع في العين، أو في أي عضو من الممكن أن يتلف نتيجة هذه الضربة.

                                                            القصاص في السب: ويشترط في القصاص في السب ألا يكون السب بما هو محرم، فليس للإنسان أن يلعن من لعن أباه، ولا أن يسب من سب أمه وهكذا، وليس له أن يكذب على من يكذب عليه، ولا أن يُكَفِّر من كفَّره.
                                                            القصاص في إتلاف المال: فمن أتلف مال غيره، كأن هدم له داره أو غير ذلك، يقتص منه بأن يهدم داره وهكذا، وقال بعض الفقهاء: إن هذا القصاص غير جائز، وإن على المعتدى أن يدفع مثل ما أفسده أو قيمته.
                                                            القصاص يكون في العدوان المقصود(العمد)، فالقصاص جزاء الاعتداء، ولا يتحقق العدوان المقصود في القصاص إلا بهذه الأمور الأربعة:
                                                            1 – أن يكون المتهم ممن يتحمل مسئولية أفعاله، أي يجب أن يكون كامل الأهلية، وليس مصاب بعاهة أو آفة في عقلة، وأن يكون حر الإرادة وليس مكره لأن الإكراه يفسد الإرادة.
                                                            2 – ألا يكون الفعل بحق، كأن يكون القتل دفاعا عن النفس أو المال أو العرض، أو يكون المال المسروق ملك السارق، أن يكون للفاعل حق فيما أقدم عليه قررته الشريعة الإسلامية وحمته من العدوان عليه، أو يكون فيه شبهة الحق، وشبهة الحق تثبت في أربعة أحوال: شبهة الملك وشبهة الجزئية وشبة الزوجية وشبهة رضا المجني عليه بالجريمة.
                                                            3 – وجود علاقة السببية بين الفعل والنتيجة، وتتحقق السببية بثلاثة أمور هم:
                                                            ( أ ) فعل ترتب عليه جريمة.
                                                            (ب) وجود صلة بين الفعل والنتيجة الإجرامية.
                                                            (ج) قصد أحداث النتيجة الإجرامية التي حدثت.
                                                            4 – أن يتحقق القصد الذي أدي إلي وقوع الجريمة، ويكون ذلك بتعمد أحداثها وقصدها وإرادة حرة مختارة وعلم بالنهي عنها، ففي القتل تزهق الروح أي بالموت.


                                                            سادساً - موانع القصاص في القتل


                                                            توجد موانع للقصاص في القتل وهي علي تعددها مختلف فيها بين الأئمة المجتهدين، وتتمثل هذه الموانع فيما يأتي:
                                                            1 – أن يكون القتيل جزءا من القاتل: يري ذلك كل من أبي حنيفة والشافعي وأحمد، ويكون القتيل جزءا من القاتل إذا كان ولده، فلا يقتص من الأب بالقتل لقول الرسول صلي الله عليه وسلم( لا يقاد الوالد بولده) وقوله (أنت مالك لأبيك) والحديث الأول صريح في منع القصاص أما الثاني ففيه شبهة تدرأ القصاص وطبقا لقاعدة(درء الحدود بالشبهات) الثابتة في الشريعة الإسلامية، أما الولد فيقتص منه في والده فإذا قتل ولد والده يقتل، حكم الأم كالأب[25]، ويخالف الإمام مالك الفقهاء الثلاثة ويقول بالقصاص هنا كلما انتفت الشبهات[26].
                                                            2 – عدم التكافؤ بين المجني عليه والجاني: يشترط مالك والشافعي وأحمد أن يكون المجني عليه مكافئا للجاني، فإذا لم يكن كذلك أمتنع القصاص، ويشترط التكافؤ في المجني عليه لا في الجاني، ويعتبر المجني عليه مكافئا للجاني إذا تساويا في الحرية والإسلام، فلا عبرة بعد ذلك فيما بينهما من فروق أخري، فلا يشترط التساوي في كمال الذات ولا سلامة الأعضاء ولا يشترط التساوي في الشرف والفضائل[27] ولكن أبا حنيفة يخالفهم في ذلك ويري القصاص بين الأحرار والعبيد[28].
                                                            3 – الأمر بالقتل: يفرق الفقهاء بين الأمر بالقتل والإكراه، ويأخذون بمنع القصاص في القتل في حالة الإكراه، واختلفوا في حالة الأمر بالقتل، حيث يري مالك والشافعي وأحمد القصاص في الآمر لأنه هو المتسبب في القتل وأن كان المأمور هو الذي قتل ولكنه هنا بمثابة آلة القتل وليس القاتل، ولا يري أبو حنيفة القصاص من الآمر لأنه تسبب في القتل ولم يباشره[29].
                                                            4 – الإكراه علي القتل: الإكراه يفسد الإرادة، حيث يري مالك وأحمد والرأي الصحيح عند الشافعية القصاص علي المكره والمكره لأن الحامل المكره تسبب في القتل، ولأن المباشر المكره قتل المجني عليه ظلما [30]، ولكن عند أبي حنيفة ومحمد أن القصاص يجب علي الحامل دون المباشر لقوله صلي الله عليه وسلم ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما أستكرهوا عليه)[31].
                                                            5 - أن تكون الأداة التي استعملت في القتل مما يقتل به غالبًا: ويدخل في ذلك الإغراق في الماء والخنق والحبس والإلقاء من شاهق والإحراق بالنار، والقتل بالسم، فقد وضعت يهودية السم لرسول (في شاة، فأكل منها لقمة ثم لفظها، وأكل معه بشر بن البراء، فعفا عنها النبي ولم يعاقبها، فلما مات بشر بن البراء قتلها به[32].
                                                            ولا يقتل القاتل إلا بعد أن يؤخذ رأى أهل القتيل فيه، فإن طلبوا قتله قتل وكان القتل كفارة له، وإن عفوا عنه عفي عنه. وأخذت منه الدية وهى تقدر بحوالى (4250) جرامًا من الذهب تقريبًا، وعليه الكفارة وهى عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فعليه صوم شهرين متتابعين، قال تعالى((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فأتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدي بعد ذلك فله عذاب أليم))[33].


                                                            سابعاً - ما يثبت به القصاص وشروطه

                                                            يثبت القصاص باعتراف القاتل، أو بشهادة رجلين يعرف عنهما الصلاح والتقوى وعدم الكذب؛ يشهدان أنهما قد رأيا أو شاهدا القاتل وهو يقتل، ولا تصح شهادة المرأة في القصاص، فلا يشهد على القتل رجل وامرأة أو رجل وامرأتان، وإنما لا بد من أن يكون الشاهدان رجلين، وهذا رأى جمهور الفقهاء، لكن يرى بعض الفقهاء أنه يصح الأخذ بشهادة المرأة في القصاص، فإن ثبت القتل بالشهادة وجب حد القصاص على القاتل، فإن عفا عنه أولياء القتيل أو بعضهم؛ لا يقام عليه الحد، وعليه دفع الدية.
                                                            بناء علي ذلك لا يثبت القصاص في القتل إلا بتوافر الشروط التالية:
                                                            لا يثبت الحق لأولياء المقتول في القصاص من القاتل إلاّ إذا تمّت الشروط التالية:
                                                            الأول: أن يكون القتل بنحو العمد.
                                                            الثاني: التساوي في الحرية و العبودية، فيقتل الحر بالحر و العبد بالعبد و لا يقتل الحر بالعبد، بل يغرم قيمته يوم قتله مع تعزيره بالضرب الشديد.
                                                            الثالث: التساوي في الدين، فلا يقتل المسلم بالكافر ـ و إن لزم تعزيره فيما إذا لم‏يكن القتل جائزاً ـ بل يغرم ديته لو كان ذمياً.
                                                            الرابع: أن لا يكون القاتل أباً للمقتول، فلا يقتل الأب بقتله لابنه، بل يعزر و يلزم بالدية.
                                                            الخامس: أن يكون القاتل بالغاً عاقلاً وإلاّ فلا يقتل و تلزم العاقلة بالدية.
                                                            السادس: أن يكون المقتول محقون الدم، فلا قصاص في القتل السائغ، كقتل سابِّ النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد الأئمة عليهم ‏السلام أو قتل المهاجم دفاعاً و ما شاكل ذلك.


                                                            ثامناً - كيفية تنفيذ القصاص

                                                            يقتل القاتل بالطريقة التي قتل بها عند بعض الفقهاء؛ لقوله تعالى {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به}[34] وقال بعض الفقهاء: بل يكون القصاص بالسيف.
                                                            ما لا يقام فيه قصاص وتحل الدية محله: تتمثل هذه الحالات في الآتي:
                                                            1- قطع عضو أحد الناس خطأ دون تعمد.
                                                            2- الجروح التي يستحيل فيها التماثل.
                                                            3- الجروح التي تقع بالرأس والوجه؛ وهى ما يسمى بـ (الشجاج) إلا إذا كشف الجرح عن العظم فعندئذ يقام القصاص.
                                                            4- اللسان وكسر العظم، فلا قصاص فيهما لأنه لا يمكن الاستيفاء أو التماثل بغير ظلم.


                                                            تاسعاً - من يُنفِّذ القصاص

                                                            القصاص لا يحق لأحد إقامته إلا الحاكم أو من ينوب عنه. فلا يحل لولى القتيل أن يقتل القاتل حتى لا تنتشر الفوضى.
                                                            وقد ورد في القرطبي(اِتَّفَقَ أَئِمَّة الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز لِأَحَدٍ أَنْ يَقْتَصّ مِنْ أَحَد حَقّه دُون السُّلْطَان , وَلَيْسَ لِلنَّاسِ أَنْ يَقْتَصّ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض , وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِسُلْطَانٍ أَوْ مَنْ نَصَّبَهُ السُّلْطَان لِذَلِكَ, وَلِهَذَا جَعَلَ اللَّه السُّلْطَان لِيَقْبِض أَيْدِي النَّاس بَعْضهمْ عَنْ بَعْض .
                                                            وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ عَلَى السُّلْطَان أَنْ يَقْتَصّ مِنْ نَفْسه إِنْ تَعَدَّى عَلَى أَحَد مِنْ رَعِيَّته , إِذْ هُوَ وَاحِد مِنْهُمْ , وَإِنَّمَا لَهُ مَزِيَّة النَّظَر لَهُمْ كَالْوَصِيِّ وَالْوَكِيل , وَذَلِكَ لَا يَمْنَع الْقِصَاص , وَلَيْسَ بَيْنهمْ وَبَيْن الْعَامَّة فَرْق فِي أَحْكَام اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , لِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْره : " كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاص فِي الْقَتْلَى " , وَثَبَتَ عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ شَكَا إِلَيْهِ أَنَّ عَامِلًا قَطَعَ يَده : لَئِنْ كُنْت صَادِقًا لَأ ُقيدَنك مِنْهُ , وَرَوَى النَّسَائِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ : بَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِم شَيْئًا إِذْ أَكَبَّ عَلَيْهِ رَجُل , فَطَعَنَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُرْجُونٍ كَانَ مَعَهُ , فَصَاحَ الرَّجُل , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَعَالَ فَاسْتَقِدْ ) قَالَ : بَلْ عَفَوْت يَا رَسُول اللَّه , وَرَوَى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَنْ أَبِي فِرَاس قَالَ : خَطَبَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ : أَلَا مَنْ ظَلَمَهُ أَمِيره فَلْيَرْفَعْ ذَلِكَ إِلَيَّ أُقِيدهُ مِنْهُ , فَقَامَ عَمْرو بْن الْعَاص فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ , لَئِنْ أَدَّبَ رَجُل مِنَّا رَجُلًا مِنْ أَهْل رَعِيَّته لَتَقُصَّنهُ مِنْهُ ؟ قَالَ : كَيْف لَا أَقُصّهُ مِنْهُ وَقَدْ رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصّ مِنْ نَفْسه , وَلَفْظ أَبِي دَاوُد السِّجِسْتَانِيّ عَنْهُ قَالَ : خَطَبَنَا عُمَر بْن الْخَطَّاب فَقَالَ : إِنِّي لَمْ أَبْعَث عُمَّالِي لِيَضْرِبُوا أَبْشَاركُمْ وَلَا لِيَأْخُذُوا أَمْوَالكُمْ , فَمَنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ فَلْيَرْفَعْهُ إِلَيَّ أَقُصّهُ مِنْهُ , وَذَكَرَ الْحَدِيث بِمَعْنَاهُ) .


                                                            عاشراً - استيفاء القصاص

                                                            يشترط لاستيفاء القصاص في ثلاثة شروط هي:
                                                            1- أن يكون المستحق له عاقلا بالغًا.
                                                            2- أن يتفق أولياء المقتول جميعًا على استيفاء القصاص، فإذا رفض أحدهم سقط القصاص.
                                                            3- ألا يتعدى القصاص الجاني إلى غيره، فلا يقتص من حامل حتى تضع حملها، وترضعه إن لم تجد مرضعًا.
                                                            أحد عشر - الأسباب العامة لامتناع القصاص
                                                            توجد عدة أسباب لو توافر سبب منها امتنع الأخذ بالقصاص وهذه الأسباب منها ما سبق شرحه هي[35]:
                                                            1 – إذا كان القتيل جزءا من القاتل، وسبق بيان ذلك في القصاص في النفس.
                                                            2 – انعدام التكافؤ بين الجاني والمجني عليه، ينظر إلي التكافؤ من ناحية المجني عليه وحده دون الجاني.
                                                            3 – أن يكون الفعل الموجب للقصاص حدث خطأ أو شبه عمد.
                                                            4 – أن يكون الفعل الموجب للقصاص تسببا.
                                                            5 – أن يكون الفعل الموجب للقصاص وقع في دار الحرب وهذا رأ ى الحنفية وحدهم دون باقي الأئمة.
                                                            6 – عدم أمكان الاستيفاء.
                                                            إذا توافر أي سبب من الأسباب السالفة يمتنع تنفيذ القصاص، ولكن لا تبرأ ذمة الجاني ويطلق سراحه دون عقاب، فهذه الأسباب ليست أسباب إباحة أي تجعل الفعل إذا التحقت به مباحا، ولكن تظل ذمة الجاني مشغولة بالدية لا تبرأ إلا بدفها أما للمجني عليه فيما دون النفس أو لورثة القتيل في النفس.
                                                            أثنا عشر – القصاص في القانون الدولي
                                                            بعد أن انتهينا من تبيان القصاص في القانون الجنائي الإسلامي، في محيط الدول أي داخل الدول علي مواطنيها، يمكننا تناول القصاص علي الصعيد الدولي، أي هل يمكن إعمال القصاص بين الدول، كما يطبق بين الأشخاص الطبيعية نتناول هنا إمكانية ذلك من عدمه.
                                                            الثابت والمستقر عليه في القانون الدولي العام أن أشخاصه هي الدول علي الإجماع والمنظمات الدولية علي اختلاف بين الفقهاء في القانون الدولي، ولكن غالبية الفقه الدولي يعتبر المنظمات الدولية من أشخاص القانون الدولي العام، كما أن غالبية الفقه الدولي حتى تاريخه لا تقر باعتبار الأشخاص الطبيعيين من أشخاص القانون الدولي العام.
                                                            من المستقر عليه في نظرية القانون أن كل قانون هو الذي يحدد أشخاصه المخاطبين بأحكامه، والقانون الدولي قد أختار وحدد كما بينا سلفا، كما أن كل قانون يضع قواعده وأحكامه بصورة تتناسب مع أشخاصه، فقواعد وأحكام القانون الدولي العام تناسب الدول والمنظمات الدولية.
                                                            ترتيبا علي ما سبق، يبدو منذ الوهلة الأولي استحالة تطبيق القصاص في القانون الدولي العام علي أشخاصه الدول والمنظمات الدولية، ولكن بنظرة متأنية فاحصة، تبدو المسألة في دائرة الممكن وليس في إطار المستحيل، خاصة وأن قواعد المسئولية الدولية في القانون الدولي في تطور مستمر[36] كما أن القانون الدولي ذاته في توسع وتطور مستمر من حيث الفروع، فقد شملت فروعه مجالات كثيرة، وأصبح الآن فرع من فروعه يطلق عليه القانون الجنائي الدولي أو القانون الدولي الجنائي.
                                                            وطبقا لطبيعة القانون الدولي العام فأنه يتعذر تطبيق القصاص في النفي بين الدول إلا في حالات نادرة، خاصة في حكام الدول التي تشن حروبا غير عادلة، ولكن يمكن محاكمتهم كما حدث في محاكمات نورمبرج بعد الحرب العالمية الثانية ويقتص منهم، وتصل العقوبة إلي القتل، وقد أقر ذلك النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من يوليو 2002م[37]، فقد نص هذا النظام علي جرائم في المادة (5)وأقرت المادة(25) من هذا النظام اختصاص المحكمة بمحاكمة الأشخاص الطبيعيين الذين يرتكبون الجرائم الدولية المنصوص عليها في المادة الخامسة من النظام.
                                                            وبالنظر إلي طبيعة القانون الدولي العام قواعد وأحكام وأشخاص وآليات، قد يتعذر الحكم بالإعدام علي الشخص مرتكب الفعل الموجب للقصاص، لذلك تبقي الدية، وهي ما أخذت به أحكام المسئولية في القانون الدولي المعاصر، تحت مسمي( التعويض المادي)، ويعد هذا التعويض من قبيل الدية، إلا أن الأمر يجب إلا يقتصر في كافة الحالات علي التعويض إلا في حالة استحالة تنفيذ القصاص بالقتل, حتى لا يفلت الجناة من العقاب، خاصة وأن أفعالهم عادة ما يترتب عليها أضرار جسام تطول العديد من الناس، وليكون ذلك رادعا لهم ولغيرهم، كما يتم شفاء غيظ المجني عليهم وهم هنا كثير.

                                                            في القانون الدولي العام بعد تطور قواعد وأحكام المسئولية الدولية ونشأة فرع القانون الدولي الجنائي بقواعده وأحكامه فضلا عن انتشار القضاء الجنائي الدولي والقضاء الدولي بعد أنشاء المحكمة الدائمة للعدل الدولي في عهد عصبة الأمم عام1919م، ثم محكمة العدل الدولية في ميثاق الأمم المتحدة عام 1945م، وأخيرا المحكمة الجنائية الدولية عام 2002م، وإنشاء العديد من المحاكم الخاصة ثم محكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية 1945م ومحاكم نورمبرج ومحاكم مجرمي يوغوسلافيا ورورندا.
                                                            وأن نظام المسئولية الدولية في القانون الدولي العام وأن كان لم يأخذ بالقصاص كمصطلح إلا أنه أخذ به كمضمون في التعويض عن الأفعال التي تشكل جرائم دولية في القانون الدولي العام.
                                                            وفي النهاية يمكننا القول أن القانون الدولي قد أخذ بنظام القصاص مضمونا بالحكم بالتعويض سواء علي الأشخاص الطبيعيين الذين يرتكبون الجرائم الدولية، أو علي الدول كأشخاص دولية، وكذلك علي المنظمات الدولية، فقد تحكم المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية علي دولة أو منظمة دولية كشخص من أشخاص القانون الدولي بالتعويض عما ارتكبا من أفعال تشكل جرائم دولية سببت ضررا لأحدي الدول أو المنظمات الدولية أو للأشخاص الطبيعيين مواطني الدولة المعتدي عليها
                                                            .

                                                            خاتمة

                                                            في صفحات ليست بالقليلة، ولا بالكثيرة، بينا فلسفة التشريع الجنائي الإسلامي، وركزنا بحثنا هذا علي أساس من أسس التشريع الجنائي الإسلامي وهو (القصاص) فقد بيناه من ألفه إلي يائه، من التعريف والأنواع والمضمون والأحكام والحكمة منه والشروط والموانع، فقد بينا مدي الإعجاز التشريعي في الآية الكريمة( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ).
                                                            وانتهينا إلي أن أوجه الإعجاز فيها متعددة فهي تحفظ الحياة وتمنع الجريمة وتبعث في المجتمع الأمن والأمان والطمأنينة، وتجعل الحياة هادئة مستقرة، وفندنا حجج المبطلين الذين لا يريدون أن يتحاكموا إلي الطواغيت دون شرع الله سبحانه وتعالي، ورددنا شبهات ودحضنا مفتريات تثار ضد التشريع الجنائي الإسلامي.
                                                            ولم يقتصر الأمر علي القانون الجنائي الوطني، بل تطرقنا إلي القصاص في القانون الدولي العام، وانتهينا إلي وجوده في القانون الدولي العام بعد تطور قواعد وأحكام المسئولية الدولية ونشأة فرع القانون الدولي الجنائي بقواعده وأحكامه فضلا عن انتشار القضاء الجنائي الدولي والقضاء الدولي بعد أنشاء المحكمة الدولية للعدل الدولي في عهد عصبة الأمم ثم محكمة العدل الدولية في ميثاق الأمم المتحدة وأخيرا المحكمة الجنائية الدولية عام 2002م، وإنشاء العديد من المحاكم الخاصة ثم محكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية محاكم نورمبرج ومحاكم مجرمي يوغوسلافيا ورورندا.
                                                            وكان مما وصلنا إليه في نهاية الدراسة وجوب الأخذ بتشريع الله سبحانه وتعالي علي كافة الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية، خاصة التشريع الجنائي الإسلامي حتى يسود الأمن والأمان ويستقر الأمن والسلم الدوليين

                                                            تعليق

                                                            جاري التحميل ..
                                                            X