المسجد الأقصى
الأقصى
نعم، وحتى الأسماء يمكن أن تتجلى فيها المعاني والأسرار، كيف لا ونحن نتعامل مع القرآن الكريم؟! وإذا جاز لنا أن نهمل دلالة الاسم في عمل فكري بشري، فهل يجوز لنا أن نفعل ذلك عندما نتعامل مع كتاب رب العالمين؟! كل اسم ورد في القرآن لا بد أن تكون له دلالات وظلال. وقد توصّلنا إلى هذه القناعة بعد أن تحصّل لدينا ملاحظات كثيرة تتعلق بالأسماء القرآنية، نأمل أن يطلع القارئ الكريم على بعضها في أكثر من مقال، وقد يكون من المناسب أن نبدأ بمناقشة دلالات "المسجد الأقصى" بما يتسع له المقام.
لو سألت الياباني: أين تقع أمريكا بالنسبة لليابان؟ سيكون الجواب: هي في الغرب. واضح أن هذه الإجابة خاطئة لان أمريكا تقع شرق اليابان. لذا يسافر الياباني شرقاً ليصل إلى أمريكا، لأن طريق الغرب طويلة جداً. وعلى الرغم من ذلك فانه يتعامل على أساس أن أمريكا هي غرب. وذلك لأن أمريكا تقع إلى الغرب من خط غرينتش، خط التأريخ الدولي، الذي أصطلح عليه عندما كانت بريطانيا دولة عظمى متقدمة، وكان الشرق كله يعاني من التخلف والأمية.وكانت بريطانيا القائد للعالم. واليوم لا زال الغرب هو القائد والمسيطر، ولا يتوقع أن يغير العالم من اصطلاحات الغرب، حتى تتغير موازين القوى، ويختلف مركز الثقل على هذه الأرض.
لقد أراد القرآن الكريم للأمة الإسلامية أن تتميز لتكون القدوة للبشرية، ولتتمكن من التأثير من أجل التغيير الإيجابي لاخراج الناس من الظلمات إلى النور، ويظهر هذا التميز في أمور كثيرة منها التميز في الاصطلاح، وفي الوقت الذي فقد فيه العالم الاسلامي مركز الصدارة ولم يعد القدوة للشعوب الأخرى، فقدت اصطلاحاته معانيها ولم تعد مستعملة من قبل الآخرين، بل لم يعد العالم الاسلامي يعتز بما لديه من اصطلاحات، لأنه أصبح تابعاً ومقلداً، ويبدو أن هذه نتيجة حتمية للتخلف الذي أصاب المسلمين على مدى قرون من الزمن.
عندما نزل قوله تعالى :"سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى …" كانت مراكز القوى تتمثل في بلاد فارس وبلاد الرومان، ولا شك أن المسجد في القدس كان الأقرب إلى بلاد الرومان، إلا أن القرآن اعتبره "المسجد الأقصى" لان مكة "هي المقياس الذي يجب أن نقيس عليه. والمساجد التي تشد إليها الرحال في الدين الاسلامي هي المسجد الحرام، ثم المسجد الأقصى، ثم المسجد النبوي الذي يقع بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى. وقد ذكر بعض العلماء أن تسمية مسجد القدس "بالمسجد الأقصى" فيه إشارة إلى أن المسجد النبوي سيبنى، على اعتبار أن ذكر الأقصى يشير إلى القصي، كما تشير كلمة الأبعد إلى البعيد. أي أن هذه التسمية تتضمن خبراً غيبياً.
إذا فُهم هذا سيكون من السهل علينا أن نفهم عبارة "أدنى الأرض" في قوله تعالى من سورة الروم :"غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون، في بضع سنين…." فقد كانت هزيمة الروم في أدنى الأرض إلى جزيرة العرب، حيث كانت بلاد الروم مترامية الأطراف شاسعة المساحات، إلا أن هزيمتها المشار إليها كانت في بلاد الشام، أي أدنى الأراضي التي يسيطر عليها الرومان بالنسبة إلى جزيرة العرب، بهذا يتضح أن القرآن يجعل من مكة وما يحيط بها من جزيرة العرب المكان الذي يقاس عليه، أي هو المكان الذي يجب أن تكون له المركزية في فكر المسلم وضميره وحسه وواقعه واصطلاحاته. وعلى أية حال لا يكون هذا واقعاً حتى تتغير أمور كثيرة،والمراقب للتطورات الفكرية والاجتماعية في العالم العربي والإسلامي يلاحظ المؤشرات الكثيرة التي تعلن عن عودة الأمة إلى حضارتها. ويبقى الخطر الأكبر يتمثل في القيادات السياسية والعسكرية العلمانية والتي تعمل على ترسيخ التابعيّة للغرب في عالمنا العربي والإسلامي
معاً على نفس الطريق
الأقصى
نعم، وحتى الأسماء يمكن أن تتجلى فيها المعاني والأسرار، كيف لا ونحن نتعامل مع القرآن الكريم؟! وإذا جاز لنا أن نهمل دلالة الاسم في عمل فكري بشري، فهل يجوز لنا أن نفعل ذلك عندما نتعامل مع كتاب رب العالمين؟! كل اسم ورد في القرآن لا بد أن تكون له دلالات وظلال. وقد توصّلنا إلى هذه القناعة بعد أن تحصّل لدينا ملاحظات كثيرة تتعلق بالأسماء القرآنية، نأمل أن يطلع القارئ الكريم على بعضها في أكثر من مقال، وقد يكون من المناسب أن نبدأ بمناقشة دلالات "المسجد الأقصى" بما يتسع له المقام.
لو سألت الياباني: أين تقع أمريكا بالنسبة لليابان؟ سيكون الجواب: هي في الغرب. واضح أن هذه الإجابة خاطئة لان أمريكا تقع شرق اليابان. لذا يسافر الياباني شرقاً ليصل إلى أمريكا، لأن طريق الغرب طويلة جداً. وعلى الرغم من ذلك فانه يتعامل على أساس أن أمريكا هي غرب. وذلك لأن أمريكا تقع إلى الغرب من خط غرينتش، خط التأريخ الدولي، الذي أصطلح عليه عندما كانت بريطانيا دولة عظمى متقدمة، وكان الشرق كله يعاني من التخلف والأمية.وكانت بريطانيا القائد للعالم. واليوم لا زال الغرب هو القائد والمسيطر، ولا يتوقع أن يغير العالم من اصطلاحات الغرب، حتى تتغير موازين القوى، ويختلف مركز الثقل على هذه الأرض.
لقد أراد القرآن الكريم للأمة الإسلامية أن تتميز لتكون القدوة للبشرية، ولتتمكن من التأثير من أجل التغيير الإيجابي لاخراج الناس من الظلمات إلى النور، ويظهر هذا التميز في أمور كثيرة منها التميز في الاصطلاح، وفي الوقت الذي فقد فيه العالم الاسلامي مركز الصدارة ولم يعد القدوة للشعوب الأخرى، فقدت اصطلاحاته معانيها ولم تعد مستعملة من قبل الآخرين، بل لم يعد العالم الاسلامي يعتز بما لديه من اصطلاحات، لأنه أصبح تابعاً ومقلداً، ويبدو أن هذه نتيجة حتمية للتخلف الذي أصاب المسلمين على مدى قرون من الزمن.
عندما نزل قوله تعالى :"سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى …" كانت مراكز القوى تتمثل في بلاد فارس وبلاد الرومان، ولا شك أن المسجد في القدس كان الأقرب إلى بلاد الرومان، إلا أن القرآن اعتبره "المسجد الأقصى" لان مكة "هي المقياس الذي يجب أن نقيس عليه. والمساجد التي تشد إليها الرحال في الدين الاسلامي هي المسجد الحرام، ثم المسجد الأقصى، ثم المسجد النبوي الذي يقع بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى. وقد ذكر بعض العلماء أن تسمية مسجد القدس "بالمسجد الأقصى" فيه إشارة إلى أن المسجد النبوي سيبنى، على اعتبار أن ذكر الأقصى يشير إلى القصي، كما تشير كلمة الأبعد إلى البعيد. أي أن هذه التسمية تتضمن خبراً غيبياً.
إذا فُهم هذا سيكون من السهل علينا أن نفهم عبارة "أدنى الأرض" في قوله تعالى من سورة الروم :"غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون، في بضع سنين…." فقد كانت هزيمة الروم في أدنى الأرض إلى جزيرة العرب، حيث كانت بلاد الروم مترامية الأطراف شاسعة المساحات، إلا أن هزيمتها المشار إليها كانت في بلاد الشام، أي أدنى الأراضي التي يسيطر عليها الرومان بالنسبة إلى جزيرة العرب، بهذا يتضح أن القرآن يجعل من مكة وما يحيط بها من جزيرة العرب المكان الذي يقاس عليه، أي هو المكان الذي يجب أن تكون له المركزية في فكر المسلم وضميره وحسه وواقعه واصطلاحاته. وعلى أية حال لا يكون هذا واقعاً حتى تتغير أمور كثيرة،والمراقب للتطورات الفكرية والاجتماعية في العالم العربي والإسلامي يلاحظ المؤشرات الكثيرة التي تعلن عن عودة الأمة إلى حضارتها. ويبقى الخطر الأكبر يتمثل في القيادات السياسية والعسكرية العلمانية والتي تعمل على ترسيخ التابعيّة للغرب في عالمنا العربي والإسلامي
معاً على نفس الطريق
تعليق