إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

صفحة مجهولة من تاريخ مصر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صفحة مجهولة من تاريخ مصر

    صفحة مجهولة من تاريخ مصر ........ أبو خلدون


    تروي الوثائق التي أفرجت عنها الحكومة البريطانية صفحة قد تكون مجهولة من تاريخ مصر هي: إن لويد جورج، رئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الأولى وبعدها حاول احتواء ثورة عام 1919 في مصر، وثورة ايرلندا، عن طريق سياسة التهدئة، فوعد زعماء الثورتين بالدعم الكامل وتنصيبهم ملوكا على بلديهما، مقابل التخلي عن الكفاح المسلح، ووعد سعد زغلول، زعيم ثورة ،1919 بتعيينه ملكا على مصر بشرط قبول الحماية البريطانية وفصل السودان عن مصر، ووعد زعماء الثورة الأيرلندية الأربعة بتسليمهم زمام أيرلندا، في مقابل تخليهم عن المطالبة بالانفصال. وزعماء الثورة الأيرلندية بلعوا الطعم، فدس الناس لأحدهم السم في الطعام، وقتلوا الثاني رميا بالرصاص، وتعرض الثالث للاغتيال من جانب أنصاره بمدفع رشاش، أما الرابع فقد نجا بجلده وهرب إلى روما ليعيش متواريا عن الأنظار خشية الاغتيال. أما سعد زغلول فقد استغرب العرض ورفضه بإباء وشمم، وقال للبريطانيين: “إنني أفضل أن أكون خادما في بلدي المستقلة، عن أن أكون ملكا في ظل احتلال أجنبي” فتحول سعد زغلول إلى رمز وطني، وإلى زعيم لأمته.

    ويقول لويد جورج في الوثائق: إن وزارة الخارجية البريطانية كانت تتلقى، بشكل مستمر، سيلا من البرقيات من المندوب السامي البريطاني في القاهرة اللورد اللنبي، تقول إن سعد زغلول يخطط للقيام بانقلاب كانقلاب عرابي باشا، وإن ثورة دموية هائلة ستحدث في مصر إذا بقي سعد زغلول فيها، ولكن اللورد اللنبي أكد في إحدى البرقيات أن هذه الثورة المرتقبة ستنتهي خلال 24 ساعة إذا نفت بريطانيا سعد زغلول إلى الخارج.

    ووافق لويد جورج على نفي سعد زغلول، ولكن الثورة استمرت، وظل الجنود البريطانيون يتعرضون للقتل كل يوم، دون أن تتمكن الشرطة من اعتقال القتلة، وخشي لويد جورج أن تنتقل الثورة إلى المدن البريطانية ويثور الرأي العام البريطاني، خصوصا وأن نبوءة اللورد اللنبي بالقضاء على الثورة خلال 24 ساعة لم تتحقق، ولذلك قرر إطفاء ثورة مصر بطريقة حاسمة، كما أطفأ الثورة الأيرلندية، أي بإجراء اتفاق مع زعيمها، ووضع خطة لإرسال أحد ضباط المخابرات إلى سعد زغلول الذي كان في ذلك الحين في عدن في طريقه إلى المنفى لكي يعرض عليه استعداد الحكومة البريطانية لتنصيبه ملكا على مصر في مقابل بقاء الحماية البريطانية على مصر والموافقة على فصل السودان عنها.

    وأبرق رئيس الوزراء البريطاني إلى حاكم عدن بأن يبقي الزعيم المصري في عدن إلى أن يصل ضابط المخابرات ومعه التعليمات اللازمة. ووصل ضابط المخابرات واجتمع بسعد زغلول وعرض عليه أن يتولى عرش مصر مقابل التخلي عن ثورته، فرفض سعد وقال لضابط المخابرات إنه يفضل أن يعيش خادما في بلده المستقل عن أن يكون ملكا تحت حماية حراب الاحتلال، فقال له الضابط: “هل هذا الرد نهائيا؟” فقال له سعد: “نعم” وأبرق ضابط المخابرات بنتيجة مسعاه، وعندما علم لويد جورج بذلك أمر بأن ينقل سعد زغلول لا إلى سيلان وإنما إلى جزيرة بيئتها أشد قسوة، في المحيط الهندي هي جزيرة سيشل، ويقول لويد جورج: “لقد اخترت هذه الجزيرة لأن أحد أصدقائي توفي فيها”.

    وبعد فترة، اضطر البريطانيون إلى الإفراج عن سعد زغلول، وعاد إلى مصر ليكمل مسيرته في تحقيق استقلالها وحريتها، وإذا كان أحمد شوقي قد قال إن للحرية باباً لا يدق إلا بالأيدي المضرجة بدماء الشرفاء المكافحين، فإن سعد زغلول كان يؤمن أن الحرية والاستقلال لا يعطيان، وإنما يستحقان.

    ذلك درس من تاريخ مصر المجيد المملوء بالدروس والعبر، أتمنى لو يستوعبه الذين يأملون خيراً من أمريكا و”إسرائيل”.




    أبو خلدون

    صحيفة الخليج هي صحيفة يومية تصدر عن دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر بمدينة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة والتي أنشئت في عام 1970 على يد الشقيقين المرحومين تريم عمران تريم والدكتور عبدالله عمران تريم، بهدف الدفاع عن كل القضايا الوطنية والعربية
جاري التحميل ..
X