بسم الله الرحمن الرحيم
كلمات مقتطفة من بستان
شيخ الإسلام ابن القيم
- رحمه الله -
إضاءة
إن الله سبحان جعل الصبر جوادًا لايكبوا , وصارمًا لا ينبو , وجندًا غالبًا لايُهزَم
وحصنًا حصينًا لا يُهدم ولا يثٌلَم , فهو و النصر أخوان شقيقان , فالنصر مع الصبر ,
والفرج مع الكرب , والعسر مع اليسر , وهو أنصر لصاحبه من الرجال
بلا عدة ولا عدد , ومحله من الظفَر كمل الرأس من الجسد ,
ولقد ضمن الوافيُ الصادق لأهله في محكم الكتاب أنه يوفيهم أجرهم بغير حساب ,
وأخبرهم أنه معهم بهدايته ونصر العزيز وفتح المبين
فقال تعالى
{وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }الأنفال46
فظفر الصابرون بهذه المعية بخير الدنيا والآخرة , وفازوا بها بنعمه الباطنة والظاهرة.
وجعل سبحانه الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين , فقال تعالى وبقوله أهتدى المهتدون {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }السجدة24
وأخبر أن الصبر خير لأهله - مؤكداً باليمين - فقال تعالى َ{ ولَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }النحل126
وأخبر أن الصبر والتقوى لا يضر كيد العدو, ولو كان ذا تسليط , قال تعالى َ{وإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }آل عمران120
وأخبر عن نبيه يوسف الصديق أن صبره وتقواه أو صلاه إلى محل العز والتميكن , فقال تعالى {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }يوسف90
وعلق الفلاح بالصبر والتقوى , فعقل ذلك عنه المؤمنون , فقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران200
وأخبر عن محبته لأهله , وفي ذلك أعظم ترغيب للراغبين , فقال تعالى {وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ }
آل عمران146
ولقد بشر الصابرين بثلاث كل منها خير مما عليه أهل الدنيا يتحاسدون, فقال تعالى َ
{ وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ{155} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ{156} أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ{157} البقرة
وأوصى عباده بالاستعانة بالصبر والصلاة على نوائب الدنيا والدين , فقال تعالى { وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ{45}
وجعل الفوز بالجنة والنجاة من النار لا يحظى به إلاى الصابرون , فقال تعالى {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ }المؤمنون111
وامر رسوله بالصبر لحكمه , وأخبر أن صبره إنمها هو لربه , وبذلك جميع المصائب تهون فقال : وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ }الطور48
وقال : {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ{127} إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ{128}
والصبر آخية المؤمن التى يجول ثم يرجع اليها , وساقُ ايمانه الذى لا إعتماد له
الا عليها , فلا ايمان لمن لا صبر له , وان كان فإيمان قليل في غاية الضعف , وصاحبه
يعبد الله على حرف , فان اصابه خير اطمأن به , وان أصابته فتنة انقلب على وجهه , خسر الدنيا والآخرة , ولم يحظ منهما الا بالصفقة الخاسرة , فخير عيش أدركه السعداء بصبرهم , وترقوا إلى أعلى المازل بشكرهم فساروا بين جناحى الصبر والشكر إلى جنات النعيم , وذكل فضل الله يوتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .
كلمات مقتطفة من بستان
شيخ الإسلام ابن القيم
- رحمه الله -
إضاءة
إن الله سبحان جعل الصبر جوادًا لايكبوا , وصارمًا لا ينبو , وجندًا غالبًا لايُهزَم
وحصنًا حصينًا لا يُهدم ولا يثٌلَم , فهو و النصر أخوان شقيقان , فالنصر مع الصبر ,
والفرج مع الكرب , والعسر مع اليسر , وهو أنصر لصاحبه من الرجال
بلا عدة ولا عدد , ومحله من الظفَر كمل الرأس من الجسد ,
ولقد ضمن الوافيُ الصادق لأهله في محكم الكتاب أنه يوفيهم أجرهم بغير حساب ,
وأخبرهم أنه معهم بهدايته ونصر العزيز وفتح المبين
فقال تعالى
{وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }الأنفال46
فظفر الصابرون بهذه المعية بخير الدنيا والآخرة , وفازوا بها بنعمه الباطنة والظاهرة.
وجعل سبحانه الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين , فقال تعالى وبقوله أهتدى المهتدون {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }السجدة24
وأخبر أن الصبر خير لأهله - مؤكداً باليمين - فقال تعالى َ{ ولَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }النحل126
وأخبر أن الصبر والتقوى لا يضر كيد العدو, ولو كان ذا تسليط , قال تعالى َ{وإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }آل عمران120
وأخبر عن نبيه يوسف الصديق أن صبره وتقواه أو صلاه إلى محل العز والتميكن , فقال تعالى {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }يوسف90
وعلق الفلاح بالصبر والتقوى , فعقل ذلك عنه المؤمنون , فقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران200
وأخبر عن محبته لأهله , وفي ذلك أعظم ترغيب للراغبين , فقال تعالى {وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ }
آل عمران146
ولقد بشر الصابرين بثلاث كل منها خير مما عليه أهل الدنيا يتحاسدون, فقال تعالى َ
{ وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ{155} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ{156} أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ{157} البقرة
وأوصى عباده بالاستعانة بالصبر والصلاة على نوائب الدنيا والدين , فقال تعالى { وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ{45}
وجعل الفوز بالجنة والنجاة من النار لا يحظى به إلاى الصابرون , فقال تعالى {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ }المؤمنون111
وامر رسوله بالصبر لحكمه , وأخبر أن صبره إنمها هو لربه , وبذلك جميع المصائب تهون فقال : وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ }الطور48
وقال : {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ{127} إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ{128}
والصبر آخية المؤمن التى يجول ثم يرجع اليها , وساقُ ايمانه الذى لا إعتماد له
الا عليها , فلا ايمان لمن لا صبر له , وان كان فإيمان قليل في غاية الضعف , وصاحبه
يعبد الله على حرف , فان اصابه خير اطمأن به , وان أصابته فتنة انقلب على وجهه , خسر الدنيا والآخرة , ولم يحظ منهما الا بالصفقة الخاسرة , فخير عيش أدركه السعداء بصبرهم , وترقوا إلى أعلى المازل بشكرهم فساروا بين جناحى الصبر والشكر إلى جنات النعيم , وذكل فضل الله يوتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .
تعليق