إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حماس .....لم تبخل بشي وسجلت نهوضا للقضية والامة..!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حماس .....لم تبخل بشي وسجلت نهوضا للقضية والامة..!!

    بسم الله الرحمن الرحيم

    حماس .....لم تبخل بشي وسجلت نهوضا للقضية والامة



    في مرج الزهور على سفوح بعض جبال لبنان، يوم أبعد الكيان الصهيوني مئات من الفلسطينيين، معظمهم من حركة حماس، عن بلدهم، وأبقاهم في الخيام تحت الثلج والبرد تحت سمع العالم البليد وبصره القاصر، يراهم ولا يتحرك لتخليصهم مما هم فيه من مأساة.. في ذلك الموقع الذي زرته وقابلت فيه عدداً من قيادات الناس فيه التي أصبحت فيما بعد قيادات بارزة في الحركة، توطدت متابعتي لجهود حماس وجهادها، وأخذت أتابع عملياتها ومواقفها وبعض أدبياتها أكثر مما أتابع فصائل أخرى. وفي الانتفاضة لفتت حماس الأنظار وقدمت الكثير، وبعد ذلك أخذت تقدم الشهداء بعد الشهداء والرموز القيادية بعد الرموز دفاعاً عن قضية عادلة ورؤية ومبدأ، وكنت أجد أن ذلك يلتقي مع رؤيتي للقضية ونهج التحرير الذي لا أرى نهجاً سواه لمعالجة قضية العرب المركزية.
    حماس كونت نهجاً واضحاً ودعمت مصداقيتها بأداء يستند إلى عقيدة وإيمان وصلابة نضالية، واستطاعت أن تكسب الشعب الفلسطيني وشرائح عربية وإسلامية واسعة من خلال ترسيخ المصداقية النضالية والاجتماعية.
    وعندما أستعرض رموز حماس وشهداءها ومواقفها وما قدمته على مدى سنوات طويلة أجد أنها قامت بشيء يستحق التقدير ولم تبخل بأي شيء وسجلت نهوضاً بالقضية والأمة في وقت تردت فيه أوضاع القضية والأمة كثيراً ووصلت إلى درك أوسلو وما بعدها. وحماس حركة تتطلع إلى تحرير فلسطين، وإلى أنموذج حكم معين، وإلى أداء رسالة أوسع.. وهذا يرتب عليها مسؤوليات أكبر مما يمكن أن تراه عندما تحصر نفسها في مهام فصيل فلسطيني يقاتل ويبحث عن سلطة، ويركز عليها الأنظار والجهود المضادة لها لأن لانتصارها ما بعده، ولأن لحضورها تأثيراً أكبر من المشاهد بالعين المجردة.

    ضغوط
    حين وصلت حماس إلى أكثرية نيابية في الانتخابات الفلسطينية وقفت في ذروة معينة وأخذت تتعرض لضغط وإغراء، ضغط من جهات وتنظيمات متعاطفة معها، وآراء من داخل تنظيمها الذي قطف بعض ثمار نضاله وعزز ثقة الشعب الفلسطيني به، وإغراء بسلطة تشكل أنموذجاً ورافعة لمن يعنيهم خط حماس العقائدي والنضالي. لقد فازت حماس بثقة الشعب الفلسطيني لجهادها ومبدئيتها ومصداقية تنظيرها، وفازت أيضاً لأن الآخرين وصلوا إلى مرحلة مؤسفة ولم تعد ثقة الناخب الفلسطيني بهم كافية لجعلهم يتابعون تحمل المسؤولية، ولفساد كبير أصاب كثيرين منهم إصابات قاتلة، وهذا الفوز الكاسح جعل الدم والدخان يتصاعدان نحو الكثير من الرؤوس ويؤثران في التقدير والتدبير. لم أكن مع تولي حماس مقاليد السلطة، لأن السلطة هي بالدرجة الأولى سلطة أوسلو التي رفضتها حماس وقاومتها واكتسبت شعبية ومصداقية من خلال رفضها لها وكشفها لعوراتها وتمسكها بالمبدئية التي خرجت عليها أوسلو.. ولأنها سلطة مكبلة باتفاقيات دولية وباعتراف بالعدو وتعامل معه.. ومن يتول سلطة بهذه المواصفات لا بد أن يدخل فيما لا يرضيه من التزاماتها وقيودها.. لم أكن مع تولّي حماس السلطة لأن المقاومة غير السلطة، ولأن السلطة ترتب على أهلها في هذه الظروف وحسب السياق السياسي الذي أقامها أن تتعامل وفق معطيات وأسس والتزامات لا تتوافق مع خط المقاومة والأهداف التي ترفعها حماس.. كنت مع أن تمارس حماس دور الأكثرية النيابية معارضة من خلال المجلس الذي فازت بالأكثرية فيه، وأن تمنح ثقة أو تحجب ثقة، تحاسب أو تطلب المحاسبة، تعطل ما هو ليس في صالح الشعب والقضية وتدفع باتجاه التمسك بالحقوق والمبادئ وتعمل من داخل البيت في مساحات صنع القرار، وتتنصل من المسؤولية التاريخية عن كل ما لا يرضيها. وفي الوقت نفسه تستمر في تقديم الخدمات النوعية للشعب الفلسطيني وبناء مؤسساتها وذاتها وقدراتها، وترفع بندقية المقاومة من دون التزامات تضيق عليها في أداء عملها.. وكنت أتطلع إلى أن تقوم حماس بتسجيل مزيد من الكسب الجماهيري التنظيمي على مستويات فلسطينية وعربية وإسلامية لتصبح أقوى بكل المعاني والمقاييس، وأن تمتلك معرفة علمية وتقنية أرفع تفيدها في مواجهتها، وعدداً وأجهزة ومعدات ومعرفة عسكرية أكبر، وأن تبقى في دائرة إدراك أنها بمواجهة عدو لا يستهان به وبقدراته، وأن تحالفات ذلك العدو واسعة وتشمل جهات فلسطينية وعربية وإسلامية، وحزمة من العملاء.

    مسؤولية الحكم
    إنها حين تستلم السلطة تتحمل مسؤولية الحكم وتصبح مسؤولة عن خدمات ليست مؤهلة للقيام بها، ويحولونها إلى مواجهة مع الشعب الذي هو حاضنتها ودرعها وهي أمله، وفي ذلك الموقع، موقع السلطة، لا تستطيع أن تقول لا لكل ما تراه لا يحفظ وجودها أو يجبرها على خيارات ليست في مصلحة قضية فلسطين وشعبها ولا في مصلحة الأمة وما ينفعها ويحررها ويثبت إرادتها الحرة ومواقفها الوطنية والقومية. كنت أريد لحماس أن تستمر في توهج ثورتها وانتشارها بين الجماهير بوصفها حركة مقاومة تستقطب الرأي العام وتقدم الدم وتثبت على الخيارات الصحيحة وتجاهد من أجل عدالة وحرية وحق.
    لم أكن مع تولي حماس لسلطة أوسلو وكنت أقدر أن ذلك سيعود عليها بالكثير مما لا ترغب فيه، وأنها سوف تقف على مفرق خيارات صعبة.. بين أن تكون ثورة أو أن تكون سلطة محكومة بوضع فلسطيني وعربي ودولي، لا يقبلها ولا يتعاون معها إلا إذا تنازلت عن مطالبها وخياراتها ومبدئيتها وفرطت بتاريخها وبحقوق شعبها.. وإلا فهي بنظرهم الإرهاب والتخريب ولا بد من محاصرتها وتحميلها ما لا تحتمل، ووضع الناس ضدها وضربها حتى تلين أو تفشل. إن حماس التي فازت بالانتخابات الفلسطينية ليست مقبولة عند أي من أعدائها أو حلفائهم ولا عند أي من الذين ينظرون للحركات الإسلامية نظرة ريبة، ويرفضونها حتى لو انتصرت وحررت وقدمت الدم، وهم ينصبون لها الفخاخ ويتصيدون لها الأخطاء ويريدون أن يغرقوها في دمها ليتخلصوا من توجه يرونه خطراً عليهم.. وليس من مصلحتها وهي في طريقها الصعب ومراحل تكوين الذات والقوة والأدوات أن تضع نفسها بمواجهة هذا الكم من الخصوم والمسؤوليات.
    حماس ما زالت الآن تقاوم، وقد حققت هزيمة الاحتلال وانسحابه من غزة التي كان يتمنى التخلص منها حتى لو أغرقها البحر، وحماس اصطدمت أو اضطرت للاصطدام مع عناصر من فتح -ولا أقول مع فتح إذ هناك من كان يقاتل بتنسيق معها وما زال على استعداد لقتال العدو مثل صقور فتح وحملة بندقيتها التاريخية- ومع مشروع وراءه الصهاينة والأميركيون ومن يعمل معهم من خلال منسقهم الجنرال الأميركي كيت دايتون، وقد قلبت الطاولة على من كان يعد لقلب الطاولة عليها.. لقد أحدث ذلك انشقاقاً وشرخاً عميقاً في العلاقات، وهو على خطورته وكراهتنا له أهون من حرب أهلية فلسطينية يخطط لها الكيان الصهيوني والأميركيون وحلفاؤهم لإنهاء المقاومة وعلى رأسها حماس، عملاً بالبند الأول من خطة خريطة طريق الفتنة التي تشترط القضاء على المقاومة الفلسطينية التي تسميها إرهاباً ليبدأ بعد ذلك خطو آخر في طريق الخريطة البائسة. إن ذلك رتّب شيئاً سيئاً في الساحة الفلسطينية، بصرف النظر عن التفاصيل والأسباب والمسؤوليات، وبصرف النظر أيضاً عن مقاربة حقيقة أن ما حدث كانت تُعدّ الساحة لحدوثه من طرف آخر بإرادة صهيونية - أميركية - أوروبية تتلاقى مع إرادة فلسطينيين ذهبت منهم سلطة يحرص كثيرون على التمسك بها، وصولاً إلى منافع شتى تهم فريقاً ممن أدمنوا السلطة ربما أكثر من أي شيء آخر، وتردف أولئك أو تؤيدهم فيما تذهب إليه بعض الجهات العربية التي ترفض المقاومة وتسميها إرهاباً وتريد أن تصفيها وتصفي من يدعمها عربياً وإسلامياً.
    حماس الآن في غزة سلطة ومسيطرة ومحاصَرة ويُراد لها أن تخسر وأن تستسلم وأن تُصفى، ولكنها تصمد وتقاوم ووضعها ليس سهلاً وعبء الناس في غزة عليها ثقيل ثقيل، وحماس الآن، جماهيرياً، ليست في حالة التوهج الجهادي الذي كانت عليها قبل تسلمها السلطة وغرقها في شؤونها وشجونها، وحماس اليوم تواجه بصورة لا لبس فيها مخططات وقوى تريد أن تنهيها تماماً، وحماس اليوم تدعو إلى حوار فلسطيني - فلسطيني لا تُقبل عليه أو لا يسمح أن تقبل عليه أطرافٌ فلسطينية معنية.. حماس في مأزق والمقاومة في مأزق وسلطة عباس في مأزق والقضية الفلسطينية في مأزق كما هو شأنها.. وبعض العرب خارج كل مأزق ويبيعون ويشترون في سوق السياسة بأبخس الأثمان.

    الحل والقوة
    حماس ليست اليوم في صلب تكوين منظمة التحرير الفلسطينية المعتمَدة فلسطينياً وعربياً ودولياً بوصفها طرفاً رئيساً، أو الطرف الوحيد، في التفاوض والحل والعقد والربط والتقرير، ومنظمة التحرير ذاتها في مآزق منذ تم التجاوز عليها وعلى ميثاقها، وحماس أثبتت أنها تقارب نصف الحل ونصف القوة ونصف المشكلة فيما يتعلق بالقضية والمنظمة والسلطة والمشكلات الفصائلية ومن ثم لا يمكن القفز فوق دورها، كما لا يمكن أن تكون هي المركز الذي يستقطب الكل والوزن النوعي في أطراف القضية وتهمش الآخرين..
    وعليها النظر في حقائق الأمور وفيما يترتّبه عليها خيارها المبدئي الصعب من مسؤوليات وتبعات، ومن ثم عليها أن ترتب الكثير في بيتها الخاص وفي البيت الفلسطيني المقاوِم وفي البيت الفلسطيني العام في الداخل والخارج، وأن تستمر في سلامة الرؤية والخيارات والنهج وفي الاستعداد والإعداد لمواجهة الاحتمالات كافة. وكل هذا يحتاج إلى معرفة واسعة وعميقة بالأمور والأشخاص والتوجهات، وإلى ملاءة مالية تحفظ استقلالية القرار والرؤية، وإلى حوار وصلات ومواقف مع الأطراف المعنية على الصعد والمستويات كافة ((فلسطينياً وعربياً وإسلامياً ودولياً)). وأول تلك المستويات مستوى منظمة التحرير التي لا بد من إعادة ترتيب بيتها وهيكلتها لتضم حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية، والعودة إلى جوهر ميثاق المنظمة لتكون هناك معالم نهج واستراتيجية ومبدئية ومرجعية ثابتة وواضحة وأهداف وبرامج ونضال على طريق تحقيق الأهداف بنفس طويل طويل طويل.. بعد أن فشلت أوسلو وخريطة الطريق واتفاقية جنيف، رأس البؤس والتآمر على الشعب والقضية، وبعد إفلاس الحلول والتسويات وتمسك المحتل بالقدس والمستوطنات والتوسّع الاستيطاني وجدار العزل العنصري والتهويد ورفض حق العودة وكل معاني السيادة لدولة فلسطين المنتظرة.. إلخ مما هو في صلب القضية والنضال، وبعد إفلاس ظاهر لجهود العرب المتوافقة حول قرار قمة بيروت 2002 التي قدمت للعدو ما لم يحلم به ورفضها العدو ولم يحلم بها.. ومن ثم العودة إلى طريق الجهاد وخيار التحرير.. تحرير أرض فلسطين وعلى رأسها القدس.
    ??

    د: علي عقلة عرسان
    الامين العام الاسبق لاتحاد الادباء والكتاب العرب
جاري التحميل ..
X