إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مطاردة محمومة لحماس في الضفة الغربية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مطاردة محمومة لحماس في الضفة الغربية

    مطاردة محمومة لحماس في الضفة الغربية



    ياسر الزعاترة

    في قطاع غزة يتجول قادة حركة فتح بحرية ويعقدون المؤتمرات الصحفية، ليس فقط السياسيين منهم، بل حتى العسكريين «كتائب شهداء الأقصى»، فيما تؤكد حكومة حماس أنها لا تعتقل أحداً على خلفية سياسية، وتدعو مؤسسات حقوق الإنسان إلى التأكد من ذلك بنفسها. لا يعني ذلك عدم وقوع أخطاء هنا أو هناك، لكن بمجملها شيء وما يحدث في الضفة الغربية شيء مختلف إلى حد كبير.

    بعد عيد الفطر بأيام داهم عسكر السلطة «أجهزة الأمن كثيرة ومسمياتها أيضاً» بيت الشيخ سعيد بلال رحمه الله، وهو واحد من أعيان مدينة نابلس. وبعد مسلسل من الترويع والإهانات لم يألفوه في عشرات المداهمات الإسرائيلية التي تعرض لها البيت منذ نهاية الثمانينيات، اقتيد الابن الأكبر للشيخ «بكر» وابنه عمر 14 عاماً، وشقيقه الأصغر عمر، وبعد ساعات أفرج عن الصغيرين وبقي بكر في السجن.

    بكر، أمضى خمس سنوات في السجن الإسرائيلي، ولم يخرج سوى منذ بضعة شهور، تاركاً هناك إخوته «القساميون» الثلاثة: معاذ ويقضي حكماً بالسجن «27 مؤبداً»، عثمان «مؤبدان»، وعبادة «الضرير، نعم ضرير لكنه كان يساعد رجال المقاومة» والمحكوم لأحد عشر عاماً. ولكي تكتمل المفارقة المثيرة للحزن والقهر قام الرجال الثلاثة بإصدار بيان مشترك من السجن ينددون بما جرى لأفراد عائلتهم، وبخاصة لأمهم المريضة التي يحرمها القتلة من زيارتهم لأنها تنجب الإرهابيين بحسب ما قال أحد المسؤولين في مصلحة السجون لزوجها قبل وفاته.

    هنا يتساءل الفلسطينيون بمختلف فئاتهم عن المنطق الذي يقبل مكافأة عائلة من هذا النوع باعتقال ابنها الأكبر الخارج لتوه من الأسر، بينما يعتقل مجاهد آخر اسمه عزيز فتاش من سلفيت بعد شهر ونصف الشهر من خروجه من السجن الإسرائيلي الذي قضى فيه عشر سنوات متواصلة، فقط لأنه من رموز حماس، ثم يداهم بيت الشهيد القائد جمال سليم ويعتقل صهره، كما يداهم بيت الشهيد القائد يوسف السركجي ويعتقل نجله الأكبر بلال. ويتساءلون أيضاً عن توقف وزارة شؤون الأسرى عن صرف مخصصات الكانتين لأسرى حماس، بمن فيهم أعضاء المجلس التشريعي، فيما يجري الاعتداء والتشهير بزوجة الشهيد القائد جمال منصور «منى منصور» رغم كونها من أعضاء المجلس التشريعي، فقط لأنها تتجرأ وتدافع عن أبناء شعبها وحركتها التي رشحتها للمنصب بوصفها زوجة أكبر رموز الضفة الغربية على الإطلاق، والذي قضى في سجون الاحتلال وسجون السلطة أكثر من اثني عشر عاماً قبل أن يغتاله الإسرائيليون خلال انتفاضة الأقصى في العام 2002، مع زميله جمال سليم وثلة من إخوانهم.

    الحوادث المشار إليها مجرد عينات، فيما نعلم أن مئات الرجال يعتقلون هذه الأيام في سجون السلطة بتهمة الانتماء إلى حماس، وما من يوم يمر إلا ويعتقل فيه ما لا يقل عن عشرة من الرجال. والأسوأ أن ما يجري تجاوز الاعتقالات المتواصلة إلى مطاردة أي نشاط للحركة، أكان في مسجد أم جامعة، وسواء كان لرجال أم لنساء.

    خلال شهر رمضان وحده اختطف 140 عنصراً من حماس، ودوهم 21 مسجداً، في حين اقتحمت 26 مؤسسة لأصحابها صلة ما بالحركة، ومعظمها شخصية، إذ سبق أن أغلقت المؤسسات الخيرية والعامة قبل ذلك، مع العلم أن عدد الاعتداءات التي أحصيت على الأفراد والمؤسسات منذ الحسم العسكري في قطاع غزة وحتى بداية رمضان قد بلغ 1324 اعتداء، فيما ارتفعت الوتيرة بعد العيد على نحو لافت للنظر، لاسيما أعداد المعتقلين، فضلاً عن استهداف النشاطات الأخرى، حتى لو كانت للتضامن مع الأسرى كما وقع للاعتصام الذي نظم في الخليل للتضامن مع أسرى سجن النقب بعد اعتداء الأمن الصهيوني عليهم، إذ جرى تفريق الاعتصام بالقوة مما أدى إلى إصابة عدد من المشاركين فيه بجراح.

    في الجامعات يطارد الطلبة والطالبات المشتبه بانتمائهم لحماس، وفي جامعة النجاح حظرت الكتلة الإسلامية في الجامعة، في حين اقتحمت مصليات الطلبة والطالبات مراراً وتكراراً من دون استئذان، وجرى الاعتداء على عدد من الطالبات. ولا تسأل بعد ذلك عن الموقف من الموظفين المقربين من حماس في الوزارات والمؤسسات على قلتهم، إذ فصل الكثير منهم، وما تزال حملة التطهير بحقهم متواصلة.

    كل ذلك أخذ يلقي بظلال كئيبة على الوضع في الضفة الغربية، فمن يعتقلون ويطاردون هم من خيرة أبناء المجتمع الفلسطيني المعروف بترابطه الاجتماعي، وعندما تصر قيادة السلطة على مطاردة هؤلاء على هذا النحو فلابد من عسكرة المجتمع على نحو شامل. ولا قيمة هنا لتجاهل وسائل الإعلام لما يجري تبعاً لخوفها من سطوة أجهزة الأمن التي لا تتورع عن الإساءة إلى أي صحفي أو وسيلة إعلام تغطي أخباراً من هذا النوع، هذا إذا توفر إعلام لا يعرف بانحيازه لطرف السلطة. والمصيبة أن بعض رموز تلك السلطة لا يكفون عن الشكوى من انحياز الإعلام ضدهم!!

    أما تبرير ما يجري بضرورة الحيلولة دون تكرار حماس لما فعلته في قطاع غزة، فلا يبدو مقنعاً بحال، لأن حماس التي تطارد الحوار لاستعادة الوحدة بينما يتمنع الطرف الآخر ليست في وارد السيطرة على منطقة يسيطر عليها الإسرائيليون بالكامل.

    في هذا السياق يأتي الحديث عن اللقاء الذي جرى بين عدد من قادة حماس والرئيس الفلسطيني في رام الله، وهو لقاء لا يبدو أنه سيغير في واقع ما يجري، هو الذي جاء كنوع من المجاملة لأناس «معتدلين» بحسب تصنيف السلطة، قال أحدهم إنهم سيصلون في المقاطعة خلف الرئيس عباس رداً على تصريح لا يعبر عن حماس للشيخ نزار ريان في غزة قال فيه إنهم سيصلون في الخريف في المقاطعة. مع أننا نأمل أن يكون الموقف خلاف ذلك، وأن يكون اللقاء خطوة في اتجاه تعديل المسار القائم.

    ما يجري في الضفة الغربية يتوزع بين منطق الثأر، وبين إسكات صوت المعارضة للمسار السياسي القائم وتنفيذ البند الأول من خريطة الطريق «وقف الإرهاب والتحريض»، وهو في الحالين لا يخدم مصالح الفلسطينيين، ولا يمكن تبعاً لذلك السكوت عليه. وإذا كان مؤتمر دمشق نوعاً من الرد، فإن المطلوب هو جهد فلسطيني وعربي أكثر فاعلية يوقف مهزلة الركض خلف أولمرت وبوش مع تكريس الانقسام الفلسطيني على النحو القائم.
جاري التحميل ..
X