حتى الآن ؛ لا يوجد أي انتباه حقيقي لما يحدث في الضفة الغربية اتجاه الكتل الإسلامية في الجامعات الفلسطينية ، ولربما لا يعرف أكثر المراقبين الآن أن خطوات تنفيذية حالية تُجرى و بشكل مستمر لا من أجل التضييق على الكتلة الإسلامية في الجامعة الفلسطينية وحسب ، بل يتعدى ذلك إلى توجيه ضربات قاسمة لهيكلياتها تؤدي إلى تضعضعها على المدى الطويل!
ما أقوله ليس مجرد تخوفات أو تهويلات لأحداث تتأثر بالواقع الفلسطيني الذي يعاني من حالة الانقسام والاستقطاب الثنائي من قِبَلْ حركتي فتح و حماس ، ولا هو تحيّز لصالح الكتلة الإسلامية و إن كنا أبناءً لفكرتها و حماةً لها ، بل هو وصف لحالة واقع تجري حالياً دون أية انتباه من أهداب العيون البشرية التي ترى ما يحدث الآن في إطار المناكفات السياسية لاغير!
أجهزة الأمن الفلسطينية يا سادة تشارك الآن في مخطط لإخضاع الكتلة الإسلامية ضمن عدة بروتوكولات تفاوتَ تطبيقها بين النجاح و الفشل ، ولا عجب أن تسعى هذه الأجهزة في تطبيق هذه القواعد ؛ فهي ترى في الكتلة الإسلامية أحد الروافد الأساسية لجمهور حركة حماس في الضفة الغربية ... وهي على حق!
فالكتلة الإسلامية في جامعات الضفة الغربية تختلف عن جامعات قطاع غزة بأنها عامل استقطاب حقيقي لـ"طبقة الطلبة" والتي يدخل العدد الأكبر منهم وهو لا يحمل أي انحياز سياسي معين ثم يجد في الكتل الطلابية في الجامعات رافداً حقيقياً لتشكيل وعيه السياسي ؛ ونظراً للتميز الذي تقدمه الكتلة الإسلامية في تقديم برامجها النقابية – السياسية فإن التفوق يرجح غالباً إلى جانبها في الجامعات التي تقدم نموذجاً نزيهاً لانتخابات مجالس الطلبة.
البروتوكول الأول : اعتقال قادة الكتلة الإسلامية في كل جامعة.
تختلف الكتلة الإسلامية عن الشبيبة الطلابية بتميزها بالمركزية ووحدة القرار الذي يصدر عن قيادة واحدة موحدة تشكل نخبة أعضاء الكتلة الإسلامية الفاعلين ، ولذلك فإنَّ اعتقال هؤلاء القادة كفيل بأن يعطّل أو يؤخر عمل المؤسسة وخاصة إن تم ذلك مرة واحدة و بشكل جماعي.
ولا تكتفي أجهزة الأمن باعتقال القادة ؛ بل تقوم بإطلاقهم و إعادة اعتقالهم عدة مرات من أجل إشعارهم بأنهم تحت الملاحقة و الترويع دائماً بالتالي إضافة عائق جديد وهم على عواتقهم يؤثر بشكل مباشر على الإبداع الذي تتميز به الكتلة الإسلامية على ساحة الجامعة.
البروتوكول الثاني: ربط اعتقال قادة الكتلة الإسلامية بالحالة السياسية بعد الحسم في قطاع غزة.
إعلامياً ؛ تسعى حركة الشبيبة الطلابية - وهي بطبيعة الحال امتداد للأجهزة الأمنية في الجامعات الفلسطينية و كثرة من أفرادها يتلقون رواتب دورية ، ويعمل قسم آخر كمندوبين سريين يرفعون التقارير مقابل ثمن بخس جداً للتقرير الواحد (عشرين شاقلاً) – إلى ربط ما يحدث من ايذاء لأبناء الكتلة الإسلامية واعتقال قادتها بالوضع السياسي بعد حسم غزة العسكري وفقاً للقاعدة المعروفة "حسناً إنهم يستحقون ذلك" أو "لقد فعلوا ذلك أيضاً" ، بل إنَّها تحاول المزج بين القوة التنفيذية في غزة و أبناء الحركة الإسلامية في الضفة لتبرير اعتداءاتها أمام الجمهور الطلابي ولتوليد قناعة لديه بأن ما يحدث هو في إطار المناكفات المتبادلة وبالتالي تحميل المسؤولية على أحسن الأحوال للطرفين.
البروتوكول الثالث : السعي لتعطيل النشاطات الطلابية في الساحات الجامعية.
وهنا تسعى الشبيبة الطلابية إلى استصدار قرار من إدارة الجامعة تقضي بمنع النشاطات الطلابية ، القرار قد يتخذ بسهولة بمجرد خلق مشاكل مفتعلة مع الكتلة الإسلامية تتطور إلى عراك ومناكفات إعلامية تضطر الجامعة لإزالة وجع الرأس ومنع النشاطات كافة.
هذا القرار لا يؤثر على حركة الشبيبة والمصابة دائماً بداء ذبابة "التسي تسي" إلى ما قبل انتخابات مجلس الطلبة ؛ وإنما يؤثر على الكتلة الإسلامية التي غالباً ما يكون لها خطة نشاطات موزعة على العام الدراسي كله وهي أحد السبل للتفوق وإظهار الإبداع و بالتالي استمرار ديمومة المؤسسة عن طرق لجانها التي تعمل بشكل متعاضد ومتكاتف طيلة أيام السنة.
هذا ويذكر أن نشاطات الشبيبة المعتادة لا تحتاج أبداً إلى أية تحضير مسبق بل عادةً ما تسبق الفصول الدراسية بالتظاهر بالوقوف إلى جانب الطالب من الناحية المالية عن طريق إعلان الإضراب وتعليق الدوام دون التعاون مع الكتل الأخرى كنوع من تأدية الواجب الانتخابي.
البروتوكول الرابع: طمس تراث الكتلة الإسلامية.
وكأحدى الركائز في ضرب الكتلة الإسلامية تحاول الأجهزة الفتحاوية اقتحام مقرات الكتلة الإسلامية وسرقة أرشيفها ، وتأتي هذه المحاولات في إطار معرفة أكبر قدر من المعلومات عن الكتلة الإسلامية ومحاولة تقويضها واعتقال أركانها .
كما يهدف هذا الإجراء بشكل أساسي لتدمير النماذج التي تستفيد منها أجيال الكتلة الإسلامية القادمة في تقديم نشاطاتها بناءً على المثل "زرعوا فحصدنا ونزرع فيحصدون" ، وتقوم أجهزة الأمن بتصوير الأرشيف وحفظه.
لسوء حظ أجهزة الأمن أنَّ أرشيف الكتلة الإسلامية غالباً ما لايحمل أية أسماء أو دلالة على التراتبية المؤسسية لمؤسسة الكتلة الإسلامية ، وكل مافيه لا يعدو عن مئات التقارير و النماذج المتراكمة عن النشاطات ووصف عام لهيكلية الكتلة الإسلامية معروفة سلفاً ومنتشرة بين أفراد الجامعة.
ماذا بعد؟
تتعرض الكتلة الإسلامية في الضفة الغربية في هذه المرحلة إلى محنة شديدة تهدد بالتأثير عليها مستقبلاً وذلك من أجل إضعاف موقفها كقوة دافعة لجمهور الحركة الإسلامية.
إنَّ ذلك يتطلب من النخب في الكتل الإسلامية في الجامعات أن تستشعر هذا الخطر وتجد وبسرعة خطط بديلة لاستمرار النشاط و التواصل مع الجمهور الطلابي بشتى الطرق.
إنَّ التواصل مع الطلبة بشكل واسع و بكل الطرق الممكنة هو السبيل الأنجع في إفشال هذه البروتوكولات و الإبقاء على القاعدة الطلابية للكتلة الإسلامية راسخة ممتدة غير متضعضعة .
على النخب الإسلامية حقاً .... أن تعمل بجد ...
تعليق