إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ملف رمضان 1429هجرية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ملف رمضان 1429هجرية

    ننقل في هذا نسخة السنة الخامسة من ( حديث رمضان ) للكاتب جواد الهشلمون داعيا الله أن يرزقنا العلم النافع ان شاء الله

    حديث رمضان
    نسخة السنة الخامسة

    إعداد
    جواد عبد المحسن الهشلمون


    بسم الله الرحمن الرحيم


    [align=justify]أقدم هذا الجهد المقل للقارئ الكريم الذي خرجت به من خلال تطوافي في رياض الكتاب والسنة ن، ففتح الله علىّ بهذه الباقة من المفاهيم التي رأيت من الواجب عليّ أن القي المزيد من الضوء عليها ضاماً جهدي إلى جهد الذين سبقوني ، فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.

    إلى ولــدي ....

    أهديك أغلى ما أملك .. و أرجو أن تحافظ عليه حتى يصبح أغلى ما تملك ...

    هو ما لا يمكن أن تخسره ، وتحافظ عليه بحيث أنك لا تفقده ، ويبقى معك بل تبقى فيه ولا تغادره ...

    و أرجو الله عز وجل أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم و أن يمن علينا بالفتح المبين ، ولي على القارئ الكريم أن يدعو لي في ظهر الغيب.

    والله ولي التوفيق



    الدليل

    1. الدليل : من الفعل دَلَلَ وهو المعرفة والإهتداء كقولك دله على الطريق: هداه وعّرفه في قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً}الفرقان45 ؛ يعني أنّا هدينا العقول الى معرفةِ وجوده بأن اطلعنا الشمس فكانت دليلاً على وجود هذه النعمة.
    إن المهتدي يهتدي بالهادي والدليل ملازمه فكل من اراد الاهتداء احتاجَ الى هادٍ يهديه فكان الدليل هو الهادي والمُعرِّفْ فإذا لم يوجد الهادي ضل المهتدي وتاه وقد كان الرسل جميعاً هداةً لأقوامهم يدلونهم على الخير ويعرِّفونهم في قوله تعالى {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً }الإنسان 3 ، وقوله تعالى {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ }البلد10.
    فكان السؤال الذي يطرح نفسه هو كم عدد الأدلة التي يحتاجها الإنسانُ حتى يهتدي ويعرف الطريق..؟؟؟
    لقد قال العرب قديماً أن البعر يدل على البعير والأثر يدل على المسير بمعنى أنه لم يلزمهم إلا دليل واحد يدلهم على البعير والأثر دليل واحد يدلهم على المسير, فإذا كثرت الأدلة بعد وجود الدليل الأول فلا عبرةَ لكثرتها أو قلتها لحصول العلم والاهتداء بالدليل الأول وإنما تكون فائدة كثرتها طمأنينة النفس وسكون الصدر في قوله تعالى {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}البقرة259
    إن التصديق الجازم والذي يمكن أن يُتوصل بصحيح النظر فيه إلى العلم بمطلوب خبري والذي يتعلق بالعقيدة حول أن هذا الكون مخلوق لخالق أوجده من عدم وأن الرسول صلى الله عليه واله وسلم هو رسول الله وأن هذا القرآن من عند الله لا يحتاج لأكثر من دليل واحد يحصل العلم بصحيح النظر فيه بكون هذا الخلق له خالق وهكذا يُصارُ إلى ايجاد العقيدةِ عند من حصل له العلم.
    وفي حديث البخاري في صحيحه (3938) عن انس بن مالك أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم الرسول صلى الله عليه واله وسلم المدينة فأتاه يسأل عن أشياء فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهنّ إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟؟، وما أول طعام يأكله أهل الجنة ؟؟؟ وما بال الولد ينـزع إلى أبيه أو إلى أُمه ؟؟؟ قال أخبرني به جبريل آنفا, قال ابن سلام ذلك عده اليهود من الملائكة, قال: أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب, وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزبادة كبد الحوت, وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نَزَعَ الولد, وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد, قال أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله, قال يا رسول الله إن اليهود قوم بُهْت,فاسألهم عني قبل أن يعلموا بإسلامي, فجاءت اليهود فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم أي رجل عبد الله بن سلام فيكم..؟؟ قالوا خيرنا وابن خيرنا وأفضلنا و ابن أفضلنا, فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام , قالوا أعاذه الله من ذلك فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك,فخرج عليهم عبد الله بن سلام فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله, فقالوا: شرنا وابن شرنا وتنقصوه, قال هذا ما كنت أخاف يا رسول الله وصدق الله {وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ }البقرة89
    2. إن المسلم عندما يقرأ قول الحق سبحانه و تعالى {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }المائدة78 ، ويقرأ قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ }آل عمران118، لا يداخله شك في هذا مطلقاً ولا يحاول أن يفرق بين أهل كتاب وأهل كتاب ولا بين كافر وكافر ولا يلوي عنق النص لياً ليستخرج منه ما يوافق هواه أو ليثبت سماحة الإسلام ومسايرته للعصر, بل يأخذ ما يقرأ أخذاً عقائدياً لأنه دليل شرعي ولا يحتاج لهذا الأمر لأكثر من دليل واحد وعندما يقرأ قول الحق {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}فاطر6 ، يعلم ويدرك إدراكا عقائدياً أن الشيطان و أولياءه في النار ولا يحتاج في ذلك لأكثر من دليل وعداء الكفار للمسلمين ظاهر ولا يحتاج لأكثر من دليل.
    إن السحرةَ من قوم فرعونَ عندما جاءوا فرعون قالوا له { َفلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ{41} قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ{42}الشعراء 42 ، فقد وعدهم فرعون بالأجر والتقريب منه إن هم غلبوا موسى فشدوا أزرهم بقول فرعون و زادت همتهم وكذلك فرعون فقد شدّ أزره بالسحرة فقال لموسى {فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَاناً سُوًى }طه58 ، فأراد أن يتحدى موسى أمام الناس فرد عليه موسى {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى}طه59
    فكان الموقف موقف تحدٍ من فرعون والملأ والسحرةِ من جانب وموسى من جانبٍ آخر والناس مجتمعون ورأيهم غير ثابت يقول قائلهم {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ}الشعراء40, وفي خضم هذه الأحداث وضخامة الموقف يقول السحرة بتحدٍ واضح {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى }طه65 فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ{44} فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ{45} فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ{46} قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ{47} رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ{48} الشعراء .
    لم يحتج السحرة لأكثر من دليل واحدٍ ليهتدوا إلى الحق ويعلموه حتى امنوا ولو تمعَنا قليلاً بفاء الترتيب والتعقيب لعلمنا أن الأمر تم بسرعةٍ وتتابع فلم تعقد اجتماعات على مستوى القمة ولا على مستوى القاعدة بل حصل عندهم الإيمان { فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ{46} قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ{47}.
    لقد كانت الهزيمة شديدة على فرعون من فعل السحرةِ في هذا الموقف فأراد أن يعيد لنفسه هيبتها {قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ{49}، فأجابه السحرة باطمئنانٍ وإيمان وفي نفس الموقف {قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ{50} وفي موقف آخر أجابوه { قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا{72} إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى{73} إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى{74} وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى{75}
    هذا قولهم في موقف ايمانهم فقد حصل عندهم الدليل الدافع لهم ليصدعوا بالحق ويجهروا بقوله ولم يأبهوا لما سوف يفعل فرعون وهم أدرى بفعله بخصومه وضمن هذا السياق نرى أن حديثهم مع موسى لم يكن سوى بضع كلمات عندما آمنوا فقالوا {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ{47} رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ{48}، وأما كلامهم مع فرعون فقد كان أوضح وأصرح ويظهر فيه العزم والحزم رغم التهديد والوعيد.
    إن السحرة عندما آمنوا لم يطلبوا من موسى أكثر مما رأوا فلم يطلبوا تعليلاً ولا تفسيراً ولا تفسير التفاسير ولا شرحاً ولا شرحاً للشرح بل حملوا العقيدةَ ودافعوا عن عقيدتهم بمجرد حصول دليل واحدٍ عندهم.
    إن التسليم والانقياد هي من صفات المؤمن في قوله تعالى {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }النور51 ، وقوله تعالى { سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } ، وليس التشكيك والتشكل والمراء والمواربة والمهلة والإنتظار وتقليب الأمور وحساب الربح و الخسارة والنفع والضر بل هو طاعة واستسلام بغض النظر عن حسابات الدنيا وبريقها أو اخضاع الأفعال لمآلاتها.[/align]


    يتبع
جاري التحميل ..
X