ذو القرنين وتنمية الموارد البشرية
"ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً92 حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا93 قَالُوا يـذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِى الأَْرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدَّاً94 قَالَ مَا مَكَّنِّى فِيهِ رَبِّى خَيْرٌ فَأَعِينُونِى بِقُوَّة أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وبَيْنَهُمْ رَدْماً95 ءَاتُونِى زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ ءَاتُونِى أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً96 فَمَا اسْطَـعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطـعُوا لَهُ نَقْباً97 قَالَ هـذَا رَحْمَةٌ مِّنْ رَّبِّى فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّى جَعَلَهُ دَكَّآءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّى حَقَّاً98"تأتي هذه الآيات في سياق الحديث عن رحلة ذي القرنين التي طاف فيها الأرض من مشرقها إلى مغربها. وتتحدث هذه الآيات تحديداً عن إحدى محطات هذه الرحلة عندما بلغ ذو القرنين بين السدين فوجد قوماً لا يكادون يفقهون قولاً ،ومن الدلالات التي يوحيها هذا التعبير هو حالة الجهل البالغ الذي كانوا يعيشون فيه.وعندما رأوا ذا القرنين استنجدوا به وعرضوا عليه أن يجعلوا له خرجاً على أن يجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج سداً.فلم يكونوا يحسنون من أمور الحياة شيئاً.لذلك أرادوا أن يعطوا ذا القرنين ما لديهم من أموال مقابل أن يحميهم.ولعل شأنهم في ذلك مشابه لشأن العرب والمسلمين اليوم فهم يفرطوا بما لديهم من كنوز وأموال ومعادن وهي خام ويبيعونها للدول القوية بثمن بخس ويشترون من هذه الدول كل شيئ لأنهم لا ينتجون شيئاً فهم عالة على غيرهم .وكلمة خرجاً التي استعملها القرآن في هذا السياق معبرة عن المعنى أبلغ تعبير فهي توحي بإعطاء الشيئ الخام كما هو دون تصنيعه للاستفادة منه.لكن القائد المسلم ذا القرنين كان يدرك أنه صاحب رسالة في هذه الحياة وأن عليه أن يأخذ بيد هؤلاء الضعفاء ويؤهلهم ويستثمر قدراتهم وينمي نقاط القوة لديهم.وفي هذا مثل للدول القوية أن تكون مهمتها إعانة الضعفاء و تأهيلهم وليس استغلالهم واستعبادهم "ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل"وهذا هو المثل الذي ضربه القرآن لسلوك الدولة العظمى التي توجد في كل زمان.فما الذي فعله ذو القرنين لتنمية هؤلاء القوم الضعفاء الذين لا يكادون يفقهون قولاً.أدرك أنه لا بد أن يكون لديهم نقطة قوة فلا يوجد إنسان خالٍ من أي قدرة .والقدرة في حال هؤلاء القوم هي القدرة البدنية فأراد ذو القرنين أن يستثمر هذه القدرة لديهم بما يحولهم من عالةٍ ومستهلكين إلى منتجين.لذلك كان رده عليهم"فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً"وطلبه الإعانة منهم فيه تحريك لطاقاتهم وتفعيل لقدراتهم .ثم تأتي الآية اللاحقة لتؤكد هذا المقصد من ذي القرنين:" ءَاتُونِى زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ ءَاتُونِى أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً"،وأفعال الأمر المتتابعة(آتوني،انفخوا،آتوني أفرغ عليه قطراً)هي عملية تحريك قام بها ذو القرنين لطاقات هؤلاء القوم،ولما أتم البناء لم ينس أن ينسب الفضل إلى الله"قال هذا رحمة من ربي".
الدرس المستفاد من هذا المشهد هو أن من مهام القائد المسلم ان يحول رعيته من آخذين إلى معطين ومن مستهلكين إلى منتجين ومن متسولين إلى مستغنين.أو ما يعرف بمصطلحات اليوم الاهتمام بتنمية الموارد البشرية التي هي أعظم مورد يمكن لدولة ان تستثمره .فسبحان الله العظيم الذي جعل القرآن تبياناً لكل شيئ.
"ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً92 حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا93 قَالُوا يـذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِى الأَْرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدَّاً94 قَالَ مَا مَكَّنِّى فِيهِ رَبِّى خَيْرٌ فَأَعِينُونِى بِقُوَّة أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وبَيْنَهُمْ رَدْماً95 ءَاتُونِى زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ ءَاتُونِى أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً96 فَمَا اسْطَـعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطـعُوا لَهُ نَقْباً97 قَالَ هـذَا رَحْمَةٌ مِّنْ رَّبِّى فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّى جَعَلَهُ دَكَّآءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّى حَقَّاً98"تأتي هذه الآيات في سياق الحديث عن رحلة ذي القرنين التي طاف فيها الأرض من مشرقها إلى مغربها. وتتحدث هذه الآيات تحديداً عن إحدى محطات هذه الرحلة عندما بلغ ذو القرنين بين السدين فوجد قوماً لا يكادون يفقهون قولاً ،ومن الدلالات التي يوحيها هذا التعبير هو حالة الجهل البالغ الذي كانوا يعيشون فيه.وعندما رأوا ذا القرنين استنجدوا به وعرضوا عليه أن يجعلوا له خرجاً على أن يجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج سداً.فلم يكونوا يحسنون من أمور الحياة شيئاً.لذلك أرادوا أن يعطوا ذا القرنين ما لديهم من أموال مقابل أن يحميهم.ولعل شأنهم في ذلك مشابه لشأن العرب والمسلمين اليوم فهم يفرطوا بما لديهم من كنوز وأموال ومعادن وهي خام ويبيعونها للدول القوية بثمن بخس ويشترون من هذه الدول كل شيئ لأنهم لا ينتجون شيئاً فهم عالة على غيرهم .وكلمة خرجاً التي استعملها القرآن في هذا السياق معبرة عن المعنى أبلغ تعبير فهي توحي بإعطاء الشيئ الخام كما هو دون تصنيعه للاستفادة منه.لكن القائد المسلم ذا القرنين كان يدرك أنه صاحب رسالة في هذه الحياة وأن عليه أن يأخذ بيد هؤلاء الضعفاء ويؤهلهم ويستثمر قدراتهم وينمي نقاط القوة لديهم.وفي هذا مثل للدول القوية أن تكون مهمتها إعانة الضعفاء و تأهيلهم وليس استغلالهم واستعبادهم "ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل"وهذا هو المثل الذي ضربه القرآن لسلوك الدولة العظمى التي توجد في كل زمان.فما الذي فعله ذو القرنين لتنمية هؤلاء القوم الضعفاء الذين لا يكادون يفقهون قولاً.أدرك أنه لا بد أن يكون لديهم نقطة قوة فلا يوجد إنسان خالٍ من أي قدرة .والقدرة في حال هؤلاء القوم هي القدرة البدنية فأراد ذو القرنين أن يستثمر هذه القدرة لديهم بما يحولهم من عالةٍ ومستهلكين إلى منتجين.لذلك كان رده عليهم"فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً"وطلبه الإعانة منهم فيه تحريك لطاقاتهم وتفعيل لقدراتهم .ثم تأتي الآية اللاحقة لتؤكد هذا المقصد من ذي القرنين:" ءَاتُونِى زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ ءَاتُونِى أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً"،وأفعال الأمر المتتابعة(آتوني،انفخوا،آتوني أفرغ عليه قطراً)هي عملية تحريك قام بها ذو القرنين لطاقات هؤلاء القوم،ولما أتم البناء لم ينس أن ينسب الفضل إلى الله"قال هذا رحمة من ربي".
الدرس المستفاد من هذا المشهد هو أن من مهام القائد المسلم ان يحول رعيته من آخذين إلى معطين ومن مستهلكين إلى منتجين ومن متسولين إلى مستغنين.أو ما يعرف بمصطلحات اليوم الاهتمام بتنمية الموارد البشرية التي هي أعظم مورد يمكن لدولة ان تستثمره .فسبحان الله العظيم الذي جعل القرآن تبياناً لكل شيئ.
انتظروني في وقفات أخرى في زواية خواطر قرآنية
تعليق