يطرح مفهوم المقاومة - سياسيا - عندما تقع جغرافية وشعب ما تحت وطأة مفترس أجنبي يحاول مصادرة هذا الشعب وحقوقه الطبيعية على ارضه لنهب ثرواته وتحويله شيئا فشيئا الى تابع لمعادلة السيد الاقوى سياسيا وعسكريا واقتصاديا ليضاف هذا الشعب المغلوب على أمره وجغرافيته المستباحة الى مفردة سياسية او اقتصاد ية او عسكرية . . . يدّعم المحتل الاجنبي نفوذه الامبراطوري من خلالها لاستمرارية الزحف الاحتلالي لهذه القوى الامبراطورية .؟ وعندئذ تشعر هذه الامة بأنها أمة ستتحول الى أداة رخيصة وقن يجب عليه الخضوع والطاعة للسيد الاقوى ، وهنا وتحت هذا الشعور المؤلم تبرز روح المقاومة تدريجيا ومن الاضعف حتى الاقوى من منطلق الدفاع عن كينونة الامة الانسانية من جانب والدفاع عن الشعور بوجودها ككيان يجب ان يحترم ويعامل بنوع من البشرية التي ساواه الله والرب خالقها مع الاخر الاقوى او الاضعف .؟

ثم يتطور ويتكامل هذا الشعور حتى يصل الى حقيقة ادراك هذه الامة التي وقعت فريسة الاحتلال الاجنبي الى أن قوى الغزو والاحتلال والنهب سوف لن تقف عند حد معين في مسخ هويته ومسح ملامح شخصيته ليتسنى لها التاكد من اخضاعه تماما لمطالبها الاستغلالية ، ومن ثم اقرار واقع مزيف جديد يفترض عدم صلاحية هذه الامة لقيادة نفسها والتمتع بمواردها الطبيعية ، وحاجتها الى المحتل باعتباره . الوصي الاكثر امانة لادارة شؤون هذا الشعب وتللك الموارد الاقتصادية . . . .

اما عندما يط رح مفهوم المقاومة - فكريا - فعندما تتعرض أمة من الا مم او شعب من الشعوب الى محاولة تغييب وتغريب فكري وثقافي وتراثي ونفسي وروحي يستهدف من وراء هذه العملية او المحاولة أنسلاخ هذه الامة من واقعها الفكري والثقافي او العقائدي أو على أقل التقادير النظر الى محتواها العقائدي والفكري والثقافي والتراثي . . على أساس انه المحتوى الاكثر دونية او حقارة او الغير مستحق للاحترام والتقديس المطلوب . . . ومن ثم التفكير بتغيير الانتماء او البحث عن النموذج الاكثر بريقا عقائديا او فكريا او تراثيا . . في هذه الحال تبرز روح المقاومة الفكرية لهذا الامة المستهدفة بالغزو الثقافي لتعلن حقائق الحال : بانه لايوجد هناك ثقافة او فكرا او معتقدا . . . افضل من الاخر كما انه لايوجد تراثا اكثر بريقا من الاخر ، وانما العملية برمتها عملية سياسية تستخدم الادوات الفكرية أعلاميا لغزو الفكر وزعزعة النفوس وتهيئتها روحيا لتقبل الاحتلال او الاحلال او الغزو العسكري للسيطرة والهيمنه على مقدرات الامة وتحويلها الى مفردة نفعية فحسب .؟ وعندذاك يشعر المفكر المحلي والمثقف صاحب الاصالة ورجل الدين الشجاع والمنتمي لتراث أل امة بان مسؤوليته قد آن آوانها ، وانه مسؤول عن وجود أمة بكل مقدراتها الفكرية والعقائدية والسياسية والاقتصادية والانسانية . . . وانه مسؤول عن البحث وانشاء روح المقاومة الفكرية لهذه الامة ، من منطلق ان الفكر والثقافة والعقيدة والتراث . . . هو البوابة الموصدة والتي تقف عائقا بوجه الاطماع السياسية الخارجية والتي تحاول دائما البحث في شتى الوسائل لتهيئة الارضية او المقدمات الفكرية والنفسية والروحية لزحفه المصيري على الاخر المستعد للسقوط أمام محاولاته التوسعية .؟

أما عندما يطرح مفهوم المقاومة - طبيا - فعندما يتعرض كيان الانسان المادي والروحي الى هجوم مكروبي خارجي يهدد معادلة الانسان الجسدية والنفسية المنتظمة بنوع من الكسر لهذا الانتظام الجسدي والروحي ، ومحاولة خلخلة برامجه وقوانينه الصحية .؟

وعند هذا تنتفض كل خلايا الانسان الدفاعية للمقاومة ، ولا تهدأ حركتها واضطرابها الطبيعي حتى أزالة هذا المكروب الدخيل ، واستعادة نشاط وبرامج الجسم الطبيعية ، وذالك اما بطرد هذا المكروب ، أو بالقضاء عليه نهائيا ليتعافي الكائن الانساني ويست عيد ممارسته الصحية .؟

وهكذا في كل منحى من مناح ي الحياة الانسانية ، وهي تلتقي بمفهوم ( المقاومة ) على المستوى الاقتصادي والعقائدي والاجتماعي والنفسي والفردي والاجتماعي . والسياسي . . . . . . . الخ

ومن هذا المنطلق يكون مفهوم ( المقاومة ) مفهوما يدخل ويقتحم كل المفردات الانسانية ، وليس مفهوما مقزما بأطار معين من الحياة البشرية وغير البشرية ، فالحيوان والنبات . . . ايضا مخلوقات من جانب وآخر تمارس عملية المقاومة في نموها وحياتها التقليدية ،ومن ثم ليوصلنا نظام الكون برمته الى حقيقة مفادها : ان المقاومة جزء لا يتجزا من فطرة القوانين الكونية والانسانية ، وسنة من سنن وقوانين الحياة التاريخية.؟ كما ان مفهوم المقاومة مفهوما يحمل مسؤوليته طيف من التنوعات الفكرية والعقائدية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية . . . . ليشتركوا جميعا بمصداق مفهوم المقاومة ، بعد ان يدرك الجميع ان مفهوم المقاومة هو مشروع ( حماية ) طبيعية تستهدف حماية ألامة والارض والخبز والكرامة الانسانية . . . من مطامع القوى الخارجية .(منقول)