إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفوضى الخلاقة" تخلت عن التقية فكشفت عن وجهها القبيح

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفوضى الخلاقة" تخلت عن التقية فكشفت عن وجهها القبيح

    الفوضى الخلاقة" تخلت عن التقية فكشفت عن وجهها القبيح

    سعود بن عبد الله المعيقلي


    قال وزير الدفاع الأسترالي برندان نلسون "إن سبب اشتراك استراليا في غزو العراق هو البترول العراقي، وهو سبب بقاء الجيش الأسترالي فيه إلى الآن رغم كثرة الاعتراضات". وأضاف "إن هدف الحصول على النفط يتعدى العراق ليشمل منطقة الشرق الأوسط كلها باعتبارها مصدر الطاقة والنفط لبقية العالم".

    يحمل هذا التصريح الأول من نوعه علنا والمعروف مضمونه ضرورة، نفس المعاني التي تحملها تصريحات وطلبات علنية أخرى ظهرت في الآونة الأخيرة، كإعلان إسرائيل وأمريكا عن دعمهما العسكري والمادي لحركة فتح ضد حركة حماس، وطلب إسرائيل من مصر والأردن علنا المساهمة في الحفاظ على أمنها بإطباق الخناق على حماس في غزة، مما دفع مصر إلى حشر حوالي ستة آلاف فلسطيني في معبر رفح مانعة إياهم من العبور إلى غزة في ظل ظروف إنسانية مزرية.

    مثل هذه الإملاءات العلنية المباشرة حدثت لأننا قد بلغنا من الضعف والهوان درجة تجعلنا مؤهلين بما يكفي لتقبل الوجه القبيح للسياسات الغربية تجاهنا دون أن ننبس ببنت شفة. فلا جديد في هذه التصريحات والطلبات يمكن أن يُضاف إلى معلوماتنا السابقة، إلا أنها كسرت حاجز التقية الحديدي الذي فرضه الغرب حول حقيقة ما جعله يأتي إلينا بخيله ورجله.

    الحقيقة أننا قد فقدنا احترام العالم .... كيف ؟

    تقول دراسات نفطية مختلفة ما يلي : احتياط العالم من النفط يبلغ 1.2 تريليون برميل، يوجد حوالي 65% منها في الخليج والعراق وإيران ... سيرتفع استهلاك العالم النفطي من 75 مليون برميل يوميا إلى حوالي 120 مليون برميل في عام 2020م، بينما سيبقى حال مصادر النفط كما هي، أي أنها ستكون عاجزة عن تغطية هذه الزيادة الرهيبة ... معظم مصادر الطاقة سينضب خلال العقدين أو الثلاثة عقود القادمة ولن يتبقى إلا هذه المنطقة كمصدر شبه وحيد لطاقة العالم ... الولايات المتحدة ذاتها سيزيد استهلاكها خلال العشر سنوات المقبلة من حوالي 15 مليون برميل يوميا إلى حوالي 42 مليون برميل ... احتياطات العراق منفردا من النفط تتراوح من 120 مليار برميل إلى 220 مليار برميل.

    وبالنظر إلى نتائج هذه الدراسات مجتمعة فإن المرء ليس بحاجة لأن يكون خبيرا اقتصاديا ليستنتج أن قلة المعروض من النفط أمام كمية الطلب الهائلة، سيقفز بأسعار النفط إلى أرقام فلكية، أو أن يكون خبيرا استراتيجيا ليستنتج أن حصر مصادر النفط في منطقة معينة يعني أن من يتحكم فيها سيؤمن حاجته من الطاقة أولا، وسيسيطر على العالم ثانيا.

    بعد هذا كله، لم يكن المُستغرب إذاً هو تواجد الدولة العظمى الوحيدة في العالم وحلفاءها في المنطقة بشكل مكثف، بل عدم تواجدها هو المستغرب. فجاء احتلال العراق ذو الموقع الإستراتيجي وحل جيشه كخطوات أولى في مخطط كبير وطويل الأمد يسمونه "الفوضى الخلاقة، ليدخل العراق في دوامة مظلمة من الفوضى القابلة للتصدير إلى من حوله.

    الغريب في الأمر أن معظم المفكرين والإستراتيجيين العرب يعتبرون قرار حل الجيش العراقي خطأً إستراتيجيا، بينما هو في حقيقته خطوة إستراتيجية هامة في مخطط "الفوضى الخلاقة"، وفي تأمين إسرائيل من أكبر خطر كانت تعتبر أنه يهدد بقاءها، ولا أدل على ذلك من احتفالات إسرائيل الكبيرة بهذا القرار.

    "الفوضى الخلاقة" تهدف إلى فك دول المنطقة بإدخالها في حروب أهلية وإقليمية عن طريق إيقاظ الفتن المذهبية للوقيعة بين السنة والشيعة سواء على مستوى الدول أو الشعب الواحد. وكذلك عن طريق إيقاظ النعرات القومية كالفارسية مقابل العربية والكردية مقابل العربية. أضف إلى ذلك، تحفيز الأقليات عموما كي تطالب بحقوقها المسلوبة على حد زعمهم، ودعم الليبرالية والعلمانية وتحريكها لفك عُرى المجتمعات العربية المحافظة.

    وبعد أن تؤتي كل هذه السُبل التفكيكية أُكلها كامل غير منقوص، يأتي دور المرحلة الثانية من مخطط "الفوضى الخلاقة" المتمثل في إعادة تركيب دول المنطقة حسب ما تقتضيه مصالح الدول الغربية وأمن إسرائيل.

    الهدف من هذه الخطة التي قد يستغرق تنفيذها سنوات طويلة هو أن تقسيم "سايكس بيكو" لم يعد يناسبهم حاليا، فمازال هناك مَن يستطيع أن يهدد أمن إسرائيل، ومَن يستطيع أن يتحكم فيهم نوعا ما من خلال سيطرته على مصادر الطاقة. لذا كان لابد من تقسيم جديد يفتت المفتت ويفكك المفكك من دول ومجتمعات المنطقة وتحويلها إلى شبه محميات صغيرة مغلقة، فاقدة لأي قدرة على حماية نفطها وتهديد أمن إسرائيل.

    الدول العربية في مواجهة "الفوضى الخلاقة" :

    تنفيذا لهذا المخطط الرهيب نرى الحرائق المفتعلة على أيدي الغرب مباشرة أو على أيدي عملائهم من خونة الأوطان، تجتاح الوطن العربي. ولا نرى جامعة الدول العربية تُحرك ساكنا وكأن الأمر لا يعنيها من قريب أو من بعيد. حتى وإن حدث وتدخلت، فغالبا ما تكون تدخلاتها فاشلة. وإن قدمت حلولا، فغالبا ما تكون حلولها ترقيعية لا جذرية، كمن يحاول إيقاف سيل عرمرم بكومة من تراب.

    فمن فلسطين، إلى لبنان، إلى العراق، سجلت الجامعة العربية فشلا ذريعا. فلا هي استطاعت أن تقف في وجه خطط المحتل التي أشرنا إليها. ولا هي استطاعت حتى إصلاح ذات البين بين أخوة يتحاربون على وهم. ومن المؤسف أن نقول أن هؤلاء الأخوة الأعداء يساهمون بفعالية كبيرة في إنجاح تلك المخططات، من حيث يعلمون أو لا يعلمون، وسيأتي عليهم يوم يقولون فيه أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض.

    حتى وإن حدثت محاولات جادة لإصلاح ذات البين كالتي قامت بها السعودية بين الفلسطينيين أو اللبنانيين أو العراقيين، رأيت عملاء "الفوضى الخلاقة" يتآمرون مع الغرب لإفشال تلك المحاولات، فهي لا تتناسب مع المخطط "الصهيو أمريكي" جملة وتفصيلا. فمن مصلحتهم أن تبقى الأوضاع متأججة لا تهدأ أبدا حتى تسود الفوضى جميع دول المنطقة.

    سوريا يلوح لها في الأفق سيناريو مرعب جدا، يتمثل في السيف الذي وضعته "الفوضى الخلاقة" على رقبتها، حاملا قرار مجلس الأمن رقم 1757 القاضي بإقرار المحكمة الدولية لمحاكمة المشتبه بهم في اغتيال رفيق الحريري تحت الفصل السابع. ورغم إدانتنا الشديدة لاغتيال الحريري، فإن ذلك لا يخول لأولياء الدم بأن يسمحوا للدول الكبرى بأن تتخذ من قميص أبيهم ذريعة للمضي قدما في تدمير دولة عربية وقتل شعبها. نقول هذا رغم تأكدنا من أنهم إلم يجدوا هذا السبب فسيختلقوا غيره لا محالة. ولكن كان الجدير بحكومة السنيورة أن تنأى بنفسها عن مخطط كهذا، وأن تبحث عن بدائل أخرى.

    أما السودان والصومال فكان لهما نصيبهما من "الفوضى الخلاقة". فالسودان مساحته الزراعية شاسعة حتى أنه سُمي "سلة غذاء العرب"، ويحتوي على ثروات معدنية هائلة. كما أنه يُعتبر جبهة خلفية لمصر التي قد تهدد أمن إسرائيل. لذا كان قرار تقسيمه وحزمه بالقوات الدولية جنوبا وشرقا بالحجج الواهية المعروفة، لتحقيق هدفين: أولهما، ضمان سيطرة الغرب على خيرات السودان وبالتالي حرمان العرب من سلة غذائهم. وثانيهما، حصار مصر لتأمين إسرائيل. ورغم ما يمثله ذلك من تهديد صريح لأمن مصر المائي والقومي إلا أنها تعاملت مع الأمر وكأنه لا يعنيها، أو كأن السودان من كوكب آخر.

    كان أكبر الغائبين عن المشكلة السودانية والصومالية هي الجامعة العربية، ففي الوقت الذي نرى فيه مختلف الدول والمنظمات العالمية تتدخل فيهما كل حسب أجندته، لا نجد أي أثر لجامعتنا العربية. المفارقة العجيبة أنه عندما دخلت أثيوبيا الصومال بمضلة أمريكية أدان الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ذلك، بينما لم نسمع صوتا لجامعة العرب.

    فأي احترام نريد بعد هذا !!
جاري التحميل ..
X