إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)
وما تستقيم الحياة البشرية على منهج الله الرفيع ما لم تتحقق هذه الكلية في تصور البشر . وما لم تطمئن قلوبهم إلى أن جزاءهم على الأرض ليس هو نصيبهم الأخير . وما لم يثق الفرد المحدود العمر بأن له حياة أخرى تستحق أن يجاهد لها , وأن يضحي لنصرة الحق والخير معتمدا على العوض الذي يلقاه فيها . .
وما يستوي المؤمنون بالآخرة والمنكرون لها في شعور ولا خلق ولا سلوك ولا عمل . فهما صنفان مختلفان من الخلق . وطبيعتان متميزتان لا تلتقيان في الأرض في عمل ولا تلتقيان في الآخرة في جزاء . . وهذا هو مفرق الطريق . .
الفاتحة(إياك نعبد وإياك نستعين):5
(إياك نعبد وإياك نستعين). . وهذه هي الكلية الاعتقادية التي تنشأ عن الكليات السابقة في السورة . فلا عبادة إلا لله , ولا استعانة إلا بالله .
وهنا كذلك مفرق طريق . . مفرق طريق بين التحرر المطلق من كل عبودية , وبين العبودية المطلقة للعبيد ! وهذه الكلية تعلن ميلاد التحرر البشري الكامل الشامل . التحرر من عبودية الأوهام . والتحرر من عبودية النظم , والتحرر من عبودية الأوضاع . وإذا كان الله وحده هو الذي يعبد , والله وحده هو الذي يستعان , فقد تخلص الضمير البشري من استذلال النظم والأوضاع والأشخاص , كما تخلص من استذلال الأساطير والأوهام والخرافات . .
وهنا يعرض موقف المسلم من القوى الإنسانية , ومن القوى الطبيعية . .
فأما القوى الإنسانية - بالقياس إلى المسلم - فهي نوعان:قوة مهتدية , تؤمن بالله , وتتبع منهج الله . . . وهذه يجب أن يؤازرها , ويتعاون معها على الخير والحق والصلاح . . وقوة ضالة لا تتصل بالله ولا تتبع منهجه . وهذه يجب أن يحاربها ويكافحها ويغير عليها .
ولا يهولن المسلم أن تكون هذه القوة الضالة ضخمة أو عاتية . فهي بضلالها عن مصدرها الأول - قوة الله - تفقد قوتها الحقيقة . تفقد الغذاء الدائم الذي يحفظ لها طاقتها . وذلك كما ينفصل جرم ضخم من نجم ملتهب , فما يلبث أن ينطفيء ويبرد ويفقد ناره ونوره , مهما كانت كتلته من الضخامة . على حين تبقى لأية ذرة متصلة بمصدرها المشع قوتها وحرارتها ونورها: (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله). . غلبتها باتصالها بمصدر القوة الأول , وباستمدادها من النبع الواحد للقوة وللعزة جميعا .
وأما القوى الطبيعية فموقف المسلم منها هو موقف التعرف والصداقة , لا موقف التخوف والعداء . ذلك أن قوة الإنسان وقوة الطبيعة صادرتان عن إرادة الله ومشيئته , محكومتان بإرادة الله ومشيئته , متناسقتان متعاونتان في الحركة والاتجاه .
إن عقيدة المسلم توحي إليه أن الله ربه قد خلق هذه القوى كلها لتكون له صديقا مساعدا متعاونا ; وأن سبيله إلى كسب هذه الصداقة أن يتأمل فيها . ويتعرف إليها , ويتعاون وإياها , ويتجه معها إلى الله ربه وربها . وإذا كانت هذه القوى تؤذيه أحيانا , فإنما تؤذيه لأنه لم يتدبرها ولم يتعرف إليها , ولم يهتد إلى الناموس الذي يسيرها .
ولقد درج الغربيون - ورثة الجاهلية الرومانية - على التعبير عن استخدام قوى الطبيعة بقولهم:"قهر الطبيعة " . . ولهذا التعبير دلالته الظاهرة على نظرة الجاهلية المقطوعة الصلة بالله , وبروح الكون المستجيب لله . فأما المسلم الموصول القلب بربه الرحمن الرحيم , الموصول الروح بروح هذا الوجود المسبحة لله رب العالمين . .
وما تستقيم الحياة البشرية على منهج الله الرفيع ما لم تتحقق هذه الكلية في تصور البشر . وما لم تطمئن قلوبهم إلى أن جزاءهم على الأرض ليس هو نصيبهم الأخير . وما لم يثق الفرد المحدود العمر بأن له حياة أخرى تستحق أن يجاهد لها , وأن يضحي لنصرة الحق والخير معتمدا على العوض الذي يلقاه فيها . .
وما يستوي المؤمنون بالآخرة والمنكرون لها في شعور ولا خلق ولا سلوك ولا عمل . فهما صنفان مختلفان من الخلق . وطبيعتان متميزتان لا تلتقيان في الأرض في عمل ولا تلتقيان في الآخرة في جزاء . . وهذا هو مفرق الطريق . .
الفاتحة(إياك نعبد وإياك نستعين):5
(إياك نعبد وإياك نستعين). . وهذه هي الكلية الاعتقادية التي تنشأ عن الكليات السابقة في السورة . فلا عبادة إلا لله , ولا استعانة إلا بالله .
وهنا كذلك مفرق طريق . . مفرق طريق بين التحرر المطلق من كل عبودية , وبين العبودية المطلقة للعبيد ! وهذه الكلية تعلن ميلاد التحرر البشري الكامل الشامل . التحرر من عبودية الأوهام . والتحرر من عبودية النظم , والتحرر من عبودية الأوضاع . وإذا كان الله وحده هو الذي يعبد , والله وحده هو الذي يستعان , فقد تخلص الضمير البشري من استذلال النظم والأوضاع والأشخاص , كما تخلص من استذلال الأساطير والأوهام والخرافات . .
وهنا يعرض موقف المسلم من القوى الإنسانية , ومن القوى الطبيعية . .
فأما القوى الإنسانية - بالقياس إلى المسلم - فهي نوعان:قوة مهتدية , تؤمن بالله , وتتبع منهج الله . . . وهذه يجب أن يؤازرها , ويتعاون معها على الخير والحق والصلاح . . وقوة ضالة لا تتصل بالله ولا تتبع منهجه . وهذه يجب أن يحاربها ويكافحها ويغير عليها .
ولا يهولن المسلم أن تكون هذه القوة الضالة ضخمة أو عاتية . فهي بضلالها عن مصدرها الأول - قوة الله - تفقد قوتها الحقيقة . تفقد الغذاء الدائم الذي يحفظ لها طاقتها . وذلك كما ينفصل جرم ضخم من نجم ملتهب , فما يلبث أن ينطفيء ويبرد ويفقد ناره ونوره , مهما كانت كتلته من الضخامة . على حين تبقى لأية ذرة متصلة بمصدرها المشع قوتها وحرارتها ونورها: (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله). . غلبتها باتصالها بمصدر القوة الأول , وباستمدادها من النبع الواحد للقوة وللعزة جميعا .
وأما القوى الطبيعية فموقف المسلم منها هو موقف التعرف والصداقة , لا موقف التخوف والعداء . ذلك أن قوة الإنسان وقوة الطبيعة صادرتان عن إرادة الله ومشيئته , محكومتان بإرادة الله ومشيئته , متناسقتان متعاونتان في الحركة والاتجاه .
إن عقيدة المسلم توحي إليه أن الله ربه قد خلق هذه القوى كلها لتكون له صديقا مساعدا متعاونا ; وأن سبيله إلى كسب هذه الصداقة أن يتأمل فيها . ويتعرف إليها , ويتعاون وإياها , ويتجه معها إلى الله ربه وربها . وإذا كانت هذه القوى تؤذيه أحيانا , فإنما تؤذيه لأنه لم يتدبرها ولم يتعرف إليها , ولم يهتد إلى الناموس الذي يسيرها .
ولقد درج الغربيون - ورثة الجاهلية الرومانية - على التعبير عن استخدام قوى الطبيعة بقولهم:"قهر الطبيعة " . . ولهذا التعبير دلالته الظاهرة على نظرة الجاهلية المقطوعة الصلة بالله , وبروح الكون المستجيب لله . فأما المسلم الموصول القلب بربه الرحمن الرحيم , الموصول الروح بروح هذا الوجود المسبحة لله رب العالمين . .
تعليق