إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ماذا نعني بتطبيق الشريعة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ماذا نعني بتطبيق الشريعة

    ماذا نعني بتطبيق الشريعة؟


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والتسليم أما بعد.....
    هذا المقال هو محاولة للرد على سؤال "ماذا نعني بتطبيق الشريعة" وسؤال" ما هو معنى شعار" الإسلام هو الحل" كما أنني أطرح تصور الإسلاميين لهذا المعني أثناء التطبيق العملي إذا وصلوا إلى الحكومة كما هو الحال مع حركة حماس.
    ولقد أثيرت هذه الأسئلة بشدة"ماذا نعني بتطبيق الشريعة" و "معنى شعار الإسلام هو الحل" أثناء الإنتخابات البرلمانية السابقة في مصر وأعيدت إثارتها أثناء الإنتخابات الفلسطينية خصوصا بعد الفوز الكبير لحركة حماس في الإنتخابات ,والحقيقة أن الإجابة على هذا السؤال من الناشطين الإسلاميين كانت دائما تأتي في سياق الدفاع وكان في الغالب يرد على أسئلة المتهكمين والساخرين فكانت غالبا تأتي في هذا السياق مهملة بشكل كبير الشريحة التي تريد فعلا الإجابة على هذه التساؤلات ...ومقالي هذا هو الرد على شريحة المتسائلين تساؤلا حقيقيا ممن أثر عليهم الإعلام العلماني أو ممن يريد بالفعل معرفة الإجابة سواء كان من محبي التيار الإسلامي أو المنتمين له كما يرد أيضا هذا المقال على شريحة المتهكمين والساخرين من موقع الهجوم لا من موقع الدفاع.
    ماذا تعنون بتطبيق الشريعة؟هل تعنون إقامة الحدود؟هل تريدون قطع يد السارق؟أم تراكم ستلغون السيارات لتصبح الجمال هي وسيلة المواصلات؟هل ستفرضون اللحى والجلباب؟هل ستفرضون الحجاب؟ما هو الحل الإسلامي لمشكلة البطالة ومشكلة أنفلونزا الطيور؟ماذا تعنون بشعار الإسلام هو الحل؟ما هو الفرق بينكم وبين أنظمة الحكم الحالية فهي تقول أنهم يطبقون الشريعة أيضا؟....هذا نموذج بسيط للأسئلة التي طرحت وتطرح على كل من رفع ويرفع شعار الإسلام هو الحل وينادي بتطبيق الشريعة ,بعضها أسئلة ملحة والبعض الآخر تهكمي الغرض منه الاستهزاء والسخرية ولكني سأجيب عن جميع الأسئلة بما يجعل المتسائل بعد ذلك عن نفس السؤال إما جاهل بهذا المقال أو حاقد على الإسلاميين .
    ما معنى تطبيق الشريعة؟لكي نجيب على هذا السؤال يجب أن نعلم أولا ما هي الشريعة وماذا يعني تطبيق؟أجيب أولا: الشريعة... ماذا تعني الشريعة الإسلامية؟أقول لكم أن الشريعة الإسلامية لا تختلف إطلاقا عن أي تشريع موجود في أي مكان في العالم في أنها مجموعة من القواعد والأسس التي تشرح للناس وتشرع لهم طريقة حياتهم وتحدد المباح وغير المباح وحقوق الأفراد في المجتمع والحقوق التي عليهم له , ولا تختلف الشريعة الإسلامية من الناحية الفهمية في غير أن الشريعة الإسلامية تم وضع أسسها العامة وقواعدها الأساسية بواسطة المولى عز وجل ونقلها عنه وصاغها لنا في شكلها البشري رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ,هذا ما نؤمن به نحن المسلمون ,ومعنى أن هذه القواعد هي قواعد ربانية فإنها بطبيعة الحال غير قابلة للتبديل أو التغير ,وأريد أن أشدد ثانيا على لفظ الأسس العامة والقواعد الأساسية لأن هذا المعني سنسترجعه بعد قليل......هذا ما نعنيه بالشريعة فماذا نعني بالتطبيق؟التطبيق هو وضع أسس وقواعد أي تشريع في إطار عملي وبناء جميع القواعد والأسس الفرعية الأخرى استنادا على هذا التشريع بحيث أنه لا يقبل أي أساس أو تشريع فرعي يتعارض مع القواعد والأسس الرئيسة التي ينص عليها هذا التشريع ,هذا هو التطبيق ,فعندما نقول أو ننادي بتطبيق الشريعة الإسلامية فإننا ننادي ونطلب وضع القواعد والأسس الرئيسية التي نص عليها الإسلام في موضوع التنفيذ العملي وفي أن نجعلها هي المرجعية التي نرجع إليها في أي قاعدة فرعية,وهذا هو أيضا معنى الإسلام هو الحل ......فالإسلام هو الحل أي أن قواعد الإسلام الرئيسية هي الحل في حال جعلناها هي الأساس والمرجعية لكل مشاكل وقضايا الحياة....إذن فتطبيق الشريعة الإسلامية ليس معناه تطبيق الحدود......إذ أن الحدود هي جزء وجزء صغير جدا في نظام التشريع الإسلامي ككل ولا تطبق الحدود أبدا بمفردها وإنما تطبق في النظام الإسلامي الشامل الذي يضمن أن لا يظلم أحد بسببها لأن تطبيق الحدود في سياق منفرد ودون أن تكون في ظل نظام الشريعة الإسلامية الكامل لهو ظلم بين وجور فادح على المجتمع يحاسب عليه الحاكم بأشد أنواع الحساب.
    نأتي إلى نقطة هامة أثارت لغطا كثيرا بين العامة وحاول بها العلمانيون كثيرا البلبلة على دعاة الحل الإسلامي إذ تسائلوا بخبث:حسنا تريدون الحل الإسلامي وترفعون شعار الإسلام هو الحل فما هو الحل في الإسلام لمشكلة البطالة أو مشكلة الاقتصاد أو مشكلة أنفلونزا الطيور؟أجيب ببساطة شديدة أن الحل في الإسلام لمشكلة البطالة مثلا هي أن نأتي بالخبراء والمتخصصين ليضعوا لنا خطة عمل مبنية على دراسات ميدانية سليمة لحل هذا المشكلة وتبدأ الدولة في تنفيذها بمجرد الإتفاق عليها وقد يتساءل أحدكم باندهاش إذا وما الجديد عندكم؟ هذا هو الحل العصري لأي مشكلة في الدنيا ,هذا الاندهاش يأتي لعدم استيعاب معني تطبيق الشريعة الذي شرحته منذ قليل.....لقد قلنا أن الشريعة هي "القواعد" و" الأسس" الرئيسية التي توضع في حيز التنفيذ لتكون هي"المرجعية" لأي قاعدة فرعية فعندما قلنا القواعد والأسس الرئيسية لأن الإسلام عندما شرع للناس حياتهم شرعها لتظل قابلة للتطبيق إلى يوم القيامة ,لذلك فقد وضع الأسس والقواعد الرئيسية ثم ترك للناس التفكير والإبداع في التفاصيل ما دام لا يتعارض مع القواعد والأسس الرئيسية وإن مبدأ أن يترك الناس لتسيير أمور حياتهم لهو مبدأ أصيل في الشريعة لأنه بدون هذا المبدأ تكون الشريعة غير قابلة للتطبيق في أي مكان وزمان,فلو جاء مثلا الإسلام وحدد قواعد المرور بأنه يجب أن يكون الجمل والحصان هما وسيلتا المواصلات لأصبح الإسلام قاصرا عن التطبيق في غير زمن الجمال والأحصنة ,إن الفرق بين الشريعة الإسلامية وغيرها من التشريعات أنه توجد في الشريعة الإسلامية مجموعة من القواعد والأسس التي لا يمكن أن تتغير بأي حال من الأحوال ,بينما قواعد وأسس كل الشرائع الأخرى قابلة للتعديل والتبديل بحب هوى الناس الموجودين في هذا الوقت وطبعا ما دام الناس هم واضعو هذه الأسس فهي دائما ناقصة ودائما زمنية تبعا لقدرة وفكر الإنسان الذي وضعها الذي يظل محدودا مهما بلغ ذكائه وعبقريته,وهذا هو الإعجاز في شريعتنا التي وضعت الأسس وقالت هذه الأسس والقواعد لا تحد عنها ثم افعل بعد ذلك ما شئت ,فلو عدنا لسؤال البطالة وجاءنا المتخصصون والخبراء وقالو لنا أن حل مشكلة البطالة يجب أن يتضمن السماح بصناعة وتجارة الخمور أأتي أنا وأقول له هنا يجب أن تقف لأن الشريعة عندي تقول أن الخمر حرام صناعتها وتجارتها وشربها لذلك فكر في حل آخر بينما تأتي الشرائع الأخرى وتقول حسنا سنسمح بصناعة وتجارة الخمر حتى نحل مشكلة البطالة ثم يعرضون الأمر على الشعب فيوافق الشعب ثم تمر السنين وإذا هم يفاجئون بكارثة جلبتها الخمر :انتشر الفشل الكبدي,وفيات السكر والحوادث بسببه تصاعدت,الاعتداء على النساء زاد أضعافا,إنتاجية الناس قلت,وإذا بهم كي يحلو مشكلة واحدة سقطوا في دوامة مشاكل ,إن المولى عز وجل أحبائي قد رحمنا من التجربة وحدد لنا منذ البداية أن الخمر حرام لذا عندما نرفض حل مشكلة البطالة بالسماح للخمر نكون قد وفرنا على الأمة الكثير والكثير من المشاكل والكوارث التي سيجلبها الخمر معه,أما إذا جاء الخبراء والمختصون وقالو إن عندنا إمكانية لزراعة الزيتون وعصره وهي غير مستغلة أجد أن الزيتون وزيته حلال لذا عندما أوافق على هذا الحل أكون قد حللت المشكلة حلا إسلاميا ونستطيع أن نقيس هذا المثال على عشرات الأمثلة غيره فعند حلى لمشكلة المرور بإقامة كوبري هنا أو نفقا هناك أو إشارة مرور هنا وشق طريق هناك كلها سكت عنها الإسلام لأن الحل عند الخبراء والمهندسين ومادام شق الطرق وإقامة الكباري لا تتعارض مع القواعد الأساسية في الشريعة إذا فليفعل الخبراء ما يرونه ملائما في هذا المجال ولهم مطلق الحرية في اتخاذ الحلول اللازمة.
    ثم تساؤل آخر يوجه :هل تريدون دولة دينية؟والحقيقة أنا لا أفهم هذا السؤال إطلاقا عندما يوجه لنا نحن المسلمون ,فهذا المصطلح أطلق على الممالك المسيحية في القرون الوسطى عندما كان رأي البابا هو الفيصل في كل الأمور حتى لو تعارض مع رأي الخبراء أو مصلحة الشعب وكان لا يستطيع أي ملك اتخاذ قراره إلا بمباركة البابا وهذا الأمر يرفضه الإسلام جملة وتفصيلا فقد كرمنا الله بالعقل وأنزل لنا القواعد التي نسير عليها ولم يجعل بيننا وبينه واسطة كما هوا الحال في النصرانية ,فمثلا لو جاء شيخ الأزهر إلى موقع لبناء كوبري وقال للدولة إن هذا الكوبري لا يعجني أزيلوه فلا يكون رد الدولة إلا أن هذا ليس من اختصاصك يا شيخ الأزهر بل هو اختصاص مهندسي الطرق أما إذا قال إن هذا الكوبري سينبش قبر صحابي أو أنه سيشرد بعض الأسر وأن هذا الأمر يحرمه الإسلام فإننا نقول له أننا سنبحث عن بديل وإن كانت ضرورية الكوبري لا تبيح المحظور فإننا نتوقف عن بناء الكوبري فورا لأنه حرام وليس لأن شيخ الأزهر أراد ذلك وهذا المعنى فهمناه نحن المسلمون منذ نشأة الإسلام الأولى وهو أن الدولة عندنا مدنية بمرجعية إسلامية وليست دينية كما كان الحال في أوروبا القرون الوسطى.
    ثم أمر آخر وهو : هل سنفرض اللحى والجلباب والحجاب؟هل سنضرب الناس كي تصلي؟هل سنمنع التلفزيون ؟ أقول أن سنة التدرج هي سنة كونية وإسلامية ,فإذا كانت بعض الأمور الأساسية في الإسلام قد انتهكت مثل الحجاب وترك الصلاة من قبل كثير من الناس فإن حملهم عليا يكون بالتدريج ولا يكون أبدا دفعة واحدة فالإسلام قبل أن يفرض على الأرض كان يفرض في القلوب وهذه هي سياستنا ومنهاجنا وطريقتنا في التغيير فهذا واجب وحمل كبير على الدعاة أن يوصلوا للناس حب الإسلام وفرائضه ويزرعوه في قلوبهم لكن ليعلم الجميع أنه في اليوم الذي يكون الأصل فيه هو المظهر الإسلامي والشذوذ هو المخالفة فلن نملك إلا حمل الشاذين ولو بالتأديب والتعذير فكما أنه في بعض بلاد الغرب يمنع الحجاب وتعاقب لابسته طبقا لفهمنا أيضا سيمنع العري وسيعاقب فاعله وليس لهذا الأمر أن يثير استغراب أحد فكل شريعة لها قواعد وأسس إذا انتهكت عوقب من أنتهكها فإذا استنكر الغرب علينا فرض الحجاب والصلاة ومنع الخمر بدعوى أنها حريات عامة سأستنكر عليهم منع المخدرات حيث أنها حسب كلامهم ومبادئهم تكون المخدرات حرية عامة شأنها شأن الخمر عندهم فلماذا يحرمونها؟ إنهم يحرمونها لأن أفقهم الإنساني المحدود أوصلهم إلى أنها خطرة وهادمة للمجتمع وليس ذنبي ولا ذنب المسلمين أنهم لم يتوصلوا لهذه النتيجة بالنسبة للخمر والعري فهذا هو الطريق الذي اختاروه: أن يشرعوا لأنفسهم, فليتحملوا تبعات هذا الطريق ,أما نحن المسلمين فقد أكرمنا الله وأعزنا أن بين لنا الصواب والخطأ فما عدنا نحتاج إلى التجارب فلا تحقدوا علينا أيها الغرب فلسنا نحن من اخترنا لكم.
    أظن مما سبق يتضح جليا الفرق بيننا وبين طرح أنظمة الحكم الحالية وقد بينته فما عاد يحتاج لبيان آخر ,كما أظن أنني قد أجبت على معظم الأسئلة التي تطرح في هذا الموضوع.
    هذا فما كان من توفيق فمن الله وما كان من زلل فمن نفسي أسأل الله السداد والغفران ....اللهم إرحم شهدائنا وإغفر لموتانا وأعز بنا دينك وأذل بنا عدوك إنك ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
جاري التحميل ..
X