يوسف أبو هين ذلك الاسم الذي طالما أرعب أجهزة الاحتلال الأمنية و الاستخباراتية وكانوا يتحينون الفرص على مدار عشرات سنوات لاعتقاله أو اختطافه حيا لم يمكنهم من نفسه ولم يجعلهم يفرحون بذلك كانوا يريدونه حياة لما تمتع به من قدرات فائقة وأسرار ومعلومات حول العمل العسكري الذي أبدع فيه بعقليته الفذة وقدراته الخارقة رغم صغر سنه .
ولعل إرادة الله تشاء أن يكون يوم استشهاد يوسف هو ذات اليوم الذي انضم فيه إلى الجناح العسكري لحركة حمـاس عام 1988 ثم ارتقى بسرعة فوصل إلى مرتبة قيادية في الجهاز العسكري مما حذا بسلطات الاحتلال إلى إبعاده إلى مرج الزهور وبعد عودته التقى المهندس يحيى عياش فأخذ ينهل من معينه ومن مدرسته الجهادية وكان له شرف إيواءه في بيته فترة طويلة ليأخذ عنه كل صفاته وكل خبراته في العمل العسكري حتى أصبح خبيرا في تصنيع الأسلحة والقذائف والصواريخ وعمل على تشكيل خلايا ومجموعات عسكرية نفذت العديد من العمليات النوعية والاستشهادية حتى أصبح اسمه كابوسا يقض مضاجع الاحتلال وأصبح اسمه يحتل مكانا بارزا في قائمة المطلوبين والمقاومين لقوات الاحتلال واعتبرته أجهزة استخبارات العدو من أخطر المطلوبين وكانوا شديدي الحرص على أن يمسكوا به حيا لكن جهودهم باءت بالفشل.
يوسف .. رفيق العياش ...
الشهيد يوسف قضى معظم أيام حياته أيضا في السجون ، حيث اعتقل مع بداية الانتفاضة الأولى فترة سنتين قضاهما في سجن عسقلان في الأراضى المحتلة عام 1948 على خلفية الانتماء لحركة حماس و المشاركة في فعالياتها .
كما اعتقل في المرة الثانية عام 1990 ، حيث قضي أكثر من تسعين يوما في زنازين سجن السرايا الرهيبة بغزة تحول بعدها الى سجن مجدّو و سجن عسقلان داخل الخط الأخضر ، و بقي فيهما مدة 90 يوما أيضا ، وجهت إليه خلالها تهم الانتماء للجناح العسكري لحركة حماس ، و لكنه لم يعترف بهذه التهم ، و بعد أن خرج من السجون واصل نشاطه الجهادي .
أبعد الشهيد يوسف و اشقاؤه إلى مرج الزهور عام 1993 ، حيث قررت سلطات الاحتلال إبعاد العشرات من قادة حركتي حماس و الجهاد الإسلامي إلى هناك حينها ، رغم ان عمره كان لا يتجاوز العشرين عاما .
عندما رجع شهيدنا يوسف من مرج الزهور اعتبرته سلطات الاحتلال أحد كبار المطلوبين لدى أجهزتها ، و خاصة أنه تتلمذ على أيدي كل من الشهيد يحيي عياش و الشهيد عماد عقل و تعلم منهما صناعة المتفجرات ، حيث وصف بأنه من أمهر أعضاء كتائب القسام في صناعة المتفجرات من مواد بسيطة جدا .
و في عام 1996 اعتقل الشهيد لدى سجون السلطة الفلسطينية و تحديدا في سجن المخابرات العامة لمدة خمس سنوات كاملة ، حيث ورد اسمه وقتها ضمن قائمة المطلوبين العشرة الذي تطالب اسرائيل السلطة بتسليمهم ، و خلال سجنه حاول يوسف خلالها الهرب ، إلاّ أن أفراد المخابرات الفلسطينية لاحقوه و أطلقوا النار عليه فأصيب في قدمه اليمنى بعيار ناري و ألقي القبض عليه و أعادوه إلى السجن بعد معالجته.
و اتهم يوسف وقتها من قبل السلطة الفلسطينية انه كان من كبار مساعدي الشهيد القائد المهندس يحيي عياش في قطاع غزة و انه دبر و نفذ منه عشرات العمليات الاستشهادية و الهجومية علي قوات الاحتلال .
و لاقى يوسف علي يد عناصر المخابرات الفلسطينية اشد ألوان العذاب في بداية سجنه حيث اعتبروه كنزا استخباراتيا لهم لدرجة ان شقيقه الاكبر الدكتور فضل ابو هين اغمي عليه عندما قدم لزيارة يوسف في السجن و رأى آثار التعذيب علي جسده .
و بعد هذه السنين الطويلة في سجون السلطة الفلسطينية خرج يوسف رغما عنهم بعد انطلاق انتفاضة الاقصى حيث التحق مجددا بكتائب الشهيد عز الدين القسام و اصبح احد قادتها الميدانيين و من ابرز خبرائها في مجال تصنيع المتفجرات .
انتصاراً جديداً للمقاومة ..
لم يكن يوم الأول من أيار عام 2003 يوما عاديا كما في كل عام ، ليس لأنه شهد اجتياحاً صهيونياً مفاجئاً لحي الشجاعية شرق مدينة غزة واستشهاد ثلاثة عشر مواطنا بينهم سبعة من أقمار كتائب القسام ، بل لأنه شهد انتصاراً جديداً للمقاومة الفلسطينية على ترسانة الجيش الصهيوني الذي قيل عنه لسنوات أنه لا يقهر!! .
فلم تكن معركة الشجاعية بالحدث العابر أو الأمر المعتاد ، بل شكلت نقلة نوعية في تاريخ المقاومة فلم يكن الأمر مجرد اجتياح يسفر عن سقوط شهداء ، بل كانت فصولاً من الإبداع القسامي المتواصل منذ القائد ياسر النمروطي مروراً بأسطورة التصدي زكريا الشوربجي ، وحاتم المحتسب ويعقوب مطاوع ، وطاهر قفيشة .. وصولاً إلى القادة يوسف وأيمن ومحمود أبو هين .
المقاومة والثبات والصمود والتصدي...
ستة عشر ساعة من المقاومة والثبات والصمود والتصدي حتى آخر طلقة و آخر نفس ، رفضوا الاستسلام وأن يمسهم يهود إلا وأرواحهم في حواصل طير خضر في جنة الرحمن – بإذن الله - ، وكان لهم ذلك.
تعليق