أصول التوحيد عند الصوفيين
للعلامة العارف بالله ابي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة واتم التسليم على سيدنا محمد وآله وصحبه اجمعين
هذا متن في التوحيد دقيق العبارات كثير النفع والواردات على مذهب اهل السنة والجماعة، كتبه امام من ائمة المسلمين المعتبرين العارف بالله ابي القاسم القشيري رضي الله تعالى عنه ، وهو المطبوع في مقدمة الرسالة القشيرية وقد حذفت منه بعض القصص التى ذكرها المصنف وبعض الاقوال التي استغنينا بوجود غيرها فيها، وتشرفت بالتعليق على هذه الرسالة حالاّ لالفاظها مبينا لاصولها التي استندة عليها ، في مذهب اهل السنة عسى ان تكون هذه الرسالة فاتحة خير للصوفية من اهل السنة بالالتزام بمذهب رجالات التصوف والثبات والدعوة الى مذهب اهل السنة الاشاعرة سائلين المولى سبحانه وتعالى بجاه سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم ان يغفر الزلل وان ينفع بالفرع كما نفع بالاصل .
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه
بسم الله الرحمن الرحيم
أصول التوحيد عند الصوفيين
إعلموا(رحمكم الله) :أن شيوخ هذه الطائفة بنوا قواعدهم على أصول صحيحة في التوحيد صانوا بها عقائدهم عن البدع ودانوا بما وجدوا عليه السلف وأهل السنة من توحيد(1)،ليس فيه تمثيل ولا تعطيل وعرفوا ما هو حق القدم وتحققوا بما هو نعت الموجود عن العدم(2) .ولذلك قال سيد هذه الطريقة الجنيد رحمه (التوحيد افراد القدم من الحدوث)وأحكموا أصول العقائد بواضح الدلائل ولائح الشواهد(3) كما قال أحمد بن محمد الجريري رحمه الله :من لم يقف على علم التوحيد بشاهد من شواهده زلت به قدم الغرور في مهواة من التلف، يريد بذلك:أن من لجأ الى التقليد،ولم يتأمل دلائل التوحيد سقط عن سنن النجاة، ووقع في أسر الهلاك، ومن تأمل ألفاظهم وتصفح كلامهم وجد في مجموع أقاويلهم ومتفرقاتها ما يوثق بتأمله بأن القوم لم يقصروا في التحقيق عن شأو(4)، ولم يعرجوا في الطلب على تقصير.
معرفة الله تعالى:
وقال الجنيد: إن أول مايحتاج إليه العبد من الحكمة، معرفة المصنوع صانعه والمحدث كيف كان إحداثه فيعرف صفة الخالق من المخلوق، وصفة القديم من المحدث، ويذل لدعوته ويعترف بوجوب طاعته، فإن من لم يعرف مالكه لم يعترف بالملك لمن استوجبه(5)
1: هذا القول منهم رحمهم الله تعالى على سبيل الاستئناس بالسلف ولبيان أن معظم السلف كانوا على هذه العقيدة، والا فإنه لا يجوز التقليد في العقيدة عند الاشاعرة، كما أنه لا عصمة عند أهل السنة ألا للأنبياء عليهم السلام.و السنة هي الصحيحة،لا بعض الكتب التي تسمت بهذا الاسم وهي مليئة بالتجسيم.
2:يعني عرفوا صفات القديم وهي صفات الكمال المطلق و عرفواصفات الحادث وأنه لا يرتفع عن هذا الحدوث البتة.
3:وهو مذهب جمهور أهل السنة الاشاعرة أن المقلد مؤمن عاص، مؤمن لأنه اعتقد الحق وهو الشهادتين ،و عاص لعدم الدليل عنده .
4:وإذا أردت أن تنظر إلى تحقيق السادة الصوفية في العقيدة أخص الاشاعرة منهم فهاك كتب حجة الاسلام الغزالي كالاقتصاد في الاعتقاد و تهافت الفلاسفة
5:معرفة صفات الله تعالى تقربه منه تعالى ويعرف أن الله تعالى يستحق العبادة سبحانه لذاته وعظيم صفاته.
صفاته:
وقال الحسين بن المنصور:
إن القدم له، فالذي بالجسم ظهوره فالعرض يلزمه(2)، والذي بالأداة اجتماعه
فقواها تمسكه(3)، والذي يؤلفه وقت يفرقه وقت(4)، والذي يقيمه غيره فالضرورة تمسه(5)، والذي يظفر به الخيال فالتصور يرتقي إليه، ومن آواه محل أدركه أين،
2: العرض ما لا يقوم بنفسه ويقوم بغيره كالحركة و السكون فانها تقوم بالأجسام، و العرض مشاهد اغيره من عدم الى وجود ومن وجود الى عدم.و المقصود هنا ان ينفي التغير عنه سبحانه وتعالى لان كل متغير لا بد من افتقاره الى مغير.
3:اي اذا كان الله تعالى عبارة عن أعضاء و أجزاء متماسكة بعضها ببعض ، فهذه الأجزاء و الأعضاء هي التي تمسك من تألف منها. و الله تعالى قائم بنفسه لا يمسكه و لا يقومه سبحانه شيء.اي ليس له عضو أو أداة أو جارحة.
4:أي إذا كان الله تعالى تمسكه أعضاء و أدوات في وقت قد تتفرق عنه في وقت آخر ، حاشاه سبحانه و تعالى. لذا تعالى لا عضو و لا هيئة و لا جارحة له قال تعالى (ليس كمثله شيء).
5: اي والذي يحتاج الى غيره ليوجده أو الى أعضاء لتقومه فالحاجة ملازمة له. وهو الغني سبحانه قال تعالى (وهو الغني الحميد).
سبحانه لايظله فوق، ولايقله تحت، ولايقابله حد، ولايزاحمه عند(1)، ولايأخذه خلف(2) ، ولايحده أمام، ولم يظهره قبل(3)، ولم ينفه بعد(4)، ولم يجمعه كل(5)، ولم يوجده كان(6)، ولم يفقده ليس(7)،
1:لان العند لله تعالى معناه القرب و الحفظ و التشريف ، و كل ما ورد من لفظ عند في القرآن أو السنة فلا يراد بها الا ما ذكرنا ، فلا تزاحم في عنده تعالى لأن العند لله تعالى ليس عندية مكان تتسع للبعض و تضيق على آخرين.
2: لا يجوز على الله تعالى جهة من الجهات الست ، فهو سبحانه ليس فوق بمعنى مكانه فوق ولا تحت بمعنى مكانه تحت، و لكنه تعالى بعلمه و سمعه و بصره معنا ، فهو سبحانه ليس أمام شيء و لا خلف شيء . فإن الله تعالى كان و لم يكن معه شيء سبحانه و تعالى.
3:أي ان القبل الزماني ليس ُمظهرا له تعالى فهو قبل كل شيء بمعنى موجود قبل الموجودات و ليس موجودا بعد اظهاره الموجودات و قبلها ليس بموجود. بل سبحانه موجود قبل وبعد الموجودات.
4: أي ليس بعد خلقه للاشياء يفنى حاشاه سبحانه فهو موجود سبحانه قبل المخلوقات و بعدها ،لا يفنى و لا يبيد و لا يكون الا ما يريد.
5: قد مر أنه ليس بأجزاء حتى يتصف بالبعضية أو الكلية ، فهو سبحانه ليس له أجزاء و لا أعضاء لأنه ليس جسما .
6: لان كان في حقه ليس معناها الزمان بل انه موجمد منذ الازل ، و معنى قول الرسول صلى الله عليه و سلم (كان الله و لم يكن معه شيء) أي موجودا، و ليس كان في وقت معين و لم يكن قبله فان هذا في حق المخلوقات و هو خالق سبحانه و تعالى
7: لا يفهم من نفي النقص عن الله تعالى، أنه غير موجود، فإذا قلنا سبحانه ليس معه شريك، وليس بجسم، و ليس له أجزاء و أعضاء، فهذا النفي ليس معناه النفي له سبحانه و تعالى لأن الله تعالى نفى ذلك بقوله (ليس كمثله شيء). و كذا ليس في نفي المخلوقات أن تكون معه في الأزل ليس نفي له سبحانه ، لأن الله أول لا بداية له ولا شيء معه سبحانه .
وصفه لاصفة له(1)، وفعله لاعلة له(2)، وكونه لاأمد له(3)، تنزه عن أحوال خلقه،ليس له من خلقه مزاج ،ولا في فعله علاج(4)،باينهم بقدمه كما باينوه بحدوثهم(5). إن قلت :مضى فقد سبق الوقت كونه (6)،وإن قلت: هو(فالهاء) والواو خلقه،وإن قلت :أين؟فقد تقدم المكان وجوده(7) .
1:أي اننا نؤمن بصفاته تعالى كلها ما علمنا و ما لم نعلم و لا يمكن أن نعرف حقيقتها لانها فوق ادراكات عقولنا.
2:ادا فعل سبحانه لا يجبره على الفعل أحد كما لا يمنعه من الفعل أحد فمتى شاء فعل و متى شاء ترك،و أفعاله كلها حكمة.
3:وجوده سبحانه و تعالى لا نهاية له كما لا بداية له سبحانه لقوله تعالى(هو الأول و الآخر)
4:لأن المعالجة هي استخدام الالات و الأدوات لخلق الشيء، و الله تعالى خالق مباشرة دون معالجة و ممارسة لاسباب و مسببات فان المسببات تجري عندها العادات لا بها لان الله هو المؤثر على الحقيقة لا سواه دون وسائط.
5:المباينة المقصودة ههنا هي المغايرة ، فالله تعالى غير العالم لأن الله قديم و العالم حادث و القدم يغاير الحدوث. و ليست المباينة كما تقول المجسمة : ان الله فوق العالم في الجهة و العالم تحته في الجهة فإن هذا منفي عنه تعالى .
6:لا نقول ان الله تعالى مضى على وجوده كذا وكذا لأن هذا القول معناه أنه مر وقت معين و الله لم يكن فيه موجودا و هو باطل لأن الله تعالى موجود قبل الزمان و وجوده تعالى ذاتي ليس زمانيا .
7:لا يقال له تعالى أين؟؟ للسؤال عن مكانه فإنه لا مكان له تعالى فإذا قلت أين ؟؟ تكون قد جعلت له مكانا و هو لا مكان له.
للعلامة العارف بالله ابي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة واتم التسليم على سيدنا محمد وآله وصحبه اجمعين
هذا متن في التوحيد دقيق العبارات كثير النفع والواردات على مذهب اهل السنة والجماعة، كتبه امام من ائمة المسلمين المعتبرين العارف بالله ابي القاسم القشيري رضي الله تعالى عنه ، وهو المطبوع في مقدمة الرسالة القشيرية وقد حذفت منه بعض القصص التى ذكرها المصنف وبعض الاقوال التي استغنينا بوجود غيرها فيها، وتشرفت بالتعليق على هذه الرسالة حالاّ لالفاظها مبينا لاصولها التي استندة عليها ، في مذهب اهل السنة عسى ان تكون هذه الرسالة فاتحة خير للصوفية من اهل السنة بالالتزام بمذهب رجالات التصوف والثبات والدعوة الى مذهب اهل السنة الاشاعرة سائلين المولى سبحانه وتعالى بجاه سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم ان يغفر الزلل وان ينفع بالفرع كما نفع بالاصل .
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه
بسم الله الرحمن الرحيم
أصول التوحيد عند الصوفيين
إعلموا(رحمكم الله) :أن شيوخ هذه الطائفة بنوا قواعدهم على أصول صحيحة في التوحيد صانوا بها عقائدهم عن البدع ودانوا بما وجدوا عليه السلف وأهل السنة من توحيد(1)،ليس فيه تمثيل ولا تعطيل وعرفوا ما هو حق القدم وتحققوا بما هو نعت الموجود عن العدم(2) .ولذلك قال سيد هذه الطريقة الجنيد رحمه (التوحيد افراد القدم من الحدوث)وأحكموا أصول العقائد بواضح الدلائل ولائح الشواهد(3) كما قال أحمد بن محمد الجريري رحمه الله :من لم يقف على علم التوحيد بشاهد من شواهده زلت به قدم الغرور في مهواة من التلف، يريد بذلك:أن من لجأ الى التقليد،ولم يتأمل دلائل التوحيد سقط عن سنن النجاة، ووقع في أسر الهلاك، ومن تأمل ألفاظهم وتصفح كلامهم وجد في مجموع أقاويلهم ومتفرقاتها ما يوثق بتأمله بأن القوم لم يقصروا في التحقيق عن شأو(4)، ولم يعرجوا في الطلب على تقصير.
معرفة الله تعالى:
وقال الجنيد: إن أول مايحتاج إليه العبد من الحكمة، معرفة المصنوع صانعه والمحدث كيف كان إحداثه فيعرف صفة الخالق من المخلوق، وصفة القديم من المحدث، ويذل لدعوته ويعترف بوجوب طاعته، فإن من لم يعرف مالكه لم يعترف بالملك لمن استوجبه(5)
1: هذا القول منهم رحمهم الله تعالى على سبيل الاستئناس بالسلف ولبيان أن معظم السلف كانوا على هذه العقيدة، والا فإنه لا يجوز التقليد في العقيدة عند الاشاعرة، كما أنه لا عصمة عند أهل السنة ألا للأنبياء عليهم السلام.و السنة هي الصحيحة،لا بعض الكتب التي تسمت بهذا الاسم وهي مليئة بالتجسيم.
2:يعني عرفوا صفات القديم وهي صفات الكمال المطلق و عرفواصفات الحادث وأنه لا يرتفع عن هذا الحدوث البتة.
3:وهو مذهب جمهور أهل السنة الاشاعرة أن المقلد مؤمن عاص، مؤمن لأنه اعتقد الحق وهو الشهادتين ،و عاص لعدم الدليل عنده .
4:وإذا أردت أن تنظر إلى تحقيق السادة الصوفية في العقيدة أخص الاشاعرة منهم فهاك كتب حجة الاسلام الغزالي كالاقتصاد في الاعتقاد و تهافت الفلاسفة
5:معرفة صفات الله تعالى تقربه منه تعالى ويعرف أن الله تعالى يستحق العبادة سبحانه لذاته وعظيم صفاته.
صفاته:
وقال الحسين بن المنصور:
إن القدم له، فالذي بالجسم ظهوره فالعرض يلزمه(2)، والذي بالأداة اجتماعه
فقواها تمسكه(3)، والذي يؤلفه وقت يفرقه وقت(4)، والذي يقيمه غيره فالضرورة تمسه(5)، والذي يظفر به الخيال فالتصور يرتقي إليه، ومن آواه محل أدركه أين،
2: العرض ما لا يقوم بنفسه ويقوم بغيره كالحركة و السكون فانها تقوم بالأجسام، و العرض مشاهد اغيره من عدم الى وجود ومن وجود الى عدم.و المقصود هنا ان ينفي التغير عنه سبحانه وتعالى لان كل متغير لا بد من افتقاره الى مغير.
3:اي اذا كان الله تعالى عبارة عن أعضاء و أجزاء متماسكة بعضها ببعض ، فهذه الأجزاء و الأعضاء هي التي تمسك من تألف منها. و الله تعالى قائم بنفسه لا يمسكه و لا يقومه سبحانه شيء.اي ليس له عضو أو أداة أو جارحة.
4:أي إذا كان الله تعالى تمسكه أعضاء و أدوات في وقت قد تتفرق عنه في وقت آخر ، حاشاه سبحانه و تعالى. لذا تعالى لا عضو و لا هيئة و لا جارحة له قال تعالى (ليس كمثله شيء).
5: اي والذي يحتاج الى غيره ليوجده أو الى أعضاء لتقومه فالحاجة ملازمة له. وهو الغني سبحانه قال تعالى (وهو الغني الحميد).
سبحانه لايظله فوق، ولايقله تحت، ولايقابله حد، ولايزاحمه عند(1)، ولايأخذه خلف(2) ، ولايحده أمام، ولم يظهره قبل(3)، ولم ينفه بعد(4)، ولم يجمعه كل(5)، ولم يوجده كان(6)، ولم يفقده ليس(7)،
1:لان العند لله تعالى معناه القرب و الحفظ و التشريف ، و كل ما ورد من لفظ عند في القرآن أو السنة فلا يراد بها الا ما ذكرنا ، فلا تزاحم في عنده تعالى لأن العند لله تعالى ليس عندية مكان تتسع للبعض و تضيق على آخرين.
2: لا يجوز على الله تعالى جهة من الجهات الست ، فهو سبحانه ليس فوق بمعنى مكانه فوق ولا تحت بمعنى مكانه تحت، و لكنه تعالى بعلمه و سمعه و بصره معنا ، فهو سبحانه ليس أمام شيء و لا خلف شيء . فإن الله تعالى كان و لم يكن معه شيء سبحانه و تعالى.
3:أي ان القبل الزماني ليس ُمظهرا له تعالى فهو قبل كل شيء بمعنى موجود قبل الموجودات و ليس موجودا بعد اظهاره الموجودات و قبلها ليس بموجود. بل سبحانه موجود قبل وبعد الموجودات.
4: أي ليس بعد خلقه للاشياء يفنى حاشاه سبحانه فهو موجود سبحانه قبل المخلوقات و بعدها ،لا يفنى و لا يبيد و لا يكون الا ما يريد.
5: قد مر أنه ليس بأجزاء حتى يتصف بالبعضية أو الكلية ، فهو سبحانه ليس له أجزاء و لا أعضاء لأنه ليس جسما .
6: لان كان في حقه ليس معناها الزمان بل انه موجمد منذ الازل ، و معنى قول الرسول صلى الله عليه و سلم (كان الله و لم يكن معه شيء) أي موجودا، و ليس كان في وقت معين و لم يكن قبله فان هذا في حق المخلوقات و هو خالق سبحانه و تعالى
7: لا يفهم من نفي النقص عن الله تعالى، أنه غير موجود، فإذا قلنا سبحانه ليس معه شريك، وليس بجسم، و ليس له أجزاء و أعضاء، فهذا النفي ليس معناه النفي له سبحانه و تعالى لأن الله تعالى نفى ذلك بقوله (ليس كمثله شيء). و كذا ليس في نفي المخلوقات أن تكون معه في الأزل ليس نفي له سبحانه ، لأن الله أول لا بداية له ولا شيء معه سبحانه .
وصفه لاصفة له(1)، وفعله لاعلة له(2)، وكونه لاأمد له(3)، تنزه عن أحوال خلقه،ليس له من خلقه مزاج ،ولا في فعله علاج(4)،باينهم بقدمه كما باينوه بحدوثهم(5). إن قلت :مضى فقد سبق الوقت كونه (6)،وإن قلت: هو(فالهاء) والواو خلقه،وإن قلت :أين؟فقد تقدم المكان وجوده(7) .
1:أي اننا نؤمن بصفاته تعالى كلها ما علمنا و ما لم نعلم و لا يمكن أن نعرف حقيقتها لانها فوق ادراكات عقولنا.
2:ادا فعل سبحانه لا يجبره على الفعل أحد كما لا يمنعه من الفعل أحد فمتى شاء فعل و متى شاء ترك،و أفعاله كلها حكمة.
3:وجوده سبحانه و تعالى لا نهاية له كما لا بداية له سبحانه لقوله تعالى(هو الأول و الآخر)
4:لأن المعالجة هي استخدام الالات و الأدوات لخلق الشيء، و الله تعالى خالق مباشرة دون معالجة و ممارسة لاسباب و مسببات فان المسببات تجري عندها العادات لا بها لان الله هو المؤثر على الحقيقة لا سواه دون وسائط.
5:المباينة المقصودة ههنا هي المغايرة ، فالله تعالى غير العالم لأن الله قديم و العالم حادث و القدم يغاير الحدوث. و ليست المباينة كما تقول المجسمة : ان الله فوق العالم في الجهة و العالم تحته في الجهة فإن هذا منفي عنه تعالى .
6:لا نقول ان الله تعالى مضى على وجوده كذا وكذا لأن هذا القول معناه أنه مر وقت معين و الله لم يكن فيه موجودا و هو باطل لأن الله تعالى موجود قبل الزمان و وجوده تعالى ذاتي ليس زمانيا .
7:لا يقال له تعالى أين؟؟ للسؤال عن مكانه فإنه لا مكان له تعالى فإذا قلت أين ؟؟ تكون قد جعلت له مكانا و هو لا مكان له.
تعليق