حدثني زهير بن حرب حدثنا الضحاك بن مخلد عن بن جريج ح وحدثني محمد بن رافع واللفظ له حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول أخبرني عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلما ..... حديث صحيح
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
يا مسلمون رسولكم يقول لكم ... " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب "
تقليص
X
-
رد : يا مسلمون رسولكم يقول لكم ... " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب "
فضيلة الشيخ حمود بن عبدالله بن عقلاء الشعيبي حفظه الله تعالى
ما حكم إقامة اليهود والنصارى والمشركين في جزيرة العرب، وما حكم
تمليكهم العقارات والدور، ألا يخشى أن يصبح تملكهم للعقار في البلدان التي
سبق وأن سكنوها احتلالا لها كما حصل ذلك في فلسطين ..
أفتونا جزاكم الله خير …
الجواب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم … أما بعد
فقد اتفق من يعتد بقوله من فقهاء الأمة وعلمائها على أنها لا تجوز إقامة اليهود
والنصارى والمشركين في جزيرة العرب, لا إقامة دائمة ولا مؤقتة ما عدى أن بعض
العلماء يرى جواز إقامتهم ثلاثة أيام للضرورة ولا يجوز لمسلم أن يأذن لهم في
دخولها للإقامة, معتمدين على الأحاديث الصحيحة عن النبي عليه الصلاة والسلام
والآثار الثابتة عن الصحابة رضي الله عنهم .
فمن تلك النصوص ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم
أوصى قبل موته بثلاث : (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) متفق عليه .
وفي صحيح مسلم من طريق أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبدالله يقول :
أخبرني عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلما) .
ومنها ما رواه الإمام أحمد في مسنده من طريق محمد بن إسحاق قال حدثني
صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة عن عائشة قالت :
(كان آخر ما عهد به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
لا يبقين بجزيرة العرب دينان) .
وروى البخاري ومسلم من حديث أبى هريرة رضي الله عنه قال :
بينما نحن في المسجد إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
(انطلقوا إلى يهود، فخرجنا معه حتى جئنا بيت المدراس فقام النبي صلى الله عليه
وسلم فنادى : يا معشر يهود : أسلموا تسلموا، فقالوا قد بلغت يا أبا القاسم .
فقال : ذلك أريد، ثم قالها الثانية، فقالوا : قد بلغت يا أبا القاسم، ثم قالها في
الثالثة فقال : اعلموا أن الأرض لله ورسوله وإني أريد أن أجليكم فمن وجد منكم
بماله شيئا فليبعه وإلا فاعلموا أنما الأرض لله ورسوله) .
وهذه النصوص وغيرها مما لم أورده تدل دلالة قاطعة على أنه لا يجوز
لليهود والنصارى وغيرهم من الكفار أن يبقوا في جزيرة العرب، وهي كما ترى
في مكان من حيث الصحة والصراحة ووضوح المعنى والأحكام بحيث لا يمكن
الطعن فيها بالتضعيف أو التأويل أو دعوى النسخ، وذلك أنها مخرجة في
الصحيحين وبعضها في المسند وبعضها في السنن .
وقد اتفق العلماء على أن ما اتفق على إخراجه البخاري ومسلم رحمهما الله
أنه يفيد العلم اليقيني، لأن الأمة تلقته بالقبول والتصديق فلا مجال للطعن
فيما اتفق عليه البخاري ومسلم، أما عدم جواز تأويلها فذلك لأجل صراحة ألفاظها
ووضوحها وكونها نصا في الموضوع لا يحتمل لفظها معنى غير المعنى الظاهر
منها، وما كان كذلك فلا يصح تأويله عند علماء الأصول وغيرهم من العلماء, إنما
الذي يجوز تأويله من النصوص هو الذي يكون لفظا محتملا لمعنيين فيرجح أحدهما
لأجل قرينة تحف به . أما كونها محكمة وغير قابلة للنسخ فلأجل أن
النبي عليه الصلاة والسلام أمر وأوصى بإخراجهم من جزيرة العرب في آخر حياته
كما سبق عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان آخر ما عهد به رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنه قال : (لا يبقين في جزيرة العرب دينان) .
فإذا كان الأمر كذلك فدعوى النسخ غير واردة لمعرفة تأخر تأريخ
تكلمه صلى الله عليه وسلم بذلك .
هذا ما يتعلق في بيان حكم إقامة اليهود والنصارى في جزيرة العرب من غير تملك
للعقارات من دور ومزارع وضيعات، ومن أراد الاستزادة في هذه المسألة
فليراجع كتابي (القول المختار في حكم الاستعانة بالكفار) ..
أما إذا سمح لهم امتلاك العقارات فسوف يترتب على ذلك مفاسد متعددة
دينية واجتماعية واقتصادية، منها :
أولا : مصادمة النصوص المحرمة لإقامتهم في جزيرة العرب لأن تملكهم يكرس
لإقامتهم دائما فيها .
ثانيا : إذا كانوا يقيمون في أملاكهم فسوف يتسلطون على المسلمين ويتعالون
عليهم ويؤذونهم .
ثالثا : بعض أهل الكتاب من يهود ونصارى لهم مطامع تاريخية في بعض البلاد
كخيبر وفدك وتيماء والمدينة المنورة ونجران، وفي بلدان في اليمن، فيخشى أن
يترتب على تملكهم لشيء من هذه البلدان احتلالها كما فعلوا ذلك في فلسطين .
رابعا : تملكهم للعقار يدفع إلى التطبيع الخفي مع اليهود إذ من المعلوم أن
بعض الشركات الكبرى العظيمة يهودية الجنسية .
خامسا : أنهم إذا أصبحوا ملاّك عقارات فسيطالبون بالترفيه السياحي والاجتماعي
وهي ترفيهات محرمة من الشاليهات والمسارح ودور السينما؛ لأن هذا جزء من
حياتهم الغربية ، وسيقومون باستثمار شركاتهم بطرق تجارية محرمة كالمعاملات
الربوية, وتوسعها وظهور شركات التأمين المحرمة بأنواعها . كما أن هذه الشركات
الأجنبية سوف تعمل وفق سياستها وقوانينها ومبادئها وليس وفق الشريعة، ومن
ثم سوف تطالب بأن تكون مستثناة من أحكام الشريعة وأن يسعها الخروج عن
شريعة محمد صلى الله عليه وسلم .
سادسا : أن هؤلاء الكفار إذا سمح لهم بامتلاك العقارات واستثمار الشركات التجارية
فسيترتب على ذلك انتشار الجريمة وتنوعها خصوصا الجريمة المنظمة، وانتشار
التهريب وتجارة المخدرات والبغاء وغير ذلك .
هذا ونسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته إنه على كل شي قدير
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أملاه : حمود بن عبدالله بن عقلاء الشعيبي
-
رد : يا مسلمون رسولكم يقول لكم ... " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب "
المشاركة الأصلية بواسطة أسد المعاركحدثني زهير بن حرب حدثنا الضحاك بن مخلد عن بن جريج ح وحدثني محمد بن رافع واللفظ له حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول أخبرني عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلما ..... حديث صحيح
المهم انت بهذا الكلام تتهم الصحابة و الخلفاء الراشدين بتطاول على الرسول
اولا الخلفاء الراشدين لم يطردوا اليهود و النصارى من جزيرة العرب و كانت لهم القدرة على ذلك و اعتبروهم اهل ذمة
ثانيا:عمر بن الخطاب اكتفى بمنع اليهود من دخول المدينة فقط و سمح بدخول ابو لؤلؤة المجوسي و بعض اليهود و الدليل على ذلك اجتماع ابو لؤلؤة مع اليهود في داخل المدينة لتخطيط لقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه
ثالثا:عندما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحتضر قال لهم اوصيكم باهل الذمة و هم في الجزيرة العربية
رابعا:معنى اخرجوا المشركين من جزيرة العرب يعني لا تقوم لهم دولة ابدا و هذا هو المعنى
خامسا:انزع صورة الشهيد باسييف فانت تدنسها و انا اعشق هذا البطل
تعليق
-
رد : يا مسلمون رسولكم يقول لكم ... " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب "
المشاركة الأصلية بواسطة مجاهد السرايايا تكفيري هذا الكلام رد عليه كل شيوخ الاسلام و العلماء و انت ظاهري حبيبي و اخر من رد عليه هو الشيخ العبيكان
العبيكان حرم الجهاد في العراق
العبيكان افتى بوجوب اتباع ولي الامر الملك عبدالله ولو على باطل
........... الخ
المشاركة الأصلية بواسطة مجاهد السراياالمهم انت بهذا الكلام تتهم الصحابة و الخلفاء الراشدين بتطاول على الرسول
المشاركة الأصلية بواسطة مجاهد السراياخامسا:انزع صورة الشهيد باسييف فانت تدنسها و انا اعشق هذا البطل
تعليق
-
رد : يا مسلمون رسولكم يقول لكم ... " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب "
بارك الله فيك اسد المعارك
أما هذا اسد السرايا فهو معروف بحقده على الجهاد وأهله
ودائما يستخدم مصطلح تكفيري وهو نفس المصطلح الذي يستخدمه الرافضة ومن قبلهم الامريكان وعباد الصليب فلا يحزنك قولهم في الحياة الدنيا متاع قليل...
تعليق
-
رد : يا مسلمون رسولكم يقول لكم ... " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب "
المشاركة الأصلية بواسطة مجاهد السرايايا تكفيري هذا الكلام رد عليه كل شيوخ الاسلام و العلماء و انت ظاهري حبيبي و اخر من رد عليه هو الشيخ العبيكان
المهم انت بهذا الكلام تتهم الصحابة و الخلفاء الراشدين بتطاول على الرسول
اولا الخلفاء الراشدين لم يطردوا اليهود و النصارى من جزيرة العرب و كانت لهم القدرة على ذلك و اعتبروهم اهل ذمة
ثانيا:عمر بن الخطاب اكتفى بمنع اليهود من دخول المدينة فقط و سمح بدخول ابو لؤلؤة المجوسي و بعض اليهود و الدليل على ذلك اجتماع ابو لؤلؤة مع اليهود في داخل المدينة لتخطيط لقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه
ثالثا:عندما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحتضر قال لهم اوصيكم باهل الذمة و هم في الجزيرة العربية
رابعا:معنى اخرجوا المشركين من جزيرة العرب يعني لا تقوم لهم دولة ابدا و هذا هو المعنى
خامسا:انزع صورة الشهيد باسييف فانت تدنسها و انا اعشق هذا البطل
جزيت الخير ارحتني من الرد عليه بمثل كلامك هذا
واضيف هذا الشعار له باطن
باطنه اخرجوا المسلمين من جزيرة العرب واستبدلوهم باليهود
لكن شبابنا الصغار وحتى بعض من يعتبرون انفسهم... لا يعلمون فقه الواقع، فهم اشبه بالغثاء يحركه سيل الدعاية الجارف الذي يقوده اليسار اليهودي
تعليق
-
رد : يا مسلمون رسولكم يقول لكم ... " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب "
المشاركة الأصلية بواسطة قلقجزيت الخير ارحتني من الرد عليه بمثل كلامك هذا
واضيف هذا الشعار له باطن
باطنه اخرجوا المسلمين من جزيرة العرب واستبدلوهم باليهود
لكن شبابنا الصغار وحتى بعض من يعتبرون انفسهم... لا يعلمون فقه الواقع، فهم اشبه بالغثاء يحركه سيل الدعاية الجارف الذي يقوده اليسار اليهودي
طيب والكذابين امثالك شو الحل معاهم يا ابو الشرع والفقه انت ??
تعليق
-
رد : يا مسلمون رسولكم يقول لكم ... " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب "
هو مافي فراسكم الا هالحديث
أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" حديث صحيح
د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
دعوة للتأمل في النصوص وتفقهها، ودعوة للوقوف مع الأنفس ومراجعاتها، دعوة تتجاوز الاستنكار إلى الحوار، دعوة إلى الذين تشبعوا بفكرة الأعمال القتالية في هذه البلاد، ورأوها أقصر طريق إلى الجنة، وأزكى عمل يتقربون به إلى الله وإن زهقت فيه أرواحهم، وخالفهم كل من سواهم، لا أسوقها مناظرة ولا رداً ولكنها دعوة إلى وقفة مع النفس، وتفقه في النص، وتطلب للحق ثم نواصينا بعد بيد الله فهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل، نلوذ به ونبرأ إليه من حولنا وقوتنا فلا حول ولا قوة إلا به.
إن أكثر الأدلة النصية تداولاً في هذه القضية حديث "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" وهو حديث صحيح غير ضعيف، محكم غير منسوخ قاله –صلى الله عليه وسلم- وهو على فراش الموت قبل وفاته بخمس. وإن أولى الأمة أن يتبع في معرفة فقه هذا الحديث صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فهم الذين سمعوا هذا الحديث وأدوه إلينا وفقهوه عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ورأيهم وفقهم هو الأعلم والأحكم لأنهم أعلم بملابسات الأمر النبوي، وأفقه الأمة بمراده –صلى الله عليه وسلم-.
وأولى الصحابة أن يراعى فقهه هم الخلفاء الراشدون لقوله –صلى الله عليه وسلم-:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" وقوله –عليه الصلاة والسلام-:"اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر" ولأنهم كانت لهم الولاية على المسلمين فهم أولى الناس بإنفاذ هذا العهد المحمدي.
فإذا نظرنا إلى فقه الصحابة لهذا الحديث رأينا ما يلي:
1) تولى أبو بكر الصديق الخلافة واليهود في خيبر على مسافة 180 كم من المدينة، ونصارى نجران في نجران ويهود اليمن في اليمن ومجوس الأحساء في الأحساء. وهو –رضي الله عنه- أعلم الناس بأمر النبي –صلى الله عليه وسلم- وأعظم الأمة تعظيماً له فنجد أنه:
أ- سير جيش أسامة إلى الشام.
ب- قاتل المرتدين في أنحاء الجزيرة النائية عن المدينة.
ت- ثم لما فرغ من قتال المرتدين وجه الجيوش إلى العراق والشام، ثم توفي –رضي الله عنه- وجيوشه تقارع الفرس والروم وهؤلاء موجودون ولم يخرجهم.
2) تولى عمر الخلافة فترك يهود خيبر في خيبر ونصارى نجران في نجران ومجوس هجر في هجر واشتغل بقتال الكفار في خارج جزيرة العرب فاستكمل فتح فارس وفتح الشام، ثم سير الجيوش إلى مصر وفتح قبرص فكانت جيوش الخلافة تقاتل في القارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا وهؤلاء على أماكنهم في جزيرة العرب، ولم يخرج عمر منهم إلا يهود خيبر لما نقضوا العهد وتعدوا على ابنه عبد الله فزحزحهم إلى تيماء، ونصارى نجران لما أخلفوا شرط الصلح مع النبي –صلى الله عليه وسلم- الذي شرط عليهم عدم التعامل بالربا فأجلاهم عمر لما خالفوا ذلك، وأبقى يهود اليمن فهم باقون إلى يومنا هذا، ومجوس الأحساء حتى أسلموا واندمجوا مع المسلمين ولم تعد لهم باقية (أحكام أهل الذمة لابن القيم 1/175-191).
إن هذا يجعلنا نتساءل عن فقه الخلفاء الراشدين لهذه القضية ولماذا لم يجعلوها قضية ملحة ناجزة.
ألا يدل ذلك أنهم فقهوا أن المنهي عنه ليس مجرد وجود اليهود والنصارى في جزيرة العرب ولكن أن يكون لهم كيان استيطاني دائم، وأما وجودهم الطارئ كأجراء ومعاهدين ومستأمنين فليس هو مراد النبي –صلى الله عليه وسلم- وإلا لما تركهم الخلفاء الراشدون وذهبوا يفتحون آسيا وأوربا وأفريقيا، وأبقوهم طوال تلك المدة على تخوم المدينة النبوية أجراء في خيبر، وسمحوا بالرقيق من الكفار أن يسكنوا المدينة لأنهم تبع لأسيادهم حتى إن عمر رضي الله عنه قتل على يد علج مجوسي ومع ذلك لم يأمر بإخراجهم ولا أخرجهم من بعده.
ثم إن الصحابة الذين فقهوا هذا الأمر النبوي لم يفقهوا منه استحلال دم أحد من اليهود أو النصارى لكونه في جزيرة العرب فلا نعلم أثراً صحيحاً أو ضعيفاً يروى في قتل يهودي أو نصراني لأنه دخل جزيرة العرب، فأين أخرجوهم من إهدار دماءهم وقتلهم؟
أيضاً نلاحظ أن هذا الأمر قد ألقاه الصحابة إلى الخلفاء ولم ينقل أن أحداً من آحاد المسلمين تجرأ على يهودي أو نصراني بحجة أن يجب إخراجه من جزيرة العرب ولا كانت تلك القضية مثارة بينهم، وإنما تركوا هذا الأمر لمن توجه إليه في قوله –صلى الله عليه وسلم-:"أخرجوا" وهم ولاة الأمر الذين تناط بهم القضايا العامة.
ألا يدل ذلك على أننا بحاجة إلى التفقه في النص النبوي على وفق فهم الصحابة رضوان الله عليهم، لا على وفق انفعالاتنا ومشاعرنا، وأنه ينبغي أن نعلم أن النصوص النبوية تؤخذ مضمومة إلى بعضها وتفهم على وفق فهم الصحابة الذين سمعوها وأدوها وفقهوها ورعوها حق رعايتها.
وألا نسمح لمشاعر الغضب والقهر وما يدمى في قلوبنا من مآسي المسلمين أن تدفعنا إلى الشطط والبغي في فهم نصوص الهداية النبوية.
فإلى كل من يؤمن بالله ويعظمه، ويحب الرسول ويوقره، ويغضب لله ويغار على حرماته، ويخشى الله فهو أحق أن يخشاه:
تذكر أن نبيك –صلى الله عليه وسلم- الذي قال:"أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" هو الذي قال:"اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر" وهو الذي قال:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي".
وقد علمت هديهم رضوان الله عليهم وأين منه ما يجري بين ظهرانينا.
تذكر –هداك الله- أن نبيك –صلى الله عليه وسلم- الذي قال:"أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" هو الذي قال:"من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً". ومن أحب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وعظمه عظم أمره كله ووقره واتبعه.
تذكر –هداك الله- أن هذا الأمر وما يترتب عليه من سفك الدماء وزهوق الأنفس وأنت تعمله وترى أنه يقربك من الله زلفى، وأنه أقصر طريق إلى الجنة، وتغامر فيه بروحك التي لا عوض لها أن من يبذل هذا كله عليه قبل ذلك أن يدعوا ربه الذي إليه منقلبه أن يهديه للحق، ويلح على الله أن يهديه فيمن هدى، وأن يستعيذ بالله من مضلات الفتن، فأعذر إلى الله بكثرة سؤاله والانطراح بين يديه أن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه، وأن يكون ذلك وأنت في حال من التجرد وقد نزعت قناعاتك المسبقة، ولم يبق أمام عينيك عظيم تعظمه إلا الله عز وجل، فإن الإنسان إذا سأل ربه متجرداً عن قناعاته وليس مقرراً لله برأيه فإن الله يهديه ولا يضله، ويأخذ بيده ولا يخذله.
تذكر –هداك الله- إذا أردت أن تحدث حدثاً أو تفعل فعلاً أنك تستطيع الآن أن تتحكم في نفسك أن تفعل أو لا تفعل، لكن إذا فعلت فإنك لا تستطيع أن تتحكم في تداعياته، ولا تستطيع أن تسيطر على نتائجه، وقد يكون هذا الفعل سبباً لتداعيات وأحداث هي شر مستطير على المسلمين، وتكون أنت السبب في كل ما حدث، ويكون فعلك ذريعة مسوغة لعدوان على المسلمين لا يستطيعون صده ولا رده، وذريعة لأهل الكفر يتسلطون بها على أهل الإسلام ويستبيحون بها ما لم يستبيحوه بعد من حرماتهم.
تذكر –هداك الله- أن الشيطان لا يأتي الإنسان فيدعوه للشر باسم الشر ولكن يلبس عليه الشر بلبوس الخير فمنذ قال لأبينا آدم:"هل أدلكما على شجرة الخلد وملك لا يبلى" وهو يخاتل الناس ويلبس عليهم دينهم، ولذا فإن كثيراً من أهل البدع والأهواء قد تقحموها وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً، وكم سفكت دماء وانتهكت حرمات ممن كانوا يرون أنهم بذلك يصلحون ولا يفسدون، فليست النوايا ولا الدعاوى دليلاً على صواب العمل فكم من وجوه في النار خاشعة كانت في الدنيا عاملة ناصبة.
تذكر –هداك الله- أن وجود هؤلاء الأجانب ليس شيئاً طارئاً علينا فقد عاصرهم قبلنا علماء أعلام ولم يقولوا بمثل ما قلت، ولا دعوا إلى مثل ما دعوت، وجدوا وكان الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ الأمين الشنقيطي، والشيخ عبد الله بن حميد، والشيخ عبد الرحمن الدوسري، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، والشيخ محمد بن عثيمين –رحمهم الله- وغيرهم، ألا يثير هذا في نفسك تساؤلاً حقيقياً هل هؤلاء الذين أعمارهم مع العلم أكثر من أعمارنا منذ ولدتنا أمهاتنا لم يفطنوا إلى ما فطنا إليه ولم يعلموا ما علمناه.
ألا يثير ذلك تساؤلاً أنهم ربما كانوا هم على الحق وأنك قد ضللت الطريق وأصبت غير الهدف.
تذكر -هداك الله- أن الإقدام على أمر خطير كهذا يوجب عليك بذل الجهد في تطلب الحق وسماع كلام العلماء مهما كان رأيك فيهم، وملاحظاتك عليهم، فرب كلمة تفتح أمامك باباً أو تكشف حجاباً، وإن النزوى والبصيرة في هذه الأمور العظام وتطلب الحق من مظانه وبذل الجهد في تحريه خير من أن يظل الإنسان أسير فكرة ورأي واحد مع إغلاق منافذ فكره عن وجهات النظر الأخرى التي ربما كان الحق المتمحض فيها.
تذكر –هداك الله- أن هذه القضية كلها وهي إخراج المشركين من جزيرة العرب هي محل اختلاف في الفقه بين العلماء الراسخين والأئمة المتبوعين.
فعن الإمام أحمد رواية أن جزيرة العرب المدينة وما والاها (أحكـام أهـل الـذمة 1/177) وقال الشافعي: يمنعون من الحجاز وغير الحرم منه يمنع الكتابي وغيره من الاستيطان والإقامة به، وله الدخول بإذن الإمام لمصلحة... (أحكام أهل الذمة 1/184)، وأما أبو حنيفة فعنده لهم دخول الحرم كله حتى الكعبة نفسها لكنهم لا يستوطنون به، وأما الحجاز فلهم الدخول إليه والتصرف فيه والإقامة بقدر قضاء حوائجهم (أحكام أهـل الذمة 1/188).
فإذا كان أئمة الهدى المتبوعين قد اختلفوا هذا الاختلاف وهم أفقه الأمة وأعلمها بحديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأعظمها اتباعاً له فهل يحق لأحد بعد ذلك أن يختصر الأقوال كلها في رأي ترجح له دون غيره ويسلك في حمل الناس عليه سفك الدماء وإخلال الأمن وما يتداعى بعد من مفاسد. وإن كان في مقابل قوله هذه الأقوال ومقابل علمه علم هؤلاء الأعلام.
تذكر –هداك الله- أن الطريق الذي تسلكه بل النفق الذي تدخله قد سلكه جماعات في بلدان قريبة ثم كانت عاقبة أمرها خسراً.
انظر إلى جماعات العنف في مصر التي خاضت المواجهة عشرين سنة ثم أعلنت بعد ذلك تراجعها وأنها تأسف لذاك الخلل الفكري.
انظر إلى جماعات العنف في الجزائر والتي خاضت مواجهات عنيفة مريعة ثم ألقى أكثرهم السلاح ودخلوا في قانون الوئام وخيراً فعلوا، لكن ماذا كان إنجازهم في الجزائر، لا نعلمه إلا كثرة المقابر.
فهل نستنبث في بلدنا مآسي قد أثمرت ثمارها المرة عند غيرنا، أليس السعيد من وعظ بغيره، هل تريد أن نكون أشقياء لا نوعظ إلا بأنفسنا.
وختاماً.. أذكر الذين ربما يهمون بمثل الأعمال السابقة من قتل أو اختطاف، أو قتل للرهائن أذكرهم ذمة إخوانهم المسلمين فإن المسلمين يجير عليهم أدناهم، وقد أجار النبي –صلى الله عليه وسلم- من أجارته امرأة فكيف بمن أجارته جماعة المسلمين.
أذكر بما قرره أهل العلم من إن الكافر الحربي إذا فهم من إشارة مسلم أنها أمان فاستأمن فهي أمان وإن لم يقصد المسلم بها ذلك كما قرر ذلك شيخ الإسلام بن تيمية وغيره.
فإذا كانت الإشارة غير المقصودة تصبح أمانا إذا فهمها الحربي أماناً فكيف بالمعاهد الذي دخل في ذمة حكومة المسلمين وجماعتهم وفهم أنه صار آمناً بأمان المسلمين له.
ولذا فإن المراجعة واتهام الرأي في هذه القضايا العامة والخطيرة ضرورة ما بعدها من ضرورة فوالله لأن ترجع إلى حق اعتقدته فتوصف بين أصحابك بأنك متخاذل وجبان ومتراجع خير لك عند الله وأبقى من أن تلقاه بكف من دم حرام سفكته في غير حله.
أسأل الله جل وعلا لي ولك ولكل إخواننا المسلمين أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا، وأن يكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان ويجعلنا من الراشدين، وأن يهدينا فيمن هدى وأن يعيذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.
والحمد لله رب العالمين.
تعليق
-
رد : يا مسلمون رسولكم يقول لكم ... " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب "
يا اسد علينا وفى الحرب ............................
ما هذا الفقه الكبير الذى ابتلاك الله به يا ذكى اقرا اولا قبل النقل المجرد يا مجهال
ولك ما قال الدكتور . عبد الوهاب بن ناصر الطريري
"أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" حديث صحيح
د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
دعوة للتأمل في النصوص وتفقهها، ودعوة للوقوف مع الأنفس ومراجعاتها، دعوة تتجاوز الاستنكار إلى الحوار، دعوة إلى الذين تشبعوا بفكرة الأعمال القتالية في هذه البلاد، ورأوها أقصر طريق إلى الجنة، وأزكى عمل يتقربون به إلى الله وإن زهقت فيه أرواحهم، وخالفهم كل من سواهم، لا أسوقها مناظرة ولا رداً ولكنها دعوة إلى وقفة مع النفس، وتفقه في النص، وتطلب للحق ثم نواصينا بعد بيد الله فهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل، نلوذ به ونبرأ إليه من حولنا وقوتنا فلا حول ولا قوة إلا به.
إن أكثر الأدلة النصية تداولاً في هذه القضية حديث "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" وهو حديث صحيح غير ضعيف، محكم غير منسوخ قاله –صلى الله عليه وسلم- وهو على فراش الموت قبل وفاته بخمس. وإن أولى الأمة أن يتبع في معرفة فقه هذا الحديث صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فهم الذين سمعوا هذا الحديث وأدوه إلينا وفقهوه عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ورأيهم وفقهم هو الأعلم والأحكم لأنهم أعلم بملابسات الأمر النبوي، وأفقه الأمة بمراده –صلى الله عليه وسلم-.
وأولى الصحابة أن يراعى فقهه هم الخلفاء الراشدون لقوله –صلى الله عليه وسلم-:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" وقوله –عليه الصلاة والسلام-:"اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر" ولأنهم كانت لهم الولاية على المسلمين فهم أولى الناس بإنفاذ هذا العهد المحمدي.
فإذا نظرنا إلى فقه الصحابة لهذا الحديث رأينا ما يلي:
1) تولى أبو بكر الصديق الخلافة واليهود في خيبر على مسافة 180 كم من المدينة، ونصارى نجران في نجران ويهود اليمن في اليمن ومجوس الأحساء في الأحساء. وهو –رضي الله عنه- أعلم الناس بأمر النبي –صلى الله عليه وسلم- وأعظم الأمة تعظيماً له فنجد أنه:
أ- سير جيش أسامة إلى الشام.
ب- قاتل المرتدين في أنحاء الجزيرة النائية عن المدينة.
ت- ثم لما فرغ من قتال المرتدين وجه الجيوش إلى العراق والشام، ثم توفي –رضي الله عنه- وجيوشه تقارع الفرس والروم وهؤلاء موجودون ولم يخرجهم.
2) تولى عمر الخلافة فترك يهود خيبر في خيبر ونصارى نجران في نجران ومجوس هجر في هجر واشتغل بقتال الكفار في خارج جزيرة العرب فاستكمل فتح فارس وفتح الشام، ثم سير الجيوش إلى مصر وفتح قبرص فكانت جيوش الخلافة تقاتل في القارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا وهؤلاء على أماكنهم في جزيرة العرب، ولم يخرج عمر منهم إلا يهود خيبر لما نقضوا العهد وتعدوا على ابنه عبد الله فزحزحهم إلى تيماء، ونصارى نجران لما أخلفوا شرط الصلح مع النبي –صلى الله عليه وسلم- الذي شرط عليهم عدم التعامل بالربا فأجلاهم عمر لما خالفوا ذلك، وأبقى يهود اليمن فهم باقون إلى يومنا هذا، ومجوس الأحساء حتى أسلموا واندمجوا مع المسلمين ولم تعد لهم باقية (أحكام أهل الذمة لابن القيم 1/175-191).
إن هذا يجعلنا نتساءل عن فقه الخلفاء الراشدين لهذه القضية ولماذا لم يجعلوها قضية ملحة ناجزة.ألا يدل ذلك أنهم فقهوا أن المنهي عنه ليس مجرد وجود اليهود والنصارى في جزيرة العربولكن أن يكون لهم كيان استيطاني دائم، وأما وجودهم الطارئ كأجراء ومعاهدين ومستأمنين فليس هو مراد النبي –صلى الله عليه وسلم- وإلا لما تركهم الخلفاء الراشدون وذهبوا يفتحون آسيا وأوربا وأفريقيا، وأبقوهم طوال تلك المدة على تخوم المدينة النبوية أجراء في خيبر، وسمحوا بالرقيق من الكفار أن يسكنوا المدينة لأنهم تبع لأسيادهم حتى إن عمر رضي الله عنه قتل على يد علج مجوسي ومع ذلك لم يأمر بإخراجهم ولا أخرجهم من بعده.لم يفقهوا منه استحلال دم أحد من اليهود أو النصارى لكونه في جزيرة العرب فلا نعلم أثراً صحيحاً أو ضعيفاً
أيضاً نلاحظ أن هذا الأمر قد ألقاه الصحابة إلى الخلفاء ولم ينقل أن أحداً من آحاد المسلمين تجرأ على يهودي أو نصراني بحجة أن يجب إخراجه من جزيرة العرب ولا كانت تلك القضية مثارة بينهم، وإنما تركوا هذا الأمر لمن توجه إليه في قوله –صلى الله عليه وسلم-:"أخرجوا" وهم ولاة الأمر الذين تناط بهم القضايا العامة.
ألا يدل ذلك على أننا بحاجة إلى التفقه في النص النبوي على وفق فهم الصحابة رضوان الله عليهم، لا على وفق انفعالاتنا ومشاعرنا، وأنه ينبغي أن نعلم أن النصوص النبوية تؤخذ مضمومة إلى بعضها وتفهم على وفق فهم الصحابة الذين سمعوها وأدوها وفقهوها ورعوها حق رعايتها.
وألا نسمح لمشاعر الغضب والقهر وما يدمى في قلوبنا من مآسي المسلمين أن تدفعنا إلى الشطط والبغي في فهم نصوص الهداية النبوية.
فإلى كل من يؤمن بالله ويعظمه، ويحب الرسول ويوقره، ويغضب لله ويغار على حرماته، ويخشى الله فهو أحق أن يخشاه:
تذكر أن نبيك –صلى الله عليه وسلم- الذي قال:"أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" هو الذي قال:"اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر" وهو الذي قال:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي".
وقد علمت هديهم رضوان الله عليهم وأين منه ما يجري بين ظهرانينا.
تذكر –هداك الله- أن نبيك –صلى الله عليه وسلم- الذي قال:"أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" هو الذي قال:"من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً". ومن أحب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وعظمه عظم أمره كله ووقره واتبعه.
تذكر –هداك الله- أن هذا الأمر وما يترتب عليه من سفك الدماء وزهوق الأنفس وأنت تعمله وترى أنه يقربك من الله زلفى، وأنه أقصر طريق إلى الجنة، وتغامر فيه بروحك التي لا عوض لها أن من يبذل هذا كله عليه قبل ذلك أن يدعوا ربه الذي إليه منقلبه أن يهديه للحق، ويلح على الله أن يهديه فيمن هدى، وأن يستعيذ بالله من مضلات الفتن، فأعذر إلى الله بكثرة سؤاله والانطراح بين يديه أن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه، وأن يكون ذلك وأنت في حال من التجرد وقد نزعت قناعاتك المسبقة، ولم يبق أمام عينيك عظيم تعظمه إلا الله عز وجل، فإن الإنسان إذا سأل ربه متجرداً عن قناعاته وليس مقرراً لله برأيه فإن الله يهديه ولا يضله، ويأخذ بيده ولا يخذله.
تذكر –هداك الله- إذا أردت أن تحدث حدثاً أو تفعل فعلاً أنك تستطيع الآن أن تتحكم في نفسك أن تفعل أو لا تفعل، لكن إذا فعلت فإنك لا تستطيع أن تتحكم في تداعياته، ولا تستطيع أن تسيطر على نتائجه، وقد يكون هذا الفعل سبباً لتداعيات وأحداث هي شر مستطير على المسلمين، وتكون أنت السبب في كل ما حدث، ويكون فعلك ذريعة مسوغة لعدوان على المسلمين لا يستطيعون صده ولا رده، وذريعة لأهل الكفر يتسلطون بها على أهل الإسلام ويستبيحون بها ما لم يستبيحوه بعد من حرماتهم.
تذكر –هداك الله- أن الشيطان لا يأتي الإنسان فيدعوه للشر باسم الشر ولكن يلبس عليه الشر بلبوس الخير فمنذ قال لأبينا آدم:"هل أدلكما على شجرة الخلد وملك لا يبلى" وهو يخاتل الناس ويلبس عليهم دينهم، ولذا فإن كثيراً من أهل البدع والأهواء قد تقحموها وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً، وكم سفكت دماء وانتهكت حرمات ممن كانوا يرون أنهم بذلك يصلحون ولا يفسدون، فليست النوايا ولا الدعاوى دليلاً على صواب العمل فكم من وجوه في النار خاشعة كانت في الدنيا عاملة ناصبة.
تذكر –هداك الله- أن وجود هؤلاء الأجانب ليس شيئاً طارئاً علينا فقد عاصرهم قبلنا علماء أعلام ولم يقولوا بمثل ما قلت، ولا دعوا إلى مثل ما دعوت، وجدوا وكان الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ الأمين الشنقيطي، والشيخ عبد الله بن حميد، والشيخ عبد الرحمن الدوسري، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، والشيخ محمد بن عثيمين –رحمهم الله- وغيرهم، ألا يثير هذا في نفسك تساؤلاً حقيقياً هل هؤلاء الذين أعمارهم مع العلم أكثر من أعمارنا منذ ولدتنا أمهاتنا لم يفطنوا إلى ما فطنا إليه ولم يعلموا ما علمناه.
ألا يثير ذلك تساؤلاً أنهم ربما كانوا هم على الحق وأنك قد ضللت الطريق وأصبت غير الهدف.
تذكر -هداك الله- أن الإقدام على أمر خطير كهذا يوجب عليك بذل الجهد في تطلب الحق وسماع كلام العلماء مهما كان رأيك فيهم، وملاحظاتك عليهم، فرب كلمة تفتح أمامك باباً أو تكشف حجاباً، وإن النزوى والبصيرة في هذه الأمور العظام وتطلب الحق من مظانه وبذل الجهد في تحريه خير من أن يظل الإنسان أسير فكرة ورأي واحد مع إغلاق منافذ فكره عن وجهات النظر الأخرى التي ربما كان الحق المتمحض فيها.
تذكر –هداك الله- أن هذه القضية كلها وهي إخراج المشركين من جزيرة العرب هي محل اختلاف في الفقه بين العلماء الراسخين والأئمة المتبوعين.
فعن الإمام أحمد رواية أن جزيرة العرب المدينة وما والاها (أحكـام أهـل الـذمة 1/177) وقال الشافعي: يمنعون من الحجاز وغير الحرم منه يمنع الكتابي وغيره من الاستيطان والإقامة به، وله الدخول بإذن الإمام لمصلحة... (أحكام أهل الذمة 1/184)، وأما أبو حنيفة فعنده لهم دخول الحرم كله حتى الكعبة نفسها لكنهم لا يستوطنون به، وأما الحجاز فلهم الدخول إليه والتصرف فيه والإقامة بقدر قضاء حوائجهم (أحكام أهـل الذمة 1/188).
فإذا كان أئمة الهدى المتبوعين قد اختلفوا هذا الاختلاف وهم أفقه الأمة وأعلمها بحديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأعظمها اتباعاً له فهل يحق لأحد بعد ذلك أن يختصر الأقوال كلها في رأي ترجح له دون غيره ويسلك في حمل الناس عليه سفك الدماء وإخلال الأمن وما يتداعى بعد من مفاسد. وإن كان في مقابل قوله هذه الأقوال ومقابل علمه علم هؤلاء الأعلام.
تذكر –هداك الله- أن الطريق الذي تسلكه بل النفق الذي تدخله قد سلكه جماعات في بلدان قريبة ثم كانت عاقبة أمرها خسراً.
انظر إلى جماعات العنف في مصر التي خاضت المواجهة عشرين سنة ثم أعلنت بعد ذلك تراجعها وأنها تأسف لذاك الخلل الفكري.
انظر إلى جماعات العنف في الجزائر والتي خاضت مواجهات عنيفة مريعة ثم ألقى أكثرهم السلاح ودخلوا في قانون الوئام وخيراً فعلوا، لكن ماذا كان إنجازهم في الجزائر، لا نعلمه إلا كثرة المقابر.
فهل نستنبث في بلدنا مآسي قد أثمرت ثمارها المرة عند غيرنا، أليس السعيد من وعظ بغيره، هل تريد أن نكون أشقياء لا نوعظ إلا بأنفسنا.
وختاماً.. أذكر الذين ربما يهمون بمثل الأعمال السابقة من قتل أو اختطاف، أو قتل للرهائن أذكرهم ذمة إخوانهم المسلمين فإن المسلمين يجير عليهم أدناهم، وقد أجار النبي –صلى الله عليه وسلم- من أجارته امرأة فكيف بمن أجارته جماعة المسلمين.
أذكر بما قرره أهل العلم من إن الكافر الحربي إذا فهم من إشارة مسلم أنها أمان فاستأمن فهي أمان وإن لم يقصد المسلم بها ذلك كما قرر ذلك شيخ الإسلام بن تيمية وغيره.
فإذا كانت الإشارة غير المقصودة تصبح أمانا إذا فهمها الحربي أماناً فكيف بالمعاهد الذي دخل في ذمة حكومة المسلمين وجماعتهم وفهم أنه صار آمناً بأمان المسلمين له.
ولذا فإن المراجعة واتهام الرأي في هذه القضايا العامة والخطيرة ضرورة ما بعدها من ضرورة فوالله لأن ترجع إلى حق اعتقدته فتوصف بين أصحابك بأنك متخاذل وجبان ومتراجع خير لك عند الله وأبقى من أن تلقاه بكف من دم حرام سفكته في غير حله.
أسأل الله جل وعلا لي ولك ولكل إخواننا المسلمين أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا، وأن يكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان ويجعلنا من الراشدين، وأن يهدينا فيمن هدى وأن يعيذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.
والحمد لله رب العالمين.
تعليق
تعليق